الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3569 - فصل فيمن يتعيَّن عليه الجهاد
إذا وطئ الكفَّار طرفًا من بلادنا، قلنا (1) حالان:
إحداهما: ألَّا نتمكَّن من التأهُّب لدفعهم، فإن علمنا أنَّا نُقتل وإن أُسرنا، وجب على كلِّ مَنْ وقف عليه كافر أو كفَّار أن يدفعَ عن نفسه بأقصى الإمكان، وإن كان من العبيد أو النسوان، وإن علمنا أنَّا نُقتل إن قاتلنا، ولا نبعد الأسرَ والفداء إن استسلمنا، جاز الاستسلامُ، وإن علمت المرأة أنَّها تُقتل إن قاتلت، وتُؤسر إن استسلمت، وتُقصد بالفاحشة، لزمها الدفعُ على الأظهر؛ فإنَّ الزنا لا يُباح بالإكراه، ويُحتمل تجويز الاستسلام إذا ظنَّت أنَّها تُقصد بالفاحشة، فإن قُصدت بذلك بَعْدَ الأَسْر، لزمها الدفعُ بأقصى الإمكان.
الحال الثانية: أن نتمكَّن من دفعهم عمَّا استولوا عليه، فيتعيَّن على أهل الناحية دفعُهم، وإخراجُهم، فإن لم يستقلَّ الأحرارُ بذلك؛ وجب على العبيد، وإن لم يأذن السادة، وإن استقلَّوا، ففي تعيينه على العبيد وجهان، ولا يتعيَّن على النساء إن لم يكن فيهنَّ قوَّة، وإن كانت فهُنَّ كالعبيد.
وإذا خرج أهلُ الكفاية، لم يسقط عن الباقين على ظاهر المذهب، وقيل: يسقط، وأمَّا غيرُ أهل الناحية: فلهم حالان:
إحداهما: أن يكونوا دون مسافة القصر، فإن لم يستقلَّ أهلُ الناحية، لزمهم أن يطيروا إليهم إن قدروا على الزاد، وكذلك إن استقلَّ أهل الناحية
(1) في "س": "فله".
على ظاهر المذهب؛ لأنَّهم كأهل الناحية.
الثانية: أن يكونوا على مسافة القصر فما فوقها، فإن لم يستقلَّ أهلُ الناحية، ومن كان منهم دون مسافة القصر، لزمهم أن يطيروا إليهم، فإن طار إليهم مَنْ يحصل به الكفايةُ، فالأظهرُ سقوطُه عن الباقين، وقيل: لا يسقط عن الذكور الأحرار، وفي النِّساء والعبيد وجهان، وكذلك الحكم في الأقرب فالأقرب، وإذا بلغهم الخبر، فلبثوا؛ تعويلًا على حركة مَنْ هو أبعدُ منهم، لم يجز اتِّفاقًا.
وإن كان في أهل الناحية كفاية، فتشمَّروا لذلك، فلا شيءَ على من فوق مسافة القصر عند المحقِّقين، وقيل: يجب، ويصير المسلمون كأهل الناحية، فينهض لذلك أقربُهم فأقربهم، فإذا نهض لذلك مَنْ بلغه الخبرُ، فلا يزالون يُدانون (1) حتى يبلغهم خبر الكفاية.
ويُشترط القدرةُ على الزاد في مسافة القصر وما دونها، ولا يُشترط المركوب فيما دون مسافة القصر، وفيما فوقها خلافٌ، وأبعد مَنْ لم يشرط الزادَ حيث لا يُشترط المركوب؛ فإنَّ ذلك تعريضٌ للتلف من غير نفع لأهل الإِسلام.
(1) كذا في "س" وفي "أ" يحتمل أن تكون: "يدأبون"، وله وجه، وفي "نهاية المطلب" (17/ 413):"فلا يزالون عندها ولا يدانون"، ولم يهتد إلى وجهها محققه، فأثبتها:"فلا يزالون عليها ولا يتهادنون"، وجعل المعنى أنهم لا يزالون متأهبين، ويظهر لي أن المعنى أنهم لا يزالون يقومون الأقرب فالأقرب حتى يبلغهم خبر الكفاية، والله تعالى أعلم. انظر:"روضة الطالبين" للنووي (10/ 215).