الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العراقيُّون، وإِن زنا بكافرة، أو سرق مالَ كافر، أو غصبه، أو جحد وديعتَه، ففيه القولان.
* * *
3648 - فصل فيما يلزمنا لأهل الذمَّة
يلزمنا أن نكفَّ عنهم الأذى، وألَّا نتعرَّض لما يعتقدونه ما أَخْفَوْه من الأنكحة والبياعات، فلا نقتل الخنازيرَ، ولا نُرِيق الخمورَ ما أخفوا ذلك، ولا يلزمهم الذبُّ عنَّا إذا غشِينا الكفَّارُ، ولا يلزمنا ذبُّ الكفَّار عنهم إن كانوا في دار الحرب، وإِن كانوا في دار الإسلام وجب الذبُّ؛ حفظًا للدار، وإِن كانوا ببلد متاخم لنا ولأهل الحرب، وأمكن الذبُّ، لم يجب على أقيس الوجهين، فإن أوجبناه، فشرطنا في العقد ألَّا نذبَّ عنهم، صحَّ الشرطُ على أظهر الوجهين، وإِن قلنا: لا يجب الذبُّ، فشرطناه، فالرأي ألَّا يجبَ، وفي كلام الأصحاب إشارةٌ إلى الوجوب.
* * *
3649 - فصل فيما تنتقض به الذمَّة
إذا فعلوا ما منعناهم منه، فهو أقسام:
أحدُها: ما ينتقض به العهدُ وإِن لم يُشرط، وهو ثلاثة أشياء.
أحدُها: أن يقاتلونا بغير شُبهة، فينتقض العهدُ، وإِن قاتلناهم بغير حقٍّ، لم ينتقض؛ فإنَّه لازم من قِبَلنا.
الثاني: أن يمتنعوا من التزام الأحكام، فينتقض العهدُ، وقال الإمام: إن
كان الامتناعُ بالهرب، لم ينتقض، وإن اعتمدوا على قوَّة وعُدَّة، دعوناهم إلى الانقياد، فإن أبوا، هَمَمْنا بهم، فإن انقادوا، أُجريت عليهم الأحكامُ، وإن قاتلوا، انتقض العهدُ بالقتال، ولم يذكر القاضي في هذا القسم سوى القتال.
الثالث: أن يمتنعوا من أداء الجزية مع التمكُّن، فإن أطال أحدُهم المطالَ بغير عذر، انتقض عهدُه على مقتضى إطلاق الأصحاب؛ فإنَّ الجزية عِوَض عن تركنا القتال، بخلاف الامتناع من سائر الديون، ويتَّجه ألَّا ينتقضَ إن كان تحت قهرنا، ولم يفرِّقوا بين أن يمتنعَ ممَّا استقرَّ عليه من الجزية عمَّا مضى، وبين أن يمتنعَ من الماضي، والمستقبل.
القسم الثاني: ما يعظم ضررهُ على المسلمين؛ مثل أن يطأ أحدُهم مسلمةً بزنًا، أو اسم نكاح، أو يُؤوي عينًا لأهل الحرب، أو يكاتبهم بأسرارنا، أو يطلعهم على عوراتنا، أو يفتن مسلمًا عن دينه، فلا يشترط أن يذكر الكفُّ عن هذه الأشياء في العقد اتِّفاقًا، وفي انتقاضه بها أوجهٌ:
أحدُها: ينتقض وإن شرطنا أنه لا ينتقض.
والثاني: لا ينتقضُ وإن شرطنا الانتقاضَ.
والثالث: لا ينتقضُ إلَّا أن نشرط الانتقاضَ، وإن قتلوا قتلًا يوجب القصاصَ، أو قطعوا الطريقَ من غير منابذة، ومفارقة للمسلمين، ففيه الأوجهُ الثلاثة عند جمع من المحقِّقين، ولم يذكره آخرون، فينبغي أن يلحقَ بالقسم الأوَّل، ولا قائلَ بأنَّ العقد لا ينتقض إلَّا أن ينقضَه الإمام، فإن شرط ذلك عليهم، لم يبعد تصحيحُ الشرط.
القسم الثالث: ما لا ينتقضُ به العهدُ وإِن شرطنا أنَّهم لا يفعلونه، وأنَّهم إن فعلوه، انتقض العهدُ، وذلك كإظهار الخمر، وإسماعنا الناقوسَ، وإظهار اعتقادهم في المسيح وفي غيره ممَّا يكفرون به، فلا ينتقض به العهدُ اتِّفاقًا، بل يُمنعون منه، ويُعزَّرون إلَّا أن يُصِرُّوا على التجمُّع والامتناع، فيلحق بامتناعهم من التزام الأحكام.
وقال الأئمَّة: إن شرط عليهم أنَّهم إن فعلوه، انتقض العهدُ، حُمل الشرطُ على التخويف.
وقال الإمام: إن قال: إذا أظهرتم الخمرَ مثلًا، فلا عهدَ، أو قال: إذا أظهرتموه، انتقض العهدُ؛ فإن جَوَّزنا تأقيتَ العهد، انتقض بإظهار الخمر، وإِن منعنا التأقيتَ، فسد العقدُ، ولم يجز أن يعقد بهذا الشرط، وأشار الصيدلانيُّ إلى تأبُّد الذمَّة هاهنا، فإنَّها مطلقة يمكن بقاؤها إن لم يظهروا الخمر، بخلاف التوقيت، فإنَّه مقيَّد بزمان قاصر.
القسم (1) الرابع: أن يتعرَّضوا بالسوء لنبيِّنا، أو يقدحوا في ديننا، أو يذكروا الله تعالى بما لا يليق به، فإن لم يكن ذلك من قواعد دينهم؛ كسبِّ الرسول، والقدح في نسبه، فهل يُلحقُ بالقسم الأوّل، أو الثاني؟ فيه طريقان، وإِن لم يتعرَّضوا لذلك، ولكن أظهروا اعتقادَهم [في المسيح، والتثليث، عُزِّروا، ولم ينتقض العهدُ، وإن أظهروا اعتقادَهم](2) في القدح في الإسلام،
(1) ساقطة من "س".
(2)
ما بين معكوفتين سقط من "س".