الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَلَمَّا فصل طالوت} : أَي خرج
{لَا تذرني فَردا} : وحيدا بِلَا ولد يَرِثنِي
{فرقناه} : فصلناه
(فصل الْقَاف)
[الْقُنُوت] : كل قنوت فِي الْقُرْآن فَهِيَ الطَّاعَة، إِلَّا قَوْله:{كل لَهُ قانتون} فَإِن مَعْنَاهُ مقرون
[الْقَرْض الْحسن] : قَالَ الْحسن: كل مَا فِي الْقُرْآن من الْقَرْض الْحسن فَهُوَ التَّطَوُّع
[القَوْل الزُّور] : كل قَول فِي الْقُرْآن مقرون بأفواه وبألسنة فَهُوَ زور
[الْقَلِيل] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن " قَلِيلا " و " إِلَّا قَلِيل ": فَهُوَ دون الْعشْرَة
قَالَ بعض الْمُحَقِّقين فِي قولة تَعَالَى: {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} ، {وَقل مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل} مَا سَمَّاهُ الله قَلِيلا لَا يمكننا أَن ندرك كميته فَمَا ظَنك بِمَا سَمَّاهُ كثيرا
[الْقَتْل] : كل قتل فِي الْقُرْآن فَهُوَ لعن يعْنى بِهِ الْكفَّار
[قَارب] : كل شَيْء قاربته فقد قارفته
[القربان] : كل مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله فَهُوَ قرْبَان
[القارعة] : كل نازلة شَدِيدَة بالإنسان فَهِيَ قَارِعَة
[قُرَيْش] : كل من هُوَ من أَوْلَاد نضر بن كنَانَة فَهُوَ قُرَيْش مصغر القرش تَعْظِيمًا، وَهُوَ الْكسْب وَالْجمع، سمي بِهِ لأَنهم يتجرون ويجتمعون بِمَكَّة بعد التَّفَرُّق فِي الْبِلَاد
[الْقَيْن] : كل عَامل فِي الْحَدِيد فَهُوَ قين [الْقصب] : كل نبت سَاقه أنابيب وكعوب فَهُوَ قصب
[القاذورة] : كل قَول أَو فعل يستفحش ويحق الاجتناب عَنهُ فَهُوَ قاذورة
( [الْقَاعِدَة] : كل قَاعِدَة فَهِيَ أصل للَّتِي فَوْقهَا
[الْقَضِيَّة] : كل قَول مَقْطُوع بِهِ من قَوْلك (هُوَ كَذَا) أَو (لَيْسَ بِكَذَا) يُقَال لَهُ قَضِيَّة وَمن هَذَا يُقَال: قَضِيَّة صَادِقَة، وَقَضِيَّة كَاذِبَة [الْقدَم] : كل سَابق فِي خير أَو شَرّ فَهُوَ عِنْد الْعَرَب قدم يُقَال: لفُلَان قدم فِي الْإِسْلَام، وَله عِنْدِي قدم صدق، وَقدم سوء
[الْقمَار] : كل لعب يشْتَرط فِيهِ غَالِبا أَن يَأْخُذ الْغَالِب شَيْئا من المغلوب فَهُوَ قمار فِي عرف زَمَاننَا
[القبالة] : كل من يقبل شَيْئا مقاطعة وَكتب عَلَيْهِ كتابا فالكتاب قبالة بِالْفَتْح، وَالْعَمَل بِالْكَسْرِ لِأَنَّهُ صناعَة
( [الْقَوْم] : كل من يقوم الرئيس بأمرهم أَو يقومُونَ بأَمْره فَهُوَ الْقَوْم)
الْقِرَاءَة: ضم الْحُرُوف والكلمات بَعْضهَا إِلَى بعض فِي الترتيل وَلَا يُقَال ذَلِك لكل جمع بِدَلِيل أَنه لَا يُقَال للحرف الْوَاحِد إِذا تفوه بِهِ قِرَاءَة
[الْقِرَاءَة الصَّحِيحَة] : كل قِرَاءَة وَافَقت الْعَرَبيَّة وَلَو بِوَجْه، ووافقت أحد الْمَصَاحِف العثمانية وَلَو احْتِمَالا، وَصَحَّ سندها فَهِيَ الْقِرَاءَة الصَّحِيحَة الَّتِي لَا يجوز ردهَا، وَلَا يحل إنكارها، بل هِيَ من الأحرف السَّبْعَة الَّتِي نزل بهَا الْقُرْآن وَوَجَب على النَّاس قبُولهَا، سَوَاء كَانَت عَن الْأَئِمَّة السَّبْعَة أَو عَن الْعشْرَة أَو عَن غَيرهم من الْأَئِمَّة المقبولين، وَالضَّابِط عِنْد أهل الْأُصُول وَالْفِقْه التَّوَاتُر والآحاد، فَمَا لم يتواتر لم تصح بِهِ الصَّلَاة وَغَيرهَا عِنْدهم (كَمَا أَن الْأُمُور الثَّلَاثَة إِن لم تُوجد لَا يَصح ذَلِك) وكل وَاحِدَة من الْقرَاءَات السَّبع المتواترة تنْسب إِلَى وَاحِد من الْأَئِمَّة لاشتهاره بهَا وتفرده بهَا بِأَحْكَام خَاصَّة فِي الْأَدَاء، وَأما غَيرهَا فَإِذا ظهر فِيهِ أَمر الرِّوَايَة وَلم يشْتَهر بهَا من أحد ينْسب إِلَى النَّبِي عليه الصلاة والسلام، وَلَا يلْزم من ذَلِك اعْتِبَاره
الْقلب: هُوَ فِي اصْطِلَاح الْأُصُول عبارَة عَن ربط خلاف مَا قَالَه الْمُسْتَدلّ بعلته للإلحاق بِأَصْلِهِ
وَفِي اللُّغَة على مَعْنيين: أَحدهمَا: جعل أَعلَى الشَّيْء أَسْفَل وَمِنْه أَخذ قلب الْعلَّة حكما وَبِالْعَكْسِ لِأَن الْعلَّة أَعلَى من الحكم لكَونهَا أصلا، وَالْحكم أَسْفَل لكَونه تبعا، (وَقد نظمت فِيهِ:
(وقلبي على الْوَضع الْقَدِيم وشكله
…
لَهُ عِلّة مستورة تَحت حكمه)
(فقلبته فَالْحكم أَسْفَل تَابعا
…
لعلته الْأَعْلَى فَبَان بِأَصْلِهِ)
وَالثَّانِي: جعل ظَاهر الشَّيْء بَاطِنا كقلب الجراب وَمِنْه أَخذ قلب الْوَصْف شَاهدا على الْخصم بعد أَن يكون شَاهدا للخصم
وَقد يُطلق الْقلب مجَازًا على الْعين نَحْو: {وَلَكِن تعمى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور} كَمَا أطلقت الْعين مجَازًا على الْقلب فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذين كَانَت أَعينهم فِي غطاء عَن ذكري}
وقلب كل شَيْء خالصه: وَقد يعبر بِالْقَلْبِ عَن الْعقل سمي المضغة الصنوبرية قلبا لكَونه أشرف الْأَعْضَاء لما فِيهِ من الْعقل على رَأْي، وَسُرْعَة الخواطر والتلون فِي الْأَحْوَال
وَلِأَنَّهُ مقلوب الْخلقَة والوضع كَمَا يشْهد بِهِ علم التشريح
وَمن تقاليبه الْقبُول والقابلية وَهُوَ رَئِيس الْبدن الْمعول عَلَيْهِ فِي صَلَاحه وفساده
وَهُوَ أعظم الْأَشْيَاء الموصوفة بِالسَّعَةِ من جَانب الْحق، ومعدن الرّوح الحيواني الْمُتَعَلّق للنَّفس الإنساني، ومنبع الشّعب المنبثة فِي أقطار الْبدن الإنساني، بل فِي سَائِر الْحَيَوَانَات التَّامَّة الْخلقَة،
وَمِنْه تصل الْحَيَاة والفيض إِلَى الْأَعْضَاء على السوية بِمُقْتَضى الْعدْل، وَله إِيفَاء كل ذِي حق حَقه، ويسميه الْحَكِيم بِالنَّفسِ الناطقة، وَالروح باطنة وَالنَّفس الحيوانية مركبة، وَهِي المدركة العالمة من الْإِنْسَان والمطالب والمعاتب والمعاقب
قيل: للقلب سبع طَبَقَات، الصَّدْر وَهُوَ مَحل الْإِسْلَام وَمحل الوسواس ثمَّ الْقلب وَهُوَ مَحل الْإِيمَان
ثمَّ الشغاف وَهُوَ مَحل محبَّة الْخلق، ثمَّ الْفُؤَاد وَهُوَ مَحل رُؤْيَة الْحق، ثمَّ حَبَّة الْقلب وَهُوَ مَحل محبَّة الْحق ثمَّ السويداء وَهِي مَحل الْعُلُوم الدِّينِيَّة ثمَّ مهجة الْقلب وَهِي مَحل تجلي الصِّفَات، وَالْكفَّار ختم الله على قُلُوبهم
قَالَ الْحُكَمَاء: حَيْثُمَا ذكر الله الْقلب فإشارة إِلَى الْعقل وَالْعلم نَحْو: {إِن فِي ذَلِك لذكرى لمن كَانَ لَهُ قلب}
وحيثما ذكر الصَّدْر فإشارة إِلَى ذَلِك وَإِلَى سَائِر القوى من الشَّهْوَة: والهوى وَالْغَضَب وَنَحْوهَا
وَالْقلب أَيْضا: هُوَ أَن يجْرِي حكم أحد جزأي الْكَلَام على الآخر
وَالْقلب: إِمَّا قلب إِسْنَاد نَحْو: {لكل أجل كتاب} أَي لكل كتاب أجل {وَيَوْم يعرض الَّذين كفرُوا على النَّار} أَي تعرض النَّار عَلَيْهِم
أَو قلب عطف نَحْو: {تول عَنْهُم فَانْظُر} أَي فَانْظُر فتول {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى} أَي تدلى فَدَنَا لِأَنَّهُ بالتدلي مَال إِلَى الدنو
أَو قلب تَشْبِيه نَحْو: {قَالُوا إِنَّمَا البيع مثل الرِّبَا} إِذْ الأَصْل بِالْعَكْسِ لِأَن الْكَلَام فِي الرِّبَا
وَمِنْه {أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق} فَإِن الظَّاهِر هُوَ الْعَكْس لِأَن الْخطاب لعَبْدِهِ الْأَوْثَان وهم جعلُوا غير الْخَالِق مثل الْخَالِق، واستواء البناءين فِي التصريف مَانع عَن الْحمل على الْقلب كَمَا قَالَ صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى:{من الصَّوَاعِق} قَرَأَ الْحسن من الصواقع وَلَيْسَ هَذَا بقلب
وقلب أحد حرفي التَّضْعِيف يَاء إِذا انْكَسَرَ مَا قبلهَا وَوَقع فِي بِنَاء ممتد كالدينار أَصله الدنار يجمع على دَنَانِير، والديباج أَصله الدباج يجمع على دبابيج، وَعَلِيهِ قَوْله: أظهر السينات فَإِنَّهُ جمع سنة لَا جمع سين
وقلب الْإِعْرَاب فِي الصِّفَات كَقَوْلِه تَعَالَى: {عَذَاب يَوْم مُحِيط} إِذْ الْمُحِيط هُوَ الْعَذَاب، وَمثله {فِي يَوْم عاصف} لِأَن العاصف صفة الْيَوْم
وقلب الْوَاو همزَة للتَّخْفِيف من الْوَاو المضمومة، والمكسورة كوجوه وأجوه، وسَادَة وأسادة
وقلب بعض الْحُرُوف إِلَى بعض فِي الصِّفَات كَقَوْلِه عليه الصلاة والسلام: " ارْجِعْنَ مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات " للتواخي
الْقَضَاء: مَمْدُود وَيقصر وَقد أَكثر أَئِمَّة اللُّغَة فِي مَعْنَاهُ، وآلت أَقْوَالهم إِلَى أَنه إتْمَام الشَّيْء قولا وفعلا
وَقَالَ أَئِمَّة الشَّرْع: الْقَضَاء قطع الْخُصُومَة، أَو قَول مُلْزم صدر عَن ولَايَة عَامَّة
وَقضى عَلَيْهِ: أَمَاتَهُ
و [قضى] وطره: أتمه وبلغه
و [قضى] عَلَيْهِ عهدا: أوصاه وأنفذه
و [قضى] إِلَيْهِ: أنهاه
و [قضى] غَرِيمه دينه: أَدَّاهُ.
{وَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم} : أَي فَرَغْتُمْ.
{فَإِذا قضى أمرا} : أَي أَمر
وَالْقَضَاء: الْأَجَل: {فَمنهمْ من قضى نحبه}
والفصل: {لقضي الْأَمر بيني وَبَيْنكُم}
والمضي: {ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا}
وَالْوُجُوب: {لما قضي الْأَمر}
والإعلام: {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل}
وَالْوَصِيَّة: {وَقضى رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} بِدَلِيل {وَلَقَد وصينا الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَإِيَّاكُم أَن اتَّقوا الله} إِذْ لم يسْتَطع أحد رد قَضَاء الرب، بل هُوَ وَصِيَّة أوصى بهَا
والخلق: {فقضاهن سبع سماوات}
وَالْفِعْل: {كلا لما يقْض مَا أمره} : يَعْنِي حَقًا لم يفعل
والإبرام: {فِي نفس يَعْقُوب قَضَاهَا}
والعهد: {إِذا قضينا إِلَى مُوسَى الْأَمر}
وَالْأَدَاء: {إِذا قضيت الصَّلَاة} فَكل مَا أحكم عمله وَختم وَأدّى وَأوجب وَأعلم وأنفذ وأمضى فقد قضى وَفصل
قَالَ الطَّيِّبِيّ: الْقَضَاء مَوْضُوع للقدر الْمُشْتَرك بَين هَذِه المفهومات وَهُوَ انْقِطَاع الشَّيْء وَالنِّهَايَة
(وأصل الْقَضَاء: الْفَصْل بِتمَام الْأَمر
وأصل الحكم: الْمَنْع، فَكَأَنَّهُ منع الْبَاطِل)
وَالْقَضَاء: عبارَة عَن ثُبُوت صور جَمِيع الْأَشْيَاء فِي الْعلم الْأَعْلَى على الْوَجْه الْكُلِّي وَهُوَ الَّذِي تسميه الْحُكَمَاء: الْعقل الأول
وَالْقدر: حُصُول صور جَمِيع الموجودات فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ الَّذِي تسميه الْحُكَمَاء بِالنَّفسِ الْكُلية
قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: الْقَضَاء عبارَة عَن وجود جَمِيع الموجودات فِي الْعَالم الْعقلِيّ مجتمعة ومجملة على سَبِيل الإبداع
وَالْقدر: عبارَة عَن وجود جَمِيع الموجودات فِي موادها الخارجية، أَو بعد حُصُول شرائطها وَاحِدًا بعد وَاحِد
وسر الْقدر: هُوَ أَنه يمْتَنع أَن تظهر عين من الْأَعْيَان إِلَّا حسب مَا يَقْتَضِيهِ استعدادها
وسر سر الْقدر: هُوَ أَن تِلْكَ الاستعدادات أزلية لَيست مجعولة بِجعْل الْجَاعِل لكَون تِلْكَ الْأَعْيَان أظلال شؤونات ذاتية مُقَدّمَة عَن الْجعل والانفعال
وَالتَّفْصِيل: أَن الْقَضَاء هُوَ الحكم الْكُلِّي الإجمالي على أَعْيَان الموجودات بأحوالها من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد، مثل الحكم بِأَن كل نفس ذائقة الْمَوْت
وَالْقدر: هُوَ تَفْصِيل هَذَا الحكم بِتَعْيِين الْأَسْبَاب وَتَخْصِيص إِيجَاد الْأَعْيَان بأوقات وأزمان بِحَسب قابلياتها واستعداداتها الْمُقْتَضِيَة للوقوع مِنْهَا وَتَعْلِيق كل حَال من أحوالها بِزَمَان معِين وَسبب مَخْصُوص، مثل الحكم بِمَوْت زيد فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ بِالْمرضِ الْفُلَانِيّ
[والنزاع الْوَاقِع فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَفْعَال الصادرة عَن الْعباد لَا فِي جَمِيع الْأَشْيَاء
وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين: إِن الْقدر عبارَة عَن تعلق الْقُدْرَة والإرادة بإيجاد جَمِيع الْأَشْيَاء التَّعَلُّق التنجيزي الْوَاقِع فِيمَا لَا يزَال، وَالْقَضَاء عبارَة عَن تعلقهَا بهَا التَّعَلُّق الْمَعْنَوِيّ الْحَاصِل فِي الْأَزَل
فالقضاء سَابق على الْقدر، وَالْقدر وَاقع على سببيه، وَتَحْقِيق هَذِه الْمَسْأَلَة مِمَّا تسكب فِيهِ العبرات، وَلَا عذر لأحد فِي الْقَضَاء وَالْقدر والتخليق والإرادة لِأَن هَذِه الْمعَانِي لم يجعلهم مضطرين إِلَى مَا فعلوا، بل فعلوا مَا فعلوا مختارين فَصَارَ خلق الْفِعْل وإرادته وَالْقَضَاء بِهِ وَتَقْدِيره كخلق الْأَوْقَات والأمكنة الَّتِي تقع فِيهَا الْأَفْعَال وَلَا تقع بِدُونِهَا وَلم تصر تخليق شَيْء من ذَلِك عذرا لِأَنَّهُ لَا يُوجد اضطرار]
(قَالَ الْمُحَقق فِي " شرح الإشارات ": الْجَوَاهِر الْعَقْلِيَّة وَمَا مَعهَا مَوْجُودَة فِي الْقَضَاء وَالْقدر مرّة وَاحِدَة باعتبارين، والجسمانية وَمَا مَعهَا مَوْجُودَة فيهمَا مرَّتَيْنِ)
وَقد يُطلق الْقَضَاء على الشَّيْء الْمقْضِي نَفسه وَهُوَ الْوَاقِع فِي قَوْله عليه الصلاة والسلام: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جهد الْبلَاء، ودرك الشَّقَاء، وَسُوء الْقَضَاء، وشماتة الْأَعْدَاء " والرضى بِهِ لَا يجب على هَذَا الْمَعْنى وَلذَلِك استعاذ مِنْهُ وَالْوَاجِب الرضى بِالْقضَاءِ أَي بِحكم الله وتصرفه وَأما الْمقْضِي فَلَا، إِلَّا إِذا كَانَ مَطْلُوبا شرعا كالإيمان وَنَحْوه وَقد ورد أَن الله تَعَالَى يَقُول:" من لم يرضى بقضائي وَلم يشْكر نعمائي وَلم يصبر على بلائي فليتخذ إِلَهًا سوائي "
وَالْقدر مرضِي لِأَن التَّقْدِير فعل الله لَا الْمُقدر، إِذْ يُمكن أَن يكون فِي تَقْدِير الْقَبِيح حِكْمَة بَالِغَة
وَقَضَاء الله عِنْد الأشاعرة: إِرَادَته الأزلية الْمُتَعَلّقَة بالأشياء على مَا هِيَ عَلَيْهِ فِيمَا لَا يزَال
وَقدره: إيجاده الْأَشْيَاء على قدر مَخْصُوص وَتَقْدِير معِين فِي ذواتها وَأَحْوَالهَا
(وَالْقدر: هُوَ مَا يقدره الله تَعَالَى من الْقَضَاء يُقَال: قدرت الشَّيْء أقدره وأقدره قدرا وَقدرته تَقْديرا فَهُوَ قدر أَي مَقْدُور. كَمَا يُقَال: هدمت الْبناء فَهُوَ هدم أَي مهدوم وَلَك أَن تسكن الدَّال مِنْهُ وَهُوَ فِي الأَصْل
مصدر يُرَاد بِهِ الْمُقدر تَارَة وَالتَّقْدِير أُخْرَى
فِي " الأساس " الْأُمُور تجْرِي بِقدر الله ومقداره وَتَقْدِيره وأقداره ومقاديره
وَالْقدر وَالتَّقْدِير كِلَاهُمَا تَبْيِين كمية الشَّيْء، فتقدير الله إِمَّا بالحكم مِنْهُ أَن يكون كَذَا أَو أَن لَا يكون كَذَا، إِمَّا على سَبِيل الْوُجُوب، وَإِمَّا على سَبِيل الْإِمْكَان وعَلى ذَلِك قَوْله تَعَالَى:{قد جعل الله لكل شَيْء قدرا}
وَأما بِإِعْطَاء الْقُدْرَة عَلَيْهِ، وَقَوله تَعَالَى:{وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} : أَي قَضَاء مبتوتا وَقَالَ بَعضهم: (قدرا) إِشَارَة إِلَى مَا سبق بِهِ الْقَضَاء وَالْكِتَابَة فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله: " فرغ رَبك من الْخلق والرزق "
و (مَقْدُورًا) إِشَارَة إِلَى مَا يحدث حَالا فحالا وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله: {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} يَعْنِي شؤونا يبديها لَا شؤونا يبتديها وَلَا يُنَافِي قَضِيَّة رفعت الأقلام وجفت الصُّحُف، لِأَن الْجُود الإلهي لما كَانَ مقتضيا لتكميل الموجودات قدر بلطف حكمته زَمَانا يخرج تِلْكَ الْأُمُور من الْقُوَّة إِلَى الْفِعْل
قَالَ الْفَخر الرَّازِيّ فِي قَوْله: {وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} الْقَضَاء مَا يكون مَقْصُودا فِي الأَصْل، وَالْقدر مَا يكون تَابعا فالخير كُله بِقَضَاء، وَمَا فِي الْعَالم من الضَّرَر فبقدر)
الْقُدْرَة: هِيَ التَّمَكُّن من إِيجَاد شَيْء وَقيل: صفة تَقْتَضِي التَّمَكُّن، وَهِي مبدأ الْأَفْعَال المستفادة على نِسْبَة مُتَسَاوِيَة، فَلَا يُمكن تَسَاوِي الطَّرفَيْنِ الَّذِي هُوَ شَرط تعلق الْقُدْرَة إِلَّا فِي الْمُمكن، لِأَن الْوَاجِب رَاجِح الْوُجُود، والممتنع رَاجِح الْعَدَم، أَعنِي أَنه إِن شَاءَ أَن يَفْعَله لَكِن الْمَشِيئَة ممتنعة، أَي لَيْسَ من شَأْن الْقَادِر تَعَالَى أَن يشاءه
[والفلاسفة يُنكرُونَ الْقُدْرَة بِمَعْنى صِحَة الإيجاد وَالتّرْك بِدَلِيل أَنهم فسروا حَيَاة الْبَارِي بِكَوْنِهِ بِحَيْثُ يَصح أَن يعلم وَيقدر لَا بِمَعْنى أَنه إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل فَإِن الْقُدْرَة بِهَذَا الْمَعْنى مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْفَرِيقَيْنِ، وَالْقُدْرَة سَوَاء كَانَت عِلّة تَحْصِيل الْفِعْل كَمَا هُوَ اخْتِيَار صَاحب " التَّبْصِرَة " أَو شَرط تَحْصِيل الْفِعْل كَمَا هُوَ اخْتِيَار عَامَّة الْمَشَايِخ تتَعَلَّق بالمعدوم ليصير مَوْجُودا دون الْمَوْجُود لِاسْتِحَالَة إِيجَاد الْمَوْجُود؟ والمحال لَا يدْخل تَحت الْقُدْرَة فَلَا يجوز أَن يُوصف الله بِالْقُدْرَةِ على الظُّلم وَالْكذب، وَعند الْمُعْتَزلَة يقدر وَلَا يفعل، وَفِيه جمع بَين صِفَتي الظُّلم وَالْعدْل وَهُوَ محَال
وَالْوَاجِب مَا يَسْتَحِيل عَدمه] ،
وتعرف أَيْضا بِأَنَّهَا إِظْهَار الشَّيْء من غير سَبَب ظَاهر
وتستعمل تَارَة بِمَعْنى الصّفة الْقَدِيمَة، وَتارَة بِمَعْنى التَّقْدِير، وَلذَا قرئَ قَوْله تَعَالَى:{فقدرنا فَنعم القادرون} بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد
وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {قدرناها من الغابرين} فالقدرة بِالْمَعْنَى الأول لَا يُوصف بضدها، وبالمعنى الثَّانِي بِوَصْف بهَا وبضدها
[وَالْقُدْرَة الَّتِي يصير الْفِعْل بهَا مُتَحَقق الْوُجُود وَهِي تقارن الْفِعْل عِنْد أهل السّنة والأشاعرة خلافًا للمعتزلة لِأَنَّهَا عرض لَا يبْقى زمانين فَلَو كَانَت سَابِقَة لوجد الْفِعْل حَال عدم الْقُدْرَة، وَأَنه محَال، وَفِيه نظر، لِأَنَّهُ على تَقْدِير تَسْلِيم عدم بَقَاء مثل هَذِه الْأَعْرَاض لَا يلْزم من التحقق قبل الْفِعْل كَون الْفِعْل بِدُونِ الْقُدْرَة لجَوَاز أَن يبْقى نوع ذَلِك الْعرض بتجدد الْأَمْثَال]
وَالْقُدْرَة الممكنة: هِيَ أدنى قُوَّة يتَمَكَّن بهَا الْمَأْمُور من أَدَاء مَا لزمَه بدنيا أَو ماليا، وَهَذَا النَّوْع شَرط لكل حكم
وَالْقُدْرَة الميسرة: هِيَ مَا يُوجب الْيُسْر على الْمُؤَدِّي، فَهِيَ زَائِدَة على الممكنة بِدَرَجَة فِي الْقُوَّة إِذْ بهَا يثبت الْإِمْكَان
[وَفرق بَين القدرتين فِي الحكم وَهُوَ أَن الممكنة شَرط مَحْض حَيْثُ يتَوَقَّف أصل التَّكْلِيف عَلَيْهَا فَلَا يشْتَرط دوامها لبَقَاء الْوَاجِب، وَأما الميسرة فَلَيْسَتْ شرطا مَحْضا حَتَّى لم يتَوَقَّف التَّكْلِيف عَلَيْهَا وَلِأَنَّهَا مُغيرَة لصفة الْوَاجِب من مُجَرّد الْإِمْكَان إِلَى صفة الْيُسْر على معنى أَنه إِذا كَانَ جَائِزا من الله تَعَالَى أَن يُوجب على عباده بِدُونِ هَذِه الْقُدْرَة فَكَانَ اشْتِرَاط الْقُدْرَة الميسرة تيسيرا لأمر الْعباد لطفا مِنْهُ وفضلا، بِخِلَاف الممكنة، إِذْ لَا يجوز التَّكْلِيف إِلَّا بهَا فَلَا يكون اشْتِرَاطهَا لليسر بل للتمكين]
وَالْمَنْقُول عَن أبي حنيفَة: أَن الْقُدْرَة مُقَارنَة للْفِعْل، وَمَعَ ذَلِك تصلح للضدين، فالفاعل إِذا فعل إِنَّمَا فعل بِالْقُدْرَةِ الَّتِي خلقهَا الله مُقَارنَة للْفِعْل لَا سَابِقَة عَلَيْهِ، وَأما إِذا لم يفعل فَلَا نقُول: إِن الله لم يخلق الْقُدْرَة الْحَقِيقِيَّة، بل يُمكن أَنه خلقهَا، وَمَعَ ذَلِك لم يفعل العَبْد
والتوسط بَين الْقدر والجبر مَبْنِيّ على أَن الْقُدْرَة [تصلح للضدين فَإِن الْآلَات والأدوات الْمعدة لتعميم الْقُدْرَة النَّاقِصَة صَالِحَة للضدين كاللسان يصلح للصدق وَالْكذب وَغير ذَلِك، وكاليد تصلح لقتل الْكفَّار ولسفك دِمَاء الْمُسلمين، وَكَذَا حَقِيقَة الْقُدْرَة الَّتِي يحصل بهَا الْفِعْل مثلا السَّجْدَة لصنم مَعْصِيّة وَالله تَعَالَى طَاعَة، وَالِاخْتِلَاف بَينهمَا من حَيْثُ الْإِضَافَة إِلَى الْأَمر وَالنَّهْي وَقصد الْفَاعِل وَأما السَّجْدَة فَلَا تفَاوت فِي ذَاتهَا، وَكَذَا حَرَكَة اللِّسَان لَا تَتَفَاوَت بَين الصدْق وَالْكذب وَالْقُدْرَة إِنَّمَا صَارَت شرطا أَو عِلّة للْفِعْل من حَيْثُ ذَاته لَا من حَيْثُ النِّسْبَة إِلَى الْأَمر وَالنَّهْي وَالْقَصْد فصح أَن الْقُدْرَة الْوَاحِدَة تصلح للضدين إِلَّا أَنَّهَا إِذا صرفت إِلَى الطَّاعَة سميت تَوْفِيقًا، وَإِذا صرفت إِلَى الْمعْصِيَة سميت خذلانا وَذَلِكَ لَا يُوجب اخْتِلَافا فِي ذَاتهَا] مَعَ الْفِعْل مَعَ أَنَّهَا تصلح للضدين
والأشعري لما قَالَ بِالْقُدْرَةِ مَعَ الْفِعْل لَكِن يجب بهَا الْأَثر، وَأَنَّهَا لَا تصلح للضدين وَقع فِي الْجَبْر
والمعتزلة لما قَالُوا بِالْقُدْرَةِ السَّابِقَة ثمَّ مَا بعْدهَا مفوض إِلَى العَبْد وَقَعُوا فِي التَّفْوِيض فَالله سُبْحَانَهُ قدر أَن يجود الْأَثر وَهُوَ الْهَيْئَة الْحَاصِلَة بِالْمَصْدَرِ بِالْقُدْرَةِ الْمُقَارنَة وَاخْتِيَار العَبْد، وَلَا يرد أَن الِاخْتِيَار لما كَانَ بِتَقْدِير الله يلْزم الْجَبْر لِأَن تَقْدِير الِاخْتِيَار اخْتِيَارا لَا يُوجب الْجَبْر لِأَن تَقْدِير الشَّيْء لَا يُوجب ضِدّه
واستحالة دُخُول مَقْدُور وَاحِد تَحت قدرتين إِذا كَانَت لكل وَاحِد مِنْهُمَا قدرَة التخليق والإكتساب [فَجَائِز بِخِلَاف الشَّاهِد
وَاعْلَم أَن مَحل قدرَة العَبْد هُوَ عزمه المصمم عقيب خلق الداعية والميل وَالِاخْتِيَار، وَبِهَذَا يبطل احتجاج كثير من الْفُسَّاق بِالْقضَاءِ وَالْقدر لفسقهم، إِذْ لَيْسَ الْقَضَاء وَالْقدر مِمَّا يسلب قدرَة الْعَزْم عِنْد خلق الإختيار فَيكون جبرا ليَصِح الِاحْتِجَاج] فَأَما إِذا كَانَت لأَحَدهمَا قدرَة الاختراع وَللْآخر قدرَة الِاكْتِسَاب، فَجَائِز بِخِلَاف الشَّاهِد قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: يلْزم على مَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو حنفية من أَن الِاسْتِطَاعَة مَعَ الْفِعْل لَا قبله أَن تكون الْقُدْرَة على الْإِيمَان حَال حُصُول الْإِيمَان، وَالْأَمر بِالْإِيمَان حَال عدم الْقُدْرَة، وَلَا معنى لتكليف مَا لَا يُطَاق إِلَّا ذَلِك، وَمِمَّا يدل عَلَيْهِ أَن الله كلف أَبَا لَهب بِالْإِيمَان، وَمن الْإِيمَان تَصْدِيق الله فِي كل مَا أخبر عَنهُ، وَمِمَّا أخبر عَنهُ أَنه لَا يُؤمن فقد صَار أَبُو لَهب مُكَلّفا بِأَن يُؤمن بِأَنَّهُ لَا يُؤمن، وَهَذَا تَكْلِيف يجمع بَين النقيضين، وَالْجَوَاب: إِن التَّكْلِيف لم يكن إِلَّا بِتَصْدِيق الرَّسُول وَإنَّهُ مُمكن فِي نَفسه، مُتَصَوّر وُقُوعه، وَعلمه تَعَالَى بِعَدَمِ تَصْدِيق الْبَعْض، وإخباره لرَسُوله لَا يخرج الْمُمكن عَن الْإِمْكَان، وَلِأَن التَّكْلِيف بِجَمِيعِ مَا أنزل كَانَ مقدما على الْأَخْبَار بِعَدَمِ إِيمَان أبي لَهب، فَلَمَّا أنزل أَنه لَا يُؤمن ارْتَفع التَّكْلِيف بِالْإِيمَان بِجَمِيعِ مَا أنزل، فَلم يلْزم الْجمع بَين النقيضين
وَاعْلَم أَن علم الله تَعَالَى وإخباره بِوُجُود شَيْء أَو عَدمه لَا يُوجب وجوده وَلَا عَدمه بِحَيْثُ ينسلب بِهِ قدرَة الْفَاعِل عَلَيْهِ، لِأَن الْإِخْبَار عَن الشَّيْء حكم عَلَيْهِ بمضمون الْخَبَر، وَالْحكم تَابع لإِرَادَة الْحَاكِم إِيَّاه، وإرادته تَابِعَة لعلمه، وَعلمه تَابع للمعلوم، والمعلوم هُوَ ذَلِك الْفِعْل الصَّادِر عَن فَاعله بِالِاخْتِيَارِ، فَفعله بِاخْتِيَارِهِ أصل، وَجَمِيع ذَلِك تَابع لَهُ، وَالتَّابِع لَا يُوجب الْمَتْبُوع إِيجَابا يُؤَدِّي إِلَى القسر والإلجاء، بل يَقع التَّابِع على حسب وُقُوع الْمَتْبُوع، هَكَذَا حَقَّقَهُ بعض الْمُحَقِّقين
والقادر: هُوَ الَّذِي يَصح مِنْهُ أَن يفعل تَارَة، وَأَن لَا يفعل أُخْرَى، وَأما الَّذِي إِن شَاءَ فعل، وَإِن شَاءَ لم يفعل، فَهُوَ الْمُخْتَار، وَلَا يلْزمه أَن يكون قَادِرًا، لجَوَاز أَن تكون مَشِيئَة الْفِعْل لَازِمَة لذاته، وَصِحَّة الْقَضِيَّة الشّرطِيَّة لَا تَقْتَضِي وجود الْمُقدم
قَالَ صَاحب " الْملَل والنحل ": الْمُؤثر إِمَّا أَن يُؤثر مَعَ جَوَاز أَن لَا يُؤثر، وَهُوَ الْقَادِر، أَو يُؤثر لَا مَعَ جَوَاز أَن لَا يُؤثر، وَهُوَ الْمُوجب فَدلَّ أَن كل مُؤثر إِمَّا قَادر وَإِمَّا مُوجب، فَعِنْدَ هَذَا قَالُوا: الْقَادِر: هُوَ
الَّذِي يَصح أَن يُؤثر تَارَة، وَأَن لَا يُؤثر أُخْرَى بِحَسب الدَّوَاعِي الْمُخْتَلفَة
[وَالْقُدْرَة كَمَا يُوصف بهَا الْبَارِي تَعَالَى بِمَعْنى نفي الْعَجز عَنهُ تَعَالَى يُوصف بهَا العَبْد أَيْضا بِمَعْنى أَنَّهَا هَيْئَة بهَا يتَمَكَّن من فعل شَيْء مَا، وَقد عبر عَنْهَا بِالْيَدِ فِي قَوْله تَعَالَى: {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَذَلِكَ بِالنّظرِ إِلَى مُجَرّد الْقُدْرَة، ويعبر عَنْهَا باليدين بِالنّظرِ إِلَى كمالها وقوتها وَمَتى قيل: العَبْد قَادر فَهُوَ على سَبِيل معنى التَّقْيِيد]
(وَالْقُدْرَة بِمَعْنى كَون الْفَاعِل بِحَيْثُ إِن شَاءَ فعل، مَعَ تمكنه من التّرْك غير ثَابِتَة عِنْد الفلاسفة
والمحال لَا يدْخل تَحت الْقُدْرَة، فَلَا يجوز أَن يُوصف الله تَعَالَى بِالْقُدْرَةِ على الظُّلم وَالْكذب
وَعند الْمُعْتَزلَة يقدر وَلَا يفعل وَفِيه جمع بَين صِفَتي الظُّلم وَالْعدْل وَهُوَ محَال: وَالْوَاجِب مَا يَسْتَحِيل عَدمه
وَالْقُدْرَة إِذا وصف بهَا الْإِنْسَان فَهِيَ هَيْئَة بهَا يتَمَكَّن من فعل شَيْء مَا
وَالْمرَاد من قدرَة الْبَارِي نفي الْعَجز عَنهُ وبالنظر إِلَى مُجَرّد الْقُدْرَة يعبر عَنْهَا بِالْيَدِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} أَي بقبضة قدرته التَّصَرُّف، وبالنظر إِلَى كمالها وقوتها يعبر عَنْهَا باليدين وَمَتى قيل للْعَبد قَادر فَهُوَ على سَبِيل معنى التَّقْيِيد
والقدير: هُوَ الْفَاعِل لما يَشَاء على قدر مَا تَقْتَضِيه الْحِكْمَة، لَا زَائِدا عَلَيْهِ وَلَا نَاقِصا عَنهُ، وَلذَلِك لَا يَصح أَن يُوصف بِهِ إِلَّا الله تَعَالَى)
والمقتدر يُقَارِبه لَكِن قد يُوصف بِهِ الْبشر بِمَعْنى الْمُتَكَلف المكتسب للقدرة. {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} : مَا عظموه حق تَعْظِيمه
القَوْل: مصدر (قَالَ) ، وَمثله (قولة) ، و (مقَال) ، و (مقَالَة) ، و (قيل) ، و (قَالَ)
[وَيُسمى الافتراء تقولا لِأَنَّهُ قَول متكلف والأقوال المفتراة (أقاويل) تحقيرا لَهَا كَأَنَّهَا جمع (أفعولة) من (القَوْل) ك (الأضاحيك) ]
وَالْقَوْل وَالْكَلَام وَاللَّفْظ من حَيْثُ أصل اللُّغَة بِمَعْنى، يُطلق على كل حرف من حُرُوف المعجم، أَو من حُرُوف الْمعَانِي، وعَلى أَكثر مِنْهُ مُفِيدا كَانَ أَو لَا لَكِن القَوْل اشْتهر فِي الْمُفِيد بِخِلَاف اللَّفْظ واشتهر الْكَلَام فِي الْمركب من جزأين فَصَاعِدا
وَلَفظ القَوْل يَقع على الْكَلَام التَّام، وعَلى الْكَلِمَة الْوَاحِدَة على سَبِيل الْحَقِيقَة
أما لفظ الْكَلَام فمختص بالمفرد
قَالَ ابْن جني: وَحَاصِل كَلَامه فِي الْفرق أَن تركيب القَوْل يدل على الخفة والسهولة فِي جَمِيع تقاليبه، فَوَجَبَ أَن يتَنَاوَل الْكَلِمَة الْوَاحِدَة، والتأثير الَّذِي أَفَادَهُ تركيب الْكَلَام لَا يحصل إِلَّا من الْجُمْلَة التَّامَّة وَأما بِحَسب اصْطِلَاح الْمِيزَان فقد خص القَوْل بالمركب
والنطق والمنطق فِي الْمُتَعَارف: كل لفظ يعبر بِهِ عَمَّا فِي الضَّمِير مُفردا كَانَ أَو مركبا
وَقد يُطلق لكل مَا يصوت بِهِ على التَّشْبِيه أَو التبع كَقَوْلِهِم: (نطقت الْحَمَامَة) وَمِنْه النَّاطِق
والصامت للحيوان والجماد وَفِي قَوْله تَعَالَى: {علمنَا منطق الطير} سمى أصوات الطير نطقا اعْتِبَارا لِسُلَيْمَان النَّبِي فَإِنَّهُ يفهمهُ، فَمن فهم من شَيْء معنى فَذَلِك الشَّيْء بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ نَاطِق وَإِن كَانَ صائتا، وبالإضافة إِلَى من لَا يفهم عَنهُ صائت وَإِن كَانَ ناطقا [وَقد يُرَاد بالنطق مَا يجْرِي على الْجنان لَا مَا يجْرِي على اللِّسَان] وَقد يسْتَعْمل القَوْل لغير ذِي لفظ تجوزا كَقَوْلِه: فَقَالَت لَهُ العينان سمعا وَطَاعَة
وَقَالَ الْحَائِط: سقط
وَقَالَ بِهِ: حكم واعتقد واعترف وَغلب (سُبْحَانَ من تعطف) وَقَالَ بِهِ وَقَالَ عَنهُ: روى.
و [قَالَ] لَهُ: خاطبه
و [قَالَ] عَلَيْهِ: افترى كَقَوْلِه: {وَأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ} فَلَا تعرض فِي الْآيَة للْمَنْع من اتِّبَاع الظَّن
وَقَالَ فِيهِ: اجْتهد
وَقَالَ بِيَدِهِ: أَهْوى بهَا، وَفِي " النِّهَايَة " أَخذه
وَقَالَ بِرَأْسِهِ: أَشَارَ
و [قَالَ] بِرجلِهِ: مَشى
و [قَالَ] بِثَوْبِهِ: رَفعه (وَقَالَ بِالْبَابِ على يَده: قلبه) وَيَجِيء بِمَعْنى مَال وَأَقْبل وَضرب غير ذَلِك
{لقد خلق القَوْل على أَكْثَرهم} : أَي علم الله بهم وكلمته عَلَيْهِم كَقَوْلِه: {إِن الَّذين حقت عَلَيْهِم كلمة رَبك لَا يُؤمنُونَ}
وَقَوله تَعَالَى: {ذَلِك عِيسَى بن مَرْيَم قَول الْحق} : كَقَوْلِه وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم
وَفِي التَّسْمِيَة بقول الْحق تَنْبِيه على مَا قَالَ: {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم} إِلَى آخِره
وَالْقَوْل قد يكون ذما وإبعادا كَقَوْلِه تَعَالَى لإبليس: قَالَ {قَالَ اخْرُج مِنْهَا مذءوما مَدْحُورًا} والتكلم لَا يكون إِلَّا ثَنَاء وفضيلة كَقَوْلِه تَعَالَى {وكلم الله مُوسَى تكليما} وَلَا يُقَال كلم الله إِبْلِيس وَلَا هُوَ كليم الله، وَلَا أَنه تَعَالَى كلم أهل النَّار
وَقد يُسمى المتصور فِي النَّفس قبل ظُهُوره قولا، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَيَقُولُونَ فِي أنفسهم}
وَكَذَا مَا يُؤدى بالْقَوْل قولا، وَمِنْه {وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم}
وَقد يُطلق القَوْل على الآراء والاعتقادات فَيُقَال: هَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَول الشَّافِعِي، يُرَاد بذلك رأيهما وَمَا ذَهَبا إِلَيْهِ
وَإِذا دخل على القَوْل حرف الِاسْتِفْهَام صَار مشكوكا فِيهِ فَأشبه الظَّن، هَذَا أحد شَرَائِط جعل القَوْل بِمَعْنى الظَّن
وَالثَّانِي: أَن يكون لفظ الِاسْتِقْبَال
وَالثَّالِث: أَن يكون للمخاطب
وَالرَّابِع: أَن لَا يفصل فاصل غير الظّرْف بَين الِاسْتِفْهَام وَبَين المستفهم عَنهُ
وَإِذا وَردت جملَة مقولة بعد مَا فِيهِ معنى القَوْل دون حُرُوفه فالبصريون يخرجونها على حذف القَوْل، والكوفيون لَا بل يجرونها على الْحِكَايَة بِمَا فِيهِ معنى القَوْل
وَقد كثر حذف القَوْل فِي التَّنْزِيل لِأَنَّهُ جَار فِي حذفه مجْرى الْمَنْطُوق بِهِ، فَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى:{وَالْمَلَائِكَة يدْخلُونَ عَلَيْهِم من كل بَاب سَلام عَلَيْكُم} وَمثله: {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَإِسْمَاعِيل رَبنَا تقبل منا} وَمثله: {رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا} ، {أكفرتم بعد إيمَانكُمْ}
و (تَقول) فِي الِاسْتِفْهَام ك (تظن) فِي الْعَمَل
والقال: الِابْتِدَاء والقيل: الْجَواب وَقد يعبر ب (قَالَ) عَن التهيؤ للأفعال والاستعداد لَهَا يُقَال: قَالَ فَأكل، وَقَالَ فَتكلم
وَقد يبهم الْقَائِل بقيل لتهويل مَا يُقَال
وَقَالَ يكون اسْما، كقيل لِلْقَوْلِ
الْقَضِيَّة: هِيَ المعلومات الْأَرْبَعَة وَهِي الْمَحْكُوم عَلَيْهِ وَبِه، وَالنِّسْبَة الْحكمِيَّة وَالْحكم، وَإِدْرَاك هَذِه الْأَرْبَعَة تَصْدِيق
والقضية إِن انْحَلَّت بطرفيها إِلَى مفردين فَهِيَ حملية، وَيُسمى الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فِيهَا مَوْضُوعا، والمحكوم بِهِ مَحْمُولا
والحملية إِمَّا شخصية وَهِي الَّتِي يكون الْمَحْكُوم فِيهَا جزئيا معينا ك (زيد كَاتب)
وَإِمَّا كُلية وَهِي الَّتِي يكون الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فِيهَا كليا وَهِي إِمَّا مسورة وَلَا نخلو عَن أَن تتَمَيَّز جزئية بِذكر السُّور ك (بعض الْإِنْسَان كَاتب) فَهِيَ المحصورة الْجُزْئِيَّة أَو تتَمَيَّز كُلية بِذكرِهِ ك (كل إِنْسَان حَيَوَان) فَهِيَ المحصورة الْكُلية
وَإِمَّا مُهْملَة ك (الْإِنْسَان كَاتب) وَهِي فِي قُوَّة الْجُزْئِيَّة لتحققها فِيهَا
فَتلك أَربع وَكلهَا إِمَّا مُوجبَة أَو سالبة، فَصَارَت ثمانيا، وَإِن انْحَلَّت إِلَى قضيتين فَهِيَ شَرْطِيَّة، وَهِي الَّتِي يحكم فِيهَا على التَّعْلِيق أَي وجود إِحْدَى قضيتيها مُعَلّق على وجود الْأُخْرَى أَو على نَفيهَا وَيُسمى الْجُزْء الأول مِنْهَا مقدما، وَالثَّانِي تاليا، وَهِي قِسْمَانِ: مُتَّصِلَة: وَهِي الَّتِي يحكم فِيهَا بِلُزُوم قَضِيَّة أُخْرَى، أَو لَا لُزُومهَا: وَهِي الَّتِي توجب التلازم بَين جزئيها نَحْو: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا}
ومتصلة: وَهِي الَّتِي يحكم فِيهَا بامتناع اجْتِمَاع قضيتين فَأكْثر فِي الصدْق
وَهِي الَّتِي جزآها متعاندان نَحْو: (الْعَالم إِمَّا قديم أَو حَادث)
على ثَلَاثَة أَقسَام: مَانِعَة الْجمع نَحْو: (هَذَا الْعدَد إِمَّا مسَاوٍ لذَلِك أَو أَكثر)
ومانعة الْخُلُو نَحْو: (إِمَّا أَن يكون زيد فِي الْبَحْر وَإِمَّا أَن لَا يغرق)
ومانعتهما نَحْو: (الْعدَد إِمَّا زوج أَو فَرد)
وَصدق الْقَضِيَّة الْمُوجبَة يَقْتَضِي وجود الْمَوْضُوع فِيمَا نسب إِلَيْهِ الحكم من الْخَارِج والذهن، بِخِلَاف الْقَضِيَّة السالبة فَإِن صدقهَا لَا يَقْتَضِي وجود الْمَوْضُوع فِيمَا نسب إِلَيْهِ الحكم من أحد المظهرين الْمَذْكُورين، وَذَلِكَ لِأَن مُتَعَلق الحكم الإيجابي وُقُوع النِّسْبَة الْحكمِيَّة ومرجع ذَلِك الْوُقُوع إِلَى الْوُجُود الرابط بَين الْمَوْضُوع والمحمول، وَلَا تحقق لذَلِك الْوُجُود بِدُونِ الْوُجُود الْأَصْلِيّ للموضوع فِي مظهره ضَرُورَة أَن ثُبُوت شَيْء لشَيْء فرع ثُبُوت الْمُثبت لَهُ فِي مظهر الثُّبُوت
وَأما مُتَعَلق الحكم السلبي فَلَا وُقُوع النِّسْبَة الْحكمِيَّة، ومرجعه إِلَى عدم تحقق الْوُجُود الرابط بَين طرفِي الْقَضِيَّة، وَعدم تحَققه كَمَا يكون بِوُجُود الْمَوْضُوع فِي مظهر الحكم غير ثَابت لَهُ الْمَحْمُول فِي نفس الْأَمر، كَذَلِك يكون بِعَدَمِ وجوده فِيهِ ضَرُورَة أَن مَا لَا يُوجد وَلَا يثبت لَهُ شَيْء من الْأَشْيَاء فَلَا جرم صدق الحكم السلبي لَا يَقْتَضِي وجود الْمَوْضُوع، كَمَا إِذا قُلْنَا:(لم يَتَحَرَّك إِنْسَان فِي الدَّار) ، فَإِنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى وجود إِنْسَان الْبَتَّةَ، وَعَلِيهِ:(كنت كنزا مخفيا)
والقضية البسيطة: هِيَ الَّتِي حَقِيقَتهَا أَو مَعْنَاهَا إِمَّا إِيجَاب فَقَط نَحْو: (كل إِنْسَان حَيَوَان) بِالضَّرُورَةِ
وَإِمَّا سلب فَقَط نَحْو: (لَا شَيْء من الْإِنْسَان بِحجر) بِالضَّرُورَةِ
والقضية المركبة: هِيَ الَّتِي حَقِيقَتهَا ملتئمة من إِيجَاب وسلب نَحْو: (كل إِنْسَان ضَاحِك لَا دَائِما)
والقضية الطبيعية: نَحْو: (الْحَيَوَان جنس الْإِنْسَان) ينْتج الْحَيَوَان نوع وَهُوَ بَاطِل
والقضية النظرية: هِيَ الَّتِي يسْأَل عَنْهَا وَيطْلب بِالدَّلِيلِ إِثْبَاتهَا فِي الْعلم وَهِي من حَيْثُ إِنَّهَا يسْأَل عَنْهَا تمسى مَسْأَلَة
وَمن حَيْثُ يطْلب حُصُولهَا: مطلبا
وَمن حَيْثُ تستخرج من الْبَرَاهِين: نتيجة
وَمن حَيْثُ يبتنى عَلَيْهَا الشَّيْء: أصولا
من حَيْثُ أَنَّهَا منطبقة على جزيئات موضوعها تتعرف أَحْكَامهَا منا: قَاعِدَة
وَمن حَيْثُ يتألف مِنْهَا الْحجَّة: مُقَدّمَة وَقَضِيَّة
وَمن حَيْثُ تحْتَمل الصدْق وَالْكذب خَبرا
وَاخْتِلَاف الْعبارَات باخْتلَاف الاعتبارات
الْقيَاس: هُوَ عبارَة عَن التَّقْدِير يُقَال: قَاس النَّعْل، إِذا قدره
وقاس الْجراحَة بالميل: إِذا قدر عمقها بِهِ، وَمِنْه سمي الْميل مقياسا وَهُوَ يسْتَعْمل فِي التَّشْبِيه أَيْضا، وَهُوَ تَشْبِيه الشَّيْء بالشَّيْء يُقَال: هَذَا قِيَاس ذَاك، إِذا كَانَ بَينهمَا مشابهة
[وَالْقِيَاس الْجَلِيّ: هُوَ مَا سبق إِلَيْهِ الأفهام، والخفي: هُوَ مَا يكون بِخِلَافِهِ وَيُسمى الِاسْتِحْسَان لكنه أَعم من الْقيَاس الْخَفي، فَإِن كل قِيَاس خَفِي اسْتِحْسَان بِدُونِ الْعَكْس، لِأَن الِاسْتِحْسَان قد يُطلق على مَا ثَبت بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع والضرورة، لَكِن الْغَالِب فِي كتب أَصْحَابنَا أَنه إِذا ذكر الِاسْتِحْسَان يُرَاد بِهِ الْقيَاس الْخَفي]
وَالْقِيَاس البرهاني: هُوَ الْمُؤلف من مُقَدمَات قَطْعِيَّة لإِفَادَة الْيَقِين
والجدلي: هُوَ الْمركب من قضايا مَشْهُورَة أَو مسلمة لإلزام الْخصم بِحِفْظ الأوضاع أَو هدمها
والخطابي: هُوَ الْمُؤلف من قضايا ظنية مَقْبُولَة أَو غَيرهَا لإقناع من هُوَ قَاصِر عَن دَرك الْبُرْهَان وَعبر عَنْهَا بالظني
والشعري: هُوَ الْمركب من قضايا مخيلة لإِفَادَة الْقَبْض أَو الْبسط فِي الإحجام أَو الْإِقْدَام
والمغالطي: هُوَ الَّذِي يركب من قضايا مشبهة بالمشهورات، وَيُسمى شغبا أَو بالأوليات وَيُسمى سفسطة وَعبر عَنهُ بالسفسطي إطلاقا للأخص على الْأَعَمّ
وَالْحَد الْمُعْتَمد أَن يُقَال: هُوَ إبانة مثل حكم أحد الْمَذْكُورين بِمثل عِلّة فِي الآخر وَهُوَ حجَّة وَطَرِيق لمعْرِفَة العقليات عِنْد الْعَامَّة، لِأَن الْعُقَلَاء اتَّفقُوا على صِحَة الِاسْتِدْلَال بالأثر على وجود الْمُؤثر، وَاتَّفَقُوا أَيْضا على أَن خَالق الْعَالم لَيْسَ بعالم، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِك بطرِيق الِاعْتِبَار وَالِاسْتِدْلَال
وَالْقِيَاس الشَّرْعِيّ: هُوَ مَا يجْرِي فِي أَحْكَام لَا نَص فِيهَا، وَحجَّة عَامَّة الْفُقَهَاء والمتكلمين فِي حجية الْقيَاس قَوْله تَعَالَى:{فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار} لِأَن الأعتبار هُوَ النّظر فِي الثَّابِت أَنه لأي معنى ثَبت وإلحاق نَظِيره بِهِ، وَاعْتِبَار الشَّيْء بنظيره عين الْقيَاس [بَيَان ذَلِك أَن الله تَعَالَى ذكر هَلَاك قوم بِنَاء على سَبَب ثمَّ قَالَ:(فاعتبروا) بِالْفَاءِ الَّتِي هِيَ للتَّعْلِيل أَي: اجتنبوا عَن مثل هَذَا السَّبَب، لأنكم إِن أتيتم بِمثلِهِ يَتَرَتَّب عَلَيْكُم مثل ذَلِك الْجَزَاء، إِذْ الِاشْتِرَاك فِي الْعلَّة يُوجب الِاشْتِرَاك فِي الْمَعْلُول، فالنظر والتأمل فِيمَا أصَاب من قبلنَا بِأَسْبَاب نقلت عَنْهُم كالتأمل فِي موارد النُّصُوص لاستنباط الْمَعْنى هُوَ منَاط الحكم ليعتبر مَا لَا نَص فِيهِ بِمَا فِيهِ نَص احْتِرَازًا من الْعَمَل بِلَا دَلِيل] وَاحْتج منكرو الْقيَاس بقوله تَعَالَى:{فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} حَيْثُ حصر الْمرجع إِلَيْهِ فِي الْكتاب وَالسّنة، (وَلم يذكر الْقيَاس) ، لَكِنَّهَا حجَّة عَلَيْهِم لِأَنَّهُ تَعَالَى أوجب فِي كل متنازع فِيهِ الرَّد إِلَيْهِمَا، وَلَا يُوجد فِي حَادِثَة نَص ظَاهر، (وَمن الدَّلِيل على صِحَة الْقيَاس قَوْله تَعَالَى:{وَلَقَد علمْتُم النشأة الأولى فلولا تذكرُونَ} فَعلم أَنه أَمر بِالنّظرِ فِي مودوعاته وَالْعَمَل بمدلولاته ومقتضياته، وَمن شَرط الْقيَاس عدم وجود النَّص فِي الْمَقِيس لِأَنَّهُ إِنَّمَا يسْتَعْمل ضَرُورَة خلو الْفَرْع عَن الحكم الثَّابِت لَهُ بطرِيق التَّنْصِيص وَالِاسْتِدْلَال بِالْقِيَاسِ، وَالنَّص فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة إِنَّمَا هُوَ لأجل أَن الْخصم إِن طعن فِي النَّص بِأَنَّهُ مَنْسُوخ أَو غير متواتر أَو غير مَشْهُور يبْقى الْقيَاس سالما، لَا أَنه دَلِيل على تَقْدِير ثُبُوت النَّص أَو الْإِجْمَاع وَلَيْسَ الْقيَاس عملا بِالظَّنِّ كَمَا زَعمه الْمُنكر، بل هُوَ عمل بغالب الرَّأْي وأكبر الظَّن لَا بِالظَّنِّ الْمُطلق
وَالْعَمَل بِالْعلمِ الْغَالِب وَالظَّن الرَّاجِح وَاجِب عقلا وَشرعا، وَإِن بَقِي فِيهِ ضرب احْتِمَال، كوجوب التَّحَرُّز عَن اللص الْغَالِب، والجدار المائل، وَإِن كَانَ فِيهِ احْتِمَال السَّلامَة وكوجوب الْعَمَل بِالتَّحَرِّي وَالنِّيَّة وبظواهر النُّصُوص وأخبار الْآحَاد
وَالْعَام الْمَخْصُوص مَعَ قيام الشُّبْهَة وَالِاحْتِمَال فِي الْمَوَاضِع كلهَا
والمماثلة بَين الْمَقِيس والمقيس عَلَيْهِ من جَمِيع الْوُجُوه غير وَاجِب فِي صِحَة الْقيَاس، بل الْوَاجِب الْمُمَاثلَة فِي الْعلَّة، لِأَن معنى الْقيَاس: إِثْبَات الحكم فِي الْمَقِيس، مثل الحكم فِي الْمَقِيس عَلَيْهِ بعلة وَاحِدَة
[وَالْقِيَاس الْعقلِيّ: هُوَ الَّذِي كلتا مقدمتيه أَو إِحْدَاهمَا من المتواترات أَو مسموع من عدل
والميزاني: هُوَ الْمركب من قضايا يسْتَلْزم لذاته قولا آخر]
وَالْقِيَاس عِنْد المناطقة: هُوَ الْمركب من قضايا يسْتَلْزم لذاته قولا آخر
والاقتراني مِنْهُ: هُوَ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا على النتيجة أَو نقيضها بِالْقُوَّةِ نَحْو: (الْعَالم متغير وكل متغير حَادث) فَهُوَ خَاص بالقضايا الحملية
والاستثنائي مِنْهُ: هُوَ الْمَعْرُوف بِالشّرطِ، لكَونه مركبا من قضايا شَرْطِيَّة، وَهُوَ الْمُشْتَمل على النتيجة أَو نقيضها بِالْفِعْلِ نَحْو:(لَو كَانَ النَّهَار مَوْجُودا لكَانَتْ الشَّمْس طالعة وَلَو لم يكن النَّهَار مَوْجُودا مَا كَانَت الشَّمْس طالعة) فالنتيجة فِي الْأَخِيرَة ونقيضها فِي الأولى مذكوران بِالْفِعْلِ، وَحَيْثُ يسْتَثْنى عين الْمُقدم فَأكْثر مَا تسْتَعْمل الشّرطِيَّة بِلَفْظ (إِن) فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة لتعليق الْوُجُود بالوجود، وَحَيْثُ يسْتَثْنى نقيض التَّالِي فَأكْثر مَا يُؤْتى ب (لَو) فَإِنَّهَا وضعت لتعليق الْعَدَم بِالْعدمِ، وَهَذَا يُسمى قِيَاس الْخلف، وَهُوَ إِثْبَات الْمَطْلُوب بِإِبْطَال نقيضه لقولنا:(شريك الْبَارِي غير مَوْجُود) لِأَنَّهُ لَو وجد إِمَّا أَن يكون وَاجِبا أَو مُمكنا، وَالْأول بَاطِل، وَإِلَّا يلْزم تعدد الْوَاجِب، وَكَذَا الثَّانِي وَإِلَّا يلْزم احْتِيَاجه إِلَى الْغَيْر، لَكِن احْتِيَاجه إِلَى الْغَيْر بَاطِل ضَرُورَة أَنه فرض شركته مَعَ الْوَاجِب فِي الواجبية، فَإِن اسْتثِْنَاء نقيض التَّالِي هَهُنَا بِحَسب الْوُقُوع على الْفَرْض الْمَذْكُور، لَا بِحَسب الْوُقُوع مُطلقًا، إِذْ لَا شريك لَهُ تَعَالَى فِي الْوَاقِع،
[الْقيَاس الْمركب] : وَمن الْقيَاس قسم يُسمى بِالْقِيَاسِ الْمركب، فَإِنَّهُ يركب من مُقَدمَات تنْتج مقدمتان مِنْهَا نتيجته، وَهِي مَعَ الْمُقدمَة الأولى نتيجة أُخْرَى وهلم جرا إِلَى أَن يحصل الْمَطْلُوب
[قِيَاس الْمُنْفَصِل] : وَمَا كَانَ مؤلفا من قضايا مُنْفَصِلَة وَهِي المتعاندة يُسمى قِيَاس الْمُنْفَصِل [قِيَاس الدَّلِيل] : وَالْأَكْثَر فِي مخاطبات الْفُقَهَاء اسْتِعْمَال قِيَاس الدَّلِيل الَّذِي هُوَ حذف صغراه نَحْو: (الأصدقاء ناصحون) حذرا عَن التَّطْوِيل كَون قِيَاس الضَّمِير الَّذِي حذف كبراه لوضوحها وَاسْتعْمل فِي مخاطبات النَّاس
[الْقيَاس الجزئي الحاجي] : وَمن الْقيَاس قسم أَيْضا يُسمى الجزئي الحاجي: وَهُوَ مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَى مُقْتَضَاهُ، أَو إِلَى خِلَافه إِذْ لم يرد نَص على وَفقه، أَو على خِلَافه فَالْأول كَصَلَاة الْإِنْسَان على من مَاتَ من الْمُسلمين فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا وغسلوا وكفنوا فِي ذَلِك الْيَوْم، فَإِن الْقيَاس يَقْتَضِي جَوَازهَا وَعَلِيهِ الرؤياني لِأَنَّهَا صَلَاة على غَائِب، وَالْحَاجة دَاعِيَة لذَلِك لنفع الْمُصَلِّي والمصلى عَلَيْهِ، وَلم يرد من الشَّارِع نَص على وَفقه
وَالثَّانِي كضمان الدَّرك: وَهُوَ ضَمَان الثّمن للْمُشْتَرِي إِن خرج الْمَبِيع مُسْتَحقّا، فَإِن الْقيَاس يَقْتَضِي مَنعه، لِأَنَّهُ ضَمَان مَا لم يجب، وَقد صنع قوم هَذَا الْقسم من الْقيَاس، وَوجه الْمَنْع فِي الشقين اكْتِفَاء الشَّرْع فِي بَيَان مَا تعم الْحَاجة إِلَيْهِ وتشتد وتتكرر بِقِيَاس جزئي مُوَافق مُقْتَضَاهُ عُمُوم الْحَاجة أَو مخالفه تعبدا والمجيز يمْنَع ذَلِك ويتمسك بِعُمُوم أَدِلَّة الْقيَاس
وَأما قِيَاس الْمَعْنى: فَهُوَ أَن يبين أَن الحكم فِي الأَصْل مُعَلل بِالْمَصْلَحَةِ الْفُلَانِيَّة، ثمَّ يبين أَن تِلْكَ الْمصلحَة قَائِمَة فِي الْفَرْع فَيجب أَن يحصل فِيهِ مثل حكم الأَصْل
وَأما قِيَاس الشُّبْهَة: فَهُوَ أَن تقع صُورَة وَاحِدَة بَين صُورَتَيْنِ مختلفتين فِي الحكم، ثمَّ كَانَت مشابهته لأحد الطَّرفَيْنِ أَكثر مشابهة للطرف الآخر فيستدل بِكَثْرَة المشابهة على حُصُول الْمُسَاوَاة فِي الحكم، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيَّة بِوُجُوب النِّيَّة فِي الْوضُوء، لكَون المشابهة بَينه وَبَين التَّيَمُّم أَكثر من المشابهة بَين الْوضُوء وَبَين غسل الثَّوْب عَن النَّجَاسَات
وَقِيَاس التَّمْثِيل: هُوَ الحكم على جزئي بِمَا حكم بِهِ على غَيره
وَمنع أَبُو حنيفَة الْقيَاس فِي أَرْبَعَة: فِي الْحُدُود: كقياس النباش على السَّارِق فِي وجوب الْقطع بِجَامِع أَخذ المَال من حرز خُفْيَة
وَالْكَفَّارَات: كقياس الْقَاتِل عمدا على الْقَاتِل خطأ فِي وجوب الْكَفَّارَة بِجَامِع الْقَتْل بِغَيْر حق
والرخص: كقياس غير الْحجر من كل جامد طَاهِر قالع غير مُحْتَرم فِي جَوَاز الِاسْتِنْجَاء بِهِ على الْحجر الَّذِي هُوَ رخصَة بِجَامِع الجمود وَالطَّهَارَة والقلع
والتقديرات: كقياس نَفَقَة الزَّوْجَة على الْكَفَّارَة فِي تقديرها على الْمُوسر بمدين كَمَا فِي فديَة الْحَج، والمعسر بِمد كَمَا فِي كَفَّارَة الوقاع بِجَامِع أَن كلا مِنْهُمَا مَال يجب بِالشَّرْعِ ويستقر فِي الذِّمَّة
وأصل التَّفَاوُت مَأْخُوذ من قَوْله تَعَالَى: {لينفق ذُو سَعَة من سعته} (وَقَول الصَّحَابِيّ إِذا كَانَ فَقِيها يقدم على الْقيَاس)
الْقصر: هُوَ لُغَة مصدر (قصرت) : بِمَعْنى منعت، وَمِنْه {قاصرات الطّرف}
أَو بِمَعْنى حبست وَمِنْه: {حور مقصورات فِي الْخيام}
وَسمي الْبَيْت المنيف قصرا لقُصُور النَّاس عَن الارتقاء إِلَيْهِ، أَو الْعَامَّة عَن بِنَاء مثله، أَو لاقتصاره على بقْعَة من الأَرْض بِخِلَاف بيُوت الشّعْر والعمد، أَو يقصر من فِيهِ أَي: يحبس
وَقصر الصَّلَاة: من (قصر) كَطَلَب: حبس وَترك الْبَعْض
وضد طَال: من (قصر) ككرم، وَمِنْه الِاسْم الْمَقْصُور
وأقصر عَن الْكَلَام: تَركه وَهُوَ يقدر عَلَيْهِ، وَقصر إِذا تَركه وَهُوَ لَا يقدر عَلَيْهِ
وقصره إِلَى الْأَمر: رده إِلَيْهِ، كَمَا فِي " الراموز "
وَقصر على كَذَا: لم يُجَاوز بِهِ إِلَى غَيره
وَالْقصر فِي الِاصْطِلَاح: جعل أحد طرفِي النِّسْبَة فِي الْكَلَام سَوَاء كَانَت إسنادية أَو غَيرهَا مَخْصُوصًا
بِالْآخرِ، بِحَيْثُ لَا يتجاوزه، إِمَّا على الْإِطْلَاق أَو بِالْإِضَافَة بطرق معهودة
وَالْقصر: أَعنِي بِهِ تَخْصِيص شَيْء بِشَيْء قد يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَمِيع مَا عداهُ وَيُسمى قصرا حَقِيقِيًّا
وَقد يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى بعض مَا عداهُ: وَيُسمى قصرا إضافيا
والإضافي يَنْقَسِم إِلَى قصر إِفْرَاد وقلب وَتَعْيِين، فقولنا:(مَا قَامَ إِلَّا زيد) لمن اعْتقد أَن الْقَائِم هَل هُوَ زيد أَو عَمْرو: كِلَاهُمَا قصر إِفْرَاد وَلمن اعْتقد أَن الْقَائِم عَمْرو لَا زيد: قصر قلب وَلمن تردد أَن الْقَائِم هَل هُوَ زيد أَو عَمْرو: قصر تعْيين وكل مَادَّة تصلح مِثَالا لقصر الْإِفْرَاد أَو الْقلب تصلح مِثَالا لقصر التَّعْيِين من غير عكس وكل مِثَال يصلح للتقوى مثل: (أَنْت لَا تكذب) يصلح للقصر، وَكَذَا عَكسه، وَأَن التَّقْوَى لَازم للقصر التقديمي بِلَا عكس وَقد يُسْتَفَاد من الْكَلَام تَخْصِيص شَيْء بِشَيْء كلفظة الِاخْتِصَاص فِي قَوْله تَعَالَى:{وَالله يخْتَص برحمته من يَشَاء} وكاللام الجارة الْمَوْضُوعَة لاخْتِصَاص الْمُضَاف بالمضاف إِلَيْهِ كَمَا فِي (الْحَمد لله) وَهَذَا لَا يخل بحصر طرق الْقصر فِي الْأَرْبَعَة، فَإِنَّهُم جعلُوا الْقصر بِحَسب الِاصْطِلَاح عبارَة عَن تَخْصِيص يكون بطرِيق من الطّرق الْأَرْبَعَة، وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح وَأما قَوْله تَعَالَى:{إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} الْقصر فِيهِ بِتَقْدِيم الْمَفْعُول، وَلَا يَصح شَيْء فِيهِ مِمَّا قد قصروا من الْإِفْرَاد وَالْقلب وَالتَّعْيِين، نعم إِلَّا أَن هَذِه الْأَقْسَام لَا تجْرِي فِي الْقصر الْحَقِيقِيّ، وَإِنَّمَا هِيَ أَقسَام لغير الْحَقِيقِيّ وَلَو سلم جريانها فِي الْحَقِيقِيّ أَيْضا لكنه فِيمَا إِذا كَانَ الْمُخَاطب مِمَّن يَصح عَلَيْهِ الْخَطَأ والتردد، لَا فِي مثل {إياك نعْبد} كَمَا صرح بِهِ السَّيِّد الشريف
والعطف ب (لَا) وب (بل) وب (لَكِن) مُخْتَصّ بِالْقصرِ وَالِاسْتِثْنَاء و (إِنَّمَا) والتقديم مُشْتَركَة بَينه وَبَين غَيره
وَأما الْفَصْل والتعريف فَإِنَّهُمَا مختصان بالمبتدأ وَالْخَبَر
وَالْقصر الْمُسْتَفَاد من تَقْدِيم مَا حَقه التَّأْخِير يكون إضافيا على مَا يدل عَلَيْهِ كَلَام صَاحب " الْمِفْتَاح " وَغَيره
وَاعْلَم أَن أهل اللِّسَان كثيرا مَا يقصدون بتعريف أحد طرفِي الْكَلَام قصره على الطّرف الآخر، سَوَاء كَانَ التَّعْرِيف بِاللَّامِ أَو بِالْإِضَافَة أَو بالموصولية
وَسَوَاء كَانَ للْجِنْس أَو للاستغراق أَو الْعَهْد ذهنيا أَو خارجيا وَوجه قصدهم بِهِ إِيَّاه إعطاؤهم التَّعْرِيف حكم ضمير الْفَصْل، لِأَن تَعْرِيف كل من الطَّرفَيْنِ شَرط لضمير الْفَصْل، فَحَيْثُ طَوَوْا ذكر الْمَشْرُوط أعْطوا حكمه لشرطه الْمَذْكُور
الْقُوَّة: هِيَ كَون الشَّيْء مستعدا لِأَن يُوجد وَلم يُوجد
وَالْفِعْل: كَون الشَّيْء خَارِجا من الاستعداد إِلَى الْوُجُود
وَالْقُوَّة أَيْضا: هِيَ مبدأ التَّغَيُّر فِي آخر من حَيْثُ هُوَ آخر]
وَالْقُوَّة الْقَرِيبَة لَا تُوجد مَعَ الْفِعْل، وَلَا يلْزم اجْتِمَاع النقيضين
وَلَفظ الْقُوَّة وضع أَولا لما بِهِ يتَمَكَّن الْحَيَوَان من أَفعَال شاقة، ثمَّ نقل إِلَى مبدئه
وَهِي الْقُدْرَة
وَهِي صفة بهَا يتَمَكَّن الْحَيَوَان من الْفِعْل وَالتّرْك
وَإِلَى لَازمه: وَهُوَ أَن لَا ينْفَصل
ثمَّ إِلَى وصف المؤثرية الَّذِي هُوَ كجنس الْقُدْرَة
وَهُوَ الَّذِي عرفوه بِأَنَّهُ مبدأ التَّغَيُّر من شَيْء فِي غَيره من حَيْثُ هُوَ غَيره
وَإِلَى لَازم الْقُدْرَة: وَهُوَ إِمْكَان حُصُول الشَّيْء بِدُونِ الْحُصُول وَهُوَ مُقَابل للحصول بِالْفِعْلِ
وَالْقُوَّة فِي الْبدن نَحْو: {من أَشد منا قُوَّة}
وَفِي الْقلب: {يَا يحى خُذ الْكتاب بِقُوَّة}
وَفِي المعاون من خَارج نَحْو: {نَحن أولو قُوَّة أولو بَأْس شَدِيد}
وَفِي الْقُدْرَة الإلهية نَحْو: {إِن الله قوي عَزِيز} ، {هُوَ الرَّزَّاق ذُو الْقُوَّة المتين}
وَاعْلَم أَن الله سُبْحَانَهُ قد ركب فِي الْإِنْسَان ثَلَاث قوى: إِحْدَاهَا: مبدأ إِدْرَاك الْحَقَائِق، والشوق إِلَى النّظر فِي العواقب، والتمييز بَين الْمصَالح والمفاسد
وَالثَّانيَِة: مبدأ جذب الْمَنَافِع، وَطلب الملاذ من المآكل والمشارب وَغير ذَلِك
وَالثَّالِثَة: مبدأ الْإِقْدَام على الْأَهْوَال، والشوق إِلَى التسلط والترفع
وَتسَمى الأولى: بِالْقُوَّةِ النطقية والعقلية وَالنَّفس المطمئنة والملكية
وَالثَّانيَِة: بِالْقُوَّةِ الشهوية والبهيمية وَالنَّفس الأمارة
وَالثَّالِثَة: بِالْقُوَّةِ الغضبية والسبعية وَالنَّفس اللوامة
وَيحدث من اعْتِدَال الْحَرَكَة الأولى: الْحِكْمَة
وَالثَّانيَِة: الْعِفَّة وَالثَّالِثَة: الشجَاعَة فأمهات الْفَضَائِل هِيَ هَذِه الثَّلَاث، وَمَا سوى ذَلِك إِنَّمَا هُوَ من تفريعاتها وتركيباتها وَلكُل مِنْهَا طرفا إفراط وتفريط هما رذيلتان وَالْمرَاد بالحكمة هَهُنَا: ملكة تصدر عَنْهَا أَفعَال متوسطة بَين أَفعَال الجربذة والبلاهة، لَا الْحِكْمَة الَّتِي جعلت سمة للحكمة النظرية لِأَنَّهَا بِمَعْنى الْعلم بالأمور الَّتِي وجودهَا من أفعالنا
وَأما القوى الدراكة الْخمس الْمرتبَة الَّتِي ينوط بهَا المعاش والمعاد فَهِيَ الحاسة الَّتِي تدْرك المحسوسات بالحواس الْخمس
والخيالية الَّتِي تحفظ صور تِلْكَ المحسوسات لتعرضها على الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة مَتى شَاءَت
والعقلية: الَّتِي تدْرك الْحَقَائِق الْكُلية
والمفكرة: الَّتِي تؤلف المعقولات لتستنتج مِنْهَا علم مَا لم يعلم
وَالْقُوَّة المتخيلة: الَّتِي من شَأْنهَا تركيب الصُّور إِذا ركبت صُورَة، فَرُبمَا انطبعت فِي الْحس الْمُشْتَرك فَصَارَت مُشَاهدَة لَهَا على حسب مُشَاهدَة الصُّور الخارجية
وَمن طبائع المتخيلة: التَّصْوِير والتشبيه دَائِما حَتَّى لَو خليت وطباعها لما فترت عَن هَذَا الْفِعْل مَا لم يمْنَع مَانع مِنْهُ، وَهُوَ توارد الصُّور من الْخَارِج، وتسلط الْعقل أَو الْوَهم، وَلَا تستقل المتخيلة بِنَفسِهَا فِي رُؤْيَة الْمَنَام، بل تفْتَقر إِلَى رُؤْيا الْقُوَّة
والمفكرة والحافظة وَسَائِر القوى الْعَقْلِيَّة فَمن رأى كَأَن أسدا قد تخطى إِلَيْهِ وتمطى ليفترسه، فالقوة المفكرة تدْرك مَاهِيَّة سبع، والذاكرة تدْرك افتراسه وبطشه والحافظة تدْرك حركاته وهيآته، والمخيلة هِيَ الَّتِي رَأَتْ ذَلِك جَمِيعه وتخيلته وَالْقُوَّة الْعَقْلِيَّة بِاعْتِبَار إدراكاتها للكليات تسمى الْقُوَّة النظرية وَبِاعْتِبَار استنباطها للصناعات الفكرية من أدلتها بِالرَّأْيِ تسمى الْقُوَّة العملية
وَالْقُوَّة القدسية: وَهِي الَّتِي تتجلى فِيهَا لوائح الْغَيْب وأسرار الملكوت مُخْتَصَّة بالأنبياء والأولياء وَقد تنْسب إِلَى الْملك وَتسَمى الْقُوَّة الملكية، وَهِي ملكة الِاتِّصَال بالحضرات القدسية
وَهِي مَوَاطِن المجردات القاهرات وَيَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل هَذِه فِي الْأَنْبِيَاء عليهم السلام
وَالْقُوَّة النظرية: غايتها معرفَة الْحَقَائِق كَمَا هِيَ عَلَيْهِ بِقدر الطَّاقَة البشرية
وَالْقُوَّة العلمية: كمالها الْقيام بالأمور على مَا يَنْبَغِي تحصيلا لسعادة الدَّاريْنِ
والقوى الْحَالة فِي الْبدن: كالنامية والهاضمة والدافعة وَغَيرهَا
وَالْقُوَّة الواهمة: حَالَة فِي الدِّمَاغ
وَالْقُوَّة الغضبية: فِي يَمِين الْقلب، والشهوية فِي يسَاره
وَقَوي النَّفس الحيوانية تسمى قوى نفسانية ومسكنها ومصدر أفعالها الدِّمَاغ 0 والتخيل مَوْضِعه البطنان المقدمان من بطُون الدِّمَاغ والفكر مَوْضِعه الْبَطن الْأَوْسَط من بطونه وَالْحِفْظ مَوْضِعه الْمُؤخر من الْبُطُون وَقد تقرر فِي علمه أَن للدماغ فِي طوله ثَلَاثَة بطُون، وكل بطن فِي عرضه ذُو جرمين: فالبطن الأول يعين على الِاسْتِنْشَاق، وعَلى نفض الْفضل بالعطاس، وعَلى توزيع أَكثر الرّوح الحساس
والبطن الْمُؤخر مبدأ النخاع، وَمِنْه يتوزع أَكثر الرّوح المتحرك، وَهُنَاكَ أَفعَال الْقُوَّة الحافظة
والأوسط كدهليز بَينهمَا، وَبِه يتَأَدَّى الأمشاج المبددة وتولد هَذَا الرّوح النفساني الَّذِي يكون بِهِ هَذِه الْأَفْعَال الَّتِي ذَكرنَاهَا من الرّوح الحيواني الَّذِي يتَوَلَّد فِي الْقلب وَذَلِكَ أَن عرقين يصعدان إِلَى الدِّمَاغ من الْقلب، فَإِذا صَارا تَحت الدِّمَاغ انقسما أقساما كَثِيرَة تتشبك تِلْكَ الْأَقْسَام وَتصير كالشبكة، فَلَا يزَال الرّوح الحيواني يَدُور فِي ذَلِك التشبيك حَتَّى يرق ويلطف
وقوى النَّفس النباتية، تسمى قُوَّة طبيعية، وَالْقُوَّة الطبيعية لَهَا نَوْعَانِ: نوع غَايَته حفظ الشَّخْص وتدبيره، وَهُوَ الْمُتَصَرف فِي أَمر الْغذَاء ومسكنه، ومصدر أفعالها الكبد
وَنَوع غَايَته حفظ النَّوْع: وَهُوَ الْمُتَصَرف فِي أَمر التناسل ليفصل بَين أمشاج الْبدن جَوْهَر الْمَنِيّ، ثمَّ يصوره بِإِذن خالقه ومسكن هَذَا النَّوْع ومصدر أَفعاله الانثيان
وَالْقُوَّة الحيوانية: الَّتِي تدبر أَمر الرّوح الَّذِي هُوَ يركب الْحس وَالْحَرَكَة، ويهيئه لقبوله إِيَّاهَا
ومسكن هَذِه الْقُوَّة ومصدر أفعالها الْقلب هَذَا هُوَ مَذْهَب جالينوس وَكثير من الْأَطِبَّاء وَأما مَذْهَب أرسطاطاليس فَهُوَ أَن مبدأ جَمِيع الْقُوَّة الْقلب، كَمَا أَن مبدأ الْحس الدِّمَاغ، ثمَّ لكل حاسة عُضْو مُنْفَرد يظْهر فعله، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيق
الْقُرْآن: ذهب بعض النَّاس إِلَى أَن الْقُرْآن هُوَ اسْم علم غير مُشْتَقّ خَاص بِكَلَام الله، فَهُوَ غير مَهْمُوز، وَبِه قَرَأَ ابْن كثير، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن الشَّافِعِي أخرج الْبَيْهَقِيّ والخطيب وَغَيرهمَا عَنهُ أَنه كَانَ يهمز (قراآت) وَلَا يهمز (الْقُرْآن) وَيَقُول: إِنَّه اسْم وَلَيْسَ بمهموز
وَذهب قوم مِنْهُم الْأَشْعَرِيّ أَنه مُشْتَقّ من (قرنت الشَّيْء بالشَّيْء) إِذا ضممت أَحدهمَا إِلَى الآخر، وَالصَّحِيح أَن ترك الْهمزَة من بَاب التَّخْفِيف
وَقَالَ بعض الْفُضَلَاء: الْقُرْآن فِي الأَصْل مصدر (قَرَأت الشَّيْء قُرْآنًا) بِمَعْنى جمعته، أَو قَرَأت الْكتاب قِرَاءَة أَو قُرْآنًا بِمَعْنى تلوته ثمَّ نَقله الْعرف إِلَى الْمَجْمُوع الْمَخْصُوص والمتلو الْمَخْصُوص: وَهُوَ كتاب الله الْمنزل على مُحَمَّد، وَنَقله أهل الْأُصُول إِلَى الْقدر الْمُشْتَرك بَين الْكل والجزء ثمَّ نَقله أهل الْكَلَام إِلَى مَدْلُول المقروء، وَهُوَ الْكَلَام الأزلي الْقَائِم بِذَاتِهِ الْمنَافِي للسكوت والآفة
وَقَالَ بَعضهم: الْقُرْآن لُغَة: اسْم لكل مقروء إِذا نكر
وَشرعا: اسْم لهَذَا الْمنزل الْعَرَبِيّ إِذا عرف بِاللَّامِ
فعلى هَذَا يُطلق على كل آيَة وَلَو قصرت
وَعرفا: اسْم لهَذَا الْمنزل الْعَرَبِيّ المعجز، فَلَا يُطلق إِلَّا على سُورَة أَو آيَة مثلهَا
وَفِي " التَّلْوِيح " هُوَ فِي الْعرف الْعَام: اسْم لهَذَا الْمَجْمُوع عِنْد الْأُصُولِيَّة، وضع تَارَة للمجموع، وَتارَة لما يعم الْكل وَالْبَعْض، فَيكون الْقُرْآن حَقِيقَة فيهمَا بِاعْتِبَار وضع وَاحِد
وَالْقُرْآن شَائِع الِاسْتِعْمَال فِي اللَّفْظ، وَكَلَام الله تَعَالَى حَقِيقَة فِي الْمَعْنى النَّفْسِيّ، ومجاز فِي اللَّفْظ الدَّال عَلَيْهِ
[وَقَالَ بَعضهم: الْقُرْآن علم للْكتاب، وَهُوَ مَعَ انطلاقه على الْمَعْنى الْقَائِم بِالذَّاتِ أشهر من الْكتاب، فَيجوز تَفْسِيره بِهِ، وَلكنه بِمَنْزِلَة الْعلم الْمُشْتَرك فَيصح تَقْيِيده لإِزَالَة الِاشْتِرَاك أَو لإِزَالَة وهم الْمجَاز عَنهُ]
وَاخْتلف فِي لفظ الْقُرْآن قَالَ قوم: إِنَّه تَعَالَى خلقه فِي اللَّوْح لقَوْله تَعَالَى: {بل هُوَ قُرْآن مجيد فِي لوح مَحْفُوظ}
وَقَالَ قوم آخر: إِنَّه لفظ جِبْرِيل لقَوْله تَعَالَى: {إِنَّه لقَوْل رَسُول كريم}
وَقوم آخر: إِنَّه لفظ النَّبِي عليه السلام لقَوْله تَعَالَى {نزل بِهِ الرّوح الْأمين على قَلْبك}
[وَلَيْسَ معنى كَونه منزلا أَنه منتقل من مَكَان إِلَى مَكَان بل مَعْنَاهُ أَنه مَا فهمه سيدنَا جِبْرِيل عليه الصلاة والسلام من كَلَامه تَعَالَى عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى ينزل بتفهيمه للأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَى بسيط الغبراء فَيكون اللَّفْظ لفظ النَّبِي عليه الصلاة والسلام وَالْأول مِنْهَا أقرب إِلَى الْكَمَال وَالْعَظَمَة وَأولى بِكَلَام الله وَكَونه معجزا]
وأختلف أَيْضا فِي أَن الْقُرْآن الْحَقِيقِيّ مَاذَا هُوَ؟ فَنحْن نقُول: إِنَّه الْمَعْنى الْقَائِم بِالنَّفسِ والخصم يَقُول: إِنَّه حُرُوف وأصوات أوجدها الله، وَعند وجودهَا انعدمت وَانْقَضَت، وَأَن مَا أَتَى بِهِ الرَّسُول وَمَا نتلوه نَحن لَيْسَ هُوَ ذَاك، وَإِنَّمَا هُوَ مِثَاله على نَحْو قراءتنا لشعر المتنبي وامرىء الْقَيْس، فَإِن مَا يجْرِي على ألسنتنا لَيْسَ هوكلام امرىء الْقَيْس وَإِنَّمَا هُوَ مثله، وَإِنَّمَا نَشأ هَذَا الْخبط من جِهَة اشْتِرَاك لفظ الْقُرْآن، فَإِنَّهُ قد يُطلق على المقروء، وَقد يُطلق على الْقِرَاءَة الَّتِي هِيَ حُرُوف وأصوات
وَالْعرب قد تطلق اسْم الْكَلَام على الْمَعْنى تَارَة، وعَلى الْعبارَة أُخْرَى يَقُولُونَ: هَذَا كَلَام، حسن صَحِيح إِذا كَانَ مُسْتَقِيمًا وَإِن كَانَت الْعبارَة ركيكة، أَو ملحونة، أَو مخبطة وَيَقُولُونَ أَيْضا عِنْد كَون الْعبارَة معربة صَحِيحَة: هَذَا كَلَام حسن صَحِيح وَإِن كَانَ الْمَعْنى فِي نَفسه فَاسِدا لَا حَاصِل لَهُ
وَالْأمة من السّلف مجمعة على أَن الْقُرْآن كَلَام الله تَعَالَى، وَهُوَ مُنْتَظم من الْحُرُوف والأصوات، ومؤلف ومجموع من سور وآيات، مقروء بألسنتنا، مَحْفُوظ فِي صدورنا، مسطور فِي مَصَاحِفنَا، ملموس بِأَيْدِينَا، مسموع بآذاننا، مَنْظُور بأعيننا، وَلذَلِك وَجب احترام الْمُصحف وتبجيله حَتَّى لَا يجوز للمحدث مَسّه وَلَا القربان إِلَيْهِ، وَلَا يجوز للْجنب تِلَاوَته، فَلَمَّا وَقع الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم لم يَقع التوارد بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَات على مَحل وَاحِد، فَإِن مَا أثبتوه معْجزَة لَا يثبت لَهُ الْقدَم، وَمَا أثبتنا لَهُ الْقدَم لَا يثبتونه معْجزَة، وَلَا يُنكر أَن الْقُرْآن الْقَدِيم مَكْتُوب ومحفوظ ومسموع ومتلو بِمَعْنى أَنه قد حصل فِيهَا مَا هُوَ دَال عَلَيْهِ، وَهُوَ مَفْهُوم مِنْهُ وَمَعْلُوم فالقديم غير الْمَخْلُوق هُوَ الصّفة البسيطة الْقَائِمَة بِذَاتِهِ تَعَالَى الَّتِي هِيَ مبدأ للألفاظ، وَالتَّابِع الْمُتَأَخر وَهُوَ الْحِكَايَة لَيْسَ إِلَّا لفظ الْحِكَايَة، وَهُوَ حَادث ومخلوق [فَإِن قلت: الْقُرْآن إِذا كَانَ قَدِيما فَكيف يَصح كَونه معْجزَة للرسول عليه الصلاة والسلام، إِذْ الْمُقَارنَة للتحدي من شَرَائِط المعجزة، قلت: كفى فِي ذَلِك ظُهُور المعجزة مُقَارنًا لِلْقُرْآنِ على مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب}
وَاعْلَم أَن الْقُرْآن وَاحِد شخصي قديم قَائِم بِذَات الله تَعَالَى، لَا تعدد فِيهِ أصلا وَإِنَّمَا التَّعَدُّد فِي الْقرَاءَات الْمُتَعَلّقَة بِهِ، وَالْجُمْهُور على أَن الْقُرْآن لفظ مُشْتَرك بَين الْمَعْنى النَّفْسِيّ الْقَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى وَهُوَ وَاحِد شخصي وَبَين الْأَلْفَاظ الْمَخْصُوصَة الْمرتبَة ترتيبا مَخْصُوصًا ثمَّ اخْتلفُوا فَقيل: هُوَ اسْم لهَذَا المقروء الْمَخْصُوص الْقَائِم بِأول لِسَان اخترعه الله فِيهِ وَالأَصَح أَنه اسْم لَهُ لَا من حَيْثُ تعْيين الْمحل فَيكون وَاحِدًا بالنوع وَيكون مَا يَقْرَؤُهُ الْقَارئ نَفسه لَا مثله]
وَقد نسب القَوْل فِي قَوْله تَعَالَى، {إِنَّه لقَوْل رَسُول كريم وَمَا هُوَ بقول شَاعِر} إِلَى الرَّسُول فَإِن القَوْل الصَّادِر إِلَيْك عَن الرَّسُول يبلغهُ إِلَيْك غير
مُرْسل لَهُ فَيصح أَن ينْسبهُ تَارَة إِلَى الرَّسُول وَتارَة إِلَى الْمُرْسل، فعلى هَذَا هَل يَصح أَن ينْسب الشّعْر وَالْخطْبَة إِلَى راويهما كَمَا ينسبان إِلَى صانعهما؟ قيل يَصح أَن يُقَال للشعر: هُوَ قَول الرَّاوِي، وَلَا يَصح أَن يُقَال: هُوَ شعره وخطبته، لِأَن الشّعْر يَقع على القَوْل إِذا كَانَ على صُورَة مَخْصُوصَة، وَتلك السُّورَة لَيْسَ للراوي فِيهَا شَيْء، وَالْقَوْل هُوَ قَول الرَّاوِي كَمَا هُوَ قَول الْمَرْوِيّ عَنهُ
وَالْقُرْآن: مَا كَانَ لَفظه وَمَعْنَاهُ من عِنْد الله بِوَحْي جلي
وَأما الحَدِيث الْقُدسِي: فَهُوَ مَا كَانَ لَفظه من عِنْد الرَّسُول، وَمَعْنَاهُ من عِنْد الله بالإلهام أَو بالمنام
قَالَ بَعضهم: الْقُرْآن لفظ معجز ومنزل بِوَاسِطَة جِبْرِيل
والْحَدِيث الْقُدسِي: غير معجز وَبِدُون الْوَاسِطَة وَمثله كَمَا يُسمى بِالْحَدِيثِ الْقُدسِي يُسمى أَيْضا الإلهي والرباني
وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: الْقُرْآن هُوَ اللَّفْظ الْمنزل بِهِ جِبْرِيل على النَّبِي
والْحَدِيث الْقُدسِي: إِخْبَار الله مَعْنَاهُ بالإلهام أَو بالمنام، فَأخْبر النَّبِي أمته بِعِبَارَة نَفسه، وَسَائِر الْأَحَادِيث لم يضفها إِلَى الله تَعَالَى، وَلم يروها عَنهُ تَعَالَى
وَالْحَاصِل أَن الْقُرْآن والْحَدِيث يتحدان فِي كَونهمَا وَحيا منزلا من عِنْد الله بِدَلِيل: {إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} إِلَّا أَنَّهُمَا يتفارقان من حَيْثُ إِن الْقُرْآن هُوَ الْمنزل للإعجاز والتحدي بِهِ بِخِلَاف الحَدِيث، وَإِن أَلْفَاظ الْقُرْآن مَكْتُوبَة فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَلَيْسَ لجبريل عليه السلام وَلَا للرسول عليه الصلاة والسلام أَن يتصرفا فِيهَا أصلا [ثمَّ أنزل جملَة من اللَّوْح الْمَحْفُوظ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا وَأمر السفرة الْكِرَام بانتساخه، ثمَّ نزل إِلَى الأَرْض نجوما فِي ثَلَاث وَعشْرين سنة] وَأما الْأَحَادِيث فَيحْتَمل أَن يكون النَّازِل على جِبْرِيل معنى صرفا فَكَسَاهُ حلَّة الْعبارَة، وَبَين الرَّسُول بِتِلْكَ الْعبارَة أَو ألهمه كَمَا تلقفه فأعرب الرَّسُول بِعِبَارَة تفصح عَنهُ
(وَالْقُرْآن والقراءات: حقيقتان متغايرتان. فالقرآن هُوَ الْوَحْي الْمنزل على مُحَمَّد للْبَيَان والإعجاز
والقراءات اخْتِلَاف أَلْفَاظ الْوَحْي الْمَذْكُور فِي الْحُرُوف أَو كيفيتها من تَخْفيف وَتَشْديد وَغَيرهمَا
وباختلاف الْقرَاءَات يظْهر الِاخْتِلَاف فِي الْأَحْكَام
ولاختلاف الْقرَاءَات وتنوعها فَوَائِد، مِنْهَا التهوين والتسهيل وَالتَّخْفِيف على الْأمة
وَمِنْهَا إِظْهَار فَضلهَا وشرفها على سَائِر الْأُمَم، إِذْ لم ينزل كتاب غَيرهم إِلَّا على وَجه وَاحِد
وَمِنْهَا إِظْهَار سر الله فِي كِتَابه، وصيانته عَن التبديل مَعَ كَونه على هَذِه الْوُجُوه، وَغير ذَلِك من الْفَوَائِد الَّتِي ذكرهَا بعض الْمُتَأَخِّرين
[حكى أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي رحمه الله فِي آيَة إِذا قُرِئت بقراءتين قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا أَن الله تَعَالَى قَالَ بهما جَمِيعًا وَالثَّانِي أَنه تَعَالَى قَالَ بِوَاحِدَة إِلَّا أَنه أذن بهما ثمَّ اخْتَار توسطا وَهُوَ أَنه إِن كَانَ لكل قِرَاءَة تَفْسِير يغاير الآخر فقد قَالَ بهما جَمِيعًا، وَتصير القراءتان بِمَنْزِلَة آيَتَيْنِ مثل:{حَتَّى يطهرن} وَإِن كَانَ تفسيرهما وَاحِدًا كالبيوت
والبيوت فَإِنَّمَا قَالَ بِإِحْدَاهُمَا وَأَجَازَ الْقِرَاءَة بهما لكل قَبيلَة على مَا تعود لسانهم]
وَالْقُرْآن أنزل بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين، وَلَيْسَ المُرَاد أَنه أنزل بلغَة هِيَ فِي أصل وَضعهَا على لِسَان الْعَرَب، بل المُرَاد أَنه منزل بِلِسَان لَا يخفى مَعْنَاهُ على أحد من الْعَرَب، وَلم يسْتَعْمل فِيهِ لُغَة لم يتَكَلَّم الْعَرَب بهَا، فيصعب عَلَيْهِم مثله، فعجزهم عَن مثله لَيْسَ إِلَّا لمعجز
وقرأت الْقُرْآن قِرَاءَة، وقروت إِلَيْهِ قروا: أَي قصدته واتبعته
وقريت الضَّيْف أقرية قري بِالْكَسْرِ وَالْقصر، وبالفتح وَالْمدّ
وَفُلَان قَرَأَ عَلَيْك السَّلَام وقرأك بِمَعْنى، وَلَا يُقَال أقرأه إِلَّا إِذا كَانَ السَّلَام مَكْتُوبًا
وأقرأ الْقُرْآن فَهُوَ مقرئ
وَيُقَال (قَرَأت سُورَة كَذَا) : إِذا قَرَأَهَا خَارج الصَّلَاة وَلَا يُقَال: (قَرَأت بِسُورَة كَذَا) إِلَّا إِذا قَرَأَهَا فِي الصَّلَاة فَإِن معنى قَوْله: " لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب " أَي لمن لم يَأْتِ بِهَذِهِ السُّورَة فِي جملَة مَا يقْرَأ بِهِ، فيشعر بِقِرَاءَة غَيرهَا من السُّور مَعهَا وَقَوله:" لَا يقْرَأن بالسور ": أَي لَا يتقربن بِقِرَاءَة السُّور وَلِهَذَا قَالَ السُّهيْلي: لَا يجوز أَن تَقول (وصل إِلَيّ كتابك فَقَرَأت بِهِ) لِأَنَّهُ عَار عَن معنى التَّقَرُّب
والقرأة، كالغلبة جمع قَارِئ
والقراء: المتنسك، وَالْجمع قراؤون
(قَالَ ابْن الصّلاح فِي فَتَاوَاهُ: قِرَاءَة الْقُرْآن كَرَامَة أكْرم الله بهَا الْبشر وَقد ورد أَن الْمَلَائِكَة لم يُعْطوا ذَلِك، وَأَنَّهُمْ حريصون لذَلِك على استماعه من الْإِنْس)
الْقرب: (قرب) قد يَجِيء من بَاب (علم) فَمَعْنَاه دنا، فيتعدى بِغَيْر صلَة
وَمِنْه القربان، بِالْكَسْرِ: وَهُوَ الدنو، ثمَّ استعير للمجامعة
وَقد يَجِيء من بَاب حسن، فَلَا يتَعَدَّى إِلَّا بِمن بِمَعْنى (إِلَى)
وَقربت مِنْك أقرب قربا، وَمَا قربت، وَلَا أقْربك قربانا وَالْعرب تَقول: يقرب مِنْهُ وَإِلَيْهِ وَقد اطرد استعمالهم أفعل التَّفْضِيل من (قرب) بإلى لِئَلَّا يتَوَهَّم فِي أول الوهلة التباس (من) الصِّلَة ب (من) التفضيلية. وَقَوله تَعَالَى: {اعدلوا هُوَ أقرب للتقوى} لَام الِاخْتِصَاص فِيهِ تغني غناء صلَة الْقرب، وَهِي (من) فِي الْفِعْل، و (إِلَى) فِي أفعل التَّفْضِيل الْمُسْتَعْمل بِمن لدفع الالتباس كَمَا عرفت آنِفا
والقرب يسْتَعْمل فِي الزَّمَان وَالْمَكَان وَالنِّسْبَة والحظوة وَالرِّعَايَة وَالْقُدْرَة والأولان مَعْنيانِ أصليان لَهُ، والبواقي مَأْخُوذَة مِنْهُمَا بِنَوْع تجوز، وَإِن كَانَ فِي بَعْضهَا حَقِيقَة عرفية
والقرب فِي النّظم الْجَلِيل على وُجُوه: قرب الْإِجَابَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب}
قرب الْعِصْمَة كَقَوْلِه: {وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد}
قرب الْمِنَّة كَقَوْلِه: {وَنحن أقرب إِلَيْهِ مِنْكُم}
قرب الْوَعيد كَقَوْلِه: {واقترب الْوَعْد الْحق}
قرب السُّؤَال كَقَوْلِه: {اقْترب للنَّاس حسابهم}
قرب الطَّاعَة كَقَوْلِه: {واسجد واقترب}
قرب الرَّحْمَة كَقَوْلِه: {إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ}
قرب السَّاعَة كَقَوْلِه: {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر}
وَاسْتشْكل فِي الْأَقْرَب فِي {كلمح بالبصر بل هُوَ أقرب}
الْقرْبَة: مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى بِوَاسِطَة غَالِبا، وَقد تطلق وَيُرَاد بهَا مَا يتَقرَّب بِهِ بِالذَّاتِ
والقربى: تسْتَعْمل فِي الْأَرْحَام
[وَالْمرَاد بالقربى فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن الله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} قرب النُّصْرَة لَا قرب الْقَرَابَة على مَا بَينه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم]
والقريب من النّسَب يؤنث بِلَا خلاف وَمن الْمسَافَة يذكر وَيُؤَنث وَيُقَال فِي الْقرب النسبي: فلَان ذُو قَرَابَتي، وَهُوَ الصَّوَاب، وقريبي خطأ
والقرب والبعد لَيْسَ لَهما حد مَحْدُود، وَإِنَّمَا ذَلِك بِحَسب اعْتِبَار الْمَكَان
[وَلِهَذَا اسْتدلَّ إِمَام الْحَرَمَيْنِ على تَنْزِيه الْبَارِي عَن الْمَكَان بِحَدِيث: لَا تفضلُونِي على أخي يُونُس بن مَتى
{وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد}
أَي: فِي الِاعْتِقَاد]
الْقسم، بِالْكَسْرِ: اسْم من الْقسم بِالْفَتْح لُغَة التجزئة
وَعرفا: ضم مُخْتَصّ بمشترك
وَالْقسم، بِالْفَتْح والسكون: إِفْرَاز النَّصِيب والتسوية بَين الزَّوْجَات فِي الْمَأْكُول والمشروب والملبوس والبيتوتة، لَا فِي الْمحبَّة وَالْوَطْء وَقد كَانَ رَسُول الله يقسم بَين نِسَائِهِ فيعدل وَيَقُول:" هَذِه قسمتي فِيمَا أملك، فَلَا تؤاخذني فِيمَا تملك وَلَا أملك " يَعْنِي الْحبّ وَالْجِمَاع
وَيُقَال هَذَا يَنْقَسِم قسمَيْنِ: بِالْفَتْح إِذا أُرِيد الْمصدر، وبالكسر إِذا أُرِيد النَّصِيب أَو الْجُزْء من الشَّيْء الْمَقْسُوم
وَالْقسم: شطر الشَّيْء
[وَقسم الشَّيْء: مَا يكون مندرجا تَحْتَهُ، وأخص مِنْهُ كالاسم أَنه أخص من الْكَلِمَة ومندرج تحتهَا]
وقسيم الشَّيْء: مَا يكون مُقَابلا للشَّيْء، ومندرجا تَحت شَيْء آخر كالاسم أَيْضا فَإِنَّهُ مُقَابل للْفِعْل ومندرج تَحت شَيْء آخر، وَهُوَ الْكَلِمَة الَّتِي أَعم مِنْهُمَا
وَالْقِسْمَة: بِالتَّاءِ: تَجِيء بِمَعْنى الْقسم بِلَا تَاء كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَن المَاء قسْمَة بَينهم} وَالْمرَاد: النَّصِيب وَالْقِسْمَة الفعلية: الْفَصْل والفك، سَوَاء كَانَ بِالْقطعِ أَو بِالْكَسْرِ
وَمعنى قسْمَة الشَّيْء فرضا: حكم الْعقل وإذعانه بِأَن فِيهِ طرفا يتَمَيَّز عَن طرف وَهَذَا الحكم إِنَّمَا يتَعَلَّق بِمَا لَهُ حَظّ من الامتداد، وَهَذَا الْفَرْض غير الْفَرْض الْمَذْكُور فِي تَقْسِيم الْمحَال إِلَى مَا فَرْضه، وَنَفسه محَال، وَإِلَى مَا فَرْضه أَيْضا محَال
وَالْقِسْمَة الوهمية: فرض شَيْء غير شَيْء
وَالْقِسْمَة فِي مُخْتَلف الْأَجْزَاء: مُبَادلَة، وَفِي ذَوَات الْأَمْثَال: افراز
وَالْقسم بِفتْحَتَيْنِ: اسْم من الإقسام وَهُوَ أخص من الْيَمين وَالْحلف الشاملين للشرطية الْآنِية
[وحروف الْقسم الْبَاء وَالتَّاء وَالْوَاو، وَمَا وضع للقسم وَهُوَ (أيم الله) أَصله عِنْد الْبَصرِيين وَهُوَ مَذْهَب الْفراء (أَيمن الله) وَهُوَ جمع (يَمِين) حذف نونه من تخفيفات الْقسم وَعند الْكُوفِيّين وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ رحمه الله: كلمة وضعت للقسم لَا اشتقاق لَهَا، أَي لَا أصل لَهَا، والهمزة فِيهَا للوصل مِمَّا يُؤَدِّي معنى الْقسم قَوْلهم: (لعمر الله) وَاللَّام فِيهِ للابتداء أَو أُوثِرت الفتحة فِي الْقسم للتَّخْفِيف وَإِن كَانَت الضمة أعرف، وَخَبره مَحْذُوف وَتَقْدِيره (لبَقَاء الله أقسم بِهِ) كَأَنَّهُ قَالَ (وَالله الْبَاقِي وَالْأَصْل) فحروف الْقسم الْبَاء الَّتِي للإلصاق لِأَنَّهَا توصل الْفِعْل إِلَى اسْم الله الْمَحْلُوف بِهِ وتلصق بِهِ، وَهِي تدل على مَحْذُوف فَقَوْل الْقَائِل (بِاللَّه) مَعْنَاهُ: أقسم أَو أَحْلف بِاللَّه، وَالْوَاو قد استعيرت من الْبَاء للقسم لمناسبة بَينهمَا صُورَة لِاتِّحَاد مخرجهما وَمعنى لِأَن الْبَاء للإلصاق وَفِي الْعَطف إلصاق الْمَعْطُوف بالمعطوف عَلَيْهِ ثمَّ استعيرت التَّاء لِمَعْنى الْوَاو وتوسعة لصلات الْقسم لما بَينهمَا من الْمُنَاسبَة لِكَوْنِهِمَا من حُرُوف الزِّيَادَة وَالْبَاء لأصالتها تدخل على الْمظهر والمضمر، وَكَذَا يجوز دُخُولهَا على سَائِر الْأَسْمَاء وَالصِّفَات فَلم يكن لَهَا اخْتِصَاص فِي الْقسم لِأَنَّهَا حَقِيقِيَّة فِي الْقسم، وَالْوَاو لَا تدخل إِلَّا على الْمُضمر لَا يُقَال: (أَحْلف وَالله) فتنحط رتبته عَن رُتْبَة الأَصْل وَلما كَانَت التَّاء دخيلا على مَا لَيْسَ بِأَصْل فِي الْقسم انحطت رتبته عَنْهُمَا فَقيل: لَا يدْخل إِلَّا فِي مظهر وَاحِد وَهُوَ اسْم الله وَهُوَ الْمقسم بِهِ غَالِبا وَقد يحذف حرف الْقسم تَخْفِيفًا يُقَال: (الله لَأَفْعَلَنَّ) بِالنّصب عِنْد أهل الْبَصْرَة وَهُوَ الْأَصَح، وبالخفض عِنْد الْكُوفِيّين بِتَقْدِير الْجَار]
وجوابات الْقسم سَبْعَة: إِن الشَّدِيدَة نَحْو: {وَالْفَجْر
…
. إِن رَبك لبالمرصاد}
و (مَا) النَّفْي نَحْو: {فوربك
…
. مَا وَدعك رَبك}
وَاللَّام الْمَفْتُوحَة نَحْو: {فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ}
وَإِن الْخَفِيفَة نَحْو: {تالله إِن كُنَّا لفي ضلال مُبين}
و (لَا) نَحْو: {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَا يبْعَث الله من يَمُوت}
و (قد) نَحْو: {وَالشَّمْس
…
. قد أَفْلح من زكاها}
و (بل) نَحْو: {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد بل عجبوا}
وَقد نظمته:
(إِن ترد علما بنظم ضابطا
…
سَبْعَة فاحفظ جَوَابا للقسم)
(إِن مَا النَّفْي لَا قد بل وَإِن
…
خففت مَفْتُوحَة اللَّام فتم)
وَقَوله تَعَالَى: {وَالله يشْهد إِن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ} لما جَاءَ توكيدا للجزاء سمي قسما
وَقد أقسم الله فِي الْقُرْآن فِي سَبْعَة مَوَاضِع: الْآيَة الْمَذْكُورَة
وَقَوله: {إِي وربي} ، {قل بلَى وربي} ، {فوربك لنحشرنهم} ، {فوربك لنسألنهم} ، {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ} ، {فَلَا أقسم بِرَبّ الْمَشَارِق والمغارب} ، وَالْبَاقِي كُله قسم بمخلوقاته، وَالْغَالِب قسم على جملَة خبرية كَقَوْلِه:{فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّه لحق}
وَأما الْقسم على جملَة طلبية فكقوله: {فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ} ، وَأكْثر مَا يحذف الْجَواب إِذا كَانَ فِي نفس الْمقسم بِهِ دلَالَة على الْمقسم عَلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى:{ص وَالْقُرْآن ذِي الذّكر} وَهَذَا يطرد فِي كل مَا شَأْنه ذَلِك كَقَوْلِه: {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} ، وَقَوله:{لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} ، {وَالْفَجْر} الْآيَات ثمَّ الْقسم قِسْمَانِ: ظَاهر كالآيات السَّابِقَة
ومضمر وَهُوَ قِسْمَانِ أَيْضا: قسم دلّت عَلَيْهِ اللَّام نَحْو: {لتبلون فِي أموالك}
وَقسم دلّ عَلَيْهِ الْمَعْنى نَحْو: {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} تَقْدِيره وَالله
وَالْقِسْمَة أَعم من الْمُزَارعَة لِأَنَّهَا تجْرِي فِي الْعقار وَغَيره، والمزارعة تخص بالأراضي
الْقدَم: هِيَ من تَحت الكعب إِلَى الْأَصَابِع خلقت آلَة للساق
فِي " الْقَامُوس ": الصَّوَاب جَوَاز التَّذْكِير والتأنيث، وَالرجل مُؤَنّثَة
والقدم أَيْضا: السَّابِقَة فِي الْأَمر وَفِي الحَدِيث
" حَتَّى يضع الْجَبَّار فِيهَا قدمه ": أَي الَّذين قدمهم من الأشرار فَإِنَّهُم قدم الله للنار، كَمَا أَن الأخيار قدمه إِلَى الْجنَّة وَوضع الْقدَم مثل للرَّدّ والقمع، أَي يَأْتِي لِجَهَنَّم أَمر يكفها عَن طلب الْمَزِيد
وَقد يكون الْقدَم كِنَايَة عَن الْعَمَل الَّذِي يتَقَدَّم فِيهِ لَا يَقع فِيهِ تَأْخِير وَلَا إبطاء
وَأطلق الْقدَم على هَذِه الْمعَانِي لما أَن السَّعْي والسبق لَا يحصل إِلَّا بالقدم فَسُمي الْمُسَبّب باسم السَّبَب، كَمَا سميت النِّعْمَة يدا لِأَنَّهَا تُعْطى بِالْيَدِ
الْقَدِيم: هُوَ عبارَة عَمَّا لَيْسَ قبله زَمَانا شَيْء، وَقد يُقَال على مَا مر عَلَيْهِ حول وَلِهَذَا قَالُوا: من قَالَ: (كل عبد قديم لي فَهُوَ حر) يحمل على من مضى عَلَيْهِ عِنْده سنة
وَقد يُطلق على الْمَوْجُود الَّذِي لَا يكون وجوده من الْغَيْر
وَقد يُطلق أَيْضا على الْمَوْجُود الَّذِي لَيْسَ وجوده مَسْبُوقا بِالْعدمِ
وَالْأول: هُوَ الْقَدِيم بِالذَّاتِ، (وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ) ويقابله الْحَادِث بِالذَّاتِ
وَالثَّانِي: هُوَ الْقَدِيم بِالزَّمَانِ، ويقابله الْمُحدث بِالزَّمَانِ
[وَمَا ذهب الفلاسفة وَبَعض قدماء أَصْحَابنَا إِلَى أَن الْقَدِيم هُوَ الْمَوْصُوف الَّذِي لَا أول لوُجُوده مدحول من وَجْهَيْن: الأول: أَن الْقَدِيم قد يُطلق حَقِيقَة على الْوُجُود والعدم فَإِن الْحَوَادِث الْمَوْجُودَة فِي وقتنا هَذَا مَعْدُومَة فِي الْأَزَل، وَعدمهَا قديم أزلي فَلَا يكون قَوْلهم جَامعا
وَالثَّانِي: الْقَدِيم وَإِن كَانَ مُخْتَصًّا بالوجود إِلَّا أَنه أَيْضا غير جَامع، فَإِن الْقَدِيم قد يُطلق أَيْضا على مَا عتق وطالت مدَّته بطرِيق الْمُبَالغَة، وَالْأَصْل فِي الْإِطْلَاق الْحَقِيقَة إِلَّا أَن يدل الدَّلِيل على إِرَادَة التَّجَوُّز وَالْأَصْل عَدمه، فَإِذا كَانَ حَقِيقَة فَيجب أَن يكون الْقَدِيم جَامعا لما لَا أول لَهُ وَلذَلِك قَالَ الْأَشْعَرِيّ: الْقَدِيم هُوَ الْمُتَقَدّم فِي الْوُجُود على شَرط الْمُبَالغَة، وَهُوَ وَإِن كَانَ أَعم من الَّذِي قبله لتنَاوله مَا لَا أول لوُجُوده وَمَا لوُجُوده أول إِلَّا أَنه غير جَامع بِالنّظرِ إِلَى الْعَدَم الْقَدِيم، فَالْأولى أَن يُقَال: الْقَدِيم هُوَ الْمَوْصُوف بالقدم فِي حَقِيقَة شَرط الْمُبَالغَة فَإِنَّهُ يعم الْوُجُود والعدم وَمَا لَا أول لَهُ وَمَا لَهُ أول] (وَالله سُبْحَانَهُ كَانَ مَوْجُودا قبل خلق السَّمَوَات قبلية بِالزَّمَانِ الْمُقدر عندنَا وَالْقَدِيم الزماني لَا يحْتَاج إِلَى الْمُؤثر عندنَا خلاف الفلاسفة)
وَالأَصَح أَن الْقدَم صفة سلبية، أَي لَيست بِمَعْنى أَنَّهَا مَوْجُودَة فِي نَفسهَا كَالْعلمِ مثلا، وَإِنَّمَا هِيَ عبارَة عَن سلب الْعَدَم السَّابِق للوجود، أَو عدم الأولية للوجود، أَو عدم افْتِتَاح الْوُجُود، أَو اسْتِمْرَار الْوُجُود فِي الْمَاضِي، وَالْكل بِمَعْنى وَاحِد (فِي حَقه تَعَالَى بِاعْتِبَار ذَاته وَصِفَاته) ] يُوصف بِهِ ذَات الله اتِّفَاقًا وَصِفَاته عِنْد الأشاعرة كَمَا فِي " شرح الْمَقَاصِد " وَفِي " المحصل ": أهل السّنة أثبتوا القدماء وَهِي ذَات الله وَصِفَاته لَكِن زعم ناقده أَن
أهل السّنة لَا يعترفون بِإِثْبَات القدماء لِأَنَّهَا عبارَة عَن أَشْيَاء مُتَغَايِرَة كل وَاحِد مِنْهَا قديم وهم لَا يَقُولُونَ بالتغاير إِلَّا فِي الذَّات دون الصِّفَات
وإكفار الْقَائِلين بِتَعَدُّد الْقَدِيم بِالْإِجْمَاع إِنَّمَا هُوَ فِي الْقدَم الذاتي بِمَعْنى عدم المسبوقية بِالْغَيْر لَا فِي الْقدَم الزماني فَإِن قدم الصِّفَات زماني بِمَعْنى أَنَّهَا مسبوقة بِالْعدمِ لكَونهَا مُمكنَة نظرا إِلَى ذواتها لَكِن لَا تكون مُمكنَة الزَّوَال نظرا إِلَى ذَات الْمَوْصُوف فَلَا يلْزم إِمْكَان الانقلاب كَمَا عرفت فِي بحث الصِّفَات وَبِالْجُمْلَةِ الْقَدِيم الزماني لَا يحْتَاج إِلَى الْمُؤثر عندنَا، خلافًا للفلاسفة]
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: عد الْقَدِيم فِي التِّسْعَة وَالتسْعين
الْقعُود: قعد عَن الشَّيْء: عجز عَنهُ
وَجَوَاب مَا يصنع فلَان؟ يقْعد أَي: يمْكث سَوَاء كَانَ قَائِما أَو قَاعِدا
وَالْقعُود لما فِيهِ لبث بِخِلَاف الْجُلُوس وَلِهَذَا يُقَال: قَوَاعِد الْبَيْت، وَلَا يُقَال: جوالسه وَيُقَال أَيْضا فلَان جليس الْملك، وَلَا يُقَال قعيده
وَيُقَال أَيْضا لمن كَانَ قَائِما: اقعد، وَلمن كَانَ نَائِما أَو سَاجِدا: اجْلِسْ. وَعلله الْبَعْض بِأَن الْقعُود انْتِقَال من علو إِلَى سفل وَلِهَذَا قيل لمن أُصِيب رجله: قعد
وَالْجُلُوس: انْتِقَال من سفل إِلَى علو وَمِنْه سميت نجد جلسا لارتفاعها
والقاعد: الْمَرْأَة الَّتِي قعدت عَن الْحيض أَو عَن الْأزْوَاج، وَالْجمع قَوَاعِد، وَيُقَال: الرِّجَال قعاد، كَمَا يُقَال: ركاب فِي جمع رَاكب
وَالْقَاعِدَة، اصْطِلَاحا: قَضِيَّة كُلية من حَيْثُ اشتمالها بِالْقُوَّةِ على أَحْكَام جزئيات موضوعها، وَتسَمى فروعا، واستخراجها مِنْهَا تَفْرِيعا كَقَوْلِنَا: كل إِجْمَاع حق
وَالْقَاعِدَة: هِيَ الأساس وَالْأَصْل لما فَوْقهَا، وَهِي تجمع فروعا من أَبْوَاب شَتَّى
وَالضَّابِط: يجمع فروعا من بَاب وَاحِد
الْقَوْم: هُوَ اسْم لجَماعَة الرِّجَال لأَنهم القوامون بِأُمُور النِّسَاء وَاللَّفْظ مُفْرد بِدَلِيل أَنه يثنى وَيجمع ويوحد الضَّمِير الْعَائِد إِلَيْهِ أَو جمع لَيْسَ لَهُ وَاحِد من لَفظه، وواحده (امْرُؤ)(وَهُوَ فِي الأَصْل جمع قَائِم، كَصَوْم، وزور، وزوم، فِي جمع صَائِم، وزائر، وزائم)
وَفِي " أنوار التَّنْزِيل " هُوَ مُخْتَصّ بِجَمَاعَة الرِّجَال لِأَنَّهُ إِمَّا مصدر نعت بِهِ فشاع فِي الْجمع، أَو جمع (قَائِم) ، كزور، وزائر
وَالْقَوْم: مُؤَنّثَة وَلذَلِك تصغر على قويمة
وقوام الرجل: قامته وَحسن طوله
وقوام الْأَمر، بِالْكَسْرِ: نظامه وعماده وملاكه الَّذِي يقوم بِهِ
{وَكَانَ بَين ذَلِك قواما} ، بِالْفَتْح: أَي وسطا وعدلا
(وَقَامَ لَهُ، وَإِلَيْهِ، وَعنهُ، وَبِه نتضمن كل صلَة بِمَعْنى يُنَاسِبهَا
وَقَامَ الْحق: ظهر وَثَبت
وَقَامَ فِي الصَّلَاة: شرع فِيهَا
وَقَامَ عَلَيْهِ: راقبه)
الْقبْلَة، لُغَة: الْجِهَة وَعرفا: مَا يصلى إِلَى نَحْوهَا من الأَرْض السَّابِعَة إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة مِمَّا يُحَاذِي الْكَعْبَة [وَقد أَمر الله تَعَالَى بِالتَّحَرِّي حَتَّى يصلى إِلَى الْمشرق وَالْمغْرب واليمن وَالشَّام عِنْد اخْتِلَاف الْأَحْوَال ليندفع وهم تحيزه فِي جِهَة فَيصير ذَلِك دَلِيلا لمن عرفه أَنه لَيْسَ بِجِهَة منا]
والجهة قبْلَة كَالْعَيْنِ تعرف بِأحد الدَّلِيلَيْنِ: الأول: المحاريب المنصوبة بِإِجْمَاع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ
وَالثَّانِي: السُّؤَال عَن أهل ذَلِك الْموضع وَلَو وَاحِد فَاسِقًا إِذا ظن صدقه وَعند فقد هذَيْن النُّجُوم، وَعند فقد هَذِه الْأُمُور التَّحَرِّي، وَلَا بَأْس بانحراف لَا يزِيل الْمُقَابلَة بِالْكُلِّيَّةِ بِأَن يبْقى شَيْء من سطح الْوَجْه مسامتا للكعبة كَمَا قَالَ صَاحب " التَّحْقِيق "
واستقبال أهل الْكتاب لقبلتهم لم يكن من جِهَة والحي والتوقيف من الله، بل كَانَ عَن مشورة مِنْهُم واجتهاد
والقبلة: بِالضَّمِّ: التَّقْبِيل، وَهِي خمس قبْلَة تَحِيَّة: كتقبيل بَعْضنَا على الْيَد
وَرَحْمَة: كتقبيل الْوَالِد وَلَده على الخد
وشفقة: كتقبيل الْوَلَد أَبَاهُ عَلَيْهِمَا
ومودة: كتقبيل الْأَخ أَخَاهُ على الْجَبْهَة
وشهوة: كتقبيل الزَّوْج زوجه على الْفَم
وَمن الْقبْلَة قبْلَة الدّيانَة كتقبيل الْحجر الْأسود والمصحف
الْقرن، بِالْفَتْح: فِي السن
وبالكسر: فِي الْحَرْب وَنَحْوه
وبالتحريك: الطَّرِيق
والقرن، بِالْفَتْح أَيْضا: إِمَّا غُدَّة غَلِيظَة أَو لحْمَة مُرْتَفعَة، أَو عظم يمْنَع من سلوك الذّكر فِي الْفرج
وَامْرَأَة قرناء: أَي بهَا ذَلِك
والرتقاء: من لَيْسَ لَهَا خرق إِلَّا المبال فَلَا يُسْتَطَاع جِمَاعهَا لارتتاق ذَلِك الْموضع أَي لانسداده
والفتق، بِالتَّحْرِيكِ: ضيق الْفرج خلقَة بِحَيْثُ لَا يدْخل الذّكر فِيهِ
(والقرن، بِالْفَتْح والسكون: مُدَّة من النِّهَايَة، وَهِي ثَمَانُون سنة، أَو أهل زمَان وَاحِد)
الْقَتْل: هُوَ إِزَالَة الرّوح عَن الْجَسَد كالموت لَكِن إِذا اعْتبر بِفعل الْمُتَوَلِي لذَلِك يُقَال: قتل، وَإِذا اعْتبر بفوت الْحَيَاة يُقَال: موت
وَقَتله: أَمَاتَهُ
و [قتل] الشَّرَاب: مزجه بِالْمَاءِ
واقتتل، بِالضَّمِّ: إِذا قَتله الْعِشْق أَو الْجِنّ و {قتل الْإِنْسَان مَا أكفره} : أَي لعن
و {قَاتلهم الله أَنى يؤفكون} : أَي لعنهم
وَقَول الْعَرَب: (قَاتله الله مَا أشعره) ظَاهره يُخَالف
مَعْنَاهُ إِذْ المُرَاد الْمَدْح لَا وُقُوع الْقَتْل فَكَأَنَّهُ بلغ فِيهِ مبلغا يحِق أَن يحْسد، وَيَدْعُو عَلَيْهِ حاسده بذلك وَقد نظمت فِيهِ:
(إِن رقيبي لَهُ صَاحب
…
مسترق سمع مَا أخبرهُ)
(أشعر مَا سرني شَأْنه
…
قَاتله الله مَا أشعره)
والخرق: قطع الشَّيْء على سَبِيل الْفساد من غير تفكر وَلَا تدبر قَالَ تَعَالَى: {أخرقتها لتغرق أَهلهَا} ، و {لن تخرق الأَرْض} : أَي لن تقطع، أَو لن تثقب الأَرْض إِلَى الْجَانِب الآخر اعْتِبَارا بالخرق فِي الْأذن
وَالْقطع: فصل الْجِسْم بنفوذ جسم آخر فِيهِ فَيحْتَاج إِلَى آلَة نفاذة فاصلة بالنفوذ [ {وقطعن أَيْدِيهنَّ} : جرحن
وَالْكَسْر: فصل الْجِسْم الصلب بِدفع دَافع قوي من غير نُفُوذ حجمه فِيهِ
والقصم، بِالْقَافِ: كسر الشَّيْء من طوله
وبالفاء: قطع الشَّيْء المستدير
وَقيل: ذُو الْفَاء كسر بِلَا إبانة، وَذُو الْقَاف كسر بإبانة وَنفي الأول أبلغ من نفي الثَّانِي، كَمَا أَن إِثْبَات الثَّانِي أبلغ من إِثْبَات الأول
والقط: عَام أَو الشق عرضا، أَو قطع الشَّيْء الصلب
وَالْقد: الْقطع المستأصل، أَو المستطيل، أَو الشق طولا
والطعن: الْقَتْل بِالرُّمْحِ
والوخز: طعن بِلَا نَفاذ
الْقُرْء: هُوَ لفظ مُشْتَرك بَين الْحيض وَالطُّهْر بِإِجْمَاع أهل اللُّغَة فالقرء عِنْد أهل الْحجاز: الطُّهْر وَعند أهل الْعرَاق: الْحيض وكل قد أصَاب، لِأَن الْقُرْء خُرُوج من شَيْء إِلَى شَيْء، فخروج من الْقُرْء الْحيض إِلَى الطُّهْر، وَمن الْقُرْء الطُّهْر إِلَى الْحيض، هَذَا قَول أبي عُبَيْدَة
وَقَالَ غَيره: الْقُرْء: الْوَقْت يُقَال: رَجَعَ فلَان لقرئه: أَي لوقته الَّذِي كَانَ يرجع فِيهِ فالحيض يَأْتِي لوقت، وَالطُّهْر يَأْتِي لوقت وَقَالَ ابْن السّكيت: الْقُرْء: الطُّهْر وَالْحيض وَهُوَ من الأضداد، وَإِنَّمَا أطلق على كل وَاحِد مِنْهُمَا، لِأَن كل اسْم مَوْضُوع لمعنيين مَعًا يُطلق على كل وَاحِد مِنْهُمَا كالمائدة للخوان وَالطَّعَام، ثمَّ قد يُسمى كل وَاحِد مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ بالمائدة وَلَيْسَ الْقُرْء اسْما للطهر مُجَردا، وَلَا للْحيض مُجَردا بِدلَالَة أَن الطَّاهِر الَّتِي لم تَرَ الدَّم لَا يُقَال لَهَا ذَات قُرُوء، وَكَذَا الْحَائِض الَّتِي اسْتمرّ بهَا الدَّم وَقد ورد الشَّرْع فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام لامْرَأَة:" دعِي الصَّلَاة يَوْم قرئك ": أَي حيضك، وَقَالَ لعبد الله بن عمر:" من السّنة أَن تطلقها فِي كل قرء تطليقه " أَي: فِي كل طهر
قَالَ أَبُو حنيفَة: المُرَاد من الْقُرْء فِي قَوْله تَعَالَى: {ثَلَاثَة قُرُوء} : الْحيض وَقَالَ الشَّافِعِي: الطُّهْر
وَقَوله عليه الصلاة والسلام: " طَلَاق الْأمة تَطْلِيقَتَانِ، وعدتها حيضتان " صَرِيح فِي الْحيض
وَلَو كَانَ المُرَاد بِهِ الطُّهْر كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي لبطل مُوجب الْخَاص، وَهُوَ ثَلَاثَة لِأَن الطَّلَاق لمسنون هُوَ الَّذِي يكون فِي حَالَة الطُّهْر، فَإِذا طَلقهَا فِيهِ يلْزم أَن لَا يجب عَلَيْهَا التَّرَبُّص ثَلَاثَة أطهار إِجْمَاعًا، لِأَن الطُّهْر الَّذِي وَقع فِيهِ الطَّلَاق مَحْسُوب عِنْد من قَالَ المُرَاد بِهِ الطُّهْر، فَحِينَئِذٍ تَنْقَضِي الْعدة بباقي ذَلِك الطُّهْر وطهرين آخَرين فينقص مُوجب الْعدَد عَن الثَّلَاث، وَذَا لَا يجوز لِأَن فِيهِ إبِْطَال مُوجب الْخَاص بِخِلَاف مَا لَو حملناه على الْحيض لِأَنَّهُ يجب التَّرَبُّص بِثَلَاثَة قُرُوء كوامل
والقروء: جمع الطُّهْر
والأقراء جمع الْحيض
[الْقيام: جمع (قَائِم) مصدر (قُمْت)
وَقيام الْأَمر وقوامه: مَا يقوم الْأَمر بِهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {أَمْوَالكُم الَّتِي جعل الله لكم قيَاما}
أَي: قواما]
الْقيام: قَامَ عَنهُ، وَله، وَبِه، وَإِلَيْهِ وَيسْتَعْمل بِغَيْر صلَة، وتختلف الْمعَانِي باخْتلَاف الصلات لتضمن كل صلَة معنى يُنَاسِبه، يُقَال: قَائِم بِالْأَمر إِذا تكفل بِهِ وَحفظه [واجتهد فِي تَحْصِيله وتجلد فِيهِ بِلَا توان وَحَقِيقَته: قَامَ ملتبسا بِالْأَمر وَالْقِيَام لَهُ يدل على الاعتناء بِشَأْنِهِ وَيلْزمهُ التجلد والتشمر فَأطلق الْقيام على لَازمه وَمِنْه: (قَامَت الْحَرْب على سَاقهَا) إِذا التحمت واشتدت كَأَنَّهَا قَامَت وتشمرت لسلب الْأَرْوَاح وتخريب الْأَبدَان
وَقَامَ كَذَا: إِذا دَامَ
وَقَامَ فِي الصَّلَاة: شرع فِيهَا
وَقَامَ عَلَيْهِ: راقبه
وَقَامَ الْحق: ظهر وَثَبت]
وَالْقِيَام بِمَعْنى الانتصاب لَا يتَعَدَّى بإلى
وَقَامَ إِلَيْهِ: توجه وَقصد نَحْو: {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} وَزِيَادَة إِلَى التضمن معنى الِانْتِهَاء أَي: الْقَصْد المنتهي إِلَى الشُّرُوع فِي الصَّلَاة كَمَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي إِيجَاب الْوضُوء لَا مُطلق الْقَصْد إِلَيْهَا حَتَّى لَا يجب الْوضُوء على من قصد النَّافِلَة وَلم يصل
[وَالْقِيَام بِمَعْنى الْحُصُول فِي الْخَارِج شَائِع الِاسْتِعْمَال وَمِنْه: القيوم وَهُوَ الْحَاصِل بِنَفسِهِ المحصل بِغَيْرِهِ، وَمِنْه القوام لما يُقَام بِهِ الشَّيْء أَي يحصل
والاقامة: إفعال من (الْقيام) والهمزة للتعدية
فَمَعْنَى (أَقَامَ الشَّيْء) جعله قَائِما أَي منتصبا ثمَّ قيل: أَقَامَ الْعود إِذا قومه أَي: سواهُ وأزال اعوجاجه فَصَارَ قويما يشبه الْقيام وتستعار الْإِقَامَة من تَسْوِيَة الْأَجْسَام الَّتِي صَارَت حَقِيقَة فِيهَا لتسوية الْمعَانِي كتعديل أَرْكَان الصَّلَاة على مَا هُوَ حَقّهَا]
وَقَوله تَعَالَى: {قَائِم وحصيد} من الْقيام بالتسخير
وَقَوله: {أم من هُوَ قَانِت آنَاء اللَّيْل سَاجِدا وَقَائِمًا} من الْقيام الَّذِي هُوَ بِالِاخْتِيَارِ
وَقَوله: {كونُوا قوامين بِالْقِسْطِ} ، (قَائِما
بِالْقِسْطِ} من الْقيام الَّذِي هُوَ المراعاة للشَّيْء وَالْحِفْظ لَهُ
وَقَوله: {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} من الْقيام الَّذِي هُوَ الْعَزْم على الشَّيْء
وَالْقِيَام بالشَّيْء أَعم من الافتقار إِلَيْهِ فَإِن الشَّيْء قد يكون قَائِما بالشَّيْء وَهُوَ مفتقر إِلَيْهِ فِي وجوده افتقار تَقْوِيم، كافتقار الْأَعْرَاض إِلَى موضوعاتها
وَقد يكون قَائِما بِهِ وَهُوَ غير مفتقر إِلَيْهِ افتقار تَقْوِيم، وَذَلِكَ كَمَا يَقُول الفيلسوف فِي الصُّورَة الجوهرية بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْموَاد، وَهِي لَيست بأعراض وَلَا لَهَا خَصَائِص الْأَعْرَاض
وَالْقِيَام فِي التمليكات دَلِيل على الْأَعْرَاض بِخِلَاف الْقيام فِي سَجْدَة التِّلَاوَة
وقيما أبلغ من الْقَائِم والمستقيم بِاعْتِبَار الزنة، والمستقيم أبلغ بِاعْتِبَار الصِّيغَة
[والقيوم: الْقَائِم الدَّائِم الَّذِي لَا يَزُول
والقيم أبلغ من الْمُسْتَقيم بِاعْتِبَار الزنة والمستقيم أبلغ مِنْهُ بِاعْتِبَار الصِّيغَة لِأَنَّهُ نَص فِي الاسْتقَامَة
وَالْقِيَام وَالْقِيَامَة، كالطلاب والطلابة وَهِي قيام النَّاس من الْقُبُور أَو الْحساب]
الْقلَّة، بِالْكَسْرِ: ضد الْكَثْرَة وَقد يُرَاد بهَا الْعَدَم وَالنَّفْي كَمَا فِي قَوْلهم: (أقل الرجل يَقُول كَذَا، وَقَلِيل من الرِّجَال يَقُول ذَلِك، وقليلة من النِّسَاء)، أَي: لَا يَقُول بِهِ أحد وَهَذَا من المبتدآت الَّتِي لَا خبر لَهَا، وَمِنْه قَوْلهم:(حَسبك وكل رجل وضيعته) على أحد الْوَجْهَيْنِ
{وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} أَي علما قَلِيلا، أَو الْعلم إِلَّا قَلِيلا مِنْكُم
{قَلِيلا مَا تؤمنون} : تؤمنون إِيمَانًا قَلِيلا
و {قَلِيلا مَا تشكرون} : أَي لم تشكروا لَا قَلِيلا وَلَا كثيرا على أَن (مَا) نَافِيَة وَقيل (مَا) مزيدة للتَّأْكِيد لَا نَافِيَة لِأَن مَا فِي حيزها لَا يتقدمها، وَجوز أَن تكون مَصْدَرِيَّة، على أَن (قَلِيلا) مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض وَيجوز أَن تكون الْمُبَالغَة فِي الْقلَّة كِنَايَة عَن الْعَدَم بِنَاء على أَن الْقَلِيل إِذا بولغ فِيهِ يستتبعه الْعَدَم، وَحِينَئِذٍ يجوز أَن يكون الانتصاب على الظَّرْفِيَّة
وقلما: يسْتَعْمل لمعنيين أَحدهمَا: النَّفْي الصّرْف
وَثَانِيهمَا: إِثْبَات الشَّيْء الْقَلِيل
الْقبُول: هُوَ عبارَة عَن ترَتّب الْمَقْصُود على الطَّاعَة والإجابة أَعم فَإِنَّهُ عبارَة عَن قطع سُؤال السَّائِل وَالْقطع قد يكون بترتب الْمَقْصُود بالسؤال، وَقد يكون بِمثل سَمِعت سؤالك وَأَنا أَقْْضِي حَاجَتك
وَالْقَبُول وَإِن كَانَ أخص من الصِّحَّة وَالْجَوَاز إِلَّا أَنه قد يذكر وَيُرَاد بِهِ الصِّحَّة وَالْجَوَاز مجَازًا، إِذْ كل جَائِز صَحِيح لَا يكون مَقْبُولًا، وكل مَقْبُول لَا يكون جَائِزا وصحيحا وَإِذا قلت لغيرك: وَهبتك هَذَا الشَّيْء فَقَالَ: قبلت سمي قبولا، وَإِذا قبض يُسمى تقبلا
وَقبل على الشَّيْء وَأَقْبل: لزمَه وَأخذ فِيهِ
وقابله: واجهه
وقبالته، بِالضَّمِّ: تجاهه
ولي قبله بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء: أَي عِنْده
وَالْقَبُول: هُوَ أَن تقبل الْعَفو، وَغَيره اسْم للمصدر
وريح الصِّبَا تسمى الْقبُول لِأَنَّهَا تقَابل الدبور، أَو لِأَنَّهَا تسْتَقْبل بَاب الْكَعْبَة، أَو لِأَن النَّفس تقبلهَا
القافية: هِيَ لُغَة تطلق على القصيدة من (قَفَوْت أَثَره) إِذا تَبعته، فَحِينَئِذٍ تكون (فاعلة) بِمَعْنى (مفعولة) ك {من مَاء دافق}
وَاصْطِلَاحا على مَذْهَب الْخَلِيل: أَنَّهَا من آخر حرف فِي الْبَيْت إِلَى أول سَاكن يَلِيهِ مَعَ حَرَكَة الْحَرْف الَّذِي قبله، وَهُوَ الْأَصَح
والتأنيث، وَإِن كَانَ الروي أَو الْحَرْف مذكرا، لحروف المعجم إِذْ كلهَا مُؤَنّثَة
الْقسْط، بِالْكَسْرِ: الْعدْل، وبالضم: الْجور
والقسطاس: قد يسْتَعْمل بِمَعْرِِفَة الْمِقْدَار، وَقد يسْتَعْمل للِاحْتِرَاز عَن الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان
وَالْعدْل يشبه بِهِ فِي الثَّانِي
القرف: قرف الذَّنب واقترفه: عمله
وقارف الذَّنب وَغَيره: داناه ولاصقه
وقرفه بِكَذَا: أَضَافَهُ إِلَيْهِ واتهمه بِهِ
وقارف امْرَأَته: جَامعهَا
سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن أَرض وبئة فَقَالَ: " دعها فَإِن من القرف التّلف " أَي من مداناة الْمَرَض الْهَلَاك وَهَذَا من بَاب الطِّبّ لَا من بَاب الْعَدْوى، فَإِن استصلاح الْهَوَاء من أعون الْأَشْيَاء على صِحَة الْبدن
القر بِالضَّمِّ: الْبرد وَهُوَ أَيْضا: الْقَرار {وقري عينا} مُشْتَقّ من الْقَرار، فَإِن الْعين إِذا رَأَتْ مَا يسر النَّفس سكنت إِلَيْهِ من النّظر إِلَى غَيره أَو من القر وَهُوَ الْبرد، فَإِن دمعة السرُور بَارِدَة لانصبابها من الدِّمَاغ، كَمَا أَن دمعة الْحزن حارة لصعودها من الرئة، وَلذَلِك يُقَال:(قُرَّة الْعين) للمحبوب، وسخنتها للمكروه
وقررت بِهِ عينا، كعلمت وقررت فِي الْمَكَان، كضربت: أقرّ فيهمَا
الْقدح، كالذهب: وَاحِد الأقداح الَّتِي للشُّرْب
و [الْقدح]، كالفسق: هُوَ السهْم قبل أَن يراش ويركب نصله
والقدح الْمُعَلَّى: سَابِع سِهَام الميسر وَهُوَ أوفر السِّهَام نَصِيبا
القنطار: هُوَ من المَال مِقْدَار مَا فِيهِ عبور الْحَيَاة تَشْبِيها بالقنطرة، وَذَلِكَ غير مَحْدُود الْقدر فِي نَفسه، وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسب الْإِضَافَة كالغنى، فَرب إِنْسَان يَسْتَغْنِي بِالْقَلِيلِ، وَآخر لَا يَسْتَغْنِي بالكثير، وَمن هُنَا وَقع الِاخْتِلَاف فِي حَده كَمَا فِي حد الْغنى
الْقرح: [هُوَ حَيْثُ جَاءَ فِي الْقُرْآن قِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَأبي بكر بِالضَّمِّ وَآخَرُونَ بِالْفَتْح، وهما لُغَتَانِ ك (الْجهد والجهد) وَقيل] بِالْفَتْح: الْأَثر من الْجراحَة من شَيْء يُصِيبهُ من خَارج وبالضم: أَثَرهَا من دَاخل وَقَالَ [الْفراء] بِالْفَتْح للجراحة، وبالضم لوجعها
والقريحة: الْبِئْر أول مَا تحفر وَلَا تسمى قريحة حَتَّى يظْهر مَاؤُهَا، وإطلاقها على الطبيعة بطرِيق الِاسْتِعَارَة
القربان: اسْم لما يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى من ذبحة أَو غَيرهَا على مَا قيل أَن قابيل قرب أردأ
قَمح، وهابيل جملا سمينا
القنا: هُوَ أحديداب فِي الْأنف، وَمِنْه رجل أقنى، وَقيل: هُوَ طول الْأنف ودقة أرنبته
والقناة: مجْرى المَاء، ورمح غير ذِي زج
الْقنية: هِيَ اسْم لما يقتنى أَي: يدّخر ويتخذ رَأس مَال زِيَادَة على الْكِفَايَة
القيراط، والقراط، بِالْكَسْرِ فيهمَا: مُخْتَلف وَزنه بِحَسب الْبِلَاد، فبمكة ربع سدس دِينَار، وبالعراق نصف عشرَة
الْقود، بِالسُّكُونِ: هُوَ نقيض السُّوق، وَهُوَ من أَمَام، وَذَلِكَ من خلف، وبالتحريك: الْقصاص
الْقَرِينَة: هِيَ مَا يُوضح عَن المُرَاد لَا بِالْوَضْعِ تُؤْخَذ من لَاحق الْكَلَام الدَّال عى خُصُوص الْمَقْصُود أَو سابقه
القرع: المساس بعنف
والقلع: التَّفْرِيق بعنف
الْقِصَّة: هِيَ الْأَمر وَالْخَبَر
وقصصت الحَدِيث: رويته على وَجهه و {نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص} : أَي نبين لَك أحسن الْبَيَان وقص عَلَيْهِ الْخَبَر قصصا بِالْفَتْح
والقصص بِالْكَسْرِ: اسْم جمع الْقِصَّة
القضم: الْأكل بأطراف الْأَسْنَان
والخضم: الْأكل بِجَمِيعِ الْفَم [وَيُقَال: كل شَيْء صلب يقضم، وكل شَيْء لين يخضم] وَنَحْوهمَا الْقَبْض والقبص بالصَّاد الْمُهْملَة فَإِن الأول للأخذ بِجَمِيعِ الْكَفّ، وَالثَّانِي للأخذ بأطراف الْأَصَابِع
القط، بِالْكَسْرِ صحيفَة الْجَائِزَة، وَخط الْحساب أَيْضا، وَقد فسر بهما قَوْله تَعَالَى:{رَبنَا عجل لنا قطنا}
القانون: هُوَ كلمة سريانية بِمَعْنى المسطرة، ثمَّ نقل إِلَى الْقَضِيَّة الْكُلية من حَيْثُ يسْتَخْرج بهَا أَحْكَام جزئيات الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فِيهَا وَتسَمى تِلْكَ الْقَضِيَّة أصلا وَقَاعِدَة، وَتلك الْأَحْكَام فروعا، واستخراجها من ذَلِك الأَصْل تَفْرِيعا [ثمَّ المسطر يحْتَمل مسطر الْجَدْوَل وَالْكِتَابَة وَهَذَا مَا هُوَ الْمَشْهُور بَين متأخري أَرْبَاب الْمنطق وبخلافه صرح الْمعلم الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: كَانَ القدماء يسمون كل آلَة عملت لامتحان مَا عَسى أَن يكون الْحس قد غلط فِيهِ من جسم أَو كَيْفيَّة أَو غير ذَلِك مثل الشاقور والبركار والمسطر والموازين قوانين ويسمونه أَيْضا جَوَامِع الْحساب، وجداول النُّجُوم قوانين، والكتب المختصرة الَّتِي جعلت تذاكير لكتب طَوِيلَة قوانين إِذا كَانَت أَشْيَاء قَليلَة الْعدَد تحصر أَشْيَاء كَثِيرَة وَيكون بعلمنا وحفظنا إِيَّاهَا قد علمنَا أَشْيَاء كَثِيرَة الْعدَد]
الْقُنُوت: الْقيام، وَالسُّكُوت، وَالدُّعَاء، وَالطَّاعَة وَكلهَا مُنَاسِب لِمَعْنى الصَّلَاة [قَالَ زيد بن الأرقم: كُنَّا نتكلم فِي الصَّلَاة حَتَّى نزلت {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فأمسكنا عَن الْكَلَام]
الْقرْيَة: الْأَبْنِيَة الَّتِي تجمع النَّاس، من قَوْلهم: قريت المَاء فِي الْحَوْض إِذا جمعته فِي " الْقَامُوس ": الْمصر الْجَامِع [فِي الْعرف: الكورة كالبلدة، والقرية اسْم للعمران، وَأما فرغانة وَسعد وتركستان وفام وخراسان فَإِنَّهَا اسْم لولاية حَتَّى لَو حلف لَا يدخلهَا فَدخل قَرْيَة من قراها حنث، وَفِي بُخَارى اخْتِلَاف، وَالْفَتْوَى فِي زَمَاننَا على أَنه اسْم للعمران]
وَقَالَ بَعضهم فِي قَوْله تَعَالَى: {واسأل الْقرْيَة} إِن الْقرْيَة هُنَا الْقَوْم أنفسهم وعَلى هَذَا {قَرْيَة كَانَت آمِنَة مطمئنة}
وَأما الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ رَبك ليهلك الْقرى} ، و {من هَذِه الْقرْيَة الظَّالِم أَهلهَا} فَهِيَ اسْم للمدينة
والقصبة: الْمَدِينَة أَو مُعظم المدن
والقرية والبلدة كِلَاهُمَا اسْم لما هُوَ دَاخل الربض وقوى الْحجاز لَا تَنْصَرِف، وقرى السوَاد تَنْصَرِف، وَصرف الْمصر بِسُكُون وَسطه كنوح أَو على تَأْوِيل الْبَلَد
القوصرة، بتَشْديد الرَّاء: وعَاء التَّمْر يتَّخذ من قصب سمي بهَا مَا دَامَ فِيهَا تمر، وَإِلَّا يُقَال زنبيل
قد: كلمة (قد) تثبت المتوقع، كَمَا أَن (لما) تنفيه وتدل على ثباته إِذا دخل على الْمَاضِي وَلذَلِك تقربه من الْحَال وَلها سِتَّة معَان: التوقع نَحْو: يقدم الْغَائِب وَالْيَوْم
وتقريب الْمَاضِي من الْحَال نَحْو: قد قَامَ زيد
وَالتَّحْقِيق نَحْو: {قد أَفْلح من زكاها}
وَالنَّفْي نَحْو: قد كنت فِي خير فتعرفه
بِنصب (تعرفه)
والتقليل نَحْو: قد يصدق الكذوب
والتكثير نَحْو قَوْله: قد أترك الْقرن مصفرا أنامله
قد: الَّتِي للتحقيق تدخل على الْمُضَارع وعَلى الْمَاضِي وَكَذَا حَيْثُ جَاءَت بعد اللَّام
وَالَّتِي للتقريب تخْتَص بالماضي، وَلذَلِك يحسن وُقُوع الْمَاضِي موقع الْحَال إِذا كَانَ مَعَه (قد)
وَالَّتِي للتقليل تخْتَص بالمضارع سَوَاء كَانَ لتقليل وُقُوع الْفِعْل نَحْو: (قد يصدق الكذوب) أَو لتقليل مُتَعَلّقه نَحْو: {قد يعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} : أَي أَن مَا هم عَلَيْهِ أقل مَعْلُومَات الله تَعَالَى
وَفِي (قد قَامَت الصَّلَاة) ثَلَاثَة معَان مجتمعة: التَّحْقِيق، والتوقع والتقريب وَقد يكون مَعَ التَّحْقِيق التَّقْرِيب من غير توقع، كَمَا تَقول:(قد ركب زيد) ، لمن يتَوَقَّع ركُوبه
وَقد تستعار (قد) للتكثير لمجانسة بَين الضدين، كَمَا أَنهم يعْملُونَ مثل ذَلِك فِي (رب)
وَلَفْظَة (قد) لَا تدل ظَاهرا على تبعيض الْأَفْرَاد لَكِنَّهَا لَيست مَخْصُوصَة بِبَعْض الْأَوْقَات، بل قد تكون لتبعيض الْمَقَادِير أَيْضا، وَرُبمَا يلْزم مِنْهُ
جزئية الحكم كَمَا فِي قَوْلك: (الْحَيَوَان قد يكون إنْسَانا)
وَوُجُوب (قد) فِي الْمَاضِي الْمُثبت الْوَاقِع حَالا إِذا لم يكن بعد (إِلَّا) ، وَإِلَّا فالاكتفاء بالضمير وَحده بِدُونِ (قد) وَالْوَاو أَكثر لِأَن الْأَغْلَب فِي (إِلَّا) أَن تدخل على الِاسْم، وَلَفْظَة (قد) لَا تدخل عَلَيْهِ
[وَذكر الحديثي أَن (قد) إِنَّمَا تجب فِي الْمَاضِي الْمُثبت الْوَاقِع حَالا إِذا لم تُوجد الْوَاو فِيهِ، وَبَين فِي علم الْمعَانِي أَن تصدير الْمَاضِي الْمُثبت بِلَفْظ (قد) لمُجَرّد اسْتِحْسَان لَفْظِي]
و (قد) اسْم فعل مرادفة ليكفي نَحْو: (قدني دِرْهَم)، (وَقد زيدا دِرْهَم) أَي: يَكْفِي وَاسم مرادف لحسب وتستعمل مَبْنِيَّة غَالِبا نَحْو: (قد زيد دِرْهَم)، بِالسُّكُونِ ومعربة نَحْو:(قد زيد) بِالرَّفْع
وحرفية (قد) مُخْتَصَّة بِالْفِعْلِ الْمُتَصَرف الخبري الْمُثبت الْمُجَرّد من جازم وناصب وحرف تَنْفِيس
قبل: هِيَ فِي الأَصْل من قبيل أَلْفَاظ الْجِهَات السِّت الْمَوْضُوعَة لأمكنة مُبْهمَة، ثمَّ استعيرت لزمان مُبْهَم سَابق على زمَان مَا أضيفت هِيَ إِلَيْهِ للمشابهة بَينه وَبَين مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ، أَعنِي الْمَكَان الْمُبْهم الَّذِي يُقَابل جِهَة (قُدَّام) الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي الْإِبْهَام، وَوُجُود معنى التَّقَدُّم وَوُقُوع الْفِعْل فيهمَا، فَكَمَا أَنَّهَا تعم جَمِيع الْأَمْكِنَة الَّتِي تقَابل تِلْكَ الْجِهَة إِلَى انْقِطَاع الأَرْض بِحَسب مَعْنَاهَا الأول الْمُسْتَعَار مِنْهُ، كَذَلِك تعم جَمِيع الْأَزْمِنَة السَّابِقَة على زمَان الْمُضَاف إِلَيْهِ بِحَسب مَعْنَاهَا الثَّانِي الْمُسْتَعَار لَهُ
والقبلية والبعدية من المفعولات الثَّانِيَة
والقبلية الزمانية: عبارَة عَن تحقق الشَّيْء فِي زمَان لَا يتَحَقَّق فِيهِ الآخر، وَذَلِكَ أَعم من أَن لَا يتَحَقَّق ذَلِك الآخر أصلا، أَو يتَحَقَّق وَلَكِن لَا فِي ذَلِك الزَّمَان بل فِي زمَان لَاحق
[وقبلية الْوَاحِد على الِاثْنَيْنِ قبلية يجوز مَعهَا اجْتِمَاع الْقبل مَعَ الْبعد وَلَيْسَ قبلية الْقبل فِي الْحَادِث كقبلية الْوَاحِد فَإِن الْحَادِث مَعْدُوم فِي الْقبل مَوْجُود فِي الْبعد، وَلَو اجْتمعَا لاجتمع وجوده وَعَدَمه فَلَا بُد لَهَا من معروض تعرض هِيَ لَهُ لذاته دفعا للتسلسل]
وَقبل فِي قَوْلهم: الْمَاضِي هُوَ الزَّمَان الَّذِي قبل زمَان تكلمك لَو قرئَ بِضَم اللَّام لم يرد عَلَيْهِ أَنه ظرف زمَان فَيلْزم إِمَّا كَون الشَّيْء ظرفا لنَفسِهِ، أَو ثُبُوت زمَان آخر للزمان، وَهَذَا إِنَّمَا يتم لَو لم يكن (قبل) لَازم الظَّرْفِيَّة
و (قبل) مَقْرُونا بهاء الْكِنَايَة: وصف اللَّاحِق مثل: (جَاءَنِي زيد قبله عَمْرو) وَبِدُون الْهَاء وصف السَّابِق نَحْو: (جَاءَنِي زيد قبل عمر) وَهَكَذَا (بعد)
والقبلية الْمُطلقَة: لَا تتَوَقَّف على وجود مَا بعْدهَا حَتَّى لَو قَالَ: (أَنْت طَالِق قبل أَن تدخلي الدَّار) ، تنجز الطَّلَاق، دَلِيله قَوْله تَعَالَى:{فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا} فَإِنَّهُ لَا يتَوَقَّف وُقُوع التَّحْرِير تكفيرا على وجود المماسة بِخِلَاف أَنْت طَالِق قبيل أَن أقْربك) حَيْثُ يتَعَلَّق الطَّلَاق بالقربان، لِأَن قبيل مُصَغرًا اسْم لساعة لَطِيفَة تتصل بالقربان وَلَا تعرف إِلَّا باتصاله بذلك الْفِعْل فَيصير موليا
والقبيل، كالعليم: الْخَيط الَّذِي يفتل إِلَى قُدَّام،
والدبير: الْخَيط الَّذِي يفتل إِلَى خلف
والقبيل: من آبَاء مُخْتَلفَة
والقبيلة: بَنو أَب وَاحِد، والقبيل أَعم، والحي اسْم لمنزل الْقَبِيلَة، ثمَّ سميت الْقَبِيلَة بالحي لِأَن بَعضهم يحيا بِبَعْض
قطّ، مُشَدّدَة مجرورة: بِمَعْنى الدَّهْر مَخْصُوصَة بالماضي، أَي فِيمَا مضى من الزَّمَان أَو فِيمَا انْقَطع من الْعُمر، وَإِذا كَانَت بِمَعْنى حسب ف (قطّ) ك (عَن)
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ التَّشْدِيد من الظروف المبنية الْمَوْضُوعَة لنفي الْمَاضِي على طَرِيق الِاسْتِغْرَاق، كَمَا أَن عوض للمستقبل
وَرُبمَا تسْتَعْمل (قطّ) بِدُونِ النَّفْي نَحْو: (كنت أرَاهُ قطّ) أَي دَائِما وَفِي سنَن أبي دَاوُد (تَوَضَّأ ثَلَاثًا قطّ)
وقط مُفْرد بِاعْتِبَار اللَّفْظ، وَجُمْلَة بِاعْتِبَار الْمَعْنى وَقد تدخل عَلَيْهِ الْفَاء للتزيين فَكَأَنَّهُ جَوَاب شَرط مَحْذُوف
وَإِذا كَانَ (قطّ) اسْم فعل بِمَعْنى يَكْفِي فتزاد نون الْوِقَايَة كَمَا فِي (قد) مَعَ ضمير الْمُتَكَلّم الْمَجْرُور
وَمعنى فَقَط: انته وَلَا تجاوزه عَنهُ إِلَى غَيره
قاطبة: من (قطب) إِذا جمع، يُرَاد بِهِ الْمصدر فَيكون بِمَعْنى المقطوب أَي الْمَجْمُوع، فَإِن الْمصدر يصلح للْجمع والفرد
والقطب، كالعنق: حَدِيدَة تَدور عَلَيْهَا الرَّحَى، أَو نجم تبنى عَلَيْهِ الْقبْلَة، وملاك الشَّيْء ومداره
وَسمي خِيَار النَّاس قطبا لِاجْتِمَاع خِيَار النَّاس فِيهِ وَلَا تسْتَعْمل قاطبة إِلَّا حَالا ك (أتيت ركضا) لِأَنَّهَا
لَزِمت النصب. وَمثلهَا (طَرَأَ) و (كَافَّة) فَلَا يُقَال: قاطبة النَّاس كَمَا لَا يُقَال: طر الْقَوْم، وكافة النَّاس
قطعا: هُوَ فِي مثل قَوْله (لِأَنَّهُ مُنْتَفٍ مِنْهُ قطعا) مَنْصُوب على الْمصدر أَي: انْتِفَاء قطعا بِمَعْنى ذَا قطع أَو قَطْعِيا، أَو قطع قطعا، أَو حَال من ضمير مُنْتَفٍ أَي: مَقْطُوعًا أَو على التَّمْيِيز أَي: بِحَسب الْقطع
قصوى: هِيَ تَأْنِيث الْأَقْصَى وَالْقِيَاس قلب الْوَاو كالدنيا والعليا تَفْرِقَة بَين الِاسْم وَالصّفة فجَاء على الأَصْل (كأعواد) فِي جمع (عيد) وَالْيَاء منقلبة عَن الْوَاو وَالْجمع كالتصغير يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا فَجمع بِالْيَاءِ فرقا بَينه وَبَين جمع (عود)
القرطاس: لَا يُقَال قرطاس إِلَّا إِذا كَانَ مَكْتُوبًا، وَإِلَّا فَهُوَ طرس وكاغد وَلَا يُقَال قلم إِلَّا إِذا بري، وَإِلَّا فَهُوَ أنبوب وَقد الغزت فِي الْقَلَم:
(وأبكم هندي قطعت لِسَانه
…
فأفضح مَا قد أضمر البال والحشا)
(فَأصْبح يبكي بالصياح كَأَنَّهُ
…
رَضِيع بِمَنْع الْأُم يبكي لما يشا)
(وَلَا عجب لَو أم شرقا وغربه
…
شَبيه كَأُمّ شطري اسْم بِهِ نشا)
[نوع]
{قوامون} : أُمَرَاء
{فَإِذا قرأناه} : بَيناهُ
{قانتات} : مطيعات
{قنوان دانية} : قصار النّخل اللاصقة عروقها بِالْأَرْضِ
{قبلا} : مُعَاينَة
{طرائق قددا} : مقطعَة فِي كل وَجه [أَو مُخْتَلفَة]
{الْقطع} : السَّحَاب
{لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم} : أَمرتهم
{فَخذهَا بِقُوَّة} : بجد وحزم
{بِالْقِسْطِ} : بِالْعَدْلِ
{عين الْقطر} : النّحاس
{وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل} : أعلمنَا. {وَقضي} : أَمر. أَمر
{قاصفا} : عاصفا
{قيمًا} : عدلا
{قاعا} : خَالِيا
{قطنا} : الْعَذَاب
{الْقَوَاعِد} : اساس الْبَيْت
{الْقمل} : الْجَرَاد الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَجْنِحَة
{وقفينا على آثَارهم} : أتبعنا على آثَار الْأَنْبِيَاء
{قسورة} : من القسر وَهُوَ الْقَهْر، وَعَن ابْن عَبَّاس: الْأسد بالحبشية
{قطنا} : كتَابنَا بالنبطية
{قِنْطَار} : عَن الْبَعْض انه فَارسي مُعرب
وَذكر الثعالبي أَنه بالرومية اثْنَا عشر ألف أُوقِيَّة، وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه بلغَة البربر ألف مِثْقَال
{القيوم} : قَالَ الوَاسِطِيّ: هُوَ الَّذِي لَا ينَام بالسُّرْيَانيَّة
{قطمير} : الْجلْدَة الْبَيْضَاء الَّتِي تكون على النواة
{القانع} : الْمُتَعَفِّف
{المعتر} : السَّائِل
{قاب قوسين} : قدر قوسين أَو التَّقْدِير: قابي قَوس
{قَائِلُونَ} : نائمون نصف النَّهَار
{عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد} : أَي حَافظ
{قترة} : غُبَار فِيهِ سَواد
{مَا قدرُوا الله حق قدره} : مَا عرفوه حق مَعْرفَته فِي الرَّحْمَة والإنعام على الْعباد
{قوامين بِالْقِسْطِ} : مواظبين على الْعدْل مجتهدين فِي إِقَامَته
{حَتَّى إِذا أقلت} : أَي حملت
{فقعوا لَهُ} : فَخَروا لَهُ
{وقري عينا} : وطيبي نَفسك
{بقبس} : بشعلة من النَّار
{فاقذفيه} : الْقَذْف يُقَال: للإلقاء والوضع، وَكَذَلِكَ الرَّمْي
{وَقُرْآن الْفجْر} : صَلَاة الصُّبْح
{وَالْمَلَائِكَة قبيلا} : كَفِيلا شَاهدا ضَامِنا
{قتورا} : بَخِيلًا
{كسراب بقيعة} : جمع قاع وَهُوَ الأَرْض المستوية
{قمطريرا} : فاشيا منتشرا غَايَة الانتشار
{قطوفها} : القطف هُوَ مَا يجتنى بِسُرْعَة
{قددا} : مُخْتَلفَة
{وأقوم قيلا} : أَسد مقَالا
{من القالين} : من المبغضين
{وأنزلنا من السَّمَاء مَاء بِقدر} : بِتَقْدِير يكثر نَفعه ويقل ضَرَره، أَو بِمِقْدَار مَا علمنَا من الْكِفَايَة فِي الْمصَالح والمعاش
{من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح} : كعض السِّلَاح وَنَحْوه مِمَّا يجرح الْبدن
{قست قُلُوبكُمْ} : يَبِسَتْ وصلبت
{قصيه} : اتبعي أَثَره حَتَّى تنظري من يَأْخُذهُ
{وَقرن فِي بيوتكن} : من الْوَقار، وَقرن بِالْفَتْح: من الْقَرار
{وقيله} : بِالْجَرِّ وَالنّصب: قسم أَو مصدر (قَالَ) مُقَدرا لَا عطف على لفظ السَّاعَة أَو محلهَا لما بَينهمَا من التباعد
{وقفوهم} : احبسوهم
{كَانَت القاضية} : أَي القاطعة لأمري
{من قَوَارِير} : من زجاج
{وقيضنا} : وقدرنا
{وَهُوَ الْقوي} : الباهر الْقُوَّة
{فَإِذا قضيت الصَّلَاة} : أدّيت وَفرغ مِنْهَا
(ثمَّ جِئْت على قدر} : قدرَة لِأَن أُكَلِّمك [وأستنبئك غير مستقدم وقته الْمعِين وَلَا مستأخر] ، أَو على مِقْدَار من السن يُوحى فِيهِ إِلَى الْأَنْبِيَاء [وَهُوَ رَأس أَرْبَعِينَ]
{قطعت لَهُم ثِيَاب} : قدرت لَهُم على مقادير جثثهم
{فِي قَرَار مكين} : مُسْتَقر حُصَيْن يَعْنِي الرَّحِم
[ {ن والقلم} : هُوَ الَّذِي خطّ اللَّوْح أَو الَّذِي يخط بِهِ
{بالقارعة} : بالحالة الَّتِي تقرع النَّاس بالإفزاع والإجرام بالانفطار والانتشار
{يَا ليتها كَانَت القاضية} : أَي يَا لَيْت الْميتَة الَّتِي متها قَاطِعَة لأمري فَلم أبْعث بعْدهَا
{كفرُوا قبلك} : حولك
{قَوَارِير من فضَّة} : أَي تكونت جَامِعَة بَين صفاء الزجاجة وشفيفها وَبَيَاض الْفضة ولينها
{إِلَى قدر مَعْلُوم} : من الْوَقْت قدره الله للولادة
{قدروها تَقْديرا} : أَي قدروها فِي أنفسهم فَجَاءَت مقاديرها وأشكالها كَمَا تمنوا وَأَنا فَوْقهم
{قاهرون} : غالبون
{وقطعناهم فِي الأَرْض أمما} : وفرقناهم فِيهَا
{ثمَّ قبضناه إِلَيْنَا} : أزلناه
{على الموسع قدره} : أَي إِمْكَانه وطاقته، وَالْفَتْح والسكون لُغَتَانِ
{أهل هَذِه الْقرْيَة} : سدوم
{قصمنا} : أهلكنا
{ق} : مجازها مجَاز سَائِر حُرُوف الهجاء فِي أَوَائِل السُّور
{قرح} : وقرح: هما جراح وَقيل بِالْفَتْح الْجراح وبالضم ألم جراح