الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5-
مضافات الأغذية: فوائدها ومضارها:
يقصد بالمواد المضافة للأغذية Food additives المادة أو مجموعة المواد غير المواد الغذائية الأساسية التي قد تضاف إلى الغذاء أثناء الإنتاج أو التصنيع أو التخزين أو التغليف وتبقى في الناتج النهائي. ولا يتضمن المعنى ما قد يضاف لتحسين القيمة الغذائية كالفيتامينات والأملاح المعدنية أو المواد الملوثة مثل بقايا مبيدات الهوام أثناء الإنتاج أو التخزين أو الملوثات المعدنية أثناء التصنيع.
فبجانب طرق الحفظ التقليدية المعروفة، وهي المعاملة بالحرارة العالية، أو بالتبريد أو التجميد أو بالتجفيف، ظهرت في العصر الحديث حتمية استخدام مضافات الأغذية الكيميائية أو الطبيعية، بغرض إطالة فترة قابلية الغذاء للحفظ،
ليتسنى نقله أو تسويقه أو تخزينه لحين استهلاكه، أو لتحسين مظهره أو طعمه أو رائحته، أو لكي يستعيض بعض خواصه المفقودة كليا أو جزئيا أو التي يحتمل فقدانها أثناء فترة التصنيع أو النقل أو التسويق أو التخزين ضمانا لتقبل المستهلك له.
وحيث أن مثل هذه المواد المضافة قد تضر بصحة المستهلك إذا زادت مستوياتها في الغذاء عن حدود معينة، أو كانت غير نقية وتحتوي على ملوثات معدنية ضارة، أو كانت تضاف إلى غذاء ما بقصد إخفاء عيب معين به، فهناك قواعد وضوابط مختلفة لاستخدام مضافات الأغذية تتضمنها تشريعات الرقابة على الأغذية لكثير من الدول، وهي في كثير من الأحيان لا تعتمد على تقييم معين يتعلق بالصحة العامة، علاوة على أنها غير متكاملة أو متطابقة مما يؤثر بصفة مباشرة على صحة المستهلك وعلى انسياب التجارة الدولية في الأغذية.
وعلى المستوى الدولي تقوم اللجنة المشتركة لخبراء منظمتي الأمم المتحدة للأغذية والزراعة والصحة العالمية لمضافات الأغذية التابعة لهيئة مدونة الأغذية Codex Alimentarius Commission بتقييم سلامة مضافات الأغذية التي يجوز استخدامها في تصنيع الأغذية بناء على نتائج الأبحاث التي تكلف بها كثير من معاهد الأبحاث في دول العالم، وتوصي باستخدام مواد معينة دون غيرها، وتحدد الأغذية التي يجوز استخدام هذه المواد في تصنيعها ودرجة نقاوة هذه المواد. وتوجد الآن قائمة بجميع المواد التي يجوز إضافتها ومستوياتها القصوى في الأغذية المختلفة ودرجة نقاوتها. وقد استبعدت من هذه القائمة جميع المواد التي كانت تستخدم في الماضي وأثبتت الأبحاث ضررها بالنسبة للمستهلك، خاصة تلك المسببة للأمراض الخبيثة. وتراجع هذه القائمة دوريا كلما استدعت الظروف ذلك ولا يجوز استخدام أية مادة في أية عملية تحضير أو تصنيع أو توزيع أي غذاء معد للبيع أو الاستهلاك ما لم تكن هذه المادة مدرجة ضمن المواد المسموح بإضافتها. إلا أنه يجوز بناء على طلب الحكومات الأعضاء بحث إدراج أية مادة إضافية لهذه القوائم لضرورتها التكنولوجية. وتعتبر هذه القوائم مرشدا لجميع الدول، خاصة تلك الدول التي ليس لها تشريعات خاصة بها في هذا المجال أو الدول المهتمة بالتجارة الدولية في الأغذية.
وعادة ترسل إلى الحكومات الأعضاء المواصفات التي يتم إعدادها ومناقشاتها
والموافقة عليها في صورتها النهائية في اجتماعات المدونة، وعلى الحكومات الأعضاء قبولها بأحد طرق القبول المبينة سابقا تحت عنوان هيئة مدونة الأغذية.
وتقسم عادة مضافات الأغذية إلى مجموعات كما يلي:
أ- المواد الملونة:
لمعظم الأغذية في حالتها الخام ألوان مميزة طبيعية مقبولة أو مرغوبة لدى المستهلك، وإذا ما تغير أو تهدم هذا اللون أثناء عمليات التصنيع أو الحفظ أو التخزين، أو اكتسب الغذاء لونا غير مرغوب فيه، تضاف عادة للغذاء مواد ملونة معينة حتى يبدو وكأنه محتفظ بلونه الطبيعي الأصلي المرغوب.
كما قد تضاف المواد الملونة لتحسين مظهر الغذاء المحفوظ، مما يضمن تقبل المستهلك له، أو الحفاظ على لون متجانس على مدار السنة بالنسبة للأغذية التي تتغير فيها كثافة اللون بتغير المكان أو الموسم الزراعي، كما هو الحال في الزبدة الطبيعية التي تضاف إليها مادة ملونة طبيعية، لتجعل لونها متجانسا على مدار السنة، حيث يكون لون الزبدة الطبيعي باهتا في موسم الصيف بسبب نقص المواد الغذائية الخضراء. إلا أن المواد الملونة قد تستخدم كذلك لإظهار الغذاء في صورة طازجة تعود عليها المستهلك وربطها بنكهة الغذاء رغم مخالفة الحقيقة، فتعتبر بذلك وسيلة لخداع المشتري.
وقد ثبت أن لبعض المواد الملونة الصناعية تأثيرا ضارا بصحة الإنسان، إذا يؤدي إلى إحداث حالات سرطان على المدى الطويل، ولهذا فقد حرمت معظم التشريعات المتعلقة بالرقابة على الأغذية استخدام مثل هذه الملونات، ونصت على مواد ملونة معينة يسمح بإضافتها بتركيزات معينة وبدرجة نقاوة معينة لأغذية معينة وتعتبر المواصفات القياسية وملحقاتها من قوائم المواد الملونة المسموح بإضافتها إلى الأغذية مرشدا لجميع الدول في هذا الشأن، حيث أنها قد مرت بتقييم دقيق فيما يتعلق بذاتيتها ودرجة تفاوتها وتركيزاتها في الأغذية.
ويجب الأخذ في الاعتبار أن المواد الملونة غير المخصصة لتلوين الأغذية كأصباغ الأقمشة مثلا، تحوي آثارا من المعادن السامة كالزرنيخ والنحاس والرصاص، فهي بذلك في غاية السمية إذا ما استخدمت في تلوين الأغذية. ولا يصرح عادة بإضافة المواد الملونة لمجموعات المواد الغذائية الآتية: اللحوم
الطازجة، الدواجن، السمك، القشدة، الخبز، الشاي أو خلاصته، البن، اللبن "الحليب" السائل أو المكثف أو المجفف.
ب- المواد الحافظة:
هناك العديد من المواد الحافظة التي تضاف إلى الأغذية بغرض تثبيط أو تأخير أو منع نمو الأحياء الدقيقة المسببة لفساد الأغذية، وعادة تنظم اللوائح طرق استخدامها في الغذاء، بما في ذلك درجة نقاوتها وتركيزاتها القصوى في الغذاء، كما تحرم استخدام مواد حافظة أخرى ثبت ضررها بصحة المستهلك. وتوجب معظم التشريعات الخاصة بالرقابة على الأغذية احتواء بطاقة العبوات إشارة إلى استخدام المواد الحافظة.
ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكبريت والبنزوات والبروبيونات وحمض السوربيك وأملاحه من بين المواد الحافظة التي استخدمت ولا زالت تستخدم في حفظ الأغذية منذ مدة طويلة وثبت عدم إضرارها بصحة المستهلك، وقد سبق إيضاح الفعل الحافظ لهذه المواد تحت عنوان مكافحة التلوث الميكروبيولوجي. فثاني أكسيد الكبريت يتحول في الغذاء إلى حمض الكبريتوز الذي يثبط نمو الفطر والخميرة والجراثيم الهوائية، كما أنه يمنع اسوداد المادة الغذائية المحفوظة كالفواكه والخضر لفعله المضاد لعمل الإنزيمات، كما أنه يساعد على حماية فيتامين C من الأكسدة إلا أنه يؤثر على بعض أنواع فيتامينات B المركب وخاصة فيتامين B1 ولحمض البنزويك تأثير مثبط لنمو الخميرة والفطر عند درجة باهاء PH تتراوح بين 2.5 – 4، وهو يستخدم عادة في حفظ المشروبات غير الكحولية إلا أنه أقل فاعلية إذا ما قورن بغاز ثاني أكسيد الكبريت. ويستخدم حمض البروبيونيك في الخبز ومنتجات الدقيق "الطحين" لمقاومة الفطر والفساد الخيطي. ولحمض السوربيك تأثير حافظ ضد الخميرة والفطر في الجبن، وفي نفس الوقت لا يؤثر على الجراثيم الملبنة النافعة.
وأملاح النترات والنتريت وكلوريد الصوديوم تستخدم خاصة في معالجة اللحوم، وللنتريت قوة حفظ كبيرة أكثر من النترات، وأهم خاصة لهما هو فعلهما المثبط لنمو بكتيريا المطثيات الوشيقية Clostridium botulinum في الأغذية المعالجة، كما أنهما يعطيان الأغذية "خاصة اللحوم" لونا وطعما مميزين. ولا تزال الدراسة جارية بخصوص استخدام هذين الملحين. فقد ثبت أنهما يكونان في الغذاء ملح النتروزامين السام، إما أثناء عملية المعالجة أو في الأمعاء.
والفورمالدهيد هو من المواد الحافظة الضارة، والتي لا يجوز مطلقا استخدامها كمادة حافظة، إلا أنه مع ذلك قد يستخدم في حفظ الألبان كغيره من المواد الضارة وذلك بمخالفة للتشريعات أو الممارسات الصحية السليمة. كما أن حموض الساليسيليك والبوريك وثنائي هيرو الأسيتيك كلها مواد تضر بصحة الإنسان ولا يجوز استخدامها كمادة حافظة لغذاء الإنسان.
ج- المواد المانعة للأكسدة:
وهي مواد لها القدرة على تأخير أو منع التزنخ أو فساد الطعم أو الرائحة في الأغذية والتأثير الناتج عن الأكسدة، وخاصة فيما يتعلق بالزيوت والدهون. وتتضمن المواد المانعة للأكسدة التي ثبت عدم إضرارها بصحة المستهلك الغالات "بروبيل، أوكتيل، دودسيل غالات"، وهيدروكسي الأنيسول البوتيلي – butylated hydroxy anisole "BHA" وهيدروكسي التولوين البوتيلي butylated hydroxytoluene "BHT" وبلميتات الأسكوربيل ascorbylepalmitate وحمض الأسكوربيك وملحيه الصوديومي والكالسيومي. ويسمح باستخدام BHT، BHA في منتجات البطاطس المجففة.
وكثيرا ما يستخدم مزيج من المواد المانعة للأكسدة، إذ يكون لها مجتمعة تأثير أكبر فاعلية. كما أن المواد المانعة للأكسدة يمكن أن تستخدم في مواد التعبئة أو التغليف بدلا من استخدامها في الغذاء نفسه مثل مواد التغليف المطلية بالشمع إلا أنه تجد ملاحظة أن هذه المواد يجب عدم استخدامها في أغذية الأطفال، وتحرم معظم التشريعات الغذائية استخدامها في هذا الغرض.
د- المذيبات:
تستخدم المذيبات في مزج المواد المنكهة في الأغذية وفي إذابة المواد الخام وفي تخفيف المركزات والمستخلصات الزيتية. ونظرا لاحتمال وجود التأثيرات السامة لبقاياها في الغذاء، فمعظم التشريعات الغذائية تتضمن الاحتياطات اللازمة المتعلقة باستخدامها. ومن بين المذيبات غير المسموح باستخدامها في الغذاء الغليكول ثنائي الأيثلين diethylene glycol وسترات الإيثيل ethyle citrate والأثير أحادي الإيثيل mono- ethyle ether ولا يسمح باستخدام كحول الإيثيل كمذيب أو غير ذلك في الدول العربية والإسلامية.
هـ- المواد المنكهة:
تشكل المواد المكسبة للنكهة أكبر وأقدم مجموعة من مضافات الأغذية، وهي لا تخضع لأية لوائح إلا فيما ندر، وتتضمن هذه المجموعة المنكهات الطبيعية والاصطناعية، ومن بين المنكهات غير المصرح باستخدامها لضررها بالنسبة للإنسان. فول التونكا tonca beans والسافرول safrole
و المضادات الحيوية:
وهي غير مسموح باستخدامها كمواد حافظة في معظم الدول، إلا في حالات استثنائية معينة. فمثلا يسمح بإضافة النيسين للجبن "وهو موجود طبيعيا في الجبن" كمادة كابحة لنمو الجراثيم المحبة للحراة والمكونة للأبواغ، وكذلك المطثيات التي تتكاثر في المعلبات وينتج عنها غازات تؤدي إلى انتفاخ العلب. ويتخرب النيسين في الجسم بواسطة العصارات المعوية ويصبح غير ضار للإنسان. ولهذا فإنه يسمح باستخدام هذا المضاد الحيوي في الجبن والكريما والمعلبات التي لا تتعدى درجة الباهاء ph بها عن 4.5 أو التي عولجت بالحرارة الكافية لهلاك المطثيات الوشيقية. ولا يسمح باستخدام البيمارسين pimarcin في معظم الدول بسبب استخدامه كمضاد حيوي في علاج الإنسان.
ز- المواد المستحلبة والمثبتة للقوام:
المواد المستحلبة عبارة عن مواد تساعد في عملية امتزاج مادتين أو أكثير غير قابلتين للامتزاج عن طريق توزيع إحداهما في الأخرى توزيعا متجانسا في صورة حبيبات مجهرية، في حين أن المواد المثبتة للقوام عبارة عن مواد تحافظ على التوزيع المتجانس لحبيبات المزيج. وهذه المواد كثيرة ولها استخدامات واسعة وتكون تقريبا 25% من مضافات الأغذية عامة. فهي تثبت قوام المنتج الغذائي وتمنع انفصال مكوناته المختلفة. وتتضمن المواد المستحلبة والمثبتة للقوام مواد طبيعية كالصمغ والسليلوز والأغار وغيرها بالإضافة إلى بعض المركبات المصنعة.
ح- مواد مثبطة للفطريات بعد الحصاد:
ومن أمثلتها الأرثوفينيل فينول O-phenyle phenol وثنائي الفينيل diphenyle واستخدامهما الوحيد في الأغذية هو حفظ الموالد "الحمضيات" ويوجد ثلاثة مركبات أخرى تستخدم بصورة أقل هي الثيوبندازول thiobendazole والينوميل
Benomy1 والكربندازيم carbendazim ففي حالة الأول "الأرثوفينيل فينول" مثلا تغمر الثمار في محلول مائي منه يحتوي على 0.5 – 2% في درجة حرارة 30- 35 مئوية لمدة 30 – 60 ثانية، وبسبب فاعلية الأرثوفينيل فينول في الوسط القلوي تضاف هيدرات الصوديوم بتركيز 0.4% إلى محلول النقع لضبط درجة الباهاء ph في 11.7 كما يضاف 1% سداسي المثيلين تترامين hexamethylene tetramin لمنع تلون قشرة الثمار باللون البني، وبعد المعاملة تغسل الثمار بالماء النقي. وبالرغم من ذلك يبقى فقط آثار تقدر بالمليغرامات من الأرثوفينول على القشرة التي قد تمتد على داخل اللب الأبيض للثمار، أما ثنائي الفينيل فغالبا ما تعامل به مواد التعبئة "كورق تغليف الثمار أو العلب الخشبية أو الكرتون" وذلك بنسبة 1- 5 غرام في المتر المربع. ونظرا لارتفاع الضغط البخاري لمركب ثنائي الفينيل، فإنه يتبخر في الجو المحيط بالثمار وبين مواد التعبئة ويرتبط جزء منه بقشور الثمار، ونادرا ما تزيد الكمية المتبقية على أسطح الثمار عن 50 مليغرام في الكيلو غرام. وتسمح معظم الدول في تشريعاتها الغذائية استخدام هذه المواد، وتحدد مستويات قصوى لبقاياها في الموالح "10 أجزاء من المليون حسب المدونة فيما عدا ثنائي الفينيل فقد كانت الحدود القصوى لبقاياه 110 أجزاء في المليون".
ط- مضافات غذائية أخرى:
هناك مضافات غذائية أخرى لا زالت تحت الدراسة فيما يتعلق بتأثيرها على صحة الإنسان أو تأثيرها التكنولوجي، كما توجد مجموعات أخرى من المضافات لم تحدد معظم التشريعات مستويات قصوى لإضافاتها للغذاء، إما لأنها غير ضارة أو أن إضافتها بتركيزات عالية قد تؤدي إلى عكس التأثير التكنولوجي المقصود، وهذه تركت إلى الممارسة التصنيعية السليمة. ومن أمثلة هذه المضافات العوامل المانعة للرغوة، والعوامل المانعة للتكتل، ومنظمات الحموضة، والعوامل المزججة، وعوامل الترويق، والعوامل المساعدة للترشيح، وعوامل تبييض أو إنضاج أو تكييف العجين، وعوامل التحلية عديمة القيمة الغذائية، ومضافات الأغذية التي يجوز استعمالها كإنزيمات غذائية.
ومن الواضح أن مضافات الأغذية لها تأثيرات موجبة وأخرى سالبة، ومن هنا نشأت الحاجة إلى تشريعات تنص على الحدود القصوى لاستخداماتها، وإذا ما استخدمت بالمخالفة لهذه الحدود القصوى تنشأ بذلك المشاكل الصحية. وتعتبر الحدود القصوى لاستخدام مضافات الأغذية التي تصدرها هيئة مدونة الأغذية خير مرجع في هذا المجال.