الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَائِرُونَ بَيْنَ أَنْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَيَكُونَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ شُرَكَاءَ بِأَمْوَالِهِمْ، وَيُعَضِّدُ ذَلِكَ تَسَاوِي الْفَرِيقَيْنِ فِي زِيَادَةِ الرِّبْحِ وَنُقْصَانِهِ وَهَذَا هُوَ حَالُ الشُّرَكَاءِ وَيُعَضِّدُهُ أَيْضًا أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْعَامِلُ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَهَذَا هُوَ شَأْنُ الشَّرِيكِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونُوا أُجَرَاءَ، وَيُعَضِّدُهُ اخْتِصَاصُ رَبِّ الْمَالِ بِضَيَاعِ الْمَالِ وَغَرَامَتِهِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْعَامِلِ مِنْهُ شَيْءٌ وَلِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى عَمَلِهِ وَهَذَا هُوَ شَأْنُ الْأُجَرَاءِ وَمُقْتَضَى الشَّرِكَةِ أَنْ تُمْلَكَ بِالظُّهُورِ وَمُقْتَضَى الْإِجَارَةِ أَنْ لَا تُمْلَكَ إلَّا بِالْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ فَاجْتِمَاعُ هَذِهِ الشَّوَائِبِ سَبَبُ الْخِلَافِ فَمَنْ غَلَّبَ الشَّرِكَةَ كَمَّلَ الشُّرُوطَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَنْ غَلَّبَ الْإِجَارَةَ جَعَلَ الْمَالَ وَرِبْحَهُ لِرَبِّهِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَامِلُ أَصْلًا وَابْنُ الْقَاسِمِ رحمه الله صَعُبَ عَلَيْهِ إطْرَاحُ أَحَدِهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ فَرَأَى أَنَّ الْعَمَلَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ أَوْلَى.
وَهِيَ الْقَاعِدَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَاعْتَبَرَ وَجْهًا مِنْ الْإِجَارَةِ وَوَجْهًا مِنْ الشَّرِكَةِ فَوَقَعَ التَّفْرِيعُ هَكَذَا مَتَى كَانَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِمَا مُخَاطَبٌ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ مُنْفَرِدًا فِيمَا يَنُوبُهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا مُخَاطَبٌ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ لِكَوْنِهِمَا عَبْدَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ، أَوْ لِقُصُورِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ عَنْ النِّصَابِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُهُ سَقَطَتْ عَنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُخَاطَبًا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَحْدَهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَتَى سَقَطَتْ عَنْ أَحَدِهِمَا إمَّا الْعَامِلِ، أَوْ رَبِّ الْمَالِ سَقَطَتْ عَنْ الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ أَمَّا إنْ سَقَطْت عَنْهُ فَتَغْلِيبًا لِحَالِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ وَتَغْلِيبًا لِحَالِ الشَّرِكَةِ وَشَائِبَتِهَا.
وَأَمَّا إنْ سَقَطَتْ عَنْ رَبِّ الْمَالِ فَتَسْقُطُ أَيْضًا عَنْ الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ كَوْنُهُ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَقَبَضَ أُجْرَتَهُ اسْتَأْنَفَ بِهَا الْحَوْلَ فَكَذَلِكَ هَذَا الْعَامِلُ وَرَأَى أَشْهَبُ رحمه الله اعْتِبَارَ رَبِّ الْمَالِ فَتَجِبُ فِي حِصَّةِ الرِّبْحِ تَبَعًا لِوُجُوبِهَا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُزَكِّي مِلْكَهُ، وَأَنَّ رِبْحَ الْمَالِ مَضْمُومٌ إلَى أَصْلِهِ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ رحمه الله فِيمَنْ اتَّجَرَ بِدِينَارٍ فَصَارَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ نِصَابًا فَإِنَّهُ يُزَكِّي وَيُقَدِّرُ الرِّبْحَ كَامِنًا مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ إلَى آخِرِهِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
أَنَّهُ أَجِيرٌ فَلَا بَحْثَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ كَمَا عُلِمَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ، وَبَعْضَ شُرُوطِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا عَلَى الْعَامِلِ تَأَمَّلْ اهـ.
وَقَاعِدَةُ الشَّرِيكِ لَمَّا اُخْتُصَّتْ بِأَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ كَوْنُهُ شَرِيكًا لَيْسَ إلَّا، اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إجْرَائِهِ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ وَأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الزَّكَاةِ فِي حَقِّهِ دُونَ الْآخَرِ لِاخْتِلَالِ بَعْضِ الشُّرُوطِ فِي حَقِّهِ، هَذَا وَلِقَاعِدَةِ الْعَامِلِ فِي التَّرَدُّدِ بَيْنَ أَصْلَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْهَا أُمُّ الْوَلَدِ إذَا قُتِلَتْ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّهَا هَلْ تَجِبُ فِيهَا قِيمَةٌ أَمْ لَا لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْأَرِقَّاءِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تُوطَأُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَبَيْنَ الْأَحْرَارِ لِتَحْرِيمِ بَيْعِهَا، وَإِحْرَازِهَا لِنَفْسِهَا وَمَالِهَا، وَمِنْهَا الْمُخْبِرُ عَنْ رُؤْيَةِ هِلَالِ نَحْوِ رَمَضَانَ، وَالتَّرْجُمَانُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّائِبِ وَالْمُقَوِّمِ وَغَيْرِهِمْ لَمَّا تَرَدَّدُوا بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ اُخْتُلِفَ فِيهِمْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِمْ الْعَدَدُ تَغْلِيبًا لِلشَّهَادَةِ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ تَغْلِيبًا لِلرِّوَايَةِ وَمِنْهَا الْعُقُودُ الْفَاسِدَةُ مِنْ الْأَبْوَابِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ لَمَّا تَرَدَّدَتْ بَيْنَ أَصْلِهَا وَأَصْلِ أَصْلِهَا فَإِنَّ أَصْلَ أَصْلِهَا أَصْلُهَا أَيْضًا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهَا هَلْ تُرَدُّ إلَى أَصْلِهَا فَيَجِبَ قِرَاضُ الْمِثْلِ، أَوْ إلَى أَصْلِ أَصْلِهَا فَيَجِبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؟
وَمِنْهَا كُلُّ مَا تَوَسَّطَ غَرَرُهُ أَوْ الْجَهَالَةُ فِيهِ مِنْ الْعُقُودِ لَمَّا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْغَرَرِ الْأَعْلَى الْمُجْمَعِ عَلَى بُطْلَانِهِ وَالْأَدْنَى الْمُجْمَعِ عَلَى جَوَازِهِ وَاغْتِفَارِهِ فِي الْعُقُودِ لِأَنَّهُ بِتَوَسُّطِهِ أَخَذَ شَبَهًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَمَنْ قَرَّبَهُ مِنْ الْأَعْلَى مَنَعَ وَمِنْ قَرَّبَهُ مِنْ الْأَدْنَى أَجَازَ وَمِنْهَا الْمَشَاقُّ الْمُتَوَسِّطَةُ فِي الْعِبَادَاتِ لَمَّا دَارَتْ بَيْنَ أَدْنَى الْمَشَاقِّ فَلَا تُوجِبُ تَرَخُّصًا وَبَيْنَ أَعْلَاهَا فَتُوجِبُ التَّرَخُّصَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْثِيرِهَا فِي الْإِسْقَاطِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَمِنْهَا نَحْوُ شَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ مِنْ التُّهَمِ الْمُتَوَسِّطَةِ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا أُجْمِعَ عَلَى أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلرَّدِّ كَشَهَادَةِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا أُجْمِعَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ قَادِحٍ فِي الشَّهَادَةِ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ لِآخَرَ مِنْ قَبِيلَتِهِ لَمَّا أَخَذَ شَبَهًا مِنْهُمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّ التَّغْلِيبَيْنِ يُعْتَبَرُ فَتُقْبَلُ أَوْ تُرَدُّ وَمِنْهَا الثُّلُثُ لَمَّا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِي مَسَائِلَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إلْحَاقِهِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَرْبَاحِ تُضَمُّ إلَى أُصُولِهَا فِي الزَّكَاةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْفَوَائِدِ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا أَصْلٌ]
(الْفَرْقُ الثَّامِنُ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَرْبَاحِ تُضَمُّ إلَى أُصُولِهَا فِي الزَّكَاةِ فَيَكُونُ حَوْلُ الْأَصْلِ حَوْلَ الرِّبْحِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرِّبْحِ حَوْلٌ يَخُصُّهُ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا أَمْ لَا عِنْدَ مَالِكٍ رحمه الله وَوَافَقَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ رضي الله عنهما إذَا كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا، وَإِلَّا فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ كَمُلَ النِّصَابُ وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مُطْلَقًا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْفَوَائِدِ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا أَصْلٌ عِنْدَ الْمُكَلَّفِ كَالْمِيرَاثِ وَالْهِبَةِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَصَدَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ بَعْدَ حَوْزِهِ وَقَبْضِهِ) .
لَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّبْحِ وَالْفَائِدَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَلَا عَلَى مُقَابِلِ مَشْهُورِ مَالِكٍ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنهما، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَشْهُورِ مَالِكٍ وَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ رضي الله عنهم وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةِ التَّقَادِيرِ وَهِيَ إعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ، وَإِعْطَاءُ
وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ الْمَوَاشِي إذَا كَمُلَ بِهَا نِصَابُهَا فَمَتَى خُوطِبَ رَبُّ الْمَالِ وَجَبَتْ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلًا تَغْلِيبًا لِهَذَا الْأَصْلِ وَهُوَ ضَمُّ الرِّبْحِ إلَى الْأَصْلِ فِي الزَّكَاةِ وَوَقَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: يُعْتَبَرُ حَالُ الْعَامِلِ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ أَهْلًا بِالنِّصَابِ وَغَيْرِهِ زَكَّى، وَإِلَّا فَلَا تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الشَّرِكَةِ فَالْفَرْقُ يَتَخَرَّجُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ.
(الْفَرْقُ الثَّامِنُ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَرْبَاحِ تُضَمُّ إلَى أُصُولِهَا فِي الزَّكَاةِ فَيَكُونُ حَوْلُ الْأَصْلِ حَوْلَ الرِّبْحِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرِّبْحِ حَوْلٌ يَخُصُّهُ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا أَمْ لَا عِنْدَ مَالِكٍ رحمه الله وَوَافَقَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه إذَا كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مُطْلَقًا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْفَوَائِدِ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا أَصْلٌ عِنْدَ الْمُكَلَّفِ كَالْمِيرَاثِ وَالْهِبَةِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَصَدَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ بَعْدَ حَوْزِهِ وَقَبْضِهِ)
وَالْفَرْقُ عِنْدَنَا عَضَّدَهُ قَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه لِلسَّاعِي عُدَّ عَلَيْهِمْ السَّخْلَةَ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي وَلَا تَأْخُذْهَا وَالسَّخْلَةُ عَيْنٌ مُتَمَوَّلَةٌ نَشَأَتْ عَنْ عَيْنٍ مُتَمَوَّلَةٍ زَكَوِيَّةٍ كَمَا نَشَأَ الرِّبْحُ وَهُوَ عَيْنٌ زَكَوِيَّةٌ عَنْ عَيْنٍ زَكَوِيَّةٍ وَهُوَ أَصْلُهُ فَكَمَا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى أَصْلِهِ وَجُعِلَ حَوْلُهُ حَوْلًا لَهُ كَذَلِكَ الْآخَرُ الَّذِي هُوَ الرِّبْحُ، وَقَوْلُنَا
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ: (الْفَرْقُ الثَّامِنُ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ " الْأَرْبَاحُ تُضَمُّ إلَى أُصُولِهَا فِي الزَّكَاةِ فَيَكُونُ حَوْلُ الْأَصْلِ حَوْلَ الرِّبْحِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرِّبْحِ حَوْلٌ يَخُصُّهُ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا أَمْ لَا عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَوَافَقَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُطْلَقًا " وَبَيْنَ قَاعِدَةِ " الْفَوَائِدِ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا أَصْلٌ عِنْدَ الْمُكَلَّفِ كَالْمِيرَاثِ وَالْهِبَةِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَصَدَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ بَعْدَ حَوْزِهِ وَقَبْضِهِ إلَى قَوْلِهِ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهَا فِي قَاعِدَةِ خِطَابِ الْوَضْعِ نَعَمْ التَّقْدِيرُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ بِأَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ مَعَ عَدَمِ سَبَبِهِ أَوْ شَرْطِهِ، أَوْ قِيَامِ مَانِعِهِ وَهَهُنَا قَدْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ فَإِنَّ قَوْلَ عُمَرَ اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ وَلَا تَأْخُذْهَا مِنْهُمْ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَقَوْلَ عَلِيٍّ عُدَّ عَلَيْهِمْ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ كَمَا فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ وَالْمُنْتَقَى لِلْبَاجِيِّ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْأَرْبَاحِ ضَرُورَةَ أَنَّ رِبْحَ التِّجَارَةِ كَذَلِكَ مَعْنًى إذْ السَّخْلَةُ كَمَا أَنَّهَا عَيْنٌ مُتَمَوَّلَةٌ نَشَأَتْ عَنْ عَيْنٍ مُتَمَوَّلَةٍ زَكَوِيَّةٍ كَذَلِكَ الرِّبْحُ عَيْنٌ زَكَوِيَّةٌ نَشَأَتْ عَنْ عَيْنٍ زَكَوِيَّةٍ وَهُوَ أَصْلُهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ حُكْمًا فَكَمَا تُضَمُّ السِّخَالُ إلَى أَصْلِهَا وَيُجْعَلُ حَوْلُهُ حَوْلًا لَهَا كَذَلِكَ يُضَمُّ الرِّبْحُ إلَى أَصْلِهِ وَيُجْعَلُ حَوْلُهُ حَوْلًا لَهُ وَشَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ دَوَرَانُ الْحَوْلِ وَهُوَ لَمْ يَدُرْ عَلَى الرِّبْحِ وَالسِّخَالِ فَتَعَيَّنَ تَقْدِيرُ الرِّبْحِ فِي التِّجَارَةِ وَالسِّخَالِ فِي الْمَاشِيَةِ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ تَحْقِيقًا لِلشَّرْطِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَمُحَافَظَةً عَلَى الشَّرْطِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلَيْسَتْ الْفَائِدَةُ كَذَلِكَ إذْ لَا أَصْلَ لَهَا يُقَدَّرُ حَوْلُهُ حَوْلًا لَهَا. نَعَمْ فِي كَوْنِ هَذَيْنِ التَّقْدِيرَيْنِ فِي يَوْمِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الرِّبْحِ.
وَالسَّبَبُ يُلَازِمُ مُسَبَّبَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ فِي يَوْمِ الْحُصُولِ لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ تَقْدِيرَيْنِ: تَقْدِيرِ الشِّرَاءِ وَالْأَعْيَانِ الَّتِي حَصَلَتْ فِي الرِّبْحِ. وَالتَّقْدِيرُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيُقْتَصَرُ مِنْهُ عَلَى مَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ، أَوْ فِي يَوْمِ مِلْكِ أَصْلِ الْمَالِ لِأَنَّهُ السَّبَبُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُغِيرَةِ خِلَافٌ تَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى عَشَرَةٍ فَأَنْفَقَ مِنْهَا خَمْسَةً وَاشْتَرَى سِلْعَةً بِخَمْسَةٍ فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فَإِنَّ التَّقْدِيرَ حِينَئِذٍ وَالْمَالُ عَشَرَةٌ وَهَذِهِ عَشَرَةٌ رِبْحٌ فَيَكْمُلُ النِّصَابُ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ وَأَسْقَطَهَا أَشْهَبُ مُطْلَقًا لِأَنَّ التَّقْدِيرَ عِنْدَهُ يَوْمَ الْحُصُولِ وَيَوْمَ الْحُصُولِ لَمْ تَكُنْ إلَّا خَمْسَةَ عَشَرَ وَأَوْجَبَهَا الْمُغِيرَةُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَقْدِرُ يَوْمَ مِلْكِهِ الْعَشَرَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِتَقْدِيمِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الشِّرَاءِ وَعَدَمِهِ، وَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ إذَا بَلَغَتْ الْغَنَمُ بِأَوْلَادِهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ فَعَلَيْهِ فِيهَا الصَّدَقَةُ وَذَلِكَ أَنَّ أَوْلَادَ الْغَنَمِ مِنْهَا وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا أُفِيدَ مِنْهَا بِاشْتِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ.
وَمِثْلُ ذَلِكَ الْعَرْضِ لَا يَبْلُغُ ثَمَنُهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ فَيَصْدُقُ رِبْحُهُ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ رِبْحُهُ فَائِدَةً، أَوْ مِيرَاثًا لَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهُ أَوْ وَرِثَهُ قَالَ مَالِكٌ فَغِذَاءُ الْغَنَمِ أَيْ سِخَالِهَا مِنْهَا كَمَا أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ثُمَّ أَفَادَ إلَيْهِ مَالًا، تَرَكَ مَالَهُ الَّذِي أَفَادَ فَلَمْ يُزَكِّهِ مَعَ مَالِهِ الْأَوَّلِ حِينَ يُزَكِّيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَى الْفَائِدَةِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهَا، وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ غَنَمٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ إبِلٌ تَجِبُ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا الصَّدَقَةُ، ثُمَّ أَفَادَ إلَيْهَا بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً صَدَّقَهَا مَعَ صِنْفِ مَا أَفَادَ مِنْ ذَلِكَ حِينَ يُصَدِّقُهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ الَّذِي أَفَادَ نِصَابَ مَاشِيَةٍ قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذَا كُلِّهِ اهـ.
قَالَ الْبَاجِيَّ: يُرِيدُ أَنَّ الْفَائِدَةَ لَا يَكْمُلُ بِهَا النِّصَابُ وَيَكْمُلُ بِالنَّسْلِ، وَقَاسَهُ مَالِكٌ عَلَى نَمَاءِ الْعَيْنِ مِنْهُ فَإِذَا بَلَغَ الرِّبْحُ مَعَ الْأَصْلِ النِّصَابَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ إلَّا بِفَائِدَةٍ لَمْ يَزْكُ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى