الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثا: التلوث البيئي
التلوث بالمعادن الثقيلة
…
ثالثا: التلوث البيئي
1-
التلوث بالمعادن الثقيلة:
قد تتعرض المواد الغذائية أثناء إنتاجها أو تصنيعها أو تعبئتها أو نقلها أو حفظها للتلوث بأنواع مختلفة من المعادن الثقيلة نتيجة ملامسة المادة الغذائية لأسطح الأواني والأدوات أو العبوات أو مواد التغليف عامة المصنوعة من هذه المعادن الثقيلة أو المحتوية على آثار منها كشوائب، أو نتيجة لاستخدام مياه تحتوي على شوائب معدنية نتيجة لمرورها في أنابيب غير نقية، وذلك في عمليات غسيل.
المادة الغذائية النيئة أو الفاكهة، أو في عمليات تصنيعها أو نتيجة لاستخدام مضافات غذائية غير نقية تحتوي على شوائب لهذه المعادن الثقيلة. كما قد تتلوث مياه الأنهار أو شواطئ البحار بمركبات المعادن الثقيلة فتلوث الأسماك. وتتلوث الخضر والفاكهة بمركبات المعادن الثقيلة عند مكافحة الفطريات، وتصبح مصدرا للتسمم إذا لم يتم غسلها جيدا لإزالة ما عليها من مركبات المعادن الثقيلة. وعادة تحدد اللوائح الغذائية المستويات القصوى لهذه المعادن في الأغذية المختلفة وأيضا في مضافات الأغذية.
وبعض هذه المعادن الثقيلة قد توجد في المادة الغذائية نفسها في حالتها الطبيعية، كما توجد في جسم الإنسان بكميات ضئيلة جدًّا في صورة مركبات عضويات ذات أهمية كبرى لأنها تدخل في تركيب كثير من المركبات العضوية ذات الأهمية الحيوية في الجسم كالهيموغلوبين والثيروكسين والإنزيمات المحتوية على النحاس كالأكسيدازات في أكسيداز حمض الأسكوربيك، والزنك في نازعة هيدروكسي الكربونيك، والمولبيدنوم في أكسيداز الزانثين، أو كمكونات الفيتامينات، مثل الكوبلت في فيتامين b12، أو مكونات للهرمونات مثل الكبيرت في الأنوسلين واليود في الثيروكسين. إلا أن وجودها في الغذاء كمعدن أو كمركبات كيميائية من مصدر خارجي بكميات كبيرة نسبيا يكون لها تأثيرات سامة بالنسبة للإنسان أو الحيوان. وحتى لو احتوى غذاء الإنسان على كميات ضئيلة منها، فهي قد تؤثر في المدى الطويل على العمليات الحيوية بالجسم، إذ أن بعضها له صفة تراكمية في الجسم.
ولا تقتصر أضرار التلوث المعدني على ذلك، فإن بعض المعادن الثقيلة إذا ما لوثت المادة الغذائية أدت إلى تغيرات تضر بصفاتها المرغوبة، أو تقبلها للمستهلك. فالبعض منها مثلا إذا وجد بالمادة الغذائية، ولو بنسبة ضئيلة، يؤدي إلى تغير الطعم أو اللون الطبيعي المرغوب للمستهلك، أو إلى تقويض الفيتامينات أو تزنخ الدهون والزيوت، فتعمل في تأثيراتها هذه عمل العامل المساعد على تنشيط التفاعلات الكيميائية غير المرغوبة وبعض هذه المعادن يساعد على تنشيط بعض الإنزيمات التي تحدث تغيرات في المادة الغذائية.
ويتوقف المقدار المسبب لتلوث المادة الغذائية على عدة عوامل، منها تركيب المادة الغذائية نفسها، ومدى احتوائها على الماء أو الحموض أو المواد التي تتفاعل.
مع المعادن، ونوع المعدن الذي يلامس المادة الغذائية أثناء التداول أو التصنيع، ومدة ملامسة المادة الغذائية لهذه المعادن أو أسطحها، ودرجة الحرارة، ونوع المركب الذي يحتوي على المعدن، ومدى نقاوة الماء المستعمل وخلوه من الشوائب المعدنية. كما تتوقف شدة التسمم حسب نوع المعدة والجرعة المأخوذة، وفي الحالات الشديدة تنتج اعراض واضحة كتهيج أغشية المعدة والغثيان والمغص والقيء وفقر الدم أحيانا، وعادة تزول الأعراض بسرعة بعد القيء. ويختلف التسمم المعدني عن التسمم المكروبيولوجي في أنه لا يحتاج إلى فترة حضانة، وأهم المعادن التي تلوث المواد الغذائية وتعتبر سامة التأثير النحاس والرصاص والزنك والقصدير والزرنيخ والأنتيمون والكادميون والزئبق، وسيأتي الكلام عن التلوث بالزئبق تحت تلوث البحار.
أ- النحاس:
إن أملاح النحاس ذات تأثير قابض ومهيج للمعدة. ولم يحدد بعد مقدار النحاس الذي يعتبر ساما، أما تأثيره المهيج للمعدة فيحدث بفعل كمية تتراوح بين 80- 160 مليغراما. وهو يمتص في الدم، وتؤدي زيادة امتصاصه إلى انحلال كريات الدم. وقد كانت سلفات النحاس تستخدم في تثبيت اللون الأخضر للمواد الغذائية، إلا أن القوانين الغذائية قد حظرت استخدامها.
وقد أثبتت الكثير من التجارب التي أجريت على الحيوانات باستخدام كميات كبيرة من أملاح النحاس أثره السام وخطره على الصحة والحياة، إلا أن هذه الكميات لا يمكن من الناحية العملية أن توجد في غذاء الإنسان. وهو يمنع نمو الجراثيم، وربما أدى وجوده إلى إيقاف نشاط الجراثيم المعوية. ونظرا لأن معدن النحاس يذوب في الحموض العضوية التي تحتويها المواد الغذائية، ونظرا للتأثير الضار الذي تحدثه أملاح النحاس على الصفات المرغوبة للمواد الغذائية، وخصوصا التأثير المتلف لفيتامين C في المادة الغذائية، فقد أخذت مصانع الأغذية تستبدل الآلات والأوعية النحاسية وتستخدم معادن أخرى لا تتأثر بالمواد الغذائية ولا تحدث تلفا فيها، وكذلك روعي ضرورة إزالة بقايا مواد الرش أو التعفير العالقة بالمادة الغذائية. وأهم المواد التي يوجد فيها النحاس بمقادير عالية نسبيا الخضر والفاكهة الطازجة.
ب- الرصاص:
يعتبر الرصاص من أشد المعادن سمية إذا وجد في المادة الغذائية والتأثير السمي للرصاص ينتج عن التأثير التراكمي cumulative، لما يتجمع من الكميات التي يتكرر وصولها للجسم، والتي يعتبر كل منها لوحده ضئيل الأثر على الصحة ولم يعرف حتى الآن أنه عنصر ضروري في تركيب الخلية الحية.
ويصل الرصاص إلى المواد الغذائية إما عن طريق البقايا التي توجد في التربة أو عن طريق استعمال المعدن نفسه، أو السبائك التي تستخدم في صناعة الأواني والآلات التي تلامس الغذاء أثناء إنتاجه. فالأواني التي تطلى بالقصدير المحتوي على الرصاص، وكذلك الوصلات الملحومة، وأنابيب الرصاص، والأصبغة أو المواد المكسبة للمعة، قد تسبب كلها أو بعضها تلوثا للمادة الغذائية. وكذلك إذا استخدمت زرنيخات الرصاص في مقاومة الحشرات، فإن بقاياها تبقى على الخضر والفاكهة. وحدوث التسمم بوصول الرصاص إلى مجرى الدم يتميز بإحداث فقر الدم. وينقل الدم الرصاص إلى الأنسجة المختلفة في الجسم فيسبب تخربها. وقد يفرز البعض منه خارج الجسم أو يختزن في الهيكل العظمي. ومعظم حالات التسمم بالرصاص عن طريق الأغذية في السنين الأخيرة حدثت بسبب تلوث المياه والبيرة والمشروبات.
ج- الزنك:
هناك حالات من التسمم تحدث بسبب تلوث المادة الغذائية بنسب عالية من الزنك. والأعراض الشائعة تقتصر على القيء، ولكن لم تحدث حالات تسمم ي الإنسان تصل في شدتها إلى حد ظهور أعراض أخرى. وأملاح الزنك ذات تأثير مهيج للمعدة. وينتقل الزنك إلى المواد الغذائية عن طريق الأواني الحديدية المغلفنة وأجزاء الآلات.
د- القصدير:
يوجد القصدير بشكل بقايا في التربة، كما توجد آثار منه في أنسجة النبات والحيوان. ولم تعرف له وظيفية بيولوجية. ويعزي أكثر ما يوجد منه في الأغذية إلى ما يذوب منه من الطبقة المبطنة للصفيح عند استعماله في حفظ الأغذية. وعلى الرغم من أن القصدير يصنف ضمن المعادن ذت التأثير السام، إلا أنه من الصعب
التعرف على حالات يحدث فيها تسمم حاد أو متأصل ينسب للقصدير وحده عن طريق الأغذية المحفوظة في العلب غير المبطنة بمواد صمغية.
هـ- الزرنيخ:
هو معدن ذو أثر سمي شديد، وشكله السام هو ثالث أكسيد الزرنيخ أو أكسيد الزرنيخوز. وعلى الرغم من وجود الزرنيخ في الدم فلا يعرف له أثر في العمليات البيولوجية في الجسم. وأكثر كمية توجد منه في الجسم تكون في الشعر والأظافر، حيث يحتوي الشعر بين 0.3 و 0.7 جزء في المليون، والأظافر الداخل للجسم. وتستخدم هذه الظاهرة في تشخيص حالات التسمم بالزرنيخ. والزرنيخ الموجود طبيعيا في الجسم قد يكون مصدره الأسماك أو استنشاق التراب ودخان الفحم. والمقدار الأصغري من أكسيد الزرنيخوز اللازم لتسمم الإنسان يتراوح بين 0.8 و 2.4 مليغرام لكل كيلو غرام من وزن الجسم. وتستخدم زرنيخات الرصاص بكثرة في رش الفواكه لمقاومة الحشرات. ويبقى جزء من هذه المواد عالقة بأسطح الثمار، ولذلك كان لا بد من غسلها في تعفير الخضر. وتزيد نسبة الزرنيخ عادة في التربة حيث تستخدم الزرنيخات في الرش والتعفير، وبذلك قد تتلوث التربة ومواد غذائية أخرى فترفع نسبة الزرنيخ فيها.
و– الأنتيمون:
يصل الآنتيمون إلى الأغذية عن طريق: 1- الأوعية المطلية بالمينا، 2- اللحام الورق المفضض 3- حلقات وأنابيب المطاط، 4 مركبات الأنتيمون التي تستخدم كمبيدات للحشرات.
وأهمها هي الأوعية المطلية بالمينا، وتتوقف سمية مركبات الأنتيمون على قابليتها للذوبان وعلى حالتها من حيث التأكسد، أي تتوقف على ما إذا كانت ثلاثية أو رباعية التكافؤ. وثالث أكسيد الانتيمون الذي يستخدم في صناعة المنيا لا يمتص في القناة الهضمية لعدم قابليته للذوبان، وفي صناعة المينا يتحول ثالث وخامس أكسيد الأنتيمون إلى ميتا أنتيمونات الصوديوم. ولا يذوب الأنتيمون في حمضو الغذاء إلا إذا تعرت الطبقة اللامعة للمينا التي تحمي أكسيد الأنتيمونز ويستخدم.