المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفرق بين قاعدة عدم علة الإذن أو التحريم وبين عدم علة غيرهما من العلل] - الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق - جـ ٢

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُطْلَبُ جَمْعُهُ وَافْتِرَاقُهُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُطْلَبُ افْتِرَاقُهُ دُونَ جَمْعِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ يَصِحُّ مَعَ التَّخْيِيرِ وَقَاعِدَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَصِحُّ مَعَ التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّخْيِيرِ الَّذِي يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّخْيِيرِ الَّذِي لَا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَجْنَاسِ الْمُتَبَايِنَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَأَحَدُهُمَا يُخْشَى مِنْ عِقَابِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَأَحَدُهُمَا يُخْشَى مِنْ عَاقِبَتِهِ لَا مِنْ عِقَابِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَعَمِّ الَّذِي لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ عَيْنًا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَعَمِّ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ عَيْنًا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ خِطَابِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَقَاعِدَةِ الْخِطَابِ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ إجْزَاءِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَنْ الْوَاجِبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَعَيُّنِ الْوَاجِبِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْحَالِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْمَآلِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مِلْكِ الْقَرِيبِ مِلْكًا مُحَقَّقًا يَقْتَضِي الْعِتْقَ عَلَى الْمَالِكِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مِلْكِ الْقَرِيبِ مِلْكًا مُقَدَّرًا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ رَفْعِ الْوَاقِعَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَقْدِيرِ ارْتِفَاعِهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَدَاخُلِ الْأَسْبَابِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَسَاقُطِهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَقَاصِدِ وَقَاعِدَةِ الْوَسَائِلِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ عِلَّةِ الْإِذْنِ أَوْ التَّحْرِيمِ وَبَيْنَ عَدَمِ عِلَّةِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْعِلَلِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ إثْبَاتِ النَّقِيضِ فِي الْمَفْهُومِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ إثْبَاتِ الضِّدِّ فِيهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَفْهُومَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَفْهُومِ إذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الْغَالِبِ]

- ‌[الْمُكَلَّفَ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ ثُمَّ عَاشَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَدَاءِ الَّذِي يَثْبُتُ مَعَهُ الْإِثْمُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَدَاءِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ مَعَهُ الْإِثْمُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ حَصْرِ الْمُبْتَدَأِ فِي خَبَرِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْبِيهِ فِي الدُّعَاءِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْبِيهِ فِي الْخَبَرِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا تَعَيَّنَ وَقْتُهُ فَيُوصَفُ فِيهِ بِالْأَدَاءِ وَبَعْدَهُ بِالْقَضَاءِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا تَعَيَنَ وَقْتُهُ وَلَا يُوصَفُ فِيهِ بِالْأَدَاءِ وَلَا بَعْدَهُ بِالْقَضَاءِ]

- ‌[الْعِبَادَاتُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا قِيلَ بِهِ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَاجِبِ الْكُلِّيِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْكُلِّيِّ الْوَاجِبِ فِيهِ وَبِهِ]

- ‌[الْقَاعِدَةُ الْأُولَى الْوَاجِبُ الْكُلِّيُّ هُوَ الْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْكُلِّيِّ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا]

- ‌[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ الْوَاجِبُ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ الْمُوَسَّعُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الشَّرَّ مِنْ الْعَبْدِ لَا مِنْ اللَّهِ]

- ‌[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ الْوَاجِبُ بِهِ وَهُوَ سَبَبٌ]

- ‌[الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ وَالْوَاجِبُ بِهِ وَهُوَ أَدَاةٌ يُفْعَلُ بِهَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْمُحْرِمَ إذَا مَاتَ]

- ‌[الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ الْوَاجِبُ عِنْدَهُ]

- ‌[الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ الْكُلِّيُّ الْمُشْتَرَكُ الْوَاجِبُ مِنْهُ]

- ‌[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ الْوَاجِبُ عَنْهُ وَهُوَ جِنْسُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ]

- ‌[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ الْوَاجِبُ مِثْلُهُ]

- ‌[الْقَاعِدَةُ الْعَاشِرَةُ الْوَاجِبُ إلَيْهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اقْتِضَاءِ النَّهْيِ الْفَسَادَ فِي نَفْسِ الْمَاهِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ اقْتِضَاءِ النَّهْيِ الْفَسَادَ فِي أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ حِكَايَةُ الْحَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ سَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال وَبَيْنَ قَاعِدَةِ حِكَايَةُ الْحَالِ إذَا تُرِكَ فِيهَا الِاسْتِفْصَالُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ بِثَلَاثٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ أَسْلَمَ عَلَى عَشْر نِسْوَة]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وُجُوبِ الْإِعْتَاقِ لَا إجْمَالَ فِيهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا سَوْدَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ لِلْمُفْطِرِ فِي رَمَضَان]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ شَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ الدَّلِيلِ يَكُونُ نَصًّا وَالِاحْتِمَالَاتُ مُسْتَوِيَةٌ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فِي غَيْرِ الْأَيْمَانِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ لَيْسَ بِإِثْبَاتٍ فِي الْأَيْمَانِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا إلَّا كَتَّانًا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَقَعَدَ عُرْيَانًا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ جَلَسَ رَجُلَانِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ يَلْعَبَانِ بِالشِّطْرَنْجِ فَتَعَارَضَا فِي الْكَلَامِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ وَاَللَّهِ لَأُعْطِيَنَّكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ دِرْهَمًا مِنْ دَيْنِك إلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَأَعْطَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ سَائِرِ الْأَيَّامِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُفْرَدُ الْمُعَرَّفُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُفِيدُ الْعُمُومَ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُعَرَّفُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فِي غَيْرِ الشُّرُوطِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ لَيْسَ بِإِثْبَاتٍ فِي الشُّرُوطِ خَاصَّةً]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ إنْ وَقَاعِدَةِ إذَا وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا لِلشَّرْطِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَسَائِلُ الْفُرُوعِيَّةُ يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهَا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَسَائِلُ الْأَوَانِي وَالنِّسْيَانِ وَالْكَعْبَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْكَعْبَةِ إذَا اخْتَلَفُوا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْأَوَانِي الَّتِي اخْتَلَطَ طَاهِرُهَا بِنَجَسِهَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ إنَاءٌ وَقَعَ فِيهِ رَوْثُ عُصْفُورٍ وَتَوَضَّأَ بِهِ مَالِكِيٌّ وَصَلَّى]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْخِلَافُ يَتَقَرَّرُ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَسَائِلُ الِاجْتِهَادِ يَبْطُلُ الْخِلَافُ فِيهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ النَّقْلِ وَقَاعِدَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْوَقْفُ هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ أَوْ لَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبِيدِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِزَالَةِ فِي النَّجَاسَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِحَالَةِ فِيهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الرُّخْصَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ إزَالَةِ الْوُضُوءِ لِلْجَنَابَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّوْمِ خَاصَّةً وَبَيْنَ قَاعِدَةِ إزَالَةِ الْحَدَثِ عَنْ الرَّجُلِ خَاصَّةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخُفِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ أَوْ يُكْرَهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ النَّجَاسَاتِ فِي الْبَاطِنِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ النَّجَاسَاتِ تُرَدُّ عَلَى بَاطِنِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَنْدُوبِ الَّذِي لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَاجِبِ وَقَاعِدَةِ الْمَنْدُوبِ الَّذِي يُقَدَّمُ عَلَى الْوَاجِبِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَكْثُرُ الثَّوَابُ فِيهِ وَالْعِقَابُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَقِلُّ الثَّوَابُ فِيهِ وَالْعِقَابُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَثْبُتُ فِيهَا]

- ‌[الْفَرَقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ وُجُودِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ وُجُودِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ مَعَ التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اسْتِلْزَامِ إيجَابِ الْمَجْمُوعِ لِوُجُوبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَسْبَابِ الصَّلَوَاتِ وَشُرُوطِهَا يَجِبُ الْفَحْصُ عَنْهَا وَتَفَقُّدُهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَفْضَلِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَزِيَّةِ وَالْخَاصِّيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِغْفَارِ مِنْ الذُّنُوبِ الْمُحَرَّمَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ النِّسْيَانِ فِي الْعِبَادَاتِ لَا يَقْدَحُ وَقَاعِدَةِ الْجَهْلِ يَقْدَحُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَكُونُ الْجَهْلُ عُذْرًا فِيهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَكُونُ الْجَهْلُ عُذْرًا فِيهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اسْتِقْبَالِ الْجِهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ اسْتِقْبَالِ السَّمْتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَنْ يَتَعَيَّنُ تَقْدِيمُهُ وَمَنْ يَتَعَيَّنُ تَأْخِيرُهُ فِي الْوِلَايَاتِ وَالْمَنَاصِبِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الشَّكِّ فِي طَرَيَان الْإِحْدَاثِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الشَّكِّ فِي طَرَيَان غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْبِقَاعِ جُعِلَتْ الْمَظَانُّ مِنْهَا مُعْتَبَرَةً فِي أَدَاءِ الْجُمُعَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَزْمَانِ لَمْ تُجْعَلْ الْمَظَانُّ مِنْهَا مُعْتَبَرَةً فِي رُؤْيَةِ الْأَهِلَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْبِقَاعِ الْمُعَظَّمَةِ مِنْ الْمَسَاجِدِ تُعَظَّمُ بِالصَّلَاةِ وَبَيْن قَاعِدَة الْأَزْمِنَةِ الْمُعَظَّمَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ النُّوَاحُ حَرَامٌ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَرَاثِي مُبَاحَةٌ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ فِعْلِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ لَا يُعَذَّبُ بِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّت يُعَذَّبُ بِهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ يَجُوزُ إثْبَاتُهَا بِالْحِسَابِ وَالْآلَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَهِلَّةُ فِي الرَّمَضَانَاتِ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا بِالْحِسَابِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الصَّلَوَاتُ فِي الدُّورِ الْمَغْصُوبَةِ تَنْعَقِدُ قُرْبَةً]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَنَّ الْفِعْلَ مَتَى دَارَ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ فُعِلَ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ يَوْمُ الشَّكِّ هَلْ هُوَ مِنْ رَمَضَانَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ صَوْمِهِ وَصَوْمِ خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ مِنْ شَوَّالٍ

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعُرُوضِ تُحْمَلُ عَلَى الْقِنْيَةِ حَتَّى يَنْوِيَ التِّجَارَةَ وَقَاعِدَةِ مَا كَانَ أَصْلُهُ مِنْهَا لِلتِّجَارَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعُمَّالِ فِي الْقِرَاضِ وَقَاعِدَةِ الشُّرَكَاءِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَرْبَاحِ تُضَمُّ إلَى أُصُولِهَا فِي الزَّكَاةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْفَوَائِدِ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا أَصْلٌ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَاجِبَاتِ وَالْحُقُوقِ الَّتِي تُقَدَّمُ عَلَى الْحَجِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُضْمَنُ وَمَا لَا يُضْمَنُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَدَاخُلِ الْجَوَابِرِ فِي الْحَجِّ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتَدَاخَلُ الْجَوَابِرُ فِيهِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْمَعْلُومَاتِ]

الفصل: ‌[الفرق بين قاعدة عدم علة الإذن أو التحريم وبين عدم علة غيرهما من العلل]

فَكَذَلِكَ التَّكْبِيرُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا بِالْمُقَارِنِ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ مِنْهُ لَا يَدْخُلُ بِهِ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ يُحْمَلُ السَّلَامُ عَلَى الْمُقَارِنِ لِآخِرِ الصَّلَاةِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قُرِنَ مَعَهُ وَلِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ لِلذِّهْنِ وَلَوْ كَانَ السَّلَامُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ يُحْوِجُ لِلتَّكْبِيرِ وَيُخْرِجُ مِنْ حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ لَبَطَلَ مَا مَضَى مِنْ الصَّلَاةِ وَابْتُدِئَتْ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَمْ يَقُلْ بِهِ مَالِكٌ فِي السَّهْوِ أَلْبَتَّةَ فَلَمَّا لَمْ تُعَدْ الصَّلَاةُ مِنْ أَوَّلِهَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا أَجِدُ مَشْهُورَ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي أَنَّ السَّلَامَ سَهْوًا مُحْوِجٌ لِلتَّكْبِيرِ إلَّا مُشْكِلًا وَالْمُتَّجَهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ عليه السلام ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ يَقْتَضِي حَصْرَ ذَكَاةِ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا يُحْوِجُ إلَى ذَكَاةٍ أُخْرَى وَمَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ تُغْنِي عَنْهَا ذَكَاةُ أُمِّهِ فَإِنْ قُلْت فَذَكَاةُ الْجَنِينِ هِيَ الذَّبْحُ الْخَاصُّ فِي حَلْقِهِ هَذَا هُوَ الْحَقِيقَةُ اللُّغَوِيَّةُ فَجَعَلَ هَذِهِ الذَّكَاةَ عَيْنَ ذَكَاةِ أُمِّهِ إنَّمَا يَصْدُقُ حِينَئِذٍ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ كَقَوْلِنَا أَبُو يُوسُفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَجَازِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّ هَذَا اللَّفْظَ بِوَضْعِهِ يَقْتَضِي أَنَّ عَيْنَ ذَكَاةِ الْجَنِينِ هِيَ عَيْنُ ذَكَاةِ أُمِّهِ؟

قُلْت: سُؤَالٌ حَسَنٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ يَحْتَاجُ إلَى جَوْدَةِ ذِهْنٍ وَفِكْرٍ فِي فَهْمِهِ بِسَبَبِ النَّظَرِ فِي قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ إضَافَةَ الْمَصَادِرِ مُخَالِفَةٌ لِإِسْنَادِ الْأَفْعَالِ فَالْإِضَافَةُ تَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً كَقَوْلِنَا صَوْمُ رَمَضَانَ وَحَجُّ الْبَيْتِ فَنُضِيفُ الصَّوْمَ لِرَمَضَانَ وَالْحَجَّ لِلْبَيْتِ فَتَكُونُ إضَافَةً حَقِيقَةً وَلَوْ أَسْنَدْنَا الْفِعْلَ فَقُلْنَا صَامَ رَمَضَانُ بِأَنْ يُجْعَلَ الشَّهْرُ هُوَ الْفَاعِلَ أَوْ الْبَيْتَ يَحُجُّ لَمْ يَصْدُقْ ذَلِكَ حَقِيقَةً وَيَنْفِرُ مِنْهُ سَمْعُ السَّامِعِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي هَاهُنَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ ذَكَّيْت الْجَنِينَ وَبَيْنَ ذَكَاةِ الْجَنِينِ فَذَكَّيْت الْجَنِينَ لَا يَصْدُقُ إلَّا إذَا قَطَعَ مِنْهُ مَوْضِعَ الذَّكَاةِ وَذَكَاةُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ يَقْتَضِي حَصْرَ ذَكَاةِ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا يَحُوجُ إلَى ذَكَاةٍ أُخْرَى وَمَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ تُغْنِي عَنْهَا ذَكَاةُ أُمِّهِ فَإِنْ قُلْتَ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ هُوَ الذَّبْحُ الْخَاصُّ فِي حَلْقِهِ هَذَا هُوَ الْحَقِيقَةُ اللُّغَوِيَّةُ قُلْتُ لَيْسَ الذَّكَاةُ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً بَلْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً شَرْعِيَّةً.

قَالَ (فَجَعَلَ هَذِهِ الذَّكَاةَ عَيْنَ ذَكَاةِ أُمِّهِ إنَّمَا يَصْدُقُ حِينَئِذٍ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ كَقَوْلِنَا أَبُو يُوسُف أَبُو حَنِيفَة وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَجَازِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي بِوَضْعِهِ أَنَّ عَيْنَ ذَكَاةِ الْجَنِينِ هُوَ عَيْنُ ذَكَاةِ أُمَّةِ) قُلْتُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ عَيْنَ ذَكَاةِ الْجَنِينِ هِيَ عَيْنُ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُقَالُ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ لَا غَيْرُ لِامْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَّحِدُ مُتَعَدِّدًا.

قَالَ (قُلْتُ سُؤَالٌ حَسَنٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ يَحْتَاجُ إلَى جَوْدَةِ ذِهْنٍ وَفِكْرٍ فِي فَهْمِهِ بِسَبَبِ النَّظَرِ فِي قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ إضَافَةَ الْمَصَادِرِ مُخَالِفَةٌ لِإِسْنَادِ الْأَفْعَالِ فَالْإِضَافَةُ تَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً كَقَوْلِنَا صَوْمُ رَمَضَانَ وَحَجُّ الْبَيْتِ إلَى مُنْتَهَى قَوْلِهِ وَاسْتَغْنَى الْجَنِينُ عَنْ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

بِأَفْسَقِ النَّاسِ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ وَإِذَا أَضَرَّ بِهِ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ جَازَ لَهُ الْجُلُوسُ وَيُقَارِضُ وَيُسَاقِي وَلَا يَمْنَعُهُ عِصْيَانُهُ مِنْ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الرُّخْصِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ هَذِهِ الرُّخَصِ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ وَإِنَّمَا الْمَعْصِيَةُ مُقَارِنَةٌ لِلسَّبَبِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْمَاءِ أَوْ الْعَجْزُ عَنْ الصَّوْمِ أَوْ عَنْ الْقِيَامِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَيْسَ هُوَ بِمَعْصِيَةٍ لَا أَنَّهَا هِيَ السَّبَبُ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ لَا يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ إذَا اضْطَرَّ إلَيْهَا وَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُبِيحَ لِلْعَاصِي جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُسَاوٍ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ضَرُورَةَ أَنَّ سَبَبَ أَكْلِهِ خَوْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا سَفَرِهِ الَّذِي هُوَ مَعْصِيَةٌ فَالْمَعْصِيَةُ مُقَارِنَةٌ لِسَبَبِ الرُّخْصَةِ لَا أَنَّهَا هِيَ السَّبَبُ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ عِلَّةِ الْإِذْنِ أَوْ التَّحْرِيمِ وَبَيْنَ عَدَمِ عِلَّةِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْعِلَلِ]

(الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ عِلَّةِ الْإِذْنِ أَوْ التَّحْرِيمِ وَبَيْنَ عَدَمِ عِلَّةِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْعِلَلِ)

وَذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى عَدِمَتْ عِلَّةُ الْإِذْنِ تَعَيَّنَ التَّحْرِيمُ وَمَتَى عَدِمَتْ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ تَعَيَّنَ الْإِذْنُ فَعَدَمُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْعِلَّتَيْنِ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ الْآخَرِ أَيْ عَدَمُ عِلَّةِ الْإِذْنِ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ وَعَدَمُ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ عِلَّةُ الْإِذْنِ.

وَأَمَّا عَدَمُ عِلَّةِ كُلٍّ مِنْ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ أَوْ الْكَرَاهَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنَّ غَيْرَ الْوَاجِبِ قَدْ يَكُونُ مُحَرَّمًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا وَغَيْرُ الْمَنْدُوبِ كَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا أَوْ مُحَرَّمًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ مَكْرُوهًا وَغَيْرُ الْمَكْرُوهِ كَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا أَوْ مُحَرَّمًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ مَنْدُوبًا وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِذِكْرِ أَرْبَعِ مَسَائِلَ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ تُوَضِّحُ اطِّرَادَ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ تُوَضِّحُ عَدَمَ اطِّرَادِ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ.

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) النَّجَاسَةُ تَرْجِعُ إلَى تَحْرِيمِ الْمُلَابَسَةِ فِي الصَّلَوَاتِ وَالْأَغْذِيَةِ لِلِاسْتِقْذَارِ أَوْ التَّوَسُّلِ لِلْإِبْعَادِ فَقُيِّدَ لِلِاسْتِقْذَارِ إلَخْ مُخْرِجٌ لِمَا تَحْرُمُ مُلَابَسَتُهُ فِي الْأَغْذِيَةِ لَا لِأَجْلِ ذَلِكَ بَلْ لِكَوْنِهِ مُضِرًّا كَالسَّمُومِ وَالْأَغْذِيَةِ وَالْأَشْرِبَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْأَسْقَامِ وَالْأَمْرَاضِ فَلَا تَكُونُ نَجِسَةً وَمُدْخِلٌ لِلْخَمْرِ وَنَحْوَهَا مِمَّا قُضِيَ بِتَنْجِيسِهِ لَا لِاسْتِقْذَارِهِ بَلْ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِتَنْجِيسِهِ يُفْضِي إلَى إبْعَادٍ وَإِبْعَادُهُ مَطْلُوبٌ شَرْعًا فَالْقَوْلُ بِتَنْجِيسِهِ يُفْضِي إلَى مَطْلُوبٍ شَرْعًا وَمَا يُفْضِي إلَى الْمَطْلُوبِ مَطْلُوبٌ فَتَنَجُّسُهُ مَطْلُوبٌ فَيَكُونُ نَجِسًا لِلتَّوَسُّلِ لِلْإِبْعَادِ لَا لِلِاسْتِقْذَارِ وَزِيَادَةٍ، وَالْأَغْذِيَةُ لَا لِلِاحْتِرَازِ بَلْ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ قَوْلُنَا تَحْرِيمَ الْمُلَابَسَةِ فِي الصَّلَوَاتِ كَافِيًا وَالطَّهَارَةُ تَرْجِعُ إلَى إبَاحَةِ الْمُلَابَسَةِ فِي الصَّلَوَاتِ لِعَدَمِ عِلَّةِ النَّجَاسَةِ

ص: 45

الْجَنِينِ تَصْدُقُ بِأَيْسَرِ مُلَابَسَةٍ، وَأَحَدُ طُرُقِ الْمُلَابَسَةِ أَنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ تُبِيحُهُ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ صَارَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَكَاةِ أُمِّهِ مُلَابَسَةٌ تَصْدُقُ أَنَّهَا ذَكَاتُهُ فَيَكُونُ عَلَى التَّقْدِيرِ ذَكَاةُ أُمِّهِ هِيَ عَيْنُ ذَكَاتِهِ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ النُّحَاةِ عَنْ الْعَرَبِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا يَكْفِي فِي الْإِضَافَةِ أَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَقَوْلِ أَحَدِ حَامِلِي الْخَشَبَةِ لِلْآخَرِ شِلْ طَرَفَك فَجَعَلَ طَرَفَ الْخَشَبَةِ طَرَفًا لَهُ بِسَبَبِ الْمُلَابَسَةِ وَأَنْشَدُوا:

إذَا كَوْكَبُ الْخَرْقَاءِ لَاحَ بِسُحْرَةٍ

فَأَضَافَ الْكَوْكَبَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ لِشُغْلِهَا عِنْدَ طُلُوعِهِ وَإِذَا اسْتَقْرَيْت ذَلِكَ وَجَدْته كَثِيرًا عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ فَصَحَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إضَافَةِ الذَّكَاةِ لِلْجَنِينِ وَأَنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي الْحَصْرَ وَاسْتَغْنَى الْجَنِينُ عَنْ الذَّكَاةِ بِسَبَبِ ذَكَاةِ أُمِّهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُرْوَى بِالرَّفْعِ فِي الذَّكَاةِ الثَّانِيَةِ وَبِالنَّصْبِ فَتَمَسَّكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِرَاوِيَةِ الرَّفْعِ عَلَى اسْتِغْنَاءِ الْجَنِينِ عَنْ الذَّكَاةِ وَتَمَسَّكَ الْحَنَفِيَّةُ بِرِوَايَةِ النَّصْبِ عَلَى احْتِيَاجِهِ لِلذَّكَاةِ وَأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ وَالتَّقْدِيرُ عِنْدَهُمْ ذَكَاةُ الْجَنِينِ أَنْ يُذَكَّى ذَكَاةً مِثْلَ ذَكَاةِ أُمِّهِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَأُعْرِبَ كَإِعْرَابِهِ وَهُوَ الْقَاعِدَةُ فِي حَذْفِ الْمُضَافِ.

وَالْجَوَابُ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ هَاهُنَا تَقْدِيرًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ دَاخِلَةٌ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ فَانْتَصَبَتْ الذَّكَاةُ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ كَقَوْلِك دَخَلْت الدَّارَ وَيَكُونُ الْمَحْذُوفُ أَقَلَّ مِمَّا قَدَّرَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَيَكُونُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ جَمْعٌ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ التَّعَارُضِ وَالتَّنَافِي بَيْنَهُمَا فَيُرَجَّحُ بِقِلَّةِ الْمَحْذُوفِ وَالْجَمْعِ لَا يَبْقَى لَهُمْ فِيهِ مُسْتَنَدٌ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

الذَّكَاةِ بِسَبَبِ ذَكَاةِ أُمِّهِ) قُلْتُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْإِضَافَةَ تَصِحُّ بِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَهِيَ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ صَحِيحٌ وَمَا قَالَهُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَالْإِسْنَادِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَادَ يَلْزَمُ فِيهِ مُرَاعَاةُ الْفَاعِلِ وَهَلْ هُوَ مِمَّا وَقَعَ فِي إسْنَادِ ذَلِكَ الْفِعْلِ إلَيْهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ حَقِيقَةً فِيهِ أَوْ لَا؟ فَيَكُونُ مَجَازًا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي الْحَصْرَ وَاسْتَغْنَى الْجَنِينُ عَنْ الذَّكَاةِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ.

قَالَ (وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُرْوَى بِالرَّفْعِ فِي الذَّكَاةِ الثَّانِيَةِ وَبِالنَّصْبِ فَتَمَسَّكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِرَاوِيَةِ الرَّفْعِ عَلَى اسْتِغْنَاءِ الْجَنِينِ عَنْ الذَّكَاةِ وَتَمَسَّكَ الْحَنَفِيَّةُ بِرِوَايَةِ النَّصْبِ عَلَى احْتِيَاجِهِ لِلذَّكَاةِ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ مَا قَالَهُ وَمِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ يُرَجَّحُ بِقِلَّةِ الْحَذْفِ مُسَلَّمٌ إلَّا أَنَّهُ يُرَجَّحُ أَيْضًا قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ تَقْدِيرَهُمْ مِنْ مُقْتَضَى مَسَاقِ الْكَلَامِ وَتَقْدِيرُ غَيْرِهِمْ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مِنْ مُقْتَضَى رَأْيِهِ وَمَذْهَبِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي مَسَاقِ الْكَلَامِ دَلِيلٌ عَلَى دُخُولِ ذَكَاةِ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ وَمَا قَالَهُ وَمِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ يُرَجَّحُ بِالْجَمْعِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَذُّرِ الْجَمْعِ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ الْجَمْعُ مُتَّجَهٌ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ مَعًا وَالشَّأْنُ إنَّمَا هُوَ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْجَمْعَيْنِ عَلَى الْآخِرِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَبَسْطُهُ يَطُولُ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الَّتِي هِيَ الِاسْتِقْذَارُ فَمَتَى كَانَتْ الْعَيْنُ لَيْسَتْ بِمُسْتَقْذَرَةٍ فَحُكْمُ اللَّهِ فِيهَا عَدَمُ النَّجَاسَةِ وَأَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً مَا لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةَ الْإِبْعَادِ كَالْخَمْرِ وَإِلَّا قَضَى بِتَنْجِيسِهَا مَعَ عَدَمِ الِاسْتِقْذَارِ لِقِيَامِ عِلَّةِ التَّوَسُّلِ إلَى الْإِبْعَادِ مَقَامَ الِاسْتِقْذَارِ فَظَهَرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ لَا يَخْرُجُ عَنْ أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الْخَمْسَةِ بَلْ النَّجَاسَةُ تَرْجِعُ لِلتَّحْرِيمِ وَالطَّهَارَةُ تَرْجِعُ لِلْإِبَاحَةِ وَأَنَّ عَدَمَ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ عِلَّةُ الطَّهَارَةِ وَأَنَّ عَدَمَ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ عِلَّةُ الْإِبَاحَةِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) عِلَّةُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ الْإِسْكَارُ فَمَتَى زَالَ الْإِسْكَارُ بِنَحْوِ تَخْلِيلِهِ أَوْ تَحْجِيرِهِ زَالَ التَّحْرِيمُ وَثَبَتَ الْإِذْنُ بِجَوَازِ أَكْلِهَا وَشُرْبِهَا وَعِلَّةُ إبَاحَةِ شُرْبِ الْعَصِيرِ مُسَالَمَتُهُ لِلْعَقْلِ وَسَلَامَتُهُ عَنْ الْمَفَاسِدِ فَعَدَمُ هَذِهِ الْمُسَالَمَةِ وَالسَّلَامَةِ عِلَّةٌ لِتَحْرِيمِ الْعَصِيرِ فَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ عَدَمَ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ عِلَّةُ الْإِذْنِ وَعَدَمُ عِلَّةِ الْإِذْنِ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) الْحَدَثُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْوُضُوءِ فَيُقَالُ أَحْدَثَ إذَا خَرَجَ مِنْهُ خَارِجٌ كَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَنْعِ الْمُرَتَّبِ عَلَى هَذَا السَّبَبِ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ بِفِعْلِهِ أَيْ يَنْوِي ارْتِفَاعَ الْمَنْعِ الْمُرَتَّبِ عَلَى ذَلِكَ السَّبَبِ الْمُتَقَدِّمِ لَا أَنَّهُ يَنْوِي ارْتِفَاعَ أَعْيَانِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ الْمُسْتَقْذَرَةِ بِوُضُوئِهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ وَاقِعَةً دَاخِلَةً فِي الْوُجُودِ وَالْوَاقِعَاتُ يَسْتَحِيلُ رَفْعُهَا وَالْمَنْعُ وَإِنْ كَانَ أَيْضًا وَقَعَ وَصَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْوَاقِعَاتِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِرَفْعِهِ مَنْعُ اسْتِمْرَارِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ إنَّمَا يَمْنَعُ اسْتِمْرَارَ مَنْعِ الْوَطْءِ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ لَا نَفْسَ الْوَطْءِ وَلَا مَنْعَهُ فَالْحَدَثُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَنْعِ الْمُسْتَمِرِّ مِنْ مُلَابَسَةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَهُوَ أَيْضًا يَرْجِعُ إلَى تَحْرِيمِ الْمُلَابَسَةِ الْمَذْكُورَةِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ فَيُبَاحَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعِبَادَةِ.

فَالْإِبَاحَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُضَافَةٌ إلَى عَدَمِ سَبَبٍ يَقْتَضِي وُجُوبَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي الطَّهَارَةِ فَالسَّبَبُ الَّذِي هُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ وَالِاعْتِيَادِ مَثَلًا هُوَ عِلَّةُ الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ التَّحْرِيمُ وَعَدَمُهُ عِلَّةُ الْإِبَاحَةِ بَعْدَ التَّطَهُّرِ، وَاسْتِعْمَالُ الْمَاءِ سَبَبُ ارْتِفَاعِ ذَلِكَ التَّحْرِيمِ وَالْمَنْعِ وَحُصُولِ هَذِهِ الْإِبَاحَةِ فَحَصَلَ فِي هَذَا الْمِثَالِ أَيْضًا أَنَّ عِلَّةَ الْإِبَاحَةِ عَدَمُ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ وَعَدَمُ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ نَعَمْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْوُضُوءَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْإِبَاحَةِ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا اُشْتُرِطَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَتَقُولُ إنَّ الطَّهَارَةَ سَبَبٌ لِلْإِبَاحَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ حَتَّى

ص: 46

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ يَقْتَضِي حَصْرَ الشُّفْعَةِ الَّذِي هُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ وَلَمْ يُقْسَمْ بَعْدُ وَالْخَبَرُ هَاهُنَا لَيْسَ مَعْرِفَةً بَلْ مَجْرُورًا وَتَقْدِيرُ الْخَبَرِ الشُّفْعَةُ مُسْتَحَقَّةٌ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» يَقْتَضِي حَصْرَ الْأَعْمَالِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّيَّاتِ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ الْأَعْمَالُ مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّيَّاتِ فَالْعَمَلُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لَا يُعْتَبَرُ شَرْعًا كَمَا أَنَّ طَلَبَ الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ لَا يُعْتَبَرُ شَرْعًا.

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] تَقْدِيرُهُ زَمَانُ الْحَجِّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَيَكُونُ وَقْتُ الْحَجِّ مَحْصُورًا فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ وَهِيَ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَهُوَ الْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ وَهَلْ هَذَا الْحَصْرُ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَلَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ قَبْلَهُ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْفَضِيلَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فَيُكْرَهُ الْإِحْرَامُ قَبْلَهُ فَإِنْ وَقَعَ صَحَّ قَوْلَانِ.

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ إذَا قُلْت صَدِيقِي زَيْدٌ أَوْ زَيْدٌ صَدِيقِي اخْتَلَفَ الْحُكْمُ فِي زَيْدٍ فَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي حَصْرَ أَصْدِقَائِك فِي زَيْدٍ فَلَا تُصَادِقُ أَنْتَ غَيْرَهُ وَهُوَ يَجُوزُ أَنْ يُصَادِقَ غَيْرَك وَالثَّانِي يَقْتَضِي حَصْرَهُ فِي صَدَاقَتِك فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَادِقَ غَيْرَك وَأَنْتَ يَجُوزُ أَنْ تُصَادِقَ غَيْرَهُ عَلَى عَكْسِ الْأَوَّلِ.

(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي كِتَابِ الْإِعْجَازِ لَهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ قَدْ تَرِدُ لِحَصْرِ الثَّانِي فِي الْأَوَّلِ كَقَوْلِك زَيْدٌ الْقَائِمُ أَيْ لَا قَائِمَ إلَّا زَيْدٌ فَيُحْصَرُ وَصْفُ الْقِيَامِ وَكَذَلِكَ إذَا قُلْت: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الْخَلِيفَةُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ الْخِلَافَةُ بَعْدَهُ عليه السلام مُنْحَصِرَةٌ فِي أَبِي بَكْرٍ وَمِنْهُ زَيْدٌ النَّاقِلُ لِهَذَا الْخَبَرِ وَالْمُتَسَبِّبُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَالثَّانِي أَبَدًا مُنْحَصِرٌ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِ قَاعِدَةِ الْحَصْرِ أَبَدًا الْأَوَّلُ مُنْحَصِرٌ فِي الثَّانِي.

(الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) إذَا قُلْتَ السَّفَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فُهِمَ مِنْهُ الْحَصْرُ فِي هَذَا الظَّرْفِ وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ وَكَذَلِكَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْخَبَرِ فَقَدْ اتَّضَحَ لَكَ الْحَصْرُ لِلْمُبْتَدَأِ فِي خَبَرِهِ مَعَ التَّعْرِيفِ وَالظَّرْفِ وَالْمَجْرُورِ بِخِلَافِ قَوْلِنَا زَيْدٌ قَائِمٌ وَعَمْرٌو خَارِجٌ.

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُ عليه السلام الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ يَقْتَضِي حَصْرَ الشُّفْعَةِ فِي الَّذِي هُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ وَلَمْ يُقْسَمْ بَعْدُ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ قُلْتُ مَا قَالَهُ دَعْوَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ.

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] إلَى آخِرِهَا قُلْتُ وَمَا قَالَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دَعْوَى أَيْضًا.

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ إذَا قُلْتُ: صَدِيقِي زَيْدٌ وَزَيْدٌ صَدِيقِي إلَى آخِرِهَا قُلْتُ: قَوْلُ الْغَزَالِيِّ دَعْوَى أَيْضًا.

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ، قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي كِتَابِ الْإِعْجَازِ لَهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ قَدْ تَرُدُّ الْحَصْرَ الثَّانِيَ فِي الْأَوَّلِ كَقَوْلِك زَيْدٌ الْقَائِمُ إلَى آخِرِهَا) قُلْتُ وَقَوْلُ الْفَخْرِ دَعْوَى أَيْضًا.

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) إذَا قُلْتُ: السَّفَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فُهِمَ مِنْهُ الْحَصْرُ فِي هَذَا الظَّرْفِ إلَى آخِرِهَا قُلْتُ مَا قَالَهُ لَهُ هُنَا أَيْضًا دَعْوَى لَمْ يَأْتِ عَلَيْهَا بِحُجَّةٍ.

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

يَطْرَأَ الْحَدَثُ وَالْحَدَثُ بِمَعْنَى الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْوُضُوءِ سَبَبُ الْمَنْعِ الْمُسْتَمِرِّ حَتَّى تَطْرَأَ الطَّهَارَةُ وَيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ فَيَكُونَ عَدَمُ الطَّهَارَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِسَبَبِ الْمَنْعِ وَعَدَمُ الْحَدَثِ بِالْكُلِّيَّةِ سَبَبُ الْإِبَاحَةِ فَإِذَا فُرِضَ وُقُوعُ عَدَمِ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الْإِنْسَانِ أَلْبَتَّةَ فَلَا مَانِعَ لَا بِنَصٍّ وَلَا بِإِجْمَاعٍ وَلَا بِقِيَاسٍ مِنْ الْتِزَامِنَا الْإِبَاحَةَ فِي حَقِّهِ.

قُلْت: وَمِمَّا يُقَرِّبُ هَذَا الْفَرْضَ مَا حَكَاهُ السُّبْكِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ مِنْ حَدِيثِ رَحْمَةَ بِنْتِ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيِّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الطَّهْمَانِيِّ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ وَرَدَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ مَدِينَةً مِنْ مَدَائِنِ خُوَارِزْمَ تُدْعَى هِزَارَنِيفْ وَهِيَ فِي غَرْبِيِّ وَادِي جَيْحُونٍ وَمِنْهَا إلَى الْمَدِينَةِ الْعُظْمَى مَسَافَةُ نِصْفِ يَوْمٍ قَالَ وَأُخْبِرْت أَنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ الشُّهَدَاءِ رَأَتْ رُؤْيَا كَأَنَّهَا أُطْعِمَتْ فِي مَنَامِهَا شَيْئًا فَهِيَ لَا تَأْكُلُ شَيْئًا وَلَا تَشْرَبُ مُنْذُ عَهْدِ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ طَاهِرٍ وَالِي خُرَاسَانَ وَكَانَ تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ بِثَمَانِ سِنِينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

ثُمَّ مَرَرْت بِتِلْكَ الْمَدِينَةِ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ فَرَأَيْتهَا وَحَدَّثَتْنِي بِحَدِيثِهَا فَلَمْ أَسْتَقْصِ عَلَيْهَا لِحَدَاثَةِ سِنِّي ثُمَّ إنِّي عُدْت إلَى خُوَارِزْمَ فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ فَرَأَيْتهَا بَاقِيَةً وَوَجَدْت حَدِيثَهَا شَائِعًا مُسْتَفِيضًا وَهَذِهِ الْمَدِينَةُ عَلَى مُدْرَجَةِ الْقَوَافِلِ وَكَانَ الْكَثِيرُ مِمَّنْ يَنْزِلُهَا إذَا بَلَغَهُمْ قِصَّتَهَا أَحَبُّوا أَنْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا فَلَا يَسْأَلُونَ عَنْهَا رَجُلًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا غُلَامًا إلَّا عَرَفَهَا وَدَلَّ عَلَيْهَا فَلَمَّا وَافَيْت النَّاحِيَةَ طَلَبْتهَا فَوَجَدْتهَا غَائِبَةً عَلَى عِدَّةِ فَرَاسِخَ فَمَضَيْت فِي أَثَرِهَا مِنْ قَرْيَةٍ إلَى أُخْرَى فَأَدْرَكْتهَا بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ تَمْشِي مِشْيَةً قَوِيَّةً وَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ نِصْفُ جَيِّدَةِ الْقَامَةِ ظَاهِرَةُ الدَّمِ مُتَوَرِّدَةُ الْخَدَّيْنِ زَكِيَّةُ الْفُؤَادِ فَسَايَرَتْنِي وَأَنَا رَاكِبٌ فَعَرَضْت عَلَيْهَا مَرْكَبًا فَلَمْ تَرْكَبْهُ وَأَقْبَلَتْ تَمْشِي مَعِي بِقُوَّةٍ وَحَضَرَ مَجْلِسِي قَوْمٌ مِنْ التُّجَّارِ وَالدَّهَاقِينِ وَفِيهِمْ فَقِيهٌ يُسَمَّى مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ الْحَارِثِيُّ وَقَدْ كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْبَزَّارُ بِمَكَّةَ، وَكَهْلٌ لَهُ عِبَارَةٌ وَرِوَايَةٌ لِلْحَدِيثِ، وَشَابٌّ حَسَنٌ يُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ يُحَلِّقُ أَصْحَابُ الْمَظَالِمِ بِنَاحِيَتِهِ فَسَأَلْتهمْ عَنْهَا فَأَحْسَنُوا الثَّنَاءَ عَلَيْهَا وَقَالُوا عَنْهَا خَيْرًا وَقَالُوا إنَّ أَمْرَهَا ظَاهِرٌ عِنْدَنَا فَلَيْسَ فِينَا مَنْ يَخْتَلِفُ فِيهَا قَالَ الْمُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَا أَسْمَعُ حَدِيثَهَا مُنْذُ أَيَّامِ الْحَدَاثَةِ وَنَشَأْت وَالنَّاسُ يَتَفَاوَضُونَ فِي خَبَرِهَا وَقَدْ فَرَّغْت بَالِي لَهَا وَشَغَلْت

ص: 47

(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْبِيهِ فِي الدُّعَاءِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْبِيهِ فِي الْخَبَرِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْخَبَرِ يَصِحُّ فِي الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالْمُسْتَقْبَلِ فَتُشَبِّهُ مَا وَقَعَ لَكَ أَمْسِ بِمَا وَقَعَ أَمْسِ لِشَخْصٍ آخَرَ وَتُشَبِّهُ مَا وَقَعَ لَكَ الْيَوْمَ بِمَا وَقَعَ لِغَيْرِكَ الْيَوْمَ وَتُشَبِّهُ مَا يَقَعُ لَكَ غَدًا بِمَا يَقَعُ لِغَيْرِك غَدًا وَكُلُّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ وَلَا يَقَعُ التَّشْبِيهُ فِي الدُّعَاءِ إلَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ خَاصَّةً بِسَبَبِ أَنَّ عَشَرَةَ أَلْفَاظٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِمُسْتَقْبَلٍ وَهِيَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالدُّعَاءُ وَالشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالتَّرَجِّي وَالتَّمَنِّي وَالْإِبَاحَةُ فَلَا يُؤْمَرُ إلَّا بِمَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلٍ وَلَا يُنْهَى إلَّا عَنْ مَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلٍ وَلَا يُدْعَى إلَّا بِمَعْدُومٍ مُسْتَقْبِلٍ وَكَذَلِكَ الْبَوَاقِي وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا الْمَعْدُومَ الْمُسْتَقْبَلَ فَمَتَى وَقَعَ التَّشْبِيهُ فِي بَابٍ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ بَيْنَ لَفْظَيْنِ دُعَاءٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ أَوْ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ مَعَهَا إنَّمَا يَقَعُ فِي أَمْرَيْنِ مُسْتَقْبَلَيْنِ مَعْدُومَيْنِ لَمْ يُوجَدَا بَعْدُ.

وَبِاعْتِبَارِ الْفَرْقِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ ظَهَرَتْ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ ذَلِكَ أَنَّ الشَّيْخَ عِزَّ الدِّينِ بْنَ عَبْدِ السَّلَامِ كَانَ يُورِدُ سُؤَالًا فِي قَوْلِهِ عليه السلام «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» فَيَقُولُ كَيْفَ وَقَعَ التَّشْبِيهُ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ عليه السلام مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ إعْطَاؤُهُ وَإِحْسَانُهُ وَعَطِيَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ أَعْظَمَ مِنْ عَطِيَّةِ اللَّهِ لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَالتَّشْبِيهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ أَدْنَى رُتْبَةً مِنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ أَوْ مُسَاوِيًا فَكَيْفَ وَقَعَ هَذَا التَّشْبِيهُ وَكَانَ يُجِيبُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِأَنَّ آلَ إبْرَاهِيمَ عليه السلام أَنْبِيَاءُ وَآلُ النَّبِيِّ عليه السلام لَيْسُوا أَنْبِيَاءَ وَالتَّشْبِيهُ إنَّمَا وَقَعَ بَيْنَ الْمَجْمُوعِ الْحَاصِلِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْبِيهِ فِي الدُّعَاءِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْبِيهِ فِي الْخَبَرِ إلَى قَوْلِهِ إنَّمَا يَقَعُ فِي أَمْرَيْنِ مُسْتَقْبَلَيْنِ مَعْدُومَيْنِ لَمْ يُوجَدَا بَعْدُ) قُلْتُ مَا قَالَهُ وَأَطْلَقَ قَوْلَهُ فِيهِ مِنْ أَنَّ التَّشْبِيهَ لَا يَقَعُ فِي الدُّعَاءِ إلَّا بِالْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ عَشَرَةَ أَلْفَاظٍ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُسْتَقْبَلِ صَحِيحٌ إلَّا فِي الشَّرْطِ خَاصَّةً وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ السَّبَبَ فِي التَّشْبِيهِ فِي الدُّعَاءِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمُسْتَقْبَلِ كَوْنُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُسْتَقْبِلِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ كَوْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُسْتَقْبَلِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَشْبِيهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بِغَيْرِ الْمُسْتَقْبِلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ تَشْبِيهَ دُعَاءٍ بِدُعَاءٍ وَأَمْرٍ بِأَمْرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ.

قَالَ (وَبِاعْتِبَارِ الْفَرْقِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ ظَهَرَتْ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ وَذَكَرَ مَا كَانَ يُورِدُهُ عِزُّ الدِّينِ عَلَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» إلَى قَوْلِهِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

نَفْسِي بِالِاسْتِقْصَاءِ عَلَيْهَا فَلَمْ أَرَ إلَّا سَتْرًا وعَفَافًا وَلَمْ أَعْثُرْ مِنْهَا عَلَى كَذِبٍ فِي دَعْوَاهَا وَلَا حِيلَةٍ فِي التَّلْبِيسِ، وَذَكَرَ أَنَّ مَنْ كَانَ يَلِي خُوَارِزْمَ مِنْ الْعُمَّالِ كَانُوا فِيمَا خَلَا يَشْخَصُونَهَا وَيَحْضُرُونَهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَالْأَكْثَرَ فِي بَيْتٍ يُغْلِقُونَهُ عَلَيْهَا وَيُوَكِّلُونَ عَلَيْهَا مَنْ يُرَاعِيهَا فَلَا يَرَوْنَهَا تَأْكُلُ وَلَا تَشْرَبُ وَلَا يَجِدُونَ لَهَا أَثَرَ بَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ فَيَبَرُّونَهَا وَيَكْسُونَهَا وَيُخَلُّونَ سَبِيلَهَا، فَلَمَّا تَوَاطَأَ أَهْلُ النَّاحِيَةِ عَلَى تَصْدِيقِهَا قَصَصْتهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَسَأَلْتُهَا عَنْ اسْمِهَا وَشَأْنِهَا كُلِّهِ فَذَكَرَتْ أَنَّ اسْمَهَا رَحْمَةُ بِنْتُ إبْرَاهِيمَ وَأَنَّهُ كَانَ لَهَا زَوْجٌ نَجَّارٌ فَقِيرٌ مَعِيشَتُهُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ يَأْتِيهِ رِزْقُهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا فَضْلَ فِي كَسْبِهِ عَنْ قُوتِ أَهْلِهِ وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ عِدَّةَ أَوْلَادٍ وَجَاءَ الْأَقْطَعُ مَلِكُ التُّرْكِ إلَى الْقَرْيَةِ وَكَانَ كَافِرًا عَاتِيًا كَثِيرَ الْعَدَاوَةِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي زُهَاءِ ثَلَاثَةِ آلَافِ فَارِسٍ وَعَاثَ وَأَفْسَدَ وَقَتَلَ وَمَثَّلَ وَعَجَزَتْ عَنْهُ خُيُولُ خُوَارِزْمَ، فَلَمَّا بَلَغَ خَبَرُهُ أَبَا الْعَبَّاسِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاهِرٍ أَنْهَضَ إلَيْهِمْ أَرْبَعَةً مِنْ الْقُوَّادِ وَشَحَنَ الْبَلَدَ بِالْعَسَاكِرِ وَالْأَسْلِحَةِ وَرَتَّبَهُمْ فِي أَرْبَاعِ الْبَلَدِ كُلٌّ فِي رُبْعٍ فَحَمَوْا الْحَرِيمَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى.

ثُمَّ إنَّ وَادِيَ جَيْحُونٍ وَهُوَ الَّذِي فِي أَعْلَى نَهْرِ بَلْخٍ جَمَدَ لَمَّا اشْتَدَّ الْبَرْدُ قَالَتْ الْمَرْأَةُ فَعَبَرَ الْكَافِرُ فِي خَيْلِهِ إلَى بَابِ الْحِصْنِ وَقَدْ تَحَصَّنَ النَّاسُ وَضَمُّوا أَمْتِعَتَهُمْ فَحَضَرَ أَهْلُ النَّاحِيَةِ وَأَرَادُوا الْخُرُوجَ فَمَنَعَهُمْ الْعَامِلُ عَنْ الْخُرُوجِ إلَّا فِي عَسَاكِرِ السُّلْطَانِ فَشَدَّ طَائِفَةٌ مِنْ شُبَّانِ النَّاسِ وَأَحْدَاثِهِمْ فَتَقَارَبُوا مِنْ السُّورِ بِمَا أَطَاقُوا حَمْلَهُ مِنْ السِّلَاحِ وَحَمَلُوا عَلَى الْكَفَرَةِ فَتَهَارَجَ الْكَفَرَةُ وَاسْتَحَرُّوهُمْ مِنْ بَيْنِ الْأَبْنِيَةِ وَالْحِيطَانِ فَلَمَّا أَصْحَرُوا أَكْثَرَ التُّرْكُ عَلَيْهِمْ وَانْقَطَعَ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْحِصْنِ وَبَعُدَتْ الْمُؤْنَةُ عَنْهُمْ فَحَارَبُوا كَأَشَدِّ حَرْبٍ وَثَبَتُوا حَتَّى تَقَطَّعَتْ الْأَوْتَارُ وَالْقِسِيُّ وَأَدْرَكَهُمْ التَّعَبُ وَمَسَّهُمْ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَقُتِلَ عَامَّتُهُمْ وَأُثْخِنَ الْبَاقُونَ بِالْجِرَاحَاتِ، وَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِمْ اللَّيْلُ تَحَاجَزَ الْفَرِيقَانِ قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَرُفِعَتْ النَّارُ عَلَى الْمَنَاظِرِ سَاعَةَ عُبُورِ الْكَافِرِ فَاتَّصَلَتْ بالجرجانية وَهِيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ فِي قَاصِيَةِ خُوَارِزْمَ وَكَانَ مِيكَالُ مَوْلَى طَاهِرٍ مُرَابِطًا بِهَا فِي عَسْكَرٍ فَخَفَّ فِي الطَّلَبِ وَرَكَضَ إلَى هِزَارَنِيفْ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَرْبَعِينَ فَرْسَخًا بِفَرَاسِخِ خُوَارِزْمَ وَفِيهَا فَضْلٌ كَثِيرٌ عَلَى فَرَاسِخِ خُرَاسَانَ وَعَنَّ لِلتُّرْكِ الْفَرَاغُ مِنْ أَمْرِ أُولَئِكَ النَّفَرِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إذْ ارْتَفَعَتْ

ص: 48

لِلنَّبِيِّ عليه السلام وَآلِهِ وَالْمَجْمُوعِ الْحَاصِلِ لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَآلِهِ فَيَحْصُلُ؛ لِآلِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام مِنْ تِلْكَ الْعَطِيَّةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَحْصُلُ لِآلِ النَّبِيِّ عليه السلام مِنْ هَذِهِ الْعَطِيَّةِ فَيَكُونُ الْفَاضِلُ لِلنَّبِيِّ عليه السلام بَعْدَ أَخْذِ آلِهِ مِنْ هَذِهِ الْعَطِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ الْفَاضِلِ لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام مِنْ تِلْكَ الْعَطِيَّةِ وَإِذَا كَانَتْ عَطِيَّةُ النَّبِيِّ عليه السلام أَعْظَمَ كَانَ أَفْضَلَ فَانْدَفَعَ السُّؤَالُ فَجَعَلَ التَّشْبِيهَ فِي الدُّعَاءِ كَالتَّشْبِيهِ فِي الْخَبَرِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا وَقَعَ التَّشْبِيهُ بَيْنَ عَطِيَّةٍ تَحْصُلُ لِلنَّبِيِّ عليه السلام لَمْ تَكُنْ حَصَلَتْ لَهُ قَبْلَ الدُّعَاءِ فَإِنَّ الدُّعَاءَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْدُومِ الْمُسْتَقْبَلِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الَّذِي حَصَلَ لِلنَّبِيِّ عليه السلام قَبْلَ الدُّعَاءِ لَمْ يَدْخُلْ فِي التَّشْبِيهِ وَهُوَ الَّذِي فُضِّلَ بِهِ إبْرَاهِيمُ عليه السلام فَهُمَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا كَرَجُلَيْنِ أُعْطِيَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَلِلْآخَرِ أَلْفَانِ ثُمَّ طُلِبَ لِصَاحِبِ الْأَلْفَيْنِ مِثْلُ مَا أُعْطِيَ لِصَاحِبِ الْأَلْفِ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَالْآخَرُ أَلْفٌ فَقَطْ فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ فِي دُعَاءٍ لَا فِي خَبَرٍ نَعَمْ لَوْ قِيلَ إنَّ الْعَطِيَّةَ الَّتِي حَصَلَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ الْعَطِيَّةِ الَّتِي حَصَلَتْ لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَزِمَ الْإِشْكَالُ لِكَوْنِ التَّشْبِيهِ وَقَعَ فِي الْخَبَرِ لَكِنْ التَّشْبِيهُ مَا وَقَعَ إلَّا فِي الدُّعَاءِ فَتَأَمَّلْ الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَاضْبِطْ الْقَاعِدَةَ وَالْفَرْقُ يَنْدَفِعُ لَك بِهِمَا أَسْئِلَةٌ كَثِيرَةٌ وَإِشْكَالَاتٌ عَظِيمَةٌ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

فَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ) قُلْتُ قَدْ سَبَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَوَقَعَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا.

قَالَ (فَجَعَلَ التَّشْبِيهَ فِي الدُّعَاءِ كَالتَّشْبِيهِ فِي الْخَبَرِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا وَقَعَ التَّشْبِيهُ بَيْنَ عَطِيَّةٍ تَحْصُلُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ تَكُنْ حَصَلَتْ لَهُ قَبْلَ الدُّعَاءِ فَإِنَّ الدُّعَاءَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْدُومِ الْمُسْتَقْبَلِ إلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ فِي دُعَاءٍ لَا فِي خَبَرٍ) قُلْتُ مَا قَالَهُ هُنَا صَحِيحٌ لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّعَاءِ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ بِهِ عَطَاءً مُسَاوِيًا لِعَطَاءِ الْمُشَبَّهِ بِهِ زَائِدًا عَلَى مَا ثَبَتَ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ مِنْ الْعَطَاءِ قَبْلَ الدُّعَاءِ وَعَلَى ذَلِكَ لَا يَرِدُ السُّؤَالُ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا قَالَ (قَالَ: نَعَمْ لَوْ قِيلَ إنَّ الْعَطِيَّةَ الَّتِي حَصَلَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ الْعَطِيَّةِ الَّتِي حَصَلَتْ لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَزِمَ الْإِشْكَالُ لِكَوْنِ التَّشْبِيهِ وَقَعَ فِي الْخَبَرِ إلَى آخَرِ كَلَامِهِ فِي هَذَا الْفَرْقِ) .

قُلْتُ: قَوْلُهُ لِكَوْنِ التَّشْبِيهِ وَقَعَ فِي الْخَبَرِ لَيْسَ بِلَازِمٍ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الدَّاعِي أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ بِالدُّعَاءِ تَسْوِيَةَ الْمَدْعُوِّ لَهُ وَمَعَ الشَّبَهِ بِعَطَائِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ لَهُ قَدْ أُعْطِيَ قَبْلَ الدُّعَاءِ عَطَاءً فَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ بِالدُّعَاءِ زِيَادَةً تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ يُتَّجَهُ وُرُودُ السُّؤَالِ وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِمِثَالٍ وَهُوَ أَنَّ الْقَائِلَ إذَا قَالَ: أَعْطِ زَيْدًا كَمَا أَعْطَيْتَ عَمْرًا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ سَوِّ بَيْنَهُمَا فِي مُطْلَقِ الْعَطَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِقَصْدِ التَّسْوِيَةِ فِي مِقْدَارِ الْعَطِيَّةِ وَلَا صِفَتِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ سَوِّ بَيْنَهُمَا فِي مِقْدَارِ الْعَطِيَّةِ وَصِفَتِهَا وَمِنْ غَيْرِ مُحَاسَبَةِ زَيْدٍ بِمَا أَعْطَيْتَهُ قَبْلَ هَذَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ سَوِّ بَيْنَهُمَا فِي مِقْدَارِ الْعَطِيَّةِ وَصِفَتِهَا مَعَ مُحَاسَبَةِ زَيْدٍ بِمَا أَعْطَيْتَهُ قَبْلَ هَذَا وَسُؤَالُ عِزِّ الدِّينِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

لَهُمْ الْأَعْلَامُ السُّودُ سَمِعُوا أَصْوَاتَ الطُّبُولِ فَأَفْرَجُوا عَنْ الْقَوْمِ وَوَافَى مِيكَالُ مَوْضِعَ الْمَعْرَكَةِ فَوَارَى الْقَتْلَى وَحَمَلَ الْجَرْحَى.

قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَأَدْخَلَ الْحِصْنَ ذَلِكَ الْيَوْمَ زُهَاءَ أَرْبَعِمِائَةِ جِنَازَةٍ فَلَمْ يَبْقَ دَارٌ إلَّا حُمِلَ إلَيْهَا قَتِيلٌ وَعَمَّتْ الْمُصِيبَةُ وَارْتَجَّتْ النَّاحِيَةُ بِالْبُكَاءِ قَالَتْ: وَوُضِعَ زَوْجِي بَيْنَ يَدَيَّ قَتِيلًا فَأَدْرَكَنِي مِنْ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ عَلَيْهِ مَا يُدْرِكُ الْمَرْأَةَ الشَّابَّةَ عَلَى الزَّوْجِ أَبِي الْأَوْلَادِ وَكَانَتْ لَنَا عِيَالٌ قَالَتْ فَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ مِنْ قَرَابَاتِي وَالْجِيرَانُ يُسَاعِدْنَنِي عَلَى الْبُكَاءِ وَجَاءَ الصِّبْيَانُ وَهُمْ أَطْفَالٌ لَا يَعْقِلُونَ مِنْ الْأُمُورِ شَيْئًا يَطْلُبُونَ الْخُبْزَ وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْطِيهِمْ فَضِقْت صَدْرًا بِأَمْرِي.

ثُمَّ إنِّي سَمِعْت أَذَانَ الْمَغْرِبِ فَفَزِعْت إلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّيْت مَا قَضَى لِي رَبِّي ثُمَّ سَجَدْت أَدْعُو وَأَتَضَرَّعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْأَلُهُ الصَّبْرَ وَأَنْ يَجْبُرَ يُتْمَ صِبْيَانِي قَالَتْ: فَذَهَبَ بِي النَّوْمُ فِي سُجُودِي فَرَأَيْت فِي مَنَامِي كَأَنِّي فِي أَرْضٍ خَشْنَاءَ ذَاتِ حِجَارَةٍ وَأَنَا أَطْلُبُ زَوْجِي فَنَادَانِي رَجُلٌ إلَى أَيْنَ أَيَّتُهَا الْحُرَّةُ قُلْت أَطْلُبُ زَوْجِي فَقَالَ: خُذِي ذَاتَ الْيَمِينِ فَرُفِعَ لِي أَرْضٌ سَهْلَةٌ طَيِّبَةُ الرَّيِّ ظَاهِرَةُ الْعُشْبِ وَإِذَا قُصُورٌ وَأَبْنِيَةٌ لَا أَحْفَظُ أَنْ أَصِفَهَا وَلَمْ أَرَ مِثْلَهَا وَإِذَا أَنْهَارٌ تَجْرِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ غَيْرَ أَخَادِيدَ لَيْسَتْ لَهَا حَافَّاتٌ فَانْتَهَيْت إلَى قَوْمٍ جُلُوسٍ حِلَقًا حِلَقًا عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ خُضْرٌ قَدْ عَلَاهُمْ النُّورُ فَإِذَا هُمْ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي الْمَعْرَكَةِ يَأْكُلُونَ عَلَى مَوَائِدَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَجَعَلْت أَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُمْ لِأَلْقَى زَوْجِي فَنَادَانِي يَا رَحْمَةُ يَا رَحْمَةُ فَيَمَّمْت الصَّوْتَ فَإِذَا أَنَا بِهِ فِي مِثْلِ حَالِ مَنْ رَأَيْت مِنْ الشُّهَدَاءِ وَجْهُهُ مِثْلُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَهُوَ يَأْكُلُ مَعَ رِفْقَةٍ لَهُ قُتِلُوا يَوْمَئِذٍ مَعَهُ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ إنَّ هَذِهِ الْبَائِسَةَ جَائِعَةٌ مُنْذُ الْيَوْمِ أَفَتَأْذَنُوا لِي أَنْ أُنَاوِلَهَا شَيْئًا تَأْكُلُهُ فَأَذِنُوا لِي فَنَاوَلَنِي كَسْرَةَ خُبْزٍ قَالَتْ وَأَنَا أَعْلَمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ خُبْزٌ وَلَكِنْ لَا أَدْرِي كَيْفَ هُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ الثَّلْجِ وَاللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ وَأَلْيَنُ مِنْ الزُّبْدِ فَأَكَلْته فَلَمَّا اسْتَقَرَّ فِي جَوْفِي قَالَ اذْهَبِي كَفَاكِ اللَّهُ مُؤْنَةَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَا حَيِيت فِي الدُّنْيَا فَانْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِي شَبْعَى رَيَّانَةً لَا أَحْتَاجُ إلَى طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَمَا ذُقْتُهُمَا مُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَى يَوْمِي هَذَا وَلَا شَيْئًا يَأْكُلُهُ النَّاسُ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَكَانَتْ تَحْضُرُنَا وَكُنَّا نَأْكُلُ فَتَأْخُذُ عَلَى أَنْفِهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا تَتَأَذَّى مِنْ رَائِحَةِ الطَّعَامِ فَسَأَلْتهَا تَتَغَذِّي بِشَيْءٍ أَوْ تَشْرَبِي شَيْئًا غَيْرَ الْمَاءِ فَقَالَتْ لَا فَسَأَلْتهَا هَلْ يَخْرُجُ مِنْهَا

ص: 49

(الْفَرْقُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَاجِبًا) اعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُورَاتِ قِسْمَانِ مَا صُورَةُ فِعْلِهِ كَافِيَةٌ فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ كَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَرَدِّ الْغُصُوبِ وَدَفْعِ الْوَدَائِعِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ صُورَةُ هَذَا الْفِعْلِ تَحْصُل مَقْصُودَةً وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ التَّقَرُّبُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا نِيَّةٍ وَقَعَ ذَلِكَ وَاجِبًا مُجْزِئًا وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ وَلَا ثَوَابَ فِيهِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهِ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ فَعَلَهُ غَيْرَ قَاصِدٍ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا عَالِمٍ بِهِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ثَوَابٌ وَإِنْ سَدَّ الْفِعْلُ مَسَدَّهُ وَوَقَعَ وَاجِبًا وَمِنْ هَذَا الْبَابِ النِّيَّةُ لَا يُقْصَدُ بِهَا التَّقَرُّبُ وَتَقَعُ وَاجِبَةً وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى وَكَذَلِكَ النَّظَرُ الْأَوَّلُ أَفْضَى إلَى الْعِلْمِ بِإِثْبَاتِ الصَّانِعِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّقَرُّبُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

لَا يَصِحُّ وُرُودُهُ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ الْأَوْلَيْنَ وَيَصِحُّ وُرُودُهُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّالِثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ (الْفَرْقُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَإِنْ وَقَعَ وَاجِبًا اعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُورَاتِ قِسْمَانِ مَا صُورَةُ فِعْلِهِ كَافِيَةٌ فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ كَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ وَدَفْعِ الْوَدَائِعِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَى مُنْتَهَى قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ النَّظَرُ الْأَوَّلُ الْمُفْضِي إلَى الْعِلْمِ بِثُبُوتِ الصَّانِعِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّقَرُّبُ) قُلْتُ مَا قَالَهُ فِي أَدَاءِ الدُّيُونِ وَشَبَهِهِ وَمِنْ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهِ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِحْضَارِ نِيَّةِ الِامْتِثَالِ وَلَا يَكْتَفِي بِنِيَّةِ أَدَاءِ الدُّيُونِ فَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي يُؤَدِّي دَيْنَهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَنْوِيَ بِأَدَائِهِ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ أَوْ لَا فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ فَلَا نِزَاعَ فِي الثَّوَابِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَنْوِيَ سَبَبًا لِلْأَدَاءِ غَيْرَ الِامْتِثَالِ كَتَخَوُّفِهِ أَنْ لَا يُدَايِنَهُ أَحَدٌ إذَا عُرِفَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْأَدَاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ لَا فَإِنْ نَوَى بِالْأَدَاءِ شَيْئًا غَيْرَ الِامْتِثَالِ فَلَا نِزَاعَ أَيْضًا فِي عَدَمِ الثَّوَابِ.

وَإِنْ عَرَى عَنْ نِيَّةِ الِامْتِثَالِ وَنِيَّةِ سَبَبٍ غَيْرِهِ وَلَمْ يَنْوِ إلَّا مُجَرَّدَ أَدَاءِ دَيْنِهِ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يُحْرَمُ صَاحِبُ هَذِهِ الْحَالَةِ الثَّوَابَ اسْتِدْلَالًا بِسَعَةِ بَابِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ وَالنَّظَرَ الْأَوَّلَ لَا يَنْوِي بِهِمَا التَّقَرُّبَ صَحِيحٌ فِي النَّظَرِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ وَغَيْرُهُ صَحِيحٌ فِي النِّيَّةِ فَإِنَّ نِيَّةَ الظُّهْرِ مَثَلًا يُمْكِنُ فِيهِ التَّقَرُّبُ بِهَا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَالشَّرْطُ كَالرُّكْنِ فَكَمَا يَنْوِي الرُّكْنَ يَنْوِي الشَّرْطَ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ لَا فِي النِّيَّةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّسَلْسُلِ لَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ بِالنِّيَّةِ فَلَا تَسَلْسُلَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ فِيهِمَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْأَعْمَالِ إنَّمَا هُوَ حَدِيثُ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَمُطْلَقُهُ مُقَيَّدٌ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

رِيحٌ أَوْ أَذًى كَمَا يَخْرُجُ مِنْ النَّاسِ؟ فَقَالَتْ: لَا عَهْدَ لِي بِالْأَذَى مُنْذُ ذَلِكَ الزَّمَانِ قُلْت: وَالْحَيْضُ؟ أَظُنُّهَا قَالَتْ: انْقَطَعَ بِانْقِطَاعِ الطَّعَامِ قُلْت: فَهَلْ تَحْتَاجِينَ حَاجَةَ النِّسَاءِ إلَى الرِّجَالِ؟ قَالَتْ: أَمَا تَسْتَحِي مِنِّي تَسْأَلُنِي عَنْ مِثْلِ هَذَا قُلْت: إنِّي لَعَلِّي أُحَدِّثُ النَّاسَ عَنْك وَلَا بُدَّ أَنْ أَسْتَقْصِيَ قَالَتْ: لَا أَحْتَاجُ، قُلْت: فَتَنَامِينَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ أَطْيَبُ نَوْمٍ قُلْت: فَمَا تَرَيْنَ فِي مَنَامِك؟ قَالَتْ: مِثْلَ مَا تَرَوْنَ قُلْت: فَتَجِدِينَ لِفَقْدِ الطَّعَامِ وَهْنًا فِي نَفْسِك؟ قَالَتْ: مَا أَحْسَسْت بِالْجُوعِ مُنْذُ طَعِمْت ذَلِكَ الطَّعَامَ وَكَانَتْ تَقْبَلُ الصَّدَقَةَ فَقُلْت: مَا تَصْنَعِينَ بِهَا؟ قَالَتْ: أَكْتَسِي وَأَكْسُو وَلَدِي قُلْت فَهَلْ تَجِدِينَ الْبَرْدَ وَتَتَأَذَّيْنَ بِالْحَرِّ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قُلْت: يُدْرِكُك اللُّغُوبُ وَالْإِعْيَاءُ إذَا مَشَيْت؟ قَالَتْ: نَعَمْ أَلَسْت مِنْ الْبَشَرِ؟ قُلْت: فَتَتَوَضَّئِينَ لِلصَّلَاةِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قُلْت: لِمَ؟ قَالَتْ: أَمَرَنِي بِذَلِكَ الْفُقَهَاءُ، فَقُلْت: إنَّهُمْ أَفْتَوْهَا عَلَى حَدِيثِ لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ حَدَثٍ أَوْ نَوْمٍ وَذَكَرَتْ لِي أَنَّ بَطْنَهَا لَاصِقٌ بِظَهْرِهَا وَأَمَرْتُ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِنَا فَنَظَرَتْ فَإِذَا بَطْنُهَا كَمَا وَصَفَتْ وَإِذَا قَدْ اتَّخَذَتْ كِيسًا مُصْمَتًا بِالْقُطْنِ وَشَدَّتْهُ عَلَى بَطْنِهَا كَيْ لَا يَقْصِفَ ظَهْرُهَا إذَا مَشَتْ.

ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَخْتَلِفُ إلَى هِزَارَنِيفْ، بَيْنَ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فَتَحْضُرُنِي فَأُعِيدُ مَسْأَلَتَهَا فَلَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ وَعَرَضْت كَلَامَهَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهِ فَقَالَ: أَنَا أَسْمَعُ هَذَا الْكَلَامَ مُنْذُ نَشَأْت فَلَا أَجِدُ مَنْ يَدْفَعُهُ أَوْ يَزْعُمُ أَنَّهَا تَأْكُلُ أَوْ تَشْرَبُ أَوْ تَتَغَوَّطُ اهـ. الْمُرَادُ هَذَا وَالْجَنَابَةُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ مِثْلُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فِي سَبَبِ الْمَنْعِ الْمُسْتَمِرِّ حَتَّى تَطْرَأَ الطَّهَارَةُ وَالطَّهَارَةُ سَبَبُ الْإِبَاحَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَلَوْلَا اشْتِرَاطُ صَاحِبِ الشَّرْعِ الْوُضُوءَ لَأَبَحْنَا الصَّلَاةَ لِمَنْ عُدِمَتْ فِي حَقِّهِ هَذِهِ الْأَحْدَاثُ الْكِبَارُ وَصَحَّ لَنَا حِينَئِذٍ فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ وَالطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى أَنَّ عَدَمَ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ سَبَبُ الْمَنْعِ وَعَدَمُ سَبَبِ الْمَنْعِ سَبَبُ الْإِبَاحَةِ وَاطَّرَدَتْ الْقَاعِدَةُ الْأُولَى.

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) الرِّدَّةُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عِلَّةٌ وَسَبَبٌ لِوُجُوبِ إرَاقَةِ دَمِ الْمُرْتَدِّ فَإِذَا فُقِدَتْ الرِّدَّةُ كَانَ دَمُهُ حَرَامًا وَالزَّوْجِيَّةُ وَالْقَرَابَةُ عِلَّةٌ وَسَبَبٌ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ فَإِذَا عُدِمَتْ الزَّوْجِيَّةُ وَالْقَرَابَةُ لَا تَحْرُمُ وَالنَّفَقَةُ بَلْ يَنْدُبُ إلَيْهَا فِي الْأَجَانِبِ وَحُضُورُ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ الْقِيَامُ عِلَّةٌ وَسَبَبٌ لِوُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا رَكَعَ وَسَجَدَ وَعُدِمَ الْقِيَامُ كُرِهَتْ الْقِرَاءَةُ فَلَمْ يَسْتَلْزِمْ عَدَمُ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَعِلَّتُهُ كَمَا

ص: 50