الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العوامل المؤثرة على تناول الطعام عند المعوقين:
تتأثر تغذية المعوق بعوامل عديدة ومتداخلة، وفهم واستيعاب هذه العوامل يسهم في حل مشاكل الإطعام. ومن أهم هذه العوامل: مستوى التطور Developmental level، وجود شذوذ في نمط الحركة الفموية وفي التوتر العضلي، وجود مشكلات سنية، وسلوك المعوق وشهيته.
أ- مستوى التطور: تؤدي الإعاقة في التطور الحركي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى عدم تناول الأغذية المناسبة. ومع أن التطور عند المعوق يكون بنفس التسلسل الموجود عند السوي، إلا أنه يختلف عنه بالعمر الزمني CHRONOLOGICAL AGE أي أنه يحصل في وقت متأخر مما يجعل التكهن به أمرا صعبا، وخاصة إذا تداخل مع ذلك حركات وسلوكيات شادة تعيق اكتساب مهارة الإطعام. وقد يؤدي ذلك إلى فشل الأهل في تمييز استعداد المعوق وفي تزويده بالمنبهات Stimuli الملائمة للإطعام، وبالتالي فلن يتمكنوا من مساعدة الطفل في التقدم في المهارات الحركية الفموية للأكل أو في المهارات الحركية الكبرية والدقيقة التي تساعد على إطعام الذات. فمثلا قد يقدم الأهل للمعوق أطعمة مهروسة في الوقت الذي يكون فيه المعوق قادرا على مضغ طعام أكثر خشونة أو قد يقوم الأهل بتلقيم المعوق بينما يكون مستعدا للتعلم على أن يأكل بدون مساعدة. فالطفل السوي يظهر استعداده التنموي بشكل واضح، أما المعوق فإنه يظهره بشكل مبهم لدرجة يمكن أن يغفل الأهل ذلك تماما، وعندما يتم التنبيه لهذا الاستعداد يكون الوقت متأخرا مما يؤدي إلى حصول مواجهات مع المعوق الذي قد يرفض تناول الطعام، أو قد تستمر الأم في إعطائه أغذية مهروسة لسهولة تناولها وتوفير الوقت لرعاية مسؤلياتها الأخرى وهذا كله يؤدي إلى عدم كفاية الغذاء المتناول وبالتالي لا يسهم في حصول نمو كاف عند المعوق.
ويحتاج بعض المعوقين غير القادرين على الحركة أو المشي لمن ينقلهم من مكان لآخر، وتواجه الأم أو المسؤول عنهم صعوبة في ذلك كلما زاد الوزن، مما يضطرها لتقليل كمية الطعام المتناولة للحد من زيادة كبيرة في الوزن. ومع أنه يجب
تلافي السمنة، إلا أنه يجب توفير الطاقة والعناصر الغذائية بكميات كافية ومتوازنة لتفي بمتطلبات النمو. ولذلك يحتاج الأهل لتزويدهم بالمعلومات وإرشادهم بطرق مساعدة المعوق على الحركة والاعتناء به.
ب- وجود شذوذ في الحركة الفموية وفي التوتر العضلي: إن نمط الحركة الفموية الشاذة الناتجة عن قصور في السيطرة على اللسان أو الشفتين أو الخدين، أو نقص التوافق في البلغ والتنفس يجعل عملية الأكل صعبة وتتطلب الصبر من قبل الطفل ومن يقوم بإطعامه وتؤدي إلى فقد كمية كبيرة من الطعام من الفم وبالتالي إلى عدم تناول كميات كافية من الطاقة والعناصر الغذائية. فعلى سبيل المثال يمكن أن تكون المشكلات في المص والبلع وعدم توافقهما مع التنفس مميتة مما يستدعي إطعام المعوق بطرق غير فموية كالتغذية عن طريق فتحة في المعدة Gastrostomy أو بالتزقيم gavage وقد يحتفظ المعوق بالمنعكسات reflexes الفموية البدائية مما يعيق اكتساب مهارات الإطعام، فمثلا لا يتعلم الطفل المضغ إذا كان لا يزال يحتفظ بمنعكس المص.
كما أن التوتر العضلي الإجمالي يزيد من مشاكل السيطرة على الفم، إذ إن العديد من حركات الفم المرضية مرتبط ببعض أنواع التوتر العضلي الشاذ. فدسر اللسان tongue thrust هو جزء من التوتر الباسط extensor tone في الجسم، ومع التمدد في رأس الطفل يزداد دسر اللسان. كما أن ضعف إغلاق الشفتين وظاهرة الفم المفتوح يشاهدان عند الطفل الذي يعاني من نقص التوتر في الوجه والجسم [1] .
ج- وجود مشكلات سنية: يعاني العديد من المعوقين من مشكلات سنية تؤثر على تناولهم الطعام. فمثلا يعاني بعض مرضى متلازمة داون من تأخر في بروز الأسنان والتي تكون صغيرة وغير منتظمة [10] ، كما يعاني هؤلاء من فقد في الأسنان بسبب عدوى اللويحة السنية dental plaque ويعاني بعض مرضى الشلل الدماغي من صريف الأسنان وسوء ترصيفها malalignment وسوء إطباق الفكين بسبب دسر اللسان [3، 11] ، مما يعيق عملية المضغ ومن تناول الأغذية الصلبة ويزيد من الاعتماد على الأطعمة الطرية أو اللينة.
ويؤدي استعمال بعض الأدوية مثل Ethosuximide، diphenylhydantion لعلاج الصرع epilepsy إلى فرط التنسج اللثوي gingival hyperplasia كتأثير جانبي.
للأطفال واليافعين خاصة إذا استعملت هذه الأدوية لفترة طويلة. ويعيق فرط التنسج عملية المضغ وبروز الأسنان الدائمة ويؤهب اللثة للعدوى والرضح trauma [6] .
د- السلوك: توجد في بعض الأحيان صعوبة في إطعام الطفل بسبب سلوكه وقت تناول الطعام. وقد يظهر المعوق سلوكا غير لائق ومتهور، كأن يرمي الطعام أو الأدوات أو يرفض تناوله بهدف لفت الانتباه وغير ذلك. وقد يحاول المعوق التحكم بوالديه عن طريق رفضه الطعام. وسلوك الطفل غير اللائق بالإضافة إلى قصر مدى الانتباه short attention span عنده يقللان من استهلاك الطاقة والعناصر الغذائية. كما أن قلة الحركة أو النشاط الجسدي تقلل من الطاقة المصروفة وبالتالي من الاحتياجات منها. أما الأطفال الذين يتميزون بفرط الحركة فإنهم ينفقون طاقة عالية في النشاط الذي لا يتوقفون عنه. وهذه الحركة المفرطة بالإضافة إلى قصر مدى الانتباه على مائدة الطعام، يجعلان الطفل يتناول كميات قليلة منه في الوجبة، مما يتطلب إعطاء هؤلاء الأطفال وجبات صغيرة وعديدة.
هـ- الإمساك: يعتبر الإمساك مشكلة عامة عند المعوقين خاصة للذين يعانون من فرط التوتر أو نقصه. وأسباب قلة الإخراج عديدة، منها ضعف التوتر في عضلات البطن والتعب المفرط والقلق وقلة تناول الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية أو السوائل أو نتيجة الجفاف من جراء التقيؤ أو التعرق الشديدين أو بسبب القصور في اكتساب نظام لإطراح الفضلات. والذي يعاني من الإمساك يشكو في العادة من ألم في البطن وانتفاخ فيه ومن عدم الشعور بالارتياح.
و الشهية: غالبا ما يعاني المعوق من فرط الشهية أو من سوئها. ويؤدي حدوث خلل في الجهاز العصبي المركزي إلى نقص الشهية عند بعض المرضى فلا يشعر الطفل بالجوع، وقد لا يستمتع بما يتناوله من طعام ولا يبدي أي رضى عنه مما يقلل من الكمية التي يتناولها. وعدم استجابة الطفل لا تعزز ما يبذله الأهل من جهد في إطعام الطفل مما يبعث على عدم الرضى عند الوالدين. وقد يفقد الأهل الدافع للاستمرار في مساعدة الطفل في تناول الطعام وهذا بدوره يضعف الدافع عند الطفل لتناول الأطعمة المناسبة [1] .
ومن ناحية أخرى يمكن أن يؤدي حصول خلل أو عيب تطوري في الوطاء Hypothalmus إلى عدم الشعور بالشبع وفرط الشهية عند الطفل، فيأكل الطفل بينهم وشهية كبيرة لدرجة أنه يضطر إلى سرقة الطعام أو حتى تناول طعام.
الحيوانات. ويستحيل تعديل سلوك هؤلاء الأطفال، لذلك تستدعي هذه الحالات اتخاذ أقصى الإجراءات للسيطرة على السمنة كأن يتم إقفال خزانة الطعام أو باب الثلاجة أو حتى غرفة المطبخ [1] .
ز- توقعات الأهل: يحتمل أن يسود الوالدان قلقا بشأن انخفاض سرعة نمو الطفل أو بشأن ما يتناوله من طعام، ويصبح اهتمام البعض أكثر مما يجب فيقودهم إلى إعطاء أغذية غير ملائمة بالخطأ، كأن يعطى الطفل البيض النيئ "كونه سائلا ذا قيمة غذائية عالية"، أو تلبية رغبته بإعطائه ما يريد من السكاكر والحلويات باستمرار. لذلك من الضروري مساعدة الأهل في إيجاد طرق أخرى للتعبير عن حبهم واهتمامهم بالطفل المعوق.
التدبير الغذائي وطرق إطعام المعوقين:
يتطلب إطعام المعوقين تعاونا وتنسيقا تامين بين المعنيين، ويحتاج إلى فريق متكامل يضم الطبيب والممرضة اللذين يقومان بالتشخيص الصحيح المبني على الفحوصات السريرية والمخبرية، ويضم أيضا اختصاصي علم النفس ومعالج النطق لتوفير المعلومات اللازمة حول مستوى التطور والمهارات الحركية الدقيقة والكبرية، وبخاصة للذين يعانون من شذوذ في التوتر الحركي، وكذلك حول العوامل الشخصية والعاطفية التي قد تؤثر على تناول الطعام. كما يضم الفريق الباحث الاجتماعي الذي يوفر المعلومات المتعلقة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي وعن مدى تفاعل الأسرة مع المعوق، والمعالج الفيزيائي الذي يقوم بتقييم التطور الحسي والحركي وبإعطاء التوصيات فيما يتعلق بأدوات الطعام اللازمة والأغذية المناسبة من حيث القوام وسبل تعديل سلوك الإطعام، وطبيب الأسنان لتصحيح بعض المشاكل السنية، وخبير التغذية الذي يستكمل تقييم الوضع التغذوي ويعمل على توفير وجبات متوازنة ومناسبة، بناء على المعلومات الطبية والنفسية والاجتماعية المتوفرة [12] . ومن الضروري أن يقوم هذه الفريق بتبادل المعلومات والخبرات ضمن برنامج محدد يفي باحتياجات المعوق، بالإضافة إلى تقديم النصح والإرشاد لأسرة المعوق ومساعدتها في تخطيط وتقديم وجبات غذائية مناسبة وفي التخفيف من التوتر الذي تعاني منه. ويجب وضع أهداف محددة قصيرة وأخرى طويلة الأمد خاصة وأن غالبية حالات التعوق تكون مزمنة. كما يجب التقييم دوريا لمعرفة مدى التقدم أو لتعديل الأهداف السابقة وذلك عن طريق إجراء الفحوصات اللازمة والقياسات
البشرية. ويفيد وضع الأهداف التالية والتي تنطبق على كثير من المعوقين في:
- الوقاية من سوء التغذية أو السمنة.
- تحسين نمو المعوق وتحسين وضعه التغذوي.
- تشجيع التلقيم الذاتي والتقدم فيه.
- تطوير مهارات الإطعام.
التخلص من المشكلات التي تؤثر على تناول الطعام أو الشهية أو كليهما. وقد يشمل ذلك:
- التركيز على نظافة ومعالجة أي مشكلات سنية.
- معالجة فقد الشهية "إن كان يعاني منها المعوق"، كأن يتم إعداد وجبات صغيرة وكثيرة بحيث تحتوي على أطعمة مرغوبة ومقبلات. أما إذا كان فقد الشهية بسبب تناول الأدوية، فيمكن تخفيف تأثيرها بإعطاء الوجبة إما قبل تناول العلاج أو عندما تكون درجة مفعوله أقل ما يمكن.
- التصحيح والوقاية من الاضطرابات الغذائية الناتجة عن تناول الأدوية. وقد يتطلب ذلك إجراء فحوصات سريرية وبيوكيميائية للكشف عن النقص دون السريري و / أو إعطاء بعض الإضافات الغذائية.
إجلاس الطفل عند تناول الطعام:
يجب الانتباه إلى الوضع الصحيح الذي يجب أن يكون عليه المعوق عند إطعامه، ويشمل ذلك وضع الرأس والجسم والحوض والأطراف، فالوضع الصحيح يمكن أن يخفف من بعض الحركات الشاذة وأن يزيد من القدرة على السيطرة على حركات الفم. لذلك يجب أن يكون الطفل مرتاحا في جلوسه وأن يكون وضع الحوض بدرجة قائمة مع الجسم "كما هو الحال في الوضع الطبيعي فوق كرسي مناسب" وأن ترتكز الرجلان على الأرض كما هو مبين في الشكل "أوب ".
ويجب منع الرأس من الاندفاع إلى الخلف أثناء تناول الطعام أو ما يعرف بـ "إطعام الطير" لأن هذا الوضع يشجع على الطريقة الطفولية للإطعام، إضافة إلى أنه لا يسمح بالسيطرة الطبيعية على اللسان وعملية البلع، وقد يؤدي إلى شفط الرئتين للطعام وحصول شرق choking، لذلك يجب أن يكون الرأس منتصبا أو مائلا قليلا "حوالي 5- 10 درجات فقط""الشكل 1- ج". ويمكن منع اندفاع الرأس إلى الخلف بوضع الطفل في حضن الشخص الذي سيطعمه بحيث يكون مواجها له
وإسناد رأسه من الخلف كما هو مبين في الشكل [1- د] . أما الطفل الأكبر سنا فيتم تجليسه على الحضن بحيث تكون رجلاه متباعدتين ويمكن وضع حاجز بينهما كما هو مبين في الشكل [1- د] . وهذا الوضع يمنع المعوق الذي يعاني من حركات شاذة من إطباق رجليه. ويمكن استخدام مساند جانبية أو مسند خلفي "الشكل 2 - أو ا - ب" أو حزام لتثبيت الطفل ومنع وقوعه. ويجب عدم استعمال اليدين في إسناد الرأس ما أمكن لاستعمالهما في السيطرة على حركة الفكين والشفتين أثناء الإطعام "الشكل 1- د".
الأدوات المستخدمة في إطعام المعوقين:
تستخدم أدوات خاصة لمساعدة الطفل على الإطعام الذاتي [10] ويبين الشكل 2 أنواعا من الأكواب والأطباق "الصحون" والملاعق. وتستعمل أكواب مغطاة، كالتي تستعمل للأطفال، أو أكواب ذات قواعد ثقيلة كي تبقى ثابتة ولا تنسكب محتوياتها إذا كان الطفل يعاني من ضعف في التوافق الحركي. كما يمكن استعمال الكوب ذي اليدين بدلا من يد واحدة للإمساك بهما بشكل أفضل. وينبغي أن تكون الأدوات التي يستعملها المعوق غير قابلة للكسر. ويفضل استعمال الأطباق ذات الحواف العالية والمجورة لمنع فقد الطعام أثناء تناوله. وقد تكون هناك حاجة لاستعمال ملاعق ذات حجوم أو أشكال معينة. فمثلا تستخدم الملعقة ذات اليد الخشبية أو الاسفنجية للذي يعاني من ضعف في القبض، والملعقة ذات الوصلة الطويلة لمن لا يستطيع ثني كوعه.
تقييم المشكلات واقتراح الحلول:
وللتمكن من بلوغ أهداف التدبير الغذائي ينبغي تقييم المشكلات الفعلية التي يعاني منها المعوق والتي تؤثر على تناول الطعام ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها مما يسهم في نجاح تطوير أو تعديل النمط الغذائي للمعوق. وفي تعزيز محاولات الأهل لتحسين الوضع الغذائية للطفل وبلوغ القدرات الجسمية والعاطفية والعقلية الكامنة. وكما ذكر سابق فإن حل الصعوبات ليس سهلا وقد يكون معقدا ويتطلب التنسيق والتعاون بين أفراد الفريق المعنى بأمور المعوق. ويبين الجدول التالي بعض الأمثلة لتقييم بعض المشكلات الغذائية وطرق حلها [1] .