الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدُهما: أنَّا غررناهم بالإيهام، والتغريرُ سببٌ في الضمان.
والثاني -وهو الأصحُّ (1) -: إنَّما وجب (2) الغرمُ؛ لما في منع الردِّ من مخالفة الأمان، فعلى هذا: إذا أُطلقت الهدنةُ من غير تعرُّض للردِّ بنفي ولا إثبات، ففي الغرم وجهان، مأخذُهما المعنيان، فإن قلنا: لا يجب، فلا يجب ردُّ الرجال عند الإمام؛ لأنَّ مقتضى الهُدنة تركُ التعرُّض للدماء والأموال، فإذا جاءنا مسلمٌ صار منَّا، وخرج عن موجَب العقد، بخلاف المهر، فإنَّه للزوج، ولا حقَّ لهم فيمَنْ جاءنا من الرجال الأحرار.
3674 - التفريع على إيجاب الغُرْم:
إذا أوجبنا الغرمَ فالواجب هو المسمَّى دون مهر المثل، ولا يجب إلَّا أن يطلبَها الزوجُ أو وكيلُه، فنمنعها، فإن طلبها أبوها أو أقاربُها، لم يجب الغرمُ؛ إذ لا حقَّ لهم فيها، وإن شرطنا ردَّ النساء والرجال، فسد الشرط في المسلمات، ولزم الغرم، وفي فساد الهدنة بالشرط الفاسد خلافٌ طرده الإمام في كلِّ عقد نافذ لازم لا عوضَ فيه، فإن جاءت كافرة، رُدَّت على الزوج، فإن أسلمت عندنا، حَرُم ردُّها، ويجب الغرمُ على الأظهر؛ لأنَّ المنع بسبب الإسلام، فإن أسلمت عندهم، وجاءتنا مرتدَّة، لم تُردَّ؛ لكن يجب الغرمُ على الأصحِّ، وإِن جاءت مجنونة، فلا ردَّ، ولا غرمَ، وإِن جاءت صبيَّة مميِّزة واصفة للإسلام؛ فإن قلنا: يصحُّ إسلامُها، حرم الردُّ، ولزم الغرمُ، وإن قلنا: لا يصحُّ لم تُردَّ على الأصحِّ، وفي الغرم وجهان.
(1) في "س": "الصحيح".
(2)
في "س": "أوجبنا".
وإِن جاء الزوجُ بعد موتها، أو جاء، ولم يطلب، لم يجب الغرمُ.
وإِن قتلها مسلمٌ بعد طلب الزوج، لزمه المهرُ مع الدية، أو القصاصُ؛ لأنَّه منعها بالقتل.
وقال الإمام: إن قتلها عقيبَ الطلب، لزمه الغرمُ، وإِن منعناها بعد الطلب، فقتلها، لم يلزمه الغرمُ؛ لأنَّ قتله كموتها، ولو ماتت بعد الطلب والمنع، وجب الغرمُ، فإن جرحها مسلمٌ، فطلبها الزوجُ، وهي بحركة مذبوح، لم يجب الغرمُ، وإِن كانت بها حياةٌ مستقرَّة، فماتت بعد الطلب، وجب الغرمُ على بيت المال، وأبعد مَنْ أوجبه [على الجارح](1).
وإِن قبضت المسمَّى، ثمَّ وهبته من الزوج، وأقبضته، ففي وجوب الغرم قولان.
وإِن طلبها وهي في عدَّته، فغرمنا المهرَ، فأسلم قبل انقضاء العدَّة، لزمه ردُّه؛ لبقاء النكاح، وإِن لم يقبض المهرَ، فأسلم بعد العدَّة، أو التزم الذمَّة، طُولب بالمسمَّى، فإن كان قد طلبها (2) وهي معتدَّة، فهل يُضمن له ما غرمه؟ فيه احتمال.
وإذا لم يقبض المهرَ، أو كان خمرًا، أو خنزيرًا، فأقبضها إيَّاه، أو بعضَه، لم يجب الغرمُ، وإِن ادَّعى الإقباضَ، فأكذبته، لم يجب الغرمُ إلَّا ببينة، وإِن صدَّقته، وجب الغرمُ عند العراقيين، وخالفهم الإمامُ.
وإن جاء وهي في عدَّة رجعة؛ فإن لم يراجع، لم يجب الغرمُ، وإِن
(1) سقط من "س".
(2)
في "س": "وطئها"، والصواب المثبت.
راجع وطلب، وجب الغرمُ، وإِن طلب، ولم يراجع، لم يجب الغرمُ إلَّا على قول مخرَّج منقاس؛ إذ لا معنى لاشتراط رجعة فاسدة، ويجب الغرمُ قبل الدخول وبعده.
وإِن جاءت أمةٌ مسلمة قبل الدخول، لم تُرد، وتجب قيمتُها لسيِّدها، ولا يجب ثمنُها، وقد تُعتق بالمراغمة، واللحوق بدار الإسلام، فإن طلبها الزوج والسيِّد معًا، وجبت القيمةُ والمهر، وإِن انفرد أحدُهما بالطلب، فأوجهٌ، أقيسُها: وجوبُ الغرم لمَنْ جاء منهما، وثالثُها: إن طلب السيِّد، وجبت القيمةُ؛ لأنَّه مستحِقٌّ لليد يملك المسافرةَ بها، وإِن طلبها الزوجُ، لم يجب المهرُ، وإِن جاء حرٌّ مسلم، فلا يُردّ إلَّا أن يكونَ له عشيرةٌ لا يهينونه، ويضنون به، فإن كان الطالبُ للردِّ مستقلًّا بردّه، فلا كلامَ، وإِن عجز عن ردِّه، لم يلزمنا أن نرده بأنفسنا، ولا يلزمه أن يرجعَ إليهم، وله أن يهربَ، ويفعل ما أراد، فإنَّه لم يعاهدهم، ولا حقَّ لهم عليه.
وفي ردِّ العبد وجهان؛ إذ لا يخافُ عليه الفاحشة، بخلاف المرأة، ولكنَّ الغالب أنَّه يُسترقُّ بعد أن عُتق بالمراغمة، ويستهان.
وإِن لم يكن للحرِّ عشيرة، وغلب على الظنِّ (أنَّه يهان)(1)، فقد قيل: يجب ردُّه، وقيل: فيه الوجهان، ولا عبرةَ بالأذى بالتقييد ونحوه.
وإذا شرطنا ردَّ مَنْ جاءنا، فالظاهر أنَّه لا يجب إلَّا بعد الطلب، فإن شرطنا أن نردَّه بأنفسنا، لم يبعد إيجابُ الوفاء، وإِن شرط لهم الأمن من المسلمين، فأسلم أحدُهم؛ فإن هاجر إلينا، لزمه من أحكام العهد مثلُ ما لزمنا
(1) سقط من "س".