الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر العوامل النفسية والفيزيولوجية والاجتماعية على تغذية المسنين:
اهتم كثير من الباحثين بدراسة أثر العوامل النفسية والاجتماعية على تغذية المسنين، والتي يمكن تقسيمها إلى عوامل طبيعية وعوامل نفسية وعوامل فيزيولوجية وعوامل اقتصادية- اجتماعية. ويلخص الجدول6 هذه العوامل التي أظهرتها نتائج.
الدراسات المختلفة. والجدير بالذكر هنا أن هذه الدراسات أجرى معظمها على المسنين في القارة الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فإن الجدول المذكور يلخص العوامل النفسية والاجتماعية والطبيعية والفيزيولوجية المؤثرة على تغذية المسنين في هذه المجتمعات. وبالطبع تختلف هذه العوامل من مجتمع إلى آخر، غير أنه لا يتوفر لدينا الآن العدد الكافي من مثل هذه الدراسات عن العالم العربي لاستخلاص النتائج الخاصة بهذا الشأن. وسوف نحاول بقدر الإمكان تقدير آثار العوامل النفسية والاجتماعية في المجتمعات العربية على تغذية المسنين فيما سنورده أدناه.
العوامل الطبيعية:
مع تقدم العمر يزداد احتمال فقد الأسنان. وبالرغم من أن التقدم في طب الأنسان عالج حالات فقد الأسنان بالأسنان الاصطناعية، إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن الأسنان الاصطناعية ما زالت باهظة الكلفة على قطاع كبير من السنين. ويؤدي فقدان القدرة على المضغ الكافي للطعام لعدم وجود العدد الكافي من الأسنان إلى تغيير في نوع الطعام المتناول وإلى تجنب أطعمة معينة. مثال ذلك تفضيل النشويات والأطعمة المطبوخة جيدا والمهروسة وتجنب تناول الفواكه والخضار الطازجة واللحوم. وبالطبع يقود هذا التغيير في نمط التناول الغذائي إلى نقص في تناول بعض العناصر الغذائية كالحديد والزنك، كما يؤدي تجنب تناول الخضار والفاكهة والأغذية الأخرى الغنية بالألياف الغذائية إلى نقص حجم البزار والذي يقود إلى ضعف حركة عضلات الجهاز الهضمي، ويؤدي بالتالي إلى الإمساك.
كذلك مع تقدم العمر يقل التناسق بين الجهازين العصبي والعضلي، ويؤدي ذلك إلى عدم ثبات حركة الأيدي والأرجل، مما يؤثر على تناول بعض الأطعمة خصوصا المشروبات. وكثيرا ما يتجنب المسن مثل هذه الأطعمة خوفا من الحرج الذي قد يسببه تناول هذه الأطعمة مثل دلق الطعام على الملابس. وفي حالة المسنين المصابين بمثل هذا الخلل والذين يقومون بشراء وتحضير طعامهم بأنفسهم، فغالبا ما يتجنبون تحضير الطعام الساخن خوفا من حوادث الحريق. وفي حالة عدم وجود محل قريب لشراء الطعام الطازج، يلجأ هؤلاء المسنون إلى شراء الطعام الموجود من المحل الأقرب.
ويصاب كثير من المسنين بضعف حاستي البصر والسمع، وقد يؤدي ذلك إلى سوء في التدقيق عند اختيار الطعام أو إلى تجنب تناول الطعام في بعض الأماكن كما يشكو الكثير من المسنين من بعض أنواع الطعام التي تسبب لهم أعراضا مثل الحرقة heartburn أو النفخة مما يدفعهم إلى تجنبها، والتي قد تكون ذات قيمة غذائية عالية، من غير محاولة معالجة السبب في ظهور هذه الأعراض عند تناولها.
العوامل النفسية:
كثيرا ما يأنف المسنون اعتمادهم على الآخر، ويلجأون إلى الاحتفاظ باستقلاليتهم، مثل الإصرار على السكن بمفردهم. ويفتقد مثل هؤلاء المسنين الدافع إلى تحضير الطعام والانتظام في مواعيد تناوله، مما يؤدي إلى تناول وجبات غير متوازنة. وقد تؤدي مثل هذه الحالات أيضا إلى لجوء المسن إلى تناول كميات كبيرة من الطعام في بعض الأيام، وتجنب تناول الطعام في أيام أخرى
ويعاني كثير من المسنين من الاكتئاب depression الذي يؤثر على تأقلم المسن مع التغيير في أسلوب حياته. وقد ينعكس أثر الاكتئاب على تناول الطعام، فيكثر المسنون من الأكل لتعويض الفراغ العاطفي في حايتهم، وبالطبع قد يؤدي هذا إلى الإصابة بالسمنة. كما أن العزوف عن الطعام قد يحدث أيضا نتيجة الشعور بالاكتئاب. إن مساعدة أفراد العائلة للمسن في خلق حياة اجتماعية نشطة، يساعد كثيرا في التخلص من الشعور بالاكتئاب.
وتؤدي العزلة الاجتماعية والفراغ العاطفي عند المسنين أيضا إلى الشعور بالقلق anxiety والذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى فقدان الشهية لتناول الطعام كذلك يسبب الشعور بالقلق في بعض التغييرات الهرمونية التي ينتج عنها قلة في إفراز العصارات الهضمية digestive juices في المعدة والأمعاء، وبالتالي يفقد الجسم المقدرة على الامتصاص الكامل لمواد الغذائية. من الجانب الآخر فإن العقاقير التي تستعمل لمعالجة القلق كثيرا ما تؤدي إلى فقدان الشهية. لذا فإن تناول المسن لوجباته برفقة أقرانه أو أفراد العائلة يمنع الكثير من هذه المشاكل.
والجدول 6- أثر العوامل الطبيعية والنفسية والاقتصادية- الاجتماعية على تغذية المسنين
العوامل الاقتصادية- الاجتماعية:
كثيرا ما تتدهور الحالة الاقتصادية للمسنين الذين يعتمد دخلهم على ما يتلقونه من فوائد بعد الخدمة، مما يؤثر مباشرة على شراء المواد الغذائية. لذلك يلجأ هؤلاء المسنون إلى شراء المواد الغذائية الرخيصة التي تسد رمقهم، مثل الخبز والأرز، وإهمال شراء المواد الغذائية المكلفة نسبيا، مثل اللحوم والفاكهة، وبالطبع ينعكس هذا التغيير في نمط التناول على حالتهم التغذوية.
وقد شهدت كثير من مجتمعات الدول النامية حركة تمدن في الحقبات الأخيرة، سببت هجرة من الأرياف والسكن في المدن. وقد لجأ بعض أبناء المسنين الذين تركوا الأرياف وهاجروا إلى المدن إلى اصطحاب آبائهم المسنين إلى المدن. ويترك الوالدان المسنان في مثل هذه الحالات أصدقاءهم القدامى في القرية والمجتمع الذي عاشا فيه طوال عمرهما، إلى مجتمع يختلف فيه أسلوب الحياة وربما الثقافة واللغة ونمط التناول الغذائي، ولا يجد مثل هؤلاء المسنين أي دور لهم في هذا المجتمع الجديد. مثل هذا التغيير قد يؤدي إلى عدم التأقلم على العادات الغذائية الجديدة ويؤثر على الناحية النفسية للمسن، مما قد يقود إلى الشعور بالاكتئاب والقلق اللذين يؤثران على الحالة التغذوية كما سبق ذكره أعلاه.