الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعاهد، ولا ضمانَ بقتل النساء والصبيان، وليس للآحاد المنُّ على الأسرى؛ لتعلُّق الحقوق بهم، ولو دخلت طائفةٌ دارَ الحرب، فأسروا منها رجالًا، لم يكن لهم المَنُّ عليهم؛ لأنَّ الإمامَ قد يرى إرقاقَهم، فيجب فيهم الخمس.
3604 - فرع:
إذا صحَّ الأمانُ، ثبت من الطرفين، فيصير المسلمُ آمنًا من الكافر، والكافرُ آمنًا من أهل الإِسلام، فإن خصَّ الأمان برقبته، صحَّ اتِّفاقًا، وامتنع قتلهُ وإرقاقه، ولا يتعدَّى الأمان إلى ماله ونسائه وأطفاله، بخلاف عَقْد الذمَّة.
وإن أطلق الأمان، لم يدخل فيه ما غاب من أمواله، وأمَّا ما حضر منها (1)؛ فإن شرط دخولُه في الأمان، دخل فيه، وإن لم يُشرط، لم يدخل على الأصحِّ، وقيل: يدخل؛ إذ يبعدُ سلبُ ثيابه التي هو لابسُها، فكذلك ما حضر معه من المال، وكذلك الحكمُ في الزوجات، والأطفال.
* * *
3605 - فصل في الجُعالة لمن يدلُّ على القلاع
يُشترط في جُعالة المسلمين أن يكونَ الجُعْلُ معلومًا مقدورًا على تسليمه، مملوكًا للجاعل، فإن عُقدت على خلاف ذلك، لم تصحَّ اتِّفاقًا، فإن عمل استحقَّ أجرةَ المثل، ومتى صحَّ المسمَّى، لم يُستَحقَّ إلَّا بإكمال العمل، فإن تلف الجعلُ قبل العمل؛ فإن علم بالتلف، لم يستحقَّ شيئًا، وإن لم يعلم، رجع بأُجرة المِثْل، وإن تلف بعد العمل؛ فإن تلف قبل أن يطلبَه، فهل يرجعُ
(1) ساقطة من "س".
بالقيمة أو أجرة المثل؟ فيه قولان؛ كالصَّدَاق، ولا يبعد القطعُ بإيجاب الأجرة؛ فإنَّ الجعلَ ركنٌ في الجعالة، بخلاف الصداق، وإن طلبه، فمنعه الجاعلُ منه؛ فإن قلنا بضمان اليد، وجبت القيمةُ، وإن قلنا بضمان العَقْد، فقد جعل القاضي المنعَ كالإتلاف، فإن ألحقنا الإتلافَ بالآفة السماوية، رجع بأجرة المثل، وإن جعلناه كإتلاف الأجنبيِّ، يُخيَّر بين الإجازة والفسخ.
ولو قبض البائعُ الثمنَ، فطُولب بالمبيع، فمنعه تعدِّيًّا، فتلف، ففي إلحاقه بإتلافه احتمال.
وإذا قال الحربيُّ في دار الحرب: أدلكم على قلعة فيها أموالٌ على أن تعطوني منها الجاريةَ الفلانية إذا فُتحت، صحَّ اتّفاقًا، وإن جرت هذه الجعالةُ مع مسلم؛ فإن منعنا استئجارَه على الجهاد، لم تصحَّ؛ لأنَّ دلالته ضَرْبٌ من الجهاد، فلا يستحقُّ الجاريةَ، ولا أجرةَ المثل، وإن أجزنا استئجارَه على الجهاد، لم تصحَّ الجعالةُ على الأصحِّ؛ فإن الجاريةَ غيرُ مملوكة، ولا مقدور عليها، ولا معلومة، وقيل: تصحُّ كما في الكافر.
وإذا حضرنا القلعةَ بدلالة الكافر، فلم يتَّفق الفتحُ؛ فإن كان قد قال: إن فتحتموها، فلي الجاريةُ الفلانيَّة، فلا شيءَ له، وكذا إن أطلق على الأصحِّ، وقيل: يستحق أجرةَ المثل.
وقال الإِمام: إن تعذَّر القتالُ في الصورتين بحيث لا يمكن فتحُها إلَّا نادرًا، فلا شيءَ له؛ فإنه لم يدلَّ على ممكن، وإن كان الفتحُ ممكنًا؛ فإن لم نقاتل، ففي وجوب الأجرة احتمال، وإن قاتلنا؛ فإن قلنا: لا أجرةَ له إذا لم
نقاتل، فلا أجرةَ له إذا قاتلنا، وإن أوجبنا الأجرةَ من غير قتال؛ فإن (1) يئسنا بعد بَذْل الجهد في القتال، فلا شيءَ له، وإن لم نيئس، فتركنا القتالَ تبرُّمًا، أو لأمر ينزعجُ له الجندُ، فهذا موضع الخلاف.
وإن وقع الفتحُ سُلِّمت إليه الجارية، فإن لم يجدها؛ لكونها ماتت عند الجعالة، أو لم يخلقها الله، أو لأنَّه أخطأ في ظنِّه أنَّها في القلعة، فلا شيءَ له عند الأئمّة، وإن ماتت بعد الجعالة، ففي الغُرْم أقوال، ثالثُها: إن ماتت بعد الظفَر، وجب الغرمُ، وإلَّا فلا.
وقال الإِمام: إن تمكَّنَّا من تسلِّيمها بعد الفتح، فلم نسلِّمها حتَّى ماتت، وجب الغرمُ، وإن لم يمكن التسليمُ، ففي الغرم تردُّد، فإن أوجبنا الغرمَ إذا ماتت قبل الظفَر، فالواجبُ قيمتها، أو أجرةُ المثل؟ فيه القولان، وإن طلبها بعد التمكُّن من التسليم، فلم نسلِّمها حتَّى ماتت، فهو كتلف الجُعْل بعد المطالبة والمنع، وإن أسلمت قبل الظفَر، أو بعده، وجب الغرمُ عند المحقِّقين، وأبعد مَنْ ألحق الإِسلامَ بالموت.
وإذا وجبت الأجرةُ، أو القيمةُ، فهي من رأس الغنيمة، أو من (2) مال المصالح؟ فيه وجهان، وإذا لم نجد في القلعة سوى الجارية، فهل تُسلَّم إليه؟ فيه وجهان، وقال الإِمام: إن تملَّكنا القلعةَ، واستمَّرت عليها أيدينا، سلَّمناها، وإن لم يمكن ذلك؛ لإحاطة الكفَّار بها، وتعذُّر تخليف جماعة يحفظونها، ففيه الخلاف؛ لأنَّ فائدةَ الفتح تعودُ على العِلْج خاصَّة، وإن حاولنا الفتحَ،
(1) ساقطة من "س".
(2)
زيادة من "س".