الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَلًّا وَأَمَّا هُمَا مَعًا فَفِي الدِّبَاغِ فَإِنَّهُ إزَالَةٌ لِلْفَضَلَاتِ الْمُتَنَجِّسَةِ الَّتِي تُوجِبُ الْعَصْرَ فَيَخْرُجُ مَا فِي الْجُلُودِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْإِحَالَةُ فَلِأَنَّ صِفَةَ الْجُلُودِ تَتَغَيَّرُ عَنْ هَيْئَتِهَا إلَى هَيْئَةٍ أُخْرَى أَمَّا الْخَوَاصُّ فَخَاصِّيَّةُ الْإِزَالَةِ الْمَاءُ الطَّهُورُ وَالنِّيَّةُ عَلَى الْخِلَافِ وَوُصُولُ الْغُسْلِ حَدًّا يَنْفَصِلُ الْمَاءُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ وَأَنَّ السَّبَبَ الِاسْتِقْذَارُ وَخَاصِّيَّةُ الْإِحَالَةِ عَدَمُ النِّيَّةِ وَالْمَاءِ وَالِاسْتِقْذَارِ فَلَا تَحْتَاجُ لِلْمَاءِ بَلْ قَدْ تُوجَدُ مَعَ عَدَمِهِ وَقَدْ يُلْقِي فِي الْخَمْرِ مَاءً فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِحَالَتِهَا لِلْخَلِّيَّةِ غَيْرَ أَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي الْإِحَالَةِ وَيَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْإِزَالَةِ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَمَانِعَةٌ مِنْ تَطْهِيرِهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَصْدِ إلَى تَخْلِيلِ الْخَمْرِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْقَصْدَ مَانِعٌ وَلَيْسَ شَرْطًا إجْمَاعًا وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْإِزَالَةِ عَلَى الْخِلَافِ وَحَيْثُ قَالَ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ النِّيَّةُ شَرْطٌ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ إنَّمَا يُرِيدُونَ أَحَدَ أَقْسَامِهَا وَهِيَ الْإِزَالَةُ وَمِنْ خَوَاصِّهَا عَدَمُ الِاسْتِقْذَارِ بَلْ سَبَبُ تَنْجِيسِهَا طَلَبُ إبْعَادِهَا فَهَذِهِ ثَلَاثُ خَوَّاصٍ لِلْإِحَالَةِ تَمْتَازُ بِهَا عَنْ الْإِزَالَةِ.
وَأَمَّا الصُّورَةُ الَّتِي يَجْتَمِعَانِ فِيهَا وَهُوَ الدِّبَاغُ فَمِنْ خَوَاصِّهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْمَاءِ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ إجْمَاعًا وَلَيْسَ الْقَصْدُ مَانِعًا إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْإِحَالَةِ الْمُنْفَرِدَةِ وَالِاسْتِقْذَارِ وَالِاسْتِخْبَاثِ سَبَبُ التَّنْجِيسِ لِأَجْلِ مَا فِيهَا مِنْ النَّجَاسَةِ فَخَوَاصُّهَا أَيْضًا ثَلَاثَةٌ فَهَذِهِ خَوَاصُّ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَبِهَا يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا قَاعِدَةٌ تُعْرَفُ بِجَمْعِ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ يُوجِبُ الضِّدَّيْنِ الْمُتَنَافِيَيْنِ وَهَذَا النَّوْعُ قَلِيلٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَفِيهَا مُثُلٌ أَحَدُهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَإِنَّ الْقَصْدَ مُنَاسِبٌ لِلتَّطْهِيرِ فَاشْتَرَطَهُ مَنْ اشْتَرَطَ الْمُنَاسِبَ فِي الْإِزَالَةِ وَجَعَلَهُ مَانِعًا فِي الْإِحَالَةِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ إذَا جَوَّزْنَا الْقَصْدَ لِلتَّخْلِيلِ جَوَّزْنَا إبْقَاءَهَا فِي الْمِلْكِ فَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ رُبَّمَا انْبَعَثَتْ الدَّوَاعِي لِشُرْبِهَا فَمُنِعَ مِنْ الْقَصْدِ لِتَخْلِيلِهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَصَارَ الْقَصْدُ يَقْتَضِي هَا هُنَا الْمَنْعَ وَفِي الْإِزَالَةِ الْإِبَاحَةَ فِي الصَّلَاةِ بِذَلِكَ الثَّوْبِ الْمُزَالِ عَنْهُ النَّجَاسَةُ وَقَدْ رُتِّبَ عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ الضِّدَّانِ وَهُمَا الْمَنْعُ وَالْإِبَاحَةُ فَنَاسَبَ الضِّدَّيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ بِجَمْعِ الْفَرْقِ أَيْ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ الْأَضْدَادِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي لِجَمْعِ الْفَرْقِ قَالَ الْعُلَمَاءُ تُرَدُّ تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُهُ بِتَصَرُّفَاتٍ رَدِيَّةٍ، فَصَوْنُ مَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ هُوَ سَبَبُ رَدِّ تَصَرُّفَاتِهِ وَتَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ فِي الْوَصَايَا عِنْدَ الْمَوْتِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ فَإِنَّا لَوْ رَدَدْنَا وَصَايَاهُ لَأَخَذَ مَالَهُ وَارِثُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَصْلَحَةٌ فَصَوْنُ مَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ اقْتَضَى رَدَّ تَصَرُّفَاتِهِ حَالَ الْحَيَاةِ وَتَنْفِيذُ تَصَرُّفَاتِهِ عِنْدَ الْمَمَاتِ فَقَدْ نَاسَبَ الْوَصْفُ الْوَاحِدُ الضِّدَّيْنِ الْمُنَافِيَيْنِ وَتَرَتَّبَا عَلَيْهِ فِي الشَّرِيعَةِ وَهَذَا هُوَ جَمْعُ الْفَرْقِ أَيْضًا لِأَنَّهُ جَمْعُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ الْأَضْدَادِ (الْمِثَالُ الثَّالِثُ) الْجَهَالَةُ مَانِعَةٌ مِنْ عَقْدِ الْبَيْعِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
سَحْنُونٌ يُعِيدُ فِيهِمَا فِي الْوَقْتِ كَذَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ الذَّخِيرَةِ بِتَوْضِيحٍ مَا مِنْ الْمَوَّاقِ وَالْفَرْقُ الثَّانِي لِلْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاةِ مَطْلُوبَةٌ لِصَاحِبِ الشَّرْعِ وَكُلُّ مَطْلُوبٍ لَهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا يُؤَدِّي لِقِلَّتِهِ وَلَا يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُؤَدِّي لِقِلَّتِهِ فَلِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ لَوْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ مِنْ الِائْتِمَامِ لِمَنْ يُخَالِفُ فِي الْمَذْهَبِ وَأَنْ لَا يُصَلِّيَ الْمَالِكِيُّ إلَّا خَلْفَ الْمَالِكِيِّ وَلَا الشَّافِعِيُّ إلَّا خَلْفَ الشَّافِعِيِّ لَقَلَّتْ الْجَمَاعَاتُ وَلِنُدْرَةِ وُقُوعِ مِثْلِ مَسْأَلَةِ الْأَوَانِي وَالْقُبْلَةِ لَوْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ مِنْ الِائْتِمَامِ لِمَنْ يُخَالِفُ فِي الِاجْتِهَادِ فِيهَا لَمْ يُخِلُّ ذَلِكَ بِالْجَمَاعَاتِ كَبِيرَ خَلَلٍ قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ وَهَذَا فَرْقٌ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِالْفَرْقِ أَيْ لِأَنَّ الْفَرْقَ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا لَا مِنْ غَيْرِهِمَا فَافْهَمْ.
(وَالْفَرْقُ الثَّالِثُ لِلْأَصْلِ) بِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِجْمَاعِ لِتَعَيُّنِ الْمَنَاطِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَوَانِي وَنَحْوِهَا دُونَ مُخَالَفَتِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَنَاطِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَسْمَلَةِ وَنَحْوِهَا اقْتَضَى أَنْ لَا يَجُوزَ التَّقْلِيدُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي مَتَى خَالَفَ إجْمَاعًا أَوْ نَصًّا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا أَوْ الْقَوَاعِدَ نَقَضْنَاهُ وَلَا نُقِرُّهُ شَرْعًا وَإِنْ تَأَكَّدَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَأَوْلَى أَنْ لَا نُقِرَّهُ شَرْعًا إذَا لَمْ يَتَأَكَّدْ كَمَا هُنَا فَكُلُّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ لَا نُقِرُّهُ شَرْعًا وَمَا لَيْسَ بِشَرْعٍ فَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهِ وَيُوَضِّحُ لَك هَذَا الْفَرْقَ الْأَخِيرَ مَسْأَلَتَانِ
[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْكَعْبَةِ إذَا اخْتَلَفُوا]
(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) اللَّذَانِ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمَا فِي الْكَعْبَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ أَحَدَهُمَا يَعْتَقِدُ أَنَّ الْآخَرَ قَدْ خَالَفَ الْكَعْبَةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا الْمَقْطُوعِ بِاعْتِبَارِهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ لِأَنَّ تَارِكَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمَقْطُوعِ بِاعْتِبَارِهِ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَالْمُخْتَلِفَانِ فِي مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا يَعْتَقِدُ فِي صَاحِبِهِ أَنَّهُ خَالَفَ ظَاهِرًا مِنْ نَصٍّ أَوْ مَنْطُوقٍ بِهِ أَوْ مَفْهُومٍ لَفْظٌ لَا مُجْمَعًا عَلَى اعْتِبَارِهِ وَلَا وَاصِلًا إلَى حَدِّ الْقَطْعِ بَلْ هُوَ فِي مَحَلِّ اجْتِهَادٍ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ صَاحِبِهِ.
[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْأَوَانِي الَّتِي اخْتَلَطَ طَاهِرُهَا بِنَجَسِهَا]
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) اللَّذَانِ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمَا فِي الْأَوَانِي أَوْ فِي الثِّيَاب الَّتِي اخْتَلَطَ طَاهِرُهَا بِنَجَسِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ حُكْمَ اللَّهِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفِي حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ فِي اجْتِهَادِهِ بِالْإِجْمَاعِ هُوَ مَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ لَا مَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُ غَيْرِهِ يَعْتَقِدُ هُوَ وَمَنْ قَلَّدَهُ أَنَّ غَيْرَهُ لَابِسٌ فِي صَلَاتِهِ مَا هُوَ مُبْطِلٌ لِصَلَاتِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَخَالَفَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَمَقْطُوعًا بِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَلَّدَهُ الِاقْتِدَاءُ بِذَلِكَ الْغَيْرِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمَنْ لَمْ يَتَدَلَّكْ فِي غُسْلِهِ أَوْ لَمْ يُبَسْمِلْ فِي صَلَاتِهِ.
[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ إنَاءٌ وَقَعَ فِيهِ رَوْثُ عُصْفُورٍ وَتَوَضَّأَ بِهِ مَالِكِيٌّ وَصَلَّى]
أَوْ تَوَضَّأَ بِإِنَاءٍ وَقَعَ فِيهِ رَوْثُ عُصْفُورٍ أَوْ صَلَّى بِثَوْبٍ فِيهِ رَوْثُ عُصْفُورٍ مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا فِي ذَلِكَ الْمُجْتَهِدَ مِنْ حَيْثُ
وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا وَهِيَ شَرْطٌ فِي الْجَعَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقِرَاضِ فَلَا يَجُوزُ إلَى يَوْمٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ قَدْ لَا يَحْصُلُ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَاقْتَضَتْ
مَصْلَحَةُ
هَذِهِ الْعُقُودِ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَجْهُولًا وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَدِّدَ لِخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْإِجَارَاتِ يَوْمًا مَعْلُومًا لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْغَرَرَ وَتَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ بَلْ
الْمَصْلَحَةُ
تَقْتَضِي بَقَاءَ الْأَجَلِ مَجْهُولًا.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ الْأُنُوثَةُ اقْتَضَى ضَعْفُهَا التَّأَخُّرَ عَنْ الْوِلَايَاتِ وَاقْتَضَى ضَعْفُهَا وِلَايَةَ الْحَضَانَةِ وَالتَّقْدِمَةَ فِيهَا عَلَى الذُّكُورِ فَقَدْ اقْتَضَتْ الضِّدَّيْنِ كَمَا اقْتَضَتْهُ الْجَهَالَةُ الْمِثَالُ الْخَامِسُ قَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اقْتَضَى تَعْظِيمُهَا بَذْلَ الْمَالِ لِلْأَقَارِبِ وَالْمُبَادَرَةَ إلَى سَدِّ الْخَلَّاتِ فِي حَقِّهِمْ وَاقْتَضَى مَنْعُ الْمَالِ مِنْهُمْ فِي الزَّكَاةِ فَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْبَذْلُ وَالْمَنْعُ وَهُمَا ضِدَّانِ وَإِنَّمَا قَلَّتْ هَذِهِ النَّظَائِرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُنَاسِبِ أَنْ يُنَافِيَ ضِدَّ مَا يُنَاسِبُهُ.
(الْفَرْقُ الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الرُّخْصَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) وَذَلِكَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالُوا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ رُخْصَةٌ بِسَبَبِ أَنَّ السَّبَبَ فِي تَنْجِيسِ الطَّاهِرِ مُلَاقَاتُهُ لِلنَّجَسِ إجْمَاعًا فَإِذَا صَبَبْنَا الْمَاءَ عَلَى النَّجَاسَةِ لِنُزِيلَهَا مِنْ الْإِبْرِيقِ مَثَلًا فَالْجُزْءُ الْوَاصِلُ إلَى النَّجَاسَةِ الْمُتَّصِلِ بِهَا تَنَجَّسَ لِمُلَاقَاتِهِ النَّجَاسَةَ كَمَا تَقَدَّمَ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ فِي الْقَاعِدَةِ وَإِذَا تَنَجَّسَ الْجُزْءُ الْمُلَاقِي لِلنَّجَاسَةِ تَنَجَّسَ ذَلِكَ الْجُزْءُ الَّذِي يَلِيهِ وَتَنَجَّسَ الْجُزْءُ الثَّانِي لِلثَّالِثِ وَالثَّالِثُ لِلرَّابِعِ وَالرَّابِعُ لِلْخَامِسِ وَكَذَلِكَ حَتَّى يَنْجُسَ الْمَاءُ الَّذِي دَاخِلُ الْإِبْرِيقِ بَلْ يَنْجُسُ مَاءُ الْبَحْرِ الْمَالِحِ إذَا وَضَعْنَا النَّجَاسَةَ فِي طَرَفِهِ وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُلَاقَاةُ النَّجَسِ لِلطَّاهِرِ وَحَيْثُ قَضَى الشَّرْعُ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَزُولُ وَأَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَفْسُدْ مُطْلَقًا كَانَ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَكَانَ رُخْصَةً مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَهَذَا كَلَامٌ مَتِينٌ قَوِيٌّ لَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِلْجَوَابِ عَنْهُ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الرُّخْصَةِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقْضِ عَلَى الْأَعْيَانِ بِأَنَّهَا نَجِسَةٌ وَلَا مُتَنَجِّسَةٌ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهَا جَوَاهِرَ وَلَا أَجْسَامًا إجْمَاعًا بَلْ لِأَجْلِ أَعْرَاضٍ خَاصَّةٍ قَامَتْ بِتِلْكَ الْأَجْسَامِ مِنْ لَوْنٍ خَاصٍّ وَكَيْفِيَّةٍ خَاصَّةٍ مَعْلُومَةٍ فِي الْعَادَةِ فَإِذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ وَتِلْكَ الْأَعْرَاضُ انْتَفَى الْحُكْمُ لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهِ وَانْتِفَاءُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الرُّخَصِ إجْمَاعًا وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَبْطُلُ السُّؤَالُ بِسَبَبِ أَنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْأَعْرَاضَ الْخَاصَّةَ وَالْكَيْفِيَّةَ الْخَاصَّةَ اللَّتَيْنِ قَضَى الشَّرْعُ لِأَجْلِهَا بِالتَّنْجِيسِ لَيْسَا مَوْجُودَيْنِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَاءِ الْإِبْرِيقِ وَلَا فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَاءِ الْبَحْرِ إذَا
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
إنَّ حُكْمَ اللَّهِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ أَوْ اجْتِهَادُ مُقَلِّدِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَلَا مَقْطُوعًا بِهِ بَلْ خَالَفَ ظَاهِرًا مُحْتَمِلًا لِلتَّأْوِيلِ يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فَرْقًا لَيْسَ بِفَرْقٍ لِأَنَّ الْفَرْقَ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِيمَا ذَكَرْته لَا فِيمَا ذَكَرَهُ اهـ.
قُلْت وَذَلِكَ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِجْمَاعِ وَعَدَمَ مُخَالَفَتِهِ وَصْفَانِ لِلْمُجْتَهِدِ لَا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَفْرُوقِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْقَطْعِ بِالْخَطَأِ وَإِمْكَانِ تَعْيِينِهِ وَعَدَمِ إمْكَانِ الْخَطَأِ وَلَا إمْكَانِ تَعْيِينِهِ فَإِنَّهُمَا وَصْفَانِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَفْرُوقِ بَيْنَهُمَا فَافْهَمْ (وَصْلٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْفَرْقِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى قَاعِدَةِ الْعَوْفِيِّ الَّتِي فِي قَوْلِ الْعَلَّامَةِ الْأَمِيرِ فِي مَجْمُوعِهِ وَشَرْحِهِ وَالْعِبْرَةُ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِمَذْهَبِهِ أَيْ الْإِمَامِ وَفِي شَرْطِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ عَلَى مَا قَالَهُ الْعَوْفِيُّ وَارْتَضَوْهُ قَالَ الرَّمَاصِيُّ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَالِكِيٍّ بِشَافِعِيٍّ فِي ظُهْرٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِاتِّحَادِ عَيْنِ الصَّلَاةِ وَالْمَأْمُومُ يَرَاهَا أَدَاءً كَمَا فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ حِجَازِيٌّ فَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ مَوْجُودٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ بَلْ كَذَلِكَ لَوْ الْتَفَتْنَا إلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ جَدَلًا فَإِنَّهُمَا قَضَاءٌ عِنْدَهُ وَلَا مُوجِبَ لِلتَّلْفِيقِ اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ عَقِبَ مَا ذَكَرَ بَقِيَ أَنَّ قَاعِدَةَ الْعَوْفِيِّ هَلْ تَجْرِي فِي الْأَرْكَانِ حَتَّى يَصِحَّ خَلْفَ حَنَفِيٍّ لَا يَرْفَعُ مِنْ الرُّكُوعِ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ الْخَرَشِيِّ أَوْ تَقْتَصِرُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ الشَّرْطِ كَمَسْحِ رَأْسٍ وَنَقْضِ وُضُوءٍ لِأَنَّ الرُّكْنَ أَعْظَمُ.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ عَلِمْت أَنَّ رَجُلًا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ أُصَلِّ خَلْفَهُ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ يُحَرَّرُ اهـ بِتَوْضِيحٍ مَا وَبِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي جَزَمَ الْعَلَّامَةُ الدُّسُوقِيُّ حَيْثُ قَالَ.
وَأَمَّا مَا كَانَ رُكْنًا دَاخِلًا فِي مَاهِيَّتِهَا فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ مِثْلُ شَرْطِ الِاقْتِدَاءِ فَلَوْ اقْتَدَى مَالِكِيٌّ بِحَنَفِيٍّ لَا يَرَى رُكْنِيَّةَ السَّلَامِ وَلَا الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنْ أَتَى بِهِمَا صَحَّتْ صَلَاةُ مَأْمُومِهِ الْمَالِكِيِّ وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْحَنَفِيُّ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِأَجْنَبِيٍّ كَانَتْ صَلَاةُ مَأْمُومِهِ الْمَالِكِيِّ بَاطِلَةً وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمَأْمُومُ الْمَذْكُورُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ اهـ.
وَلَيْسَ مَبْنِيًّا أَيْضًا عَلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا قَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ الْإِمَامَ الْمُخَالِفَ فِي الْفُرُوعِ الظَّنِّيَّةِ مَتَى تَحَقَّقَ فِعْلُهُ لِلشَّرَائِطِ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ فَالشَّافِعِيُّ مَسْحُ جَمِيعِ رَأْسِهِ سُنَّةٌ فَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَّ فِي الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ مَسَحَ رِجْلَيْهِ نَقَلَهُ الْخَطَّابُ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمَوَّاقِ