الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَإِنَّهَا لكبيرة} : لثقيلة شاقة
{كسَالَى} : متثاقلين كالمكره على الْفِعْل
{وَلَا مبدل لكلمات الله} : لمواعيده
{إِن كيدي متين} : إِن أخذي شَدِيد
{وكهلا} : هُوَ من تجَاوز الثَّلَاثِينَ
{قل قتال فِيهِ كَبِير} : أَي ذَنْب كَبِير
{تخشون كسادها} : فَوَات وَقت نفاقها
{كرة} : رَجَعَ إِلَى الدُّنْيَا
{كدأب آل فِرْعَوْن} : كعادتهم
{كأين} : أَي كم
{كيل بعير} : حمل جمل
{الْكَهْف} : غَار فِي الْجَبَل.
{فَكيف إِذا توفتهم الْمَلَائِكَة} : أَي كَيفَ يَفْعَلُونَ عِنْد ذَلِك، وَالْعرب تكتفي بكيف عَن ذكر الْفِعْل مَعهَا لِكَثْرَة دورها {كرة} ، بِالضَّمِّ: مشقة وبالفتح: إِكْرَاه فَالْأول مَا حمل الْإِنْسَان نَفسه عَلَيْهِ، وَالثَّانِي مَا أكره عَلَيْهِ
{أعجب الْكفَّار} : يَعْنِي الزراع
{كبارًا} : كَبِيرا فِي الْغَايَة
{كيدون} : احْتَالُوا فِي أَمْرِي
{كدنا ليوسف} : أَي كدنا لَهُ إخْوَته حَتَّى ضممنا أَخَاهُ إِلَيْهِ وَكيد الله: مَشِيئَته بِالَّذِي يَقع بِهِ الكيد لَا الاحتيال
{لإحدى الْكبر} : أَي البلايا الْكبر الْكَثِيرَة
{مروا كراما} : معرضين عَمَّا يجب أَن يلغى مكرمين أنفسهم عَن الْوُقُوف عَلَيْهِ والخوض فِيهِ
{الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْض} : الْملك لِأَنَّهُ أكبر مَا يطْلب من أَمر الدُّنْيَا
{كذابا} : كذبا]
(فصل اللَّام)
[لَوْلَا] : نقل عَن الْخَلِيل أَن كل مَا فِي الْقُرْآن من (لَوْلَا) فَهِيَ بِمَعْنى هلا إِلَّا الَّتِي فِي " الصافات "{فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} وَفِي " يُونُس "{فلولا كَانَت قَرْيَة آمَنت فنفعها إيمَانهَا} يَعْنِي المقترنة بِالْفَاءِ
[لَو] : وَعَن ابْن عَبَّاس كل شَيْء فِي الْقُرْآن (لَو)
فَإِنَّهُ لَا يكون أبدا لِأَنَّهُ حرف امْتنَاع يُنَبه على اسْتِحَالَة وُقُوع مَا قرن ذكره بِهِ، وَكَذَا حَيْثُ مَا ورد فِي السّنة
[لَعَلَّ] : وَعَن الْوَاقِدِيّ: كل مَا فِي الْقُرْآن من (لَعَلَّ) فَإِنَّهَا للتَّعْلِيل إِلَّا {لَعَلَّكُمْ تخلدون} فَإِنَّهَا للتشبيه، وَهَذَا غَرِيب لم يذكرهُ النُّحَاة
[اللؤمة] : كل مَا يبخل بِهِ الْإِنْسَان لحسنه من مَتَاع الْبَيْت وَنَحْوه فَهُوَ لؤمة [اللَّقْلَقَة] : كل صَوت فِيهِ حَرَكَة واضطراب فَهِيَ لقلقَة
[اللَّغْو] : كل مطروح من الْكَلَام لَا يعْتد بِهِ فَهُوَ لَغْو
[اللعبة] : كل ملعوب بِهِ فَهُوَ لعبة يُقَال: اقعد حَتَّى أفرغ من هَذِه اللعبة
[لَقِي] : كل شَيْء اسْتقْبل شَيْئا فقد لقِيه
[اللَّهْو] : كل بَاطِل ألهى عَن الْخَيْر وَعَما يَعْنِي فَهُوَ لَهو
[اللَّام] : الهول كاللامة، واللوم شخص الْإِنْسَان، والشديد من كل شَيْء، وحرف هجاء
وَاللَّام للتعريف بالِاتِّفَاقِ، وَفِي معنى التَّعْرِيف اشْتِبَاه فمذهب سِيبَوَيْهٍ أَن حرف التَّعْرِيف هُوَ اللَّام الساكنة فِي (ال) فَقَط، كَمَا أَن حرف التنكير هُوَ النُّون الساكنة، وزيدت الْهمزَة للابتداء
وَمذهب الْخَلِيل أَن حرف التَّعْرِيف مَجْمُوع (ال) ك (هَل)، وَلذَلِك قيل: يَا الله بِقطع الْهمزَة لِأَنَّهُ جُزْء المعوض من الْحَرْف الْأَصْلِيّ، وَهَذَا ظَاهر وَإِنَّمَا الخفاء فِيمَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ، لكنه يُقَال: إِنَّهَا لما اجتلبت للنطق بالساكن جرت مِنْهُ مجْرى الْحَرَكَة، فَلَمَّا عوض عَن حرف متحرك كَانَ للهمزة مدْخل مَا فِي التعويض فَجَاز قطعهَا، وَإِنَّمَا اخْتصَّ الْقطع بالنداء لِأَن الْحَرْف فِيهِ يتمحض للتعويض فَلَا يُلَاحظ فِيهِ شَائِبَة تَعْرِيف حذرا من اجْتِمَاع أداتي التَّعْرِيف، وَأما فِي غير النداء فَيجْرِي الْحَرْف على أَصله
وَمذهب الْمبرد أَنَّهَا الْهمزَة فَقَط وَزيد اللَّام للبس الِاسْتِفْهَام
قَالَ بَعضهم: وَالتَّعْبِير ب (ال) أولى من التَّعْبِير بِالْألف وَاللَّام إِذْ لَا يُقَال فِي (هَل) الْهَاء وَاللَّام وَلَا فِي (قد) الْقَاف وَالدَّال إِلَى غير ذَلِك، وَالتَّعْبِير بأداة التَّعْرِيف أحسن من التَّعْبِير بأل لشُمُوله لأل وَاللَّام على قَول من يَرَاهَا وَحدهَا هِيَ الْمعرفَة، و (لم) بدلهَا على لُغَة حمير
وَقد يعبر عَن الْمُعَرّف بِاللَّامِ الَّتِي فِي حكم النكرَة بالمحلى بِاللَّامِ إِشَارَة إِلَى أَن اللَّام فِيهِ لمُجَرّد تَزْيِين اللَّفْظ، ثمَّ إِن اللَّام الَّتِي للتعريف وَهُوَ تذكر السَّامع مَا حضر فِي ذهنه من الْمَاهِيّة الْمُجَرَّدَة الْمُسَمَّاة جِنْسا، أَو الْمَاهِيّة المخلوطة الْمُسَمَّاة معهودا لَا تَسْتَغْنِي هَذِه اللَّام عَن ضميمة كالتقدم ذكرا حَقِيقَة أَو حكما بِخِلَاف الأولى، وَاخْتلفُوا فِيمَا يصرف إِلَيْهِ إِذا وجد الْمَعْهُود، فَمنهمْ من صرف إِلَيْهِ لقُرْبه من الْفَهم، وَلَا يعدل إِلَى الْجِنْس إِلَّا عِنْد عَدمه، وَمِنْهُم من صرفه إِلَى الْجِنْس لتعينه بالملاحظة الذهنية تعينا لَا يُفَارِقهُ، وَلَا يعدل إِلَى الْمَعْهُود إِلَّا للتعذر، ثمَّ اخْتلف هَؤُلَاءِ فِي أَنه هَل
يصرف إِلَى فَرد من الْمَاهِيّة أَو إِلَى كل الْأَفْرَاد، فَمنهمْ من ذهب إِلَى الْوَاحِد، وَالْأَكْثَرُونَ إِلَى الِاسْتِغْرَاق محتجين بِأَن اخْتِصَاص فَرد بِلَا مُخَصص لَا يجوز، وبصحة الِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله تَعَالَى:{إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا} وبالإجماع على أَن المُرَاد بقوله تَعَالَى: {وَالسَّارِق والسارقة} ، {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} الِاسْتِغْرَاق إِذا تقرر هَذَا فَاعْلَم أَن اللَّام إِذا دخلت على اسْم من الْأَسْمَاء فَلَا معنى لَهَا سوى الْإِشَارَة إِلَى تعْيين مُسَمَّاهُ، وَتلك الْإِشَارَة هِيَ تَعْرِيف الْجِنْس، ثمَّ إِنَّه إِمَّا أَن يُوجد هُنَاكَ قرينَة مَا أَو لَا فعلى الثَّانِي تسمى لَام الْحَقِيقَة، وعَلى الأول إِمَّا أَن تكون قرينَة الْخُصُوص الْخَارِجِي أَو لَا فعلى الأول تسمى لَام الْعَهْد الْخَارِجِي، وعَلى الثَّانِي إِمَّا أَن تكون قرينَة الْعُمُوم أَو لَا، فعلى الأول تسمى لَام الِاسْتِغْرَاق، وعَلى الثَّانِي تسمى لَام الْعَهْد الذهْنِي
قَالَ صَاحب " التحبير ": " إِن اللَّام لنَفس الْإِشَارَة لَكِن الْإِشَارَة تقع تَارَة إِلَى فَرد لمخاطبك بِهِ عهد، وَأُخْرَى إِلَى جنس، فَمَعْنَى اللَّام وَاحِد على كل حَال " انْتهى، فَإِذن لَا بُد لَهُ من تَقْدِيم مشار إِلَيْهِ فَإِذا جَاءَ فِي الْكَلَام مَا يَصح أَن يكون مشارا إِلَيْهِ بِأَيّ وَجه كَانَ تعين لَهُ
وَقَالَ عَامَّة أهل الْأُصُول والعربية: لَام التَّعْرِيف سَوَاء دخلت على الْفَرد أَو على الْجمع تفِيد الِاسْتِغْرَاق فيهمَا جَمِيعًا إِلَّا إِذا كَانَ معهودا
وَعَن أبي عَليّ اليسوي أَنه للمطلق فيهمَا لَا للاستغراق، وَهُوَ أحد قولي أبي هَاشم من الْمُعْتَزلَة، وَقَوله الآخر أَنه فِي الْفَرد لمُطلق الْجِنْس، وَفِي الْجمع لمُطلق الْجمع لَا للاستغراق إِلَّا بِدَلِيل آخر وَقَول صَاحب " الْمُعْتَمد " فِي الْفَرد كَذَلِك وَفِي الْجمع للاستغراق إِلَّا بِدَلِيل
ثمَّ نقُول: إِن لَام الْجِنْس إِذا دخلت على الْمُفْرد كَانَ صَالحا لِأَن يُرَاد بِهِ الْجِنْس إِلَى أَن يحاط بِهِ، وَأَن يُرَاد بِهِ بعضه لَا إِلَى وَاحِد، لِأَن وزانه فِي تنَاول الجمعية وزان الْمُفْرد فِي تنَاول الجنسية، والجمعية فِي جمل الْجِنْس لَا فِي وحداته، وَإِذا دخلت اللَّام على اسْم الْجِنْس فإمَّا أَن يشار بهَا إِلَى حِصَّة من مُسَمَّاهُ مُعينَة بَين الْمُتَكَلّم والمخاطب وَاحِدًا كَانَت أَو اثْنَيْنِ أَو جمَاعَة مَذْكُورَة تَحْقِيقا أَو تَقْديرا وَتسَمى لَام الْعَهْد الْخَارِجِي، وَنَظِير مدخولها الْعلم الشخصي ك (زيد) ونعني بالخارجي مَا كَانَ السَّامع يعرفهُ
وَإِمَّا أَن يشار بهَا إِلَى الْجِنْس نَفسه فَحِينَئِذٍ إِمَّا أَن يقْصد الْجِنْس من حَيْثُ هُوَ هُوَ من غير اعْتِبَار لما قصد عَلَيْهِ من الْأَفْرَاد الدَّاخِلَة على الْمَحْدُود كَمَا فِي قَوْلك: (الْإِنْسَان حَيَوَان نَاطِق) لِأَن التَّعْرِيف للماهية أَي الْحَقِيقَة وَنَحْو قَوْلنَا: (الرجل خير من الْمَرْأَة) ، أَي إِذا قوبل حَقِيقَة كل مِنْهُمَا بِحَقِيقَة الآخر فحقيقة الرجل خير من حَقِيقَة الْمَرْأَة وَإِلَّا فكم من امْرَأَة خير من رجل بِاعْتِبَار شرفها وقربها وكرامتها عِنْد الله تَعَالَى، فتسمى هَذِه اللَّام لَام الْحَقِيقَة وَلَام الطبيعة، وَنَظِير مدخولها الْعلم الجنسي ك (أُسَامَة) وَإِمَّا أَن يقْصد الْجِنْس من
حَيْثُ هُوَ مَوْجُود فِي ضمن الْأَفْرَاد بِقَرِينَة الْأَحْكَام الْجَارِيَة عَلَيْهِ الثَّابِتَة لَهُ فِي ضمنهَا، إِمَّا فِي جَمِيعهَا بِأَن لَا تقوم قرينَة البعضية كَمَا فِي الْمقَام الْخطابِيّ فَيحمل على الِاسْتِغْرَاق بِسَبَب أَن الْقَصْد إِلَى بعض دون بعض تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح وَتسَمى لَام الِاسْتِغْرَاق وَنَظِيره كلمة (كل) مُضَافَة إِلَى النكرَة أَو فِي بَعْضهَا بِأَن تقوم قرينَة البعضية كَمَا فِي الْمقَام الاستدلالي، فَيحمل على الْأَقَل لِأَنَّهُ الْمُتَيَقن، وَتسَمى لَام الْعَهْد الذهْنِي كَقَوْلِك:(ادخل السُّوق وأشتر اللَّحْم) ، حَيْثُ لَا عهد فِي الْخَارِج، ومؤدى مدخولها مؤدى النكرَة، وَلذَلِك تجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامهَا ونعني بالذهني مَا انْفَرد الْمُتَكَلّم بمعرفته، وَإِلَّا فالعهد لَا يكون إِلَّا فِي الذِّهْن
ثمَّ الأَصْل فِي اللَّام لَام الْعَهْد الْخَارِجِي عِنْد عُلَمَاء الْأُصُول لكَون الْأَحْكَام الخارجية أصلا عِنْدهم، وَسَائِر الْأَقْسَام من شعبها، فيتقدم هُوَ على الِاسْتِغْرَاق، وَهُوَ على الْجِنْس، لِأَن الإفادة خير من الْإِعَادَة، وَهُوَ على الْعَهْد الذهْنِي
وَأما عِنْد عُلَمَاء الْمعَانِي فَالْأَصْل فِي اللَّام الْحَقِيقَة، فَإِن أبحاثهم من الْأَحْكَام الوضعية والمجازية، وَقد صَرَّحُوا بِأَن الْأَلْفَاظ فِي وَضعهَا للْجِنْس والحقيقة لَا للْعُمُوم وَلَا للخصوص، وَمَا عَداهَا من فروعها بِحَسب الْقَرَائِن والمقامات
وَاللَّام الَّتِي مَعْنَاهَا الْجِنْس تطلق على الْقَلِيل وَالْكثير كَالْمَاءِ
وَالَّتِي مَعْنَاهَا استغراق الْجِنْس تطلق على الْكثير دون الْقَلِيل نَحْو: الرجل، إِذا أُرِيد مِنْهُ جَمِيع الرِّجَال، وَإِن أُرِيد مِنْهُ قَلِيل الرِّجَال فَحِينَئِذٍ للْجِنْس فَقَط لَا لاستغراقه
وَاللَّام الَّتِي للْجِنْس لَا تفارق الِاسْتِغْرَاق فِي الذِّهْن، فَلَا يتَخَلَّف الْفَرد عَنهُ كَمَا فِي قَوْلنَا:(الرجل خير من الْمَرْأَة) ، وَإِن الْأَمر كَذَلِك فِي الذِّهْن بِخِلَاف الْجِنْس الْخَارِجِي فَإِنَّهُ يُفَارِقهُ، ويتخلف الْفَرد عَنهُ لِأَن عَائِشَة رضي الله عنها خير من جَمِيع الدُّنْيَا وَأَهْلهَا
وَاللَّام الَّتِي فِي الْأَعْلَام الْغَالِبَة من الْعَهْد الَّذِي يكون بِعلم الْمُخَاطب بِهِ قبل الذّكر لشهرته لَا من الْعَهْد الَّذِي يكون يجْرِي ذكر الْمَعْهُود
وَلَام الِاسْتِحْقَاق تكون بَين الذَّات وَالصّفة نَحْو: {الْعِزَّة لله}
وَلَام الِاخْتِصَاص تكون بَين الذاتين نَحْو: {الْجنَّة لِلْمُتقين} وَلم يفرق بَينهمَا ابْن هِشَام بل عمم الثَّانِي لما فِيهِ من تقليل الِاشْتِرَاك وَقيل: مَا لَا يَصح لَهُ التَّمَلُّك فَاللَّام مَعَه لَام الِاخْتِصَاص، وَمَا يَصح لَهُ التَّمَلُّك وَلَكِن أضيف إِلَيْهِ مَا لَيْسَ بمملوك لَهُ فَاللَّام مَعَه لَام الِاسْتِحْقَاق، وَمَا عدا ذَلِك فَاللَّام فِيهِ للْملك
والاختصاص الْحَقِيقِيّ كَمَا فِي الإملاك نَحْو: {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} و (وهبت لَهُ المَال)
وَفِي شبه الإملاك نَحْو: {يهب لمن يَشَاء الذُّكُور} و (الْغُلَام لزيد)
والاختصاص الادعائي كَمَا فِي (الْحَمد لله)
و (الْأَمر لله) بتنزيل العلاقة الشَّدِيدَة منزلَة الِاخْتِصَاص وَلَام الاستغاثة بِالْفَتْح كَقَوْلِك: (يَا للنَّاس) وَلَام التَّعَجُّب وَالْقسم مَعًا كَقَوْلِه: لله يبْقى على الْأَيَّام ذُو حيد والتعجب الْمُجَرّد عَن الْقسم نَحْو: لله دره (لَام الْملك نَحْو: هَذِه الدَّار لزيد. لَام الْملك نَحْو: {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} . لَام التَّمْلِيك نَحْو: وهبت لزيد. وَشبه التَّمْلِيك نَحْو: {وَجعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} ) وَالْأَصْل فِي لَام الْجَرّ وَهِي لَام الْملك أَن تكون للْملك فِيمَا يقبله كَقَوْلِه: {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} لَا لمُجَرّد الِاخْتِصَاص إِلَّا إِذا كَانَ فِيمَا لَا يقبله كَقَوْلِهِم: (الْخلَافَة لقريش) لَام الدُّعَاء لَام مَكْسُورَة تجزم الْمُسْتَقْبل ويفتتح بهَا الْكَلَام فَيُقَال: لغير الله للْمُؤْمِنين، وليعذب الله الْكَافرين
وَلَام الْجُحُود لَا يَقع قبلهَا فعل مُسْتَقْبل فَلَا تَقول: (لن يكون زيد ليفعل) بِخِلَاف لَام (كي) نَحْو: (سأتوب ليغفر الله لي) لَام الْجُحُود تقع بعد مَا لَا يسْتَقلّ أَن يكون كلَاما دونهَا، وَلَام كي لَا تقع إِلَّا بَعْدَمَا يسْتَقلّ هُوَ كلَاما وَلَام الْأَمر يجوز تسكينه بعد وَاو أَو فَاء نَحْو {وليوفوا نذورهم} {فليستجيبوا لي وليؤمنوا بِي} وَلَا يجوز ذَلِك فِي لَام (كي) وَمَا يَتَرَتَّب على فعل الْفَاعِل الْمُخْتَار إِن كَانَ ترتبه عَلَيْهِ بطرِيق الِاتِّفَاق والإمضاء من غير أَن يكون اقْتِضَاء وسببية تسمى اللَّام الدَّاخِلَة عَلَيْهِ لَام الصيرورة وَهِي الْعَاقِبَة والمآل كَقَوْلِه تَعَالَى:{فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا} ، وَكَقَوْلِه تَعَالَى:{فَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا ليضل النَّاس} أَي: عَاقِبَة كذبه ومصيره إِلَى الإضلال بِهِ
وَإِن كَانَ هُنَاكَ سَبَبِيَّة واقتضاء فِي نفس الْأَمر من غير أَن يكون حَامِلا للْفَاعِل عَلَيْهِ وباعثا لَهُ يُسمى ذَلِك اللَّام لَام التَّعْلِيل، وَيدخل كل مِنْهُمَا على مَا يَتَرَتَّب على أَفعَال الله بالِاتِّفَاقِ كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَكَذَلِكَ فتنا بَعضهم بِبَعْض لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ من الله عَلَيْهِم من بَيْننَا} وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك حَامِلا لَهُ عَلَيْهِ وباعثا لإقدامه على ذَلِك الْفِعْل يُسمى لَام الْغَرَض وَلَام الْعلَّة الغائية، وَلَا يجوز دُخُولهَا على مَا يَتَرَتَّب على أَفعَال الله تَعَالَى خلافًا للمعتزلة على مَا بَين فِي مَحَله
وَاللَّام فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا إِثْمًا} لَام الْإِرَادَة عندنَا وَاللَّام لما فِيهَا من معنى الْإِرَادَة تصلح مُؤَكدَة لمضمون فعل الْإِرَادَة مثل:
(جئْتُك لأكرمك)، كَمَا أَنَّهَا لما فِيهَا من الدّلَالَة على الِاخْتِصَاص زيدت لتأكيد معنى الْإِضَافَة الْمُقْتَضِيَة للاختصاص فِي نَحْو:(لَا أبالك) فَإِن أَصله (لَا أَبَاك)
وَاللَّام تقع زَائِدَة فِي قَوْلك: (ذَلِك) وَإِنَّمَا هُوَ (ذَاك)، والزائدة أَنْوَاع مِنْهَا اللَّام المعترضة بَين الْفِعْل الْمُتَعَدِّي ومفعوله كَمَا فِي قَوْله:
(وَمن يَك ذَا عود صَلِيب رجا بِهِ
…
ليكسر عود الدَّهْر فالدهر كاسره)
وَمِنْهَا اللَّام الْمُسَمَّاة بالمقحمة وَهِي المعترضة بَين المتضايفين نَحْو: (يَا بؤس للحرب) الأَصْل (يَا بؤس الْحَرْب) فأقحمت تَقْوِيَة للاختصاص
وَمِنْهَا اللَّام الْمُسَمَّاة بلام التقوية: وَهِي المزيدة لتقوية عَامل ضعف إِمَّا بِتَأْخِيرِهِ نَحْو: {إِن كُنْتُم للرؤيا تعبرون} أَو بِكَوْنِهِ فرعا فِي الْعَمَل نَحْو: {فعال لما يُرِيد} ، {نزاعة للشوى}
وَاللَّام تكون للتَّأْكِيد وَرُبمَا يُقَال لَهَا لَام الِابْتِدَاء، وَهِي الدَّاخِلَة على الْمُبْتَدَأ وَخبر (إِن) نَحْو:{لَأَنْتُم أَشد رهبة} ، {وَإِن رَبك ليحكم بَينهم}
وكاللام الَّتِي تدخل على (قد) ، و (لَعَلَّ) ، وَتَكون لتوكيد النَّفْي وَهِي الدَّاخِلَة فِي خبر كَانَ، أَو يكون، منفيين نَحْو:{وَمَا كَانَ الله ليطلعكم على الْغَيْب} ، {وَلم يكن الله ليغفر لَهُم}
وَتَكون للتعدية نَحْو: {وتله للجبين}
وَتَكون لتبيين الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول نَحْو: {فتعسا لَهُم} ، {وهيهات لما توعدون}
وَاللَّام الجازمة هِيَ لَام الطّلب نَحْو: {فليستجيبوا لي وليؤمنوا بِي} وإسكانها بعد الْفَاء وَالْوَاو أَكثر من تحريكها، وَقد تسكن بعد (ثمَّ) نَحْو:{ثمَّ ليقضوا}
والتهديد نَحْو: {وَمن شَاءَ فليكفر}
وجزمها بِفعل الْغَائِب كثير نَحْو: {فلتقم طَائِفَة} وبفعل الْمُخَاطب قَلِيل نَحْو: {فَلذَلِك فلتفرحوا} فِي قِرَاءَة التَّاء وَيفْعل الْمُتَكَلّم أقل وَمِنْه: {ولنحمل خطاياكم}
لَام الْإِضَافَة هِيَ اللَّام الجارة، وَالْفرق بَينهَا وَبَين لَام الِابْتِدَاء بجوهر الْمَدْخُول، فَإِنَّهُ ضمير مَرْفُوع فِي لَام الِابْتِدَاء، مجرور فِي لَام الْإِضَافَة، وَلَا تدخل لَام الْإِضَافَة إِلَّا على الِاسْم، فَلَا تَلْتَبِس على الجازمة الَّتِي لَا تدخل إِلَّا على الْفِعْل، وَلَا على الابتدائية لِأَنَّهَا تدخل على الْمُضَارع
(وَاللَّام تسْتَعْمل للقسم إِذا كَانَ مَوضِع تعجب كَمَا فِي قَول ابْن عَبَّاس: " دخل آدم الْجنَّة فَللَّه مَا
غربت الشَّمْس حَتَّى خرج " قَول الشَّاعِر:
(لله يبْقى على الْأَيَّام ذُو حيد)
وَلَام الْجَواب للقسم نَحْو: {تالله لأكيدن أصنامكم} أَو ل (لَو) نَحْو: {لَو تزيلوا لعذبنا} ، أَو لأ (لَوْلَا) نَحْو:{وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض لفسدت الأَرْض}
وَاللَّام الموطئة للقسم أَي المسهلة لتفهم الْجَواب على السَّامع وَتسَمى المؤذنة، وَهِي الدَّاخِلَة على أَدَاة الشَّرْط بعد تقدم الْقسم لفظا أَو تَقْديرا للإيذان بِأَن الْجَواب بعْدهَا مَبْنِيّ على قسم مُقَدّر لَا للشّرط نَحْو:{لَئِن قوتلوا لَا ينصرونهم وَلَئِن نصروهم ليولن الأدبار}
وَاللَّام الفارقة بَين (إِن) المخففة من الثَّقِيلَة وَبَين النافية كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِن كُنَّا عَن دراستهم لغافلين} ، وَفِي قَوْله تَعَالَى:{وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} دخلت على الِاسْم للفصل بَينه وَبَين (إِن) بالظرف
وَلَام الِابْتِدَاء إِذا دخل على الْمُضَارع اخْتصَّ بِزَمَان الْحَال نَحْو: {إِنِّي ليحزنني} ، وَأما فِي قَوْله تَعَالَى:{ولسوف يعطيك رَبك} فقد تمحضت اللَّام للتَّأْكِيد مضمحلا عَنْهَا معنى الحالية لِأَنَّهَا إِنَّمَا تفِيد ذَلِك إِذا دخلت على الْمُضَارع الْمُحْتَمل لَهما لَا الْمُسْتَقْبل الصّرْف، وَفِي قَوْله تَعَالَى: " {ليحكم بَينهم يَوْم الْقِيَامَة} نزل منزلَة الْحَال إِذْ لَا شكّ فِي وُقُوعه
[وَاللَّام فِي مثل: (قلت لَك) و (سعيت لَك) للتبليغ أَي: أوصلته لَك وأبلغتك، بِخِلَاف (سعيت لِأَجلِك مَالا) فَإِنَّهُ لَا يلْزم مِنْهُ وُصُوله إِلَيْهِ]
وَاللَّام تكون بِمَعْنى (عِنْد) نَحْو: {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس}
وَبِمَعْنى (بعد) كَقَوْلِه عليه الصلاة والسلام: " وصوموا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته "
وَتَكون للْوَقْت كَمَا فِي قَوْلهم: (لثلاث خلون من شهر كَذَا) ، وَأهل اللِّسَان يسمونها لَام التَّارِيخ [فَإِن اللَّام فِي الْأَزْمَان وَمَا أشبههَا من المقدرات للتأنيث]
وَتَكون للجزاء كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله}
وَتَكون بِمَعْنى (الَّذِي) إِذا اتَّصَلت باسم فَاعل أَو اسْم مفعول، وَتسَمى دعامة نَحْو:{إِنَّك لمن الْمُرْسلين} أَي: لمن الَّذين أرْسلُوا
وَتَكون عوضا عَن تَعْرِيف الْإِضَافَة نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل الْحسن الْوَجْه)
وَتَكون بِمَعْنى (من) نَحْو: {سمعُوا لَهَا شهيقا}
وَبِمَعْنى (عَن) نَحْو: {قَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا} أَي: عَنْهُم.
وَبِمَعْنى (على) نَحْو: {يخرون للأذقان}
قيل: وَبِمَعْنى (إِلَى) نَحْو {بِأَن رَبك أوحى لَهَا} وَلَيْسَ ذَلِك بِشَيْء بل فِي اللَّام تَنْبِيه على جعل ذَلِك بالتسخير، وَلَيْسَ ذَلِك كالوحي الموحى إِلَى الْأَنْبِيَاء
وَبِمَعْنى (فِي) نَحْو: {وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة}
وَذهب الْمبرد إِلَى أَن من مَعَاني اللَّام الإلصاق
وَكثر دُخُول لَام الْقسم على (قد) لما فِيهَا من التوقع، لِأَن الْجُمْلَة القسمية لَا يُؤْتى بهَا إِلَّا تَأْكِيدًا للجملة الْمقسم عَلَيْهَا الَّتِي هِيَ جوابها، وَالْجَوَاب متوقع للمخاطب عِنْد سَماع الْقسم فجيء بقد
لَو: لَو، و (لَيْت) تتلاقيان فِي معنى التَّقْدِير
وَقَاعِدَة (لَو) أَنَّهَا إِذا دخلت على ثبوتين كَانَا منفيين، تَقول: لَو جَاءَنِي لأكرمته، فَمَا جَاءَنِي وَلَا أكرمته
وعَلى نفيين كَانَا ثبوتيين تَقول: لَو لم يسْتَدلّ لم يُطَالب، فقد اسْتدلَّ وطولب
وعَلى نفي وَثُبُوت، كَانَ النَّفْي ثبوتا والثبوت نفيا تَقول: لَو لم يُؤمن أريق دَمه، فالتقدير أَنه آمن وَلم يرق دَمه، وَالْعَكْس لَو آمن لم يقتل فاحفظها
وللو الشّرطِيَّة استعمالان: لغَوِيّ وعرفي تعارفه المنطقيون فِيمَا بَينهم
وَهِي فِي الِاسْتِعْمَال اللّغَوِيّ لانْتِفَاء الثَّانِي لانْتِفَاء الأول كَمَا فِي قَوْلك: لَو جئتني لأكرمتك، فمفهوم الْقَضِيَّة الْإِخْبَار بِأَن شَيْئا لم يتَحَقَّق بِسَبَب عدم تحقق شي آخر
والمنطقيون جعلُوا (أَن) و (لَو) من أدوات الِاتِّصَال لُزُوما واتفاقا، فاللزوم كَمَا فِي قَوْلنَا:(لَو كَانَ زيد حجرا كَانَ جمادا) إِذْ يسوقون مثل هَذِه الْقَضِيَّة فِي الْقيَاس الخلقى للاستدلال بِالْعدمِ على الْعَدَم، فعندهم الْمَحْكُوم عَلَيْهِ هُوَ الشَّرْط، والمحكوم بِهِ هُوَ الْجَزَاء، وَالْحكم هُوَ الإذعان بِصدق الْجَزَاء على تَقْدِير صدق الشَّرْط ويعبرون عَنْهُمَا بالمقدم والتالي، وَصدق هَذِه الْقَضِيَّة بمطابقة الحكم باللزوم للْوَاقِع، وكذبها بعدمها، حَتَّى إِنَّهَا تكذب وَإِن تحقق طرفاها إِذا لم يكن بَينهمَا لُزُوم وَقد يستعملها أهل اللُّغَة فِي هَذَا الْمَعْنى إِمَّا بالاشتراك أَو بالمجاز، كَمَا يُقَال مثلا:(لَو كَانَ زيد فِي الْبَلَد لرآه كل أحد) كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي عليه الصلاة والسلام أَنه قَالَ فِي حق الْخضر: " لَو كَانَ حَيا لزارني "
وَمن الْبَين أَن الْمَقْصُود الِاسْتِدْلَال بِالْعدمِ على الْعَدَم، لَا الدّلَالَة على انْتِفَاء الثَّانِي بِسَبَب انْتِفَاء الأول، وَقَوله تَعَالَى:{لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} على هَذَا الِاسْتِعْمَال
وَمن الْفُقَهَاء من قَالَ: إِنَّه يُفِيد الاستلزام، فَأَما انْتِفَاء الشَّيْء لانْتِفَاء غَيره فَلَا يفِيدهُ هَذَا اللَّفْظ، إِذْ لَو أَفَادَ ذَلِك يلْزم التَّنَاقُض فِي قَوْله تَعَالَى: (وَلَو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم وَلَو أسمعهم
لتولوا} فَإِن أول الْكَلَام يَقْتَضِي نفي الْخَيْر أَي: مَا علم مِنْهُم خيرا وَمَا أسمعهم، وَآخره يَقْتَضِي حُصُول الْخَيْر أَي: مَا أسمعهم وانهم مَا توَلّوا، وَعدم التولي خير من الْخيرَات وَكَذَا التَّنَاقُض فِي حَدِيث " نعم الرجل صُهَيْب لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " إِذْ الْمَعْنى حِينَئِذٍ أَنه خَافَ الله وَعَصَاهُ، وَذَلِكَ متناقض، فَثَبت أَن كلمة (لَو) تفِيد مُجَرّد الاستلزام، وَهَذَا دَلِيل حسن إِلَّا أَنه خلاف قَول الْجُمْهُور
وَأما عِنْد ابْن الْحَاجِب فبعكس مَا هُوَ عِنْد الْجُمْهُور، وَذَلِكَ أَن (لَو) مُشْتَرك مَعَ (أَن) فِي الشّرطِيَّة
وحرف الشَّرْط: كل حرف دخل على جملتين عليتين، فَجعل تحقق مَضْمُون الأولى سَببا لتحقيق مَضْمُون الثَّانِيَة وَالْفرق أَن (إِن) يُفِيد ارتباط الْجَزَاء بِالشّرطِ فِي الِاسْتِقْبَال وَإِن دخلت على الْمَاضِي و (لَو) يُفِيد ارتباطها بِهِ فِي الْمَاضِي على سَبِيل التَّقْدِير وَإِن دخلت على الْمُسْتَقْبل فَمَعْنَى (إِن أكرمتنى أكرمتك) تَعْلِيق تحقق مَضْمُون الثَّانِيَة فِي الْمَاضِي بتحقق مَضْمُون الأولى فِيهِ على سَبِيل التَّقْدِير، وكل وَاحِد من مضموني الجملتين منفي، فَمن ذهب إِلَى أَنَّهَا لانْتِفَاء الثَّانِي لانْتِفَاء الأول نظر إِلَى أَن تحقق مَضْمُون الأولى لما كَانَ سَببا لتحَقّق مَضْمُون الثَّانِيَة كَانَ انْتِفَاء مَضْمُون الأولى فِي الْخَارِج سَببا لانْتِفَاء مَضْمُون الثَّانِيَة فِيهِ ضَرُورَة أَن انْتِفَاء مَضْمُون الْعلَّة لانْتِفَاء الْمَعْلُول، فَإِذا قيل:(لَو جئتني لأكرمتك) كَانَ اللَّازِم انْتِفَاء الْإِكْرَام فِي الْخَارِج أَيْضا، وَإِن لم يكن الْعلم بِانْتِفَاء الأول سَببا للْعلم بِانْتِفَاء الثَّانِي بِنَاء على أَن الْعلم بِانْتِفَاء السَّبَب الْخَاص لَا يسْتَلْزم الْعلم بِانْتِفَاء الحكم مُطلقًا لجَوَاز أَن يتَحَقَّق بسب آخر وَمن ذهب إِلَى أَنَّهَا لانْتِفَاء الأول لانْتِفَاء الثَّانِي نظر إِلَى أَن الْعلم بِانْتِفَاء الثَّانِي يسْتَلْزم الْعلم بِانْتِفَاء الأول ضَرُورَة أَن الْعلم بِانْتِفَاء الْمُسَبّب يدل على انْتِفَاء الْأَسْبَاب كلهَا، فَإِن قَوْله تَعَالَى:{لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} إِنَّمَا سيق ليستدل بامتناع الْفساد على انْتِفَاء تعدد الْآلهَة دون الْعَكْس، إِذْ لَا يلْزم من انْتِفَاء التَّعَدُّد انْتِفَاء الْفساد، وَمَا ذكره ابْن الْحَاجِب هُوَ معنى يقْصد إِلَيْهِ فِي مقَام الِاسْتِدْلَال بِانْتِفَاء اللَّازِم الْمَعْلُوم على انْتِفَاء اللَّازِم الْمَجْهُول، وَالْمعْنَى الْمَشْهُور لَازم معنى (لَو) فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة لتعليق حُصُول أَمر فِي الْمَاضِي بِحُصُول أَمر آخر مُقَدّر فِيهِ، وَمَا كَانَ حُصُوله مُقَدرا فِي الْمَاضِي كَانَ منتفيا فِيهِ قطعا، فَيلْزم لأجل انتفائه انْتِفَاء مَا علق بِهِ أَيْضا، فَهَذَا الْمَعْنى بَيَان سَبَب أحد انتفاءين معلومين للْآخر بِحَسب الْوَاقِع، فَلَا يتَصَوَّر هُنَاكَ اسْتِدْلَال
وَلها اسْتِعْمَال ثَالِث وَهُوَ أَن يقْصد اسْتِمْرَار شَيْء فيربط ذَلِك الشَّيْء بأبعد النقيضين عَنهُ فَيلْزم وجوده أبدا، إِذْ النقيضان لَا يرتفعان، فَيلْزم اسْتِمْرَار وجود الْجَزَاء على تَقْدِير وجود الشَّرْط وَعَدَمه، فَيكون الْجَزَاء لَازم الْوُجُود فِي جَمِيع الْأَزْمِنَة عِنْد الْمُتَكَلّم، سَوَاء كَانَ الشَّرْط وَالْجَزَاء مثبتين نَحْو:(لَو أهانني لأكرمته) فَإِنَّهُ إِذا استلزم الإهانة الْإِكْرَام فَكيف لَا يسْتَلْزم الْإِكْرَام الْإِكْرَام
أَو منفيين نَحْو: " لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ "
أَو مُخْتَلفين نَحْو: {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} وَنَحْو: (لَو لم تكرمني لأثنيت عَلَيْك)
[وَفِي " التسديد ": كلمة (لَو) أَيْنَمَا دخلت كَانَ المُرَاد من النَّفْي الْإِثْبَات وَمن الْإِثْبَات النَّفْي فَكَانَ النَّفْي فِي الْمَنْفِيّ وَالْإِثْبَات فِي الْمُثبت صور بإلا معنويا فَإِن معنى قَوْلك مثلا (لَو لم تكن الْحَرَكَة مَوْجُودَة فِي هَذَا الْمحل لما وجد التحرك فِيهِ) أَي: الْحَرَكَة الْمَوْجُودَة فِيهِ فَلذَلِك وجد التحرك فِيهِ، وَكَذَلِكَ فِي صُورَة الْإِثْبَات، وَهِي لَو كَانَت الْحَرَكَة قَائِمَة فِي هَذَا الْمحل لَكَانَ التحرك مَوْجُودا، أَي الْحَرَكَة غير قَائِمَة فِيهِ فَلذَلِك لم يُوجد التحرك فِيهِ]
قَالَ أَبُو الْبَقَاء: (لَو) فِي " لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " تفِيد الْمُبَالغَة، وَهُوَ أَنه لَو لم يكن عِنْده خوف لما عصى الله، فَكيف يَعْصِي وَعِنْده خوف
وَقد تسْتَعْمل (لَو) لمُطلق الرَّبْط ك (إِن) ولقطع الرَّبْط أَيْضا فَتكون جَوَابا لسؤال مُحَقّق أَو متوهم وَقع فِيهِ ربط فتقطعه أَنْت لاعتقادك بطلَان ذَلِك الرَّبْط، كَمَا إِذا سَمِعت قَائِلا يَقُول:(زيد إِذا لم يكن عَالما لم يكرم) فَربط بَين عدم الْعلم وَعدم الْإِكْرَام، فتقطع أَنْت ذَلِك الرَّبْط وَتقول: لَو لم يكن زيد عَالما لأكرم، أَي لشجاعته
وَقَالَ شمس الدّين الخسرو شاهي: إِن (لَو) فِي أصل اللُّغَة لمُطلق الرَّبْط، وَإِنَّمَا اشتهرت فِي الْعرف فِي انقلاب ثُبُوتهَا نفيا وَبِالْعَكْسِ وَحَدِيث " لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " إِنَّمَا ورد بِمَعْنى الرَّبْط فِي اللُّغَة
وَقَالَ بعض الْفُضَلَاء: (لَو) حرف لما كَانَ سيقع لوُقُوع غَيره هَذِه عبارَة سِيبَوَيْهٍ وَهِي أولى من عبارَة غَيره: حرف امْتنَاع لِامْتِنَاع، لصِحَّة الْعبارَة الأولى فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى:{لَو كَانَ الْبَحْر مدادا} ، وَفِي قَوْله عليه الصلاة والسلام:" نعم العَبْد صُهَيْب لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " وَعدم صِحَة الثَّانِيَة فِي ذَلِك ولفساد نَحْو قَوْلهم: (لَو كَانَ إنْسَانا لَكَانَ حَيَوَانا)
وَكلمَة (لَو) و (إِن) الوصليتين ليستا لانْتِفَاء الشَّيْء لانْتِفَاء غَيره، وَلَا للمضي، وَلَا لقصد التَّعْلِيق، بل كل مِنْهُمَا مستعملة فِي تَأْكِيد الحكم الْبَتَّةَ، وَلذَا ترى الْقَوْم يَقُولُونَ: إِنَّهَا للتوكيد، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَلَو أَعجبتكُم}
وَالْوَاو عِنْد الْبَعْض للْعَطْف على مُقَدّر هُوَ ضد الْمَذْكُور أَي: لم يكن كَذَلِك وَلَو كَانَ كَذَلِك
وَعند صَاحب " الْكَشَّاف " للْحَال وَترد (لَو) لِلتَّمَنِّي لتلاقيهما فِي معنى التَّقْدِير نَحْو: {فَلَو أَن لنا كرة فنكون} وَلذَلِك أُجِيب بِالْفَاءِ
وَالْعرض نَحْو: (لَو تنزل عندنَا فنكرمك)
والتحضيض نَحْو: (لَو تسلم فَتدخل الْجنَّة) أَي: هلا تسلم
والتقليل نَحْو قَوْله عليه الصلاة والسلام: " ردوا السَّائِل وَلَو بظلف محرق " يَعْنِي المشوي المنتفع بِهِ
وَإِذا كَانَ مَدْخُول (لَو) مَاضِيا مثبتا جَاءَ فِي الْقُرْآن جَوَابه بِاللَّامِ كثيرا، وبدونها فِي مَوضِع، وَلم يجِئ جَوَاب (لَو) فِي الْقُرْآن مَحْذُوف اللَّام من الْمَاضِي
الْمُثبت وَلَا فِي مَوضِع وَاحِد، وَذَلِكَ أَن (لَو) للشّرط فِي الْمَاضِي فَإِذا دخلت فِي الْمُسْتَقْبل فقد خرجت عَن حيزها لفظا، فَجَاز فِي الْجَزَاء الْإِخْرَاج عَن حيزه لفظا، وَإِسْقَاط اللَّام عَنهُ جَزَاء، كَمَا أَن (إِن) إِذا جعل مدخوله مَاضِيا جَازَ فِي جَزَائِهِ الْإِخْرَاج عَن حيزه لفظا، وَترك الْجَزْم جَزَاء أَيْضا وَقد نظمت فِيهِ:
(وأفرطت فِي صد فجوزيت بالجفا
…
وفرطت فِي حب فجوزيت بالهجر)
(كَأَنَّك إِن كنت كَأَنِّي كَلَوْ ترى
…
وَهَذَا جَزَاء للتعدي عَن الطّور)
قَالَ بَعضهم: (لَو) إِذا جَاءَ فِيمَا يشوق إِلَيْهِ أَو يخوف مِنْهُ قَلما يُوصل بِجَوَاب ليذْهب الْقلب فِيهِ كل مَذْهَب
و (لَو) تقوم مقَام (إِن) الْخَفِيفَة فِي الْمَعْنى دون اللَّفْظ أَي: دون الْعَمَل كَقَوْلِه تَعَالَى: {لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ} ، وَكَقَوْلِه عليه الصلاة والسلام:" اطْلُبُوا الْعلم وَلَو بالصين " وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن كنت قلته فقد عَلمته}
وَقد تَجِيء (لَو) بِمَعْنى (أَن) الناصبة للْفِعْل وَلم تنصبه وفيهَا معنى التَّمَنِّي كَقَوْلِه تَعَالَى: {يود أحدهم لَو يعمر ألف سنة} وَقد تشرب معنى الْيَمين فتنصب الْمُضَارع بعد الْفَاء جَوَابا لَهَا نَحْو: {فَلَو أَن لنا كرة فنكون}
وَقد يكون جوابها جملَة اسمية مقرونة بِالْفَاءِ وَإِن كَانَ الأَصْل أَن تكون ماضوية مقرونة بِاللَّامِ
[وَعدم وُقُوع الْفَاء فِي جَوَاب (لَو) المستعارة بِمَعْنى (أَن) مَمْنُوع]
وَقد تدخل على الْمُضَارع لقصد اسْتِمْرَار الْفِعْل، أَو لتنزيل الْمُضَارع منزلَة الْمَاضِي لصدوره عَمَّن لَا خلاف فِي إخْبَاره، أَو لاستحضار الصُّورَة، أَو للدلالة على أَن الْفِعْل بلغ من الفصاحة بِحَيْثُ يحْتَرز عَن أَن يعبر عَنهُ بِلَفْظ الْمَاضِي لكَونه مِمَّا يدل على الْوُقُوع فِي الْجُمْلَة
وكل مَوضِع ولي (لَو) الْفِعْل الْمَاضِي ف (لَو) بِمَعْنى (إِن) ، وَلم يسْتَعْمل (لَو) فِي الْكَلَام الفصيح فِي الْقيَاس الاقتراني، وَإِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الْقيَاس الاستثنائي الْمُسْتَثْنى فِيهِ عين الْمُقدم لِأَنَّهَا لتعليق الْوُجُود بالوجود
وَلَو الشّرطِيَّة: هِيَ الَّتِي تصلح موضعهَا (إِن) نَحْو: {وَلَو كره الْمُشْركُونَ}
والمصدرية: هِيَ الَّتِي تصلح موضعهَا (أَن) الْمَفْتُوحَة، وَأكْثر وُقُوعهَا بعد (ود) نَحْو:{ود كثير من أهل الْكتاب لَو يردونكم} وَهِي الَّتِي تصلح موضعهَا (لَيْت) نَحْو: {فَلَو أَن لنا كرة فنكون}
لَوْلَا: لَو فِي الأَصْل لِامْتِنَاع الشَّيْء لِامْتِنَاع غَيره، وَإِذا دخل على (لَا) أَفَادَ إِثْبَاتًا، وَهُوَ امْتنَاع الشَّيْء لثُبُوت غَيره، وَلما دلّ على امْتنَاع الشَّيْء لوُجُود غَيره جعل مَانِعا عَن وُقُوع مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ فَصَارَ
كالاستثناء
قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: (لَو) حرف شَرط تدخل على انْتِفَاء الشَّرْط، فَإِن كَانَ ثبوتا فَهِيَ مَحْضَة
وَإِن كَانَ الشَّرْط عدميا مثل (لَوْلَا) و (لَو لم) دلّت على انْتِفَاء هَذَا الْعَدَم بِثُبُوت نقيضه فَيَقْتَضِي أَن هَذَا الشَّرْط العدمي مُسْتَلْزم لجزائه إِن وجودا وَإِن عدما، وَأَن هَذَا الْعَدَم مُنْتَفٍ وَإِذا كَانَ عدم شَيْء سَببا فِي أَمر فقد يكون وجوده سَببا فِي أَمر، وَقد يكون وجوده سَببا فِي عَدمه، وَقد يكون وجوده أَيْضا سَببا فِي وجوده بِأَن يكون الشَّيْء لَازِما لوُجُود الْمَلْزُوم ولعدمه وَالْحكم ثَابت مَعَ الْعلَّة الْمعينَة وَمَعَ انتفائها أَيْضا لوُجُود عِلّة أُخْرَى، (وَإِذا كَانَ ملزوم الشرطيتين محالا ترَتّب عَلَيْهِ الْمحَال كَقَوْلِه تَعَالَى) :{فلولا أَنه كَانَ من المسبحين للبث فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يبعثون} و {وَلَوْلَا أَن تَدَارُكه نعْمَة من ربه لنبذ بالعراء وَهُوَ مَذْمُوم} فَإِن الْآيَة الأولى فِي قُوَّة لَو انْتَفَى التَّسْبِيح لثبت اللّّبْث، وَالثَّانيَِة فِي قُوَّة لَو انْتَفَت النِّعْمَة لثبت النبذ، وَالْوَاقِع من مُرَاد الله ثبوتهما فانتفاؤهما محَال، وَلما كَانَ ملزوم الشرطيتين محالا لَا جرم ترَتّب عَلَيْهِ الْمحَال وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى:{وَلَو أنزلنَا ملكا لقضي الْأَمر ثمَّ لَا ينظرُونَ وَلَو جَعَلْنَاهُ ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا} (فَإِنَّهُ لما كَانَ جعل الْملك على الْوَجْه الَّذِي طلبوه رَسُولا) محالا لما سبق فِي علم الله لَا جرم ترَتّب عَلَيْهِ الْمحَال والواضح مِنْهُ أَن ثَانِيَة الأولى إِنَّمَا نفت النبذ الْمُقَيد بِكَوْنِهِ مذموما، وَنفي الْمُقَيد لَا يسْتَلْزم نفي الْمُطلق، وَبِه يَنْتَفِي اللّّبْث الَّذِي نفته الْآيَة الأولى، وَهَذَا هُوَ الْجَواب عَن آيتي الْأَنْعَام، فَإِن الإهلاك الَّذِي كني عَنهُ بِقَضَاء الْأَمر إِنَّمَا رتب على إِنْزَال الْملك على صُورَة الرجل، واللبس عَلَيْهِم يسْتَلْزم بقاءهم بعد الْإِنْزَال على صفة الرجل إِذْ يُقَال: تلبس عَلَيْهِم الْأَمر ثمَّ يهْلكُونَ
لَوْلَا الامتناعية لَا يَليهَا إِلَّا الْأَسْمَاء لفظا أَو تَقْديرا عِنْد الْبَصرِيين
والتحضيضية لَا يَليهَا إِلَّا الْفِعْل ظَاهرا أَو مضمرا
وَمعنى (لَوْلَا) فِي الْجُمْلَة المضارعية التحضيض
وَهُوَ طلب بحث وإزعاج نَحْو: {لَوْلَا تستغفرون الله} أَي: استغفروه
وَفِي الْجُمْلَة الْمَاضِيَة التوبيخ على ترك الْفِعْل فَتكون جملَة التحضيض فِي قُوَّة قَوْلَيْنِ نَحْو
{فلولا نَصرهم الَّذين اتَّخذُوا من دون الله قربانا آلِهَة} وبخهم الله على عدم نصر الشُّرَكَاء إيَّاهُم أَي: مَا نَصرهم وَلم مَا نَصرهم
وَالِاسْم الْوَاقِع بعد لَوْلَا الامتناعية لَا يظْهر خَبره رَأْسا لأجل طول الْكَلَام بِالْجَوَابِ، وَالْجَوَاب يسد مسده
قَالُوا: حذف خبر الْمُبْتَدَأ بعد لَوْلَا وَاجِب لِأَن مَا فِي لَوْلَا من معنى الْوُجُود دلّ عَلَيْهِ
وَقَالَ ابْن النّحاس: إِن كَانَ الْخَبَر مَعْلُوما وَجب
حذفه، وَإِن كَانَ مَجْهُولا وَجب ذكره وَفِي شرح " التسهيل ": وَجب حذف خبر (لَوْلَا) الامتناعية لِأَنَّهُ مَعْلُوم بِمُقْتَضى (لَوْلَا) إِذْ هِيَ دَالَّة، على امْتنَاع الثُّبُوت، والمدلول على امْتِنَاعه هُوَ الْجَواب، والمدلول على ثُبُوته هُوَ الْمُبْتَدَأ وَترك الْجَواب فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته وَأَن الله تواب حَكِيم} للتعظيم وَفِي قَوْله: {وَأَن الله رؤوف رَحِيم} اسْتغنى عَن الْجَواب لذكره مرّة
وَالْمرَاد بالثبوت هُنَا الْكَوْن الْمُطلق، فَلَو أُرِيد كَون مُقَيّد لَا دَلِيل عَلَيْهِ لم يجز الْحَذف نَحْو:(لَوْلَا زيد سالمنا مَا سلم)، و (لَوْلَا عَمْرو عندنَا لهلك) و (لولاك) : فِي معنى اللَّام التعليلية، فَمَعْنَى (لولاك لَكَانَ كَذَا) : لم يكن كَذَا لوجودك
وتستعمللولا كثيرا فِي لوم الْمُخَاطب على أَنه ترك فِي الْمَاضِي شَيْئا لَا يُمكن تَدَارُكه فِي الْمُسْتَقْبل، فَكَأَنَّهَا من حَيْثُ الْمَعْنى للتحضيض على فعل مثل (مافات) وقلما تسْتَعْمل فِي الْمَاضِي أَيْضا إِلَّا فِي مَوضِع التوبيخ واللوم على مَا كَانَ يجب أَن يَفْعَله الْمُخَاطب قبل أَن يطْلب مِنْهُ
[وَإِذا تعَارض بَين أَن يكون جَوَاب (لَوْلَا) محذوفا وَبَين أَن يكون مقدما عَلَيْهَا فَلَا شكّ أَن التَّقْدِيم أولى كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} فالتقدير فَلَقَد هَمت بِهِ لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه لَهُم بهَا يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {إِن كَادَت لتبدي بِهِ لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا} {إِن كَاد ليضلنا عَن آلِهَتنَا لَوْلَا أَن صَبرنَا} إِذْ (لَوْلَا) فِي مثله تَقْيِيد للْحكم الْمُطلق من حَيْثُ الْمَعْنى دون اللَّفْظ]
وَترد للتنديم كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَوْلَا أَن من الله علينا لخسف بِنَا}
وَأما لَوْلَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ ملك} فقد أطبق الْجُمْهُور على أَن (لَوْلَا) هُنَاكَ مفيدة للتنديم والتوبيخ لدخولها على الْمَاضِي، وَلم يبينوا كَيفَ معنى التنديم والتوبيخ، وَإِلَى من يرجع وَالْحَاجة ماسة إِلَى الْبَيَان، وَذَلِكَ أَن التنديم والتوبيخ إِنَّمَا يَقع على عدم صُدُور الْفِعْل الَّذِي دخل عَلَيْهِ حرف التنديم من فَاعله فِي الزَّمَان الْمَاضِي كَمَا فِي (لَوْلَا ضربت زيدا) ، و (هلا ضرب هُوَ) فالتنديم يتَوَجَّه إِلَى الْفَاعِل لَا إِلَى الْمَفْعُول وفاعل الْفِعْل الَّذِي دخل عَلَيْهِ حرف التنديم هُنَا هُوَ الله تَعَالَى وَلَا نتصور تنديمه وتوييخه سُبْحَانَهُ، وَلَيْسَ هُوَ مقصودهم بل مُرَادهم تنديم الْمنزل عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ رَسُول الله وتوبيخه، فَلَا بُد أَن يُقَال: إِن التنديم والتوبيخ لم يَقع هُنَا على الْفِعْل الَّذِي دخل عَلَيْهِ حرف التنديم صَرِيحًا، بل على الْفِعْل الْمُقدر الْمُسْتَفَاد من فحوى الْكَلَام بمعونة الْمقَام، كَأَنَّهُ قيل: لَوْلَا سَأَلَ مُحَمَّد إِنْزَال ملك عَلَيْهِ من ربه ومجيئه مَعَه فَيشْهد بنبوته على رُؤُوس الأشهاد ويعاينه منا كَائِنا من كَانَ من الْآحَاد والأفراد
وَقَالَ بَعضهم كَون (لَوْلَا) هَهُنَا للتنديم غبر ظَاهر
لظُهُور أَن غرضهم بأمثال هَذَا الْمقَال التَّعْجِيز، وَهُوَ يَقْتَضِي التحضيض، وَبِهَذَا فسره أَكثر الْمُفَسّرين بِنَاء على أَن (أنزل) هَهُنَا فِي تَأْوِيل الْمُضَارع كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{لَوْلَا أخرتني} لِأَن المُرَاد اقتراح إِنْزَال الْملك، وَهَذَا مُرَاد من قَالَ: لَوْلَا هُنَا تحضيضية لدخلوها على الْمُضَارع، وَلَو دخلت على الْمَاضِي لكَانَتْ للتوبيخ على ترك الْفِعْل، فَهِيَ هَهُنَا بِمَعْنى الْأَمر
لوما: حرف تحضيض ك (هلا) و (أَلا) وَتَكون أَيْضا حرف امْتنَاع لوُجُود، كَمَا أَن (لَوْلَا) مترددة بَين هذَيْن الْمَعْنيين وَالْفرق بَينهمَا أَن التحضيضية لَا يَليهَا إِلَّا الْفِعْل، ظَاهرا أَو مضمرا والامتناعية لَا يَليهَا إِلَّا الْأَسْمَاء لفظا أَو تَقْديرا عِنْد الْبَصرِيين
لما: هِيَ من حُرُوف الْجَزْم، تسْتَعْمل على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: لنفي الْمَاضِي وتقريب الْفِعْل نَحْو: {وَلما يعلم الله الَّذين جاهدوا}
وَالثَّانِي: للظرف نَحْو: {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير}
وتختص باستغراق أزمنة الْمَاضِي من وَقت الانتفاء إِلَى وَقت التَّكَلُّم بهَا تَقول: (نَدم فلَان وَلما يَنْفَعهُ النَّدَم) ، وَلَا يلْزم حِينَئِذٍ اسْتِمْرَار انْتِفَاء النَّدَم إِلَى وَقت التَّكَلُّم بهَا
و (لما) الدَّاخِلَة على الْمَاضِي حرف وجود لوُجُود يَقْتَضِي جملتين وجدت ثانيتهما عِنْد وجود أولاهما
وَقيل: إِنَّهَا ظرف بِمَعْنى (حِين) ورده ابْن خروف، وَقَالَ ابْن مَالك: ظرف بِمَعْنى (إِذْ) فَاسْتَحْسَنَهُ ابْن هِشَام
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: أعجب الْكَلِمَات كلمة (لما) ، إِن دخل على الْمَاضِي يكون ظرفا، وَإِن دخل على الْمُضَارع يكون حرفا، وَإِن دخل لَا على الْمَاضِي وَلَا على الْمُضَارع يكون بِمَعْنى (إِلَّا) نَحْو:{إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} وَلَا تدخل (لما) بِمَعْنى (لم) إِلَّا على الْمُسْتَقْبل كَقَوْلِه تَعَالَى: {بل لما يَذُوقُوا عَذَاب}
ومنفي (لما) يتَّصل بِالْحَال لِأَن (لما يقم زيد) نفي (لقد قَامَ زيد) ، (وَقد قَامَ زيد) إِخْبَار عَن الْمُضِيّ فَكَذَلِك نَفْيه، ومنفي (لم) يحْتَمل الِاتِّصَال بِزَمَان الْإِخْبَار نَحْو:{وَلم أكن بدعائك رب شقيا} فَإِن الْمَعْنى نفي الشَّقَاء عَنهُ مُتَّصِلا بِزَمَان النُّطْق، وَلَيْسَ الْمَعْنى نفي الشَّقَاء عَنهُ فِيمَا مضى، ثمَّ اتَّصل بِهِ الشَّقَاء
وَيحْتَمل الِانْقِطَاع عَن زمَان الْإِخْبَار نَحْو: {لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} لِأَن عدم كَونه شَيْئا مَذْكُورا مُنْقَطع عَن زمَان الْإِخْبَار
(ومنفي (لما) لَا يكون إِلَّا قَرِيبا من الْحَال، وَلَا يشْتَرط ذَلِك فِي منفي (لم) تَقول:(لم يكن زيد فِي الْعَام الْمَاضِي مُقيما) ، وَلَا يجوز لما يكن)
ومنفي (لما) متوقع ثُبُوته قَيده الرضي بالأغلب ك (قد) فِي الْإِيجَاب، بِخِلَاف منفي (لم) وَعلة
هَذِه الْأَحْكَام أَن (لم) لنفي (فعل) ، و (لما) لنفي (قد فعل) ، يَعْنِي أَن الْمَنْفِيّ ب (لم) هُوَ فعل غير مقرون بقد و (لما) نفي لفعل مقرون بقد
قَالَ الزّجاج: إِذا قيل: قد فعل فلَان فَجَوَابه: لما يفعل
وَإِذا قيل: فعل فلَان فَجَوَابه: لم يفعل
وَإِذا قيل: قد فعل فَجَوَابه: مَا فعل
وَإِذا قيل: وَهُوَ يفعل فَجَوَابه: لَا يفعل
وَإِذا قيل: وَهُوَ يفعل فَجَوَابه: لن يفعل
وَلما بمعني إِلَّا، وَلَا يسْتَثْنى بِهِ إِلَّا الْأَشْيَاء كَمَا يسْتَثْنى ب (إِلَّا) وَأَخَوَاتهَا، فَتدخل على الْجُمْلَة الاسمية نَحْو قَوْله تَعَالَى:{إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} أَي: إِلَّا اسْتَقر عَلَيْهَا حَافظ وعَلى الْمَاضِي لفظا لَا معنى نَحْو: (أنْشدك الله لما فعلت) أَي: مَا أَسأَلك إِلَّا فعلك
(وَلما للتوقع فِي النَّفْي، كقد فِي الْإِثْبَات)
والمتعارف فِي جَوَاب (لما) الْفِعْل الْمَاضِي لفظا أَو معنى بِدُونِ الْفَاء
وَقد تدخل على قلَّة لما فِي (لما) من معنى الشَّرْط [وَقد يحذف جَوَابه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غيابت الْجب} أَي: فعلوا بِهِ مَا فعلوا من الْأَذَى]
لم: كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من (لَا) و (مَا) لِأَن (لم) لنفي الاسقبال لفظا والمضي معنى، فَأخذ اللَّام من (لَا) الَّتِي هِيَ لنفي الْمُسْتَقْبل، وَالْمِيم من (مَا) الَّتِي هِيَ لنفي الْمَاضِي، وَجمع بَينهمَا إِشَارَة إِلَى أَن فِي (لم) إِشَارَة إِلَى الْمُسْتَقْبل والماضي، وَقدم اللَّام على الْمِيم إِشَارَة إِلَى أَن (لَا) هِيَ أصل النَّفْي، وَلِهَذَا ينفى بهَا فِي أثْنَاء الْكَلَام
فَيُقَال: (لم يفعل زيد وَلَا عَمْرو) وَأما (لم) فمركبة من لَام الْجَرّ و (مَا) الاستفهامية، وَالْأَكْثَر على حذف ألفها مَعَ حرف الْجَرّ لِكَثْرَة استعمالهما مَعًا واعتناقهما فِي الدّلَالَة على المستفهم عَنهُ، وَخص هَذَا السُّقُوط بالاستفهامية لِأَنَّهَا تَامَّة، وألفها طرف والأطراف مَحل للحذف وَغَيره من التَّغْيِير، بِخِلَاف الموصولة فَإِنَّهَا نَاقِصَة تحْتَاج إِلَى مَا توصل بِهِ، وَهِي وَمَا توصل بِهِ كاسم وَاحِد، فألفها فِي حكم الْمُتَوَسّط، وَمَا أحسن قَول من قَالَ: دُخُول لم على الْمُضَارع كدخول الدَّوَاء المسهل على الْجَسَد، إِن وجد فضلَة أزالها، وَإِلَّا أَضْعَف الْبدن وَكَذَا (لم) إِن كَانَ الْمُضَارع فِيهِ عِلّة متوسطة أَو متطرفة أزالها، وَإِن كَانَ صَحِيحا أضعفه، لِأَنَّهُ يَنْقُلهُ من الْحَرَكَة إِلَى السّكُون
[وَالنَّفْي بلم لنفي الْمُمكن نَحْو: (لم يقم زيد) بِخِلَاف (لَا) ك (الْحجر لَا يطير) ]
وَالْجَوَاب الْمَنْفِيّ بلم لَا تدخل عَلَيْهِ الْفَاء
و (لم بِكَسْر اللَّام وَفتح الْمِيم يستفهم بِهِ، وَأَصله (مَا) وصلت بلام وَلَك أَن تدخل الْهَاء فَتَقول: لمه)
لن: هِيَ حرف نفي لحَدث الْمُضَارع، وَنصب للفظة، واستقبال لزمانه، وَلَا تفِيد تأبيد النَّفْي خلافًا للزمخشري، وَهُوَ دَعْوَى بِلَا دَلِيل إِذْ لَو كَانَت
للتأبيد لم يُقيد نَفيهَا بِالْيَوْمِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسيا} ، ولكان ذكر الْأَبَد فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا} تَكْرَارا وَالْأَصْل عَدمه وللزوم التَّنَاقُض بمقارنة (حَتَّى) فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَنْ أَبْرَح الأَرْض حَتَّى يَأْذَن لي أبي} وَإِنَّمَا هِيَ لنفي مَا قرب، وَعدم امتداد النَّفْي، وَذَلِكَ لِأَن الْأَلْفَاظ مشاكلة للمعاني، ف (لَا) جزؤها ألف يُمكن امتداد الصَّوْت بهَا بِخِلَاف (لن) ، فطابق كل لفظ مَعْنَاهُ، فَحَيْثُ لم يرد النَّفْي مطابقا أُتِي بلن، وَحَيْثُ أُرِيد النَّفْي على الْإِطْلَاق أُتِي ب (لَا) وَفِي قَوْله تَعَالَى:{ألن يكفيكم} إِنَّمَا جِيءَ ب (لن) الَّتِي لتأكيد النَّفْي إشعارا بِأَنَّهُم كَانُوا كالآيسين من النَّصْر لضعفهم وَقُوَّة الْعَدو
وَترد (لن) للدُّعَاء نَحْو: {رب بِمَا أَنْعَمت عَليّ فَلَنْ أكون ظهيرا للمجرمين} أَي: فَاجْعَلْنِي لَا أكون وَيُمكن حملهَا على النَّفْي الْمَحْض، وَيكون ذَلِك معاهدة مِنْهُ تَعَالَى أَن لَا يظاهر مجرما جَزَاء للنعمة الَّتِي أنعم بهَا عَلَيْهِ
وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": لن بِمَا فِيهَا من تَأْكِيد النَّفْي دَالَّة على مُنَافَاة مَا بَين الْمَنْفِيّ والمنفي عَنهُ
لَكِن: هِيَ للاستدراك، وَهُوَ دفع توهم يتَوَلَّد من الْكَلَام السَّابِق دفعا شَبِيها بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَلَا بُد أَن يتقدمها كَلَام إِمَّا مُنَاقض لما بعْدهَا نَحْو: مَا هَذَا سَاكن لكنه متحرك
أَو ضد لَهُ نَحْو: مَا هَذَا أسود لكنه أَبيض أَو خلاف لَهُ على الْأَصَح نَحْو: (مَا قَامَ زيد لَكِن عَمْرو شَارِب) وَيمْتَنع أَن يكون مماثلا لَهُ بِاتِّفَاق وَفِي كَون مَا بعْدهَا مُخَالفا لما قبلهَا ك (إِلَّا) فِي الِاسْتِثْنَاء، إِلَّا أَن (لَكِن) لَا يشْتَرط أَن يكون مَا بعْدهَا بَعْضًا لما قبلهَا، بِخِلَاف (إِلَّا) ثمَّ انه إِذا دخل فِي الْمُفْرد يجب أَن يكون بعد النَّفْي، وَإِذا دخل فِي الْجُمْلَة لَا يجب ذَلِك، بل يجب اخْتِلَاف الجملتين فِي النَّفْي وَالْإِثْبَات، فَإِن كَانَت الْجُمْلَة الَّتِي قبلهَا مثبتة وَجب أَن تكون الَّتِي بعْدهَا منفية، وَإِن كَانَت الْجُمْلَة الَّتِي قبلهَا منفية وَجب أَن تكون الَّتِي بعْدهَا مثبتة، بِخِلَاف (بل)(فَإِنَّهُ للإعراض عَن الأول، وَلَكِن فِي عطف الْمُفْردَات نقيضة (لَا) ، وَفِي عطف الْجمل نقيضة بل) فِي مجيئها بعد النَّفْي وَالْإِثْبَات، فَبعد النَّفْي لإِثْبَات مَا بعْدهَا، وَبعد الْإِثْبَات لنفي مَا بعْدهَا نَحْو:(جَاءَنِي زيد لَكِن عَمْرو لم يجِئ) ، و (مَا جاءنى زيد لَكِن عَمْرو قد جَاءَنِي)
وَهِي مُشَدّدَة ومخففة مُتَقَارِبَة الْمَعْنى، إِلَّا أَن الشَّدِيدَة من الْحُرُوف المشبهة بِالْفِعْلِ، والخفيفة من حُرُوف الْعَطف، والشديدة تعْمل عمل (إِن) تنصب الِاسْم وترفع الْخَبَر، ويستدرك بهَا بعد النَّفْي وَالْإِثْبَات والخفيفة لَا تعْمل
وَيجوز دُخُول الْوَاو على (لَكِن) مُشَدّدَة ومخففة فَحِينَئِذٍ لَا يكون (لَكِن) حرف عطف لِأَنَّهُ لَا يجْتَمع حرفان من حُرُوف الْعَطف، فَمَتَى رَأَيْت حرفا من حُرُوف الْعَطف مَعَ الْوَاو فَهِيَ العاطفة دونه، وَمن ذَلِك (إِمَّا) فِي (إِمَّا زيد، وَإِمَّا عَمْرو) ، و (لَا) فِي (مَا) قَامَ زيد لَكِن قَامَ زيد وَلَا عَمْرو) فَإِنَّهَا دخلت لتوكيد النَّفْي، وَلَا تكون (لَا) عاطفة إِلَّا بعد الْإِيجَاب، وَفِيمَا إِذا قَالَ
الْمولى للَّذي تزوج أمته على مائَة بِغَيْر إِذن مِنْهُ: لَا أُجِيز وَلَكِن زِدْنِي خمسين فِي الصَدَاق، بَطل العقد لِأَن قَوْله: وَلَكِن زِدْنِي، مُقَرر لنفي العقد، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أُجِيز وَسكت ثمَّ قَالَ: زِدْنِي
وَكلمَة (لَكِن) للاستئناف، وَإِذا كَانَ كَذَا يكون ردا، بِخِلَاف قَول الْمقر لَهُ فِيمَا إِذا قيل لَهُ:(لَك عَليّ ألف قرضا) لَا وَلَكِن من غصب حَيْثُ لَا يرْتَد الْإِقْرَار لِأَن ثمَّة نفي جِهَة الدّين، وَهنا نفى الْمولى أصل الْإِجَازَة
[وَفِي " الْجَامِع ": رجل فِي يَده عبد فَأقر بِهِ لإِنْسَان فَقَالَ الْمقر لَهُ: مَا كَانَ لي قطّ لَكِن لفُلَان، فَإِن وصل كَلَامه فَهُوَ للْمقر لَهُ الثَّانِي، وَإِن فصل فَهُوَ للْمقر]
وأصل {لَكنا هُوَ الله} {لَكِن أَنا} حذفت الْألف فالتقت نونان، فجَاء التَّشْدِيد لذَلِك، وَيُسمى هَذَا الْحَذف بالحذف الاعتباطي أَي: الَّذِي لغير مُوجب
لَعَلَّ: هِيَ مَوْضُوعَة لإنشاء توقع أَمر إِمَّا مَرْغُوب لَا وثوق بحصوله، وَمن ثمَّة لَا يُقَال: لَعَلَّ الشَّمْس تطلع، وَلَعَلَّ الشَّمْس تغرب أَو مرهوب كَذَلِك
وَالْأول يُسمى ترجيا نَحْو: {لعَلي آتيكم مِنْهَا بقبس}
وَالثَّانِي يُسمى إشفاقا نَحْو: (لَعَلَّ الحبيب يلبس النِّعَال وَيقطع الْوِصَال)
وكل وَاحِد مِنْهُمَا يكون تَارَة من الْمُتَكَلّم وَهُوَ الأَصْل نَحْو: (لَعَلَّك تُعْطِينِي شَيْئا)، و (لَعَلَّه يَمُوت السَّاعَة) وَتارَة من الْمُخَاطب وَهُوَ أَيْضا كثير لتنزيلة منزلَة إشفاق الْمُتَكَلّم فِي التَّلَبُّس التَّام بِكَلَام كَقَوْلِه تَعَالَى:{لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى} ، {لَعَلَّ السَّاعَة قريب} باستحالة الترجي من الله تَعَالَى باستحالة الْأَمر الْمَأْخُوذ فِي مَفْهُومه، وَهُوَ عدم الوثوق بِحُصُول الْأَمر المرجو فِي حَقه تَعَالَى اسْتِحَالَة الإشفاق مِنْهُ تَعَالَى بِالسَّبَبِ الْمَذْكُور
وَقد يكون من غَيرهمَا مِمَّن لَهُ نوع نعلق بالْكلَام، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى، {فلعلك تَارِك بعض مَا يُوحى إِلَيْك} على أحد الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ أَنَّك بلغت من التهالك على إِيمَانهم مبلغا يرجون أَن تتْرك بعض مَا يُوحى إِلَيْك
وَقد تسْتَعْمل (لَعَلَّ) فِي معنى الْإِرَادَة، إِمَّا بطرِيق الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة تَشْبِيها لَهَا بالترجي فِي ضمن تَشْبِيه المُرَاد بالمرجو فِي كَون كل مِنْهُمَا أمرا محبوبا أَو بطرِيق الْمجَاز الْمُرْسل من قبيل ذكر الْمَلْزُوم وَإِرَادَة اللَّازِم بِنَاء على أَن الترجي يسْتَلْزم الْإِرَادَة
وتد تسْتَعْمل لِمَعْنى (كي) الْمَوْضُوعَة لتعليل مَا بعْدهَا لما قبلهَا، لَكِن لَا على سَبِيل الْحَقِيقَة، بل على سَبِيل اسْتِعَارَة (لَعَلَّ) لِمَعْنى (كي) اسْتِعَارَة تَبَعِيَّة تَشْبِيها لَهُ بالترجي فِي ضمن تَشْبِيه الْعلَّة الغائية بالمرجو فِي كَون كل مِنْهُمَا مَقْصُودا مترتبا على فعل مُتَقَدم
وَذكر السَّيِّد الشريف رحمه الله فِي حَاشِيَة " الْكَشَّاف " أَن ابْن الْأَنْبَارِي وَجَمَاعَة من الأدباء ذَهَبُوا إِلَى أَن (لَعَلَّ) قد تَجِيء بِمَعْنى (كي) حَتَّى حملوها على
التَّعْلِيل فِي كل مَوضِع امْتنع فِيهِ الترجي سَوَاء كَانَ من قبل الإطماع نَحْو: {لَعَلَّكُمْ تفلحون} أَو لَا نَحْو: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} ]
قَالَ السيرافي وقطرب: معنى لَعَلَّ الْوَاقِع فِي كَلَام الله التَّعْلِيل. فَقَوله تَعَالَى: {وافعلوا الْخَيْر لَعَلَّكُمْ تفلحون} مَعْنَاهُ: لتفلحوا
وَقد تسْتَعْمل مجَازًا مُرْسلا للإطماع أَي إِيقَاع الْمُتَكَلّم الْمُخَاطب فِي الطمع لعلاقة اللُّزُوم بَين الترجي والطمع نَحْو: (لعَلي أَقْْضِي حَاجَتك) كَمَا هُوَ دأب الْمُلُوك وَسَائِر الكرماء فِي وعدهم الْمُخَاطب بِشَيْء مَحْبُوب عِنْده لَا يَنَالهُ إِلَّا من جهتهم، عازمين على إِيقَاعه، غير جازمين بِوُقُوعِهِ
وَجوز التَّفْتَازَانِيّ أَن يكون مثل قَوْله تَعَالَى: {لَعَلَّكُمْ تفلحون} {لَعَلَّكُمْ ترحمون} من هَذَا الْقَبِيل، وَإِن كَانَ حُصُول الْفَلاح وَالرَّحْمَة مَجْزُومًا ومقطوعا بِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ تَعَالَى
وَقد تكون (لَعَلَّ) للاستفهام مَعَ بَقَاء الترجي، كَذَا قيل
وَاعْلَم أَن جُمْهُور أَئِمَّة اللُّغَة اقتصروا فِي بَيَان مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيّ على الترجي والإشفاق، وَعدم صلوحها لمُجَرّد الْعلية والفرضية مِمَّا وَقع عَلَيْهِ الِاتِّفَاق تَقول: دخلت على الْمَرِيض كي أعوده وَأخذت المَاء كي أشربه وَلَا يَصح فِيهِ لَعَلَّ
ثمَّ اعْلَم أَن لَعَلَّ، وَعَسَى، وسوف، فِي مواعيد الْمُلُوك كالجزم بهَا، وَإِنَّمَا يطلقونها إِظْهَارًا لوقارهم وإشعارا بِأَن الرَّمْز مِنْهُم كالتصريح من غَيرهم
وَعَلِيهِ وعد الله ووعيده تَنْبِيها على أَنه يجب أَن يكون الْمُكَلف على الطمع والإشفاق، لِأَنَّهُ أبعد عَن الاتكال والإهمال، وَقد تقرر أَن الخصائص الإلهية لَا ندخل فِي أوضاع الْعَرَبيَّة، بل هِيَ مَبْنِيَّة على خَصَائِص الْخلق وَلِهَذَا ورد الْقُرْآن على الْعَادة فِيمَا بَينهم لِأَنَّهُ خطاب لَهُم
وَقد يتَمَنَّى ب (لَعَلَّ) فِي الْبعيد فَيعْطى حكم (لَيْت) فِي نصب الْجَواب نَحْو: {لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب أَسبَاب السَّمَاوَات} وَأما (لَيْت) فَهِيَ كلمة مَوْضُوعَة لكل متمنى مَخْصُوص عَارض لمتمنى مَخْصُوص نَحْو: {يَا ليتنا نرد} ، {يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ}
وَهِي ننصب الِاسْم وترفع الْخَبَر كَسَائِر أخواتها لشبهها بِالْفِعْلِ فَإِن معنى (لَيْت) تمنيت، كَمَا أَن (إِن) أكدت أَو حققت و (كَأَن) شبهت، و (لَكِن) استدركت، و (لَعَلَّ) ترجيت وَلِأَنَّهَا مفتوحات الآخر كآخر الْفِعْل، وَلِأَنَّهَا تدْخلهَا نون الْوِقَايَة كالفعل
و (لَيْت) تتَعَلَّق بالمستحيل غَالِبا وبالممكن قَلِيلا وَقد تنزل منزلَة (وجدت) فَيُقَال: لَيْت زيد شاخصا
وَقَوْلهمْ: (لَيْت شعري) مَعْنَاهُ: لَيْتَني أشعر، ف (أشعر) هُوَ الْخَبَر، وناب (شعري) عَن (أشعر) ، وَالْيَاء الْمُضَاف إِلَيْهَا شعري عَن اسْم لَيْت
لَيْسَ: أَصله لَيْسَ كفرح فسكنت تَخْفِيفًا؛ أَو (لَا أيس) : أَي لَا مَوْجُود طرحت الْهمزَة، والتزقت
اللَّام بِالْيَاءِ، وَالدَّلِيل قَوْلهم: أتيتني من حَيْثُ أيس وَلَيْسَ: أَي من حَيْثُ هُوَ وَلَا هُوَ
وَهِي ترفع الِاسْم وتنصب الْخَبَر
وَالْأَفْعَال النَّاقِصَة كلهَا دَالَّة على الْحَدث إِلَّا (لَيْسَ) ، ك (مَا) النافية والمستثنى بليس لَا يكون إِلَّا مَنْصُوبًا، منفيا كَانَ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ أَو مُوجبا
[وَيجوز تَقْدِيم خبر (لَيْسَ) عَلَيْهَا كَمَا يجوز تَقْدِيم خبر (كَانَ) عَلَيْهَا هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين قَالَ أَبُو حَيَّان رحمه الله: قد تتبعت جملَة من دواوين الْعَرَب فَلم أظفر بِتَقْدِيم خبر لَيْسَ عَلَيْهَا وَلَا لمعمولها إِلَّا مَا دلّ عَلَيْهِ ظَاهر قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِي لَيْسَ لَهُم فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار} ](وَقَوْلهمْ: لَيْسَ بِذَاكَ: أَي لَيْسَ بمقبول، لِأَن المقبول لعلو مرتبته يشار إِلَيْهِ بِمَا يشار إِلَى الْبعيد)
اللَّفْظ: هُوَ فِي أصل اللُّغَة مصدر بِمَعْنى الرَّمْي، وَهُوَ بِمَعْنى الْمَفْعُول، فَيتَنَاوَل مَا لم يكن صَوتا وحرفا، وَمَا هُوَ حرف وَاحِد وَأكْثر، مهملا أَو مُسْتَعْملا، صادرا من الْفَم أَو لَا، لَكِن خص فِي عرف اللُّغَة بِمَا صدر من الْفَم من الصَّوْت الْمُعْتَمد على الْمخْرج حرفا وَاحِدًا أَو أَكثر، مهملا، أَو مُسْتَعْملا، فَلَا يُقَال لفظ الله، بل يُقَال كلمة الله
وَفِي اصْطِلَاح النُّحَاة مَا من شَأْنه أَن يصدر من الْفَم من الْحَرْف، وَاحِدًا أَو أَكثر، أَو يجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامه كالعطف والإبدال فيندرج فِيهِ حِينَئِذٍ كَلِمَات الله وَكَذَا الضمائر الَّتِي يجب استتارها
وَهَذَا الْمَعْنى أَعم عَن الأول، وَأحسن تعاريفه على مَا قيل: صَوت مُعْتَمد على مقطع، حَقِيقَة أَو حكما، فَالْأول كزيد، وَالثَّانِي كالضمير الْمُسْتَتر فِي (قُم) الْمُقدر بأنت
وَاللَّفْظ على مصطلح أَرْبَاب الْمعَانِي: عبارَة عَن صُورَة الْمَعْنى الأول الدَّال على الْمَعْنى الثَّانِي على مَا صرح بِهِ الشَّيْخ حَيْثُ قَالَ: إِذا وضعُوا اللَّفْظ بِمَا يدل على تفخيمه لم يُرِيدُوا اللَّفْظ الْمَنْطُوق، وَلَكِن معنى اللَّفْظ الَّذِي دلّ بِهِ على الْمَعْنى الثَّانِي قَالَ السَّيِّد الشريف: نفس اللَّفْظ ظرف لنَفس الْمَعْنى، وَبَيَان الْمَعْنى ظرف لنَفس اللَّفْظ
وَمَفْهُوم كل لفظ مَا وضع ذَلِك اللَّفْظ بإزائه
وَذَات كل لفظ مَا صدق عَلَيْهِ ذَلِك الْمَفْهُوم كَلَفْظِ الْكَاتِب مثلا مَفْهُومه شَيْء لَهُ الْكِتَابَة، وذاته مَا صدق عَلَيْهِ الْكَاتِب من أَفْرَاد الْإِنْسَان
اللُّزُوم: [هُوَ يسْتَعْمل بِمَعْنى امْتنَاع الانفكاك اصْطِلَاحا، وَبِمَعْنى التّبعِيَّة لُغَة، وكل وَاحِد مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ، فَإِذا اسْتعْمل الأول مَعَ (من) فَكَأَنَّهُ قيل: امْتنع انفكاكه مِنْهُ، وَإِذا اسْتعْمل الثَّانِي مَعَه فَكَأَنَّهُ قيل ينشأ مِنْهُ](معنى اللُّزُوم للشَّيْء عدم الْمُفَارقَة عَنهُ) يُقَال: لزم فلَان بَيته إِذا لم يُفَارِقهُ وَلم يُوجد فِي غَيره
وَمِنْه قَوْلهم: [الْبَاء لَازِمَة للحرفية والجرو] أم الْمُتَّصِلَة لَازِمَة لهمزة الِاسْتِفْهَام [والكلمات الاستفهامية لَازِمَة لصدر الْكَلَام و (قد) من لَوَازِم الْأَفْعَال]
وَمعنى لُزُوم شَيْء عَن شَيْء كَون الأول ناشئا عَن الثَّانِي وحاصلا مِنْهُ، لَا كَون حُصُوله يسْتَلْزم حُصُوله وَفرق بَين اللَّازِم من الشَّيْء ولازم الشَّيْء بِأَن أَحدهمَا عِلّة الآخر فِي الأول بِخِلَاف الثَّانِي
واللزوم الذهْنِي: كَونه بِحَيْثُ يلْزم من تصور الْمُسَمّى فِي الذِّهْن تصَوره فِيهِ، فَيتَحَقَّق الِانْتِقَال مِنْهُ إِلَيْهِ كالزوجية للاثنين
واللزوم الْخَارِجِي: كَونه بِحَيْثُ يلْزم من تحقق الْمُسَمّى فِي الْخَارِج تحَققه فِيهِ، وَلَا يلْزم من ذَلِك الِانْتِقَال للذهن كوجود النَّهَار لطلوع الشَّمْس
واللزوم فِي نظر علم الْبَيَان أَعم من أَن يكون عقليا أَو اعتقاديا وَفِي اللُّزُوم الاعتقادي لَا يمْتَنع وجود الْمَلْزُوم بِدُونِ اللَّازِم، فَيجوز أَن يكون اللَّازِم أخص، بِمَعْنى أَن لَهُ تعلق لُزُوم بالشَّيْء، لَكِن لَيْسَ بِحَيْثُ مَتى تحقق ذَلِك الشَّيْء تحقق هُوَ
واللزوم: عدم قبُول الحكم النّسخ
واللزومية: مَا حكم فِيهَا بِصدق قَضِيَّة على تَقْدِير قَضِيَّة أُخْرَى لعلاقة بَينهمَا مُوجبَة لذَلِك
وَاللَّازِم الْبَين بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ: هُوَ الَّذِي يَكْفِي تصَوره ملزومه فِي جزم الْعقل باللزوم بَينهمَا، كالانقسام بمتساوين للأربعة
وَاللَّازِم الْبَين بِالْمَعْنَى الْأَخَص: هُوَ الَّذِي يلْزم من تصور ملزومه تصَوره، ككون الِاثْنَيْنِ ضعف الْوَاحِد، فَإِن من تصور الِاثْنَيْنِ أدْرك أَنه ضعف الْوَاحِد وَالْأول أَعم لِأَنَّهُ مَتى يَكْفِي تصور الْمَلْزُوم فِي اللُّزُوم يَكْفِي تصور اللَّازِم مَعَ تصور الْمَلْزُوم
وَاللَّازِم غير الْبَين: هُوَ الَّذِي يفْتَقر فِي جزم الذِّهْن باللزوم بَينهمَا إِلَى أَمر آخر من دَلِيل أَو تجربة أَو إحساس وَصَحَّ التَّعْبِير عَن اللُّزُوم بالملازمة نظرا إِلَى أَنه أبدا يكون من الطَّرفَيْنِ، وَلَو كَانَ فِي الْبَعْض جزئيا فِي أحد الْجَانِبَيْنِ، مثلا بَين الْعلم والحياة مُلَازمَة بِأَن الْعلم يسْتَلْزم الْحَيَاة كليا، والحياة تَسْتَلْزِم الْعلم جزئيا وَلِهَذَا جوز كَون اللَّازِم أخص، كَالْعلمِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَيّ
وَإِطْلَاق الْمُلَازمَة والتلازم أَيْضا على معنى اللُّزُوم كثير وَقد يُرَاد بِلَازِم الشَّيْء مَا يتبعهُ ويرادفه
وبلزومه إِيَّاه أَن يكون لَهُ تعلق مَا
اللُّغَة: فِي " الراموز ": هِيَ أصوات بهَا يعبر كل قوم عَن أغراضهم أَصْلهَا (لغي) ، أَو (لَغْو) جمعهَا (لغي) و (لُغَات)
وَقيل: مَا جرى على لِسَان كل قوم
وَقيل: الْكَلَام المصطلح عَلَيْهِ بَين كل قَبيلَة
وَقيل: معرفَة أَفْرَاد الْكَلِمَة وأوضاعها
واللغات السَّبع الْمَشْهُورَة بالفصاحة فِي الْعَرَب العرباء هِيَ: لُغَة قُرَيْش، وهذيل، وهوازن، واليمن، وطيىء، وَثَقِيف، وَبني تَمِيم وَقد اسْتمرّ فِي كَلَام الْعلمَاء مثل: الْإِعْرَاب لُغَة: الْبَيَان وَقد يصرحون بِالْأَصْلِ وَهُوَ فِي اللُّغَة، فعلى الأول يرد أَن اسقاط الْخَافِض فِي هَذَا وَنَحْوه لَيْسَ بِقِيَاس وعَلى الثَّانِي بِمَاذَا يتَعَلَّق هَذَا الْخَافِض؟ وَلَو قدر التَّعَلُّق بمضاف مَحْذُوف، وَهُوَ تَفْسِير الْإِعْرَاب فِي اللُّغَة، كَمَا قدر فِي قَوْلهم: الِاسْم مَا دلّ على معنى فِي نَفسه بِاعْتِبَار نَفسه لَا بِاعْتِبَار أَمر خَارج عَنهُ كي لَا يلْزم الْمحَال، وَهُوَ اقْتِضَاء كَون معنى الِاسْم وَهُوَ الْمُسَمّى مَوْجُودا فِي لفظ الِاسْم، فَهَذَا التَّقْدِير صَحِيح، لكنه قد عرفت أَن إِسْقَاط الْخَافِض لَيْسَ بِقِيَاس وَالْقَوْل بِأَن ذَلِك على الْمَفْعُول الْمُطلق، وَأَنه من الْمصدر الْمُؤَكّد لغيره فَاسد، إِذْ اللُّغَة لَيست بمصدر لِأَنَّهَا لَيست اسْما للْحَدَث، والمصدر الْمُؤَكّد لغيره لَا يجوز أَن
يتوسط وَلَا أَن يتَقَدَّم عِنْد الْجُمْهُور، فَلَا يُقَال: زيد حَقًا ابْني، وَلَا حَقًا زيد ابْني، بل يُؤْتى بعد الْجُمْلَة وَالظَّاهِر: أَنه حَال على تَقْدِير مُضَاف إِلَيْهِ من الْمَجْرُور ومضافين من الْمَنْصُوب، وَالْأَصْل تَفْسِير الْإِعْرَاب مَوْضُوع أهل اللُّغَة، ثمَّ حذف المضافان على حد حذفهما فِي قَوْله تَعَالَى:{فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول} أَي: من أثر حافر فرس الرَّسُول، وَلما أنيب الثَّالِث عَمَّا هُوَ الْحَال بِالْحَقِيقَةِ الْتزم تنكيره لنيابته عَن لَازم التنكير، وَلَك أَن تَقول: الأَصْل مَوْضُوع اللُّغَة على نسبته الْوَضع إِلَى اللُّغَة مجَازًا، وَفِيه حذف مُضَاف وَاحِد
اللطافة: هِيَ تطلق بالاشتراك على معَان: دقة القوام، وَقبُول الانقسام إِلَى أَجزَاء صَغِيرَة جدا، وَسُرْعَة التَّأْثِير عَن الملاقي والشفافية
واللطف: مَا يَقع عِنْده صَلَاح العَبْد آخر عمره بِطَاعَة الْإِيمَان دون فَسَاده بِكفْر وعصيان هَذَا مَذْهَب أهل السّنة
وَقَالَت الْمُعْتَزلَة: اللطف: مَا يخْتَار الْمُكَلف عِنْده الطَّاعَة تركا وإتيانا، أَو يقرب مِنْهُمَا مَعَ تمكنه فِي الْحَالين وَيُسمى الأول عِنْدهم لطفا محصلا، وَالثَّانِي لطفا مقربا كِلَاهُمَا بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل
واللطيف: من الْأَسْمَاء الْحسنى مَعْنَاهُ الْبر بعباده، المحسن إِلَى خلقه بإيصال الْمَنَافِع إِلَيْهِم بِرِفْق، ولطف، فَيكون من صِفَات الْأَفْعَال [فالصفات الجميلة للعباد بِخلق الله تَعَالَى وإقداره إيَّاهُم على كسبها أَو بإقداره إيَّاهُم على خلقهَا فَتكون من أنوار ذَاته وآثار صِفَاته واللطيف مَعْنَاهُ] الْعَالم بخفايا الْأُمُور ودقائقها، فَيكون من صِفَات الذَّات
واللطيف من الْكَلَام: مَا غمض مَعْنَاهُ وخفي
ولطف: كنصر لطفا: رفق ودنا
و [لطف] الله لَك: أوصل إِلَيْك مرادك بلطف
وككرم: صغر ودق لطفا أَيْضا ولطافة
اللّحن: لحن القَوْل: فحواه وَمَعْنَاهُ وأسلوبه وإمالته إِلَى جِهَة تَعْرِيض وتورية قَالَ: وَلَقَد لحنت لكم لكيما مَا تفهموا
واللحن يعرفهُ ذَوُو الْأَلْبَاب، وَمِنْه قيل للمخطئ: لاحن لِأَنَّهُ يعدل بالْكلَام عَن الصَّوَاب
ولحن الْكَلَام، بِالسُّكُونِ: وَهُوَ قِسْمَانِ جلي وخفي: فالجلي: خطأ يعرض للفظ ويخل بِالْمَعْنَى وَالْعرْف كتغيير كل وَاحِد من الْمَرْفُوع والمنصوب وَالْمَجْرُور والمجزوم، أَو تَغْيِير المبنى عَمَّا قسم لَهُ من حَرَكَة أَو سُكُون
والخفي: هُوَ خطأ يعرض للفظ وَلَا يخل بِالْمَعْنَى بل بِالْعرْفِ كتكرير الراءات وتطنين النونات
اللمم: بِالْفَتْح: الْجُنُون، وصغار الذُّنُوب، وَمَا يَقْصِدهُ الْمُؤمن وَلَا يحققه، وَأما مَا قَالَ بِهِ الْمُؤمن ويندم فِي الْحَال فَهُوَ من اللمم الَّذِي هُوَ مس من الْجُنُون، كَأَنَّهُ مَسّه وفارقه
وصغار الذُّنُوب من ألم إِذا نزل نزولا من غير لبث طَوِيل
واللمم، بِالْكَسْرِ: جمع لمة وَهِي الشّعْر المسترسل إِلَى الْمنْكب
اللَّعْن: هُوَ بِمَعْنى الطَّرْد من رَحْمَة الله، فَلَا يكون إِلَّا للْكَافِرِينَ
وَبِمَعْنى الإبعاد من دَرَجَة الْأَبْرَار ومقام الصَّالِحين
وَهُوَ المُرَاد فِي حَدِيث الاحتكار، وَلَا يجوز الأول على شخص وَإِن كَانَ فَاسِقًا
وَالْمرَاد من لعن الْمُحَلّل والمحلل لَهُ الخساسة لَا حَقِيقَة اللَّعْن، لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا بعث لعانا
اللجاج: التَّمَادِي فِي الْخُصُومَة
والعناد: الْمُعَارضَة بالعدول عَن سَوَاء الطَّرِيق وَبرد الْحق
ولجة النَّاس، بِالْفَتْح: صوتهم
ولجة المَاء، بِالضَّمِّ: معظمه
اللاهوت: الْخَالِق
والناسوت: الْمَخْلُوق وَرُبمَا يُطلق الأول على الرّوح وَالثَّانِي على الْبدن
وَرُبمَا يُطلق الأول أَيْضا على الْعَالم الْعلوِي، وَالثَّانِي على الْعَالم السفلي
وعَلى السَّبَب والمسبب
وعَلى الْجِنّ وَالْإِنْس
اللب: الْعقل الْخَالِص من الشوائب وَقيل: هُوَ مَا ذكا من الْعقل فَكل لب عقل وَلَا عكس وَلِهَذَا عقل الله الْأَحْكَام الَّتِي لَا تدركها إِلَّا الْعُقُول الذكية بأولي الْأَلْبَاب
اللِّسَان: هُوَ على لُغَة من جعله مذكرا يجمع على أَلْسِنَة، وعَلى من جعله مؤنثأ يجمع على ألسن، كذراع وأذرع
ولسان الْعَرَب: لغتهم، قَالَ الله تَعَالَى:{فَإِنَّمَا يسرناه بلسانك}
وَالْمرَاد فِي قَوْله تَعَالَى {وَاجعَل لي لِسَان صدق} : مَا يوحد بِهِ
وَفِي قَوْله تَعَالَى: {واحلل عقدَة من لساني} : الْقُوَّة النطقية الْقَائِمَة بالجارحة لَا الْجَارِحَة نَفسهَا
اللف والنشر: هُوَ من المحسنات المعنوية، وَهُوَ ذكر مُتَعَدد على التَّفْصِيل أَو الْإِجْمَال ثمَّ ذكر مَا لكل من غير تعْيين ثِقَة بِأَن السَّامع يردهُ إِلَيْهِ نَحْو قَوْله تَعَالَى:{وَمن رَحمته جعل لكم اللَّيْل وَالنَّهَار لتسكنوا فِيهِ ولتبتغوا من فَضله} وَقَوله تَعَالَى: {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه ولعلكم تشكرون} فِيهِ نشر لفين مفصل ومجمل كَمَا جنح إِلَيْهِ بعض الْمُحَقِّقين
واللف التقديري: هُوَ لف الْكَلَامَيْنِ وجعلهما كلَاما وَاحِدًا إيجازا وبلاغة كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا} أَي: لَا ينفع نفسا إيمَانهَا وَلَا كسبها فِي الْإِيمَان لم تكن آمَنت من قبل أوكسبت فِيهِ خيرا
واللفيف فِي الصّرْف: مقرون ك (طوى) ، ومفروق ك (وعى) لِاجْتِمَاع المعتلين فِي ثلاثية
اللَّغْو: هُوَ اسْم لكَلَام لَا فَائِدَة فِيهِ وَهُوَ المُرَاد فِي
آيَة الْمَائِدَة
وضد كسب الْقلب وَهُوَ السَّهْو كَمَا فِي آيَة الْبَقَرَة بِدَلِيل التقابل فِي كل مِنْهُمَا
اللَّهْو: صرف الْهم بِمَا لَا يحسن أَن يصرف بِهِ
واللعب: طلب الْفَرح بِمَا لَا يحسن أَن يطْلب بِهِ
وَقيل: اللَّهْو الِاسْتِمْتَاع بلذات الدُّنْيَا واللعب: الْعَبَث
وَقيل: اللَّهْو: الْميل عَن الْجد إِلَى الْهزْل
واللعب: ترك مَا ينفع بِمَا لَا ينفع
وَقيل: اللَّهْو: االإعراض عَن الْحق واللعب: الإقبال على الْبَاطِل ولهيت عَن الشَّيْء، بِالْكَسْرِ: إِذا سلوت عَنهُ وَتركت ذكره وأضربت عَنهُ وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {لاهية قُلُوبهم}
ولهوت: من اللَّهْو
واللهاة: هِيَ جَوْهَر لحمي مُعَلّق على أَعلَى الحنجرة كالحجاب ومنفعتها تدريج الْهَوَاء لِئَلَّا يقرع بِبرْدِهِ الرئة، وليمنع الدُّخان وَالْغُبَار وَكَأَنَّهُ بَاب موصد على مخرج الصَّوْت بِقَدرِهِ
اللَّمْس: هُوَ لصوق بإحساس
والمس أقل تمَكنا من الْإِصَابَة وَهُوَ أقل درجاتها
واللمس أَعم مِمَّا هُوَ بِالْيَدِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُوم من الْكتب الكلامية
والتماس بِالْيَدِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر من كتب اللُّغَة
فَقَوله تَعَالَى: {فلمسوه بِأَيْدِيهِم} أَي: فمسوه، وَالتَّقْيِيد فِيهِ بِأَيْدِيهِم لدفع التَّجَوُّز لَا محَالة، فَإِنَّهُ قد يتجوز بِهِ للفحص كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وَأَنا لمسنا السَّمَاء}
واللمس قد يُقَال لطلب الشَّيْء وَإِن لم يُوجد
والمس يُقَال فِيمَا مَعَه إِدْرَاك بحاسة السّمع، ويكنى بِهِ عَن النِّكَاح وَالْجُنُون وَيُقَال فِي كل مَا ينَال الْإِنْسَان من أَذَى: مس، وَلَا اخْتِصَاص لَهُ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ لصوق فَقَط
قَالَ الشَّيْخ الرئيس: الْحَواس الَّتِي يصير بهَا الْحَيَوَان حَيَوَانا إِنَّمَا هُوَ اللَّمْس فَإِن بَاقِي الْحَواس قد يَنْتَفِي مَعَ بَقَاء الحيوانية بِخِلَاف اللَّمْس
اللَّقِيط: هُوَ فِي الْآدَمِيّ يُقَال: صبي منبوذ، اعْتِبَارا بِمن طَرحه ولقيط وملقوط أَيْضا، اعْتِبَارا بِمن تنَاوله
واللقطة فِي غير الْآدَمِيّ
واللقاطة، بِالضَّمِّ: مَا كَانَ سَاقِطا مِمَّا لَا قيمَة لَهُ
اللَّوْح، بِالْفَتْح: الْكتب
وبالضم: الْهَوَاء بَين الأَرْض وَالسَّمَاء
واللوح الْمَحْفُوظ عِنْد أهل الشَّرْع: جسم فَوق السَّمَاء السَّابِعَة كتب فِيهِ مَا كَانَ وَمَا سَيكون، وَهَذَا لَيْسَ بمستحيل لِأَن الكائنات عندنَا متناهية
وَأما عِنْد الفلاسفة: فَهُوَ النَّفس الْكُلِّي للفلك الْأَعْظَم يرتسم فِيهَا الكائنات ارتسام الْمَعْلُوم فِي الْعَالم
وَاعْلَم أَن ثُبُوت الْمَقَادِير فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ يضاهي ثُبُوت كَلِمَات الْقُرْآن وحروفه فِي دماغ حَافظ الْقُرْآن وَقَلبه، فَإِنَّهُ مسطور فِيهِ كَأَنَّهُ ينظر
إِلَيْهِ [فَإِن جَمِيع الْحُرُوف بهيئاتها التأليفية الْعَارِضَة لمفرداتها ومركباتها مَحْفُوظَة فِي قلب الْحَافِظ ومجتمعة الْوُجُود فِيهِ بِحَيْثُ إِن وجود بَعْضهَا لَيْسَ مَشْرُوطًا بِانْقِضَاء الْبَعْض وانعدامه عَن قلبه كَمَا فِي التَّلَفُّظ لعدم مساعدة الْآلَة] وَلَو فتشت دماغه جُزْءا جُزْءا لم تشاهد من ذَلِك حرفا [وَهَذَا خلاف وجود الْعبارَات فِي ذَات الله تَعَالَى، بل وجودهَا فِي ذَاته تَعَالَى بالوجود الْعَيْنِيّ اللَّازِم لذاته الدَّائِم بدوامه، وَفِي نفس الْحَافِظ بالوجود اللَّفْظِيّ الخيالي، بل كَلَامه تَعَالَى حَقِيقَة على مَا ذهب إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ من الماتريدية والأشعرية رضي الله عنهما هُوَ الْمعَانِي أَي النّسَب الإخبارية والإنشائية دون الْمعَانِي اللُّغَوِيَّة الْمعبر عَنْهَا بالألفاظ فَإِنَّهَا جَوَاهِر وأعراض يَسْتَحِيل قِيَامهَا بِذَاتِهِ تَعَالَى
وَدَلَائِل الْحُدُوث مَحْمُولَة على حُدُوث تِلْكَ الصِّفَات الْمُتَعَلّقَة بالْكلَام فِي الْوُجُود دون حَقِيقَة الْكَلَام جمعا بَين الْأَدِلَّة كَمَا صرح بِهِ صَاحب " المواقف " وَأول قَول الْأَشْعَرِيّ أَن الْكَلَام هُوَ الْمَعْنى النَّفْسِيّ بِحمْل الْمَعْنى على الْقَائِم بِالْغَيْر فيقابل الْعين دون مَدْلُول اللَّفْظ وَهَذَا هُوَ مَذْهَب السّلف كَمَا فِي " نِهَايَة الْإِقْدَام " للشهرستاني وَأقرب إِلَى الْأَحْكَام الظَّاهِرِيَّة المنسوبة إِلَى قَوَاعِد الْملَّة كَمَا قَالَ الْعَلامَة الشريف الْجِرْجَانِيّ رحمه الله]
(ولوح الله لَا يشبه لوح الْمَخْلُوق، وَكتاب الله لَا يشبه كتاب الْخلق، كَمَا أَن ذَاته وَصِفَاته لاتشبه ذَات المخلوقين وصفاتهم)
اللوم، بِالْفَتْح: العذل، واللوم مِمَّا يحرض، كَمَا أَن العذل مِمَّا يغري، والعتاب مِمَّا يزِيد فِي الْإِعْرَاض، والتعنيف مِمَّا يحس الْمنْهِي عَنهُ واللؤم، بِالضَّمِّ والهمزة بعده: هُوَ ضد الْكَرم
اللَّطْم: الضَّرْب على الخد ببسط الْكَفّ
واللكم: بِقَبض الْكَفّ والكدم: بكلتا الْيَدَيْنِ
اللبان: هُوَ يخْتَص بِالرّضَاعِ يُقَال: هُوَ أَخُوهُ بلبان أمه، وَلَا يُقَال: بلبنها، وَيُقَال: لبن الشَّاة، ولبان الْمَرْأَة
اللمز: الغمز فِي الْوَجْه بِكَلَام خَفِي
والهمز: فِي الْقَفَا
اللّبْس: بِالْفَتْح: الْخَلْط من بَاب (ضرب) ، وَقد يلْزمه جعل الشَّيْء مشتبها بِغَيْرِهِ
و [التباس] ككتاب: الزَّوْج وَالزَّوْجَة، والاختلاط والاجتماع ولباس التَّقْوَى: الْإِيمَان، أَو الْحيَاء، أَو ستر الْعَوْرَة
وَلبس الثَّوْب، كسمع لبسا بِالضَّمِّ
لله كَذَا: هُوَ كلمة تعجب ومدح يُقَال عِنْد استغراب الشَّيْء واستعظامه
قَالَ صَاحب " التَّحْرِير ": إِذا وجد من الْوَلَد مَا يحمد يُقَال (لله أَبوك) حَيْثُ أَتَى بمثلك وَكَذَا يُقَال فِي الْمَدْح: لله دره والدر فِي اللُّغَة: اللَّبن، وَفِيه خير كثير عِنْد الْعَرَب فَأُرِيد الْخَيْر مجَازًا وَيُقَال فِي الذَّم:(لَا در دره) أَي: لَا كثر خَيره وَالْعرب إِذا عظموا شَيْئا نسبوه إِلَى الله تَعَالَى قصدا إِلَى أَن غَيره
لَا يقدر، وإيذانا بِأَنَّهُ متعجب من أَمر نَفسه لِأَنَّهُ قد يخفى عَلَيْهِ شَأْن من شؤون نفس، وَإِمَّا تعجيب لغيره مِنْهُ
لَدَى: هِيَ بِجَمِيعِ لغاتها بِمَعْنى (عِنْد) مُتَضَمّن لِمَعْنى (من) وَلذَا بني، وَيَكْفِي لجِهَة الْبناء كَون (لدن) فِي (من لدن) على لفظ مَا هُوَ مَبْنِيّ، وَلَا يُوجب دُخُول (من) عَلَيْهِ عدم تضمنه لمعناه لجَوَاز أَن يكون الدُّخُول للتَّأْكِيد
لوط: قَالَ ابْن اسحق: هُوَ لوط بن هاران بن آزر وَعَن ابْن عَبَّاس: لوط ابْن أَخ إِبْرَاهِيم [نوع]{أَن نتَّخذ لهوا} : اللَّهْو الْمَرْأَة بلغَة أهل الْيمن
{لفيفا} : جَمِيعًا أَو مختلطين
{من لدنا} : من عندنَا
{لبس} : شكّ
{لغوب} : إعياء
{لَغوا} : بَاطِلا
{لِسَان صدق عليا} : الثَّنَاء الْحسن
{ليا بألسنتهم} : تحريفا بِالْكَذِبِ
{لواحة} : معرضة، أَو حراقة، أَو مسودة لأعالي الْجلد، أَو لائحة للنَّاس
{أكلا لما} : ذَا لم أَي: جمع بَين الْحَلَال وَالْحرَام
{كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدا} أَي كَادُوا يركبون النَّبِي رَغْبَة فِي الْقُرْآن وشهوة لاستماعه
{لَوَاقِح} : حوامل
{قوما لدا} : أشداء الْخُصُومَة
{صَنْعَة لبوس} : عمل دروع
{لزاما} : لَازِما يَحِيق بكم لَا محَالة
{لَهو الحَدِيث} : مَا يلهي عَمَّا يَعْنِي. {كلمح الْبَصَر} :: كرجع الطّرف من أَعلَى الحدقة إِلَى أَسْفَلهَا
{للجوا} : لثبتوا
{وَجَعَلنَا اللَّيْل لباسا} : غطاء يسْتَتر بظلمته من أَرَادَ الأختفاء
{لجي} : عميق
{طين لازب} : طين علك لاصق
{فِي لحن القَوْل} : فحوى القَوْل وَمَعْنَاهُ