المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(فصل الْألف)

- ‌[الْألف اللينة وَالْألف المتحركة] )

- ‌(فصل الْألف وَالْبَاء)

- ‌(نوع فِي بَيَان لُغَات أَلْفَاظ النّظم الْجَلِيل)

- ‌(فصل الْألف وَالتَّاء)

- ‌(فصل الْألف والثاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْجِيم)

- ‌(فصل الْألف والحاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْخَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالدَّال)

- ‌(فصل الْألف والذال)

- ‌(فصل الْألف وَالرَّاء)

- ‌(فصل الْألف وَالزَّاي)

- ‌(فصل الْألف وَالسِّين)

- ‌(فصل الْألف والشين)

- ‌(فصل الْألف وَالصَّاد)

- ‌(فصل الْألف وَالضَّاد)

- ‌(فصل الْألف والطاء)

- ‌(فصل الْألف والظاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْعين)

- ‌(فصل الْألف والغين)

- ‌(فصل الْألف وَالْفَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْقَاف)

- ‌(فصل الْألف وَالْكَاف)

- ‌(فصل الْألف وَاللَّام)

- ‌(فصل الْألف وَالْمِيم)

- ‌(فصل الْألف وَالنُّون)

- ‌(فصل الْألف وَالْوَاو)

- ‌(فصل الْألف وَالْهَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْيَاء)

- ‌(فصل الْبَاء)

- ‌(فصل التَّاء)

- ‌(فصل الثَّاء)

- ‌(فصل الْجِيم)

- ‌(فصل الْحَاء)

- ‌(فصل الْخَاء)

- ‌(فصل الدَّال)

- ‌(فصل الذَّال)

- ‌(فصل الرَّاء)

- ‌(فصل الزَّاي)

- ‌(فصل السِّين)

- ‌(فصل الشين)

- ‌(فصل الصَّاد)

- ‌(فصل الضَّاد)

- ‌(فصل الطَّاء)

- ‌(فصل الظَّاء)

- ‌(فصل الْعين)

- ‌(فصل الْغَيْن)

- ‌(فصل الْفَاء)

- ‌(فصل الْقَاف)

- ‌(فصل الْكَاف)

- ‌(فصل اللَّام)

- ‌(فصل الْمِيم)

- ‌(فصل النُّون)

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْوَاو

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْهَاء

- ‌[نوع]

- ‌فصل لَا

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْيَاء

- ‌[نوع]

- ‌فصل فِي المتفرقات

- ‌فصل

الفصل: ‌(فصل الألف والتاء)

الْإِبِط: هُوَ مَا تَحت الْجنَاح، يذكر وَيُؤَنث

الإبلاس: الانكسار، والحزن، وَالسُّكُوت، يُقَال:(ناظرته فَأبْلسَ) ، أَي سكت وأيس من أَن يحْتَج

الابتهاج: السرُور

الِابْتِلَاء: فِي الأَصْل، التَّكْلِيف بِالْأَمر الشاق من الْبلَاء لكنه لما استلزم الاختبار بِالنِّسْبَةِ إِلَى من يجهل العواقب ظن ترادفهما

وَقَالَ بَعضهم: الِابْتِلَاء يكون فِي الْخَيْر وَالشَّر مَعًا، يُقَال فِي الْخَيْر: أبليته، وَفِي الشَّرّ: بلوته بلَاء

الْأَبْطَال: إِفْسَاد الشَّيْء وإزالته، حَقًا كَانَ ذَلِك الشَّيْء أَو بَاطِلا

الأبهة: العظمة، وَالْكبر، والنخوة، والبهجة وأبهته تأبيها: نبهته وفطنته، وبكذا: أزننته [أَي: اتهمته]

(نوع فِي بَيَان لُغَات أَلْفَاظ النّظم الْجَلِيل)

أبابيل: قيل: هُوَ جمع وَإِن لم يسْتَعْمل واحده

وطير أبابيل: أَي مُتَفَرِّقَة أَو متتابعة مجتمعة، كَمَا فِي " الْمُفْردَات " و " الْقُرْطُبِيّ "

آب: بِمَعْنى رَجَعَ

وآبت الشَّمْس: لُغَة فِي: غَابَتْ

فَلَنْ أَبْرَح: لن أُفَارِق

وَابْن السَّبِيل: الضَّيْف الَّذِي نزل بِالْمُسْلِمين أَو الْمُسَافِر

وابتلوا: واختبروا

وابتغاء مرضاة الله: طلبا لرضاه

وَمَا أبرئ نَفسِي: أَي مَا أنزهها

ابلعي ماءك: ازدرديه أَو اشربيه

هُوَ الأبتر: أَي الَّذِي لَا عقب لَهُ

وَأبْصر: أَي انْتظر

إِبْرَاهِيم: اسْم سرياني، مَعْنَاهُ، أَب رَحِيم، وَقَالَ فِي " الْقَامُوس ": اسْم أعجمي وعَلى هَذَا لَا يكون معربا

وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين: إِن إِجْمَاع أهل الْعَرَبيَّة على أَن منع الصّرْف فِي (إِبْرَاهِيم) وَنَحْوه للعجمة والعلمية، فَتبين مِنْهُ وُقُوع المعرب فِي الْقُرْآن

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ؛ " ولد على رَأس ألفي سنة من خلق آدم وَعَن أبي هُرَيْرَة أَنه اختتن بعد عشْرين وَمِائَة سنة وَمَات ابْن مِائَتي سنة "

(فصل الْألف وَالتَّاء)

الْإِتْيَان: هُوَ عَام فِي الْمَجِيء والذهاب وَفِيمَا كَانَ طبيعيا وقهريا

والذهاب: يُقَابل الْمَجِيء

والمرور: يعمه

وَفِي " الرَّاغِب ": الْمَجِيء: أَعم لِأَن الْإِتْيَان مَجِيء بسهولة وَيُقَال: جَاءَ: فِي الْأَعْيَان والمعاني ويما يكون مَجِيئه بِذَاتِهِ وبأمر وَلمن قصد مَكَانا وزمانا وَذكر " الزَّمَخْشَرِيّ " إِن أَتَى: يَجِيء بِمَعْنى (صَار) ك (جَاءَ) فِي قَوْلك: (جَاءَ الْبناء محكما) : أَي صَار {وَلَا يفلح السَّاحر حَيْثُ أَتَى} : أَي كَانَ

أَتَى وَجَاء: يطلقان بِمَعْنى فعل فيتعديان تعديته؛ وَيُقَال: (أَتَى زيد أَتَيَا وإتيانا) إِذا كَانَ جائيا و (أَتَى بزيد وبمال) مثلا: إِذا أجاءه أَي جعله جائيا

وأتى الْمَكَان: حَضَره

ص: 34

وأتى الْمَرْأَة إتيانا: جَامعهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله}

وأتى على الشَّيْء: أنفذه وَبلغ آخِره أَو مر بِهِ

وأتى عَلَيْهِم الدَّهْر: أهلكهم وأفناهم

{وَمَا آتَاكُم الرَّسُول} أَي أَمركُم بِهِ

وأتى الرجل الْقَوْم: انتسب إِلَيْهِم وَلَيْسَ مِنْهُم

وَأَتَاهُ آتٍ: أَي ملك

وأتيته على الْأَمر بِالْقصرِ: وافقته

وَقد يتَعَدَّى إِلَى الثَّانِي بِالْبَاء مثل (أَتَيْته بالبلية) وَيذكر الْإِتْيَان وَيُرَاد بِهِ الزِّيَارَة وَفِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن إِبْلِيس {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} إِلَى آخِره: عدى الْفِعْل إِلَى الْأَوَّلين ب (من) وَإِلَى الآخرين ب (عَن) لِأَن الْآتِي من الْأَوَّلين مُتَوَجّه إِلَيْهِم، والآتي من الآخرين كالمنحرف عَنْهُم، الْمَار على عرضهمْ

الإتباع: أتبع بِالتَّخْفِيفِ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين، وبالتشديد إِلَى وَاحِد قيل: تبع وَاتبع بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ اللحوق

فأتبعهم فِرْعَوْن: أَي لحقهم أَو كَاد

وَاتبعهُ: بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنى سَار خَلفه وَقيل: اتبع: بِقطع الْألف بِمَعْنى اللحوق والإدراك؛ وبوصلها بِمَعْنى اتبع أَثَره، أدْركهُ أَو لم يُدْرِكهُ وَفِي " الْأَنْوَار " فِي قَوْله تَعَالَى:{وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} قَرَأَ نَافِع بِالتَّخْفِيفِ؛ وَقُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ وتسكين الْعين تَشْبِيها لتَبعه بِقَصْدِهِ يَعْنِي تَشْبِيها بِمَا هُوَ أبلغ فِي ذَلِك الْمَعْنى

وَنَظِير هَذَا التَّشْبِيه قَوْله تَعَالَى: {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم}

والإتباع: هُوَ أَن تتبع الْكَلِمَة على وَزنهَا أَو رويها إشباعا وتوكيدا حَيْثُ لَا يكون الثَّانِي مُسْتَعْملا بِانْفِرَادِهِ فِي كَلَامهم، وَذَلِكَ يكون على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون للثَّانِي معنى كَمَا فِي (هَنِيئًا) مريئا)

وَالثَّانِي: أَن لَا يكون لَهُ معنى، بل ضم إِلَى الأول لتزيين الْكَلَام لفظا وتقويته معنى نَحْو قَوْلك:(حسن بسن) وَعَلِيهِ {عبس وَبسر} وَمن أَنْوَاع الإتباع: إِدْخَال اللَّام على (يزِيد) للوليد وَمن أحد ضربيه: قسيم وسيم، كِلَاهُمَا بِمَعْنى الْجَمِيل، فَيُؤتى بِهِ للتَّأْكِيد، لِأَن لَفظه مُخَالف للْأولِ وَمن الآخر:(شَيْطَان ليطان) أَي: لصوق لَازم للشر، و (عطشان نطشان) أَي: قلق

فَمَعْنَى الثَّانِي غير الأول، وَهُوَ لَا يكَاد يُوجد بِالْوَاو وَاتِّبَاع ضمير الْمُذكر بضمير الْمُؤَنَّث كَحَدِيث " وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضللن "

وَاتِّبَاع كلمة فِي ابدال الْوَاو فِيهَا همزَة لهمزة فِي أُخْرَى كَحَدِيث: " ارْجِعْنَ مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات "

وَاتِّبَاع كلمة فِي ابدال واوها بِالْيَاءِ للياء فِي أُخْرَى كَحَدِيث: " لَا دَريت وَلَا تليت "

وَاتِّبَاع كلمة فِي التَّنْوِين لكلمة أُخْرَى منونة صحبتهَا ك (سلاسلا وأغلالا) وَأما (حياك الله وبياك) فِي حَدِيث آدم حِين قتل ابْنه فَمَكثَ مائَة سنة لَا يضْحك، ثمَّ قيل لَهُ ذَلِك فَلَيْسَ بإتباع

وَقد يُؤْتى بلفظين بعد المتبع كَمَا يُؤْتى بِلَفْظ

ص: 35

وَاحِد، فَيُقَال:(حسن بسن قسن) و (لَا بَارك الله فِيك وَلَا تَارِك وَلَا دَارك)

الاتساع: هُوَ ضرب من الْحَذف إِلَّا أَنَّك لَا تقيم المتوسع فِيهِ مقَام الْمَحْذُوف وتعربه بإعرابه وتحذف الْعَامِل فِي الْحَذف وَتَدَع مَا عمل فِيهِ على حَاله فِي الْإِعْرَاب وَلَا يجْرِي الاتساع فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ يصير مُلْحقًا ببنات الثَّلَاثَة، وَهِي أَفعَال محصورة لَا يجوز الْقيَاس عَلَيْهَا

والاتساع فِي الظّرْف: هُوَ أَن لَا يقدر مَعَه (فِي) توسعا؛ فينصب نصب الْمَفْعُول بِهِ نَحْو: (دخل بَيْتا) و (قَامَ لَيْلًا) و (صَاد يَوْمَيْنِ) و (صَامَ شهرا) و (سرق اللَّيْلَة) وَالْمعْنَى على ظَاهر التَّرْكِيب من غير تَقْدِير (فِي) وَإِن كَانَ أصل الْمَعْنى على الظَّرْفِيَّة وَمن ثمَّة يفهم مِنْهُ غَالِبا قيام اللَّيْلَة بِتَمَامِهَا، وَكَذَا فِي الْبَوَاقِي؛ وَلَو كَانَ بِتَقْدِير (فِي) لم يفهم التَّمام

وَمعنى التَّوَسُّع فِي الظروف: هُوَ أَن كل حَادث فِي الدُّنْيَا فحدوثه يكون فِي زمَان وَفِي مَكَان، والانفكاك محَال؛ وَلما كَانَ الزَّمَان وَالْمَكَان من ضرورات الحادثات، وَكَانَ بَينهمَا شدَّة الِاتِّصَال وَقُوَّة الالتصاق كَانَ الزَّمَان وَالْمَكَان مَعَ كل شَيْء كجزئه وَبَعضه، لَا أَجْنَبِيّا مِنْهُ، فَهُوَ إِذن كالمحارم يدْخلُونَ حَيْثُ لَا يدْخل الْأَجْنَبِيّ وَلَيْسَ التَّوَسُّع مطردا فِي كل ظروف الْأَمْكِنَة كَمَا فِي الزَّمَان، بل التَّوَسُّع فِي الْأَمْكِنَة سَماع نَحْو (نحا نَحْوك) و (قصد قصدك) و (أقبل قبلك) وَلَا يجوز ذَلِك فِي (خلف) واخواتها، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَن ظرف الزَّمَان أَشد تمَكنا من ظرف الْمَكَان [وَإِذا توسع فِي فعل لَهُ مفعول وَاحِد يُقَال للظرف المتوسع فِيهِ مفعول ثَان، وَلَا يتوسع فِيمَا لَهُ ثَلَاثَة مفاعيل لِأَنَّهُ يكون حِينَئِذٍ مَفْعُولا رَابِعا، وَلم يجِئ فِي كَلَام الْعَرَب مَاله أَرْبَعَة مفاعيل]

والاتساع البديعي: هُوَ أَن يَأْتِي الشَّاعِر بِبَيْت يَتَّسِع فِيهِ التَّأْوِيل على قدر قوى الناظرين فِيهِ بِحَسب مَا تحمله الْأَلْفَاظ كَمَا فِي فواتح السُّور وَقد اتَّسع النقاد فِي تَأْوِيل قَول الشَّاعِر:

(إِذا قامتا تضوع الْمسك مِنْهُمَا

نسيم الصِّبَا جَاءَت بريا القرنفل)

فَمن قَائِل: تضوع مثل الْمسك مِنْهُمَا نسيم الصِّبَا

وَمن قَائِل: تضوع نسيم الصِّبَا كالمسك مِنْهُمَا

وَمن قَائِل: تضوع الْمسك مِنْهُمَا كتضوع نسيم الصِّبَا وَهَذَا أَجود الْوُجُوه وَمعنى قَوْلهم: هَذَا على الاتساع: أَي على التَّجَوُّز

الِاتِّحَاد: هُوَ يُطلق بطرِيق الْمجَاز على صيرورة شَيْء شَيْئا آخر بطرِيق الاستحالة، أَعنِي التَّغْيِير والانتقال دفعيا كَانَ أَو تدريجيا، كَمَا يُقَال:(صَار المَاء هَوَاء وَالْأسود أَبيض)

وَيُطلق أَيْضا بطرِيق الْمجَاز على صيرورة شَيْء شَيْئا آخر بطرِيق التَّرْكِيب، وَهُوَ أَن يَنْضَم شَيْء إِلَى شَيْء ثَان فَيحصل مِنْهُمَا شَيْء ثَالِث، كَمَا يُقَال:(صَار التُّرَاب طينا والخشب سريرا) وَلَا شكّ فِي وُقُوع الِاتِّحَاد بِهَذَيْنِ الْمَعْنيين، وَأما مَا هُوَ الْمُتَبَادر مِنْهُ عِنْد الْإِطْلَاق وَهُوَ الْمَفْهُوم الْحَقِيقِيّ لَهُ، وَهُوَ أَن يصير شَيْء بِعَيْنِه شَيْئا آخر من غير أَن يَزُول عَنهُ شَيْء أَو يَنْضَم إِلَيْهِ شَيْء؛ فَهَذَا الْمَعْنى بَاطِل بِالضَّرُورَةِ

ص: 36

قَالَ بَعضهم: الِاتِّحَاد شُهُود الْوُجُود الْحق الْوَاحِد الْمُطلق الَّذِي لكل مَوْجُود بِالْحَقِّ فيتحد بِهِ الْكل من حَيْثُ كَون كل شَيْء مَوْجُودا بِهِ مَعْدُوما بِنَفسِهِ، لَا من حَيْثُ أَنه لَهُ وجودا خَاصّا اتَّحد بِهِ فَإِنَّهُ محَال، واتحاد الشَّيْء بأَشْيَاء كَثِيرَة مُمْتَنع بِخِلَاف انطباق الصُّورَة الْوَاحِدَة على أَشْيَاء كَثِيرَة [وَاعْلَم أَن الْأُمَم قد اخْتلفُوا فِي أَنه هَل يجوز أَن يتحد موجودان بحث لَا تبقى الأثنينية بَينهمَا أم لَا؟ ، فَذهب الْمُحَقِّقُونَ أَن امْتِنَاعه وَمَال إِلَيْهِ طَائِفَة من متألهة الفلاسفة فَقَالَ بَعضهم باتحاد النَّفس مَعَ الْبدن، وَذهب بَعضهم إِلَى اتِّحَاد النَّفس مَعَ الْعقل الغول، وَزعم قوم من الْمَشَّائِينَ أَن النَّفس إِذا عقلت شَيْئا اتّحدت مَعَ الصُّورَة المعقولة، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو عَليّ وَذهب قوم من متصوفة الْإِسْلَام إِلَى أَن الْمُنْقَطع عَن الدُّنْيَا المتوجه إِلَى الله تَعَالَى قد يتحد مَعَ الله تَعَالَى؛ وَزعم قوم من النَّصَارَى أَن الِاتِّحَاد هُوَ الممازجة بِحَيْثُ لَا يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر كممازجة المَاء مَعَ اللَّبن، وَهَذَا غير متنازع فِيهِ، إِلَّا إِذا ادعوا ذَلِك فِي الله سُبْحَانَهُ وَالْمَشْهُور عِنْد الْعلمَاء فِي ابطال الِاتِّحَاد هُوَ أَنَّهُمَا بعد الِاتِّحَاد إِن بقيا موجودين فهما اثْنَان وَإِن عدما أَو أَحدهمَا فَلَا اتِّحَاد لِأَن الْمَعْدُوم لَا يتحد بالمعدوم وَلَا بالموجود وَفِيه أَن الاثنينية فِي صُورَة كَونهَا بوجودين وتعينين، وَلم لَا يجوز أَن يَكُونَا بعد الِاتِّحَاد موجودين بِوُجُود وَاحِد وَتعين وَاحِد كَمَا فِي الْجِنْس والفصل فَإِنَّهُمَا حقيقتا مغايرين موجودتان بِوُجُود وَاحِد وَتعين وَاحِد وَهَذَا مَا اتّفق عَلَيْهِ الْحُكَمَاء] وَفِيه مناظرة لبَعض الْفُضَلَاء جرت بِبَعْض النَّصَارَى فهاك ملخصه

قَالَ: قلت لَهُ: هَل تسلم أَن عدم الدَّلِيل لَا يدل على عدم الْمَدْلُول؟ فَإِن انكرت لزمك أَنه لَا يكون الله قَائِما، لِأَن دَلِيل وجوده هُوَ الْعَالم، فَلَزِمَ من عدم الْعَالم، وَهُوَ الدَّلِيل، عدم الْمَدْلُول فَإِذا جوزت اتِّحَاد كلمة الله بِعِيسَى أَو حلولها فِيهِ، فَلم خصصت بِهِ؟ وَكَيف عرفت أَنَّهَا مَا حلت فِي سَائِر الْخلق؟ فَقَالَ: إِنَّمَا اثبتنا ذَلِك بِنَاء على مَا ظهر على يَد عِيسَى من إحْيَاء الْمَوْتَى وإبراء الأكمه والابرص وَلم نجد شَيْئا من ذَلِك فِي يَد غَيره

فَقلت لَهُ: قد سلمت أَن عدم الدَّلِيل لَا يدل على عدم الْمَدْلُول، فَلَا يلْزم من عدم ظُهُور هَذِه الخوارق على يَد غَيره من الْمَخْلُوق عدم ذَلِك الْحُلُول، فَثَبت أَنَّك مهما جوزت القَوْل بالاتحاد والحلول لزمك تَجْوِيز حُصُول ذَلِك فِي سَائِر الْمَخْلُوق فَإِن قيل: الْمَعْنى بالإلهية أَنه حلت فِيهِ صفة الْإِلَه، فَالْجَوَاب: هَب أَنه كَانَ كَذَلِك، لَكِن الْحَال هُوَ صفة الْإِلَه، والمسيح هُوَ الْمحل مُحدث مَخْلُوق، فَكيف يُمكن وَصفه بالالهية؟ وَلَو كَانَ الله تَعَالَى ولد فَلَا بُد أَن يكون من جنسه، فَإِذن قد اشْتَركَا من بعض الْوُجُوه، فَإِن لم يتَمَيَّز فَمَا بِهِ الامتياز غير مَا بِهِ الِاشْتِرَاك، فَيلْزم التَّرْكِيب فِي ذَات الله تَعَالَى، وكل مركب مُمكن، فَالْوَاجِب مُمكن، وَهنا خلف هَذَا كُله على الِاتِّحَاد والحلول فَإِن قَالُوا: معنى كَونه إِلَهًا أَنه سُبْحَانَهُ خص نَفسه أَو بدنه بِالْقُدْرَةِ على خلق الْأَجْسَام وَالتَّصَرُّف فِي هَذَا الْعَالم، فَهَذَا أَيْضا بَاطِل، كَيفَ وَإِنَّهُم قد نقلوا عَنهُ الضعْف وَالْعجز، وَأَن الْيَهُود

ص: 37

قَتَلُوهُ، وَإِن قَالُوا: معنى كَونه إِلَهًا أَنه اتَّخذهُ لنَفسِهِ على سَبِيل التشريف وَهَذَا قد قَالَ بِهِ قوم من النَّصَارَى، وَلَيْسَ فِيهِ كثير خطأ إِلَّا فِي اللَّفْظ

انْتهى، وَمِمَّا يقرب إِلَيْهِ مَا يحْكى أَن لهارون الرشيد غُلَاما نَصْرَانِيّا جَامعا لخصال الْأَدَب، فألح الرشيد عَلَيْهِ يَوْمًا بِالْإِسْلَامِ، فَقَالَ: ان فِي كتابكُمْ حجَّة لما أنتحله، قَوْله تَعَالَى:{وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ} حَتَّى أجَاب عَنهُ عَليّ بن الْحُسَيْن بن وَاقد بقوله تَعَالَى: {وسخر لكم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ}

فَأسلم النَّصْرَانِي [واتحاد الِاسْم والمسمى بَاطِل سَوَاء كَانَ الْمُسَمّى مُسَمّى بالمطابقة أَو التضمن لِأَن الْمُسَمّى مَدْلُول الِاسْم دَال، وَلَا بُد للدلالة من طرفين]

والاتحاد فِي الْجِنْس: يُسمى مجانسة كاتفاق الانسان وَالْفرس فِي الحيوانية

وَفِي النَّوْع: مماثلة كاتفاق زيد وَعَمْرو فِي الإنسانية

وَفِي الْخَاصَّة: مشاكلة كاتفاق العناصر الْأَرْبَعَة فِي الكرية

وَفِي الكيف: مشابهة كاتفاق الْإِنْسَان وَالْحجر فِي السوَاد

وَفِي الْكمّ: مُسَاوَاة كاتفاق ذِرَاع من خشب وذراع من ثوب فِي الطول

وَفِي الْأَطْرَاف: مُطَابقَة كاتفاق الأجانين فِي الْأَطْرَاف

وَفِي الْإِضَافَة: مُنَاسبَة كاتفاق زيد وَعَمْرو فِي بنوة بكر

وَفِي الْوَضع الْمَخْصُوص: موازنة وَهُوَ أَن لَا يخْتَلف الْبعد بَينهمَا كسطح كل وَاحِد من الافلاك

الاتقاء: هُوَ افتعال من الْوِقَايَة، وَهِي فرط الصيانة وَشدَّة الاحتراس من الْمَكْرُوه [وَاصل الاتقاء الْحجر بَين شَيْئَيْنِ وَمِنْه يُقَال:(اتَّقى بترسه) وَفِي الحَدِيث " كُنَّا إِذا احمر الْبَأْس اتقينا برَسُول الله صلى الله عليه وسلم " قيل: الصَّحِيح أَنه لَا يعْتَبر فِي مَفْهُوم المتقي اجْتِنَاب الصَّغَائِر، فعلى هَذَا يُقَال، هُوَ من تجنب الْكَبَائِر وَمن الْمَعْلُوم لَا صَغِيرَة مَعَ الْإِصْرَار فيندرج فِي الاجتناب وَالْفرق بَينه وَبَين اسْم الْمُؤمن اظهر ان لم يشْتَرط دُخُول الْأَعْمَال فِي الايمان] والمتقي فِي عرف الشَّرْع اسْم لمن يقي نَفسه عَمَّا يضرّهُ فِي الْآخِرَة وَهُوَ الشّرك المفضي إِلَى الْعَذَاب المخلد، وَعَن كل مَا يؤثم من فعل أَو ترك، وَعَن كل مَا يشغل عَن الْحق والتبتل عَلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ التقي الْحَقِيقِيّ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله تَعَالَى:{وَاتَّقوا الله حق تُقَاته} وَإِلَى الأول قَوْله تَعَالَى: {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} وَإِلَى الثَّانِي قَوْله: {وَلَو أَن أهل الْقرى آمنُوا وَاتَّقوا}

وَاتَّقَى: يتَعَدَّى إِلَى [مفعول] وَاحِد، وَوقى، يتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ {ووقاهم عَذَاب الْجَحِيم}

الاتكاء: هُوَ أَعم من الِاسْتِنَاد، وَهُوَ الِاعْتِمَاد على

ص: 38