الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وأثاروا الأَرْض} : قلبوا وَجههَا
{تحمل أثقالكم} : أحمالكم {مناع للخير مُعْتَد أثيم} : متجاوز فِي الظُّلم كثير الآثام
{وَمَا يكذب بِهِ إِلَّا كل مُعْتَد أثيم} : متجاوز عَن التفكر فِي الظُّلم، منهمك فِي الشَّهَوَات
(فصل الْألف وَالْجِيم)
[أجم] : كل بَيت مربع مسطح فَهُوَ أجم
وآجام الْأسد: غاباتها
الْإِجْمَال: أجمل إِلَيْهِ: أحسن
وأجمل الصَّنْعَة وَفِي الصَّنْعَة وأجمله: أَي: حسنه وكثره وزينه
وأجمل الْأَمر: أبهم وَمِنْه: الْمُجْمل: وَهُوَ مَا لَا يُوقف على المُرَاد مِنْهُ إِلَّا بِبَيَان من جِهَة الْمُتَكَلّم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وآتو حَقه يَوْم حَصَاده}
وَنَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} وَنَوع آخر شرعا لَا لُغَة كالعام الَّذِي خص مِنْهُ بعض مَجْهُول، فَيبقى الْمَخْصُوص مِنْهُ مَجْهُولا فَيصير مُجملا وَالْعَام الَّذِي اقترنت بِهِ صفة مَجْهُولَة مثل قَوْله تَعَالَى:{وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} فَإِنَّهُ لما قَيده بِصفة مَجْهُولَة وَهُوَ قَوْله (محصنين) وَلَا يدرى مَا الْإِحْصَان صَار قَوْله (وَأحل لكم) مُجملا
والمجمل يحمل على الْمُحكم، وَذَلِكَ فِيمَا إِذا أدعى الْمَدْيُون الْإِيفَاء فشهدا بِالْإِبْرَاءِ أَو التَّحْلِيل جَازَت شَهَادَتهمَا؛ فَإِن الْإِبْرَاء أَو التَّحْلِيل يحْتَمل الْبَرَاءَة بالإيفاء والإسقاط، فَيحمل على الْبَرَاءَة الْمقيدَة بالإيفاء، بِقَرِينَة الْقَصْد، فكأنهما شَهدا بالإيفاء بِدلَالَة الْحَال وَهِي تَحْسِين الظَّن بِالشَّاهِدِ، لما أَن ظَاهر حَاله أَنه يُرِيد الْجِهَة الْمُوَافقَة للدعوى فَينزل ذَلِك منزلَة الْبَيَان لمجمل كَلَام الْمُدَّعِي، فَتكون الدَّعْوَى هُنَا مفسرة فَلَا حَاجَة إِلَى السُّؤَال
والإجمال: إِيرَاد الْكَلَام على وَجه يحْتَمل أمورا مُتعَدِّدَة وَالتَّفْصِيل: تعْيين تِلْكَ المحتملات
الْإِجْمَاع: هُوَ فِي اللُّغَة يُطلق على مَعْنيين: أَحدهمَا الْعَزْم التَّام، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{فَأَجْمعُوا أَمركُم} وَقَوله عليه الصلاة والسلام: " لَا صِيَام لمن لَا يجمع الصّيام من اللَّيْل " وَالْإِجْمَاع بِهَذَا الْمَعْنى يتَصَوَّر من الْوَاحِد
وَثَانِيهمَا: الِاتِّفَاق يُقَال: (أجمع الْقَوْم على كَذَا) : إِذا اتَّفقُوا
وَفِي الِاصْطِلَاح: يُطلق على اتِّفَاق الْمُجْتَهدين من أمة مُحَمَّد بعد زَمَانه فِي عصر على حكم شَرْعِي
وَمن عمم اقْتصر على حكم
وَالْإِجْمَاع: اتِّفَاق جَمِيع الْعلمَاء، والاتفاق: اتِّفَاق معظمهم وَأَكْثَرهم
وَلَا خلاف فِي أَن جَمِيع أهل الِاجْتِهَاد وَلَو اجْتَمعُوا على قَول وَاحِد من الْحل وَالْحُرْمَة، أَو الْجَوَاز وَالْفساد، أَو على وَاحِد نَحْو أَن يَفْعَلُوا بأجمعهم فعلا وَاحِدًا وَوجد الرضى من الْكل بطرِيق التَّنْصِيص على حكم من أُمُور الدّين يكون
ذَلِك إِجْمَاعًا وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا نَص الْبَعْض وَسكت الْبَاقُونَ لَا عَن خوف وضرورة بعد اشتهار القَوْل وانتشار الْخَبَر ومضي مُدَّة التَّأَمُّل فَقَالَ عَامَّة أهل السّنة يكون ذَلِك إِجْمَاعًا، وَيكون حجَّة، فَإِن مَا هُوَ حجَّة فِي حَقنا إِن كَانَ من الله يُوحى بِالروحِ الْأمين، وَقد تَوَاتر نَقله فَهُوَ الْكتاب، وَإِلَّا فَإِن كَانَ من الرَّسُول فَهُوَ السّنة؛ وَإِن كَانَ من غَيره، فَإِن كَانَ آراء جَمِيع الْمُجْتَهدين فَهُوَ الْإِجْمَاع، أَو رَأْي بَعضهم فَهُوَ الْقيَاس وَأما رَأْي غير الْمُجْتَهد سَوَاء كَانَ الْحَاكِم وَهُوَ الإلهام، أَو رَأْي غَيره وَهُوَ التَّقْلِيد، فَلَا يثبت بهما الحكم الشَّرْعِيّ، لعدم كَونهمَا حجَّة وَالْجُمْهُور على أَنه لَا يجوز الْإِجْمَاع إِلَّا عَن سَنَد من دَلِيل أَو أَمارَة، لِأَن عدم السَّنَد يسْتَلْزم الْخَطَأ، إِذْ الحكم فِي الدّين بِلَا دَلِيل خطأ، وَيمْتَنع إِجْمَاع الْأمة على الْخَطَأ
وَمُخَالفَة الْإِجْمَاع حرَام، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى:{وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى} إِلَى قَوْله: {وَسَاءَتْ مصيرا} وَكفر جَاحد الْإِجْمَاع لَيْسَ بكلي أَلا يرى أَن متروكة التَّسْمِيَة عمدا مُحرمَة عِنْد الْحَنَفِيَّة، ثَابِتَة بِالْإِجْمَاع؛ مَعَ أَن الشَّافِعِي قَائِل بحلها وَالْخلْوَة الصَّحِيحَة كَالْوَطْءِ عِنْد الْحَنَفِيَّة بِالْإِجْمَاع، وَلَيْسَ كَذَلِك عِنْد الشَّافِعِي، وترث زَوْجَة الفار عِنْد الْحَنَفِيَّة بِالْإِجْمَاع، وَلم تَرث عِنْد الشَّافِعِي، وَأَشْبَاه ذَلِك
وَالِاسْتِدْلَال على حجية الْإِجْمَاع بقوله تَعَالَى: {كُنْتُم خير أمة} إِلَخ لَيْسَ بتام
[والعامة تمسكوا فِي حجية الْإِجْمَاع بِالدَّلِيلِ النقلي، وَأَنه يَنْقَسِم إِلَى مُصَرح بِهِ وَإِلَى مُقَدّر أما الْمُصَرّح بِهِ فَقَوله تَعَالَى: {كُنْتُم خير أمة} إِلَى قَوْله: {وتنهون عَن الْمُنكر} فَلَو اتَّفقُوا على مُنكر لما نهوا عَنهُ وَكَانَ (لما) نَاقِصَة أَو تَامَّة أَو زَائِدَة فَلَا دلَالَة فِيهَا على عدم كَونهم كَذَلِك فِي الْحَال وَقَوله تَعَالَى: {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ} وَالْحكم الْمجمع عَلَيْهِ سَبِيل الْمُؤمنِينَ مَا يخْتَار لنَفسِهِ قولا وفعلا فَيجب اتباعهم فِيهِ لِأَن الله تَعَالَى جعل مُخَالفَة سَبِيل الْمُؤمنِينَ أحد أَسبَاب اسْتِحْقَاق النَّار وَأما النقلي الْمُقدر فَهُوَ أَنا نستدل بِالْعَادَةِ المطردة أَن جمعا من الْعلمَاء الْمُتَّقِينَ الْبَالِغين عَددهمْ التَّوَاتُر لم يجز عَلَيْهِم الِاتِّفَاق على الْكَذِب، فَإِذا قطعُوا بتخطئة الْمُخَالف دلنا ذَلِك أَنه بَلغهُمْ نَص من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإِن لم ينْقل إِلَيْنَا لاحْتِمَال أَنهم استغنوا بِالْإِجْمَاع عَن الدَّلِيل أَو نقل ثمَّ اندرس والتمسك بِهَذَا أولى مِمَّا يحْتَمل وُجُوهًا، على أَن التَّمَسُّك بالظواهر إِنَّمَا بثبت بِالْإِجْمَاع فَلَزِمَ الدّور وَالِاخْتِلَاف على الْأَقْوَال الثَّلَاثَة إِجْمَاع مِنْهُم على بطلَان القَوْل الرَّابِع؛ وَهَذَا وَارِد فِي كل مَوضِع كاختلاف عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَة فِي حكم المَاء الْمُسْتَعْمل على الْأَقْوَال الثَّلَاثَة من كَونه نَجَاسَة غَلِيظَة وخفيفة وطاهر أَو غير طَاهِر فَقَوْل سيدنَا مَالك وَالْإِمَام الشَّافِعِي رحمهم الله بِأَنَّهُ طَاهِر ومطهر قَول رَابِع يُخَالف الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فَهُوَ مَحْكُوم بِالْبُطْلَانِ عِنْد الثَّلَاثَة لوُقُوعه مُخَالفا لإِجْمَاع الثَّلَاثَة]
ثمَّ الْإِجْمَاع على مَرَاتِب: إِجْمَاع الصَّحَابَة وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْآيَة وَالْخَبَر الْمُتَوَاتر يكفر جاحده ثمَّ
إِجْمَاع من بعدهمْ فِيمَا لم يرو فِيهِ الصَّحَابَة وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْخَبَر الْمَشْهُور يضلل جاحده ثمَّ إِجْمَاعهم فِيمَا رُوِيَ خلافهم لَا يضلل جاحده وَنقل الْإِجْمَاع إِلَيْنَا قد يكون بالتواتر فَيُفِيد الْقطع؛ وَقد يكون بالشهرة فَيقرب مِنْهُ وَقد يكون بِخَبَر الْوَاحِد فَيُفِيد الظَّن وَيُوجب الْعَمَل وَالِاخْتِلَاف فِي الْعَصْر الأول لَا يمْنَع انْعِقَاد الْإِجْمَاع فِي الْعَصْر الثَّانِي عندنَا وتخطئة الصَّحَابَة من حَيْثُ الْعَمَل دون الِاعْتِقَاد لَا يُسمى تضليلا، لِأَن التضليل يجْرِي فِي العقليات وَفِيمَا كَانَ من بَاب الِاعْتِقَاد دون الشرعيات، لِأَن الحكم الشَّرْعِيّ جَازَ أَن يكون على خلاف مَا شرع، وعَلى الْمُجْتَهد الْعَمَل فِي الشرعيات
الِاجْتِهَاد: افتعال من جهد يجْهد: إِذا تَعب؛ والافتعال فِيهِ للتكلف لَا للطوع؛ وَهُوَ بذل المجهود فِي إِدْرَاك الْمَقْصُود ونيله وَفِي عرف الْفُقَهَاء: هُوَ استفراغ الْفَقِيه الوسع، بِحَيْثُ يحس من نَفسه الْعَجز عَن الْمَزِيد عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ لتَحْصِيل ظن بِحكم شَرْعِي، وَلَا يُكَلف الْمُجْتَهد بنيل الْحق وإصابته بِالْفِعْلِ، إِذْ لَيْسَ ذَلِك فِي وَسعه لغموضه وخفاء دَلِيله، بل ببذل الْجهد واستفراغ الطَّاقَة فِي طلبه، وَلَيْسَ فِيهِ تَكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق أصلا، خلافًا لجمهور الْمُعْتَزلَة والأشاعرة فِي صُورَة عدم تعدد الْحق والتكليف بِالِاجْتِهَادِ فِي العمليات
وأجمعت الْأمة على أَن الْمُجْتَهد قد يُخطئ ويصيب فِي العقليات، إِلَّا على قَول الْحسن الْعَنْبَري من الْمُعْتَزلَة
وَاخْتلفُوا فِي الشرعيات؛ والمروي عَن أبي حنيفَة أَن كل مُجْتَهد مُصِيب، وَالْحق عِنْد الله وَاحِد، مَعْنَاهُ: أَنه مُصِيب فِي الطّلب وَإِن أَخطَأ الْمَطْلُوب
[يحْكى أَن صَاحب " الْبَدَائِع " وَهُوَ أَبُو بكر الكاشاني نَاظر مَعَ فَقِيه فِي مَسْأَلَة وَهِي أَن الْمُجْتَهدين هَل هما مصيبان أم أَحدهمَا مُخطئ؟ فَقَالَ الْفَقِيه: الْمَنْقُول عَن أبي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن كل مُجْتَهد مُصِيب؟ فَقَالَ: لَا بل الصَّحِيح عَن أبي حنيفَة رحمه الله أَنَّهُمَا مُصِيب ومخطئ وَمَا تَقوله فِي مَذْهَب الْمُعْتَزلَة]
وَالْإِجْمَاع على عدم الْعذر للمخطئ الْمُجْتَهد فِي طلب عقائد الْإِسْلَام وَالصَّحِيح عِنْد الشَّافِعِي وفَاقا لِلْجُمْهُورِ أَن الْمُصِيب فِي الشرعيات وَاحِد، وَللَّه تَعَالَى فِيهَا حكم قبل الِاجْتِهَاد، وَأَن عَلَيْهِ أَمارَة، وَأَن الْمُجْتَهد مُكَلّف بإصابته، وَأَن الْمُخطئ لَا يَأْثَم بل يُؤجر لبذله وَسعه فِي طلبه، كَمَا دلّ عَلَيْهِ حَدِيث الِاجْتِهَاد
واتفقنا على أَن الْحق فِي العقليات وَاحِد، وَأَن الْمُجْتَهد فِيهَا يُخطئ ويصيب وَمَا ذهب إِلَيْهِ الْعَنْبَري من أَن الْحق فِيهَا حُقُوق، وَأَن كل مُجْتَهد فِيهَا مُصِيب بَاطِل لما فِيهِ من تصويب الدهري والثنوي وَالنَّصَارَى والمجسمة والمشبهة، وَجعل كل فريق على الْحق وَهُوَ محَال
وَأما فِي الشرعيات فَمَا ثَبت بِدَلِيل مَقْطُوع بِهِ فَالْحق فِيهِ وَاحِد حَتَّى يكفر راده ويضلل جاحده وَمَا يسوغ فِيهِ الِاجْتِهَاد فقد اخْتلفُوا فِيهِ قَالَت الْمُعْتَزلَة: الْحق فِيهَا حُقُوق؛ وَقَالَ أهل السّنة: الْحق فِيهَا وَاحِد معِين، لِأَن الْجمع بَين النقيضين المتنافيين وَهُوَ الْحل وَالْحُرْمَة، وَالصِّحَّة وَالْفساد فِي حق شخص وَاحِد، فِي مَحل وَاحِد، فِي زمَان وَاحِد من بَاب التَّنَاقُض؛ وَنسبَة التَّنَاقُض إِلَى
الشَّرْع محَال وَلِهَذَا اتفقنا على أَن الْحق فِي العقليات وَاحِد؛ لِأَن القَوْل بِوُجُود الصَّانِع وَعَدَمه وحدوث الْعَالم وَقدمه تنَاقض بَين
وَمن جملَة مقالتهم الْفَاسِدَة أَن اجْتِهَاد الْمُجْتَهد فِي الحكم كاجتهاد الْمُصَلِّي فِي أَمر الْقبْلَة عِنْد التباسها وَالْحق فِي أَمر الْقبْلَة مُتَعَدد اتِّفَاقًا، فَكَذَا هَهُنَا لعدم الْفرق
وَالْجَوَاب: أَنا لَا نسلم تعدد الْحق فِي أَمر الْقبْلَة، إِذْ لَو تعدد لما فَسدتْ صَلَاة مُخَالف الإِمَام عَالما حَاله؛ إِذْ لَو كَانَ كل مُجْتَهد مصيبا لصَحَّ صَلَاة الْمُخَالف، لإصابتهما جَمِيعًا فِي جِهَة الْقبْلَة، نظرا إِلَى الْوَاقِع؛ وَفَسَاد الصَّلَاة يدل على حَقِيقَة مَذْهَبنَا
وَاخْتلف فِي الِاجْتِهَاد للنَّبِي عليه الصلاة والسلام
قَالَ بَعضهم: يمْتَنع لَهُ الِاجْتِهَاد لقدرته على الْيَقِين فِي الحكم بالتلقي من الْوَحْي بِأَن ينتظره وَقَالَ بَعضهم بِالْجَوَازِ والوقوع فِي الآراء والحروب فَقَط، جمعا بَين الْأَدِلَّة المجوزة والمانعة وَأكْثر الْمُحَقِّقين على الْوَقْف، حَكَاهُ الإِمَام فِي " الْمَحْصُول "
[وَقَالَ بَعضهم: لَهُ الْوَحْي الْخَاص وَإِنَّمَا الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد حَظّ أمته وَقد قَالَ تَعَالَى: {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} وَقَالَ بَعضهم: كَانَ لَهُ الْعَمَل فِي أَحْكَام الشَّرْع بِالْوَحْي لَا الرَّأْي جَمِيعًا وَهُوَ مَنْقُول عَن أبي يُوسُف رحمه الله وَهُوَ مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رحمه الله وَعَامة أهل الحَدِيث، لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار} وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أعظم النَّاس بَصِيرَة وأصفاهم فطنة وَأَحْسَنهمْ استنباطا فَكَانَ أولى بِالدُّخُولِ تَحت هَذَا الْخطاب الْعَام، وَالصَّحِيح أَنه كَانَ مَأْمُورا بانتظار الْوَحْي فِي حَادِثَة لَيْسَ فِيهَا وَحي، ثمَّ إِذا انْقَطع طمعه عَن الْوَحْي فِي بَيَان حَال الْحَادِثَة الَّتِي ابْتُلِيَ بِهِ يعْمل بِالِاجْتِهَادِ كَمَا فِي انْتِظَار الْمُتَيَمم، ثمَّ اخْتلفُوا فِي جَوَاز خطئه فِي اجْتِهَاده]
وَالصَّحِيح جَوَازه لَهُ فِيمَا لَا نَص فِيهِ، ووقوعه لقَوْله تَعَالَى:{عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم} أَي: لمن ظهر نفاقهم فِي التَّخَلُّف عَن غَزْوَة تَبُوك، لَكِن لَا يجوز إِقْرَاره على الْخَطَأ، بل يُنَبه عَلَيْهِ فِي الْحَال، وَإِلَّا لَأَدَّى إِلَى أَمر الْأمة بِاتِّبَاع الْخَطَأ وَقيل: الصَّوَاب أَن اجْتِهَاده لَا يُخطئ تَنْزِيها لمنصب النُّبُوَّة عَن ذَلِك واجتهاد الصَّحَابِيّ أقرب من اجْتِهَاد التَّابِعِيّ لما لَهُم من الدرجَة الزَّائِدَة وَلَهُم زِيَادَة جهد وحرص فِي طلب الْحق
وَالِاجْتِهَاد على مَرَاتِب: بَعْضهَا فَوق بعض فَيجب الْعَمَل بِمَا فِيهِ احْتِمَال الْغَلَط أقل، وَلِهَذَا قُلْنَا: خبر الْوَاحِد مقدم على الْقيَاس؛ وَالِاجْتِهَاد لَا ينْقض بِمثلِهِ، لِأَن الثَّانِي لَيْسَ بأقوى من الأول، وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَن لَا يسْتَقرّ حكم، وَفِيه مشقة، فَلَو حكم القَاضِي برد شَهَادَة الْفَاسِق ثمَّ تَابَ فَأَعَادَهَا لم تقبل، لِأَن قبُول شَهَادَته بعد التَّوْبَة يتَضَمَّن نقض الِاجْتِهَاد بِالِاجْتِهَادِ
وَالِاجْتِهَاد قد يكون فِي مورد النَّص: كالاجتهاد فِي قَوْله عليه الصلاة والسلام: " الْمُتَبَايعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا
وَالْقِيَاس شَرطه فقد النَّص فالاجتهاد يُوجد بِدُونِ
الْقيَاس، وَلَا يُوجد الْقيَاس بِدُونِ الِاجْتِهَاد؛ وتبدل رَأْي الْمُجْتَهد بِمَنْزِلَة انتساخ النَّص، يعْمل بِهِ فِي الْمُسْتَقْبل لَا فِيمَا مضى
[وَلَا يرجح الِاجْتِهَاد بِكَثْرَة الْمُجْتَهدين بِخِلَاف الرِّوَايَة فَإِنَّهَا ترجح بِكَثْرَة الروَاة]
الِاجْتِمَاع: هُوَ حُصُول المتحيزين فِي حيزين بِحَيْثُ يُمكن أَن يتوسطهما ثَالِث واجتماع المثلين فِي مَوضِع وَاحِد مُسْتَحِيل، وَأما عرُوض أَحدهمَا على الآخر فَلَا اسْتِحَالَة فِيهِ، كَمَا فِي قَوْلهم:(الْوُجُود مَوْجُود) وَأَيْضًا استحالته لَيْسَ مثل اسْتِحَالَة اجْتِمَاع النقيضين واجتماع الضدين محَال كالسواد وَالْبَيَاض، بِخِلَاف الخلافين فَإِنَّهُمَا أَعم من الضدين، فيجتمعان من حَيْثُ الأعمية كالسواد والحلاوة وَيجوز فِي كل من الضدين والخلافين والمثلين ارتفاعهما بضد آخر، أَو بِخِلَاف آخر، أَو بِمثل آخر؛ وَأما النقيضان فَلَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان، وشرطهما أَن يكون أَحدهمَا وجوديا وَالْآخر عدميا كالقيام وَعَدَمه
واجتماع النقيضين مَوْجُود فِي الذِّهْن مَعْنَاهُ أَن إِدْرَاك الذِّهْن النقيضين مَوْجُود فِي الْخَارِج، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن اجْتِمَاع النقيضين لَهُ مَاهِيَّة أَو صُورَة مَوْجُودَة فِي الذِّهْن؛ فَإِن الممتنعات لَيست لَهَا ماهيات وحقائق مَوْجُودَة فِي الْعقل، فَإِن الْوُجُود عين الْمَاهِيّة، فَمَا لَا وجود لَهُ مَاهِيَّة لَهُ، لَا سِيمَا إِذا كَانَ مُمْتَنعا، فَإِنَّهُ لَا ثُبُوت لَهُ اتِّفَاقًا
واجتماع الْأَمْثَال مَكْرُوه، وَلِهَذَا قلبت الْيَاء الثَّانِيَة من الْحَيَوَان واوا، وَإِن كَانَ الْوَاو أثقل مِنْهَا، كَذَا فِي (دِينَار) و (قِيرَاط) و (ديوَان) وَمن ذَلِك قَوْلهم فِي الْجمع:(أخون) و (أبون) حَيْثُ أجري الْجمع على حكم الْمُفْرد حذار اجْتِمَاع ضمات أَو كسرات وَلما كَانَ هَذَا الْمَانِع مفقودا فِي التَّثْنِيَة رد الْمَحْذُوف فَقيل: (أَخَوان) و (أَبَوَانِ)
واجتماع العاملين على مَعْمُول وَاحِد غير جَائِز
وَلِهَذَا رد قَول من قَالَ: إِن الْفِعْل وَالْفَاعِل مَعًا عاملان فِي الْمَفْعُول، والابتداء والمبتدأ مَعًا عاملان فِي الْخَبَر؛ والمتبوع وعامله مَعًا عاملان فِي التَّابِع
وَإِذا اجْتمع العاملان فإعمال الْأَقْرَب جَائِز بالِاتِّفَاقِ، وَفِي الْأَبْعَد اخْتِلَاف مَنعه البصريون وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ
وَإِذا اجْتمعت همزتان متفقتان فِي كَلِمَتَيْنِ نَحْو: (جَاءَ أَجلهم) جَازَ حذف إِحْدَاهمَا تَخْفِيفًا وَفِي الْمَحْذُوف اخْتِلَاف فَقيل: الْمَحْذُوف هُوَ الأولى لِأَنَّهَا وَقعت آخر الْكَلِمَة مَحل التَّغْيِير، وَقيل: الثَّانِيَة
وَإِذا اجْتمعت همزَة الِاسْتِفْهَام مَعَ همزَة قطع نَحْو: {أأمنتم من فِي السَّمَاء}
فَإِنَّهَا ترسم بِالْألف الْوَاحِدَة وتحذف الْأُخْرَى
وَاخْتلف فِي المحذوفة فَقيل: الأولى، لِأَن الْأَصْلِيَّة أولى بالثبوت، وَقيل: الثَّانِيَة، لِأَن بهَا يحصل الاستثقال
وَإِذا اجْتمع نون الْوِقَايَة وَنون (إِن) و (أَن) و (كَأَن) و (لَكِن) جَازَ حذف أَحدهمَا وَفِي الْمَحْذُوف قَولَانِ: أَحدهمَا، نون الْوِقَايَة، وَعَلِيهِ الْجُمْهُور، وَقيل: نون (إِن)
[وَإِذا اجْتمعت الهمزتان فِي كلمة وَاحِدَة: فالمختار عِنْدهم أَن تحذف إِحْدَاهمَا أَو تخفف،
لِأَن حذف إِحْدَاهمَا أَو تخفيفها أخف من الْإِدْغَام إِلَّا فِي بَاب (فعال) بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد فَإِنَّهُ بَاب قيامي حوفظ عَلَيْهِ مَعَ وجود الْمدَّة بعْدهَا فَكَانَت مسهلة لأمرهما]
وَإِذا اجْتمعت همزَة الِاسْتِفْهَام مَعَ حرف الْعَطف [نَحْو: (أَو من كَانَ مَيتا) ] فَحِينَئِذٍ تدخل همزَة الِاسْتِفْهَام فِي الْمُقدر لرعاية حَقّهَا
وَإِذا اجْتمع اسمان من جنس وَاحِد، وَكَانَ أَحدهمَا أخف على أَفْوَاه الْقَائِلين غلبوه فسموا الآخر باسمه ك (العمرين)
[وَإِذا اجْتمع سَبَب الإعلال وَسبب الْإِدْغَام قدم الإعلال، لِأَن سَببه مُوجب وَسبب الْإِدْغَام مجوز يدل عَلَيْهِ امْتنَاع الفتحة فِي (رَضِي) وَجَوَاز الفك فِي (حَيّ) ]
وَإِذا اجْتمع فعلان متقاربان فِي الْمَعْنى، وَلكُل وَاحِد مُتَعَلق على حِدة، جَازَ ذكر أَحدهمَا وَعطف مُتَعَلق الآخر الْمَتْرُوك على [مُتَعَلق] الْمَذْكُور، كَقَوْلِه:(مُتَقَلِّدًا سَيْفا ورمحا)
وَإِذا اجْتمع طالبان نَحْو الْقسم وَالشّرط فَالْجَوَاب للْأولِ
وَإِذا اجْتمع ضميران: مُتَكَلم ومخاطب، روعي الْمُتَكَلّم نَحْو (قمنا)
وَإِذا اجْتمع الْمُخَاطب وَالْغَائِب: روعي الْمُخَاطب نَحْو (قمتما)
وَإِذا اجْتمع الْمُخَاطب وَالْغَائِب: روعي الْمُخَاطب نَحْو (قمتما)
وَإِذا اجْتمع الْمعرفَة والنكرة: روعي الْمعرفَة
تَقول: (هَذَا زيد وَرجل منطلقين) على الْحَال؛ وَلَا يجوز الرّفْع والأعدل فِيمَا إِذا اجْتمعَا أَن يكون الْمعرفَة اسْما والنكرة خَبرا، وَلَا يجوز الْعَكْس إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر
واجتماع المعرفتين جَائِز إِذا كَانَ فِي أَحدهمَا مَا فِي الآخر وَزِيَادَة
وَإِذا اجْتمع الْوَاو وَالْيَاء: روعي الْيَاء نَحْو (طويت طيا) وَالْأَصْل (طويا)
وَإِذا اجْتمع فِي الضمائر مُرَاعَاة اللَّفْظ وَالْمعْنَى بُدِئَ بِاللَّفْظِ ثمَّ بِالْمَعْنَى هَذَا هُوَ الجادة فِي الْقُرْآن قَالَ الله تَعَالَى {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا} ثمَّ قَالَ: {وَمَا هم بمؤمنين} أفرد أَولا بِاعْتِبَار اللَّفْظ، ثمَّ جمع بِاعْتِبَار الْمَعْنى
وَإِذا اجْتمع الْمُبَاشر والمتسبب: أضيف الحكم إِلَى الْمُبَاشر، فَلَا ضَمَان على حافر الْبِئْر تَعَديا بِمَا تلف بإلقاء غَيره، وَلَا من دلّ سَارِقا على مَال إِنْسَان فسرقه، إِلَّا إِذا تعذر الْوُقُوف على الْمُبَاشر، فَحِينَئِذٍ يعلق الحكم بِالسَّبَبِ الظَّاهِر، كَمَا إِذا اجْتمع الْقَوْم بِالسَّيْفِ وَتَفَرَّقُوا، فَظهر فِي مَوضِع الِاجْتِمَاع قَتِيل حَيْثُ تجب الدِّيَة والقامة على أهل الْمحلة
وَإِذا اجْتمع الْحَلَال وَالْحرَام: غلب الْحَرَام
وَعلله الأصوليون بتقليل النّسخ، لِأَنَّهُ لَو قدم الْمُبِيح لزم تكْرَار النّسخ، لِأَن الأَصْل فِي الْأَشْيَاء الْإِبَاحَة، فَإِذا جعل الْمُبِيح مُتَأَخِّرًا كَانَ الْمحرم نَاسِخا للْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة ثمَّ يصير مَنْسُوخا؛ وَلَو جعل الْمحرم مُتَأَخِّرًا لَكَانَ نَاسِخا للمبيح، وَهُوَ لم ينْسَخ شَيْئا لكَونه وفْق الأَصْل
وَإِذا اجْتمع الحقان قدم حق العَبْد إِلَّا فِي صُورَة صيد الْمحرم قدم حق الله تَعَالَى
الْأجر: الْجَزَاء على الْعَمَل كَالْإِجَارَةِ، وَالذكر الْحسن وَأَجَارَهُ الله من الْعَذَاب: أنقذه وَنعم مَا قَالَ من قَالَ: (من أَجَارَ جَاره أَعَانَهُ الله وَأَجَارَهُ)
وَقَالَ بَعضهم: الْأجر وَالْأُجْرَة يُقَال فِيمَا كَانَ عقدا وَمَا يجْرِي مجْرى العقد، وَلَا يُقَال إِلَّا فِي النَّفْع
وَالْجَزَاء: يُقَال فِيمَا كَانَ عَن عقد وَعَن غير عقد، وَيُقَال فِي النافع والضار
والأجير: هُوَ الْمُسْتَأْجر بِفَتْح الْجِيم، فعيل بِمَعْنى مفاعل بِفَتْح الْعين، أَو فَاعل وَمن الظَّن أَنه مفعول أَو مفاعل بِالْكَسْرِ فَإِنَّهُ سَمَاعي وَاخْتلف فِي قَوْلهم:(أجرت الدَّار أَو الدَّابَّة) بِمَعْنى أكريتها هَل هُوَ (أفعل) أَو (فَاعل) وَالْحق أَنه بِهَذَا الْمَعْنى مُشْتَرك بَينهمَا، لِأَنَّهُ جَاءَ فِيهِ لُغَتَانِ: إِحْدَاهمَا (فَاعل) ومضارعه (يُؤَاجر) وَالْأُخْرَى (أفعل) ومضارعه (يُؤجر)، وَجَاء لَهُ مصدران: فالمؤاجرة مصدر (فَاعل) و (الْإِيجَار) مصدر (أفعل)، وَالْمَفْهُوم من " الأساس " وَغَيره اخْتِصَاص (آجرت الدَّابَّة) بِبَاب: أفعل واختصاص: (آجرت الْأَجِير) بِبَاب: فَاعل وَاسم الْفَاعِل من الأول (مؤجر) وَاسم الْمَفْعُول (مؤجر)، وَمن الثَّانِي اسْم الْفَاعِل (مؤاجر) وَاسم الْمَفْعُول (مؤاجر) وَقَالَ الْمبرد:" أجرت دَاري ومملوكي غير مَمْدُود، وآجرت فلَانا بِكَذَا: أَي أثْبته فَهُوَ مَمْدُود " وَقيل: (أجرته) بِالْقصرِ يُقَال إِذا اعْتبر فعل أَحدهمَا، و (آجرته) بِالْمدِّ، يُقَال إِذا اعْتبر فعلاهما، وَكِلَاهُمَا يرجعان إِلَى معنى [وَاحِد]
وَالْإِجَارَة: شرعا: تمْلِيك الْمَنَافِع بعوض
والإعارة: تمْلِيك الْمَنَافِع بِغَيْر عوض
والأجير الْخَاص: هُوَ الَّذِي يسْتَحق الْأُجْرَة بِتَسْلِيم نَفسه فِي الْمدَّة، عمل أَو لم يعْمل، كراعي الْغنم
والأجير الْمُشْتَرك: هُوَ من يعْمل لغير وَاحِد، كالصباغ
الإجراء: مَعْنَاهُ ظَاهر
إِجْرَاء اللَّازِم مجْرى غير اللَّازِم: كَقَوْلِه: الْحَمد لله الْعلي الأجلل وَبِالْعَكْسِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَكنا هُوَ الله رَبِّي} أَصله: (لَكِن أَنا) خففت الْهمزَة بحذفها وإبقاء حركتها على نون (لَكِن) فَصَارَت (لكننا) فَأجرى غير اللَّازِم مجْرى اللَّازِم فاستثقل إبْقَاء المثلين متحركين، فأسكن الأول وأدغم فِي الثَّانِي
[وإجراء الظّرْف مجْرى الْمَفْعُول بِهِ: كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَذَلِكَ يَوْم مشهود} ] وإجراء الْمُتَعَدِّي مجْرى غير الْمُتَعَدِّي: حَيْثُ يكون الْمَفْعُول سَاقِطا عَن حيّز الِاعْتِبَار، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وتركهم فِي ظلمات لَا يبصرون} أَو يكون الْمُتَعَدِّي نقيضا لغير الْمُتَعَدِّي، فَإِن من دأبهم حمل النقيض على النقيض، كَفعل الْإِيمَان فَإِنَّهُ يعدى بِالْبَاء حَيْثُ قصد التَّصْدِيق الَّذِي هُوَ نقيض الْكفْر
وإجراء غير الْمُتَعَدِّي مجْرى الْمُتَعَدِّي: هُوَ طَريقَة الْحَذف والإيصال، أَو اعْتِبَار مَا فِي اللَّازِم من معنى الْمُبَالغَة، فَإِن ذَلِك قد يصلح أَن يكون سَببا للتعدية من غير أَن ينْتَقل اللَّازِم من صيغته إِلَى صِيغَة الْمُتَعَدِّي ويتغير مَعْنَاهُ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي
قَوْله تَعَالَى: {مَاء طهُورا} أَي: بليغا فِي طَهَارَته، وبلاغته فِي طَهَارَته بِأَن كَانَ طَاهِرا فِي نَفسه ومطهرا لغيره، أَو بِاعْتِبَار مَا فِي غير الْمُتَعَدِّي من الاشتهار بِالْوَصْفِ الْمُتَعَدِّي أَو بِاعْتِبَار التَّضْمِين
وإجراء الْأَكْثَر مجْرى الْكل: إِنَّمَا يجوز فِي الصُّورَة الَّتِي يكون الْخَارِج عَن الحكم حَقِيرًا قَلِيل الْقدر، فَيجْعَل وجوده كَعَدَمِهِ وَيحكم على الْبَوَاقِي بِحكم الْكل
وإجراء الْأَصْلِيّ مجْرى الزَّائِد: كَقَوْلِهِم فِي النّسَب إِلَى (تَحِيَّة)(تحوي) وَبِالْعَكْسِ كَقَوْلِهِم فِي تَثْنِيَة مَا همزته منقلبة عَن حُرُوف الْإِلْحَاق نَحْو: (علْبَاء) و (حرباء)(عُلَبًا آن) و (حَربًا آن) بِالْإِقْرَارِ تَشْبِيها لَهَا بالمنقلبة عَن الْأَصْلِيّ
وإجراء الْوَصْل مجْرى الْوَقْف: كَمَا فِي قِرَاءَة نَافِع {محياي} بِإِسْكَان الْيَاء
وإجراء الِاسْم مجْرى الصّفة: كَقَوْلِه: (الطير أغربة عَلَيْهِ) أَي: باكية عَلَيْهِ بكاء الْغرْبَان
وإجراء الْموَات وَمَا لَا يعقل مجْرى بني آدم: كَقَوْلِهِم فِي جمع (أَرض)(أرضون) وَفِي التَّنْزِيل: {كل فِي فلك يسبحون}
وإجراء الضَّمِير مجْرى اسْم الْإِشَارَة: كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن أَخذ الله سمعكم وأبصاركم وَختم على قُلُوبكُمْ من إِلَه غير الله يأتيكم بِهِ} أَي بذلك
ومجرى: فِي أَمْثَال هَذِه الْمَوَاضِع مفعول مُطلق، فَحِينَئِذٍ كَانَ الْأَظْهر جعله ك (مُوسَى) دون (مرضِي)
الْإِجْزَاء: بِالْكَسْرِ هُوَ الْفِعْل الْكَافِي فِي سُقُوط مَا فِي الْعهْدَة، ومورده أخص من مورد الصِّحَّة، فَإِن الصِّحَّة يُوصف بهَا الْعِبَادَة وَالْعقد
والإجزاء: لَا يُوصف بِهِ إِلَّا الْعِبَادَة؛ وَهل هُوَ يخْتَص بِالْوُجُوب أَو يعم الْمَنْدُوب فِيهِ قَولَانِ لأهل الْأُصُول
والإجزاء: يُقَابله الْعَدَم، وَالصِّحَّة يقابلها الْبطلَان
والاجتباء: هُوَ أَن تَأْخُذ الشَّيْء بِالْكُلِّيَّةِ، (افتعال) من (جبيت) أَصله: جمع المَاء فِي الْحَوْض
والجباية: الْحَوْض {وجفان كالجواب}
واجتباه: أَي اصطفاه وَاخْتَارَهُ
والإجباء: بيع الزَّرْع قبل أَن يَبْدُو صَلَاحه
وَفِي الحَدِيث: " من أجبى فقد أربى "
الْإِجْبَار: فِي الأَصْل حمل الْغَيْر على الْأَمر، تعورف فِي الْإِكْرَاه الْمُجَرّد فَقيل:(أجْبرهُ على كَذَا) أَي: أكرهه فَهُوَ (مجبر)
(وجبرت الْعظم وَالْفَقِير) : فَهُوَ (مجبور)
والجبر: بِمَعْنى الْملك، سمي بذلك لِأَنَّهُ يجْبر بجوده
الْأَجَل: الْوَقْت الَّذِي كتب الله فِي الْأَزَل انْتِهَاء الْحَيَاة فِيهِ بقتل أَو غَيره؛ وَقيل: يُطلق على مُدَّة
الْحَيَاة كلهَا وعَلى مُنْتَهَاهَا؛ يُقَال لعمر الْإِنْسَان أجل، وللموت الَّذِي يَنْتَهِي بِهِ أجل [قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى:{ثمَّ قضى أَََجَلًا وَأجل مُسَمّى عِنْده} : المُرَاد بالأجل الأول آجال الماضين، وَبِالثَّانِي آجال البَاقِينَ، أَو الأول أجل الْمَوْت وَالثَّانِي أجل الْقِيَامَة والبعث والنشور أَو مَا بَين أَن يخلق إِلَى أَن يَمُوت، وَالثَّانِي هُوَ النّوم؛ أَو مَا انْقَضى من عمر كل وَاحِد وَمَا بَقِي]
وَفِي " الْأَنْوَار ": {ثمَّ قضى أَََجَلًا} أجل الْمَوْت {وَأجل مُسَمّى عِنْده} أجل الْقِيَامَة وَالْأول سماوي لكَونه من الزَّمَان الَّذِي هُوَ مِقْدَار أسْرع الحركات السماوية عِنْد الفلاسفة وَهَذَا بَاطِل على تَقْدِير تقدم خلق الأَرْض على قَول الْأَكْثَرين لتحَقّق الزَّمَان من قبل الأفلاك، وَهَذَا الْأَجَل قدر وَكتب فِي الجباه وَالثَّانِي وَهُوَ (أجل مُسَمّى) أَي معِين فِي حق الْكل، وَهُوَ عِنْده، لَا يُعلمهُ سواهُ، وَلم يكْتب فِي الجباه، بِدَلِيل ترك ذكر (قضى) لعدم اخْتِصَاصه بأربابها، ويكذب المتمسكين بِهَذِهِ الْآيَة من الْحُكَمَاء الإسلامية على أَن للْإنْسَان أجلين: اخترامي، وَهُوَ الَّذِي يحصل بالأسباب الخارجية وطبيعي وَهُوَ الَّذِي يحصل بِفنَاء الرُّطُوبَة وَعدم الْحَار الغريزي قَوْله تَعَالَى:{إِن أجل الله إِذا جَاءَ لَا يُؤَخر} الْآيَة وَقَوله تَعَالَى: {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره} مَحْمُول على إِرَادَة النَّقْص عَن الْخَيْر وَالْبركَة، كَمَا فِي زِيَادَة الرزق ونقصه، أَو مؤول بإرجاع الضَّمِير إِلَى مُطلق المعمر لَا الشَّخْص المعمر بِعَيْنِه، أَي لَا ينقص عمر شخص من أَعمار أضرابه وَعَلِيهِ جُمْهُور الْمُفَسّرين
[وَحَدِيث: " لَا يزِيد فِي الْعُمر إِلَّا الْبر " فَقيل إِنَّه خبر الْوَاحِد فَلَا يعْتَمد فِي هَذَا الْبَاب وَقد يُقَال: (زِيَادَة الْعُمر ونقصانه) إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أثْبته الْمَلَائِكَة فِي صحيفتهم، إِذْ قد يثبت فِيهِ الشَّيْء مُطلقًا وَهُوَ فِي علم الله مُقَيّد، فيؤول إِلَى مُوجب علم الله على مَا أُشير إِلَيْهِ بقوله: {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} إِلَخ]
وَقد نظمت فِي زِيَادَة الْأَجَل ونقصه:
(لنا مَوَازِين عِنْد الدَّهْر قد نصبت
…
بهَا مقادير أَعمار بِلَا ملل)
(يضم إِن شَاءَ من بعث لنا أَََجَلًا
…
وَلَو يَشَاء يزِيد الْبَعْث من أجل)
وَالْأَجَل: حُلُول الدّين
وفعلته من إجلك وإجلاك: بِالْكَسْرِ فيهمَا أَي: من جللك
الْأَجَل فِي الأَصْل: مصدر أجل شرا: إِذا جناه؛ اسْتعْمل فِي تَعْلِيل الْجِنَايَات، ثمَّ اتَّسع فِيهِ فَاسْتعْمل فِي كل تَعْلِيل
الْإِجَابَة: هِيَ مُوَافقَة الدعْوَة فِيمَا طلب بهَا لوقوعها على تِلْكَ الصِّحَّة
والاستجابة: يتَعَدَّى إِلَى الدُّعَاء بِنَفسِهِ كَقَوْلِه:
فَلم يستجبه عِنْد ذَاك مُجيب
وَإِلَى الدَّاعِي بِاللَّامِ نَحْو: {فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لَك} ويحذف الدُّعَاء إِذا عدي إِلَى الدَّاعِي فِي الْغَالِب فَيُقَال: (اسْتَجَابَ الله دعاءه) و (اسْتَجَابَ لَهُ) وَلَا يكَاد يُقَال: (اسْتَجَابَ لَهُ دعاءه)
ويستجيب: فِيهِ قبُول لما دعِي إِلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِك يُجيب لِأَنَّهُ قد يُجيب بالمخالفة
والإجابة: أَعم من الْقبُول، لِأَنَّهُ عبارَة عَن قطع سُؤال السَّائِل؛ وَالْقطع قد يكون بترتيب الْمَقْصُود بالسؤال، وَقد يكون بِمثل:(سَمِعت سؤالك وَأَنا أَقْْضِي حَاجَتك) وَقد نظمت فِيهِ:
(تقبل سُؤَالِي، لَا تجبه فإنني
…
لوعدك فِي ضمن الْإِجَابَة خَائِف)
الْإِجَازَة: أجَاز لَهُ: سوغ لَهُ
و [أجَاز] رَأْيه: أنفذ ك (جوزه)
و [أجَاز] البيع: أَمْضَاهُ
وَالْإِجَازَة: تعْمل فِي تَنْفِيذ الْمَوْقُوف لَا فِي تَصْحِيح الْفَاسِد؛ فَفِيمَا إِذا تزوج أمة بِغَيْر شُهُود وَبِغير إِذن مَوْلَاهَا، ثمَّ أجَازه الْمولى بِحَضْرَة الشُّهُود لَا يجوز النِّكَاح، لِأَن الْإِشْهَاد شَرط العقد، وَلم يُوجد، فَكَانَ بَاطِلا لَا مَوْقُوفا فَلَا تلْحقهُ الْإِجَازَة
وَالْفَسْخ أقوى من الْإِجَازَة، فَإِن الْمجَاز يقبل الْفَسْخ، وَلَا ترد الْإِجَازَة على عقد قد انْفَسَخ؛ لِأَن الْإِجَازَة إِثْبَات صفة النَّفاذ، ويستحيل ذَلِك فِي الْمَعْدُوم
وَالْإِجَازَة فِي الشّعْر: مُخَالفَة حركات الْحَرْف الَّذِي يَلِي حرف الروي؛ أَو أَن تتمّ مصراع غَيْرك
والاستجازة: طلب الْإِجَازَة إِذا سقاك مَاء لماشيتك أَو أَرْضك؛ فَكَذَا الطَّالِب يستجيز الْعَالم علمه فيجيزه لَهُ
وأجزت على الجريح: أجهزت، أَي أسرعت قَتله
الأجيج: هُوَ تلهب النَّار
وَمَاء أجاج: أَي ملح وَمر
أجمع: لَا يُضَاف أجمع الْمَوْضُوع للتَّأْكِيد وَلَا يدْخل عَلَيْهِ الْجَار، بِخِلَاف مَا فِي قَوْلهم:(جَاءَ الْقَوْم بأجمعهم) بِضَم الْمِيم، فَإِنَّهُ مَجْمُوع جمع ك (أفرخ) و (أعبد) فيضاف وَيدخل عَلَيْهِ الْجَار
وَجَمِيع وَأجْمع وأجمعون: يسْتَعْمل لتأكيد الِاجْتِمَاع على الْأَمر
وأجمعون: يُوصف بِهِ الْمعرفَة، وَلَا يجوز نَصبه على الْحَال
وجميعا: ينْتَصب على الْحَال نَحْو قَوْله: {اهبطوا مِنْهَا جَمِيعًا}
أَجْدَر: أَي أليق وَأولى يؤنث ويثنى وَيجمع؛ من الْجِدَار، وَهُوَ الْحَائِط
والجدير: الْمُنْتَهى لانْتِهَاء الْأَمر إِلَيْهِ انْتِهَاء الشَّيْء إِلَى الْجِدَار وَالَّذِي يظْهر أَنه من (الْجدر) وَهُوَ أصل الشَّجَرَة، فَكَأَنَّهُ ثَابت كثبوت الْجدر فِي قَوْلك:(جدير بِكَذَا)
أجاء: هُوَ فِي الأَصْل [مَنْقُول] من (جَاءَ) لكنه خص بالإلجاء فِي الِاسْتِعْمَال ك (أَتَى) فِي (أعْطى) يُقَال: (أجأته إِلَى كَذَا) إِذا ألجأته إِلَيْهِ