الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ أَدَبِ القَضَاءِ
3848 - القضاء من أهمِّ فروض الكفاية، وهو في رتبة الجهاد، ولطالبه حالان:
إحداهما: ألَّا يكونَ في الناحية مَنْ يصلح له سواه، فيلزمه طلبُه، ويجب على الإمام توليتُه، ويلزمه قَبولُه، وإن عرف من نفسه الجَوْرَ، ومخالفةَ الحقِّ؛ فإنَّ فرضَ العين لا يسقط باستشعار المخالفة، فإن امتنع أثم، وإن قبله، وجار، أثم، وإن كان خاملًا، لزمه أن يبين صلاحيتَه لذلك.
الثانية: أن يكون في الناحية جمعٌ يصلحون لذلك، فله أحوال:
الأولى: أن يساويَهم في الصفات المشروطة، فإن ولَّاه الإمامُ بغير (1) طلب؛ فإن غلب على ظنِّه خوفُ الجَوْر، فالأدبُ أن يعتذرَ، وينصرف، وإن لم يغلب ذلك، فينبغي أن يقبلَ، وللعراقيِّين وجهٌ في وجوب القَبول، وهو مخصوصٌ بما إذا جزم الإمامُ بالتولية؛ فإنَّه إن كان على خِيَرته، لم يجب القبول؛ فإنَّ الامتثالَ إنَّما يجب إذا جزم به الإمامُ.
وإن طلب التوليةَ، فله حالان:
إحداهما: أن يعرفَ نفسَه بالجَوْر؛ لاغتلام شهوته، وقوَّة غضبه، فإن
(1) في "س": "من غير".
طلب على قصد الجَوْر، حَرُم؛ فإنَّ أخذَ الأمانة على قصد الخيانة حرامٌ؛ كأخذ الوديعة واللقطة على قصد الخيانة، وإن لم يقصد ذلك، وقصد بذلَ الجهد في العدل، كُره كراهةً شديدة، ولم يحرم، بخلاف ما لو حال بينه وبين فرض الكفاية خوفٌ محسوس؛ كالأسد الضاري ونحوه، فلا يجوز له الاقتحامُ؛ إذ لا يشبه ذلك ما يُتوقَّع من رداءة الأخلاق.
الثانية: ألَّا يستشعرَ ذلك، فله حالان:
إحداهما: ألَّا يكونَ قد اختبر نفسَه في أمثال ذلك، فإن لم يجد كفايةً، لم يحرم الطلبُ [لأجل الكفاية](1)، وإن كان له كفاية، كره كراهةً خفيفة.
الثانية: أن يكون قد اختبر نفسَه في أمثاله، فلم يَجُرْ فيه، ولا يستشعر الخوف، ففي كراهة طلبه وجهان، فإن قلنا: لا يُكره، استُحِبَّ على أقيس الوجهين.
الحال الثانية: أن يكون الطالبُ أفضلَ الجماعة، فإن غلب على ظنِّه الجورُ أو لم يعرفه، ولم يختبر نفسَه، فحكمه في ذلك كحكمه عند المساواة، والخلاف ههنا مرتَّب على الخلاف في صور (2) المساواة، وحيث كرهناه ثَمَّ، فالكراهة هاهنا أخفُّ.
الحال الثالثة: أن يكون في الجماعة مَنْ هو أفضلُ من الطالب، فهذا مبنيٌّ على الخلاف في تولية المفضول مع إمكان تولية الفاضل، فإن كان في
(1) ما بين معكوفتين ساقط من "س".
(2)
في "س: صورة.