الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السرطان:
1-
تعريف المرض:
يعتبر السرطان cancer ثاني مرض مسبب للوفاة بعد مرض القلب في الدول المتقدمة. ويتزايد انتشار حالات السرطان في الكثير من الدول النامية بسبب التغيرات الاجتماعية والبيئية والغذائية التي حدثت خلال العقدين الماضيين. كما أن ازدياد مأمول الحياة life expectancy في العديد من الدول النامية ساعد على ظهور السرطان بين أفرادها.
والسرطان هو مجموعة من الحالات تتضمن نموا غير منضبط لخلايا آتية من أي نسيج في الجسم تقريبا. ويبدأ السرطان عندما يحدث تغير في أحد الخلايا التي تقوم بالتكاثر بطريقة غير طبيعية وسريعة. وتقوم هذه الخلايا السرطانية بمهاجمة الأنسجة السليمة وتحطيمها. ويعتمد نوع الأنسجة التي يهاجمها السرطان ومقدار التلف الذي يسببه لها على نوع الخلية السرطانية وطريقة انتشارها. فانتشار السرطان إلى مساحات واسعة في الجسم distance site يسمى بالنمو الثانوي أو النقائل metastasis وانتشاره في أماكن محددة local site يسمى بالغزو أو الاجتياح invasion [22] .
والعادة أن يطلق الجسم عدة علامات تحذيرية warning signs للتنبيه بالإصابة بالسرطان، وبأن هناك خطأ ما في الجسم. ومن أهم هذه العلامات التغير في عادة التغوط والتبول بشكل محلوظ، فالمعروف أن عادة التغوط والتبول تتأثر بالتغير في نمط الحياة والغذاء المتناول وبالضغوطات النفسية والاجتماعية. ومن الخطأ احتساب أي تغير في التغوط أو البول إنذار سرطاني. ولكن عند عدم وجود أي ضغوطات نفسية واستمرار نمط الحياة، فإن حدوث التغير في التغوط والبول يجب أن يؤخذ بجدية ويستوجب الرجوع إلى الطبيب لمعرفة أسباب هذه التغيرات. ومن العلامات التحذيرية الأخرى وجود جروح تأخذ وقتا أطول عند اندمالها. وهنا بجب التنبيه إلى أن اندمال الجرح يعتمد على عدة عوامل مثل عمر الشخص، حيث كبار السن تأخذ جروحهم فترة أطول للاندمال، وقوة الدورة الدموية وحالة الجلد. ولكن أهم عامل هو أن الشخص يعرف المدة التي تندمل فيها جروحه عادة، وبالتالي عندما تكون هذه الفترة أطول من المعتاد فإنها تكون موضع شك [22] . كذلك فإن النزف أو الخراج بدون أسباب واضحة، قد يعني أن هناك خللا ما ويجب مراجعة
الطبيب لمعرفة سبب هذا الخلل. كما أن فقدان الشهية للطعام المستمر وسوء الهضم المتواصل أو بحة الصوت أو السعال أو اضطرابات وصعوبة البلع ووجود الدم في البول أو البراز وبشكل واضح، كل هذا تعتبر علامات يجب الانتباه إليها [22، 23] .
2-
انتشار المرض:
إن أقدم المعلومات عن انتشار السرطان المرتبط بالغذاء مصدرها مصر، والتي كان معلوما فيها منذ عام 1924 أن سرطان أعضاء الجهاز الهضمي يبلغ 4.4% من كل أنواع السرطان في البلد، وفي عام 1982 ارتفعت النسبة إلى 9.4% ويعتبر سرطان الجهاز الهضمي، وخاصة سرطان القولون والأمعاء والمعدة والمريء، الأكثر انتشارا في الدول العربية، ويشكل سرطان الثدي نسبة لا بأس بها عند النساء وانتشاره آخذ في الازدياد. وباستثناء الوفيات الناتجة عن الحوادث والإصابات، فإن السرطان يعتبر السبب الثاني للوفيات بعد أمراض القلب في نسبة كبيرة من الدول العربية، مثل دول الخليج والأردن وتونس. فمثلا في دول الخليج كان السرطان السبب السادس للوفيات قبل عقدين من الزمان، وأصبح الآن السبب الثالث للوفيات بعد أمراض القلب والحوادث. ويبين الجدول 3 أنواع من السرطانات السائدة في ثلاث دول عربية هي الإمارات العربية المتحدة والعراق والسعودية. ويلاحظ أن هناك اختلافا في عدد الإصابات في السرطان بين المواطنين الوافدين إلى دولة الإمارات، حيث تكاد تبلغ نسبته في سرطان الجهاز الهضمي الضعف عند المواطنين مقارنة بالوافدين. كما نجد عدة اختلافات في نسب انتشار بعض أنواع السرطان بين هذه الدول، وهذا راجع إلى عدة عوامل أهمها كفاءة عملية التشخيص والعوامل البيئية.
3-
عوامل الخطر:
من الصعوبة تحديد عوامل الخطر للسرطان وذلك لتنوعه، فالسرطان قد يصيب أي جزء من الجسم. وقد يكون سبب الإصابة في كل جزء يختلف عن الآخر. فمثلا سرطان الرئة كثيرا ما يرجع سببه للتدخين. وسرطان القولون قد تلعب التغذية دورا هاما في حدوثه. ويمكن القول إن التغير في نمط الحياة والتغذية والعوامل البيئية تلعب دورا كبيرا في تطور حالات السرطان، وهذه العوامل أغلبها يمكن السيطرة عليها، مثل الغذاء والتدخين وشرب الكحول والتعرض الزائد لأشعة
الشمس والتعرض لمخاطر التلوث البيئي. وتدل أغلب الدراسات أن حوالي 35% من إصابات السرطان سببها التغذية، يأتي بعد ذلك التدخين 30% ثم مخاطر المهنة والكحول والتلوث [22] .
وبالنسبة لدور التغذية فلقد اقترحت عدة آليات ممكنة لإحداث السرطان [1] .
- وجود مواد تسبب السرطان "مسرطنات" carcinogens في الأطعمة، وهي قد توجد فيها طبيعيا أو قد تكون ملوثات مقصودة أو قد تنتج من طبخ أو حفظ الطعام.
- تلعب بعض المواد الغذائية دورا في تنشيط المسرطنات أو تعطيلها، ومثال ذلك تعويق جذور الأكسجين، ونواتج الأكسدة الفائقة peroxidation للدهون، أو وجود مادة بيتاكاروتين التي تحاصر المسرطنات.
- تشكيل المسرطنات بيولوجيا في الكائن الحي، ومثال ذلك تحويل حمض الصفراء إلى مواد كيميائية تحرض نشوء الأورام من قبل جراثيم قولونية تأثرت بالغذاء.
- تعزيز تحريض نشوء الأورام السرطانية بكثرة تناول الدهون مثلا، أو تثبيطه بتناول الأغذية التي تحتوي على فيتامين A.
- قد يسبب اختلال توازن المغذيات في الجسم إضعاف المناعة، وبالتالي يتأثر رفض rejection الجسم للخلايا السرطانية رفضا مبكرا، أو تتأثر قدرة الخلايا على تصليح الحمض النووي الدنا "DNA" المتأذى.
وسنحاول هنا أن نركز على عوامل الخطر الغذائية لبعض أنواع السرطنات السائدة في المجتمع العربي.
أ- سرطان المريء والفم والبلعوم: تشير الدراسات في الدول المتقدمة إلى أن المشروبات الكحولية لها علاقة بسرطان البلعوم والمريء والجزء العلوي من الحنجرة، كما أن التدخين له تأثير سرطاني على هذه الأجزاء من الجسم. وتوجد مؤشرات تبين أن سرطانات الفم والبلعوم تزداد عند الأشخاص الذين لا يولون عناية بنظافة فمهم وأسنانهم. ومن الدراسات الترابطية correlation اتضح أن هناك ترابطا إيجابيا بين سرطان البلعلوم وبين قلة تناول بعض الأغذية والمغذيات، مثل العدس والخضراوات الخضراء والفواكه الطازجة والبروتين وفيتاميني C، A والريبوفلافين وحمض النيكوتيك والمنغنيز والكالسيوم والزنك والموليبدين. بالإضافة إلى كثرة
تناول بعض الأغذية المخللة والمملحة، وبعض الأغذية التي يستخدم فيها العفن mouldy foods والتي تحتوي على جذر "nitroso" No كما وجد أن كثرة استهلاك الأغذية والسوائل الحارة جدًّا له علاقة بهذا النوع من السرطان [24] .
الجدول 3- التوزيع النسبي للإصابة بأنواع السرطان في بعض الدول العربية
المصدر: محمد مدحت جابر "1988". مرض السرطان في دول الخليج العربي، رسائل جغرافية، قسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة الكويت.
ب- سرطان المعدة: يوجد أعلى معدل لسرطان المعدة في اليابان وبعض دول آسيا وأميركا الجنوبية، والمعدل أقل في الدول الغربية. وسرطان المعدة قد تكون له علاقة بالأغذية المدخنة smoked والمملحة salted والتي تساعد في تشكيل طليعة precursor مادة النتروزامين nitrosamine التي يعتقد أن لها تأثيرا سرطانيا على خلايا الجسم. وكذلك قلة تناول الفواكه والخضراوات. حيث أن هذه الأغذية لها تأثير مثبط inhibitor لمادة النتروزامين [24] .
ج- سرطان القولون: أوضحت الدراسات الوبائية أن الأغذية الفقيرة بالألياف الغذائية والغنية بالدهون تشكل عامل خطر لسرطان القولون. ويعتقد أن الحموض الدهنية المشبعة saturated fatty acids هي المسؤولة عن حدوث هذا النوع من السرطان. وفي دراسات أخرى وجد أن المشروبات الكحولية، وخاصة البيرة، تلعب دورا في تطور هذا النوع من السرطان [24] .
د- سرطان الكبد: تعتبر المشروبات الكحولية السبب الرئيسي لحدوث هذا
النوع من السرطان في الدول المتقدمة بالأخص. أما في بعض الدول النامية مثل جنوب شرق آسيا فإنه يعتقد أن التلوث بذيفان الأفلاتوكسين Aflatoxin هو العامل الرئيسي لظهور سرطان الكبد [24] . ويجب التنبيه هنا أن مشكلة التولث بهذا الفطر منتشرة بشكل مقلق في الدول العربية. فمثلا في إحدى الدراسات وجد أن 17% من قول التدميس في مصر ملوث بذيفان الأفلاتوكسين بأنواعه المختلفة. وفي السودان تم تحليل دماء 252 طفلا ودلت النتائج أن نسبة التلوث عالية، خاصة عند أولئك الذين يعانون من سوء التغذية المتمثل بالكواشركور. وعند فحص البول وجد أن الأفلاتوكسين موجود في دم 23% من الأطفال الذكور و 17% من البنات، كما دلت دراسات أخرى على تلوث لبن "حليب" الأم بسموم هذا الفطر في السودان [25] وفي دولة الإمارات العربية [26] .
هـ- سرطان الرئة: يعتبر سرطان الرئة أكثر السرطانات انتشارا في معظم دول العالم، خاصة عند الرجال، وبدأت نسبته في الزيادة عند النساء في الآونة الأخيرة. والتدخين هو عامل الخطر الأول لهذا النوع من السرطان، كما أنه يزداد عند الأشخاص الذين يعملون في مهن خطرة مثل أولئك الذين يتعرضون لمادة الأسبستوس asbestos ويعتقد أن قلة تناول الخضراوات بخاصة الغنية بمادة الكاروتين، وزيادة تناول الدهون والكوليسترول، يلعبان دورا في الإصابة بسرطان الرئة. ولكن ما زالت الدراسات متضاربة في نتائجها بخصوص دور الغذاء في هذا النوع من السرطان [24] .
و سرطان الثدي عند النساء: تشير الدراسات أن التغذية لها دور هام في حدوث سرطان الثدي عند النساء. فهناك برهان قوي على الرابطة بين حدوث سرطان الثدي وتناول الدهون. ووجد أن الحموض الدهنية المتعددة غير المشبعة من نوع أوميغا- 3 الموجودة في زيت السمك قد تحمي من السرطان وتنقص من معدلات نمو الأورام. وذكرت بعض الدراسات أن هناك ترابطا إيجابيا بين زيادة الوزن وزيادة خطر سرطان الثدي [1] .
ز- سرطان البروستاتة عند الرجال: تعتبر الدهون عامل خطر لحدوث هذا النوع من السرطان، وتبين أن تناول أغذية غنية بفيتامين A وبيتاكاروتين له مفعول مثبط لحدوث سرطان البروستاتة. ويمكن القول بصفة عامة إن الأغذية الغنية بالألياف مثل الفواكه والخضروت وتلك الغنية بفيتامين A، E، C، تلعب دورا في
الوقاية من بعض أنواع السرطانات، بخاصة تلك المتعلقة بالجهاز الهضمي. أما الأغذية المحفوظة والمعالجة بالخل وبالملح أو بالدخان، فإنها تعتبر عوامل محفزة لحدوث السرطان، ويضح الجدول 4 أهم الأغذية التي تحفز أو تقي من بعض أنواع السرطانات.
الجدول 4- العلاقة بين الغذاء وبعض أنواع السرطان
تزيد من حدوث السرطان
تقل من حدوث السرطان
4-
الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه:
تضمن الأسس الأولية للوقاية من مرض السرطان والسيطرة عليه الأمور التالية:
- الاعتدال في تناول الأغذية المشوية والمملحة والمخللة والمدخنة لأنها قد تحتوي على بعض المواد المسرطنة.
- الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات الطازجة والحبوب الكاملة.
- الإكثار من تناول الأغذية التي تحتوي على فيتامين A و C و E وكذلك مادة السلينيوم، وجميع هذه العناصر لها قدرة على مقاومة السرطان. ويوجد فيتامين E بكثرة في القمح، أما السلينيوم فهو موجود بكثرة في اللحوم والأسماك.