الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدُهما: مُفاتحتُهم بالقتال.
والثاني: التحرُّز منهم على الدوام من غير فُتور بعمارة الثغور، ونصب المرابطين، وإعداد الكراع والسلاح.
وإذا عَيَّن طائفةً للغزو، الزمتهم الإجابة، ويراعي فيهم الإمامُ النصفةَ في المناوبة، ولا يتحامل على طائفة بتكرير الإغزاء [مع ترويح](1) الآخرين، [وتركهم إلى الدَّعة](2).
* * *
3567 - فصل فيمن يلزمه فرضُ الكفاية في الجهاد
يجب فرضُ الكفاية في الجهاد على كلِّ: ذكر، بالغ، عاقل، حرٍّ، مسلم، قويٍّ، بصير، سليم من المرض والعَرَج، قادر على الراحلة والعدَّة والسلاح، وعلى نفقته، ونفقة مَنْ يلزمه نفقتُه في الذهاب والإياب، فإن لم يكن له أهلٌ، ففي نفقة الإياب خلافٌ مرتَّب على الحجِّ، وأولى بألَّا يُشترط؛ لأنَّه سفر الموت.
ولا يُشترط أمنُ الطريق من اللصوص والكفَّار، وأبعد مَنْ شرطه في اللصوص، وهذا باطل؛ فإنَّ دفعَ اللصوص فرضُ كفاية، فهو نوع من الجهاد، ولا يجب الجهادُ على صبيٍّ ولا مجنون، ولا امرأة، ولا على قادر على المشي إلَّا أن تقربَ المسافةُ، ولا على العبد وإن أذن السيِّد؛ إذ لا حقَّ له في دَمِهِ حتَّى يعرِّضه للهلاك، ولو صِيل على السيِّد، لم يلزمه الدفعُ عنه إذا كان
(1) في "س": "وترويح".
(2)
زيادة من "س".
فيه تعرُّض للهلاك، وقلنا: لا يجبُ دفعُ الصائل؛ إذ لا حقَّ له في دمه، وله استصحابُه في السفر للسياسة والاستخدام.
ولا يجب الجهادُ على ضعيف ولا أعمى، ولا مريض ولا أعرج إذا كان المرضُ معجزًا عن الاستقلال بالقتال، فإن قدر على القتال، وكان مُفْضيًا إلى عَجْز، أو هلاك، لم يلزمه على الظاهر عند الإِمام، ولا يمنع العرجُ اليسير الذي لا يمنع من مُكاوحة القِرْن (1) عند الترجُّل للقتال، وإن قدر الأعرجُ على القتال راكبًا لم يلزمه، خلافًا للعراقيّين.
ولا يسافر للقتال مَنْ عليه دينٌ حالٌّ إلَّا بإذن غريمه، فإن أذن له، فالأظهرُ أنَّه يصير من أهل فرض الكفاية، وإن كان الدين مؤجَّلًا، لم يمنع من السفر لغير القتال، ولغريمه أن يخرجَ معه؛ ليطالبه عند المحلِّ، ولا يحلُّ له أن يداوره في السفر مداورةَ الملازم، ولا يُعتبر بقيَّة الأجل بالأمد الذي يتنجَّز في مثله السفر، كلُّ ذلك متَّفَق عليه، ولا مطالبةَ ولا مؤاخذةَ قبل الأجل، وهل له منعه من سفر الغزو؟ فيه أوجه:
أصحُّها: ليس له ذلك.
والثاني: يمنعه إلَّا أن يخلِّف وفاء.
والثالث: يمنعه وإن خلَّف الوفاءَ.
والرابع: يمنعه إلَّا أن يكون مرتزقًا.
* * *
(1) القِرْن: من يقاومك في علم أو قتال، أو غير ذلك. وتصحَّفت في "نهاية المطلب" (17/ 409) إلى:"القرب".