الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشكلات الصحية المرتبطة بتغذية المسنين:
1-
عوز البروتين والطاقة:
يعاني الكثير من نزلاء المستشفيات من المرضى المسنين من عوز في البروتين وفي الطاقة، وعادة ما يكون نقص البروتين والطاقة ثانويا أو لا سريريا subclinical، ويظهر هذا النوع من النقص التغذوي بصورة جلية حين ظهور مرض آخر أو عند الإصابة بأحد الأمراض المزمنة، وفي هذه الحالة تظهر علامات الإجهاد stress ويعتري الكشف عن حالات نقص البروتين والطاقة عند المسنين بعض الصعوبات نسبة للتغييرات التي تحدث في الجسم مع تقدم العمر، والتي تؤثر على الاختبارات التي تجري لتقييم حالة الجسم التغذوية، مثل بعض قياسات الجسم البشري anthropometric measurements وأكثر الأعراض تمثلا لحالة نقص البروتين والطاقة عند المسنين، هي أعراض التشوش والتخليط confusion وتغييرات في الحالة الذهنية. لكن هذه الأعراض تظهر أيضا في بعض الأمراض مثل هبوط في القلب والأمراض الوعائية أو عدم انتظام بعض عمليات الاستقلاب، بل أن أعراض التشوش والتخليط هي أكثر ما يميز حالات تجفاف الجسم dehydration ويلاحظ أن المرضى المصابين بنقص البروتين والطاقة يتناولون كميات غير كافية من السوائل، ولكن يمكن تمييز حالات التخليط الناجمة عن جفاف الجسم بمراقبة التغييرات السريعة في وزن الجسم.
وللكشف عن حالات نقص البروتين والطاقة في المرضى المسنين يجب تشخيص أعراض نقص البروتين والطاقة سريريا مثل: سقوط الشعر، والتهاب الجلد القشاري flaky pain dermatitis، والتهاب اللسان glossitis، ونشاف الجلد وجحوظ العينين. كذلك فهنالك حالات مرضية تؤدي في أغلب الأحيان إلى الإصابة بنقص البروتين والطاقة مثل، الأمراض المزمنة أو المتكررة، وقصور النظر، وفقدان القدرة على الحركة، وإدمان الكحول، والمبالغة في استعمال الأدوية polypharmacy، والاكتئاب، والتخلف العقلي، والتخليط الذهني، وحالات الجراحة، وعند الإصابة بالأمراض الحادة acute illness episode. وينبغي في مثل هذه الحالات تقييم الحالة التغذوية للمسنين بعد الكشف عن الإصابة بنقص البروتين والطاقة عند المريض المسن.
2-
السمنة:
في المجتمعات التي درس فيها تفشي السمنة بين المسنين، أظهرت نتائج الدراسات أن السمنة تتفشى بين النساء المسنات بنسبة ضعفين إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالرجال المسنين "60 عاما وما فوق"، وأن تفشي السمنة بين من هم فوق الثمانين عاما أقل مما هو شائع بين المسنين في حقبة العمر بين 60- 80 عاما.
وتبين الدراسات أن معظم المسنين المصابين بالسمنة لا يتناولون كمية من الكالوري أكثر مما هو موصى بالنسبة لعمرهم، مما يدل على أن الإصابة بالسمنة عند المسنين تنتج في الغالب عن قلة الحركة التي تميز المسنين بعد سن التقاعد، والتي قد يكون سببها اجتماعي أو نفسي أو مرضى ويلازم مرض السمنة عند المسنين في كثير من الحالات الإصابة بمرض السكري والذي يعتقد أن من مسبباته الأساسية تلاشي حساسية الخلايا لهرمون الأنسولين. ومن المعروف أن مرض السكري عند المسنين المصابين بالسمنة هو من المخاطر التي قد تقود إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية cardiovascular diseases ويمكن تجنب السمنة أو زيادة نسبة الدهون في الجسم عند المسنين، وما قد ينتج عنها من أمراض مثل السكري وزيادة ضغط الدم hypertension وفرط شحميات الدم hyperlipidemia باتباع التمارين الرياضية المنتظمة وزيادة النشاط والحركة. فتقوية عضلات الجسم تزيد المقدرة على الحركة، مما يطيل في الحياة العملية المنتجة للمسنين.
3-
أمراض القلب والشرايين:
إن نسبة الإصابة بالأمراض المخية الوعائية cerebrovascular قليلة جدًّا لمن هم أقل من أربعين عاما، ويعتقد أن عامل الكبر من العوامل المؤدية إلى الإصابة بالسكتة الدماغية stroke. وليست التغييرات التي تصيب الأوعية الدموية في الكبر من الحدة لتسبب الإصابة بالأمراض المخية الوعائية. لكن هذه التغييرات تمثل حالة مساعدة للإصابة بهذه الأمراض، خصوصا عند الإصابة بأمراض ذات علاقة باستقلاب الدهون. وحديثا ثبت أيضا أن التدخين هو أيضا من العوامل المساعدة للإصابة بالأمراض المخية الوعائية.
إن علاقة الأنظمة الغذائية بالأمراض الوعائية، مثل ارتفاع ضغط الدم والتصلب العصيدي atherosclerosis علاقة مثبتة علميا. ويبدو لنا الآن أن زيادة تناول الصوديوم والدهون تسبب، بالإضافة إلى ترسب الدهون في الأوعية وتصلب الأوعية، تغييرات في تركيب غشاء خلايا الأوعية التي لوحظت عند المسنين. وبالإضافة إلى دور الصوديوم في تنظيم ضغط الدم، فإن تركيزالصوديوم يتحكم أيضا في تركيز الكالسيوم المؤين في خلايا الأوعية، وهذا الدور يبدو الأكثر احتمالا لما تسببه زيادة نسبة تركيز الصوديوم في تصلب الشرايين. لذلك فإن تقليل كمية
الصوديوم المتناول في الطعام يؤدي إلى حد من تصلب الشرايين arteriosclerosis.
إن تأثير زيادة نسبة الصوديوم إلى البوتاسيوم على ارتفاع ضغط الدم هو أعلى بمرتين أو ثلاث مرات عند المسنين مقارنة بغير المسنين.
وتدل الدراسات الحديثة التي تجري على خلايا القلب خارج الجسم in vitro أنه مع تقدم السن تزداد نسبة الكوليسترول بالنسبة إلى الشحوم الفوسفاتية في غشاء خلايا القلب المعزولة. وأن هذا التغيير مربوط بزيادة في مصل rigidity الخلايا وقد تفسر لنا هذه الدراسات علاقة زيادة تناول الدهون الحيوانية بنسبة الإصابة بأمراض القلب مع تقدم العمر. إن هذا التغيير في تركيب الأغشية وزيادة نسبة الكالسيوم المشرد داخل الخلايا. ومن الجدير بالذكر أن إضافة الحمض الدهني ايكوسابنتانويك eicosapentanoic يعكس هذه التغييرات التي تصيب غشاء خلايا القلب والأوعية. والمعروف أن هذا الحمض ومجموعته faty acids - 3- Omega" يوجد بكميات عالية في الأسماك والأطعمة البحرية، وأن زيادة تناول هذه الأغذية لدى شعوب منطقة البحر الأبيض المتوسط قد تفسر قلة إصابة المسنين في هذه المنطقة بأمراض القلب والشرايين مقارنة بشعوب أخرى عرف عن سكانها زيادة تناولهم للدهون الحيوانية الأخرى.
نخلص من هذا أن علاقة التغذية بالإصابة بأمراض القلب والشرايين تمر عبر ظهور حالات مرضية مثل زيادة ضغط الدم وزيادة نسبة الكوليسترول في الدم، وأن الرعاية التغذوية مع تجنب أسباب أخرى مثل التدخين مفيدة في تجنب مثل هذه الأمراض المرافقة لتقدم السن. لذا فإن مدى العمر يمكن إطالته بالتحكم في مثل هذه الأمراض عن طريق تحسين الأنظمة الغذائية وتجنب المخاطر الأخرى المؤدية إلى أمراض القلب والشرايين.
4-
المناعة الطبيعية وتقدم العمر:
بالرغم من انحسار الأمراض الوبائية من قائمة الأمراض الأساسية المسببة للموت في معظم أقطار العالم. لم تزل الأمراض الوبائية هي الأمراض الرئيسية المسببة للموت عند المسنين "40% من المسنين اليابانيين يموتون بسبب الإصابة بالأمراض الوبائية". والسبب الرئيسي لهذا هو قصور في فيزيولوجيا مناعة الجسم.
مرتبط بتقدم العمر، أي أن المناعة الطبيعية تقل مع تقدم العمر. وفي معظم هذه الحالات" أي حالات ضعف المناعة" يقل أيضا مفعول المضادات الحيوية التي تستعمل لعلاج الأمراض الوبائية.
إن القصور في النظام المناعي للجسم والمرتبط بتقدم العمر يعود إلى أسباب عدة منها قصورة غدة التوتة Thymus في إفراز الخلايا التائية T-cells المعنية بالمناعة، وعدم تجديد النقي الأحمر red marrow وانخفاض في تركيز مركبات المناعة في الدم، وانخفاض في إفراز الأضداد antibodies ويجب التنبيه هنا بأن النظام المناعي للجسم هو أيضا من الأجهزة المنظمة للجسم "مثل الجهاز العصبي والنظام الغدي" لذا فإن إدراكنا للعلاقة بين هذه الأنظمة قد يساعد كثيرا في فهمنا للتغيرات التي تحدث للنظام المناعي مع تقدم السن.
إن علاقة نقص المناعة بالحالة التغذوية موثقة علميا اعتمادا على كثير من الدلائل المستنبطة من الدراسات السريرية والوبائية. فالمعروف أن سوء التغذية عند الأطفال يسبب نقص المناعة ضد الأمراض الوبائية، كما أن حالات نقص المناعة معروفة لدى كثير من المرضى الذين يعانون من حالات رضوح trauma أو كسور حادة كل هذه الحالات في نقصان المناعة يمكن معالجتها بتحسين الحالة التغذوية وبتوفير الإمداد التغذوي اللازم للتخلص من أعراض سوء أو نقص التغذية.
وقد توفرت في الحقبة الأخيرة بعض الدراسات عن تصحيح نقص التغذية وأثر ذلك على الجهاز المناعي للجسم عند المسنين. فزيادة كمية الكالوري وإعطاء الكميات الكافية من الفيتامينات والعناصر المعدنية الرئيسية والثانوية ساعد في اكتساب الحالة التغذوية السليمة وتحسن في الجهاز المناعي لدى مجموعة من المسنين. كما أن هنالك بعض الدراسات التي تدل على أن تحسن أداء الجهاز المناعي قد يزداد بتوفير عنصر واحد من العناصر الغذائية. فإمداد المسنين بفيتامين c وفيتامين E أو عنصر الزنك قد يؤدي إلى تحسين واضح في أداء الجهاز المناعي للجسم وخفض نسبة الوفيات عند المسنين.
وخلاصة الأمر ان العلاقة بين أداء الجهاز المناعي وتدني الحالة التغذوية قد أثبتت علميا، وأن إمداد المسنين بالتغذية السليمة يساعد كثيرا في تحسين أداء الجهاز المناعي عند المسنين. هذه الإثباتات لها دلائل واضحة في الممارسة الطبية وتخطيط برامج الصحة العامة للمسنين.
5-
تأثر الجهاز الهيكلي عند المسنين:
يزداد حجم الكتلة الهيكلية بسرعة في السنة الأولى من العمر، وفي فترة النمو السريع في سنوات المراهقة. ويتساوى الجنسان في نمو الكتلة الهيكلية حتى سن المراهقة، وبعدها يزداد نمو الجهاز الهيكلي للذكور بشكل أكبر من نموه عند الإناث. ويستمر نمو العظام بعد المراهقة طوال الحقبة الثالثة من العمر، ويبدأ فقدان كتلة العظام في الحقبة الرابعة أو الخامسة من العمر. وعند النساء يزداد الفقد في كتلة العظام بعد توقف الحيض، ثم يقل فقدان الكتلة بعد ذلك تدريجيا. أما عند الرجال فيبدأ فقدان كتلة العظام بعد بلوغ ذروة حجم الكتلة العظمية PEEK BONE MASS تدريجيا، وتقل نسبة الفقدان عند الرجال مقارنة بالنساء على الأقل في الفترة التي تعقب انقطاع الحيض عند النساء.
إن ضمور الكتلة العظمية عند المسنين قد يكون بسبب عدم تكون الحجم الكافي للكتلة العظمية عند اكتمال نمو الجسم، أو لزيادة في فقدان مادة العظام بعد الوصول إلى قمة نمو الكتلة الهيكلية. فقد يختف أثر هذين العملين بين الأفراد، ولكن بالنسبة للمسنين بعد سن السبعين فإن تأثير هذين العاملين على فقدان الكتلة العظمية يصبح متساويا. وتكمن أهمية حجم الكتلة الهيكلية بالنسبة للممارسة الطبية السريرية في علاقة الأولى بازدياد نسبة الإصابة بالكسور والرضوح عند من يعانون من ضعف أو نقص في حجم الكتلة الهيكلية. ويرتبط فقدان كتلة العظام عند النساء بنقص إفراز الأستروجين بعد انقطاع الحيض، ونقص إفراز هرمون الأندروجين، ونقص امتصاص عنصر الكالسيوم مع تقدم السن. والمعلومات المتوفرة عن كتلة العظام عند الذكور أقل بكثير من المعلومات المتوفرة عنها عند الإناث. ويبدوأن من مسببات فقدان كتلة العظام عند الرجال العوامل المحيطية، مثل تناول الكحول والتبغ. والجدير بالذكر أن للعوامل الوراثية أثر مباشر لبلوغ قمة حجم الكتلة الهيكلية. ويرجع الاهتمام بدراسة الخواص والعوامل المؤثرة على الكتلة الهيكلية عند النساء أكثر من الذكور إلى تفشي مرض تخلخل العظام OSTEOPOROSIS عند النساء المسنات أكثر من أي مجموعةعمرية أخرى.
إن لزيادة نسبة تناول البروتينات والأغذية الغنية بعنصر الفوسفور أثر سلبي على حالة توازن عنصر الكالسيوم CALCIUM BALANCE في الجسم. وهنالك أثر موجب على توازن الكالسيوم عن طريق إمداد الجسم بالكمية الكافية من الكالسيوم.
في الغذاء. وينبغي التنويه هنا بأن محاولات زيادة إمداد الجسم بالكالسيوم وحده لم تسفر عن أي آثار إيجابية في معالجة النساء المسنات المصابات بمرض تخلخل العظام. فهناك أكثر من عامل تغذوي يؤثر على ثبات حجم الكتلة الهيكلية كما يبين الجدول التالي.
الجدول 2- العناصر الغذائية الهامة المؤثرة على حجم الكتلة الهيكلية
ويبدو أن عنصر الكالسيوم على مدى عمر الأنثى، يقل تناوله عن حاجة جسم الأنثى له. وتحتاج الأنثى لزيادة الكالسيوم إما بواسطة العناصر الغذائية الغنية بالكالسيوم أو عن طريق أقراص الكالسيوم. وتزداد أهمية زيادة تناول الكالسيوم بالنسبة للأنثى المسنة لنقص امتصاص الكالسيوم بعد سن انقطاع الحيض. وتشير كل الدراسات الحديثة إلى أن الحد الأدنى الموصى به لتناول الكالسيوم "500 مليغرام في اليوم حسب منظمة الصحة العالمية، و 800 مليغرام في اليوم حسب المجلس القومي الأميركي للبحوث" أقل مما تحتاج الأنثى بعد انقطاع الحيض كذلك تشير الدراسات إلى أن الزيادة تناول البروتين وعنصر الفوسفور تؤثر على توازن الكالسيوم في جسم الإناث المسنات، وتؤثر أيضا على حجم الكتلة الهيكلية، وأن اختلفت طبيعية تأثير زيادة تناول البروتين عن زيادة تناول الفوسفور. كذلك هنالك بعض الدراسات التي تشير إلى الأثر السلبي بزيادة تناول الصوديوم على استقلاب الكالسيوم في الجسم. وتدل هذه المعلومات إلى أنه ينبغي على الإناث البالغات زيادة تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم، وعدم تناول كميات كبيرة من البروتين والفوسفور والصوديوم. زيادة على ذلك فقد يكون من المفيد في السنوات اللاحقة من عمر الأنثى "بعد سن السبعين"، والتي يقل فيها تعرض المسنات لأشعة الشمس، تناول أقراص فيتامين D لتحسين امتصاص الكالسيوم واستعماله في الجسم وتجنب فقدان كميات مؤثرة من الكتلة العظيمة. أما في حالة الإصابة الجلية بمرض تخلخل العظام، فإن العلاج بواسطة هرمون الأستروجين هو الأكثر فعالية لمنع فقدان الكتلة العظيمة.