الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن كان معهم مقاليع، حرم الفرارُ، والَّا فلا.
ولو علم المسلمون أنَّهم يُقتلون من غير نكاية في العدوِّ، جاز الفرارُ اتِّفاقًا، ووجب، وإذا جوَّزنا الفرارَ؛ فإن غلب على الظنّ أنَّهم يغلبوننا، استُحبَّ الفرار، وإن لم يغلب ذلك على الظنِّ، فالمصابرةُ أولى من الفرار، ومتى جاز الفرارُ؛ فإن كان في الثبوت هلاكٌ من غير نكاية، وجب الفرار، وإن لم يبعد الظفَرُ، ولو قُتلنا لكان يعد نكايةً ظاهرة، ففي وجوب الفرار وجهان.
3593 - فرع:
إذا زاد الكفرةُ على ضعف المسلمين؛ فإن لم يغلب على الظنِّ أنَّهم الغالبون، جاز الفرارُ، وإن غلب على الظنِّ أنَّهم مغلوبون؛ بأن كانوا ضعفاء، ونحن أبطالٌ، فالظاهر تحريمُ الفرار، وأبعد مَنْ أجاز لمئة من الأبطال أن يفرُّوا من مئتين وواحد من ضعفة الكفَّار، وهل يجوز لمئة (1) من ضعفائنا أن يفرُّوا من مئتين من أبطال الكفار؟ فيه وجهان، ومَنْ يُجْري الخلافَ في الصورتين يعلِّل بأنَّ الاعتبارَ بما يغلب، أو بمجرَّد العدد.
* * *
3594 -
فصل في التحيُّز إلى فئة (2) والتحرُّف للقتال
إذا حرم الفرارُ فلا بأسَ بالتحيُّز إلى فئة مسلمة، ولا بالتحرُّف للقتال، فالتحرفُ: كالخروج من المضيق إلى السعة، أو التحوُّل من اليمين إلى الشمال؛ لما تقتضيه مصلحةُ التجاول في القتال، والتحيُّز: أن يتَّصل بفئة ناويًا
(1) في "س": "لمئتين".
(2)
في "س": "جهة".
للاستنجاد بهم، والعود إلى القتال.
فإن قربت الفئةُ بحيث يمكن أن يدركوا القتالَ الذي تُحيِّز منه، جاز، وإن بَعُدت، فوجهان، والأكثرون على الجواز، وإن كانت الفئةُ على غاية البعد بشرط أن ينويَ العَودَ إن وجد الأعوان، فإذا تحيَّز، لم يلزمه التجميعُ والاستنجاد، فإن اتَّفق جمع يغزون، ففي وجوب العَوْد احتمال.
والفرارُ المحرَّم أن يفرَّ على قصد ألَّا يعودَ، ولا يلزمه العَوْدُ اتِّفاقًا، ولا يجوزُ للإمام إلزامُه به، ولا يلزم من تجويز التحيُّز إلى الفئة البعيدة وقوعُ ذلك من جميع الغزاة؛ فإنَّ التحيُّزَ على عزم العَوْد جزمًا لا يُتصوَّر في العادة أن يقعَ من جميع الأجناد، فيجعل العزمُ على العود بدلًا من المُصابرة في حقِّ الآحاد.
وإن شرطنا قُرْبَ الفئة، فلم توجد فئةٌ قريبة، وجبت المصابرةُ، وشرط الإمامُ أن يستشعرَ المتحيِّزُ من المسلمين عَجْزًا مُحْوِجًا إلى الاستنجاد.
وإن جوَّزنا التحيُّزَ إلى فئة بعيدة، فغلب على الظن أنَّ التحيُّز يُقِلُّ (1) الجندَ، لم يجز التحيُّز.
وإذا ولَّى المتحيِّزُ، فانهزم الكفرةُ قبل انفصاله من جند الإِسلام، أُسهم له، وإن انهزموا بعد انفصاله، فوجهان، وقال الإِمام: إن تحيَّز إلى فئة بعيدة، لم يُسهَم له، وإن تحيَّز إلى فئة (2) قريبة، ففيه الوجهان.
* * *
(1) في "أ": "يَفُلُّ".
(2)
زيادة من "س".