المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(فصل الْألف)

- ‌[الْألف اللينة وَالْألف المتحركة] )

- ‌(فصل الْألف وَالْبَاء)

- ‌(نوع فِي بَيَان لُغَات أَلْفَاظ النّظم الْجَلِيل)

- ‌(فصل الْألف وَالتَّاء)

- ‌(فصل الْألف والثاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْجِيم)

- ‌(فصل الْألف والحاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْخَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالدَّال)

- ‌(فصل الْألف والذال)

- ‌(فصل الْألف وَالرَّاء)

- ‌(فصل الْألف وَالزَّاي)

- ‌(فصل الْألف وَالسِّين)

- ‌(فصل الْألف والشين)

- ‌(فصل الْألف وَالصَّاد)

- ‌(فصل الْألف وَالضَّاد)

- ‌(فصل الْألف والطاء)

- ‌(فصل الْألف والظاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْعين)

- ‌(فصل الْألف والغين)

- ‌(فصل الْألف وَالْفَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْقَاف)

- ‌(فصل الْألف وَالْكَاف)

- ‌(فصل الْألف وَاللَّام)

- ‌(فصل الْألف وَالْمِيم)

- ‌(فصل الْألف وَالنُّون)

- ‌(فصل الْألف وَالْوَاو)

- ‌(فصل الْألف وَالْهَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْيَاء)

- ‌(فصل الْبَاء)

- ‌(فصل التَّاء)

- ‌(فصل الثَّاء)

- ‌(فصل الْجِيم)

- ‌(فصل الْحَاء)

- ‌(فصل الْخَاء)

- ‌(فصل الدَّال)

- ‌(فصل الذَّال)

- ‌(فصل الرَّاء)

- ‌(فصل الزَّاي)

- ‌(فصل السِّين)

- ‌(فصل الشين)

- ‌(فصل الصَّاد)

- ‌(فصل الضَّاد)

- ‌(فصل الطَّاء)

- ‌(فصل الظَّاء)

- ‌(فصل الْعين)

- ‌(فصل الْغَيْن)

- ‌(فصل الْفَاء)

- ‌(فصل الْقَاف)

- ‌(فصل الْكَاف)

- ‌(فصل اللَّام)

- ‌(فصل الْمِيم)

- ‌(فصل النُّون)

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْوَاو

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْهَاء

- ‌[نوع]

- ‌فصل لَا

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْيَاء

- ‌[نوع]

- ‌فصل فِي المتفرقات

- ‌فصل

الفصل: ‌(فصل الألف واللام)

الْإِكْرَاه: لُغَة حمل الْإِنْسَان على أَمر لَا يُريدهُ طبعا أَو شرعا

وَشرعا: فِي " الْمَبْسُوط " أَنه إسم لفعل من يفعل الْأَمر لغيره فَيَنْتَفِي بِهِ اخْتِيَاره، وَفِي " الوافي ": هُوَ عبارَة عَن تهديد الْقَادِر على مَا هدد غَيره بمكروه على أَمر بِحَيْثُ يَنْتَفِي بِهِ الرِّضَا وَفِي " الْقُهسْتَانِيّ ": هُوَ فعل سوء يوقعه بِغَيْرِهِ فَيفوت رِضَاهُ أَو يفْسد اخْتِيَاره مَعَ بَقَاء أَهْلِيَّته

والتسخير: هُوَ الْقَهْر على الْفِعْل، وَهُوَ أبلغ من الْإِكْرَاه، فَإِنَّهُ حمل الْغَيْر على الْفِعْل بِلَا إِرَادَة مِنْهُ، كحمل الرَّحَى على الطَّحْن

الْإِكْمَال: هُوَ بُلُوغ الشَّيْء إِلَى غَايَة حُدُود فِي قدر أَو عد حسا أَو معنى

أكننت الشَّيْء: أضمرته؛ وَيسْتَعْمل فِي الشَّيْء الَّذِي يخفيه الْإِنْسَان ويستره عَن غَيره، وَهُوَ ضد أعلنت وأظهرت

وكننت الشَّيْء: صنته حَتَّى لَا تصيبه آفَة، وَإِن لم يكن مَسْتُورا؛ يُقَال:(در مَكْنُون) و (جَارِيَة مكنونة)

أكبرته: أعظمته؛ وَأنكر الزّجاج تَفْسِير {أكبرنه} بِالْحيضِ، لِأَنَّهُ عداهُ إِلَى الضَّمِير [نوع]

{أكاد أخفيها} لَا أظهر عَلَيْهَا أحدا غَيْرِي

{أكرمي مثواه} : اجعلي مقَامه عندنَا كَرِيمًا حسنا وَالْمعْنَى: أحسني تعهده

{وأكدى} : كدره بمنه أَو قِطْعَة

{أكواب} : أَبَارِيق بِلَا عُرْوَة

{أكفلنيها} : ملكنيها، وَحَقِيقَته: اجْعَلنِي أكفلها

{من الْجبَال أكنانا} : مَوَاضِع تستكنون بهَا من الكهوف والبيوت المنحوتة فِيهَا، من (الْكن) وَهُوَ الستْرَة

{الأكمام} : أوعية الثَّمر

{أكله} : ثمره وَمَا يُؤْكَل مِنْهُ.

[اكنة: أغطيه

{رَبِّي أكرمن} : فضلني بِمَا أَعْطَانِي]

(فصل الْألف وَاللَّام)

[الم] : كل سُورَة استفتحت ب (الم) فَهِيَ مُشْتَمِلَة على مبدأ الْخلق ونهايته والتوسط بَينهمَا من التشريع بالأوامر والنواهي، وَهَذَا وَسَائِر حُرُوف الهجاء فِي أَوَائِل السُّور إِمَّا أَسمَاء للسور أَو أَقسَام أَو حُرُوف مَأْخُوذَة من صِفَات الله تَعَالَى وَلَا يجوز إِعْرَاب فواتح السُّور إِذا قُلْنَا بِأَنَّهَا من الْمُتَشَابه الَّذِي اسْتَأْثر الله بِعِلْمِهِ وَفِي " التَّيْسِير " أَن كل حرف من المقطعات فِي الْقُرْآن إِشَارَة إِلَى أَمر جليل الْخطر

ص: 163

عَظِيم الْقدر من بَيَان مُنْتَهى ملك تِلْكَ الْأمة وَظُهُور الْحق فيهم وَعدد أئمتهم وخلفائهم، وَعدد الْبِقَاع الَّتِي يبلغ دولة الْإِسْلَام بهَا

[الْأَلِيم] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن أَلِيم فَهُوَ الموجع

[الَّذِي وَالَّذين] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الَّذِي وَالَّذين يجوز فِيهِ الْوَصْل بِمَا قبله نعتا وَالْقطع على أَنه خبر إِلَّا فِي سَبْعَة مَوَاضِع، فَإِنَّهُ تعين فِيهَا الِابْتِدَاء بهما، كَمَا تقرر فِي علمه

[الْأَدِلَّة] : كل اسْم اشتق من فعل إسماً لِأَن يستعان بِهِ فِي ذَلِك الْفِعْل فَهُوَ الْأَدِلَّة.

[الْآل] : كل من يؤول إِلَى الرئيس فِي خَيرهمْ وشرهم، أَو يؤولون إِلَى خَيره وشره فَهُوَ الْآل، وَالْقَوْم أَعم مِنْهُ، لِأَن كل من يقوم الرئيس بأمرهم أَو يقومُونَ بِأُمِّهِ فَهُوَ الْقَوْم

[ال التَّعْرِيف ودخولها على مَا أَوله لَام] : كل اسْم كَانَ أَوله لاما ثمَّ أدخلت عَلَيْهِ لَام التَّعْرِيف فَإِنَّهُ يكْتب بلامين نَحْو: (اللَّحْم وَاللَّبن واللجام) إِلَّا (الَّذِي وَالَّتِي) لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَإِذا ثنيت (الَّذِي) تكتبه بلامين، وَإِذا جمعته فبلام وَاحِدَة

وَأما (التان والاتي والائي) فكله يكْتب بلام وَاحِدَة، وَإِنَّمَا كتبُوا (الَّذِي) بلام وَاحِدَة وَلَفْظَة (الله) بلامين مَعَ استوائهما فِي لُزُوم التَّعْرِيف وَغَيره، لِأَن قَوْلنَا (الله) معرف متصرف تصرف الْأَسْمَاء فأبقوا كتباته على الأَصْل، و (الَّذِي) مَبْنِيّ لأجل أَنه نَاقص، إِذْ لايفيد إِلَّا مَعَ صلته فَهُوَ كبعض الْكَلِمَة، وَبَعض الْكَلِمَة يكون مُبينًا؛ وَإِنَّمَا كتبوها فِي التَّثْنِيَة لِأَن التَّثْنِيَة أخرجته عَن مشابهة الْحَرْف فَإِن الْحَرْف لَا يثنى، وَلَا التباس فِي ترك اللَّام الْوَاحِدَة فِي (الَّذِي) وَلَا تفخيم لَهُ فِي الْمَعْنى، بِخِلَاف لَفْظَة (الله) ، فَترك تفخيمه فِي الْخط

وَأَسْمَاء الله تَعَالَى التِّسْعَة وَالتِّسْعُونَ تذكر بِالْألف والام وَإِن لم يَكُونَا من نفس الْكَلِمَة

وَقد أنكر بعض الْمَشَايِخ على من يكْتب أَو يذكر اسْما من أَسمَاء الله مُنْكرا، وحاشا الله أَن يكون اسْمه نكرَة

وَاخْتلفُوا فِي (اللَّيْل) و (اللَّيْلَة) فَكتب بَعضهم بلام وَاحِدَة اتبَاعا للمصحف

وكل شَيْء مِنْهَا إِذا دخلت عَلَيْهِ لَام الْإِضَافَة يكْتب بلامين وتحذف وَاحِدَة استثقالا لِاجْتِمَاع ثَلَاث لامات

و (الَّذِي) يَصح للعاقل وَغَيره، وَكَذَا الْمثنى؛ و (الَّذين) لَا يسْتَعْمل إِلَّا للعقلاء خَاصَّة وَيجوز التَّعْبِير بِلَفْظ (الَّذِي) عَن الْجمع لأَنهم جوزوا فِي الموصولات وَأَسْمَاء الإشارات مَا لم يجوزوا فِي أَسمَاء الْأَجْنَاس، فيراد بالمفرد مِنْهَا مَا يُرَاد بالتثنية وَالْجمع، وبالمذكر مَا يُرَاد بالمؤنث، وَإِنَّمَا لم يعرب (الَّذِي) لِأَنَّهُ مَوْصُول لَا يتم إِلَّا بصلته، وَلَا إِعْرَاب إِلَّا لتَمام الْكَلِمَة فِي آخِره

وأعرب التَّثْنِيَة لتحَقّق معنى الِاسْم فِيهِ

وَلَيْسَ (اللَّذَان) و (التان) تَثْنِيَة (الَّذِي) و (الَّتِي) على حد لَفْظهمَا، إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لقالوا:(اللذيان) و (التيان) وَإِنَّمَا هما صيغتان مرتجلتان للتثنية

وَلَيْسَ (الَّذين) جمع (الَّذِي) الْمُصَحح بل ذُو زِيَادَة زيدت لزِيَادَة الْمَعْنى وَلذَلِك جَاءَ بِالْيَاءِ أبدا فِي اللُّغَة الفصيحة الَّتِي عَلَيْهَا التَّنْزِيل

و (الَّذِي) تدخل على الْجُمْلَة الاسمية والفعلية و (ال) لَا تدخل إِلَّا على الْجُمْلَة المصدرة بِفعل

ص: 164

متصرف مُثبت و (أولاء) كلمة مَعْنَاهَا الْكِنَايَة عَن جمَاعَة نَحْو (هم) جمع لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه بني على الْكسر وَالْكَاف الْمُتَّصِل بِهِ للخطاب

و (اللائي) : وَاحِدهَا (الَّتِي) و (الَّذِي) جَمِيعًا، و (اللَّاتِي) : وَاحِدهَا (الَّتِي) وَقيل هِيَ جمع (الَّتِي) بِحَسب الْمَعْنى دون اللَّفْظ، وَقيل جمع على غير قِيَاس

فِي " أدب الْكَاتِب " وَغَيره: (أولي) بِمَعْنى (الَّذين) واحده (الَّذِي) و (أولو) بِمَعْنى أَصْحَاب واحده (ذُو) و (أولات) وَاحِدهَا (ذَات) وَقَالَ الْكسَائي: من قَالَ فِي الْإِشَارَة: (أولاك) فواحده (ذَاك) وَمن قَالَ: (أُولَئِكَ) فواحده (ذَلِك)

و (بعد التيا وَالَّتِي) : مَعْنَاهُ بعد الخطة الَّتِي من فظاعة شَأْنهَا كَيْت وَكَيْت، وَإِنَّمَا حذفوا ليوهم أَنَّهَا بلغت من الشدَّة مبلغا تقاصرت الْعبارَة عَن كنهه

الْألف وَاللَّام: هِيَ مَتى أطلقت إِنَّمَا يُرَاد بهَا الَّتِي للتعريف، وَإِذا أُرِيد غَيرهَا قيد بالموصولية والزائدة وَكَذَلِكَ التَّنْوِين فَإِنَّهُ مَتى أطلق إِنَّمَا يُرَاد بِهِ الصّرْف وَإِذا أُرِيد بِهِ غَيره قيد بتنوين التنكير والمقابلة والعوض

وَإِذا دخل الْألف وَاللَّام فِي إسم فَردا كَانَ أَو جمعا وَكَانَ ثمَّة مَعْهُود يصرف إِلَيْهِ إِجْمَاعًا، وَإِن لم يكن ثمَّة مَعْهُود يحمل على الِاسْتِغْرَاق عِنْد الْمُتَقَدِّمين وعَلى الْجِنْس عِنْد الْمُتَأَخِّرين، إِلَّا أَن الْمقَام إِذا كَانَ خطابيا يحمل على كل الْجِنْس وَهُوَ الِاسْتِغْرَاق، وَإِذا كَانَ الْمقَام استدلاليا أَو لم يُمكن حمله على الِاسْتِغْرَاق يحمل على أدنى الْجِنْس حَتَّى يبطل الجمعية وَيصير مجَازًا عَن الْجِنْس، فَلَو لم نصرفه إِلَى الْجِنْس وأبقيناه على الجمعية يلْزم إِلْغَاء حرف التَّعْرِيف من كل وَجه، إِذْ لَا يُمكن حمله على بعض أَفْرَاد الْجمع لعدم الْأَوْلَوِيَّة، إِذْ التَّقْدِير (أَن لَا عهد) فَتعين أَن يكون للْجِنْس، فَحِينَئِذٍ لَا يُمكن القَوْل بتعريف الْجِنْس مَعَ بَقَاء الجمعية، لِأَن الْجمع وضع لأفراد الْمَاهِيّة لَا للماهية من حَيْثُ هِيَ، فَيحمل على الْجِنْس بطرِيق الْمجَاز

وَاعْلَم أَن (أل) التَّعْرِيف إِمَّا عهدية وَإِمَّا جنسية

فالعهدية: إِمَّا أَن يكون مصحوبها معهودا ذكريا نَحْو: {فِيهَا مِصْبَاح الْمِصْبَاح فِي زجاجة الزجاجة كَأَنَّهَا كوب} أَو ذهنيا نَحْو: {إِذْ هما فِي الْغَار} أَو حضوريا نَحْو {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ}

والجنسية: إِمَّا الِاسْتِغْرَاق الْأَفْرَاد، وَهِي الَّتِي تخلفها (كل) حَقِيقَة نَحْو:{وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} وَمن دلائلها صِحَة الإستثناء من مدخولها نَحْو: {إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا} وَوَصفه بِالْجمعِ نَحْو: (أَو الطِّفْل

ص: 165

الَّذين لم يظهروا} وَإِمَّا لاستغراق خَصَائِص الْأَفْرَاد وَهِي الَّتِي تخلفها (كل) مجَازًا نَحْو: {ذَلِك الْكتاب} أَي الْكتاب الْكَامِل فِي الْهِدَايَة الْجَامِع لصفات جَمِيع الْكتب الْمنزلَة وخصائصها. وَأما لتعريف الْمَاهِيّة والحقيقة وَالْجِنْس، وَهِي الَّتِي لَا تخلفها (كل) لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا نَحْو:{وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ}

وَقد تَجِيء الْألف وَاللَّام فِي كَلَام الْعَرَب على معَان غير الْمعَانِي الْأَرْبَعَة الْمَشْهُورَة كالتعظيم نَحْو: (الْحسن)، والتزيين والتحسين نَحْو:(الَّذِي وَالَّتِي)

وَقد يُرَاد من مدخولها مُجَرّد شهرته بَين النَّاس، وَذَلِكَ إِذا كَانَ خَبرا لمبتدأ نَحْو:(ووالدك العَبْد) أَي ظَاهر أَنه على هَذِه الصّفة مَعْرُوف بِهِ

وَالْألف وَاللَّام تلْحق الْآحَاد بِالْجمعِ وَالْجمع بالآحاد ذكره النَّيْسَابُورِي [رحمه الله وَغَيره]

وَكَون الْألف وَاللَّام عوضا من الْمُضَاف إِلَيْهِ مَذْهَب الْكُوفِيّين، وَالصَّوَاب أَن اللَّام تغني عَن الْإِضَافَة فِي الْإِشَارَة إِلَى الْمَعْهُود، وَإِذا دخلت على اسْم الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول كَانَت بِمَعْنى (الَّذِي وَالَّتِي) لَا للْعهد

وَتدْخل الْألف وَاللَّام فِي الْعدَد الْمركب على الأول نَحْو: (الثَّالِث عشر)، وَفِي الْعدَد الْمُضَاف على الثَّانِي نَحْو:(خَمْسمِائَة الْألف)، وَعَلَيْهِمَا فِي الْعدَد الْمَعْطُوف نَحْو قَوْله:

(إِذا الْخمس وَالْخمسين جَاوَزت فَارْتَقِبْ)

وَإِنَّمَا تدخل على الأول فِي الْعدَد الْمركب لِأَن الاسمين إِذا ركبا نزلا منزلَة الِاسْم الْوَاحِد، وَالِاسْم الْوَاحِد يلْحق لَام التَّعْرِيف بأوله

إِلَّا: مشدودة حرف مَحْض و (غير) و (سوى) و (سَوَاء) اسْم مَحْض و (لَيْسَ) و (لَا يكون) و (مَا خلا) و (مَا عدا) فعل مَحْض

وَمعنى الْمُغَايرَة فِي: (غير) و (سوى) و (لَا سِيمَا)

وَمعنى النَّفْي فِي: (لَيْسَ) وَفِي (لَا يكون)

وَمعنى الْمُجَاوزَة فِي: (خلا) و (عدا)

وَمعنى التَّنْزِيه فِي: (حاشى)

وَمعنى التّرْك فِي: (بله)

و (غير) : يسوغ إِقَامَتهَا مقَام (إِلَّا) والإسم الْوَاقِع بعد (غير) لَا يَقع أبدا إِلَّا مجرورا بِالْإِضَافَة، وَضمير الْمَجْرُور لَا يكون إِلَّا مُتَّصِلا، وَلِهَذَا امْتنع أَن يفصل بَينهمَا، وَلَيْسَ كَذَلِك الِاسْم الْوَاقِع بعد (إِلَّا) لِأَنَّهُ يَقع إِمَّا مَنْصُوبًا أَو مَرْفُوعا، وَكِلَاهُمَا يجوز أَن يفصل بَينه وَبَين الْعَامِل نَحْو:{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلا} نصب مَا بعْدهَا بهَا و {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل} رفع مَا بعْدهَا على أَنه بدل بعض

نقل عَن الْآمِدِيّ أَنَّك إِذا قلت: (لَا رجل فِي الدَّار إِلَّا عمرا) كَانَ نصب (عَمْرو) على الِاسْتِثْنَاء أحسن من رَفعه على الْبَدَل، وَقد قَالُوا: إِذا لم تحصل الْمُشَاركَة فِي الِاتِّبَاع كَانَ النصب على الِاسْتِثْنَاء أولى

فِي " الْمِيزَان ": الْمُسْتَثْنى بإلا على ثَلَاثَة أضْرب: مَنْصُوب أبدا وَهُوَ مَا اسْتثْنى من كَلَام مُوجب نَحْو: (جَاءَنِي الْقَوْم إِلَّا زيدا) وَمَا قدم على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ

ص: 166

نَحْو: (مَا جَاءَنِي إِلَّا زيدا أحد)، وَمَا كَانَ اسْتِثْنَاؤُهُ مُنْقَطِعًا نَحْو:(مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا حمارا)

وَالثَّانِي: جَازَ فِيهِ الْبَدَل وَالنّصب، وَهُوَ الْمُسْتَثْنى من كَلَام غير مُوجب نَحْو:(مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا زيد وَإِلَّا زيدا)

وَالثَّالِث: جَار على إعرابه قبل دُخُول (إِلَّا)[وَالْمُخْتَار مَعَ الْفَصْل الْكثير بَين الْمُسْتَثْنى والمستثنى مِنْهُ النصب على الِاسْتِثْنَاء صرح بِهِ فِي " التسهيل " وَوَافَقَهُ الرضي]

و (إِلَّا) يخرج مَا بعْدهَا مِمَّا أَفَادَهُ الْكَلَام الَّذِي قبلهَا فِي الْكَلَام التَّام الْمُوجب، وَكَذَا فِي غير الْمُوجب، وَمن ثمَّة كَانَ تركيب مثل:(مَا قَامَ الْقَوْم إِلَّا زيدا) مُفِيدا للحصر مَعَ أَنَّهَا للاستثناء أَيْضا لِأَن الْمَذْكُور بعد (إِلَّا) لَا بُد أَن يكون مخرجا من شَيْء قبلهَا، فَإِن كَانَ مَا قبلهَا تَاما لم يحْتَج إِلَى تَقْدِير، وَإِلَّا فَيتَعَيَّن تَقْدِير شَيْء قبل (إِلَّا) ليحصل الْإِخْرَاج مِنْهُ، لَكِن إِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا التَّقْدِير لتصحيح الْمَعْنى، فَعلم مِنْهُ أَن الْمَقْصُود فِي الْكَلَام الَّذِي لَيْسَ بتام إِنَّمَا هُوَ إِثْبَات الحكم الْمَنْفِيّ قبل (إِلَّا) لما بعْدهَا، وَأَن الِاسْتِثْنَاء لَيْسَ بمقصود، وَلِهَذَا اتّفق النُّحَاة على أَن الْمَذْكُور بعد (إِلَّا) فِي نَحْو:(مَا قَامَ إِلَّا زيد) مَعْمُول لِلْعَامِلِ الَّذِي قبلهَا

وَإِلَّا: تنقل الْكَلَام من الْعُمُوم إِلَى الْخُصُوص ويكتفى بهَا من ذكر الْمُسْتَثْنى مِنْهُ إِذا قلت: (مَا قَامَ إِلَّا زيد) فَكَانَت هِيَ الأَصْل فِي الِاسْتِثْنَاء

والا الاستثنائية: قد تكون عاطفة بِمَنْزِلَة الْوَاو فِي التَّشْرِيك كَقَوْلِه تَعَالَى: {لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة إِلَّا الَّذين ظلمُوا} أَي: وَلَا الَّذين ظلمُوا

وَتَكون بِمَعْنى (بل) نَحْو: {إِلَّا تذكرة لمن يخْشَى}

وَبِمَعْنى (لَكِن) نَحْو {لست عَلَيْهِم بمسيطر إِلَّا من تولى وَكفر} وَنَحْو: {إِلَّا مَا اضطررتم} وَتَكون صفة بِمَعْنى (غير) فيوصف بهَا أَو بتاليها جَمِيعًا جمع مُنكر أَو شبه نَحْو: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} أَو شَبيهَة وَالْمرَاد بشبه الْجمع الْمُنكر الْجمع الْمُعَرّف بلام الْجِنْس والمفرد غير الْمُخْتَص بِوَاحِد وَكَون (إِلَّا) فِي هَذِه الْآيَة للاستثناء غير صَحِيح من جِهَة اللَّفْظ وَالْمعْنَى، إِذْ الْمَعْنى حِينَئِذٍ (لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة لَيْسَ فيهم الله لفسدتا) وَهُوَ بَاطِل بِاعْتِبَار مَفْهُومه، وَأما اللَّفْظ فَلِأَن (آلِهَة) جمع مُنكر فِي الْإِثْبَات فَلَا عُمُوم لَهُ فَلَا يَصح الِاسْتِثْنَاء مِنْهُ، [وَحكم ابْن الْحَاجِب بِضعْف (إِلَّا) بِمَعْنى (غير) غير مَا إِذا كَانَت تَابِعَة بِجمع منكور غير محصورة] وَقد يَجِيء بِمَعْنى (بدل) وَعَلِيهِ خرج ابْن الصَّائِغ أَي (بدل الله) أَو (عوضه) فَلَا إِشْكَال حِينَئِذٍ

وَقد يذكر (إِلَّا) وَيُرَاد بِهِ تَأْكِيد الأول بتعليق الثَّانِي بِعَدَمِ الأول، كَقَوْل الإِمَام للمرتد:(تب وَإِلَّا قتلناك)

وَيذكر وَيُرَاد بِهِ التَّخْيِير، كَمَا يُقَال:(اركب هَذِه الدَّابَّة وَإِلَّا هَذِه الدَّابَّة)

وَيَجِيء بِمَعْنى (إِمَّا) كَمَا فِي قَوْلهم: (إِمَّا أَن

ص: 167

تكلمني وَإِلَّا فَاذْهَبْ) أَي وَإِمَّا أَن تذْهب وَقد تكون زَائِدَة

[و (إِلَّا) فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} قيل بِمَعْنى (سوى) كَقَوْلِه: (عَليّ ألف إِلَّا الألفان القديمان) وَالْمعْنَى سوى مَا شَاءَ رَبك من الزِّيَادَة الَّتِي لَا آخر لَهَا على مُدَّة بَقَاء السَّمَاوَات وَالْأَرْض]

و (إِلَّا) و (الْوَاو) الَّتِي بِمَعْنى (مَعَ) كل وَاحِدَة مِنْهَا يعدى الْفِعْل الَّذِي قبلهَا إِلَى الِاسْم الَّذِي بعْدهَا مَعَ ظُهُور النصب فِيهِ

[وَقد يكون للشّرط كَمَا فِي قَوْله:

(وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ

لعمر أَبِيك إِلَّا الفرقدان)

أَي: إِن لم يُوجد الفرقدان لَكَانَ كل أَخ مفارق أَخِيه، فَلَا شذوذ فِي الْبَيْت على هَذَا الْوَجْه] أَلا بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد: حرف تحضيض مُخْتَصّ بِالْجُمْلَةِ الفعلية الخبرية

وبالكسر وَالتَّشْدِيد مَعَ التَّنْوِين: بِمَعْنى الْعَهْد، وَالْحلف، والقرابة، وَالْأَصْل، والجيد، وَالْجَار، والمعدن، والحقد، والعداوة، والربوبية، وَالْوَحي، والأمان

أَلا أَن: هِيَ مَتى دخلت على مَا يقبل التَّوْقِيت تجْعَل غَايَة نَحْو: {لَا يزَال بنيانهم الَّذِي بنوا رِيبَة فِي قُلُوبهم إِلَّا أَن تقطع قُلُوبهم} أَي: حَتَّى، دلّ عَلَيْهِ قِرَاءَة (إِلَى أَن تقطع) وَمَتى دخلت على مَا لَا يقبل التَّوْقِيت، وَهُوَ أَن يكون فعلا لَا يَمْتَد ك (إِلَّا أَن يقدم فلَان) تجْعَل شرطا بِمَنْزِلَة (إِن) لما بَين الْغَايَة وَالشّرط من الْمُنَاسبَة، وَهِي أَن حكم مَا بعد كل مِنْهُمَا يُخَالف حكم مَا قبله

أَلا: تَأتي حرف استفتاح ك (أما) لَكِن يتَعَيَّن كسر (إِن) بعد (أَلا) ، وَيجوز الْفَتْح وَالْكَسْر بعد (أما) كالواقعة بعد (إِذْ)

وَتَأْتِي للتّنْبِيه، وتفيد التَّحْقِيق لتركبها من همزَة الِاسْتِفْهَام الَّتِي هِيَ الْإِنْكَار وحرف النَّفْي الَّذِي لإِفَادَة التَّنْبِيه على تَحْقِيق مَا بعده، فَإِن إِنْكَار الشَّيْء تَحْقِيق للإثبات لكنهما بعد التَّرْكِيب صارتا كلمتي تَنْبِيه يدخلَانِ على مَا لَا يجوز أَن يدْخل عَلَيْهِ حرف النَّفْي

وَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَن لَا تركيب فيهمَا، نظيرهما الْهمزَة الدَّاخِلَة على (لَيْسَ) فِي كَونهَا لتحقيق مَا بعْدهَا كَقَوْلِه تَعَالَى:{أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر}

وَتَكون للتوبيخ وَالْإِنْكَار والاستفهام عَن النَّفْي وللعرض والتحضيض

وَتَكون اسْما بِمَعْنى (النِّعْمَة) وَالْجمع (آلَاء) ، وفعلا مَاضِيا بِمَعْنى (قصر) أَو اسْتَطَاعَ)

إِلَى: هِيَ نقيضة (من) لِأَنَّهَا بِإِزَاءِ طرف (من) فِي " الْمُفْردَات ": حرف لتحديد النِّهَايَة من الجوانب السِّتَّة وَلكنهَا لَا تخْتَص بِالْمَكَانِ كَمَا اخْتصّت (من)

وَفِي التَّنْزِيل: {وَالْأَمر إِلَيْك} {وَإِلَى الله الْمصير}

ص: 168

وَإِلَى الزمانية، نَحْو:{أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل}

والمكانية، {من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى} وَتَكون بِمَعْنى (مَعَ) وَهُوَ قَلِيل وَعَلِيهِ {وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} وَالتَّحْقِيق أَنه يحمل على التَّضْمِين أَي:(مُضَافَة إِلَى الْمرَافِق) و (ضامين إِلَى أَمْوَالكُم

وَتَكون بِمَعْنى الظّرْف ك (فِي) نَحْو: {ليجمعنكم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة}

وَإِذا دخلت على ظَاهر أبقيت ألفها إِذْ الأَصْل فِي الْحُرُوف أَلا يتَصَرَّف فِيهَا

وَإِذا دخلت على مُضْمر قلبت ألفها يَاء حملا على (على) و (لَدَى) فَإِنَّهُمَا لَا تنفكان عَن الْإِضَافَة

وَإِلَى بِمَعْنى على كَمَا فِي حَدِيث: " من ترك كلا وعيالا فَإِلَيَّ "

وَإِلَى وَاللَّام يتعاقبان نَحْو: {وأوحي إِلَى نوح} {أوحى لَهَا} و (إِلَيْك كَذَا) : أَي خُذْهُ

و (اذْهَبْ إِلَيْك) : أَي اشْتغل بِنَفْسِك

و (إِلَيْك عني) : أَي أمسك عني وكف وأصل (إِلَيْك)(إلاك) قلبت الْألف يَاء فرقا بَين الْإِضَافَة إِلَى المكنى وَغَيره

الِالْتِفَات: هُوَ نقل الْكَلَام من أسلوب إِلَى آخر، أَعنِي من التَّكَلُّم أَو الْخطاب أَو الْغَيْبَة إِلَى آخر مِنْهَا بعد التَّعْبِير الأول، هَذَا هُوَ الْمَشْهُور

مِثَاله من التَّكَلُّم إِلَى الْخطاب قَوْله: {وأمرنا لنسلم لرب الْعَالمين وَأَن أقِيمُوا الصَّلَاة} وَمن التَّكَلُّم إِلَى الْغَيْبَة نَحْو: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله} وَمن الْخطاب إِلَى الْغَيْبَة نَحْو: {ادخُلُوا الْجنَّة أَنْتُم وأزواجكم تحبرون يُطَاف عَلَيْهِم}

وَمن الْغَيْبَة إِلَى التَّكَلُّم نَحْو: {وَأوحى فِي كل سَمَاء أمرهَا وزينا}

وَمن الْغَيْبَة إِلَى الْخطاب نَحْو: {وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا} وَقَوله تَعَالَى: (إِن الْإِنْسَان لرَبه لكنود، وَإنَّهُ على ذَلِك لشهيد، وَإنَّهُ لحب

ص: 169

الْخَيْر لشديد} يحسن أَن يُسمى الْتِفَات الضمائر، قَالَه ابْن أبي الْأصْبع، وَلم يَقع فِي الْقُرْآن مِثَال من الْخطاب إِلَى التَّكَلُّم، [وَفِي قَوْله تَعَالَى:{سُبْحَانَ الَّذِي أسرى} إِلَى قَوْله: {إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} أَربع: الْتِفَات من الْغَيْبَة إِلَى التَّكَلُّم إِلَى قَوْله (باركنا) ، وَفِي قِرَاءَة (ليريه) بالغيبة من التَّكَلُّم إِلَى الْغَيْبَة وَفِي (آيَاتنَا) بِالْعَكْسِ، وَفِي (إِنَّه) كالمعكوس

وَمن شَرط الِالْتِفَات أَن يكون الضَّمِير فِي الْمُنْتَقل إِلَيْهِ عَائِدًا فِي نفس الْأَمر إِلَى الْمُنْتَقل عَنهُ، وَأَن يكون فِي جملتين]

وَلَا الْتِفَات فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} من الْخطاب إِلَى الْغَيْبَة كَمَا ظن، لِأَن الْمَوْصُول مَعَ صلته كاسم وَاحِد فَلَا يجْرِي عَلَيْهِ حكم الْخطاب بِإِدْخَال (يَا) عَلَيْهِ، إِلَّا بعد ارتباط الصِّلَة بِهِ وعود ضمير الصِّلَة إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي هَذِه الْحَالة غَائِب، إِذْ الِاسْم الظَّاهِر من قبيل الْغَيْب مَا لم يدْخل عَلَيْهِ مَا يُوجب الْخطاب، فَمُقْتَضى الظَّاهِر أَن يكون الضَّمِير الْعَائِد إِلَيْهِ من الصِّلَة ضمير غيبَة، فلاحقه مُوَافق لسابقه؛ والالتفات لَا بُد فِيهِ من الْمُخَالفَة بَينهمَا، وَكَذَا الِالْتِفَات بَين (الَّذين آمنُوا) وَبَين (إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة) لِأَن الْمَوْصُول مَعَ صلته لما صَار بورود حرف الْخطاب عَلَيْهِ معنى مُخَاطبا اقْتضى الظَّاهِر أَن يكون الْعَائِد إِلَيْهِ فِي هَذِه الْحَالة ضمير خطاب ليُوَافق سابقه فِي الْخطاب والتجريد، بِجَامِع الْكِنَايَة، دون الِالْتِفَات، لِأَن الِالْتِفَات يَقْتَضِي اتِّحَاد الْمَعْنيين، والتجريد يغايرهما؛ وَلِأَن التَّجْرِيد مِمَّا يتَعَلَّق بِمَفْهُوم اللَّفْظ

والالتفات: نقل الْكَلَام من أسلوب إِلَى أسلوب وَهُوَ نقل معنوي لَا لَفْظِي فَقَط فبينهما عُمُوم وخصوص وَجْهي، وَكَذَا وضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر وَبِالْعَكْسِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِالْتِفَات

والعدول من أسلوب إِلَى آخر أَعم من الِالْتِفَات، كَمَا فِي الرّفْع وَالنّصب المعدول إِلَيْهِ مِمَّا يَقْتَضِيهِ عَامل المنعوت، وسنشبعك من الْبَيَان فِي بحث " التَّجْرِيد " إِن شَاءَ الله تَعَالَى

[وَمن الِالْتِفَات نقل الْكَلَام من خطاب الْوَاحِد إِلَى الِاثْنَيْنِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {قَالُوا أجئتنا لتلفتنا} إِلَى قَوْله: {وَتَكون لَكمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْض}

وَإِلَى الْجمع، نَحْو:{يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء}

وَمن الِاثْنَيْنِ إِلَى الْوَاحِد، نَحْو:{فَمن رَبكُمَا يَا مُوسَى}

وَإِلَى الْجمع، نَحْو:{وأوحينا إِلَى مُوسَى وأخيه أَن تبوأا}

وَمن الْجمع إِلَى الْوَاحِد، نَحْو:{أقِيمُوا الصَّلَاة وَبشر الْمُؤمنِينَ}

وَإِلَى الِاثْنَيْنِ نَحْو: (يَا معشر الْجِنّ

ص: 170

وَالْإِنْس} إِلَى قَوْله: {تُكَذِّبَانِ} ]

الْآل: هُوَ جمع فِي الْمَعْنى فَرد فِي اللَّفْظ يُطلق بالاشتراك اللَّفْظِيّ على ثَلَاثَة معَان: أَحدهَا: الْجند والأتباع نَحْو (آل فِرْعَوْن)

وَالثَّانِي: النَّفس نَحْو (آل مُوسَى) و (آل هرون) و (آل نوح)

وَالثَّالِث: أهل الْبَيْت خَاصَّة نَحْو: (آل مُحَمَّد) وَرُوِيَ أَن الْحسن كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ صل على ألى مُحَمَّد، أَي على شخصه، وَآل إِبْرَاهِيم: اسماعيل واسحاق وأولادهما، وَقد دخل فيهم الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وَآل عمرَان: مُوسَى وَهَارُون ابْنا عمرَان بن يصهر ابْن يافث بن لاوي بن يَعْقُوب أَو عِيسَى وَأمه مَرْيَم بنت عمرَان إِلَى سُلَيْمَان بن دَاوُد إِلَى يهودا ابْن يَعْقُوب

وَاصل آل: أهل، كَمَا اقْتصر عَلَيْهِ صَاحب " الْكَشَّاف " أَو من (آل يؤول) إِذا رَجَعَ إِلَيْهِ بِقرَابَة أَو رَأْي أَو نَحْوهمَا كَمَا هُوَ رَأْي الْكسَائي، وَرجحه بعض الْمُتَأَخِّرين

وعَلى كل من التَّقْدِيرَيْنِ قد دلّت الْأَحَادِيث على أَن آل مُحَمَّد مَخْصُوص بمستحقي خمس الْخمس الَّذين حرمت عَلَيْهِم الصَّدَقَة، وهم بَنو هَاشم فَقَط، هَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأهل بَيت النَّبِي: فَاطِمَة، وَعلي، وَالْحسن وَالْحُسَيْن رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لف عَلَيْهِ كسَاء وَقَالَ: هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي

والمتبادر إِلَى الذِّهْن عِنْد الْإِطْلَاق هم مَعَ أَزوَاجه وَقد نظمت فِيهِ:

(حَقًا بَنو هَاشم آل الرَّسُول فَقَط

عِنْد الإِمَام فَكُن فِي أَمرهم عسا)

(أما عَليّ وإبناه وَفَاطِمَة

من أهل بَيت عَلَيْهِم كَانَ لف كسا)

(لَا منع من دَاخل فِي حق خَارِجَة

وَالنَّص لَا يَقْتَضِي أَن لَيْسَ مِنْهُ نسا)

والآل عرفا: هم الْمُؤْمِنُونَ من هَذِه الْأمة، أَو الْفُقَهَاء الْعَامِلُونَ مِنْهُم، فَلَا يُقَال (الْآل) على المقلدين كَمَا فِي " الْمُفْردَات "

وَآل النَّبِي من جِهَة النّسَب: أَوْلَاد عَليّ وَعقيل وجعفر وَالْعَبَّاس

وَمن جِهَة الدّين: كل مُؤمن تَقِيّ، كَذَا أجَاب رَسُول الله حِين سُئِلَ عَن الْآل

قَالَ بَعضهم: الْآل هم المختصون بِالْقربِ مِنْهُ قرَابَة أَو صُحْبَة أَو خلَافَة عَنهُ فِي مواريثه العلمية والعملية والحالية، وهم ثَلَاثَة أَصْنَاف: صنف مِنْهُم آله صُورَة وَمعنى، وَهُوَ خَلِيفَته وَالْإِمَام الْقَائِم مقَامه حَقِيقَة

وصنف مِنْهُم آله معنى لَا صُورَة، كَسَائِر الْأَوْلِيَاء الَّذين هم أهل الْكَشْف وَالشُّهُود

وصنف مِنْهُم آله صُورَة طينية لَا معنى، كمن صحت نسبته الطينية والعنصرية إِلَيْهِ، وَهَذَا الصِّنْف هم السادات والشرفاء، وَقد نظمت فِيهِ:

(من خص بِالْقربِ مِمَّن قد علا نسبا

قرب الْقَرَابَة كالسادات والشرفا)

(قرب الْخلَافَة أَو قرب مصاحبة

كالأولياء وَمن فِي الْعدْل كالخلفا)

قيل لجَعْفَر الصَّادِق: إِن النَّاس يَقُولُونَ: إِن الْمُسلمين كلهم آل النَّبِي فَقَالَ: صدقُوا وكذبوا

ص: 171

فَقيل لَهُ: مَا معنى ذَلِك؟ فَقَالَ: كذبُوا فِي أَن الْأمة كَافَّة هم آله، وَصَدقُوا إِذا قَامُوا بشرائط شَرِيعَته هم آله

وَبَين الْآل والصحب عُمُوم وخصوص من وَجه، فَمن اجْتمع بِالنَّبِيِّ من أَقَاربه الْمُؤمنِينَ فَهُوَ من الْآل والصحب، وَمن لم يجْتَمع بِهِ مِنْهُم فَهُوَ من الْآل فَقَط، وَمن اجْتمع بِهِ من غير الْقَرَابَة بِشَرْط كَونه مُؤمنا بِهِ فَهُوَ من الصحب فَقَط

قَالَ بَعضهم: إِضَافَة الْآل إِلَى الضَّمِير قَليلَة أَو غير جَائِزَة، وَالصَّحِيح جَوَاز ذَلِك

وَلَا يسْتَعْمل مُفردا غير مُضَاف إِلَّا نَادرا

وَيخْتَص بالأشراف دنيويا كَانَ أَو أخرويا من الْعُقَلَاء الذُّكُور، فَلَا يُقَال:(آل الإسكاف) وَلَا (آل فَاطِمَة) وَلَا (آل مَكَّة)، وَعَن الْأَخْفَش أَنهم قَالُوا:(آل الْمَدِينَة) و (آل الْبَصْرَة)

اللَّهُمَّ: كلمة تسْتَعْمل فِيمَا إِذا قصد اسْتثِْنَاء أَمر نَادِر مستبعد، كَأَنَّهُ يستعان بِاللَّه تَعَالَى فِي تَحْصِيله

حذف حرف النداء وَأخر مَا عوض عَنهُ من الْمِيم الْمُشَدّدَة تبركا بِالِابْتِدَاءِ باسمه سُبْحَانَهُ، وَهُوَ الْأَكْثَر فِي الِاسْتِعْمَال من كلمة (يَا) الْمَوْضُوعَة للبعيد، مَعَ أَنه أقرب قرب علم أَلا إِنَّه بِكُل شَيْء مُحِيط

وأصل اللَّهُمَّ: يَا الله، وَهُوَ قَول أهل الْبَصْرَة فتمحض ذكرا، و (يَا الله أمنا بِخَير)، أَي: اقصدنا بِخَير، وَهُوَ قَول أهل الْكُوفَة فَلم يَك تَعْظِيمًا خَالِصا

وَاخْتلف فِي لَفْظَة الْجَلالَة على عشْرين قولا، أَصَحهَا أَنه علم [لذاته الْمَخْصُوص جزئي الْمَفْهُوم، فَلَيْسَ لَهُ مَاهِيَّة كُلية، لِئَلَّا يلْزم أَن يكون وجود الْبَارِي مُمْتَنعا إِذا كَانَ وجود بَاقِي الْأَفْرَاد أنفس الْمَاهِيّة، وَأَن يكون وجود الْأَفْرَاد الْبَاقِيَة مُمكنا بِالذَّاتِ، مُمْتَنعا بِالْغَيْر إِذا كَانَ لغير الْمَاهِيّة فَإِنَّهُمَا محَال، و] غير مُشْتَقّ، على مَا هُوَ اخْتِيَار الْمُحَقِّقين، لاستلزام الِاشْتِقَاق أَن يكون الذَّات بِلَا مَوْصُوف، لِأَن سَائِر الْأَسَامِي الْحَقِيقِيَّة صِفَات، وَهَذَا إِذا كَانَ مشتقا يلْزم أَن يكون صفة وَلَيْسَ مَفْهُومه المعبود بِالْحَقِّ كالإله ليَكُون كليا بل هُوَ اسْم للذات الْمَخْصُوص المعبود بِالْحَقِّ الدَّال على كَونه مَوْجُودا أوعليكيفيات ذَلِك الْوُجُود أَعنِي كَونه أزليا أبديا وَاجِب الْوُجُود لذاته، وعَلى الصِّفَات السلبية الدَّالَّة على التَّنْزِيه، وعَلى الصِّفَات الإضافية الدَّالَّة على الْإِيجَاب والتكوين، [وَمن قَالَ أَنه مُشْتَقّ غير علم علل بِأَن الْعلم قَائِم مقَام الْإِشَارَة وَهِي محَال فِي حَقه تَعَالَى] وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي أَنه من الْأَعْلَام الْخَاصَّة أَو الْغَالِبَة، وَقد صَرَّحُوا بِأَن لفظ إِلَه مُنْكرا بِمَعْنى المعبود مُطلقًا بِحَق كَانَ أَو بباطل، إِلَّا أَنه يحمل فِي كلمة التَّوْحِيد على المعبود بِالْحَقِّ بِقَرِينَة أَن المراء والجدال إِنَّمَا هُوَ فِي المعبود بِحَق وَهُوَ الْمَقْصُود بِإِثْبَات الْوُجُود وحصره وَيكون مجَازًا مُسْتَعْملا فِي معنى أخص من مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ

وَالْحَاصِل أَن الْإِلَه اسْم لمَفْهُوم كلي هُوَ المعبود بِحَق، وَالله علم لذات معِين هُوَ المعبود بِالْحَقِّ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَار كَانَ قَوْلنَا:(لَا إِلَه إِلَّا الله كلمة تَوْحِيد) أَي: لَا معبود بِحَق إِلَّا ذَلِك الْوَاحِد الْحق

وَاتَّفَقُوا على أَن لفظ الله مُخْتَصّ بِاللَّه، وأصل اسْم الله الَّذِي هُوَ الله (إِلَه) ثمَّ دخلت عَلَيْهِ الْألف والام فَصَارَ (الْإِلَه) ثمَّ تخفف الْهمزَة التَّخْفِيف الصناعي بِأَن تلين وتلقى حركتها على السَّاكِن قبلهَا وَهُوَ لَام التَّعْرِيف فَصَارَ (اللاه) بِكَسْر اللَّام الأولى وَفتح

ص: 172

الثَّانِيَة، فأدغموا الأولى فِي الثَّانِيَة بعد إسكانها وفخموها تَعْظِيمًا

قَالَ بَعضهم: وَكَذَا الْإِلَه مُخْتَصّ بِهِ تَعَالَى وَقَالَ بَعضهم: اسْم الْإِلَه يُطلق على غَيره تَعَالَى كَانَ مُضَافا أَو نكرَة {وَانْظُر إِلَى إلهك} {وَاجعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة}

وأصل لَفْظَة الْجَلالَة الْهَاء الَّتِي هِيَ ضمير الْغَائِب، لأَنهم لما أثبتوا الْحق سُبْحَانَهُ فِي عُقُولهمْ أشاروا إِلَيْهِ بِالْهَاءِ؛ وَلما علمُوا أَنه تَعَالَى خَالق الْأَشْيَاء ومالكها زادوا عَلَيْهَا لَام الْملك فَصَارَ (الله)

وَحَاصِل مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ هُوَ أَنه كَانَ وَصفا لذات الْحق بالألوهية الجامعة لجَمِيع الْأَسْمَاء الْحسنى وَالصِّفَات العلى والحيطة بِجَمِيعِ مَعَاني اشتقاقاته الْعُظْمَى، فَصَارَ بِغَلَبَة اسْتِعْمَاله فِيهِ لعدم إِمْكَان تحقق تِلْكَ الجمعيات فِي غَيره علما لَهُ، فَجرى سَائِر أَوْصَافه عَلَيْهِ بِلَا عكس؛ وَتعين كلمة التَّوْحِيد عَلامَة للْإيمَان، وَلم يعلم لَهُ مُسَمّى فِي اللِّسَان لِأَن الله سُبْحَانَهُ قبض الألسن عَن أَن يدعى بِهِ أحد سواهُ

وكما تاهوا فِي ذَاته وَصِفَاته لاحتجابها بأنوار العظمة وأستار الجبروت، كَذَلِك تحيروا فِي اللَّفْظ الدَّال عَلَيْهِ أَنه اسْم أَو صفة مُشْتَقّ أَو غير مُشْتَقّ، علم أَو غير علم، إِلَى غير ذَلِك، كَأَنَّهُ انعكس إِلَيْهِ من مُسَمَّاهُ أشعة من تِلْكَ الْأَنْوَار فقصرت أعين المستبصرين عَن إِدْرَاكه

الإلهام: هُوَ إِيقَاع الشَّيْء فِي الْقلب من علم يَدْعُو إِلَى الْعَمَل بِهِ من غير اسْتِدْلَال تَامّ وَلَا نظر فِي حجَّة شَرْعِيَّة وَقد يكون بطرِيق الْكَشْف، وَقد يحصل من الْحق من غير وَاسِطَة الْملك بِالْوَجْهِ الْخَاص الَّذِي لَهُ مَعَ كل مَوْجُود

وَالْوَحي يحصل بِوَاسِطَة الْملك، وَلذَلِك لَا تسمى الْأَحَادِيث القدسية بِالْوَحْي وَإِن كَانَت كَلَام الله

وَقد يُرَاد بالإلهام التَّعْلِيم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فألهمها فجورها وتقواها} وَلَا يُرَاد بِهِ إلهام الْخَواص لِأَنَّهُ لَا يكون مَعَ القدسية، وَأَيْضًا إلهام الْخَواص للروح لَا للنَّفس والتعليم من جِهَة الله تَارَة يكون بِخلق الْعُلُوم الضرورية فِي الْمُكَلف، وَتارَة بِنصب الْأَدِلَّة السمعية أَو الْعَقْلِيَّة وَأما الإلهام فَلَا يجب إِسْنَاده وَلَا استناده إِلَى الْمعرفَة بِالنّظرِ فِي الْأَدِلَّة، وَإِنَّمَا هُوَ اسْم لما يهجس فِي الْقلب من الخواطر بِخلق الله فِي قلب الْعَاقِل فيتنبه بذلك ويتفطن فيفهم الْمَعْنى بأسرع مَا يُمكن، وَلِهَذَا يُقَال:(فلَان ملهم) إِذا كَانَ يعرف بمزيد فطنته وذكائه مَا لَا يُشَاهِدهُ، وَلذَلِك يُفَسر وَحي النَّحْل بالإلهام دون التَّعْلِيم

والإلهام: من الْكَشْف الْمَعْنَوِيّ، وَالْوَحي: من الشهودي المتضمن لكشف الْمَعْنَوِيّ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يحصل بِشُهُود الْملك وَسَمَاع كَلَامه

وَالْوَحي من خَواص النُّبُوَّة والإلهام أَعم

وَالْوَحي مَشْرُوط بالتبليغ دون الإلهام

الِالْتِزَام: هُوَ فِي اصْطِلَاح البديعيين أَن يلْتَزم الناثر فِي نثره والناظم فِي نظمه بِحرف قبل حرف الروي أَو بِأَكْثَرَ من حرف بِالنِّسْبَةِ إِلَى قدرته مَعَ عدم التَّكَلُّف وَفِي التَّنْزِيل كَقَوْلِه: (فَلَا أقسم

ص: 173

بالخنس؛ الْجوَار الكنس} {وَاللَّيْل وَمَا وسق؛ وَالْقَمَر إِذا اتسق} وَفِي الحَدِيث: " اللَّهُمَّ بك أحاول وَبِك أوصاول " و " زر غبا تَزْدَدْ حبا "

الإلغاء: هُوَ حَقِيقَة ترك الْعَمَل مَعَ التسليط نَحْو: (زيد قَائِم ظَنَنْت)

وَلَا يُنكر إِلْغَاء مَعَاني الْأَلْفَاظ كَمَا يتَأَوَّل فِي الشَّيْء مَا لَا يكون فِي أَصله

وَأما إِلْغَاء الْعَمَل: فَلَا يكون إِلَّا فِيمَا لَا يكون أَصله الْعَمَل، وَهُوَ ثَلَاثَة أَقسَام: إِلْغَاء فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى: مثل (لَا) فِي: {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب}

وإلغاء فِي اللَّفْظ دون الْمَعْنى مثل: (كَانَ فِيمَا كَانَ أحسن زيدا)

وَبِالْعَكْسِ: نَحْو: {كفى بِاللَّه شَهِيدا} نقل ابْن يعِيش عَن ابْن السراج أَنه قَالَ: حق الملغى عِنْدِي أَن لَا يكون عَاملا وَلَا مَعْمُولا فِيهِ حَتَّى يلغى من الْجمع، وَيكون دُخُوله كخروجه لَا يحدث معنى غير التَّأْكِيد، واستغرب زِيَادَة حُرُوف الْجَرّ لِأَنَّهَا عاملة، قَالَ: وَدخلت لمعان غير التَّأْكِيد

الْآلَة: هِيَ مَا يعالج بهَا الْفَاعِل الْمَفْعُول كالمفتاح وَنَحْوه، وَلَيْسَ الْمِنْبَر بِآلَة، وَإِنَّمَا هُوَ مَوضِع الْعُلُوّ والارتفاع، وَالصَّحِيح أَن هَذَا وَنَحْوه من الْأَسْمَاء الْمَوْضُوعَة على هَذِه الصِّيغَة لَيست على الْقيَاس

الْأَلَم: الوجع، [والأليم: المؤلم من الْعَذَاب الَّذِي يبلغ إيجاعه غَايَة الْبلُوغ] وَهُوَ مصدر ألم يألم كعلم يعلم: إِذا أَصَابَهُ الوجع

والألم: إِدْرَاك الْمنَافِي من حَيْثُ هُوَ منَاف كَمَا أَن اللَّذَّة إِدْرَاك الملائم من حَيْثُ هُوَ ملائم

وَهَذَا لَا يُنَاسب فن البديع، لِأَن اللَّذَّة حَالَة تدركها عِنْد عرُوض الْمنَافِي لإدراكها، وَيدل عَلَيْهِ قَوْلهم:(فلَان يدْرك اللَّذَّة والألم) وَالْمُنَاسِب لفن البديع أَن يُقَال: الْأَلَم: الوجع، واللذة ضِدّه

وَسبب الْأَلَم عِنْد الْحُكَمَاء تفرق الِاتِّصَال

ورده الْفَخر بِأَن قطع الْعُضْو بسكين حادة بِسُرْعَة لَا يحس مَعَه الْأَلَم إِلَّا بعد حِين، بل تفرق الِاتِّصَال سَبَب المزاج الْمُوجب للألم

الْإِلْحَاق: لحق بِهِ كسمع، ولحقه لَحقا ولحاقا بِالْفَتْح: أدْركهُ، كألحقه وَألْحق بِهِ غَيره، وَمِنْه:(ان عذابك بالكفار مُلْحق) أَي: لَاحق فِي الْقَامُوس: الْفَتْح أحسن أَو الصَّوَاب

والإلحاق: جعل مِثَال على مِثَال أَزِيد مِنْهُ بِزِيَادَة حرف أَو أَكثر موازنا لَهُ فِي عدد الْحُرُوف وَفِي الحركات والسكنات

والملحق يجب أَن يكون فِيهِ مَا يزِيد للإلحاق دون الملحق بِهِ، وَزِيَادَة الْحُرُوف فِي المنشعبة لقصد زِيَادَة معنى

وَفِي الملحق لقصد مُوَافقَة لفظ للفظ آخر ليعامل مُعَامَلَته لَا لزِيَادَة معنى

[والإلحاق بِمَا هُوَ الأَصْل فِي نَوعه أظهر من الْإِلْحَاق فِيمَا هُوَ الأَصْل فِي جنسه]

ص: 174