الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فأقيموا الصَّلَاة} : فعدلوا واحفظوا أَرْكَانهَا وشرائطها وائتوا بهَا تَامَّة
و {إِذا أقلت} : أَي حملت
{فاقذفيه فِي اليم} : أَي ألقيه وضعيه فِيهِ
(فصل الْألف وَالْكَاف)
[الْأكل] : كل مَا يُؤْكَل فَهُوَ أكل؛ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {أكلهَا دَائِم} وَيُقَال: (أكلت الْيَوْم أَكلَة وَاحِدَة وَمَا أكلت عِنْده إِلَّا أَكلَة) بِالضَّمِّ أَي شَيْئا قَلِيلا كاللقمة، والمستعمل فِي الْغَيْبَة الْأكلَة بِالضَّمِّ وَالْكَسْر
وَالْأكل: هُوَ البلع عَن مضغ، ويعبر بِالْأَكْلِ عَن إِنْفَاق المَال، نَحْو:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} لما أَن الْأكل أعظم مَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى المَال؛ وَأكل المَال بِالْبَاطِلِ صرفه إِلَى مَا يُنَافِيهِ الْحق
الِاكْتِسَاب: هُوَ وَالْكَسْب بِمَعْنى عِنْد أهل اللُّغَة؛ وَالْقُرْآن نَاطِق بذلك نَحْو {كل نفس بِمَا كسبت رهينة} {وَلَا تكسب كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا} وَمن فرق بَينهمَا قَالَ: الْكسْب يَنْقَسِم إِلَى كَسبه بِنَفسِهِ وَلغيره، وَلِهَذَا قد يتَعَدَّى إِلَى مفعوليه فَيُقَال:(كسبت فلَانا كَذَا) ؛ والاكتساب خَاص بِنَفسِهِ، فَكل اكْتِسَاب كسب بِدُونِ الْعَكْس وَقيل: الِاكْتِسَاب يَسْتَدْعِي التعمل والمحاولة والمعاناة، فَلم يَجْعَل على العَبْد إِلَّا مَا كَانَ من الْقَبِيل الْحَاصِل بسعيه ومعاناته وبعمله وَأما الْكسْب فَيحصل بِأَدْنَى مُلَابسَة حَتَّى بالهم بِالْحَسَنَة وَنَحْو ذَلِك، فَخص الشَّرّ بالاكتساب وَالْخَيْر بأعم مِنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى:{لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت} وَفِيه تَنْبِيه على لطفه تَعَالَى بخلقه حَيْثُ أثبت لَهُم ثَوَاب الْفِعْل على أَي وَجه كَانَ، وَلم يثبت عَلَيْهِم عِقَاب الْفِعْل الْأَعْلَى وَجه الْمُبَالغَة والاعتمال فِيهِ، [فَإِن النَّفس من شَأْنهَا الْمُبَالغَة فِي تَحْصِيل مَا يَضرهَا من الآثام] : وَاعْلَم أَن الْكسْب يخْتَص بِالْعَبدِ، والخلق بِاللَّه، هَذَا إِذا كَانَ الْخلق بِمَعْنى الإيجاد، فَأَما إِذا كَانَ بِمَعْنى التَّقْدِير فَيجوز من العَبْد أَيْضا، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَإِذ تخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير} أَي تقدر، وَهُوَ المُرَاد بقوله تَعَالَى:{فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} أَي المقدرين
(وَقد اخْتلفُوا فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {تِلْكَ أمة قد خلت لَهَا مَا كسبت وَلكم مَا كسبتم وَلَا تسْأَلُون عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ} فالأشعري على أَنه لَا تَأْثِير بقدرة الْبعد فِي مقدوره أصلا، بل الْمَقْدُور وَالْقُدْرَة كِلَاهُمَا وَاقع بقدرة الله، لَكِن الشَّيْء الَّذِي حصل بِخلق الله وَكَونه مُتَعَلق
الْقُدْرَة الْحَادِثَة هُوَ الْكسْب، فالأفعال مُسندَة إِلَى الله تَعَالَى خلقا وَإِلَى العَبْد كسبا لإِثْبَات قدرَة مُقَارنَة للْفِعْل)
والماتريدية يسندون إِلَيْهِ كسبا بِإِثْبَات قدرَة مرجحة وَكَذَلِكَ الصُّوفِيَّة، لَكِن قدرته مستعارة عِنْدهم كوجوده، ومستفادة عِنْد الماتريدية وَقَول الْأَشْعَرِيّ أقرب إِلَى الْأَدَب
وَذهب إِمَام الْحَرَمَيْنِ إِلَى أَن الْقُدْرَة الْحَادِثَة مَعَ الدَّوَاعِي توجب الْفِعْل، فَالله تَعَالَى هُوَ الْخَالِق للْكُلّ، بِمَعْنى أَنه تَعَالَى هُوَ الَّذِي وضع الْأَسْبَاب المؤدية إِلَى دُخُول هَذِه الْأَفْعَال فِي الْوُجُود، وَالْعَبْد هُوَ المكتسب، بِمَعْنى أَن الْمُؤثر فِي وُقُوع فعله هُوَ الْقُدْرَة والداعية القائمتان بِهِ، وَهَذَا مُنَاسِب لقَوْل الفلاسفة وَهُوَ أقرب إِلَى التَّحْقِيق، لِأَن نِسْبَة الْأَثر إِلَى الْمُؤثر الْقَرِيب لَا تنَافِي كَون ذَلِك الْأَثر مَنْسُوبا إِلَى مُؤثر آخر بعيد ثمَّ إِلَى أبعد إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى مسبب الْأَسْبَاب وفاعل الْكل
وَزعم جُمْهُور الْمُعْتَزلَة أَن الْقُدْرَة مَعَ الدَّاعِي لَا توجب الْفِعْل، بل الْقُدْرَة على الْفِعْل وَالتّرْك مُتَمَكنًا مِنْهُمَا إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك، وَمِنْه الْفِعْل وَالْكَسْب وَعَن القَاضِي أَن ذَات الْفِعْل وَاقعَة بقدرة الله، ثمَّ يحصل ذَلِك الْفِعْل صفة طَاعَة الله أَو صفة مَعْصِيَته، فَهَذِهِ الصّفة تقع بقدرة العَبْد وَهَذَا القَوْل مُخْتَار محققي الْحَنَفِيَّة، كَمَا فِي " شرح المسايرة " و " التسديد " و " تَعْدِيل " صدر الشَّرِيعَة
[وَالْحَاصِل أَن منَاط التَّكْلِيف بعد خلق الِاخْتِيَار للْعَبد هُوَ قصد الْفِعْل، وَتَعْلِيق قدرته بِهِ بِأَن يَقْصِدهُ قصدا مصمما، طَاعَة كَانَ أَو مَعْصِيّة، وَإِن لم تُؤثر قدرته فِي وجود الْفِعْل الْمَانِع، وقدرة الله لَا يقاومها شَيْء فَلَا اسْتِقْلَال للْعَبد وَلَا اضطرار مَعَ الإقدار على الْعَزْم على كل من الْفِعْل وَالتّرْك؛ وَلَيْسَ لعلم الله السَّابِق بِظُهُور الْمُخَالفَة من الْمُكَلف لأَمره أَو الطَّاعَة لَهُ خاصية التَّأْثِير فِي إِيجَاد الْأَعْمَال، بل تعلق الْعلم تعلق كشف، فَكَانَ أَحَق بِأَن لَا يسلب ذَلِك الْعَزْم وَالْكَسْب الَّذِي هُوَ مَحل قدرَة العَبْد فَلَا جبر]