المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(فصل الْألف)

- ‌[الْألف اللينة وَالْألف المتحركة] )

- ‌(فصل الْألف وَالْبَاء)

- ‌(نوع فِي بَيَان لُغَات أَلْفَاظ النّظم الْجَلِيل)

- ‌(فصل الْألف وَالتَّاء)

- ‌(فصل الْألف والثاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْجِيم)

- ‌(فصل الْألف والحاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْخَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالدَّال)

- ‌(فصل الْألف والذال)

- ‌(فصل الْألف وَالرَّاء)

- ‌(فصل الْألف وَالزَّاي)

- ‌(فصل الْألف وَالسِّين)

- ‌(فصل الْألف والشين)

- ‌(فصل الْألف وَالصَّاد)

- ‌(فصل الْألف وَالضَّاد)

- ‌(فصل الْألف والطاء)

- ‌(فصل الْألف والظاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْعين)

- ‌(فصل الْألف والغين)

- ‌(فصل الْألف وَالْفَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْقَاف)

- ‌(فصل الْألف وَالْكَاف)

- ‌(فصل الْألف وَاللَّام)

- ‌(فصل الْألف وَالْمِيم)

- ‌(فصل الْألف وَالنُّون)

- ‌(فصل الْألف وَالْوَاو)

- ‌(فصل الْألف وَالْهَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْيَاء)

- ‌(فصل الْبَاء)

- ‌(فصل التَّاء)

- ‌(فصل الثَّاء)

- ‌(فصل الْجِيم)

- ‌(فصل الْحَاء)

- ‌(فصل الْخَاء)

- ‌(فصل الدَّال)

- ‌(فصل الذَّال)

- ‌(فصل الرَّاء)

- ‌(فصل الزَّاي)

- ‌(فصل السِّين)

- ‌(فصل الشين)

- ‌(فصل الصَّاد)

- ‌(فصل الضَّاد)

- ‌(فصل الطَّاء)

- ‌(فصل الظَّاء)

- ‌(فصل الْعين)

- ‌(فصل الْغَيْن)

- ‌(فصل الْفَاء)

- ‌(فصل الْقَاف)

- ‌(فصل الْكَاف)

- ‌(فصل اللَّام)

- ‌(فصل الْمِيم)

- ‌(فصل النُّون)

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْوَاو

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْهَاء

- ‌[نوع]

- ‌فصل لَا

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْيَاء

- ‌[نوع]

- ‌فصل فِي المتفرقات

- ‌فصل

الفصل: ‌(فصل الألف والسين)

وَأما أَبوهُ فَإِنَّهُ تارخ

الإزدار: الإصدار، وَقُرِئَ:{يَوْمئِذٍ يزدر النَّاس أشتاتا}

الازدواج: هُوَ فِي البديع تناسب المتجاورين، نَحْو:{من سبإ بنبإ}

الْإِزَالَة: الإذهاب، وأزال، وأزال: يتقاربان فِي الْمَعْنى، غير أَن أزل يَقْتَضِي عَثْرَة مَعَ الزَّوَال، يُقَال:(أزللته فزل) و (أزلته فَزَالَ)

الأزلام: هِيَ القداح الَّتِي على أَحدهَا: " أَمرنِي رَبِّي " وعَلى الآخر: " نهاني رَبِّي " وَالثَّالِث: غفل

فَإِن خرج الْآمِر مضوا على ذَلِك، وَإِن خرج الناهي تجنبوا عَنهُ، وَإِن خرج الغفل أجالوها ثَانِيًا [نوع] {يَوْم الآزفة} : أَي الْقِيَامَة سميت بهَا لأزوفها أَي لقربها]

{احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} وأشباههم

{أَزوَاج} : ألوان من الْعَذَاب

{ازدجر} : من الزّجر وَهُوَ الِانْتِهَار

{أزلفت الْجنَّة} : قربت من الْمُؤمنِينَ

{فآزره} : فقواه

{أزفت الآزفة} : دنت السَّاعَة

{أزاغ} : صرف

{أزكى طَعَاما} : أحل وَأطيب، أَو أَكثر وأرخص

{اشْدُد بِهِ أزري} : قوتي

[ {أزكى لكم} : أَنْفَع]

(فصل الْألف وَالسِّين)

[الأسف] : كل مَا فِي الْقُرْآن من ذكر الأسف فَمَعْنَاه الْحزن، إِلَّا {فَلَمَّا آسفونا} فَإِن مَعْنَاهُ أغضبونا

[الإسكاف] : كل صانع عِنْد الْعَرَب فَهُوَ إسكاف، إِلَّا الْخفاف، فَإِنَّهُ الأسكف

[الِاسْتِصْحَاب] : كل شَيْء لَازم شَيْئا ولاءمه فقد استصحبه

كل حكم عرف وُجُوبه فِي الْمَاضِي ثمَّ وَقع الشَّك فِي زَوَاله فِي الْحَال الثَّانِي فَهُوَ معنى الِاسْتِصْحَاب، وَله معنى آخر، وَهُوَ كل حكم عرف وُجُوبه بدليله فِي الْحَال وَوَقع الشَّك فِي كَونه على الأول زائلا فِي الْمَاضِي فبعض الْفُرُوع مُفَرع على الأول وَالْبَعْض على الثَّانِي

[الأسلوب] : كل شَيْء امْتَدَّ فَهُوَ أسلوب، وَكَأَنَّهُ

ص: 82

(أفعول) من السَّلب، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو من الْمَدّ، وَمِنْه شجر سلب: أَي طَوِيل، لِأَنَّهُ إِذا أَخذ ورقه وسعفه امْتَدَّ وَطَالَ وَهُوَ الْفَنّ والطريقة وَالْجمع أساليب

[الاستخبار] : كل استخبار سُؤال بِلَا عكس، لِأَن الاستخبار استدعاء الْخَبَر، وَالسُّؤَال يُقَال فِي الاستعطاف فَتَقول: سَأَلته كَذَا، وَيُقَال فِي الاستخبار أَيْضا فَتَقول: سَأَلته عَن كَذَا

[الِاسْتِفْهَام] : كل اسْتِفْهَام استخبار بِلَا عكس، لِأَن قَوْله تَعَالَى:{أَأَنْت قلت للنَّاس} إِلَى آخِره استخبار وَلَيْسَ باستفهام، وَقيل: الِاسْتِفْهَام فِي الْآيَة على حَقِيقَته لِأَن طلب الْفَهم كَانَ مصروفا إِلَى غَيره مِمَّن يطْلب فهمه فَلَا يَسْتَحِيل

الاستعلام: كل استعلام اسْتِفْهَام بِلَا عكس، لِأَن الاستعلام طلب الْعلم وَهُوَ أخص من الِاسْتِفْهَام، إِذْ لَيْسَ كل مَا يفهم يعلم، بل قد يظنّ ويخمن كل اسْتِفْهَام دخل فِي جحد فَمَعْنَاه التَّقْرِير

[الِاسْم] : كل كلمة تدل على معنى فِي نَفسهَا وَلَا تتعرض لزمان فَهِيَ الِاسْم، وَلَو تعرضت لَهُ فَهِيَ الْفِعْل، وَالِاسْم أَصله سمو كعلم ومصدره السمو وَهُوَ الْعُلُوّ، وَاحِد الْأَسْمَاء، أَو وسم ووسمه: أعلمهُ، والموسم: الْمعلم، وَالْأول أصح لعدم وُرُود الأوسام، وَكلما وَقع التَّعَارُض بَين المذهبين فمذهب الْبَصرِيين من حَيْثُ اللَّفْظ أصح وأفصح وَمذهب الْكُوفِيّين من حَيْثُ الْمَعْنى أقوى وَأصْلح

وَالِاسْم مُسَمَّاهُ مَا سواهُ، أَو هُوَ مُسَمَّاهُ، أَو مُسَمَّاهُ لَا هُوَ وَلَا مَا سواهُ، [واستعماله فِي التَّسْمِيَة أَكثر من الْمُسَمّى] وَلكُل وَاحِد أصل، وَسَيَجِيءُ تَفْصِيله

قَالَ بَعضهم: الِاسْم مَا انبأ عَن الْمُسَمّى وَالْفِعْل مَا أنبأ عَن حَرَكَة الْمُسَمّى، والحرف مَا أنبأ عَن معنى لَيْسَ باسم وَلَا فعل، وَالْمَشْهُور فِي تَعْرِيف الِاسْم: مَا دلّ على معنى فِي نَفسه دلَالَة مُجَرّدَة عَن الاقتران [بِأحد الْأَزْمَان] وَلَا يخفى أَن الضَّمِير فِي نَفسه سَوَاء عَاد إِلَى الدَّال أَو الْمَدْلُول لَا يَخْلُو عَن خلل، إِذْ لَا معنى لما دلّ على معنى حصل فِي نَفسه لكَون مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ مَا دلّ على معنى هُوَ مَدْلُوله، وَهَذَا عَبث وَكَذَا مَا دلّ على معنى حَاصِل فِي نفس ذَلِك الْمَعْنى لِامْتِنَاع كَون الشَّيْء حَاصِلا فِي نَفسه، وَلَو أُرِيد بِكَوْنِهِ حَاصِلا فِي نَفسه أَنه لَيْسَ حَاصِلا فِي غَيره فينتقض الْحَد بأسماء الصِّفَات وَالنّسب والتعريف بِمَا يَصح الْإِخْبَار عَنهُ ينْتَقض بأين وَإِذا وَكَيف وَالْجَوَاب بِأَن المُرَاد مَا جَازَ الْأَخْبَار عَن مَعْنَاهُ بِدَلِيل صِحَة (طَابَ الْوَقْت) ، وَهُوَ معنى (إِذا) ضَعِيف، إِذْ لَيْسَ (إِذا عبارَة عَن الْوَقْت فَقَط، بل هُوَ يفِيدهُ حَال مَا جعل ظرفا لشَيْء آخر، وَالْوَقْت حَال مَا جعل ظرفا لحادث آخر لَا يُمكن الْإِخْبَار عَنهُ الْبَتَّةَ

وَالِاسْم لُغَة: مَا وضع لشَيْء من الْأَشْيَاء وَدلّ على معنى من الْمعَانِي، جوهرا كَانَ أَو عرضا، فَيشْمَل الْفِعْل والحرف أَيْضا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} أَي: أَسمَاء الْجَوَاهِر والاعراض كلهَا

ص: 83

واشتقاقا: هُوَ مَا يكون عَلامَة للشَّيْء ودليلا يرفعهُ إِلَى الذِّهْن من الالفاظ وَالصِّفَات وَالْأَفْعَال ووعرفا: هُوَ اللَّفْظ الْمَوْضُوع لِمَعْنى، سَوَاء كَانَ مركبا أَو مُفردا، مخبرا عَنهُ أَو خَبرا أَو رابطة بَينهمَا وَفِي عرف النُّحَاة: هُوَ اللَّفْظ الدَّال على الْمَعْنى الْمُفْرد الْمُقَابل للْفِعْل والحرف

وَقد يُطلق الِاسْم وَيُرَاد بِهِ مَا يُقَابل الصّفة وَمَا يُقَابل الظّرْف، وَمَا يُقَابل الكنية واللقب وَالِاسْم: هُوَ اللَّفْظ الْمُفْرد الْمَوْضُوع للمعنى على مَا يعم أَنْوَاع الْكَلِمَة؛ وَأما تَقْيِيده بالاستقلال والتجرد عَن الزَّمَان ومقابلته بِالْفِعْلِ والحرف فاصطلاح النُّحَاة

وَالِاسْم أَيْضا ذَات الشَّيْء قَالَ ابْن عَطِيَّة: يُقَال: ذَات، ومسمى، وَعين، وَاسم بِمَعْنى

وَالِاسْم أَيْضا: الصّفة يُقَال: الْحق والخالق والعليم أَسمَاء الله تَعَالَى وَهُوَ رَأْي الاشعري والمسمى: هُوَ الْمَعْنى الَّذِي وضع الِاسْم بإزائه، وَالتَّسْمِيَة: هِيَ وضع الِاسْم للمعنى؛ وَقد يُرَاد بِالِاسْمِ نفس مَدْلُوله، وبالمسمى الذَّات من حَيْثُ هِيَ هِيَ، وبالتسمية نفس الاقوال، وَقد يُرَاد ذكر الشَّيْء باسمه، كَمَا يُقَال: سمي زيدا وَلم يسم عمرا

وَالِاسْم لَا يدل بِالْوَضْعِ إِلَّا على الثُّبُوت والدوام

والاسمتمرار معنى مجازي لَهُ، وَالْفِعْل يدل على التجدد والحدوث؛ وَلَا يحسن وضع أَحدهمَا مَوضِع الآخر؛ وَالِاسْم أَعلَى من صَاحِبيهِ إِذْ كَانَ يخبر بِهِ وَعنهُ، وَلَيْسَ كَذَلِك صَاحِبَاه

وَالِاسْم إِن دلّ على معنى يقوم بِذَاتِهِ فَهُوَ اسْم عين كَالرّجلِ وَالْحجر، وَإِلَّا فاسم معنى، سَوَاء كَانَ مَعْنَاهُ وجوديا كَالْعلمِ أَو عدميا كالجهل

وَمثل: زيد وَعَمْرو وَفَاطِمَة وَعَائِشَة وَدَار وَفرس هُوَ اسْم علم

وَمثل: رجل وَامْرَأَة وشمس وقمر هُوَ اسْم لَازم، أَي لَا يَنْقَلِب وَلَا يُفَارق وَمثل: صَغِير وكبير وَقَلِيل وَكثير وطفل وكهل هُوَ اسْم مفارق

وَمثل: كَاتب وخياط هُوَ اسْم مُشْتَقّ

وَمثل: غُلَام جَعْفَر وثوب زيد هُوَ اسْم مُضَاف وَمثل: فلَان أَسد هُوَ اسْم مشبه. وَمثل: أَب وَأم وَأُخْت هُوَ اسْم مَنْسُوب يثبت بِنَفسِهِ وَيثبت غَيره

وَمثل: حَيَوَان وناس اسْم جنس

وَالِاسْم بِاعْتِبَار مَعْنَاهُ على سِتَّة أَقسَام: فنحو: (زيد) جزئي حَقِيقِيّ

وَنَحْو: (الْإِنْسَان) كلي متواطئ

وَنَحْو: (الْوُجُود) كلي مشكك

وَنَحْو (الْعين) : مُشْتَرك

وَنَحْو (الصَّلَاة) : مَنْقُول مَتْرُوك

وَنَحْو (الْأسد) : حَقِيقِيّ ومجاز

وَالِاسْم الْمُفْرد ك (زيد) و (عَمْرو) والمركب إِمَّا من فعل ك (تأبط شرا) وَإِمَّا من مُضَاف ومضاف إِلَيْهِ ك (عبد الله) أَو من اسْمَيْنِ قد ركبا وَجعلا بِمَنْزِلَة اسْم وَاحِد ك (سِيبَوَيْهٍ)

وَقد يكون الْمُفْرد مرتجلا، وَهُوَ الَّذِي مَا اسْتعْمل فِي غير العلمية ك (مذْحج) و (أدد)

وَقد يكون مَنْقُولًا إِمَّا من مصدر ك (سعد) و (فضل) أَو من اسْم فَاعل ك (عَامر) و (صَالح) أَو من اسْم مفعول ك (مَحْمُود) و (مَسْعُود) أَو من أفعل التَّفْضِيل ك (احْمَد) و (اِسْعَدْ) أَو من صفة ك (عَتيق) وَهُوَ الدارب بالأمور والظافر بالمطلوب و (سلول) وَهُوَ كثير السل

ص: 84

وَقد يكون مَنْقُولًا من اسْم عين ك (اسد) و (صقر)

وَقد يكون مَنْقُولًا من فعل مَاض ك (ابان) و (شمر) أَو من فعل مضارع ك (يزِيد) و (يشْكر)

وَوُقُوع الِاسْم على الشَّيْء بِاعْتِبَار ذَاته كالأعلام

وَبِاعْتِبَار صفة حَقِيقَة قَائِمَة بِذَاتِهِ كالأسود والأبيض والحار والبارد

وَاعْتِبَار جُزْء من أَجزَاء ذَاته كَقَوْلِنَا للحيوان إِنَّه جَوْهَر وجسم

وَبِاعْتِبَار صفة إضافية فَقَط كَقَوْلِنَا للشَّيْء، إِنَّه مَعْلُوم وَمَفْهُوم ومذكور وَمَالك ومملوك. وَبِاعْتِبَار صفة سلبية كالأعمى وَالْفَقِير

وَبِاعْتِبَار صفة حَقِيقِيَّة مَعَ صفة إضافية كَقَوْلِنَا للشَّيْء إِنَّه عَالم وقادر، فَإِن الْعلم عِنْد الْجُمْهُور صفة حَقِيقِيَّة وَلها إِضَافَة إِلَى المعلومات، وَكَذَا الْقُدْرَة صفة حَقِيقِيَّة وَلها إِضَافَة إِلَى المقدورات

وَبِاعْتِبَار صفتين حَقِيقِيَّة وسلبية كشجاع وَهِي الملكة وَعدم الْبُخْل

وَبِاعْتِبَار صفتين إضافية وسلبية كَالْأولِ لِأَنَّهُ سَابق لغيره وَلم يسْبقهُ غَيره، وقيوم لِأَنَّهُ غير مُحْتَاج إِلَى غَيره ومقوم لغيره

وَبِاعْتِبَار الصِّفَات الثَّلَاث كالإله لِأَنَّهُ دَال على وُجُوبه لذاته وعَلى إيجاده لغيره وعَلى تنزيهه عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ

وَالِاسْم غير الصّفة: مَا كَانَ جِنْسا غير مَأْخُوذ من الْفِعْل نَحْو: رجل وَفرس وَعلم وَجَهل

وَالصّفة مَا كَانَ مأخوذا من الْفِعْل نَحْو اسْم الْفَاعِل وَاسم الْمَفْعُول ك (ضَارب ومضروب) وَمَا أشبههما من الصِّفَات الفعلية، و (أَحْمَر) و (أصفر) وَمَا أشبههما من صِفَات الْحِلْية، و (مصري) و (مغربي) وَنَحْوهمَا من صِفَات النِّسْبَة؛ وَهَذَا من حَيْثُ اللَّفْظ، وَأما من حَيْثُ الْمَعْنى فالصفة تدل على ذَات وَصفَة نَحْو:(أسود) إِلَّا أَن دلالتها على الذَّات تَسْمِيَة، ودلالتها على السوَاد من جِهَة أَنه مُشْتَقّ من لَفظه فَهُوَ خَارج، وَغير الصّفة لَا يدل إِلَّا على شَيْء وَاحِد وَهُوَ ذَات الْمُسَمّى

وَالِاسْم الْوَاقِع فِي الْكَلَام قد يُرَاد بِهِ نفس لَفظه كَمَا يُقَال: (زيد) : مُعرب و (ضرب) : فعل مَاض، و (من) : حرف جر

وَقد يُرَاد بِهِ مَعْنَاهُ كَقَوْلِنَا: (زيد كَاتب)

وَقد يُرَاد بِهِ نفس مَا هية الْمُسَمّى مثل (الْإِنْسَان نوع وَالْحَيَوَان جنس)

وَقد يُرَاد بِهِ فَرد مِنْهُ نَحْو: (جَاءَنِي إِنْسَان) و (رَأَيْت حَيَوَانا)

وَقد يُرَاد جزؤها كالناطق، أَو عَارض لَهَا كالضاحك، فَلَا يبعد أَن يَقع اخْتِلَاف واشتباه فِي أَن اسْم الشَّيْء نفس مُسَمَّاهُ أَو غَيره؛ وَفِي مثل:(كتبت زيدا) يُرَاد بِهِ اللَّفْظ، وَفِي مثل (كتب زيد) يُرَاد بِهِ الْمُسَمّى، وَإِذا أطلق بِلَا قرينَة ترجح اللَّفْظ أَو الْمُسَمّى كَمَا فِي قَوْلك:(زيد حسن) فَإِنَّهُ يحتملهما بِلَا رُجْحَان، فالقائل بالغيرية يحملهُ على اللَّفْظ، وبالعينية على الْمُسَمّى، فَعِنْدَ النَّحْوِيين غير الْمُسَمّى، إِذْ لَو كَانَ إِيَّاه لما جَازَ إِضَافَته إِلَيْهِ، إِذْ الشَّيْء لَا يُضَاف إِلَى نَفسه؛ فالاسم هُوَ اللَّفْظ الْمُطلق على الْحَقِيقَة عينا تِلْكَ الْحَقِيقَة أَو معنى، تمييزا لَهَا باللقب مِمَّن يشاركها فِي النَّوْع، والمسمى تِلْكَ الْحَقِيقَة وَهِي ذَات ذَلِك اللقب أَي صَاحبه، فَمن ذَلِك:(لَقيته ذَات مرّة) وَالْمرَاد الزَّمن الْمُسَمّى بِهَذَا الِاسْم الَّذِي هُوَ مرّة، وَالدَّلِيل على التغاير بَينهمَا أَيْضا ثُبُوت كل مِنْهُمَا حَال عدم الآخر، كالحقائق الَّتِي مَا وضعُوا لَهَا اسْما بِعَيْنِه، وكألفاظ الْمَعْدُوم والمنفي، وكالأسماء المترادفة والمشتركة فَإِن كَثْرَة المسميات ووحدة

ص: 85

الِاسْم فِي الْمُشْتَرك، وَبِالْعَكْسِ فِي المترادف يُوجب الْمُغَايرَة، لَا سِيمَا أَن الِاسْم أصوات مقطعَة وصنعت لتعريف المسميات، وَتلك الْأَصْوَات أغراض غير بَاقِيَة، والمسمى قد يكون بَاقِيا، بل يكون وَاجِب الْوُجُود لذاته

قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ: " قد يكون الِاسْم عين الْمُسَمّى نَحْو (الله) فَإِنَّهُ علم للذات من غير اعْتِبَار معنى فِيهِ، وَقد يكون غَيره نَحْو: الْخَالِق والرازق مِمَّا يدل على نِسْبَة إِلَى غَيره، وَلَا شكّ أَنه غَيره، وَقد يكون لَا هُوَ وَلَا غَيره، كالعليم وَالْقَدِيم مِمَّا يدل على صفة حَقِيقِيَّة قَائِمَة بِذَاتِهِ " انْتهى لَكِن إِطْلَاق الِاسْم بِمَعْنى الصّفة على مَا مَدْلُوله مُجَرّد للذات بِلَا معنى زَائِد مَحل نظر؛ فَإِن قيل: لَو كَانَ الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى لاستقام أَن يُقَال: إِن الله اسْم، كَمَا يَسْتَقِيم القَوْل بِأَن الله مُسَمّى، واستقام أَن يُقَال بِأَنَّهُ [عبد] اسْم الله، كَمَا يَسْتَقِيم القَوْل بِأَنَّهُ عبد الله قُلْنَا: السَّبِيل فِي مثله التَّوْقِيف وَلم يرد التَّوْقِيف بِأَن اسْم الله هُوَ الله، وَلَا بِأَن (عبد اسْم الله) عبد الله كَذَا فِي " الْكَافِي "

والمحكي عَن الْمُعْتَزلَة أَن الِاسْم غير الْمُسَمّى، وَلَفظ الِاسْم فِي قَوْله تَعَالَى:{سبح اسْم رَبك} و {تبَارك اسْم رَبك} مقحم؛ وَلنَا أَن تِلْكَ الْآيَة دَلِيل على أَنَّهُمَا وَاحِد، إِذْ لَو كَانَ الِاسْم غير الْمُسَمّى لَكَانَ أمرا بالتسبيح لغير الله؛ وعَلى هَذَا إِذا قَالَ:(زَيْنَب طَالِق) وَاسم امْرَأَته زَيْنَب يَقع على ذَات الْمَرْأَة لَا على اسْمهَا، وَإِذا اسْتعْمل بِمَعْنى التَّسْمِيَة يكون غير الْمُسَمّى لَا محَالة؛ فجواب (مَا اسْمك) زيد لِأَن (مَا) لغير الْعُقَلَاء، وَجَوَاب (من زيد) ؟ أَنا، بِالْإِضَافَة إِلَى الذَّات؛ وَفِي الْجُمْلَة: الِاسْم هُوَ مَدْلُول اللَّفْظ لَا اللَّفْظ؛ يُقَال زيد هَذَا الشَّخْص، وَزيد جَاءَ؛ وَلَو كَانَ هُوَ اللَّفْظ لما صَحَّ الْإِسْنَاد، فَعلم أَنه عين الْمُسَمّى خَارِجا لَا مفهوما، وَأما اللَّفْظ الْحَاصِل بالتكلم وَهُوَ الْحُرُوف المركبة تركبا مَخْصُوصًا فيسمى بِالتَّسْمِيَةِ

ثمَّ اعْلَم أَن الِاسْم إِمَّا أَن يوضع لذات مُعينَة من غير مُلَاحظَة معنى من الْمعَانِي مَعهَا مثل (الْإِبِل وَالْفرس) ، وَإِمَّا أَن يوضع لذات مُعينَة بِاعْتِبَار صدق معنى مَا عَلَيْهَا، فيلاحظ الْوَاضِع تِلْكَ الذَّات بِاعْتِبَار صدق ذَلِك الْمَعْنى عَلَيْهَا، ثمَّ يوضع الِاسْم بِإِزَاءِ تِلْكَ الذَّات فَقَط خَارِجا عَنْهَا ذَلِك الْمَعْنى، أَو بِإِزَاءِ الذَّات المتصفة بذلك الْمَعْنى دَاخِلا ذَلِك الْمَعْنى فِي الْمَوْضُوع لَهُ فَيكون الْمَعْنى سَببا باعثا للوضع فِي هَاتين الصُّورَتَيْنِ، مَعَ أَنه خَارج فِي الصُّورَة الأولى دَاخل فِي الثَّانِيَة وكل من هَذِه الْأَقْسَام الثَّلَاثَة اسْم يُوصف وَلَا يُوصف بِهِ، إِذْ مَدْلُوله الذَّات الْمعينَة الْقَائِمَة بِنَفسِهَا ممتنعة الْقيام بغَيْرهَا حَتَّى يُوصف بهَا الْغَيْر؛ وَإِمَّا أَن يوضع لذات مُبْهمَة يقوم بهَا معنى معِين على أَن يكون قيام ذَلِك الْمَعْنى بأية ذَات كَانَت من الذوات مصححا للاطلاق فَهَذَا الْقسم هُوَ الصّفة إِذْ مَدْلُوله قَائِم بِغَيْرِهِ لَا بِنَفسِهِ، لِأَنَّهُ مركب من مَفْهُوم الذَّات المبهمة وَالْمعْنَى، وَقيام الْمَعْنى بِغَيْرِهِ ظَاهر، وَكَذَا الذَّات المبهمة معنى من الْمعَانِي، إِذْ لَا اسْتِقْلَال

ص: 86

لَهُ بِنَفسِهِ فَيقوم بِغَيْرِهِ، وَالضَّابِط فِيهِ هُوَ أَن كل ذَات قَامَت بهَا صِفَات زَائِدَة عَلَيْهَا، فالذات غير الصِّفَات، وَكَذَا كل وَاحِد من الصِّفَات، غير الآخر ان اخْتلف بالذوات، بِمَعْنى أَن حَقِيقَة كل وَاحِد، وَالْمَفْهُوم مِنْهُ عِنْد انْفِرَاده غير مَفْهُوم الآخر لَا محَالة، وَإِن كَانَت الصِّفَات غير مَا قَامَت بِهِ من الذَّات، فَالْقَوْل بِأَنَّهَا غير مَدْلُول الِاسْم الْمُشْتَقّ مِنْهَا أَو مَا وضع لَهَا وللذات من غير اشتقاق، وَذَلِكَ مثل صفة الْعلم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُسَمّى الْعَالم أَو مُسَمّى الاله؛ فعلى هَذَا، وَإِن صَحَّ القَوْل بِأَن علم الله غير مَا قَامَ بِهِ من الذَّات لَا يَصح أَن يُقَال: إِن علم الله غير مَدْلُول اسْم الله أَو عينه، إِذْ لَيْسَ هُوَ عين مَجْمُوع الذَّات مَعَ الصِّفَات، وَلَعَلَّ هَذَا مَا أَرَادَهُ بعض الحذاق من الْأَصْحَاب فِي أَن الصِّفَات النفسية لَا هِيَ هُوَ وَلَا هِيَ غَيره؛ إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: إِن الاله اسْم لَا وصف، مَعَ أَنه صَالح للوصفية أَيْضا، لاشتمال مَعْنَاهُ على الذَّات المبهمة الْقَائِمَة بهَا معنى وَعين وَالدَّلِيل على ذَلِك جَرَيَان الْأَوْصَاف عَلَيْهِ وَعدم جَرَيَانه على مَوْصُوف مَا، وَالسَّبَب فِي ذَلِك كَونه فِي أصل وَضعه لذات مُعينَة، بِاعْتِبَار وصف الألوهية؛ وَمَعْلُوم أَن الذَّات الْمعينَة قَائِمَة بِنَفسِهَا لَا يحْتَمل قِيَامهَا بغَيْرهَا حَتَّى يَصح إِجْرَاء اللَّفْظ الدَّال عَلَيْهَا على مَوْصُوف مَا؛ وَهَذَا هُوَ الْفرق بَين الِاسْم وَالصّفة

اسْم الْجِنْس: هُوَ يُطلق على الْوَاحِد على سَبِيل الْبَدَل ك (رجل) ، وَلَا يُطلق على الْقَلِيل وَالْكثير، وَالْجِنْس يُطلق عَلَيْهِمَا ك (المَاء)

وَاسم الْجِنْس: لَا يتَنَاوَل الْأَفْرَاد على سَبِيل الْعُمُوم والشمول فِي غير مَوضِع الِاسْتِغْرَاق، ويتناول مَا تَحْتَهُ من الْأَنْوَاع كالحيوان يتَنَاوَل الْإِنْسَان وَغَيره مِمَّا فِيهِ الحيوانية

وَاسم النَّوْع: لَا يتَنَاوَل الْجِنْس كالإنسان فَإِنَّهُ لَا يتَنَاوَل الْحَيَوَان

وَاسم الْجِنْس إِذا عرف بِاللَّامِ، فَإِن كَانَ هُنَاكَ حِصَّة من الْمَاهِيّة مَعْهُود حمل عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَإِن لم يكن هُنَاكَ مَا يدل على إِرَادَة الْحَقِيقَة من حَيْثُ وجودهَا فِي ضمن أفرادها حمل على الْحَقِيقَة؛ وَإِن دلّت قرينَة على إرادتها من حَيْثُ الْوُجُود فَإِن كَانَ الْمقَام مناسبا للاستغراق حمل عَلَيْهِ، وَإِلَّا حمل على غير معِين

وشمول اسْم الْجِنْس لكل فَرد ومثنى ومجموع إِنَّمَا يتَصَوَّر على مَذْهَب من يَقُول ان اسْم الْجِنْس مَوْضُوع للماهية من حَيْثُ هِيَ المتحدة فِي الذِّهْن يُمكن فرض صدقهَا على كثيرين فِي الْخَارِج فَهِيَ متعينة فِي الذِّهْن بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَائِر الْحَقَائِق، وَلَيْسَت بمشخصة حَيْثُ تُوجد فِي الْخَارِج فِي ضمن أَفْرَاد كَثِيرَة هَذَا مَا هُوَ مُخْتَار السَّيِّد الشريف وَالْقَاضِي الْعَضُد

وَأما على مَذْهَب من يَقُول إِنَّه مَوْضُوع للماهية مَعَ وحدة شخصية أَو نوعية بِاعْتِبَار وجودهَا فِي الْخَارِج يُسمى فَردا منتشرا فَهُوَ لَيْسَ بمتعين وَلَا بشخص، وَهُوَ مَذْهَب الْأُصُولِيِّينَ ومختار ابْن الْحَاجِب والرضي والتفتازاني

وَاسم الْجِنْس مَوْضُوع للفرد الْمُبْهم، وَعلم الْجِنْس مَوْضُوع للماهية، وَإِذا قَالَ الْوَاضِع: وضعت لَفْظَة (أُسَامَة) لإِفَادَة ذَات كل وَاحِد من أشخاص الْأسد بِعَينهَا من حَيْثُ هِيَ هِيَ على سَبِيل الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ، فَإِن ذَلِك علم الْجِنْس

وَإِذا قَالَ: وضعت لفظ (الْأسد) لإِفَادَة الْمَاهِيّة الَّتِي هِيَ الْقدر الْمُشْتَرك بَين هَذِه الْأَشْخَاص فَقَط من غير أَن يكون فِيهَا دلَالَة على الشَّخْص الْمعِين كَانَ اسْم الْجِنْس

ص: 87

الِاسْم المتمكن: أَي اسْم راسخ الْقدَم فِي الاسمية، وَهُوَ مَا يجْرِي عَلَيْهِ الاعراب، أَي مَا يقبل الحركات الثَّلَاث ك (زيد)

وَغير المتمكن: مَا لَا يجْرِي عَلَيْهِ الْإِعْرَاب

وَالِاسْم التَّام: مَا يَسْتَغْنِي عَن الْإِضَافَة

والمقصور: مَا فِي آخِره ألف مُفْردَة

والمنقوص: مَا فِي آخِره يَاء قبلهَا كسرة ك (القَاضِي)

وَالِاسْم الْمُشْتَرك: مَا لَهُ وضعان أَو أَكثر بِإِزَاءِ مدلولية أَو مدلولاته، فَلِكُل مَدْلُول وضع

وَالْعَام: مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا وضع وَاحِد يتَنَاوَل كل فَرد ويستغرق الْأَفْرَاد

وَأَسْمَاء الْأَفْعَال: مَوْضُوعَة بِإِزَاءِ أَلْفَاظ الْأَفْعَال ك (استجب) و (أمْهل) و (أسْرع) و (أقبل) من حَيْثُ يُرَاد بهَا مَعَانِيهَا، لَا من حَيْثُ يُرَاد بهَا أَنْفسهَا، لِأَن مدلولاتها الَّتِي وضعت لَهَا هِيَ أَلْفَاظ لم يعْتَبر اقترانها بِزَمَان؛ وَأما الْمعَانِي المقترنة بِالزَّمَانِ فَهِيَ مدلولة لتِلْك الْأَلْفَاظ، فينقل من الْأَسْمَاء إِلَيْهَا بواسطتها

وَحكم أَسمَاء الْأَفْعَال فِي التَّعَدِّي واللزوم حكم الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ بمعناها، إِلَّا أَن الْبَاء تزاد فِي مفعولها كثيرا نَحْو (عَلَيْك بِهِ) لِضعْفِهَا فِي الْعَمَل، فَيعْمل بِحرف عَادَته إِيصَال اللَّازِم إِلَى الْمَفْعُول

اسْم الْفَاعِل: هُوَ مَا اشتق لما حدث مِنْهُ الْفِعْل

وَالْفَاعِل: مَا أسْند إِلَيْهِ الْمَعْرُوف أوشبهه

ونائب الْفَاعِل: مَا أسْند إِلَيْهِ الْمَجْهُول أَو شبهه وَالْفَاعِل كاسم الْفَاعِل إِذا اعْتمد على الْهمزَة يُسَاوِي الْفِعْل فِي الْعَمَل نَحْو: (أقائم الزيدان) وَالْفَاعِل الَّذِي بِمَعْنى ذِي كَذَا لَا يؤنث لقَوْله تَعَالَى: {السَّمَاء منفطر بِهِ} أَي ذَات انفطار، بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل

وَاسم الْفَاعِل مجَاز فِي الْمَاضِي عِنْد الْأَكْثَرين وَحَقِيقَة فِي الْحَال عِنْد الْكل، ومجاز فِي الِاسْتِقْبَال اتِّفَاقًا، وَقيل: حَقِيقَة فِي الْمَاضِي؛ وَقيل: إِن كَانَ الْفِعْل مِمَّا لَا يُمكن بَقَاؤُهُ كالمتحرك والمتكلم وَنَحْو ذَلِك فحقيقة، وَإِلَّا فمجاز؛ وَهَكَذَا اسْم الْمَفْعُول

وكل اسْم دلّ على الْمصدر فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي التّكْرَار كالسارق فِي آيَة السّرقَة فَإِن الْمصدر الثَّابِت بِلَفْظ السَّارِق لما لم يَجْعَل للعدد أُرِيد بهَا الْمرة، وبالمرة الْوَاحِدَة لَا يقطع إِلَّا يَد وَاحِدَة، واليمنى متعينة بِالْإِجْمَاع وبالسنة قولا وفعلا؛ وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود:{فَاقْطَعُوا أيمانهما}

يَقُول الشَّافِعِي: " الْآيَة تدل على قطع يسرى السَّارِق فِي الكرة الثَّانِيَة " وَهُوَ ضَعِيف؛ وَإِنَّمَا يحمل الشَّافِعِي الْمُطلق على الْمُقَيد هَهُنَا مَعَ الِاتِّفَاق عَلَيْهِ فِي صُورَة اتِّحَاد الحكم والحادثة، لِأَنَّهُ لَا يعْمل بِالْقِرَاءَةِ غير المتواترة

وَيجوز تَعديَة اسْم الْفَاعِل بِحرف الْجَرّ وَامْتنع ذَلِك فِي فعله نَحْو: {فعال لما يُرِيد}

وَاسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي لَا يُضَاف إِلَى فَاعله لوُقُوع الالتباس، وَهُوَ مَعَ فَاعله يعد من الْمُفْردَات، بِخِلَاف الْفِعْل مَعَ فَاعله

وَلَا يكون مُبْتَدأ حَتَّى يعْتَمد على الِاسْتِفْهَام أَو

ص: 88

النَّفْي أَو معنى النَّفْي لِأَنَّهُمَا يقربانه بِمَالِه صدر الْكَلَام؛ وَيدل فِي كثير من الْمَوَاضِع على ثُبُوت الْمصدر فِي الْفَاعِل ورسوخه فِيهِ، وَالْفِعْل الْمَاضِي لَا يدل عَلَيْهِ

وَاسم الْفَاعِل مَعَ فَاعله لَيْسَ بجملة لشبهه بالخالي عَن الضَّمِير حَيْثُ لم يتفاوتا فِي الْحِكَايَة وَالْخطاب والغيبة تَقول: (أَنا قَائِم، أَنْت قَائِم، هُوَ قَائِم) كَمَا تَقول: (أَنا غُلَام، أَنْت غُلَام، هُوَ غُلَام) إِلَّا أَنه إِذا وَقع صلَة كَانَ مُقَدرا بِالْفِعْلِ فَيكون جملَة؛ وَإِنَّمَا عدل إِلَى صُورَة الِاسْم كَرَاهَة دُخُول مَا هُوَ فِي صُورَة لَام التَّعْرِيف على صَرِيح الْفِعْل وَالْفِعْل مَعَ فَاعله جملَة لأصالته

ويبنى اسْم الْفَاعِل من اللَّازِم كَمَا يبْنى من الْمُتَعَدِّي

وَاسم الْمَفْعُول إِنَّمَا يبْنى من فعل مُتَعَدٍّ

وَاسم الْفَاعِل المُرَاد بِهِ الْمُضِيّ لَا يعْمل إِلَّا إِذا كَانَ فِيهِ اللَّام بِمَعْنى (الَّذِي) ويتعرف بِالْإِضَافَة، وَإِذا ثني أَو جمع لَا يجوز فِيهِ إِلَّا حذف النُّون والجر بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل المُرَاد بِهِ الْحَال والاستقبال فَإِنَّهُ يعْمل مُطلقًا

وَلَا يتعرف بِالْإِضَافَة، وَيجوز فِيهِ فِي صُورَة التَّثْنِيَة وَالْجمع حذف النُّون والجر وَبَقَاء النُّون وَالنّصب

وَاسْتِعْمَال اسْم الْفَاعِل بِمَعْنى الْحَاضِر أقوى مِنْهُ بِمَعْنى الْمُسْتَقْبل

وَاسم الْفَاعِل دون الصّفة المشبهة فِي الدّلَالَة على الثُّبُوت، وَلَا يكون اسْم الْفَاعِل إِلَّا مجاريا للمضارع فِي حركاته وسكناته، وَالصّفة المشبهة تكون مجارية لَهُ ك (منطلق اللِّسَان) و (مطمئن) الْقلب) ؛ وَغير مجارية لَهُ وَهُوَ الْغَالِب

وَاسم الْفَاعِل لَا يُخَالف فعله فِي الْعَمَل وَالصّفة المشبهة تخَالفه فِيهِ، لِأَنَّهَا تنصب مَعَ قُصُور فعلهَا، وَيجوز حذف اسْم الْفَاعِل وإبقاء معموله، وَالصّفة المشبهة لَا تعْمل محذوفة

وَاسم الْفَاعِل لما كَانَ جَارِيا على الْفِعْل جَازَ أَن يقْصد بِهِ الْحُدُوث بمعونة الْقَرَائِن كَمَا فِي (ضايق) وَيجوز أَن يقْصد بِهِ الدَّوَام كَمَا فِي الْمَدْح وَالْمُبَالغَة، وَكَذَا حكم اسْم الْمَفْعُول

وَأما الصّفة المشبهة فَلَا يقْصد بهَا إِلَّا مُجَرّد الثُّبُوت وضعا، والدوام باقتضاء الْمقَام

وَاسم الْفَاعِل يتَحَمَّل الضَّمِير، بِخِلَاف الْمصدر؛ وَالْألف وَاللَّام فِيهِ تفِيد التَّعْرِيف والموصولية؛ وَفِي الْمصدر تفِيد التَّعْرِيف فَقَط

وَيجوز تَقْدِيم معموله عَلَيْهِ نَحْو: (هَذَا زيدا ضَارب) بِخِلَاف الْمصدر

وَيعْمل بشبه الْفِعْل، والمصدر لَا يعْمل بشبه شَيْء لِأَنَّهُ الأَصْل

وَلَا يعْمل إِلَّا فِي الْحَال والاستقبال، والمصدر يعْمل فِي الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة

وَلَا يعْمل مُعْتَمدًا على مَوْصُوف أَو ذِي خبر أَو حَال، والمصدر يعْمل مُعْتَمدًا وَغير مُعْتَمد

وَقد يُضَاف مَعَ الْألف وَاللَّام، والمصدر لَا يُضَاف كَذَلِك.

وَلَا يُضَاف إِلَّا إِلَى الْمَفْعُول، والمصدر يُضَاف إِلَى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول

وَالظَّاهِر من صِيغَة الْفَاعِل غير الْمُضَاف هُوَ الِاسْتِقْبَال، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي (ضَارب غلامك) حَيْثُ قَالُوا: هُوَ عدَّة إِن لم يضف وَإِقْرَار إِن أضَاف

وَاسم الْفَاعِل من الْعدَد: إِذا أضيف إِلَى أنقص مِنْهُ يكون بِمَعْنى الْمصير نَحْو: (ثَالِث اثْنَيْنِ) أَي مصير الِاثْنَيْنِ ثَلَاثَة؛ وعَلى هَذَا قَول الرضي: الثَّالِث الْمَعْنيين أَي مصير الْمَعْنيين السَّابِقين

ص: 89

ثَلَاثَة؛ وَإِنَّمَا دخل (ال) على الْمُضَاف إِضَافَة لفظية لكَونهَا دَاخِلَة أَيْضا على الْمُضَاف إِلَيْهِ نَحْو: (الْجَعْد الشّعْر)

[وَإِذا أضيف إِلَى أَزِيد مِنْهُ أَو إِلَى مُسَاوِيَة يكون بِمَعْنى الْحَال نَحْو: (ثَانِي اثْنَيْنِ) أَو (ثَانِي ثَلَاثَة) أَي أَحدهمَا]

وَاسم الْفَاعِل والمصدر المتعديين إِلَى الْمَفْعُول بأنفسهما قد يقويان بِاللَّامِ، وَيُسمى لَام التقوية فِي غير نَحْو:(عل) و (عرف) و (درى) و (جهل) ؛ وَلَا يقوى الْفِعْل بِاللَّامِ إِذا قدم مَفْعُوله فَيُقَال (لزيدا ضربت)

وَاسم الْفَاعِل يجوز عطفه على الْفِعْل وَبِالْعَكْسِ مثل: {صافات ويقبضن}

وَعمل اسْم الْفَاعِل مَشْرُوط بِشَرْطَيْنِ: أَحدهمَا كَونه بِمَعْنى الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال

وَثَانِيهمَا اعْتِمَاده على أحد الْأَشْيَاء السِّتَّة: حرف النَّفْي، وحرف الِاسْتِفْهَام ملفوظا أَو مُقَدرا، والمبتدأ صَرِيحًا أَو منويا؛ والموصوف؛ وَذُو الْحَال؛ والموصول، كَمَا أَن الظّرْف مَشْرُوط فِي عمله الِاعْتِمَاد على أحد مَا ذكر وَزَاد الْبَعْض فِي اسْم الْفَاعِل الِاعْتِمَاد على حرف النداء نَحْو:(يَا طالعا جبلا) وَبَعْضهمْ على (إِن) نَحْو: (إِن قَائِم الزيدان)

وَاسم الْفَاعِل وَنَحْوه يدل على شخص متصف بِالْمَصْدَرِ الْمُشْتَقّ مِنْهُ، وَلَا دلَالَة لَهُ على الزَّمَان إِذا أُرِيد بِهِ الثُّبُوت، بل هُوَ كَلَفْظِ (أَسد) و (إِنْسَان) فِي الدّلَالَة على الزَّمَان؛ فَمَعْنَى (ضَارب) مرَادا بِهِ الثُّبُوت: شخص متصف بِالضَّرْبِ، صادر مِنْهُ، وَإِن أُرِيد بِهِ الْحُدُوث كَمَا يقْصد بالأفعال بِحَيْثُ يعْمل عمل الْفِعْل دلّ على الزَّمَان

وَقد يُطلق اسْم الْفَاعِل بِاعْتِبَار مَا كَانَ عَلَيْهِ وَبِاعْتِبَار مَا يؤول إِلَيْهِ

وَاسم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول والمصدر إِذا وصف بِشَيْء يمْنَع إعماله بعد ذَلِك فِي شَيْء؛ وَلِهَذَا قَالُوا: عَامل (يَوْم) فِي {يَوْم ينظر الْمَرْء} مَحْذُوف، وَهُوَ (اذكر) لَا (الْعَذَاب)

وَاسم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول إِذا جرى على غير مَا هُوَ لَهُ كَانَ كالفعل يذكر وَيُؤَنث على حسب مَا عمل فِيهِ، كَمَا فِي قَوْله:{رَبنَا أخرجنَا من هَذِه الْقرْيَة الظَّالِم أَهلهَا}

وَبِنَاء اسْم الْفَاعِل من (فعل) على (فَاعل) مُتَعَدِّيا كَانَ أَو لَازِما وَمن (فعل) إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا على (فَاعل) أَيْضا؛ وَأما إِذا كَانَ لَازِما فَهُوَ على (أفعل) ك (أبخل) و (أَحول)

وَاسم الْمَفْعُول: هُوَ مَا وَقع عَلَيْهِ الْفِعْل بِالْقُوَّةِ: وَالْمَفْعُول مَا وَقع عَلَيْهِ الْفِعْل بِالْفِعْلِ؛ وَالْفَاعِل لَا بُد لَهُ من فعل، وَهُوَ الْمصدر، وَلَا بُد لذَلِك الْفِعْل من زمَان وَمن غَرَض ثمَّ قد يَقع ذَلِك الْفِعْل فِي شَيْء آخر وَهُوَ الْمَفْعُول بِهِ، وَفِي مَكَان وَمَعَ شَيْء آخر هَذَا ضبط القَوْل فِي المفاعيل

وَالْمَفْعُول إِذا كَانَ ضميرا مُنْفَصِلا وَالْفِعْل مُتَعَدٍّ لوَاحِد وَجب تَأْخِير الْفِعْل نَحْو: {إياك نعْبد} وَلَا يجوز أَن يتَقَدَّم إِلَّا فِي ضَرُورَة وَفِي بعض

ص: 90

الشُّرُوح: إِن كَانَ مفعول الْمَجْهُول جارا أَو مجرورا لَا يتَقَدَّم على الْفِعْل لِأَنَّهُ لَو تقدم اشْتغل الْفِعْل بضميره وَلَا يُمكن جعله مُبْتَدأ لأجل حرف الْجَرّ؛ وَمِنْهُم من أجَازه محتجا بقوله تَعَالَى: {كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولا} لِأَن مَا لم يسم فَاعله مفعول فِي الْمَعْنى

وَالنّصب بعد حذف الْخَافِض عَلامَة الْمَفْعُول بِهِ، لِأَن حُرُوف الْجَرّ إِنَّمَا تدخل الْأَسْمَاء لإخفاء مَعَاني الْأَفْعَال إِلَيْهَا، فَتكون تِلْكَ الْأَسْمَاء مفاعيل لتِلْك الْأَفْعَال مَنْصُوبَة الْمحَال لعدم ظُهُور النصب فِيهَا لفظا لضَرُورَة وجود آثَار تِلْكَ الْحُرُوف؛ وَلما حذف مَانع ظُهُور النصب عَادَتْ منصوبات على المفعولية

وَيجوز حذف أحد مفعولي أَفعَال الْقُلُوب فِيمَا إِذا كَانَ الْفَاعِل والمفعولان شَيْئا وَاحِدًا فِي الْمَعْنى، ذكره صَاحب " الكاشف "

الِاسْتِثْنَاء: فِي اللُّغَة: الْمَنْع وَالصرْف، فينتظم الوضعي الَّذِي هُوَ مَا يكون بأداته، والعرفي الَّذِي هُوَ التَّعْلِيق بِمَشِيئَة الله تَعَالَى

وَلَفظ الِاسْتِثْنَاء يُطلق على فعل الْمُتَكَلّم وعَلى الْمُسْتَثْنى وعَلى نفس الصِّيغَة، وَالْمرَاد من قَوْلهم: إِن الِاسْتِثْنَاء حَقِيقَة فِي الْمُتَّصِل مجَاز فِي الْمُنْقَطع صِيغ الِاسْتِثْنَاء، وَأما لفظ الِاسْتِثْنَاء فحقيقة اصطلاحية فِي الْقسمَيْنِ بِلَا نزاغ

وَالِاسْتِثْنَاء إِيرَاد لفظ يَقْتَضِي رفع مَا يُوجِبهُ عُمُوم اللَّفْظ، أَو رفع مَا يُوجِبهُ اللَّفْظ

فَمن الأول قَوْله تَعَالَى: {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ إِلَّا أَن يكون ميتَة} وَمن الثَّانِي قَوْله الْقَائِل: (وَالله لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إِن شَاءَ الله) و (عَبده عَتيق وَامْرَأَته طَالِق إِن شَاءَ الله تَعَالَى)

والمخرج بِالِاسْتِثْنَاءِ عينه، وباستثناء الْمَشِيئَة خلاف الْمَذْكُور

وَالِاسْتِثْنَاء من قبيل الْأَلْفَاظ، والتلفظ تكلم بالحاصل بعد الثنيا وَلِهَذَا دخل فِي الْعدَد وَلم يجز إضماره، وَالنِّيَّة لَيست كَذَلِك، لِأَنَّهَا لَيست من قبيل الْأَلْفَاظ وَالثَّابِت بهَا إِذن التَّخْصِيص لَا الِاسْتِثْنَاء، إِذْ التَّخْصِيص لَا يخْتَص بالألفاظ، فَإِنَّهُ يكون تَارَة بِاللَّفْظِ وَتارَة بِغَيْرِهِ، وَلِهَذَا جَاءَ التَّخْصِيص بِالْعقلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{تدمر كل شَيْء}

وَالِاسْتِثْنَاء يجْرِي حَقِيقَة فِي الْعَام وَالْخَاص، والتخصيص لَا يجْرِي حَقِيقَة إِلَّا فِي الْعَام

وَالِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات، كَقَوْلِك:(لَيْسَ لَهُ على شَيْء إِلَّا عشرَة) فَيلْزمهُ عشرَة؛ وَبِالْعَكْسِ كَقَوْلِك: (لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا خَمْسَة) فَيلْزمهُ خَمْسَة هَذَا عِنْد الشَّافِعِي

وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الِاسْتِثْنَاء تكلم بِالْبَاقِي بعد الثنيا، يَعْنِي أَنه اسْتِخْرَاج صوري وَبَيَان معنوي، إِذْ الْمُسْتَثْنى لم يرد أَولا نَحْو قَوْله تَعَالَى:{فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما} وَالْمرَاد تسعمئة سنة قَالَ الْبرمَاوِيّ مَا قَالَه الشَّافِعِي وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور مُوَافق لقَوْل سِيبَوَيْهٍ والبصريين، وَمَا قَالَه أَبُو حنيفَة مُوَافق لقَوْل نحاة الْكُوفَة لِأَنَّهُ كُوفِي

ص: 91

وَأما الْإِجْمَاع المنعقد على أَن (لَا إِلَه إِلَّا الله) يُفِيد التَّوْحِيد وَلَو من الدهري وَذَلِكَ لَا يحصل إِلَّا بالإثبات بعد النَّفْي، فَالْجَوَاب أَن إِفَادَة كلمة التَّوْحِيد الْإِثْبَات بعد النَّفْي بِالْعرْفِ الشَّرْعِيّ، وكلامنا فِي الْوَضع اللّغَوِيّ، وَلِأَن مُرَاد أهل الْإِجْمَاع بالإثبات فِي قَوْلهم: الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات عدم النَّفْي، ومرادهم بِالنَّفْيِ فِي قَوْلهم: الِاسْتِثْنَاء من الْإِثْبَات نفي عدم الْإِثْبَات إطلاقا للخاص على الْعَام [أَو نقُول: الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات وَبِالْعَكْسِ لَكِن بطرِيق الْإِشَارَة على معنى أَن حكم الْإِثْبَات يَنْتَهِي بِهِ كَمَا يَنْتَهِي بالغاية، وَذَلِكَ لِأَن الِاسْتِثْنَاء فِي الْحَقِيقَة غَايَة للمستثنى مِنْهُ، فَمَتَى دخل على نفي يَنْتَهِي بالإثبات وَمَا دخل على إِثْبَات يَنْتَهِي بِالنَّفْيِ لِانْعِدَامِ عِلّة الْإِثْبَات، وَسمي هَذَا نفيا وإثباتا مجَازًا، وَالْمرَاد أَنه لم يحكم على الْمُسْتَثْنى بِحكم الصَّدْر إِلَّا أَنه حكم عَلَيْهِ بنقيض حكم الصَّدْر فَفِي قَوْله: (لَا إِلَه إِلَّا الله) لما انْتهى نفي الأولوهية عَمَّا سوى الله تَعَالَى بالألوهية ثَبت ألوهية الله تَعَالَى ضَرُورَة لَكِن بطرِيق الْإِشَارَة]

وَالِاسْتِثْنَاء وضع للنَّفْي، لِأَنَّهُ لبَيَان أَن الْمُسْتَثْنى لم يدْخل فِي حكم الْمُسْتَثْنى مِنْهُ، لَكِن جَعَلْنَاهُ للنَّفْي إِذا كَانَ من الْإِثْبَات، وَالْعَكْس بِالْعَكْسِ ضَرُورَة المضادة بَين الْمُسْتَثْنى والمستثنى مِنْهُ، فَكَانَ النَّفْي ذاتيا؛ أما نفي الْإِثْبَات إِن كَانَ من الْإِثْبَات أَو نفي النَّفْي إِن كَانَ من النَّفْي وَالْإِثْبَات فلعارض المضادة، وَمَا بِالذَّاتِ أولى [مِمَّا بالعارض]

وَجَمِيع كلم الِاسْتِثْنَاء إِذا أدخلت قبل النَّفْي أوجبت نفي الحكم عَمَّا عَداهَا، وَإِذا دخلت بعد النَّفْي أوجبت إِثْبَات الحكم بعْدهَا، وَقد يَجِيء بِلَفْظ يدل على معنى الِاسْتِثْنَاء وَلَيْسَ هُوَ إِيَّاه مثل:(هَذِه الدَّار لزيد وَهَذَا الْبَيْت مِنْهَا لي) لِأَنَّهُ إِخْرَاج مَا يتَنَاوَلهُ اللَّفْظ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيّ، فَكَانَ كالاستثناء

وَدخُول الْمُسْتَثْنى فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ ثمَّ إِخْرَاجه بإلا وَأَخَوَاتهَا إِنَّمَا كَانَ قبل إِسْنَاد الْفِعْل أَو شبهه إِلَيْهِ، فَلَا تنَاقض فِي مثل:(جَاءَنِي الْقَوْم إِلَّا زيدا) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة قَوْلك: (الْقَوْم الْمخْرج مِنْهُم زيد جاؤوني) ، وَذَلِكَ لِأَن الْمَنْسُوب إِلَيْهِ الْفِعْل وَإِن تَأَخّر عَنهُ لفظا، لَكِن لَا بُد لَهُ من التَّقْدِيم وجودا على النِّسْبَة الَّتِي يدل عَلَيْهَا الْفِعْل، إِذْ الْمَنْسُوب إِلَيْهِ والمنسوب سابقان على النِّسْبَة بَينهمَا ضَرُورَة، والمنسوب إِلَيْهِ فِي الِاسْتِثْنَاء هُوَ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مَعَ إِلَّا والمستثنى فَلَا بُد من وجود هَذِه الثَّلَاثَة قبل النِّسْبَة، فَلَا بُد إِذن من حُصُول الدُّخُول والإخراج قبل النِّسْبَة، فَلَا تنَاقض

وَالِاسْتِثْنَاء معيار الْعُمُوم، أَي مَا يختبر بِهِ عُمُوم اللَّفْظ، فَكل مَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاء مِنْهُ مِمَّا لَا حصر فِيهِ فَهُوَ عَام، للُزُوم تنَاوله للمستثنى، وَأما مَا فِيهِ حصر كأسماء الْأَعْدَاد فَإِنَّهُ خَارج عَن مَفْهُوم الْعُمُوم، فَانْدفع مَا يُقَال إِن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ قد يكون اسْم عدد نَحْو:(عِنْدِي عشرَة إِلَّا وَاحِدًا) أَو اسْم علم نَحْو:

(كسوت زيدا إِلَّا رَأسه) أَو مشاراً إِلَيْهِ نَحْو: (صمت هَذَا الشَّهْر إِلَّا يَوْم كَذَا) فَلَا يكون الِاسْتِثْنَاء دَلِيل الْعُمُوم، أَو تَقول: إِن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ فِي مثل هَذِه الصُّور وَإِن لم يكن عَاما، لكنه يتَضَمَّن صِيغَة

ص: 92

عُمُوم باعتبارها يَصح الِاسْتِثْنَاء، وَهُوَ جمع مُضَاف إِلَى الْمعرفَة أَي جَمِيع أَجزَاء الْعشْرَة وأعضاء زيد وَأَيَّام الشَّهْر

وَالِاسْتِثْنَاء من أَعم عَام الْأَحْوَال نَحْو قَوْلك: (مَا رَأَيْت إِلَّا زيدا) وَهَذَا الِاسْتِثْنَاء يَقع فِي جَمِيع مقتضيات الْفِعْل؛ أَعنِي فَاعله وَمَا شبه بِهِ

فقولك: (إِلَّا زيدا) مُسْتَثْنى من أَعم عَام الْمَفْعُول بِهِ، وَكَذَلِكَ (مَا لَقيته إِلَّا رَاكِبًا) فَإِنَّهُ اسْتثِْنَاء من أَعم عَام أعراضه

وَالِاسْتِثْنَاء قصر للمستثنى مِنْهُ وَبَيَان لانْتِهَاء حكمه: كَمَا أَن الْغَايَة قصر لامتداد المغيا وَبَيَان لانتهائه

واستثناء الشَّيْء اسْتثِْنَاء لَهُ وَلما دونه فِي الْغَرَض المسوق لَهُ الْكَلَام لَا لمثله وَلَا لما فَوْقه، لِأَن الشَّيْء لَا يستتبع إِلَّا لما دونه؛ أَلا يرى أَن من قَالَ:(مَا رَأَيْت الْيَوْم إِلَّا رجلا) يصدق مَعَ أَنه رأى ثِيَابه وسلاحه وفرسه

واستثناء الْأَمر الْكُلِّي من الحكم السلبي لَا يدل على خُرُوج جَمِيع أَفْرَاده من ذَلِك الحكم، بل خُرُوج الْبَعْض كَاف

واستثناء الشَّيْء من جنسه يَصح وَمن خلاف جنسه لَا يَصح، لِأَن الِاسْتِثْنَاء وضع لمنع دُخُول مَا لولاه لدخل تَحت اللَّفْظ؛ وَلَا يتَحَقَّق ذَلِك فِي خلاف الْجِنْس

وَيجوز حذف الْمُسْتَثْنى مِنْهُ فِي النَّفْي لَا فِي الْإِثْبَات يُقَال: (مَا جَاءَنِي إِلَّا زيد)، وَلَا يُقَال:(جَاءَنِي إِلَّا زيد) لِأَن النكرَة فِي النَّفْي تعم، وَفِي الْإِثْبَات تخص، فالحذف فِي النَّفْي يدل على أَن الْمَحْذُوف لَفْظَة (أحد) وَهُوَ عَام لوُقُوعه فِي سِيَاق النَّفْي، وَلَا يُمكن تَقْدِيره فِي الْإِثْبَات، لِأَنَّهُ خَاص، فَيلْزم اسْتثِْنَاء الْوَاحِد من الْوَاحِد وَهُوَ لَا يَصح

[وَالِاسْتِثْنَاء إِن كَانَ من الْمُثبت يكون لقصر النَّفْي نَحْو: {كل شَيْء هَالك إِلَى وَجهه} أَي انْتِفَاء الْهَلَاك مَقْصُور على ذَات الله وَإِن كَانَ من الْمَنْفِيّ] يكون لقصر الْإِثْبَات نَحْو: (مَا زيد إِلَّا عَالم) فِي قصر الْمَوْصُوف، و (مَا الْعَالم إِلَّا زيد)[فِي قصر الصّفة]

واستثناء الْكل من الْكل لَا يَصح إِذا كَانَ بِلَفْظ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ بِأَن قَالَ: (نسَائِي طَوَالِق إِلَّا نسَائِي) وَبِغير ذَلِك اللَّفْظ يَصح مثل: (نسَائِي طَوَالِق إِلَّا زَيْنَب) وَكَذَا لَا يَصح (ثلث مَالِي لزيد إِلَّا ثلث مَالِي وَيصِح (ثلث مَالِي لزيد إِلَّا ألف) وَثلث مَاله ألف، لَكِن لَا يسْتَحق شَيْئا وَلَو أقرّ بِقَبض عشرَة دَرَاهِم جِيَاد وَقَالَ مُتَّصِلا: إِلَّا أَنَّهَا زيوف، لم يَصح الِاسْتِثْنَاء وَلَو قَالَ:(غلاماي حران سَالم ويزيغ إِلَّا يزيفا) صَحَّ الِاسْتِثْنَاء، لِأَنَّهُ فصل على سَبِيل التَّفْسِير فَانْصَرف إِلَى الْمُفَسّر، وَقد ذكرهمَا جملَة، بِخِلَاف مَا لَو قَالَ:(سَالم حر ويزيغ حر إِلَّا يزيغا) لِأَنَّهُ أفرد كلا مِنْهُمَا بِالذكر، فَكَانَ هَذَا الِاسْتِثْنَاء لجملة مَا تكلم بِهِ فَلَا يَصح

وَيبْطل الِاسْتِثْنَاء بأَرْبعَة: بالكستة وبالزيادة على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مثل: (أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا أَرْبعا) ، وبالمساواة، وباستثناء بعض الطَّلَاق واتصال الِاسْتِثْنَاء بالمستثنى مِنْهُ لفظا أَو مَا هُوَ فِي حكم الِاتِّصَال لفظا، وَهُوَ أَن لَا يعد الْمُتَكَلّم بِهِ إثْبَاته بعد فَرَاغه من الْكَلَام قطعا عرفا، بل يعد الْكَلَام وَاحِدًا غير مُنْقَطع اسْتِدْلَالا بقوله تَعَالَى: (وَاذْكُر رَبك إِذا

ص: 93

نسيت} ، وَإِن تخَلّل بَينهمَا فاصل بِانْقِطَاع نفس أَو سعال أَو عطاس أَو نَحْوهَا شَرط عِنْد عَامَّة الْعلمَاء؛ وَمَا نقل عَن ابْن عَبَّاس من جَوَاز تَأْخِير الِاسْتِثْنَاء إِن صَحَّ فعله أَرَادَ بِهِ إِذا نوى الِاسْتِثْنَاء أَولا ثمَّ أظهر نِيَّته بعده فيدين فِيمَا بَينه وَبَين الله فِيمَا نَوَاه؛ وَأما تَجْوِيز التَّأْخِير لَو أصر عَلَيْهِ دون هَذَا التَّأْوِيل فَيردهُ عَلَيْهِ اتِّفَاق أهل اللُّغَة على خِلَافه لِأَنَّهُ جُزْء من الْكَلَام يحصل بِهِ الْإِتْمَام، وَإِذا انْفَصل لم يكن إتماما كالشرط وَخبر الْمُبْتَدَأ، [وَلَو جَازَ الِانْفِصَال لما اسْتَقر شَيْء من الطَّلَاق وَالْعتاق، وَكَذَا علم صدق صَدُوق وَكذب كَاذِب، وَلم يحصل الوثوق بِيَمِين وَلَا وعد ووعيد، وَهُوَ خلاف النَّقْل وَالْعقل وَفِيه حِكَايَة مَشْهُورَة لأبي حنيفَة مَعَ الرشيد] وَلِأَن الِاسْتِثْنَاء تَغْيِير صدر الْكَلَام من التَّنْجِيز إِلَى التَّعْلِيق أَو إِلَى الْإِبْطَال فَلَا يَصح إِلَّا مَوْصُولا، بِخِلَاف الْعَطف، فَإِنَّهُ تَقْرِير لصدر الْكَلَام وَلَيْسَ بتغيير فَيصح مَفْصُولًا مَا دَامَ الْمجْلس قَائِما دلّ عَلَيْهِ قَوْله عليه الصلاة والسلام:(والمقصرين) فِي الْمرة الثَّالِثَة بعد السُّكُوت عطفا على (المحلقين) قَالَ عِكْرِمَة: معنى قَوْله تَعَالَى: {إِذا نسيت} إِذا ارتكبت ذَنبا مَعْنَاهُ: اذكر الله إِذا قصدت ارْتِكَاب ذَنْب يكن ذَلِك دافعا لَك

وَالِاسْتِثْنَاء كَمَا يكون من الْمَنْطُوق يكون من الْمَفْهُوم أَيْضا؛ وَعَلِيهِ حَدِيث: " إِذا مَاتَ ابْن آدم انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث " إِلَى آخِره

وَقَوله تَعَالَى: {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} إِلَى آخِره، فَإِنَّهُ قد فهم من (لَا أجد) معنى (لَا يكون)

وَالِاسْتِثْنَاء إِذا تعقب الْجمل المعطوفة ينْصَرف إِلَى الْأَخِيرَة عندنَا لِأَنَّهُ الْمُتَيَقن وَهُوَ أولى بِالِاعْتِبَارِ، وَهُوَ الْمَذْهَب عِنْد محققي الْبَصْرَة، وَيعود للْكُلّ عِنْد الشَّافِعِي لِأَن الْجمع بِحرف الْجمع كالجمع بِلَفْظ الْجمع مِثَاله آيَة الْقَذْف فَإِن قَوْله تَعَالَى:{إِلَّا الَّذين تَابُوا} منصرف عِنْده إِلَى قَوْله: {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} حَتَّى إِن التائب تقبل شَهَادَته عِنْده، وَأما عِنْد الْحَنَفِيَّة فَهُوَ منصرف إِلَى قَوْله:{وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} حَتَّى إِن فسقهم يرْتَفع بِالتَّوْبَةِ، وَلَا تفِيد التَّوْبَة شَهَادَتهم، بل ردهَا من تَمام الْحَد وَفِي الشَّرْط والمشيئة إِجْمَاع على أَنه ينْصَرف إِلَى الْكل، حَتَّى لَو قَالَ:(امْرَأَته طَالِق) و (عَبده حر) و (عَلَيْهِ حج إِن دخل الدَّار) وَقَالَ فِي آخِره: (إِن شَاءَ الله) ، ينْصَرف إِلَى مَا سبق

وَالِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع: حسن فِيهِ دُخُول (إِن) فِي الْمُسْتَثْنى، وَلم يحسن ذَلِك فِي الْمُتَّصِل؛ وَالْعَامِل فِي المفرغ مَشْغُول بالمستثنى مِنْهُ، على أَنه منَاط الحكم ومقصود بِهِ، بِخِلَاف غير المفرغ، وَيقدر الْعُمُوم فِي المفرغ بِالنَّفْيِ فِيمَا تعذر فِيهِ الْإِثْبَات، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{قل أَرَأَيْتكُم إِن أَتَاكُم عَذَاب الله بَغْتَة أَو جهرة هَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم الظَّالِمُونَ} أَي: مَا يهْلك هَلَاك سخط وتعذيب إِلَّا الْقَوْم الظَّالِمُونَ، وَفِيمَا لم يتَعَذَّر جَازَ الْإِثْبَات

ص: 94

نَحْو قَوْلك: (قَرَأت إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة) إِذْ يَصح (قَرَأت كل الْأَيَّام إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة)

وَالِاسْتِثْنَاء كَمَا يتَعَذَّر فِي المحصور نَحْو: (جَاءَنِي مئة رجل إِلَّا زيد) قد يتَعَذَّر فِي غير المحصور أَيْضا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله} إِلَى آخِره، فيضطر هُنَاكَ إِلَى حمل (إِلَّا) على (غير)

وَالِاسْتِثْنَاء يمْنَع بعض الْكَلَام وَالتَّعْلِيق يمْنَع كُله، وَلِهَذَا صَار التَّعْلِيق أقوى

وَالِاسْتِثْنَاء الصناعي: هُوَ الَّذِي يُفِيد بعد إِخْرَاج الْقَلِيل من الْكثير معنى يزِيد على الِاسْتِثْنَاء ويكسوه بهجة وطلاوة كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيس} {فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما} فَإِن مَعَاني هَذِه الْآيَات الشَّرِيفَة زَائِدَة على مِقْدَار الِاسْتِثْنَاء

وَمن الِاسْتِثْنَاء نوع سَمَّاهُ بعض اسْتثِْنَاء الْحصْر؛ وَهُوَ غير الِاسْتِثْنَاء الَّذِي يخرج الْقَلِيل من الْكثير كَقَوْلِه:

(إِلَيْك وَإِلَّا مَا تحث الركائب

وعنك وَإِلَّا فالمحدث كَاذِب)

أَي: لَا تحث الركائب إِلَّا إِلَيْك، وَلَا يصدق الْمُحدث إِلَّا عَنْك

اسْم التَّفْضِيل: هُوَ مَا اشتق لما زَاد على غَيره فِي الْفِعْل؛ وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا مَعَ (من) أَو اللَّام أَو الْإِضَافَة؛ وَلَا بَأْس باجتماع الْإِضَافَة و (من) إِذا لم يكن الْمُضَاف إِلَيْهِ مفضلا عَلَيْهِ كَمَا يُقَال: (زيد أفضل الْبَصْرَة من كل فَاضل) وَلَا يُقَال: (هُوَ أفضل) بِدُونِ هَذِه الثَّلَاثَة إِلَّا أَن يكون الْمفضل عَلَيْهِ مَعْلُوما بِقَرِينَة؛ وَبِالْجُمْلَةِ شَرط حذف (من) أَن يكون (أفعل) خَبرا لَا صفة، فيكثر حذف (من) فِي الْخَبَر، لِأَن الْغَرَض مِنْهُ الْفَائِدَة، وَقد يَكْتَفِي فِي حُصُوله بِقَرِينَة ويقل فِي الصّفة لِأَن الْمَقْصُود من الصّفة إِمَّا التَّخْصِيص أَو الثَّنَاء وَكِلَاهُمَا من بَاب الإطناب والإسهاب لَا من مَوَاضِع الْمُبَالغَة والاختصار

والمعرف ب (ال) يمْتَنع اتِّصَاله ب (من) ، وَالَّذِي مَعَ (من) ملفوظا بهَا أَو مقدرَة أَو مُضَافَة إِلَى نكرَة لَا يسْتَعْمل إِلَّا مُفردا مذكرا على كل حَال، سَوَاء كَانَ لمذكر أم لمؤنث مُفْرد أم مثنى أم مَجْمُوع، لِأَن (من) بِمَنْزِلَة جُزْء مِنْهُ، فَيمْتَنع تثنيته وَجمعه وتأنيثه، وَإِذا ثني أَو جمع أَو أنث طابق مَا هُوَ لَهُ وَلَزِمَه أحد أَمريْن، إِمَّا الْألف وَاللَّام وَإِمَّا الْإِضَافَة لمعْرِفَة

وَالَّذِي بِاللَّامِ لَا يسْتَعْمل إِلَّا مطابقا لاسْتِحْقَاق الْمُطَابقَة وَعدم الْمَانِع؛ وَالَّذِي بِالْإِضَافَة يجوز فِيهِ الْمُطَابقَة، وَذَلِكَ إِذا أضيف وَقصد بِهِ التَّفْضِيل على كل مَا سواهُ مُطلقًا لَا على الْمُضَاف إِلَيْهِ فَقَط، وَالْإِضَافَة لمُجَرّد التَّوْضِيح والتخصيص كَقَوْلِنَا:(نَبينَا أفضل قُرَيْش) أَي: أفضل النَّاس من بَين قُرَيْش، وَيجوز عدم الْمُطَابقَة وَذَلِكَ فِيمَا إِذا أضيف وَالْمَقْصُود تفضيله على الْمُضَاف إِلَيْهِ فَقَط

وأفعل التَّفْضِيل إِذا أضيف وَأُرِيد تَفْضِيل موصوفه فِي معنى الْمصدر الْمُشْتَقّ مِنْهُ على كل وَاحِد مِمَّا بَقِي بعده من أَجزَاء مَا أضيف إِلَيْهِ لم يجز إِفْرَاد

ص: 95

ذَلِك الْمُضَاف إِلَيْهِ إِذا كَانَ معرفَة ك (أفضل الرجل) إِلَّا إِذا كَانَ ذَلِك الْمُفْرد جِنْسا يُطلق على الْقَلِيل وَالْكثير نَحْو: (البرني أطيب التمرة)

وَاسم التَّفْضِيل مَا كَانَ بعلامة، وَعكس هَذَا أفعل التَّفْضِيل، وَقيل: أفعل التَّفْضِيل هُوَ الَّذِي غلب عَلَيْهِ الفعلية وَاسم التَّفْضِيل هُوَ الَّذِي غلب عَلَيْهِ الإسمية ك (خير مِنْهُ) و (شَرّ مِنْهُ)، وَذكر صَاحب " الْمغرب " وَغَيره أَن أفعل التَّفْضِيل إِذا وَقع خَبرا يحذف مِنْهُ أَدَاة التَّفْضِيل قِيَاسا وَمِنْه:(الله أكبر)

وَقَول الشَّاعِر:

(دعائمه أعز وأطول)

وَإِذا قلت مثلا: (زيد أعلم الْقَوْم) فقد أردْت أَنه زَائِد فِي الْجُمْلَة على الْمُضَاف إِلَيْهِم فِي الْخصْلَة الَّتِي هُوَ وهم فِيهَا شُرَكَاء

وَأما أَنه زَائِد على الْمُضَاف إِلَيْهِم فِي الْخصْلَة الْمَذْكُورَة بِالزِّيَادَةِ الْكَامِلَة فَلَا يتجاسر عَلَيْهِ عَاقل؛ كَيفَ وَفَوق كل ذِي علم عليم علام

وَأما إِطْلَاق النُّحَاة الزِّيَادَة فِي قَوْلهم: أفعل التَّفْضِيل إِذا أضيف فَلهُ مَعْنيانِ: الأول: أَن يقْصد بِهِ الزِّيَادَة على جَمِيع مَا عداهُ مِمَّا أضيف إِلَيْهِ

وَالثَّانِي: أَن يقْصد بِهِ الزِّيَادَة على جَمِيع مَا عداهُ مُطلقًا فَمن مساهلاتهم لظُهُور المُرَاد

وأفعل يُضَاف إِلَى مَا هُوَ بعضه، وَإِذا كَانَ بِمَعْنى فَاعل جَازَت إِضَافَته إِلَى مَا لَيْسَ بعضه نَحْو:{أعلم بِمَا كَانُوا يكتمون} وأفعل إِنَّمَا يُضَاف إِلَى مَا بعده إِذا كَانَ من جنس مَا قبله كَقَوْلِك: (وَجهك أحسن وَجه) أَي أحسن الْوُجُوه، فَإِذا نصبت مَا بعده كَانَ غير الَّذِي قبله كَقَوْلِك:(زيد أنزه عبدا) فالنزاهة للْعَبد لَا لزيد

وَقد يكون أفعل مَوْضُوعا لمشتركين فِي معنى وَاحِد أَحدهمَا يزِيد على الآخر فِي الْوَصْف بِهِ كَقَوْلِك: (زيد أفضل الرجلَيْن) فزيد وَالرجل المضموم إِلَيْهِ مشتركان فِي الْفضل، إِلَّا أَن فضل زيد يزِيد على فضل المقرون بِهِ

وَقد يجْرِي مثل هَذَا اللَّفْظ من غير مُشَاركَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلا}

والمشاركة بَين الْمفضل والمفضل عَلَيْهِ قد تكون تَحْقِيقا وَقد تكون فرضيا نَحْو مَا يُقَال: (زيد أعلم من الْحمار وَعَمْرو أفْصح من الْأَشْجَار) أَي لَو كَانَ للحمار علم وللشجرة فصاحة

وَقَوْلنَا: (هُوَ أَهْون عَلَيْهِ) أَي هَين عَلَيْهِ

وَقد يسْتَعْمل أفعل لبَيَان الْكَمَال وَالزِّيَادَة فِي وَصفه الْخَاص وَإِن لم يكن الْوَصْف الَّذِي هُوَ الأَصْل مُشْتَركا وَعَلِيهِ قَوْلهم: (الصَّيف أبرد من الشتَاء) أَي الصَّيف أكمل فِي حرارته من الشتَاء فِي برودته

وَقد يقْصد بِهِ تجَاوز صَاحبه وتباعده عَن الْغَيْر فِي الْفِعْل لَا بِمَعْنى تفضيله بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ بعد الْمُشَاركَة فِي أصل الْفِعْل بل بِمَعْنى أَن صَاحبه متباعد فِي أصل الْفِعْل متزايد إِلَى كَمَاله فِيهِ على وَجه الِاخْتِصَار فَيحصل كَمَال التَّفْضِيل وَهُوَ الْمَعْنى الأوضح فِي الأفاعل فِي صِفَاته تَعَالَى إِذْ لم

ص: 96

يُشَارِكهُ أحد فِي أَصْلهَا حَتَّى يقْصد التَّفْضِيل نَحْو: (الله أكبر)

قَالُوا: أفعل قد يسْتَعْمل لغير الْمُبَالغَة كَمَا فِي صِفَات الله تَعَالَى، لِأَنَّهُ يُنبئ عَن التَّفَاوُت وَهُوَ لَا يَلِيق بصفاته تَعَالَى؛ وَفِيه نظر لِأَن أفعل قد يكون بِمَعْنى الْفَاعِل كَمَا فِي قَوْلهم:(النَّاقِص والأشج أعدلا بني مَرْوَان) أَي عادلاهم وكقولنا: (الله أكبر) أَي: كَبِير، وَقَوله تَعَالَى:{وبعولتهن أَحَق بردهن}

وأفعل التَّفْضِيل إِنَّمَا ينصب النكرات على التَّمْيِيز خَاصَّة كَقَوْلِهِم: (هَذَا أكبر مِنْهُ سنا) وَإِذا نصب مَا بعده لم يكن من جنسه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَو أَشد خشيَة}

وأفعل الَّذِي يلْزمه الْفضل لَا يثنى وَلَا يجمع وَلَا يؤنث، وَالَّذِي لَا يلْزمه الْفضل يثنى وَيجمع وَيُؤَنث وَيذكر

قَالَ بَعضهم: صِيغَة (أفعل) إِذا لم يقْصد بهَا المفاضلة وَصَارَت بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل للْعَرَب فِيهِ لحظان

لحظ الأَصْل: فَيلْزم الْإِفْرَاد والتذكير كَيْفَمَا كَانَ قبله نَحْو قَوْله تَعَالَى: {نَحن أعلم بِمَا يَقُولُونَ} هَذَا هُوَ الْأَكْثَر

وَالثَّانِي: لحظ عدم الأَصْل فَيلْزم الْمُطَابقَة إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا

وأفعل التَّفْضِيل يجب أَن يكون من الْفَاعِل كَقَوْلِك: (زيد ضَارب وَعَمْرو أضْرب مِنْهُ) وَلَا يجوز أَن تَقول: (زيد مَضْرُوب وَعَمْرو أضْرب مِنْهُ)

وَلَا يسْتَعْمل (أفعل من كَذَا) إِلَّا مِمَّا يسْتَعْمل مِنْهُ (مَا أَفعلهُ) والتعجب لَا يكون مِمَّا هُوَ على أَرْبَعَة أحرف

الِاسْتِفْهَام: الاستخبار، وَقيل: الاستخبار مَا سبق أَولا وَلم يفهم حق الْفَهم، فَإذْ سُئِلَ عَنهُ ثَانِيًا كَانَ استفهاما

قَالَ بَعضهم: حَقِيقَة الِاسْتِفْهَام طلب الْمُتَكَلّم من مُخَاطبَة أَن يحصل فِي ذهنه مَا لم يكن حَاصِلا عِنْده مِمَّا سَأَلَهُ عَنهُ

وَقَالَ بعض الْفُضَلَاء: يَنْبَغِي أَن يكون الْمَطْلُوب تَحْصِيل ذَلِك فِي ذهن أَعم من الْمُتَكَلّم وَغَيره كحقيقة الاسْتِغْفَار وَفِيه أَن أعمية السّتْر لغيره أَيْضا عَادَة مُسلم، لَكِن طلب إفهام الْمَطْلُوب للْغَيْر مَعَ كَون الطَّالِب عَالما وَإِن كَانَ مُمكنا إِلَّا أَنه لم تَنْصَرِف إِرَادَة الْوَاضِع إِلَى ذَلِك الْقَصْد لعدم الْحَاجة إِلَيْهِ غَالِبا

والاستفهام فِي الْمعرفَة عَن الصّفة وَفِي النكرَة عَن الْعين، وَلما اخْتلف الْمَعْنى خالفوا بَينهمَا فِي اللَّفْظ، حَيْثُ استفهموا مخاطبهم فِي النكرات بالحرف عِنْد الْوَقْف وأسقطوا الْحَرْف فِي المعارف عِنْد الْوَصْل

وَمن دَقِيق بَاب الِاسْتِفْهَام أَن يوضع فِي الشَّرْط وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة للجزاء نَحْو: {أَفَإِن مت فهم الخالدون} أَي: أفهم الخالدون إِن مت؟ وَقد يكون استخبارا وَالْمعْنَى تبكيت نَحْو: {أَأَنْت قلت للنَّاس} إِلَى آخِره، فَإِنَّهُ تبكيت

ص: 97

لِلنَّصَارَى فِيمَا ادعوهُ وَذَلِكَ أَنه طلب بِهِ إِقْرَار عِيسَى فِي ذَلِك المشهد الْعَظِيم بِأَنَّهُ لم يقل ذَلِك ليحصل فهم النَّصَارَى ذَلِك فيقرر كذبهمْ فِيمَا ادعوهُ

أَو استرشادا نَحْو: {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا}

أَو نفيا نَحْو: {فَمن يهدي من أضلّ الله} أَو إِخْبَارًا وتحقيقا نَحْو: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر}

وَقد يكون استخبارا وَالْمرَاد بِهِ الافهام والايناس نَحْو: {وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى}

وَقَوله تَعَالَى: {فَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا} وَمَا أشبه ذَلِك من الْآيَات فالاستفهام فِيهَا للنَّفْي وَالْمعْنَى خبر، وبتخصيص كل مَوضِع بِالصَّلَاةِ يَزُول التَّنَاقُض، [بَين هَذِه الْآيَة وَبَين مَا أشبه ذَلِك من الْآيَات] وَلَا يلْزم من نفي التَّفْضِيل نفي الْمُسَاوَاة

وَمن مَعَاني الِاسْتِفْهَام التَّقْرِير: أَي حمل الْمُخَاطب على الْإِقْرَار وَالِاعْتِرَاف بِأَمْر قد اسْتَقر عِنْده

وَحَقِيقَة اسْتِفْهَام التَّقْرِير إِنْكَار، وَالْإِنْكَار نفي وَقد دخل على النَّفْي، وَنفي النَّفْي إِثْبَات وَمن أمثلته قَوْله تَعَالَى:{أَلَسْت بربكم}

وَفِي قَوْله تَعَالَى: {أَلا تَأْكُلُونَ} يحْتَمل الْعرض والحث على الْأكل على طَرِيق الْأَدَب إِن قَالَه أول مَا وَضعه، وَيحْتَمل الْإِنْكَار إِن قَالَه حينما رأى إعراضهم

وَمِنْهَا: التَّعَجُّب أَو التعجيب نَحْو: {كَيفَ تكفرون بِاللَّه}

والتذكير نَحْو: {ألم أَعهد إِلَيْكُم}

والافتخار نَحْو: {أَلَيْسَ لي ملك مصر}

والتهويل والتخويف نَحْو: {القارعة مَا القارعة}

وَبِالْعَكْسِ نَحْو: {مَاذَا عَلَيْهِم لَو آمنُوا}

والتهديد والوعيد نَحْو {ألم نهلك الْأَوَّلين}

وَالْأَمر نَحْو: {أَتَصْبِرُونَ}

والتكثير نَحْو: {وَكم من قَرْيَة}

والتنبيه وَهُوَ من أَقسَام الْأَمر نَحْو: {ألم تَرَ أَن الله أنزل من السَّمَاء مَاء}

وَالتَّرْغِيب نَحْو: {هَل أدلكم على تِجَارَة تنجيكم}

وَالنَّهْي نَحْو: {مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم}

ص: 98

وَالدُّعَاء نَحْو: {أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء} أَي: لَا تُهْلِكنَا

وَالتَّمَنِّي نَحْو: {فَهَل لنا من شُفَعَاء}

والاستبطاء نَحْو: {مَتى نصر الله}

والتعظيم نَحْو: {من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ}

والتحقير نَحْو: {أَهَذا الَّذِي بعث الله رَسُولا}

والاكتفاء نَحْو: {أَلَيْسَ فِي جنهم مثوى للمتكبرين}

والاستبعاد نَحْو: {أَنى لَهُم الذكرى}

والتهكم والاستهزاء نَحْو {أصلاتك تأمرك}

والتأكيد لما سبق من معنى إِرَادَة الِاسْتِفْهَام قبله نَحْو: {أَفَمَن حق عَلَيْهِ كلمة الْعَذَاب}

والتسوية وَهُوَ بعد (سَوَاء) و (مَا أُبَالِي) و (مَا أَدْرِي) و (لَيْت شعري)

وَالْإِنْكَار التوبيخي نَحْو: {أفعصيت أَمْرِي}

والاستفهام الإنكاري: إِنَّمَا يكون فِي معنى النَّفْي إِذا كَانَ إبطاليا، وَأما إِذا كَانَ توبيخا فَلَا

والاستفهام عقيب ذكر المعايب أبلغ من الْأَمر بِتَرْكِهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} وَيَقَع بعد كل فعل يُفِيد معنى الْعلم ك (علمت) و (دَريت) و (تبينت) وَبعد كل مَا يطْلب بِهِ الْعلم ك (تفكرت) ، و (امتحنت) ، و (بلوت) وَبعد جَمِيع أَفعَال الْحَواس ك (لمست) ، و (أَبْصرت) ، و (سَمِعت) و (ذقت) و (شممت)

وأدوات الِاسْتِفْهَام: الْهمزَة، و (هَل) ، و (مَا) و (من) و (أَي) و (كم) و (كَيفَ) و (أَيْن) و (أَنى) و (مَتى) و (أَيَّانَ) وَمَا عدا الْهمزَة نَائِب عَنْهَا

وَأما أدوات الِاسْتِفْهَام بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّصْدِيق والتصور فَثَلَاثَة أَقسَام: مُخْتَصّ بِطَلَب التَّصَوُّر: وَهُوَ (أم) الْمُتَّصِلَة وَجَمِيع أَسمَاء الِاسْتِفْهَام

ومختص بِطَلَب التَّصْدِيق: وَهُوَ (أم) المنقطعة و (هَل)

ومشترك بَينهمَا: وَهِي الْهمزَة الَّتِي لم تسْتَعْمل مَعَ (أم) الْمُتَّصِلَة لعراقتها فِي الِاسْتِفْهَام، وَلِهَذَا يجوز أَن تقع بعد (أم) سَائِر كَلِمَات الِاسْتِفْهَام سوى الْهمزَة

وَمَتى قَامَت قرينَة ناصة على أَن السُّؤَال عَن الْمسند إِلَيْهِ تعيّنت الْجُمْلَة الإسمية، أَو عَن الْمسند تعيّنت الفعلية، وَإِلَّا فَالْأَمْر على الِاحْتِمَال والأرجح الفعلية، لِأَن طلب الْهمزَة للْفِعْل أقوى فَهِيَ بِهِ أولى

وكل مَادَّة يمْتَنع فِيهَا حَقِيقَة الِاسْتِفْهَام يستعملون لفظ الِاسْتِفْهَام هُنَاكَ فِيمَا يُنَاسب الْمقَام ويحيلون دركها على ذوق السامعين، فَلَا تَنْحَصِر المتولدات وَلَا ينْحَصر أَيْضا شَيْء مِنْهَا فِي أَدَاة، فَعَلَيْك

ص: 99

بِالتَّصَرُّفِ وَاسْتِعْمَال الروية

الْإِسْنَاد: هُوَ ضم كلمة حَقِيقَة أَو حكما أَو أَكثر إِلَى أُخْرَى مثلهَا أَو أَكثر يُفِيد السَّامع فَائِدَة تَامَّة

وَقَالَ بَعضهم: الْإِسْنَاد قِسْمَانِ: عَام وخاص

فالعام: هُوَ نِسْبَة إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى

وَالْخَاص: هُوَ نِسْبَة إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى بِحَيْثُ يَصح السُّكُوت عَلَيْهَا

والإسناد وبالبناء، والتفريغ، والشغل: أَلْفَاظ مترادفة، يدل على ذَلِك أَن سبيويه قَالَ:" الْفَاعِل مَا اشْتغل بِهِ الْفِعْل " وَفِي مَوضِع آخر: " فرغ لَهُ " وَفِي آخر: " بني لَهُ " و " أسْند لَهُ "، وَهُوَ وَالْحكم وَالنِّسْبَة التَّامَّة بِمَعْنى وَاحِد يعم الْإِخْبَار، والإنشاء، والوقوع، واللاوقوع وَأما الْإِيقَاع، والانتزاع، فيختصان بالإخبار دون الْإِنْشَاء

وَالنِّسْبَة التقييدية أَعم من جَمِيع ذَلِك

والإسناد يَقع على الِاسْتِفْهَام وَالْأَمر وَغَيرهمَا، وَلَيْسَ الْإِخْبَار كَذَلِك، بل هُوَ مَخْصُوص بِمَا صَحَّ أَن يُقَابل التَّصْدِيق والتكذيب، فَكل إِخْبَار إِسْنَاد، وَلَا عكس

وَإِن كَانَ مرجع الْجَمِيع إِلَى الْخَبَر من جِهَة الْمَعْنى، أَلا ترى أَن معنى (قُم) أطلب قيامك، وَكَذَلِكَ الِاسْتِفْهَام وَالنَّهْي

والإسناد إِذا أطلق على الحكم كَانَ الْمسند والمسند إِلَيْهِ من صِفَات الْمعَانِي، ويوصف بهما الْأَلْفَاظ تبعا، وَإِذا أطلق على الضَّم كَانَ الْأَمر بِالْعَكْسِ

واعتبارات الْإِسْنَاد تجْرِي فِي كلا معنييه على سَوَاء؛ وَأما اعتبارات الْمسند والمسند إِلَيْهِ فَإِنَّمَا جريانها فِي الْأَلْفَاظ

الِاسْتِعَارَة: هِيَ من (استعرت زيدا ثوبا لعَمْرو) لَكِنَّهَا فِي صُورَة إِطْلَاقهَا على لفظ الْمُشبه بِهِ مُسْتَعْملا فِي الْمُشبه نقلت من الْمصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول إِلَى معنى لَا يَصح الِاشْتِقَاق مِنْهُ وَفِي صُورَة إِطْلَاقهَا على نفس اسْتِعْمَال لفظ الْمُشبه بِهِ فِي الْمُشبه نقلت من معنى مصدر إِلَى معنى يَصح الِاشْتِقَاق مِنْهُ

والاستعارة: هِيَ اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي غير مَا وضع لَهُ للمشابهة، وَبِهَذَا فَارَقت الْمجَاز الْمُرْسل

والأصوليون يطلقون الِاسْتِعَارَة على كل مجَاز

قَالَ الرَّازِيّ: الِاسْتِعَارَة هِيَ جعلك الشَّيْء للشَّيْء للْمُبَالَغَة فِي التَّشْبِيه، وَقيل: زوج الْمجَاز بالتشبيه فتولد بَينهمَا الِاسْتِعَارَة، وَالأَصَح أَنَّهَا مجَاز لغَوِيّ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة للمشبه بِهِ لَا للمشبه وَلَا لأعم مِنْهُمَا

وَقَالَ بَعضهم: حَقِيقَة الِاسْتِعَارَة أَن تستعار الْكَلِمَة من شَيْء مَعْرُوف بهَا إِلَى شَيْء لم يعرف بهَا إِظْهَارًا للخفي، وإيضاحا للظَّاهِر الَّذِي لَيْسَ بجلي، أَو لحُصُول الْمُبَالغَة، أَو لمجموع ذَلِك كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب} {واخفض لَهما جنَاح الذل} {وفجرنا الأَرْض عيُونا}

والاستعارة أخص من الْمجَاز، إِذْ قصد الْمُبَالغَة شَرط فِي الِاسْتِعَارَة دون الْمجَاز

وَلَا يحسن الِاسْتِعَارَة إِلَّا حَيْثُ كَانَ التَّشْبِيه مقررا،

ص: 100

وَكلما زَاد التَّشْبِيه خَفَاء زَادَت الِاسْتِعَارَة حسنا وَاعْلَم أَن الِاسْتِعَارَة بِاعْتِبَار ذَاتهَا تَنْقَسِم: أَولا: إِلَى مُصَرح بهَا، ومكنى عَنْهَا

والمصرح بهَا تَنْقَسِم إِلَى قطيعة واحتمالية

والقطيعة تَنْقَسِم إِلَى تخييلية وتحقيقية

ثَانِيًا: إِلَى أَصْلِيَّة وتبعية

وثالثا: إِلَى مُجَرّدَة ومرشحة

أما الِاسْتِعَارَة الْمُصَرّح بهَا التحقيقية مَعَ الْقطع: فَهِيَ أَن تذكر مشبها بِهِ فِي مَوضِع مشبه مُحَقّق مُدعيًا دُخُول الْمُشبه فِي جنس الْمُشبه بِهِ مَعَ سد طَرِيق التَّشْبِيه وَنصب قرينَة مَانِعَة من الْحمل على الظَّاهِر احْتِرَازًا عَن الْكَذِب، كَمَا إِذا أردْت أَن تلْحق شجاعا بالأسود فِي شدَّة الْبَطْش وَكَمَال الْإِقْدَام فَقلت:(رَأَيْت أسدا يتَكَلَّم) أَو ذَا وَجه جميل بالبدر فِي الوضوح وَالْإِشْرَاق وملاحة الاستدارة فَقلت: (لقِيت بَدْرًا يتبسم)

وَمن الِاسْتِعَارَة اسْتِعَارَة اسْم أحد الضدين للْآخر بِوَاسِطَة تَنْزِيل التضاد منزلَة التناسب بطرِيق التهكم والتمليح، كَمَا إِذا قلت:(تَوَاتَرَتْ على فلَان البشارات بعزله وَنهب أَمْوَاله وَقتل أَوْلَاده)

وَمِنْهَا اسْتِعَارَة وصف إِحْدَى صُورَتَيْنِ منتزعتين من عدَّة أُمُور لوصف الْأُخْرَى، أَن تَجِد من استفتي فِي مَسْأَلَة فيهم بِالْجَوَابِ تَارَة، ويمسك عَنهُ أُخْرَى، فَيُشبه تردده بتردد من قَامَ لأمر، فَتَارَة يُرِيد الذّهاب فَيقدم رجلا، وَتارَة لَا يُريدهُ فيؤخر أُخْرَى، ثمَّ تَدعِي دُخُول الْمُشبه فِي الْمُشبه بِهِ وتسد طَرِيق التَّشْبِيه قَائِلا:(أَرَاك تقدم رجلا وتؤخر أُخْرَى)

وَتسَمى هَذَا التَّمْثِيل على سَبِيل الِاسْتِعَارَة قَائِلا ذَلِك

وَقد صرح أهل الْبَيَان بِأَن التَّمْثِيل لَا يسْتَلْزم الِاسْتِعَارَة فِي شَيْء من أَجْزَائِهِ، بل لَا يجوز فِيهِ ذَلِك، حَتَّى بنى بعض الْمُحَقِّقين عدم اجْتِمَاع التمثيلية والتبعية على ذَلِك قَالَ القطب: فِي الْمثل شهرة بِحَيْثُ يصير علما للْحَال الأولى الَّتِي هِيَ المورد بِخِلَاف الِاسْتِعَارَة التمثيلية فَكل مثل اسْتِعَارَة تمثيلية، وَلَيْسَ كل اسْتِعَارَة تمثيلية مثلا

[وَحَقِيقَة الِاسْتِعَارَة التمثيلية أَن تُؤْخَذ أُمُور مُتعَدِّدَة من الْمُشبه وَتجمع فِي الخاطر وَكَذَا من الْمُشبه بِهِ وَيجْعَل المجموعات متشاركين فِي مَجْمُوع منتزع يشملهما، وَمذهب السكاكي هُوَ أَن الِاسْتِعَارَة تَشْمَل التَّمْثِيل، وَيُقَال: التَّمْثِيل اسْتِعَارَة تمثيلية، وَأما على مَذْهَب عبد القاهر وجار الله فالاستعارة مُخْتَصَّة بالمجاز فِي الْمُفْرد الْمَبْنِيّ على التَّشْبِيه]

وَأما الِاسْتِعَارَة الْمُصَرّح بهَا التخييلية مَعَ الْقطع: فَهِيَ أَن تذكر مشبها بِهِ فِي مَوضِع مشبه وهمي تقدر مشابهته للمذكور مَعَ الْإِفْرَاد فِي الذّكر والقرينة، كَمَا إِذا شبهت الْحَالة الدَّالَّة على أَمر بالإنسان الَّذِي يتَكَلَّم فيخترع الْوَهم للْحَال مَا قوام الْكَلَام بِهِ ثمَّ تطلق عَلَيْهِ اسْم اللِّسَان الْمُحَقق وتضيفه إِلَى الْحَال قَائِلا: (لِسَان الْحَال الشبيه بالمتكلم نَاطِق بِكَذَا

وَأما الِاسْتِعَارَة الْمُصَرّح بهَا المحتملة للْقطع والتخييل فَكَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فأذاقها الله لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف} إِذْ الظَّاهِر من

ص: 101

اللبَاس الْحمل على التخييل، وَيحْتَمل الْحمل على التَّحْقِيق بِأَن يستعار لما يلْبسهُ الْإِنْسَان من امتقاع لون ورثاثة

وَأما الِاسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ: فَهِيَ أَن تذكر الْمُشبه وتريد الْمُشبه بِهِ دَالا على ذَلِك بِإِضَافَة شَيْء من لَوَازِم الْمُشبه بِهِ المساوية إِلَى الْمُشبه مثل أَن تشبه الْمنية بالسبع ثمَّ تفردها بِالذكر مضيفا إِلَيْهَا الأنياب والمخالب قَائِلا: (أَنْيَاب الْمنية أَو مخالب الْمنية قد نشبت بفلان) وَنَحْوه (لِسَان الْحَال نَاطِق بِكَذَا} وَهِي لَا تنفك عَن التخييلية

وَأما الِاسْتِعَارَة الْأَصْلِيَّة فَهِيَ أَن يكون الْمُسْتَعَار اسْم جنس فَيكون الْمُسْتَعَار لَهُ كَذَلِك ك (أَسد) فِي الشجاع، و (حَاتِم) فِي الْجواد، و (قتل) فِي الإيلام الشَّديد

وَأما الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة فَهِيَ مَا تقع فِي غير أَسمَاء الْأَجْنَاس من الْأَفْعَال وَالصِّفَات وَأَسْمَاء الزَّمَان وَالْمَكَان والآلة والحروف، لِأَن مفهومات الْأَشْيَاء مركبات، أما مَفْهُوم الْفِعْل فَمن الْحَدث وَالنِّسْبَة إِلَى ذَات مَا وَالزَّمَان وَأما مَفْهُوم الصّفة فَمن الْحَدث وَالنِّسْبَة إِلَى ذَات مَا وَأما مَفْهُوم أَسمَاء الزَّمَان وَالْمَكَان والآلة فَمن الْحَدث وَالنِّسْبَة إِلَى زمَان مَا أَو مَكَان مَا أَو آلَة مَا وَأما مَفْهُوم الْحَرْف فَمن النِّسْبَة وَالْإِضَافَة إِلَى شخص مَخْصُوص

وَمَعْلُوم أَن مجازية الْجُزْء يسْتَلْزم مجازية الْكل، وَقد تقرر فِي قَوَاعِد الْمعَانِي وَالْبَيَان أَن الِاسْتِعَارَة فِي الصّفة وَالْفِعْل وَمَا يتَعَلَّق بِهِ وَفِي الْحَرْف تَبَعِيَّة، وَفِي الِاسْم أَصْلِيَّة، والاستعارة الْوَاقِعَة فِي الْحُرُوف إِنَّمَا هِيَ وَاقعَة فِي مُتَعَلق مَعْنَاهَا، فَيَقَع فِي المصادر ومتعلقات الْمعَانِي ثمَّ بتبعيتها تسري فِي الْأَفْعَال وَالصِّفَات والحروف فَمَعْنَى الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة أَن يكون الْمُسْتَعَار فعلا أَو صفة أَو حرفا، والمستعار لَهُ لفظ الْمُشبه لَا الْمُشبه بِهِ، إِذا تحققت هَذَا فَاعْلَم أَنَّك إِذا وجدت مثلا (قتل زيد عمرا) بِمَعْنى ضربه ضربا شَدِيدا، وفتشت جَمِيع أَجزَاء مَفْهُومه فَلَا تَجِد المجازية إِلَّا فِي جزئه الْحَدث وَهِي مجازية الْكل، وَلذَلِك تسمى الِاسْتِعَارَة فِي الْفِعْل تَبَعِيَّة وَقس عَلَيْهِ واستوضح مِنْهُ حَال الْمُشْتَقّ والحرف

وأوضح من هَذَا أَنه إِذا أُرِيد اسْتِعَارَة (قتل) لمَفْهُوم (ضرب) لتشبيه (ضرب) بِمَفْهُوم (قتل) فِي شدَّة التَّأْثِير يشبه الضَّرْب بِالْقَتْلِ ويستعار لَهُ الْقَتْل ويشتق مِنْهُ (قتل) فيستعار (قتل) بتبعية اسْتِعَارَة الْقَتْل، وَهَكَذَا بَاقِي المشتقات

وَبَيَان الِاسْتِعَارَة فِي الْحُرُوف هُوَ أَن مَعَاني الْحُرُوف لعدم استقلالها لَا يُمكن أَن يشبه بهَا، لِأَن الْمُشبه بِهِ هُوَ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ بمشاركة الْمُشبه لَهُ فِي أَمر فتجري التَّشْبِيه فِيمَا يعبر بِهِ عَنهُ، وَيلْزم بتبعية الِاسْتِعَارَة فِي التعبيرات الِاسْتِعَارَة فِي مَعَاني الْحُرُوف؛ وَقد يكون جَرَيَان التَّشْبِيه فِي مصدر الْفِعْل وَفِي مُتَعَلقَة على التَّسْوِيَة، فَيجوز اخْتِيَار كل من التّبعِيَّة والمكنية كَمَا فِي (نطقت الْحَال بِكَذَا)

وَأما الْمُجَرَّدَة والمرشحة فالاستعارة إِذا عقبت بِمَا يلائم الْمُسْتَعَار لَهُ فَهِيَ مُجَرّدَة لتجردها عَن روادف الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ نَحْو: (رَأَيْت أسدا شاكي السِّلَاح) وَإِذا عقبت بِمَا يلائم الْمُسْتَعَار مِنْهُ فَهِيَ مرشحة لإتباعها بِمَا يرادف الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ نَحْو: (رَأَيْت أسدا لَهُ لبد) وَإِن لم تعقب بِشَيْء من الْمُسْتَعَار مِنْهُ والمستعار لَهُ فَهِيَ مُطلقَة نَحْو: (رَأَيْت أسدا)

وَأما الِاسْتِعَارَة بِاعْتِبَار بنائها على التَّشْبِيه فَهِيَ خَمْسَة أَنْوَاع: فَإِن الْمُسْتَعَار مِنْهُ والمستعار لَهُ إِمَّا حسيان وَالْجَامِع

ص: 102

أَيْضا حسي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {واشتعل الرَّأْس شيبا}

أَو الطرفان حسيان وَالْجَامِع عَقْلِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِذْ أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم} أَو كل مِنْهُمَا عقلية وَكَذَا الْجَامِع نَحْو قَوْله تَعَالَى: {من بعثنَا من مرقدنا} أَو الْمُسْتَعَار مِنْهُ حسي والمستعار لَهُ عَقْلِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {بل نقذف بِالْحَقِّ على الْبَاطِل فيدمغه فَإِذا هُوَ زاهق} وَمِثَال الْخَامِس نَحْو قَوْله تَعَالَى: {فنبذوه وَرَاء ظُهُورهمْ} فالمستعار مِنْهُ إِلْقَاء الشَّيْء وَرَاءه والمستعار لَهُ التَّعَرُّض للغفلة وَالْجَامِع الزَّوَال عَن الْمُشَاهدَة

والاستعارة أبلغ من الْحَقِيقَة، لِأَن الِاسْتِعَارَة كدعوى الشَّيْء بَيِّنَة، وأبلغ من التَّشْبِيه أَيْضا وأبلغ أَنْوَاعهَا التمثيلية ويليها المكنية

والترشيحية أبلغ من الْمُجَرَّدَة والمطلقة

والترشيح عِنْدهم، ذكر مَا يلائم الْمُسْتَعَار مِنْهُ مَعَه فَهُوَ فِي التصريحية بِمَنْزِلَة التخييل فِي المكنية، كإثبات الْأَظْفَار للمنية فِي (أنشبت الْمنية أظفارها)

والتخييلية أبلغ من التحقيقية، وَالْمرَاد من الأبلغية إِفَادَة زِيَادَة التَّأْكِيد وَالْمُبَالغَة فِي كَمَال التَّشْبِيه

والاستعارة، وَإِن كَانَ فِيهَا التَّشْبِيه فتقدير حرف التَّشْبِيه لَا يجوز فِيهَا، والتشبيه الْمَحْذُوف الأداة على خلاف ذَلِك، لِأَن تَقْدِير حرف التَّشْبِيه وَاجِب فِيهِ فنحو:(زيد أَسد) يقْصد بِهِ التَّشْبِيه تَارَة، فالأداة مقدرَة ويقصد بِهِ الِاسْتِعَارَة أُخْرَى، فَلَا تكون مقدرَة، فالأسد مُسْتَعْمل فِي حَقِيقَته، والإخبار عَن زيد بِمَا لَا يصلح لَهُ حَقِيقَة قرينَة صارفة إِلَى الِاسْتِعَارَة، فَإِن قَامَت قرينَة على حذف الأداة صرنا إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَنحْن بَين إِضْمَار واستعارة والاستعارة أولى فيصار إِلَيْهَا

الِاسْتِغْرَاق: هُوَ التَّنَاوُل على سَبِيل الشُّمُول لَا على سَبِيل الْبَدَل، وَإِلَّا يلْزم أَن تكون النكرَة فِي الْإِثْبَات كَمَا فِي النَّفْي مستغرقة

وَهُوَ جنسي وفردي وعرفي: فالجنسي مثل: (لَا رجل فِي الدَّار)

والفردي مثل: (لَا رجل فِي الدَّار) بِالتَّنْوِينِ؛ فَلَا يُنَافِي أَن يكون فِيهَا اثْنَان أَو ثَلَاثَة، والجنسي يُنَافِي ذَلِك

والعرفي: هُوَ مَا يكون الْمرجع فِي شُمُوله وإحاطته إِلَى حكم الْعرف مثل: (جمع الْأَمِير الصاغة) ، وَإِن كَانَ بعض الْأَفْرَاد فِي الْحَقِيقَة

وَغير الْعرفِيّ: مَا يكون الْمَدْلُول جَمِيع الْأَفْرَاد فِي نفس الْأَمر

واستغراق الْجمع كاستغراق الْمُفْرد فِي الشُّمُول لِأَن [استغراق] الْمُفْرد أشمل على مَا الْمَشْهُور بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {فَمَا لنا من شافعين وَلَا صديق حميم} فَإِن " مَا لنا من شافعين " يُقيد مَا

ص: 103

أَفَادَهُ " مَا لنا من شَافِع " وَلَو قيل: (مَا لنا من أصدقاء) يُفِيد مَا أَفَادَهُ) (مَا لنا من صديق)

الِاسْتِخْدَام: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْملَة وَهُوَ الْمَشْهُور من الْخدمَة؛ وَجوز أَن يكون بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى الْقطع

سمي حَقِيقَة الِاسْتِخْدَام فِي البديع بِهِ فَكَأَنَّهُ على الْوَجْه الْمَشْهُور جعل الْمَعْنى الْمَذْكُور أَولا تَابعا وخادما للمعنى المُرَاد؛ وعَلى الْوَجْه غير الْمَشْهُور كَأَن الضَّمِير قطع عَمَّا هُوَ حَقه من الرُّجُوع إِلَى الْمَذْكُور فَإِن الِاسْتِخْدَام هُوَ أَن يُؤْتى بِلَفْظ لَهُ مَعْنيانِ فَأكْثر مرَادا بِهِ أحد مَعَانِيه ثمَّ يُؤْتى بضميره مرَادا بِهِ الْمَعْنى الآخر وَهَذِه طَريقَة السكاكي وَأَتْبَاعه؛ أَو يُرَاد بِأحد ضميريه أحد الْمَعْنيين ثمَّ يُرَاد بالضمير الآخر مَعْنَاهُ الآخر، وَهَذِه طَريقَة بدر الدّين بن مَالك فِي " الْمِصْبَاح " فَالْأولى كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة من طين} فَإِن المُرَاد بِهِ آدم عليه الصلاة والسلام، ثمَّ أعَاد الضَّمِير عَلَيْهِ مرَادا بِهِ وَلَده فَقَالَ:{ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مكين} وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} استخدم سُبْحَانَهُ لَفْظَة (الصَّلَاة) لمعنيين: أَحدهمَا: إِقَامَة الصَّلَاة، بِقَرِينَة (حَتَّى تعلمُوا) وَالْآخر: مَوضِع الصَّلَاة، بِقَرِينَة (وَلَا جنبا) إِلَى آخِره وكقول الْقَائِل:

(إِذا نزل السَّمَاء بِأَرْض قوم

رعيناه وَإِن كَانُوا غضابا)

وَالثَّانِي كَقَوْل البحتري:

(فسقى الغضا والساكنية وَإِن هم

شبوه بَين جوانحي وضلوعي)

أَرَادَ بِأحد الضميرين الراجعين إِلَى الغضا وَهُوَ الْمَجْرُور فِي الساكنيه الْمَكَان وبالآخر الْمَنْصُوب فِي (شبوه) النَّار أَي أوقدوا بَين جوانحي نَار الْهوى الَّتِي تشبه نَار الغضا

والاستخدام: اسْتِعْمَال معني اللَّفْظَة مَعًا، بِخِلَاف التورية، فَإِنَّهَا اسْتِعْمَال أحد معنيي اللَّفْظَة وإهمال الآخر

الِاسْتِبْرَاء: هُوَ لُغَة: طلب الْبَرَاءَة؛ وَشرعا: التَّرَبُّص الْوَاجِب على كَامِلَة الرّقّ بِسَبَب تَجْدِيد ملك أَو زَوَال فرَاش مُقَدرا بِأَقَلّ مَا يدل على الْبَرَاءَة، فَلَو بَاعَ جَارِيَة ثمَّ اشْتَرَاهَا فِي الْمجْلس ثَبت الِاسْتِبْرَاء فِيهَا تَقْديرا عِنْد الْحَنَفِيَّة

وَقَالَ غير الْحَنَفِيَّة: الِاسْتِبْرَاء فِي الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة تعبد، كَمَا فِي الْمُشْتَرَاة من امْرَأَة، لِأَن الْمُغَلب فِي الِاسْتِبْرَاء جَانب التَّعَبُّد وَقد نظمت فِيهِ:

(وَقد يحصل الْمَقْصُود من شرع حكمنَا

يَقِينا كَمَا فِي البيع إِذْ كنت مَالِكًا)

(وظنا كَمَا فِي الْقَتْل يقْتَصّ قَاتل

لينزجروا حَتَّى تحاشوا مهالكا)

(ومحتملا فِي حد خمر مُسَاوِيا

فكم منته كم مدمن قد تهالكا)

(وَرجح الْقَصْد نَفسه من حُصُوله

كآيسة لَو أنكح الدَّهْر ذلكا)

ص: 104

(وَيعْتَبر الْمَقْصُود فِي بعض صُورَة

وَإِن ندرت فَالْحكم صَحَّ هنالكا)

(كمن صَار بِالتَّوْكِيلِ زوج زينبا

لَهَا الغرب مأوى وَهُوَ فِي الشرق سالكا)

(فَلَو ولدا لما أَتَتْهُ فملحق

لَهُ نسب ظن اللحوق سوالكا)

(وَجَارِيَة لَو بَاعهَا ثمَّة اشْترى

من المُشْتَرِي فِي مجْلِس قد تملكا)

(فَيثبت الِاسْتِبْرَاء فِيهَا لجهلنا

بَرَاءَة رحم مِنْهُ تَقْديرا اذلكا)

(وَلم يعْتَبر تِلْكَ الْجَهَالَة غَيرنَا

بل اعتبروا فِيهِ التَّعَبُّد مسلكا)

وَيجوز التَّعْلِيل بِمَا لَا يطلع على حكمته وَإِن قطع بانتفائها فِي صُورَة من الصُّور كوجوب اسْتِبْرَاء الصَّغِيرَة لظن وجود الْحِكْمَة فِيهَا

وَقَالَ الجدليون: لَا يثبت الحكم فِيهَا لانْتِفَاء الْحِكْمَة الَّتِي هِيَ روح الْعلَّة، وَلَا عِبْرَة للمظنة عِنْد تَحْقِيق المئنة

الإسجال: هُوَ الْإِتْيَان بِأَلْفَاظ سجلت على الْمُخَاطب وُقُوع مَا خُوطِبَ بِهِ نَحْو: {رَبنَا وآتنا مَا وعدتنا على رسلك} {رَبنَا وأدخلهم جنَّات عدن الَّتِي وعدتهم} فَإِن فِي ذَلِك إسجالا بالإيتاء والإدخال، حَيْثُ وصف بالوعد من الله الَّذِي لَا يخلف الميعاد

الاستتباع: هُوَ أَن يذكر النَّاظِم أَو الناثر معنى بمدح أَو ذمّ أَو غَرَض من الْأَغْرَاض فيستتبع معنى آخر من ذَلِك الْغَرَض يَقْتَضِي زِيَادَة وصف فِي ذَلِك الْفَنّ كَقَوْلِه:

(نهبت من الْأَعْمَار مَا لَو حويته

لهنئت الدُّنْيَا بأنك خَالِد)

مدحه ببلوغ النِّهَايَة فِي الشجَاعَة إِذْ كثر قتلاه بِحَيْثُ لَو ورث أعمارهم لخلد فِي الدُّنْيَا على وَجه يستتبع مدحه بِكَوْنِهِ سَببا لصلاح الدُّنْيَا ونظامها، حَيْثُ جعل الدُّنْيَا مهنأة بخلوده

الِاسْتِقْصَاء: هُوَ أَن يتَنَاوَل الْمُتَكَلّم معنى فيستقصيه فَيَأْتِي بِجَمِيعِ عوارضه ولوازمه بعد أَن يستقصي جَمِيع أَوْصَافه الذاتية، بِحَيْثُ لَا يتْرك لمن يتَنَاوَلهُ بعده فِيهِ مقَالا كَقَوْلِه تَعَالَى:{أيود أحدكُم أَن تكون لَهُ جنَّة من نخيل وأعناب} إِلَى آخِره

وَالِاسْتِقْصَاء: يرد على الْمَعْنى التَّام الْكَامِل

والتتميم: يرد على الْمَعْنى النَّاقِص

والاستكانة: قيل هُوَ (افتعل) من (سكن) وَالْألف للإشباع، لِأَن مَعْنَاهُ خضع وتذلل، فَكَأَن الخاضع يسكن لصَاحبه ليفعل بِهِ مَا يُريدهُ

وَقيل: هُوَ (استفعل) من (كَانَ) التَّامَّة، فَكَأَن الخاضع يطْلب من نَفسه أَن يكون وَيثبت على مَا يُرِيد بِهِ صَاحبه، وَالْأول أقوى من حَيْثُ الْمَعْنى، وَلَكِن لَا يساعده وُجُوه الِاشْتِقَاق والتصريف، وَالثَّانِي أصح لفظا أَو أَضْعَف معنى

واستكان خَاص بالتغير عَن كَون مَخْصُوص، وَهُوَ خلاف الذل

واستحال: عَام فِي كل حَال

الاستقراء: هُوَ تتبع جزئيات الشَّيْء

ص: 105

فالتام مِنْهُ: هُوَ الاستقراء بالجزئي على الْكُلِّي نَحْو: (كل جسم متحيز) فَإِنَّهُ لَو استقريت جَمِيع جزئيات الْجِسْم من جماد وحيوان ونبات لوجدتها متحيزة؛ وَهَذَا الاستقراء دَلِيل يقيني فَيُفِيد الْيَقِين [لَكِن لَا دَائِما فِيمَا هُوَ الْمَشْهُور كَقَوْلِهِم: الْقيَاس يُفِيد الْيَقِين]

والناقص: هُوَ الاستقراء بِأَكْثَرَ الجزئيات نَحْو: (كل حَيَوَان يُحَرك فكه الْأَسْفَل عِنْد المضغ) وَهَذَا الاستقراء دَلِيل ظَنِّي فَلَا يُفِيد إِلَّا الظَّن

وَيُسمى النَّاقِص عِنْد الْفُقَهَاء إِلْحَاق الْفَرد بالأغلب

والاستقراء بجزئي على جزئي هُوَ تَمْثِيل يُسَمِّيه الْفُقَهَاء قِيَاسا، وَهُوَ مُشَاركَة أَمر لأمر فِي عِلّة الحكم

الِاسْتِئْنَاف: هُوَ من الْأنف، لِأَن الْجَواب ذُو شرف وارتفاع، أَو من أنف كل شَيْء، وَهُوَ أَوله، أَو من أنف الْبَاب وَهُوَ طرفه، لِأَن الْجَواب كَلَام مُبْتَدأ مُسْتَقل وطرف من سُؤال

فالاستئناف: هُوَ أَن يكون الْكَلَام الْمُتَقَدّم بِحَسب الفحوى موردا للسؤال فَيجْعَل ذَلِك الْمُقدر كالمحقق، وَيُجَاب بالْكلَام الثَّانِي، فَالْكَلَام مُرْتَبِط بِمَا قبله من حَيْثُ الْمَعْنى وَإِن كَانَ مَقْطُوعًا لفظا

وَالْقطع: كَون الْكَلَام مَقْطُوعًا عَمَّا قبله لفظا وَمعنى

والاستئناف عِنْد أهل الْمعَانِي: ترك الْوَاو بَين جملتين نزلت أولاهما منزلَة السُّؤَال، وَتسَمى الثَّانِيَة استئنافا أَيْضا وَلَا يُصَار إِلَى الِاسْتِئْنَاف إِلَّا لجهات لَطِيفَة، إِمَّا لتنبيه السَّامع على موقعه، أَو لاعتنائه أَن يسْأَل أَو لِئَلَّا يسمع مِنْهُ شَيْء، أَو لِئَلَّا يَنْقَطِع كلامك بِكَلَامِهِ، أَو للقصد إِلَى تَكْثِير الْمَعْنى مَعَ قلَّة اللَّفْظ أَو ترك العاطف

الِاسْتِصْحَاب: هُوَ الحكم بِبَقَاء أَمر كَانَ فِي الزَّمَان الأول وَلم يظنّ عَدمه

واستصحاب الْحَال: هُوَ التَّمَسُّك بالحكم الثَّابِت فِي حَالَة الْبَقَاء، وَهُوَ حجَّة عندنَا حَتَّى يجب الْعَمَل فِي حق نَفسه، وَلَا يصلح حجَّة للإلزام على الْخصم، لِأَن مَا ثَبت فَالظَّاهِر فِيهِ الْبَقَاء، وَالظَّاهِر يَكْفِي لإبقاء مَا كَانَ، وَلَا يصلح أَيْضا حجَّة لإِثْبَات أَمر لم يكن، كحياة الْمَفْقُود، فَإِنَّهُ لما كَانَ الظَّاهِر بَقَاءَهُ منع الْإِرْث وَهُوَ لَا يَرث فَهُوَ إِثْبَات أَمر لم يكن

وَأما عِنْد الشَّافِعِي فَهُوَ حجَّة فِي إِثْبَات كل حكم ثَبت بِدَلِيل ثمَّ شكّ فِي بَقَائِهِ

قَالَ عُلَمَاؤُنَا: التَّمَسُّك بالاستصحاب على أَرْبَعَة أوجه: الأول: عِنْد الْقطع بِعَدَمِ المغير بحس أَو عقل أَو نقل، وَيصِح إِجْمَاعًا كَمَا نطقت بِهِ آيَة {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ} إِلَى آخِره

وَالثَّانِي: عِنْد الْعلم بِعَدَمِ [دَلِيل مغير ثَابت بِالنّظرِ وبالاجتهاد بِقدر الوسع مَعَ احْتِمَال قيام المغير من حَيْثُ هُوَ لَا يشْعر وَهَذَا بِهِ يَصح إِجْمَاعًا لإبداء عذر لَا حجَّة على الْغَيْر إِلَّا عِنْد الشَّافِعِي وَالشَّيْخ أبي مَنْصُور الماتريدي وَبَعض مَشَايِخنَا رحمهم الله لِأَنَّهُ غَايَة وسع الْمُجْتَهد]

ص: 106

وَالثَّالِث: قيل هُوَ التَّأَمُّل فِي طلب المغير وَهُوَ بَاطِل بِالْإِجْمَاع، لِأَنَّهُ جهل مَحْض كَعَدم علم من أسلم فِي دَارنَا بالشرائع، وَصَلَاة من اشتبهت عَلَيْهِ الْقبْلَة بِلَا سُؤال وَلَا تحر

وَالرَّابِع: إِثْبَات حكم مُبْتَدأ، وَهُوَ خطأ مَحْض، لِأَن مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ إبْقَاء مَا كَانَ، فَفِيهِ تَغْيِير [حَقِيقَة]

الِاسْتِحْسَان: [هُوَ لُغَة عد الشَّيْء واعتقاده حسنا يُقَال: (استحسنت كَذَا) أَي اعتقدته حسنا

وَقيل] : هُوَ طلب الْأَحْسَن من الْأُمُور

وَقيل: هُوَ ترك الْقيَاس وَالْأَخْذ بِمَا هُوَ أرْفق للنَّاس، وَهُوَ اسْم لدَلِيل نصا كَانَ أَو إِجْمَاعًا أَو قِيَاسا خفِيا إِذا وَقع فِي مُقَابلَة قِيَاس جلي سبق إِلَيْهِ الْفَهم حَتَّى يُطلق على دَلِيل إِذا لم يقْصد فِيهِ تِلْكَ الْمُقَابلَة، وَإِذا كَانَ الدَّلِيل ظَاهرا جليا وأثره ضَعِيفا يُسمى قِيَاسا؛ وَإِذا كَانَ بَاطِنا خفِيا وأثره قَوِيا يُسمى اسْتِحْسَانًا؛ وَالتَّرْجِيح بالأثر لَا بالخفاء والظهور كالدنيا مَعَ العقبى

وَقد يقوى أثر الْقيَاس فِي بعض الْفُصُول فَيُؤْخَذ بِهِ، وَقد يقوى أثر الِاسْتِحْسَان فيرجح بِهِ؛ وَهَذَا اللَّفْظ فِي اصْطِلَاح الْأُصُول فِي مُقَابلَة الْقيَاس الْجَلِيّ شَائِع [يعْمل بِهِ إِذا كَانَ أقوى مِنْهُ سموهُ بذلك لِأَنَّهُ فِي الْأَغْلَب يكون أقوى من الْقيَاس الْجَلِيّ فَيكون قِيَاسا مستحسنا قَالَ الله تَعَالَى:{فبشر عباد} {الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه}

الِاسْتِطَاعَة: استفعال من الطوع، وَهِي عِنْد

ص: 107

الْمُحَقِّقين اسْم للمعاني الَّتِي بهَا يتَمَكَّن الْإِنْسَان مِمَّا يُريدهُ من إِحْدَاث الْفِعْل، وَهِي أَرْبَعَة أَشْيَاء: نِيَّة مَخْصُوصَة للْفَاعِل

وتصور للْفِعْل

ومادة قَابِلَة للتأثير

وَآلَة إِن كَانَ الْفِعْل آليا كالكتابة

ويضاده الْعَجز، وَهُوَ أَلا يجد أحد هَذِه الْأَرْبَعَة فَصَاعِدا

والاستطاعة: هِيَ التهيؤ لتنفيذ الْفِعْل بِإِرَادَة الْمُخْتَار من غير عائق

قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: هِيَ اسْم للمعاني الَّتِي يتَمَكَّن الْمَرْء بهَا مِمَّا يُريدهُ من إِحْدَاث فعل؛ وَهِي أخص من الْقُدْرَة

وَالْحق مَا صرح بِهِ الإِمَام أَبُو حنيفَة أَن الْقُدْرَة تصلح للضدين بِمَعْنى أَنَّهَا قُوَّة بهَا يتَمَكَّن الْحَيّ مَعَ الْفِعْل وَالتّرْك، وَصِحَّة الْأَمر وَالنَّهْي يعْتَمد عَلَيْهِ

وَلَو قُلْنَا: إِن الْقُدْرَة هِيَ الْآلَات على مَذْهَب الاعتزال لسقط عَمَّن يُوجد لَا الْآلَات وَلَيْسَ بهَا قدرَة كاللسان مثلا حكم التَّكَلُّم وَالْقِرَاءَة

وَقيل: الْقُدْرَة مَا يظْهر من الْقُوَّة بِقدر الْعَمَل لَا زَائِدا عَلَيْهِ وَلَا نَاقِصا مِنْهُ

وَنفي الِاسْتِطَاعَة قد يُرَاد بِهِ نفي الْقُدْرَة والإمكان نَحْو: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ توصية} {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نقبا}

وَقد يُرَاد بِهِ نفي الِامْتِنَاع نَحْو: {هَل يَسْتَطِيع رَبك} على الْقِرَاءَتَيْن أَي: هَل يفعل؟

ص: 108

وَقد يُرَاد بِهِ الْوُقُوع بِمَشَقَّة وكلفة نَحْو: {إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا}

والاستطاعة: مِنْهَا مَا يصير بِهِ الْفِعْل طَائِعا لَهُ بسهولة وَفِي " التَّعْدِيل " وَغَيره: هِيَ جملَة مَا يتَمَكَّن بِهِ العَبْد من الْفِعْل إِذا انْضَمَّ إِلَيْهَا اخْتِيَاره الصَّالِحَة للضدين على الْبَدَل، وَهِي المرادة بِالنَّفْيِ بقوله:{مَا كَانُوا يتسطيعون السّمع} لَا الِاسْتِطَاعَة بِمَعْنى سَلامَة الْأَسْبَاب والآلات الْمُتَقَدّمَة على الْفِعْل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} لِأَنَّهَا كَانَت ثَابِتَة للْكفَّار

والاستطاعة أخص من الْقُدْرَة

والوسع من الِاسْتِطَاعَة: مَا يسع لَهُ فعله بِلَا مشقة

والجهد مِنْهَا: مَا يتعاطى بِهِ الْفِعْل بِمَشَقَّة

والطاقة مِنْهَا: بُلُوغ غَايَة الْمَشَقَّة يَقُولُونَ: (فلَان لَا يَسْتَطِيع أَن يرقى هَذَا الْجَبَل) و (هَذَا الْجمل يُطيق السّفر) و (هَذَا الْفرس صبور على مماطلة الْحَضَر) وَقد فسر رَسُول الله الِاسْتِطَاعَة بالزاد وَالرَّاحِلَة، وَمَا فسر استطاعة السَّبِيل إِلَى الْبَيْت فِي الْقُرْآن باستطاعة الْحَج فَإِنَّهَا لَا بُد فِيهَا من صِحَة الْبدن أَيْضا

واستطاعة الْأَمْوَال وَالْأَفْعَال كِلَاهُمَا يُسمى بالتوفيقية

واستطاعة الْأَحْوَال: وَهِي الْقُدْرَة على الْأَفْعَال تسمى بالتكليفية

الاسْتوَاء: هُوَ إِذا لم يَتَعَدَّ بإلى يكون بِمَعْنى الِاعْتِدَال والاستقامة؛ وَإِذا عدي بهَا صَار بِمَعْنى قصد الاسْتوَاء فِيهِ، وَهُوَ مُخْتَصّ بالأجسام

[ {واستوت على الجودي} : أَي اسْتَقَرَّتْ

{وَلما بلغ أشده واستوى} : أَي تمّ {فَإِذا استويت أَنْت وَمن مَعَك على الْفلك} : أَي عَلَوْت وَارْتَفَعت]

وَاخْتلف فِي معنى {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} فَقيل: بِمَعْنى اسْتَقر، وَهُوَ يشْعر بالتجسيم؛ وَقيل: بِمَعْنى استولى، وَلَا يخفى أَن ذَلِك بعد قهر وَغَلَبَة؛ وَقيل: بِمَعْنى صعد، وَالله منزه عَن ذَلِك أَيْضا؛ وَقَالَ الْفراء والأشعري وَجَمَاعَة من أهل الْمعَانِي: مَعْنَاهُ أقبل على خلق الْعَرْش وَعمد إِلَى خلقه؛ وَهَذَا معنى {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} لَا على الْعَرْش وَقَالَ ابْن اللبان: الاسْتوَاء الْمَنْسُوب إِلَى الله تَعَالَى بِمَعْنى (اعتدل) أَي: قَامَ بِالْعَدْلِ كَقَوْلِه: {قَائِما بِالْقِسْطِ} فقيامه بِالْقِسْطِ وَالْعدْل هُوَ استواؤه تَعَالَى

[وَاعْلَم أَن الله تَعَالَى أخبر بِأَنَّهُ على الْعَرْش اسْتَوَى، وَأخْبر رَسُوله بالنزول وَغير ذَلِك، فَكل مَا ورد من هَذَا الْقَبِيل دَلَائِل التَّوْحِيد فَلَا يتَصَرَّف فِيهَا بتشبيه وتعطيل، فلولا إِخْبَار الله تَعَالَى وإخبار رَسُوله مَا تجاسر عقل أَن يحوم حول ذَلِك الْحمى، وتلاشى دون ذَلِك عقل الْعُقَلَاء ولب الألباء، فَالله سُبْحَانَهُ وَفِي من عباده بِمَا أخبر وَدلّ على نَفسه بِمَا

ص: 109

أظهر وَرفع حِجَابا من الْحجب عَن وَجه الْكِبْرِيَاء وكشف شَيْئا من سبحات العظمة والْعَلَاء فَكل أَخْبَار الصِّفَات تجليات إلهية وكشوف جلية عقل من عقل وَجَهل من جهل، فَلَا تبعد عَن الله بالتشبيه وَقد قرب مِنْك، وَلَا تَفِر مِنْهُ بالتعطيل وَقد دنا إِلَيْك أطلق لِسَان الاسْتوَاء وَأعْرض عَن الْكَيْفِيَّة، وَهَكَذَا سَائِر الصِّفَات، فَهُوَ سُبْحَانَهُ بِمَا تجلى لِعِبَادِهِ بِهَذَا الْإِخْبَار ظَاهر، وَبِمَا قصرت الْعُقُول عَن إِدْرَاك كنهها وكيفيتها بَاطِن فَلَا ينْكَشف من عظم شَأْنه مَا بطن وَلَا يتشف من علو سُلْطَانه مَا انكمن]

الاستطراد: هُوَ سوق الْكَلَام على وَجه يلْزم فِيهِ كَلَام آخر وَهُوَ غير مَقْصُود بِالذَّاتِ بل بِالْعرضِ، من (استطراد الْفَارِس فِي جريه فِي الْحَرْب) وَذَلِكَ أَن يفر من بَين يَدي الْخصم يُوهِمهُ الانهزام ثمَّ يعْطف عَلَيْهِ، وَهُوَ ضرب من المكيدة

وَفِي الِاصْطِلَاح: أَن يكون فِي غَرَض من أغراض الشّعْر يُوهم أَنه يسْتَمر فِيهِ ثمَّ يخرج مِنْهُ إِلَى غَيره لمناسبة بَينهمَا

وَلَا بُد من التَّصْرِيح باسم المستطرد بِهِ بِشَرْط أَن يكون قد تقدم لَهُ ذكر ثمَّ يرجع إِلَى الأول وَيقطع الْكَلَام فَيكون المستطرد بِهِ آخر كَلَامه

وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ معدومان فِي التَّخَلُّص فَإِنَّهُ لَا يرجع إِلَى الأول وَلَا يقطع الْكَلَام بل يسْتَمر فِيمَا تخلص إِلَيْهِ كَقَوْلِه:

(لَهَا برص بِأَسْفَل إسكتيها

كعنفقة الفرزدق حِين شَابًّا)

وَحسن التَّخَلُّص والاستطراد: من أساليب الْقُرْآن الْجَلِيل وَقد خرج على الاستطراد قَوْله تَعَالَى: {لن يستنكف الْمَسِيح أَن يكون عبدا لله وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون} فَإِن أول الْكَلَام رد على النَّصَارَى الزاعمين بنوة الْمَسِيح، ثمَّ استطرد الرَّد على الْعَرَب الزاعمين بنوة الْمَلَائِكَة

وَمِنْه أَيْضا قَوْله تَعَالَى: {أَلا بعدا لمدين كَمَا بَعدت ثَمُود}

وَمِنْه تَغْيِير الضَّمِير إِلَى الْجمع بعد التَّثْنِيَة وَلَو كَانَت الْقِصَّة وَاحِدَة، كَقَوْلِه تَعَالَى:{جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ} فَإِن مَا بعد قصَّة ابْني آدم كمخلص إِلَى قصَّة الْعَرَب وإشراكهم الْأَصْنَام فَيكون من الْمَوْصُول لفظا والمفصول معنى

[وَمن هَذَا الْقَبِيل قَوْله: {فَمَاذَا تأمرون} فَإِنَّهُ قَول فِرْعَوْن {أَن يخرجكم من أَرْضكُم} قَول الْمَلأ

و {أَنا راودته عَن نَفسه وَإنَّهُ لمن الصَّادِقين} قَول زليخا

و {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} كَلَام يُوسُف

و {إِن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة} كَلَام بلقيس

ص: 110

{وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} كَلَام الله

و {من بعثنَا من مرقدنا} قَول الْكفَّار

و {هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن} قَول الْمَلَائِكَة إِلَى غير ذَلِك]

أسلوب الْحَكِيم: هُوَ لُغَة كل كَلَام مُحكم

وَاصْطِلَاحا: هُوَ إِمَّا تلقي الْمُخَاطب بِغَيْر مَا يترقب بِسَبَب حمل كَلَام الْمُخَاطب على خلاف مَا أَرَادَهُ تَنْبِيها على أَنه الأولى بِالْقَصْدِ والإرادة، وَهَذَا عين القَوْل بِالْمُوجبِ، لِأَن حَقِيقَته حمل لفظ وَقع فِي كَلَام الْغَيْر على خلاف مُرَاده مِمَّا يحْتَملهُ بِذكر مُتَعَلقَة؛ وَإِمَّا تلقي السَّائِل بِغَيْر مَا يتطلب تَنْبِيها على أَن الأولى لَهُ والأهم إِنَّمَا هُوَ السُّؤَال عَمَّا أُجِيب عَنهُ

مِثَال الأول قَول القبعثري للحجاج حِين قَالَ متوعدا " لأحملنك على الأدهم ": " مثل الْأَمِير يحمل على الأدهم والأشهب " فَقَالَ الْحجَّاج: " إِنَّه الْحَدِيد " فَقَالَ: " لِأَن يكون حديدا خير من أَن يكون بليدا " وَمِثَال الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس وَالْحج} وَهَذَا على احْتِمَال أَن السَّائِل غير الصَّحَابَة

وَقد رُوِيَ مَا يَقْتَضِي أَنهم لم يسْأَلُوا عَن سَبَب زِيَادَة الْهلَال ونقصانه، بل عَن سَبَب خلقه على مَا هُوَ الْأَلْيَق بحالهم

روى أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن الرّبيع عَن أبي عالية قَالَ: بلغنَا أَنهم قَالُوا: يَا رَسُول الله لم خلقت الْأَهِلّة؟ فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فعلى هَذَا لَيْسَ فِيهَا من اسلوب الْحَكِيم شَيْء بل يصير الْجَواب طبق السُّؤَال، فَصَارَت الْآيَة مُحْتَملَة للوجهين

وَمن أسلوب الْحَكِيم أَيْضا: جَوَاب النَّبِي عليه الصلاة والسلام حِين سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة: بِأَن الله تَعَالَى خلق آدم ثمَّ مسح ظَهره بِيَمِينِهِ فاستخرج من ذُريَّته إِلَى آخر الحَدِيث، فَإِن هَذَا جَوَاب بِبَيَان الْمِيثَاق المقالي، وَالسُّؤَال عَن بَيَان الْمِيثَاق الحالي؛ وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى ميثاقين مَعَ بني آدم، أَحدهمَا: يَهْتَدِي إِلَيْهِ الْعقل من نصب الْأَدِلَّة الباعثة على الِاعْتِرَاف الحالي وَثَانِيهمَا: المقالي الَّذِي لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ الْعقل، بل يتَوَقَّف على أَخْبَار الْأَنْبِيَاء؛ فَأَرَادَ النَّبِي أَن يخبر الْأمة عَمَّا لَا تهتدي إِلَيْهِ عُقُولهمْ من مِيثَاق آخر أزلي فَقَالَ مَا قَالَ، ليعرف مِنْهُ أَن هَذَا النَّسْل الَّذِي يخرج فِيمَا لَا يزَال من أصلاب بني آدم هُوَ الذَّر الَّذِي أخرج فِي ابْتِدَاء خلق آدم من صلبه وَأخذ مِنْهُ الْمِيثَاق المقالي الأزلي كَمَا أَخذ مِنْهُم فِيمَا لَا يزَال بالتدريج حِين أخرجُوا الْمِيثَاق الحالي اللايزالي

وَقَالَ بَعضهم: المخاطبون بقوله: {أَلَسْت بربكم} هم الصُّور العلمية الْقَدِيمَة ألتي هِيَ ماهيات الْأَشْيَاء وحقائقها ويسمونها بالأعيان الثَّابِتَة، وَلَيْسَت تِلْكَ الصُّور مَوْجُودَة فِي الْخَارِج، وجوابهم إِنَّمَا هُوَ بألسنة استعداداتهم الأزلية، فَالْمُرَاد بالذرية هُوَ الصُّور العلمية والأعيان الثَّابِتَة، وباستخراجها هُوَ تجلي الذَّات وظهوره فِيهَا وَنسبَة الْإِخْرَاج إِلَى ظُهُورهمْ بِاعْتِبَار أَن تِلْكَ الصُّور إِذا

ص: 111

وجدت فِي الْأَعْيَان كَانَت عينهم، وَإِن هَذِه المقاولة حَالية استعدادية أزلية لَا قالية لَا يزالية حَادِثَة

وَذكر صَاحب " التَّلْخِيص " أَن القَوْل بِالْمُوجبِ ضَرْبَان: أَحدهمَا: مَا ذَكرْنَاهُ آنِفا وَهُوَ المتداول بَين النَّاس

وَالثَّانِي: أَن يَقع صفة من كَلَام الْغَيْر كِنَايَة عَن شَيْء أثبت لَهُ حكم، فَتثبت فِي كلامك تِلْكَ الصّفة لغير ذَلِك الشَّيْء من غير تعرض لثُبُوت ذَلِك الحكم وانتفائه عَنهُ كَقَوْلِه تَعَالَى:{يَقُولُونَ لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل وَللَّه الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمنِينَ}

الاستئمان: هُوَ طلب الْأمان من الْعَدو، حَرْبِيّا كَانَ أَو مُسلما

قَالَ الشَّافِعِي: صَحَّ أَمَان العَبْد للحربي كَالْحرِّ بِجَامِع الاسلام وَالْعقل فَإِنَّهُمَا مَظَنَّة لإِظْهَار مصلحَة بِالْإِيمَان من بذل الْأمان فيعترضه الْحَنَفِيّ بِاعْتِبَار الْحُرِّيَّة مَعَهُمَا، فَإِنَّهُمَا مَظَنَّة فرَاغ الْقلب للنَّظَر، بِخِلَاف الرّقية، فَإِنَّهَا لَيست مَظَنَّة الْفَرَاغ، لاشتغال الرَّقِيق بِخِدْمَة سَيّده، فيلغي الشَّافِعِي مَا اعْتَبرهُ الْحَنَفِيّ من كَون الْحُرِّيَّة جُزْء علته بِثُبُوت الْأمان بِدُونِهَا فِي الرَّقِيق الْمَأْذُون لَهُ فِي الْقِتَال اتِّفَاقًا، فيجيب الْحَنَفِيّ بِأَن الْإِذْن لَهُ خلف الْحُرِّيَّة، لِأَنَّهُ مَظَنَّة لبذل وَسعه فِي النّظر فِي مصلحَة الْقِتَال والأمان

الاسلام: لُغَة: الانقياد الْمُتَعَلّق بالجوارح كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا}

وَالدّين {إِن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام}

وَالْإِيمَان: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فأخرجنا من كَانَ فِيهَا من الْمُؤمنِينَ} ثمَّ ذكر فَاء التَّعْلِيل فَقَالَ: {فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من الْمُسلمين} فَالْمُنَاسِب أَن يُرَاد بِالْمُؤْمِنِينَ الْمُسلمُونَ

وَشرعا: هُوَ على نَوْعَيْنِ دون الْإِيمَان وَهُوَ الِاعْتِرَاف بِاللِّسَانِ، وَإِن لم يكن لَهُ اعْتِقَاد، وَبِه يحقن الدَّم؛ وَفَوق الْإِيمَان؛ وَهُوَ الِاعْتِرَاف مَعَ الِاعْتِقَاد بِالْقَلْبِ وَالْوَفَاء بِالْفِعْلِ

وَاعْلَم أَن مُخْتَار جُمْهُور الْحَنَفِيَّة والمعتزلة وَبَعض أهل الحَدِيث أَن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام متحدان، وَعند أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ أَنَّهُمَا متباينان؛ وَغَايَة بهَا يُمكن فِي الْجَواب أَن التغاير بَين مفهومي الْإِيمَان وَالْإِسْلَام لَا مَا صدق عَلَيْهِ الْمُؤمن وَالْمُسلم إِذْ لَا يَصح فِي الشَّرْع أَن يحكم على وَاحِد بِأَنَّهُ مُؤمن وَلَيْسَ بِمُسلم وَلَا بِالْعَكْسِ

وَالصَّحِيح مَا قَالَه أَبُو مَنْصُور الماتريدي أَن الْإِسْلَام معرفَة الله بِلَا كَيفَ وَلَا شُبْهَة وَمحله الصَّدْر، وَالْإِيمَان مَعْرفَته بالالهية وَمحله دَاخل الصَّدْر، وَهُوَ الْقلب والمعرفة معرفَة الله بصفاته، ومحلها دَاخل الْقلب، وَهُوَ الْفُؤَاد

فَهَذِهِ عُقُود أَرْبَعَة لَيست بِوَاحِدَة وَلَا بمتغايرة، فَإِذا اجْتمعت صَارَت دينا وَهُوَ الثَّبَات على هَذِه الْخِصَال الْأَرْبَع إِلَى الْمَوْت

ص: 112

وَدين الله فِي السَّمَاء وَالْأَرْض وَاحِد وَهُوَ الْإِسْلَام لقَوْله تَعَالَى {إِن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام}

ثمَّ اعْلَم أَنه ذكر فِي كتب أصُول الشَّافِعِيَّة أَن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق القلبي، أَي بِمَا علم مَجِيء الرَّسُول بِهِ من عِنْد الله ضَرُورَة يَعْنِي الإذعان وَالْقَبُول لَهُ والتكليف بذلك، وَلَا يعْتَبر التَّصْدِيق الْمَذْكُور فِي الْخُرُوج بِهِ من عُهْدَة التَّكْلِيف بِالْإِيمَان إِلَّا مَعَ التَّلَفُّظ بِالشَّهَادَتَيْنِ من الْقَادِر عَلَيْهِ الَّذِي جعله الشَّارِع عَلامَة لنا على التَّصْدِيق الْخَفي عَنَّا حَتَّى يكون الْمُنَافِق مُؤمنا بَيْننَا، كَافِرًا عِنْد الله تَعَالَى وَهل التَّلَفُّظ الْمَذْكُور شَرط للْإيمَان أَو شطر مِنْهُ؟ فِيهِ خلاف للْعُلَمَاء وَالرَّاجِح الأول

وَالْإِسْلَام أَعمال الْجَوَارِح من الطَّاعَات كالتلفظ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَغير ذَلِك، فَلَا تعْتَبر الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة فِي الْخُرُوج بهَا من عُهْدَة التَّكْلِيف بالاسلام إِلَّا مَعَ الْإِيمَان أَي التَّصْدِيق الْمَذْكُور

وَعَن بعض الْمَشَايِخ: الْإِيمَان تَصْدِيق الْإِسْلَام، وَالْإِسْلَام تَحْقِيق الْإِيمَان

وَالْحَاصِل أَن بَينهمَا عُمُوما وخصوصا، فالعام هُوَ الْإِيمَان، وَالْخَاص هُوَ الْإِسْلَام الَّذِي هُوَ فعل الْجَوَارِح، فَإِن الْمُنَافِق مُسلم وَلَيْسَ بِمُؤْمِن

الْإِسْرَاف: هُوَ صرف الشَّيْء فِيمَا لَا يَنْبَغِي زَائِدا على مَا يَنْبَغِي، بِخِلَاف التبذير فَإِنَّهُ صرف الشَّيْء فِيمَا لَا يَنْبَغِي

والإسراف: تجَاوز فِي الكمية، فَهُوَ جهل بمقادير الْحُقُوق

والتبذير: تجَاوز فِي مَوضِع الْحق، فَهُوَ جهل بمواقعها، يرشدك إِلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى فِي تَعْلِيل الْإِسْرَاف:{إِنَّه لَا يحب المسرفين} وَفِي تَعْلِيل التبذير: {إِن المبذرين كَانُوا إخْوَان الشَّيَاطِين} فَإِن تَعْلِيل الثَّانِي فَوق الأول

الاستدراج: هُوَ أَن يُعْطي الله العَبْد كل مَا يُريدهُ فِي الدُّنْيَا لِيَزْدَادَ غيه وضلاله وجهله وعناده فَيَزْدَاد كل يَوْم بعدا من الله تَعَالَى

الاستعداد: استعداد الشَّيْء كَونه بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَة إِلَى الْفِعْل الْبعيد فَيمْتَنع أَن يُجَامع وجوده بِالْفِعْلِ

الِاسْتِسْعَاء: هُوَ أَن يُكَلف العَبْد الِاكْتِسَاب حَتَّى يحصل قيمَة نصيب الشَّرِيك وَمعنى (استسعى) : اكْتسب بِلَا تَشْدِيد فِيهِ، أَو استخدم بِلَا تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق

الإستقاء: هُوَ أبلغ من السَّقْي، لِأَن الإسقاء هُوَ أَن يَجْعَل لَهُ مَا يستقى مِنْهُ وَيشْرب، والسقي: هُوَ أَن تعطيه مَا يشرب

وَقيل: سقى لما لَا كلفة فِيهِ؛ وَلِهَذَا ورد فِي شراب الْجنَّة: {وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا}

وأسقي لما فِيهِ كلفة وَلِهَذَا ذكر فِي مَاء الدُّنْيَا {لأسقيناهم مَاء غدقا}

وسقاه من العيمة: أَي من أجل عطشه، وَعَن العيمة: إِذا أرواه حَتَّى أبعده عَن الْعَطش وَهَكَذَا: قسا قلبه من ذكر الله وَعَن ذكر الله فَمَعْنَى الأول: قسا من أجل الشَّيْء وبسببه، وَالثَّانِي غلظ عَن قبُول الذّكر، وَالْأول أبلغ

ص: 113

الْأَسير: الْمَأْخُوذ قهرا، أَصله الشد، فَإِن من أَخذ قهرا شدّ غَالِبا، فَسُمي الْمَأْخُوذ أَسِيرًا وَإِن لم يشد

فِي " الْقَامُوس ": الْأَسير: الأخيذ والمقيد والمسجون قَالَ أَبُو عَمْرو: الأسراء هم الَّذين جاؤوا مستأثرين؛ وَالْأسَارَى: هم الَّذين جاؤوا بِالْوَثَاقِ والسجن

الاستغاثة: من الْغَوْث وَهُوَ النَّصْر والعون يُقَال: استغثته فأغاثني

وَأما استغثته فغاثني فَهُوَ من الْغَيْث وَهُوَ الْمَطَر

وَلم يجيئ (اسْتَغَاثَ) فِي الْقُرْآن إِلَّا مُتَعَدِّيا بِنَفسِهِ

والاستغاثة: طلب الانخراط فِي سلك الْبَعْض والنجاة عَمَّا ابْتُلِيَ بِهِ الْبَعْض الآخر

الإسباغ: يُقَال: أَسْبغ الله النِّعْمَة: إِذا أتمهَا، وَفُلَان الْوضُوء: إِذا أبلغه موَاضعه ووفي كل عُضْو حَقه

الْإِسْعَاف: هُوَ قَضَاء الْحَاجة، يعدى إِلَى الْمَفْعُول الثَّانِي بِالْبَاء

وَقد يتَضَمَّن معنى التَّوَجُّه فيعدى تعديته وَهُوَ (إِلَى)

وساعفه: ساعده أَو وافاه فِي مصافاة ومعاونة

الِاسْتِحْبَاب: هُوَ أَن يتحَرَّى الْإِنْسَان فِي الشَّيْء أَن يُحِبهُ

وَفِي الشَّرِيعَة: هُوَ مثل التَّطَوُّع وَالنَّفْل وَالنَّدْب

وَحكمه الثَّوَاب بِالْفِعْلِ الشَّامِل للترك وَعدم الْعقَاب بترك كل مِنْهَا

الِاسْتِدْلَال: لُغَة: طلب الدَّلِيل وَيُطلق فِي الْعرف على إِقَامَة الدَّلِيل مُطلقًا من نَص أَو إِجْمَاع أَو غَيرهمَا، وعَلى نوع خَاص من الدَّلِيل وَقيل: هُوَ فِي عرف أهل الْعلم تَقْرِير الدَّلِيل لإِثْبَات الْمَدْلُول سَوَاء كَانَ ذَلِك من الْأَثر إِلَى الْمُؤثر أَو بِالْعَكْسِ

الأسف: حزن مَعَ غضب لقَوْله تَعَالَى: {وَلما رَجَعَ مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا}

سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الْحزن وَالْغَضَب فَقَالَ: مخرجهما وَاحِد وَاللَّفْظ مُخْتَلف، فَمن نَازع من يقوى عَلَيْهِ أظهر غيظا وغضبا، وَمن نَازع من لَا يقوى عَلَيْهِ أظهر حزنا وجزعا

والأسى واللهف: حزن على الشَّيْء الَّذِي يفوت

والكمد: حزن لَا يُسْتَطَاع إمضاؤه

والبث: أَشد الْحزن

وَالْكرب: الْغم الَّذِي يَأْخُذ بِالنَّفسِ

والسدم: هم فِي نَدم

الاستهلال: هُوَ أَن يكون من الْوَلَد مَا يدل على حَيَاته من رفع الصَّوْت أَو حَرَكَة عُضْو، كَذَا فِي " التَّبْيِين "

الإستار: بِالْكَسْرِ فِي الْعدَد أَرْبَعَة، وَفِي الزنة أَرْبَعَة مَثَاقِيل وَنصف

الاساءة: أساءه: أفْسدهُ، وَإِلَيْهِ: ضد أحسن؛ وَهِي دون الْكَرَاهَة

وأسوت بَين الْقَوْم: أصلحت

وَيُقَال: آسى أَخَاهُ بِنَفسِهِ وبماله

والإساءة من هَذَا الْبَاب، وَإِنَّمَا هِيَ منقولة عَن " سَاءَ "

الأسوة: الْحَالة الَّتِي يكون الْإِنْسَان عَلَيْهَا فِي اتِّبَاع

ص: 114

غَيره إِن حسنا وَإِن قبيحا، إِن سارا وَإِن ضارا

الإسكان: هُوَ جعل الْغَيْر سَاكِنا، وَالْأَصْل أَن يعدى ب (فِي) لِأَن السُّكْنَى نوع من اللّّبْث والاستقرار، إِلَّا أَنهم لما نقلوه إِلَى سُكُون خَاص تصرفوا فِيهِ، فَقَالُوا: أسكن الدَّار

الِاسْتِئْنَاس: هُوَ عبارَة عَن الآنس الْحَاصِل من جِهَة المجالسة

وَهُوَ خلاف الاستيحاش

وَقد يكون بِمَعْنى الاستعلام

الِاسْتِدْرَاك: هُوَ دفع توهم يتَوَلَّد من الْكَلَام الْمُتَقَدّم دفعا شَبِيها بِالِاسْتِثْنَاءِ

إِسْمَاعِيل: هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليهما السلام، وَمَعْنَاهُ: مُطِيع الله، وَهُوَ الذَّبِيح على الصَّحِيح، وَهُوَ المُرَاد من قَوْله عليه الصلاة والسلام

" أَنا ابْن الذبيحين " أَحدهمَا جده اسماعيل وَالْآخر أَبوهُ عبد الله، فَإِن عبد الْمطلب نذر أَن يذبح ولدا إِن سهل الله لَهُ حفر زَمْزَم، أَو بلغ بنوه عشرَة؛ فَلَمَّا خرج السهْم على عبد الله فدَاه بمئة من الْإِبِل، وَلذَلِك سنت الدِّيَة

[إِسْحَاق: ولد بعد إِسْمَاعِيل بِأَرْبَع عشرَة سنة

وعاش مائَة وَثَمَانِينَ سنة، قيل مَعْنَاهُ بالعبرانية: الضَّحَّاك]

اسرائيل: لقب يَعْقُوب قيل: مَعْنَاهُ عبد الله، لِأَن (إيل) اسْم من أَسمَاء الله بالسُّرْيَانيَّة؛ وَقيل صفوة الله، وَقيل سر الله؛ أَو لِأَنَّهُ انْطلق إِلَى حَاله خشيَة أَن يقْتله أَخُوهُ عيصو، فَكَانَ يسري بِاللَّيْلِ ويكمن بِالنَّهَارِ، وقصته مسطورة فِي بعض كتب الْأَحَادِيث

قَالَ بَعضهم: لم يُخَاطب الْيَهُود فِي الْقُرْآن إِلَّا ب (يَا بني إِسْرَائِيل) دون (يَا بني يَعْقُوب) لنكتة هِيَ لأَنهم خوطبوا بِعبَادة الله وَذكروا بدين أسلافهم موعظة لَهُم وتنبيها من غفلتهم فسموا بِالِاسْمِ الَّذِي فِيهِ تذكرة بِاللَّه [نوع]{فَكيف آسى} : أَحْزَن

{أسفا} : حَزينًا

{فاستعصم} : امْتنع

{وَمَا اسْتَكَانُوا} : وَمَا خضعوا لِلْعَدو

[وَأَسْبَاب السَّمَاء: مراقيها ونواحيها أَو أَبْوَابهَا]

{فليرتقوا فِي الْأَسْبَاب} : السَّمَاء

{استيأسوا} : يئسوا

{غير آسن} : أَي غير متغير

{واستغشوا ثِيَابهمْ} : تغطوا بهَا

{إِذا أَسْفر} : أَضَاء

{استحوذ} : استولى

ص: 115

{فاستغلظ} : فَصَارَ من الرقة إِلَى الغلظ

{فاستفتهم} : فاستخبرهم

{أُسْوَة حَسَنَة} : خصْلَة حَسَنَة

{استمسك} : تعلق

{أساطير الْأَوَّلين} : أكاذيبهم الَّتِي كتبوها

{اسْترق السّمع} : اختلسه

{استجارك} : استأمنك وَطلب مِنْك جوارك

{فاسلك فِيهَا} : فَأدْخل فِيهَا

{من إستبرق} : من ديباج غليظ بلغَة الْعَجم، أَصله استبرك

{فَاسْتَوَى على سوقه} : فاستقام على أَصله

{من أسلم وَجهه} : أخْلص نَفسه

{أسفارا} : هِيَ الْكتب بالسُّرْيَانيَّة، وَقَالَ بَعضهم بالنبطية

{أسلنا} : أذبنا

{وأسروا الندامة} : أظهروها وَهُوَ من الأضداد

{واستفزز} : استخف

{فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} : بَادرُوا بِالنِّيَّةِ وَالْجد، وَلم يرد الْعَدو والإسراع فِي الْمَشْي

{وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} : أَي الْوَصْل الَّتِي كَانَت بَينهم

{استهوته الشَّيَاطِين} : ذهبت بِهِ مَرَدَة الْجِنّ فِي المهامه

{فَمَا اسطاعوا} : فَمَا اسْتَطَاعُوا

{وَمَا اسْتَكَانُوا} : فَمَا انتقلوا من حَالهم وَمَا خضعوا

[ {وشددنا أسرهم} : وأحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب

{استمتع بَعْضنَا بِبَعْض} : أَي انْتفع

{وأسيرا} : يَعْنِي أُسَارَى الْكفَّار

{بِمَا أسلفتم} : بِمَا قدمتهم من الْأَعْمَال الصَّالِحَة

{أَسْفَل سافلين} : أهل النَّار أَو النَّار، أَو أرذل الْعُمر

{فَمَا اسْتَيْسَرَ} : فَمَا تيَسّر

{فاستبقوا الْخيرَات} : فابتدروها انتهازا للفرصة وحيازة لفضل السَّبق والتقديم]

ص: 116