الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18-
توافر الرعاية الاجتماعية والخدمات الصحية:
يمثل توافر الرعاية الاجتماعية المتكاملة عنصرا هاما في تغذية الإنسان، خاصة في مراحل العمر المبكرة والمتأخرة. فالطفل الصغير الذي يحظى برعاية والديه يلقى تغذية أفضل بكثير من الطفل الذي ينمو في رعاية المربيات، بل إن وجود مربية في المنزل يؤثر سلبا على معدلات الرضاعة الطبيعية ومدتها [46] .
والطفل الذي يلقى الرعاية الأبوية ويشعر بالحنان المتدفق ينمو بمعدل أفضل ويتطور ذكاؤه أكثر من نظيره الذي يأخذ نفس التغذية دون رعاية كافية [49] ، ومن خلال الرعاية الاجتماعية يكتسب الطفل العادات الغذائية الجيدة.
ونظرًا لعمل الأمهات وغياب شكل العائلة الموسعة التي كانت توفر فيها الجدة الرعاية المناسبة لحفيدها، لجأت الأمهات إلى وضع أطفالهن في دور الحضانة ومعاهد رعاية الطفل، حيث يتجمع عدد كبير من الأطفال في غرفة واحدة مما يعرضهم للأمراض المعدية. وتقدم بعض هذه الدور وجبة غذائية للأطفال تتوقف مكوناتها الغذائية على مستوى الحضانة والتكلفة المادية لها، وتكون هذه الوجبة غالبا غنية بالمواد النشوية ويتناولها الأطفال دون إشراف جيد. ويؤدي نقص الرعاية الاجتماعية الجيدة في هذه السن إلى اكتساب الطفل العادات الغذائية السيئة.
ويزداد أثر الرعاية الاجتماعية على تغذية الإنسان مع تقدم العمر، حيث يتوقف العمر الفيزيولوجي للمعمر على مجموعة عوامل أهمها الرعاية الصحية، وتناول المواد الكحولية، والتغذية الجيدة، وتناول طعام الإفطار، والتحكم في وزن الجسم واتقاء البدانة، وممارسة النشاط المعتدل والتدخين [50] .
ومع تقدم العمر يقل نشاط الإنسان وينخفض معدل الاستقلاب "الأيض" الأساسي، وبالتالي تقل احتياجاته من الكالوري. إلا أنه يواجه صعوبات أخرى تتعلق غالبا بعدم القدرة على مضع الطعام نتيجة لفقد الأسنان وصعوبة الهضم لانخفاض كفاءة الجهاز الهضمي [51] .
ويزيد حجم المشكلة عندما يفقد المعمر شريك حياته ويتزوج الأبناء فيبقى وحيدا دون رعاية اجتماعية أو تغذوية ويلجأ إلى تناول الأطعمة السريعة، وقد يمتنع
عن تناول بعض الوجبات أو يتناول الأطعمة المعلبة والجاهزة لعدم مقدرته أو رغبته في تحضير وجبة كاملة [52] .
ويؤدي انخفاض الدخل بعد بلوغ سن التقاعد إلى عدم مقدرة المعمر على شراء الكميات والنوعيات المناسبة من المواد الغذائية. وتؤدي هذه الأسباب مجتمعة إلى ارتفاع معدل الإصابة بأمراض سوء التغذية بين المعمرين، ما لم توضع لهم برامج رعاية اجتماعية مناسبة.
وترتبط الحالة الصحية للإنسان ارتباطا وثيقا بحالته التغذوية، ويؤدي توافر الخدمات الصحية الجيدة بطريقة مباشرة إلى تحسن الحالة التغذوية للفرد والمجتمع، على سبيل المثال يؤدي التطبيق الجيد لبرامج التطعيم ضد الأمراض المعدية إلى وقاية الأطفال من هذه الأمراض، والحيلولة دون نشوء الدائرة الخبيثة التي تربط بين الإصابة بالأمراض المعدية وسوء التغذية.
وقد شهدت السنوات الأخيرة انخفاضا ملحوظا في معدل الإصابة بالأمراض المعدية في دول المنطقة العربية نتيجة لتوفر الخدمات الصحية والرعاية الطبية. ومن خلال المؤسسات الصحية تقوم الدول العربية بتطبيق بعض البرامج التغذوية، مثل برامج تشجيع الرضاعة الطبيعية، وبرامج التغذية التكميلية، وبرامج توزيع المواد الغذائية.
وتقوم مراكز رعاية الأمومة والطفولة في كثير من دول الإقليم بتقديم الإرشاد التغذوي للأمهات من خلال برامج جيدة الإعداد، كما يتم ترصد معدلات نمو الأطفال من أجل التشخيص المبكر للحالات المصابة بسوء التغذية وتقديم العون لها. ويتم من خلال نفس الأنشطة دراسة التغيير في معدل انتشار أمراض سوء التغذية في المجتمعات المختلفة. ويختلف مستوى تطبيق هذه البرامج من بلد لآخر، حيث تتوافر هذه الخدمات بصورة متكاملة في بعض الدول بينما تكون دون المعدل في دول أخرى، خاصة تلك التي تنقصها الإمكانات اللازمة للمراقبة التغذوية nutritional monitoring