الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشكل خسارة فادحة للاقتصاد الوطني.
ونظرا لتطور تكنولوجيا حفظ المواد الغذائية، وكفاءة وسائل النقل من بلد لآخر، فقد توفرت في أسواق الدول العربية، وخاصة دول الخليج العربي، المواد الغذائية المستوردة من كافة مناطق العالم، وأصبح من السهل الحصول على فاكهة الشتاء في أكثر شهور السنة حرارة وكذلك الخضراوات التي تنتج صيفا طوال العام.
ويعمل توفر المواد الغذائية، دون اعتبار للموسم الزراعي، على تسهيل تخطيط الوجبات، والتأكد من احتوائها على مجموعات الغذاء المختلفة، ويقلل ذلك من أهمية الموسم الزراعي كأحد العوامل التي تؤثر على استهلاك الغذاء، أو دول الإقليم التي لا تتمكن لأسباب اقتصادية من استيراد كافة احتياجاتها الغذائية، أو تلك التي تعتمد بدرجة كبيرة على إنتاجها المحلي، فما زال الموسم الزراعي يؤثر على أسعار الغذاء وبالتالي على كمية الغذاء التي يتناولها أفراد الأسرة.
2-
سعر الغذاء:
يواجه القائمون على التخطيط ووضع سياسات الأسعار جملة من الصعوبات. فهم يميلون من ناحية إلى رفع المحاصيل الزراعية بهدف تشجيع التنمية الريفية وزيادة الإنتاج الزراعي، ومن ناحية أخرى يتمنون خفض أسعار المنتجات الزراعية لتوفيرها للفئات المنخفضة الدخل 1.
وغالبا لا يؤثر ارتفاع سعر الغذاء على المنتج الذي يحتفظ بجزء من إنتاجه لأسرته ولكنه يؤثر سلبيا على المستهلك الذي يتحمل دائما أية زيادة في أسعار الغذاء أو مستلزمات إنتاجه. وعلى المدى البعيد فإن زيادة دخل المنتج للمواد الغذائية سوف يكون حافزا له على التوسع في الإنتاج، مما يخلق مزيدا من فرص العمل ويقلل من معدلات البطالة في المجتمع.
وقد تحدث التفاعلات الاقتصادية انخفاضا حادا في أسعار بعض المواد الغذائية، مما يؤدي إلى إفلاس بعض المنتجين الذين لن يتوفر لهم المقدرة المالية على مواجهة الانخفاض في أسعار منتجاتهم، وقد يخرج البعض منهم تماما من دائرة الإنتاج ويتوقف عن ممارسة أنشطته الاقتصادية.
كذلك يدعو بعض علماء الاقتصاد إلى تحرير أسعار المواد الغذائية التي سوف ترتفع على المدى القصير، إلا أن التوسع في الإنتاج سوف يؤدي على المدى المتوسط أو الطويل إلى وفرة الغذاء وبالتالي إلى انخفاض في أسعار المواد الغذائية.
فخلال عقود طويلة قامت الحكومات المتعاقبة في بعض الدول العربية بفرض أسعار ثابتة على المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية، بل وشاركت الدولة في عملية تسويق المنتجات الزراعية والغذائية وكانت المحصلة سلبية تماما للمنتج والمستهلك. فالمنتج يرفض هذه الأسعار التي تتيح له هامشا ضيقا للربح مما يجعله يتجه نحو محاصيل أخرى بعيدة عن رقابة الدولة. والمستهلك لم يكن راضيا عن انخفاض جودة الأغذية التي تباع له، ولا عن اختفائها أحيانا من الأسواق، ولا عن إرغامه على دفع مبالغ إضافية تزيد كثيرا عن الأسعار الرسمية إذا ما أراد الحصول على منتجات غذائية ذات جودة عالية.
وقد قامت بعض الحكومات بتحرير الاقتصاد واتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي وتخلت عن سياسة تسعير المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية، وأعطت الفرصة كاملة للمنتج لاختيار وتسويق منتجاته. وكانت النتيجة أنه في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار المواد الغذائية دوليا كانت الأسواق المحلية تنعم بوفرة هائلة في العديد من المنتجات الغذائية والخضراوات والفواكه، مع انخفاض كبير في أسعارها، بل وقام الكثير من المنتجين بتصدير الأغذية إلى الخارج، مما ساعد على إدخال المزيد من العملات الصعبة إلى شرايين الاقتصاد المحلي.
يجب أن تهدف سياسة تسعير المواد الغذائية على المدى البعيد والدائم إلى:
أ- زيادة الإنتاج الزراعي سواء من خلال زيادة الرقعة الزراعية أو زيادة إنتاجية الغذاء مع العمل على تجنب حدوث ثغرات زمنية في إنتاج بعض المواد الغذائية.
ب- العمل على تنشيط النمو الاقتصادي للمجتمع من خلال سلسلة متوازنة من الأنشطة الاقتصادية التي تعمل على رفع مستوى دخل الفرد والأسرة، مع التركيز بصفة خاصة على إعادة توزيع الدخل ورفع الحد الأدنى لأجور فئات المجتمع الأكثر عرضة لسوء التغذية نتيجة لانخفاض القدرة الشرائية.
ج- تحقيق الأمن الغذائي للمجتمع في مواجهة المتغيرات الاقتصادية والسياسية الدولية مع العمل على تثبيت الأسعار في إطار مصلحة المستهلك والمنتج، حتى لا تنخفض الأسعار بدرجة تؤثر على إنتاج المواد الغذائية.
د- العمل على تحقيق الثبات السياسي، ومنع الاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي قد تؤدي إلى مواجهات أو صراعات قبلية أو حروب أهلية تؤدي إلى انخفاض إنتاج الغذاء بشكل كبير.