المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{قاسمهما} : حلف لَهما {قَارِعَة} : داهية {القانطين} : يائسين {قصيا} : بَعيدا {بِجُنُود - الكليات

[أبو البقاء الكفوي]

فهرس الكتاب

- ‌(فصل الْألف)

- ‌[الْألف اللينة وَالْألف المتحركة] )

- ‌(فصل الْألف وَالْبَاء)

- ‌(نوع فِي بَيَان لُغَات أَلْفَاظ النّظم الْجَلِيل)

- ‌(فصل الْألف وَالتَّاء)

- ‌(فصل الْألف والثاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْجِيم)

- ‌(فصل الْألف والحاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْخَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالدَّال)

- ‌(فصل الْألف والذال)

- ‌(فصل الْألف وَالرَّاء)

- ‌(فصل الْألف وَالزَّاي)

- ‌(فصل الْألف وَالسِّين)

- ‌(فصل الْألف والشين)

- ‌(فصل الْألف وَالصَّاد)

- ‌(فصل الْألف وَالضَّاد)

- ‌(فصل الْألف والطاء)

- ‌(فصل الْألف والظاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْعين)

- ‌(فصل الْألف والغين)

- ‌(فصل الْألف وَالْفَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْقَاف)

- ‌(فصل الْألف وَالْكَاف)

- ‌(فصل الْألف وَاللَّام)

- ‌(فصل الْألف وَالْمِيم)

- ‌(فصل الْألف وَالنُّون)

- ‌(فصل الْألف وَالْوَاو)

- ‌(فصل الْألف وَالْهَاء)

- ‌(فصل الْألف وَالْيَاء)

- ‌(فصل الْبَاء)

- ‌(فصل التَّاء)

- ‌(فصل الثَّاء)

- ‌(فصل الْجِيم)

- ‌(فصل الْحَاء)

- ‌(فصل الْخَاء)

- ‌(فصل الدَّال)

- ‌(فصل الذَّال)

- ‌(فصل الرَّاء)

- ‌(فصل الزَّاي)

- ‌(فصل السِّين)

- ‌(فصل الشين)

- ‌(فصل الصَّاد)

- ‌(فصل الضَّاد)

- ‌(فصل الطَّاء)

- ‌(فصل الظَّاء)

- ‌(فصل الْعين)

- ‌(فصل الْغَيْن)

- ‌(فصل الْفَاء)

- ‌(فصل الْقَاف)

- ‌(فصل الْكَاف)

- ‌(فصل اللَّام)

- ‌(فصل الْمِيم)

- ‌(فصل النُّون)

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْوَاو

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْهَاء

- ‌[نوع]

- ‌فصل لَا

- ‌[نوع]

- ‌فصل الْيَاء

- ‌[نوع]

- ‌فصل فِي المتفرقات

- ‌فصل

الفصل: {قاسمهما} : حلف لَهما {قَارِعَة} : داهية {القانطين} : يائسين {قصيا} : بَعيدا {بِجُنُود

{قاسمهما} : حلف لَهما

{قَارِعَة} : داهية

{القانطين} : يائسين

{قصيا} : بَعيدا

{بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا} : أَي لَا طَاقَة لَهُم بهَا

{بالقسطاس} : ميزَان بلغَة الرّوم عرب وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي عَرَبِيَّة الْقُرْآن، لِأَن العجمي إِذا استعملته الْعَرَب وأجرته مجْرى كَلَامهم فِي الْإِعْرَاب والتعريف والتنكير وَنَحْوهَا صَار عَرَبيا

{قطعا من اللَّيْل} : بتسكين الطَّاء اسْم مَا قطع، وبفتح الطَّاء جمع قِطْعَة

{وقرونا} : وَأهل أعصار

{قد جعل الله لكل شَيْء قدرا} : تَقْديرا أَو مِقْدَارًا أَو أَََجَلًا

{علم بالقلم} : أَي الْخط بالقلم

{فَإِذا قرأناه} : بِلِسَان سيدنَا جِبْرِيل عليه الصلاة والسلام عَلَيْك

{فَاتبع قرآنه} : قِرَاءَته

{فِي قرطاس} : ورق

{وَهُوَ الْقوي} : الباهر الْقُدْرَة]

(فصل الْكَاف)

[الْكَنْز] : كل كنز فِي الْقُرْآن فَهُوَ مَال إِلَّا فِي " الْكَهْف " فَإِن المُرَاد هُنَاكَ صحيفَة علم

كل مَال أدّيت زَكَاته فَلَيْسَ بكنز وَإِن كَانَ مَدْفُونا

وكل مَال لم تُؤَد زَكَاته فَهُوَ كنز وَإِن كَانَ ظَاهرا

[كَاد] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن (كَادُوا) ، و (كَاد) و (يكَاد) فَإِنَّهُ لَا يكون أبدأ، وَقيل: إِنَّهَا تفِيد الدّلَالَة على وُقُوع الْفِعْل بعسر

[الكفور] : كل مَا فِي الْقُرْآن {وَكَانَ الْإِنْسَان كفورا} يَعْنِي بِهِ الْكفَّار

[الكأس] : كل كأس فِي الْقُرْآن فَالْمُرَاد بِهِ الْخمر

[الكره] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الكره جَازَ فِيهِ الْفَتْح إِلَّا قَوْله: {وَهُوَ كره لكم}

[كلا] : فِي " الْأَنْوَار " فِي قَوْله تَعَالَى: {كلا فاذهبا} ارتدع يَا مُوسَى عَمَّا تظن فَاذْهَبْ أَنْت وَالَّذِي طلبته قَالَ عمر بن عبد الله: إِذا سَمِعت الله يَقُول كلا فَإِنَّمَا يَقُول كذبت

[الْكمّ] : كل مَا يستر شَيْئا فَهُوَ كم بِالتَّشْدِيدِ وَمِنْه

ص: 741

كم الْقَمِيص، وَيُقَال للقلنسوة: كمة

[الكفة] : كل مستدير فَهُوَ كفة بِالْكَسْرِ نَحْو كفة الْمِيزَان، وَيفتح

وكل مستطيل فَهُوَ كفة بِالضَّمِّ نَحْو كفة الثَّوْب وَهِي حَاشِيَته

[الْكَوْثَر] : كل شَيْء كثير فِي الْعدَد أَو كَبِير فِي الْقدر والخطر فَإِن الْعَرَب تسميه كوثرا

[الْكَنْز] : كل مَا زَاد على أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم فَهُوَ كنز، أدّيت مِنْهُ الزَّكَاة أَو لم تُؤَد، وَمَا دونه نفقه

[الْكفْر] : كل شَيْء غطى شَيْئا فقد كفره، وَمِنْه سمي الْكَافِر لِأَنَّهُ يستر نعم الله

[الْكَذِب] : كل خبر مخبره على خلاف مَا أخبرهُ فَهُوَ كذب

[كسْرَى] : كل من ملك الْفرس يُسمى كسْرَى

كَمَا أَن كل من ملك الرّوم يُسمى: قيصرا

وَالتّرْك: خاقانا واليمن: تبعا والحبشة: نجاشيا والقبط: فرعونا ومصر: عَزِيزًا إِلَى غير ذَلِك

[الْكَبِيرَة] : كل مَا سمي فَاحِشَة كاللواط، وَنِكَاح مَنْكُوحَة الْأَب، أَو ثَبت لَهُ بِنَصّ قَاطع عُقُوبَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَهُوَ الْكَبِيرَة

[الْكَلِمَة] : كل لَفْظَة دلّت على معنى مُفْرد بِالْوَضْعِ فَهِيَ كلمة، وَبِعِبَارَة أُخْرَى: كل مَنْطُوق أَفَادَ شَيْئا بِالْوَضْعِ فَهُوَ كلمة، وَجَمعهَا كَلِمَات وكلم

[كَلَام النَّفس] : كل مَا يحصل فِي النَّفس من حَيْثُ يدل عَلَيْهِ بِعِبَارَة أَو إِشَارَة أَو كِتَابَة فَهُوَ كَلَام النَّفس سَوَاء كَانَ علما، أَو إِرَادَة، أَو إذعانا، أَو خَبرا، أَو استخبارا، أَو غير ذَلِك وَلَيْسَ كَلَام النَّفس نوعا من الْمعَانِي مغايرا لما هُوَ حَاصِل فِي النَّفس باتفاقهم

[الْكِنَايَة] : كل اسْم وضع لعدد مُبْهَم مثل: كم، وَكَذَا وَلِحَدِيث مُبْهَم مثل: كَيْت، وذيت، فهر كِنَايَة

[الْكَلَام] : كل كَلَام مُسْتَقل إِن زِدْت عَلَيْهِ شَيْئا غير مَعْقُود بِغَيْرِهِ وَلَا مُقْتَضى لسواه فَالْكَلَام بَاقٍ على حَاله نَحْو: (زيد قَائِم) ، (وَمَا زيد بقائم)

وكل كَلَام مُسْتَقل إِن زِدْت عَلَيْهِ شَيْئا مقتضيا لغيره معقودا بِهِ فَإِنَّهُ عَاد الْكَلَام نَاقِصا مثل قَوْلك: (إِن قَامَ زيد)

[كل] : كل كلمة (كل) اسْم لجَمِيع أَجزَاء الشَّيْء للمذكر والمؤنث، وَيُقَال: كل رجل، وكلة امْرَأَة

وكلهن منطلق ومنطلقة وَقد جَاءَ بِمَعْنى (بعض) وَهُوَ ضد، وَلَا يجوز إِدْخَال الْألف وَاللَّام عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَازم الْإِضَافَة إِلَّا إِذا كَانَ عوضا عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ نَحْو الْكل تَقْدِيره كُله، أَو يُرَاد لَفظه كَمَا يُقَال:(الْكل) لإحاطة الْأَفْرَاد

وكل: اسْم لاستغراق أَفْرَاد الْمُنكر نَحْو: (كل

ص: 742

امْرِئ بِمَا كسب رهين} والمعرف الْمَجْمُوع نَحْو: (كل الْعَالمين حَادث) وأجزاء الْمُفْرد الْمُعَرّف بِاللَّامِ نَحْو: (كل الرجل) يَعْنِي كل أَجْزَائِهِ وَإِن لم تكن نعتا لنكرة، وَلَا تَأْكِيدًا لمعْرِفَة بِأَن تَلَاهَا الْعَامِل جَازَت إضافتها فَإِذا أضيفت إِلَى الْمُنكر تفِيد عُمُوم الْأَفْرَاد فَيكون تأسيسا نَحْو قَوْله تَعَالَى:{وكل شَيْء فصلناه تَفْصِيلًا} وَيجب فِي ضميرها مُرَاعَاة مَعْنَاهَا نَحْو: {وكل شَيْء فَعَلُوهُ فِي الزبر} {} (وعَلى كل ضامر يَأْتِين}

وَإِذا أضيفت إِلَى الْمُعَرّف بِاللَّامِ تفِيد عُمُوم الْأَجْزَاء، وَيجوز فِي الضَّمِير الْعَائِد إِلَيْهَا مُرَاعَاة لَفظهَا فِي التَّذْكِير والإفراد ومراعاة مَعْنَاهَا وَكَذَا إِذا قطعت عَن الْإِضَافَة نَحْو:{كل يعْمل على شاكلته} {} (وكل أَتَوْهُ داخرين}

وَإِذا أضيفت إِلَى مَا لَا يعلم منتهاه فَإِنَّمَا تتَنَاوَل أدناه عِنْد أبي حنيفَة فِيمَا يجْرِي فِيهِ النزاع كَالْبيع وَالْإِجَازَة وَالْإِقْرَار وَغير ذَلِك، فَلَو قَالَ: لفُلَان عَليّ كل دِرْهَم، يلْزمه دِرْهَم لَا فِي غَيره كالتزوج، وَلَو قَالَ: كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق؛ تطلق كل امْرَأَة يَتَزَوَّجهَا على الْعُمُوم، وَلَو تزوج امْرَأَة مرَّتَيْنِ لم تطلق فِي الْمرة الثَّانِيَة، وَيجْعَل كل فَرد كَانَ لَيْسَ مَعَه غَيره لِأَن كلمة (كل) إِذا دخلت على النكرَة أوجبت عُمُوم أفرادها على سَبِيل الشُّمُول دون التّكْرَار، وَيُسمى هَذَا (الْكل) إفراديا وَلَو قَالَ:(أَنْت طَالِق كل التطليقة) يَقع وَاحِدَة لِأَن كلمة (كل) إِذا دخلت على الْمعرفَة أوجبت عُمُوم أَجْزَائِهَا، وَلَو قَالَ:(كل تَطْلِيقَة) ، تقع الثَّلَاث لِأَنَّهَا أوجبت عُمُوم أفرادها، وَيُسمى هَذَا الْكل مجموعيا

وكل: من أَلْفَاظ الْغَيْبَة فَإِذا أضيف إِلَى المخاطبين جَازَ لَك أَن تعيد الضَّمِير إِلَيْهِ بِلَفْظ الْغَيْبَة مُرَاعَاة للفظه، وَأَن تعيده بِلَفْظ الْخطاب مُرَاعَاة لمعناه فَتَقول: كلكُمْ فعلوا وَحَيْثُ وَقعت فِي حيّز النَّفْي بِأَن سبقتها أداته أَو فعل منفي نَحْو: (مَا جَاءَنِي كل الْقَوْم) ، و (كل الدَّرَاهِم لم آخذ)، لم يتَوَجَّه النَّفْي إِلَّا لسلب شمولها فيفهم إِثْبَات الْفِعْل لبَعض الْأَفْرَاد مَا لم يدل الدَّلِيل على خِلَافه نَحْو:{وَالله لَا يحب كل مختال فخور} مَفْهُومه إِثْبَات الْمحبَّة لأحد الوصفين، لَكِن الْإِجْمَاع على تَحْرِيم الاختيال وَالْفَخْر مُطلقًا، وَحَيْثُ وَقع النَّفْي فِي حيزها كَمَا فِي قَوْله عليه الصلاة والسلام فِي خبر ذِي الْيَدَيْنِ:" كل ذَلِك لم يكن " توجه إِلَى كل فَرد كَذَا ذكره البيانيون

وَاعْلَم أَن (كل) الدَّاخِلَة فِي حيّز النَّفْي سَوَاء كَانَ النَّفْي حَقِيقِيًّا أوحكميا إِمَّا أَن لَا يعْمل فِيهَا شَيْء من النَّفْي والمنفي نَحْو: (إِن كلهم يحبني أَو يبغضني) فِي الْحَقِيقِيّ

وَهل كل مودتة تدوم

فِي الْحكمِي

وَإِمَّا أَن يعْمل فَحِينَئِذٍ عاملها إِمَّا النَّفْي سَوَاء كَانَت تَابِعَة نَحْو: (مَا الْقَوْم كلهم ينتمون إِلَيّ)

ص: 743

أَو أَصْلِيَّة نَحْو: مَا كل مَا يتَمَنَّى الْمرة يُدْرِكهُ

وَإِمَّا الْمَنْفِيّ مقدما عَلَيْهَا سَوَاء كَانَت مَرْفُوعَة أَصْلِيَّة أَو تَابِعَة نَحْو: (مَا جَاءَنِي كل الْقَوْم) ، (وَمَا جَاءَنِي الْقَوْم كلهم) فِي الْمَنْفِيّ الْحَقِيقِيّ، (وَلَا يَأْتِ كل الْقَوْم)، (وَلَا يَأْتِ الْقَوْم كلهم) فِي الْحكمِي أَو مَنْصُوبَة كَذَلِك نَحْو:(مَا ضربت كل الْقَوْم) ، (وَمَا ضربت الْقَوْم كلهم) فِي الْحَقِيقِيّ، وَنَحْو:(لاتضرب كل الْقَوْم)، و (لَا تضرب الْقَوْم كلهم) فِي الْحكمِي أومؤخرا عَنْهَا سَوَاء كَانَت مَنْصُوبَة أَصْلِيَّة أَو تَابِعَة وَلَا مَرْفُوعَة بنوعيها فِي هَذَا الْقسم نَحْو:(الدَّرَاهِم كلهَا لم آخذ)، و (كل الدَّرَاهِم لم آخذ) فِي الْحَقِيقِيّ وَنَحْو:(كل مَالك لَا تنْفق) ، و (مَالك كُله لَا تنْفق) فِي الْحكمِي

وَفِي صُورَة عدم الدُّخُول فِي حيّز النَّفْي عَم النَّفْي جَمِيع أَفْرَاد الْمَنْفِيّ عَنهُ الثُّبُوت أَو التَّعَلُّق فَلَا يفهم الثُّبُوت لبَعض وَلَا التَّعَلُّق بِهِ نَحْو قَوْله عليه الصلاة والسلام فِي جَوَاب قَول ذِي الْيَدَيْنِ: أقصرت الصَّلَاة أم نسيت يَا رَسُول الله؟ " كل ذَلِك لم يكن " أَي فِي ظَنِّي

وَقد يسْتَعْمل (كل) فِي الْخُصُوص عِنْد الْقَرِينَة كَمَا تَقول: (دخلت السُّوق فاشتريت كل شَيْء) وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد أريناه آيَاتنَا كلهَا}

وَالْكل المجموعي شَامِل للأفراد دفْعَة، وَهُوَ فِي قُوَّة الْبَعْض

وَالْكل الإفرادي شَامِل للأفراد على سَبِيل الْبَدَل يَعْنِي على الِانْفِرَاد إِذا دخل التَّنْوِين على مَدْخُول (كل) فَالْكل إفرادي

وَقد تكون (كل) للتكثير وَالْمُبَالغَة دون الْإِحَاطَة وَكَمَال التَّعْمِيم كَقَوْلِه تَعَالَى: {وجاءهم الموج من كل مَكَان} وَيُقَال: (فلَان يقْصد كل شَيْء، أَو يعلم كل شَيْء)، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى:{وَأُوتِيت من كل شَيْء} ، {وكلا نقص عَلَيْك من أنباء الرُّسُل} وَالْمعْنَى: وكل نبأ نَقصه عَلَيْك من أنباء الرُّسُل مَا نثبت بِهِ فُؤَادك فَلَا يَقْتَضِي اللَّفْظ قصّ أنباء جَمِيع الرُّسُل

وَقد تحمل (كل) على معنى (من) لمشابهة بَينهمَا، فَإِنَّهَا إِذا أضيفت إِلَى مَا اتّصف بِصفة فعل أَو ظرف تَضَمَّنت معنى الشَّرْط للمشابهة فِي الْعُمُوم والإبهام وَكلمَة (كل) للإحاطة على سَبِيل الِانْفِرَاد وَكلمَة (من) توجب الْعُمُوم من غير تعرض بِصفة الِاجْتِمَاع والانفراد

وَكلمَة (جَمِيع) تتعرض بِصفة الِاجْتِمَاع وَعند قَوْلك: (كلهم) يثبت الْأَمر للاقتصار عَلَيْهِم، وَعند قَوْلك:(كل مِنْهُم) يثبت الْأَمر أَولا للْعُمُوم، ثمَّ استدركت بالتخصيص فَقلت: مِنْهُم وَعند قَوْلك: (كل) يثبت الْأَمر على الْعُمُوم وَتركت عَلَيْهِ

كل تلِي الْأَسْمَاء وتعمها صَرِيحًا وَلَا تعم الْأَفْعَال إِلَّا فِي ضمن تَعْمِيم الْأَسْمَاء و (كلما) بِالْعَكْسِ، و (كل) لَا توجب التّكْرَار بِخِلَاف (كلما) لِأَن (مَا) فِيهَا للجزاء ضمت إِلَى (كل) فَصَارَت أَدَاة لتكرار الْفِعْل [قَالَ أَبُو حَيَّان رحمه الله: التّكْرَار فِي (كلما) من عُمُوم (مَا) لِأَن الظَّرْفِيَّة يُرَاد بهَا الْعُمُوم و (كل)

ص: 744

أكدته، وَالنّصب على الظّرْف لِإِضَافَتِهِ إِلَى شَيْء يقوم هُوَ مقَامه وَالْعَامِل فِيهِ الْفِعْل الَّذِي يُوجب هُوَ جَوَاب فِي الْمَعْنى] وَفِي كل مَوضِع يكون لَهَا جَوَاب ف (كلما) ظرف، و (كلما) تفِيد الْكُلية و (أَي) تسْتَعْمل فِي الْكُلية والجزئية و (مَتى) تفِيد الْجُزْئِيَّة فَقَط

وَالْكل: هُوَ الحكم على الْمَجْمُوع كَقَوْلِنَا (كل بني تَمِيم يحملون صَخْرَة)

والكلية: هِيَ الحكم على كل فَرد نَحْو: (كل بني تَمِيم يَأْكُلُون الرَّغِيف)

وَالْكل يتقوم بالأجزاء كتقوم السكنجبين بالخل وَالْعَسَل بِخِلَاف الْكُلِّي كالإنسان فَإِنَّهُ لَا يتقوم بالجزيئات والكلي مَحْمُول على الجزئي كَقَوْلِنَا: (زيد إِنْسَان) بِخِلَاف الْكل حَيْثُ لَا يُقَال: (الْخلّ سكنجبين) وَالْكل مَوْجُود فِي الْخَارِج ولاشيء من الْكُلِّي بموجود فِي الْخَارِج

وأجزاء الْكل متناهية، وجزئيات الْكُلِّي غير متناهية والكلي: هُوَ الَّذِي لَا يمْنَع نفس تصور مَعْنَاهُ من وُقُوع الشّركَة فِيهِ سَوَاء اسْتَحَالَ وجوده فِي الْخَارِج كاجتماع الضدين أَو أمكن وَلم يُوجد كبحر فِي زئبق، وجبل من ياقوت، أَو وجد مِنْهُ وَاحِد مَعَ إِمْكَان غَيره كَالشَّمْسِ، أَو استحالته أَو كَانَ كثيرا متناهيا كالإنسان، أَو غير متناه كالعدد

والكلي: طبيعي ومنطقي وعقلي، فالإنسان مثلا فِيهِ حِصَّة من الحيوانية، فَإِذا أطلقنا عَلَيْهِ أَنه كلي فههنا ثَلَاثَة اعتبارات: أَحدهَا: أَن يُرَاد بِهِ الْحصَّة الَّتِي شَارك بهَا الْإِنْسَان غَيره، فَهَذَا هُوَ الْكُلِّي الطبيعي، وَهُوَ مَوْجُود فِي الْخَارِج فَإِنَّهُ جُزْء الْإِنْسَان الْمَوْجُود، وجزء الْمَوْجُود مَوْجُود

وَالثَّانِي: أَن يُرَاد بِهِ أَنه غير مَانع من الشّركَة، فَهَذَا هُوَ الْكُلِّي المنطقي، وَهَذَا لَا وجود لَهُ لعدم تناهيه

وَالثَّالِث: أَن يُرَاد بِهِ الْأَمْرَانِ مَعًا الْحصَّة الَّتِي يُشَارك بهَا الْإِنْسَان غَيره مَعَ كَونه غير مَانع من الشّركَة، وَهَذَا أَيْضا لَا وجود لَهُ لاشْتِمَاله على مَا لَا يتناهى، وَذهب أفلاطون إِلَى وجوده

والكليات الْخمس عِنْد أَرْبَاب الْمنطق هِيَ:

ص: 745

الْجِنْس وَالنَّوْع والفصل والخاصة وَالْعرض الْعَام

فالجنس كالحيوانية، وَالنَّوْع كالإنسانية، والفصل كالناطقية، وَلَا يُرِيدُونَ بالناطقية مَا يفهمهُ عوام النَّاس من أَنه النُّطْق بالْكلَام، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بهَا الْقُوَّة المفكرة، فعلى هَذَا دخل الْأَخْرَس والطفل فِي حد الْإِنْسَان، وَخرج عَنهُ الببغاء والناطق: هُوَ فصل الْإِنْسَان عَن سَائِر الْحَيَوَان والخاصة كالكتابة لِأَنَّهَا تخص بِبَعْض النَّوْع وَالْعرض الْعَام كالضاحكية لِأَنَّهَا عَامَّة بِجَمِيعِ النَّوْع، وَلِهَذَا كَانَ التَّعْرِيف فِي الْحُدُود بِالْجِنْسِ الْقَرِيب والخاصة مطردا غير منعكس

ثمَّ الْكُلِّي إِن كَانَ مندرجا فِي حَقِيقَة جزئياته يُسمى ذاتيا كالحيوان بِالنِّسْبَةِ إِلَى زيد وَعَمْرو مثلا إِذْ هُوَ جُزْء حقيقتهما، وَإِن لم ينْدَرج بل كَانَ خَارِجا عَن الْحَقِيقَة يُسمى عرضا كالكاتب مثلا فَإِنَّهُ لَيْسَ بداخل فِي حَقِيقَة زيد وَعَمْرو، وأيا مَا كَانَ فَهُوَ عبارَة عَن مَجْمُوع الْحَقِيقَة فَلَا يُسمى ذاتيا وَلَا عرضيا بل وَاسِطَة ونوعا كالإنسان فَإِنَّهُ عبارَة عَن مَجْمُوع الْحَقِيقَة من جنس وَفصل وَهِي الحيوانية والناطقية

والكلي إِمَّا أَن يكون تَمام مَا تَحْتَهُ من الجزئيات أَو مندرجا فِيهَا أَو خَارِجا عَنْهَا

فَالْأول: النَّوْع وَهُوَ الْمَقُول على كثيرين مُخْتَلفين بِالْعدَدِ فِي جَوَاب أَي نوع هُوَ كالإنسان بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَيَوَان

وَالثَّانِي: الْجِنْس إِن كَانَ مقولا على كثيرين مُخْتَلفين بِالْحَقِيقَةِ فِي جَوَاب مَا هُوَ كالحيوان للْإنْسَان، والفصل إِن كَانَ مقولا على كثيرين متفقين بِالْحَقِيقَةِ كالناطق

وَالثَّالِث: إِن كَانَ مقولا على متفقين بِالْحَقِيقَةِ فالخاصة كالضحك وَإِن كَانَ مقولا على مُخْتَلفين بِالْحَقِيقَةِ فالعرض الْعَام كالمتحرك

والكلي إِن اسْتَوَت أَفْرَاده فِيهِ كالإنسان بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَفْرَاده فمتواطئ لتواطؤ أَفْرَاد مَعْنَاهُ فِيهِ، وَإِن كَانَ بعض مَعَانِيه أولى بِهِ من الْبَعْض كالبياض فِي الثَّلج والعاج، أَو أقدم من الْبَعْض كالوجود فِي الْوَاجِب والممكن فمشكك لتشكيك النَّاظر فِي أَنه متواطئ نظرا إِلَى جِهَة اشْتِرَاك الْأَفْرَاد فِي أصل الْمَعْنى، أَو غير متواطئ نظرا إِلَى الِاخْتِلَاف، وَإِن تعدد اللَّفْظ وَالْمعْنَى كالإنسان وَالْفرس فمتباين أَي: أحد اللَّفْظَيْنِ مباين للْآخر لتباين مَعْنَاهُمَا وَإِن اتَّحد الْمَعْنى دون اللَّفْظ كالإنسان والبشر فمترادف لترادفهما أَي لتواليهما على معنى وَاحِد، وان اتَّحد اللَّفْظ دون الْمَعْنى كَالْعَيْنِ فمشترك لاشتراك الْمعَانِي فِيهِ

وَقد يُطلق الْكُلِّي على الصُّورَة الْعَقْلِيَّة، وَمعنى مطابقته لكثيرين هُوَ أَن الْأَمر الْعقلِيّ إِذا تشخص بتشخص جزئي معِين كَانَ ذَلِك الجزئي بِعَيْنِه، وَإِن جرد ذَلِك الجزئي عَن مشخصاته كَانَ ذَلِك الْأَمر الْكُلِّي بِعَيْنِه

وَقد يُطلق على الْأَمر الْمَوْجُود فِي ضمن الشَّخْص

أَعنِي الْجِنْس والفصل وَالنَّوْع، فَمَعْنَى مطابقته لكثيرين وجوده فِي ضمن كل من جزئياته بِوَاسِطَة تكَرر الْوُجُود فِي ضمن الجزئيات

والكلي قبل الْكَثْرَة: هُوَ كالحقائق الْكُلية ثبوتا فِي الْعلم الأزلي، ومطابقته لكثيرين هِيَ مطابقته لمجموع الجزئيات لِأَنَّهُ عينه، وَإِنَّمَا حصل التَّعَدُّد والتكثر بِسَبَب التكرر الشخصي نَظِير ذَلِك مُطَابقَة الشَّمْس لجَمِيع الصُّور المرتسمة فِي المرايا المتجاذبة

والكلي مَعَ الْكَثْرَة: هُوَ الْحَقَائِق الْكُلية تحققا فِي الْأَعْيَان، ومطابقته لكثيرين هِيَ مطابقته لكل وَاحِد

ص: 746

من الجزئيات. بِمَعْنى أَنه لَو تشخص بِأَيّ شخص كَانَ من تشخصات تِلْكَ الجزثيات، لَكَانَ عين ذَلِك الجزئي المتشخص، نَظِيره مُطَابقَة الشَّمْس لكل وَاحِد من الصُّور الْحَاصِلَة فِي المرايا) لِأَنَّهَا عين كل من تِلْكَ الصُّور، وَإِنَّمَا الْفرق بِعَدَمِ الْحُصُول فِي المرايا وَحُصُول الصُّور فِيهَا

والكلي بعد الْكَثْرَة: هُوَ كالحقائق الْكُلية وجودا فِي الْعلم الْحَادِث، ومطابقته لكثيرين هِيَ أَن كل وَاحِد من تِلْكَ الجزئيات إِذا جردت عَن مشخصات تكون عين ذَلِك الْكل، نَظِيره أَن كل وَاحِد من الصُّور الْحَاصِلَة فِي المرايا إِذا قطعت نسبتها عَن المرايا تبقى صُورَة وَاحِدَة

كَانَ: كَانَ التَّامَّة أم الْأَفْعَال لِأَن كل شَيْء دَاخل تَحت الْكَوْن، وَمن ثمَّة صرفوها تَصرفا لَيْسَ لغَيْرهَا وَهِي تدل على الزَّمَان الْمَاضِي قَرِيبا أَو بَعيدا من غير تعرض لزواله فِي الْحَال أَو لَا لزواله، وَصَارَ مَعْنَاهُ الِانْتِقَال من حَال إِلَى حَال، وَلِهَذَا يجوز أَن يُقَال: كَانَ الله، وَلَا يجوز صَار الله وَالْمُخْتَار أَن (كَانَ) حرف إِن اعْتبر الْقَصْد الْأَصْلِيّ فِي دلَالَة الْفِعْل على مَعْنَاهُ، وَإِلَّا فَهُوَ فعل بِلَا شُبْهَة

وَاخْتلف فِي (كَانَ) فِي قَوْله تَعَالَى: {كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا} هَل هِيَ تَامَّة أَو نَاقِصَة؟ قَالَ بَعضهم: إِنَّهَا تَامَّة هُنَا و (صَبيا) مَنْصُوب على الْحَال، وَلَا يجوز أَن تكون نَاقِصَة لِأَنَّهُ لَا اخْتِصَاص بِعِيسَى عليه السلام فِي ذَلِك لِأَن كلا كَانَ فِي المهد صَبيا وَلَا عجب فِي تكليم من كَانَ فِي حَال الصَّبِي وَالصَّحِيح أَنَّهَا فِي الْآيَة زَائِدَة، وَكَونهَا تَامَّة بِمَعْنى (وجد أَو حدث) بعيد، لِأَن عِيسَى عليه السلام لم يخلق ابْتِدَاء فِي المهد

وَكَانَ: لما انْقَطع، وَأصْبح وَأَخَوَاتهَا لما لَا يَنْقَطِع تَقول:(أصبح زيد غَنِيا) وَهُوَ غَنِي فِي وَقت إخبارك غير مُنْقَطع غناهُ

كَانَ التَّامَّة: بِمَعْنى وجد وَحدث الشَّيْء

والناقصة: بِمَعْنى وجد وَحدث موصوفية الشَّيْء بالشَّيْء وَالْمرَاد فِي الْقسم الأول: حُدُوث الشَّيْء فِي موصوفية نَفسه، فَكَانَ الِاسْم الْوَاحِد كَافِيا، وَالْمرَاد فِي الْقسم الثَّانِي: حُدُوث موصوفية أحد الْأَمريْنِ بِالْآخرِ، فَلَا جرم لم يكن الِاسْم الْوَاحِد كَافِيا بل لَا بُد فِيهِ من ذكر الاسمين حَتَّى يُمكنهُ أَن يُشِير إِلَى موصوفية أَحدهمَا بِالْآخرِ

كَانَ النَّاقِصَة لَا دلَالَة فِيهَا على عدم سَابق وَلَا على عدم الدَّوَام، وَلذَلِك تسْتَعْمل فِيمَا هُوَ حَادث مثل:(كَانَ زيد رَاكِبًا) وَفِيمَا هُوَ دَائِم مثل {كَانَ الله غَفُورًا} وَلما كَانَ فعلا جَعَلْنَاهُ بِمَنْزِلَة (ضرب) حَيْثُ منعنَا دُخُول الْبَاء فِي خَبره كَمَا منعناه فِي مَفْعُوله، و (لَيْسَ) لما كَانَ فعلا غير ظَاهر نظرا إِلَى صِيغ الِاسْتِقْبَال وَالْأَمر جَعَلْنَاهُ متوسطا وجوزنا إِدْخَال الْبَاء فِي خَبره وَتَركه لَا نقُول بِالْوُجُوب لما أَن بَين (لَيْسَ) وَبَين (مَا) مشابهة فِي الْمَعْنى إِذْ هما لنفي الْحَال وَمُخَالفَة فِي الْعَوَارِض

والمخالفة وَإِن أوجبت الإدخال لَكِن مَا بِالنَّفسِ أقوى مِمَّا بالعارض، فَيجوز الإخلاء وَهُوَ مُقْتَضى التَّشْبِيه

ص: 747

و (كَانَ) من دواخل الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فَحق اسْمهَا أَن يكون مَعْلُوما لكَونه مُبْتَدأ فِي الأَصْل، وَحقّ خَبَرهَا أَن يكون غير مَعْلُوم لكَونه خَبرا فِي الأَصْل، وَيجوز فِي بَاب (كَانَ) تَقْدِيم الْخَبَر على الِاسْم وعَلى (كَانَ) ، وَلَا يجوز تَقْدِيم الْخَبَر على (إِن) وَلَا على اسْمهَا إِلَّا أَن يكون ظرفا أَو مجرورا

و (كَانَ) لَيست من الْأَفْعَال الَّتِي يكون فاعلها مضمرا يفسره مَا بعْدهَا، بل هَذَا مُخْتَصّ من الْأَفْعَال ب (نعم وَبئسَ)

و (كَانَ) الَّتِي بِمَعْنى الْأَمر والشأن لَا يكون اسْمهَا إِلَّا مستترا فِيهَا وَغير مستتر وَلَا يتَقَدَّم خَبَرهَا على معنى الْأَمر والشأن وَلَا ينعَت اسْمهَا وَلَا يعْطف عَلَيْهِ وَلَا يُؤَكد وَلَا يُبدل مِنْهُ وَلَا يكون خَبَرهَا إِلَّا جملَة، وَلَا تحْتَاج الْجُمْلَة أَن يكون فِيهَا عَائِد يرجع إِلَى الأول، والناقصة بِخِلَافِهَا فِي جَمِيع ذَلِك

و (كَانَ) بِمَعْنى حضر: نَحْو {وَإِن كَانَ ذُو عسرة}

وَبِمَعْنى وَقع: نَحْو مَا شَاءَ الله كَانَ

وَبِمَعْنى صَار: نَحْو {وَكَانَ من الْكَافرين}

وَبِمَعْنى الِاسْتِقْبَال: نَحْو {يخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَره مُسْتَطِيرا}

وَبِمَعْنى الْمَاضِي الْمُنْقَطع: نَحْو {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط}

وَبِمَعْنى الْحَال: نَحْو {كُنْتُم خير أمة}

وَبِمَعْنى الْأَزَل والأبد: نَحْو {وَكَانَ الله عليما حكيما}

وَبِمَعْنى الدَّوَام والاستمرار: نَحْو {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما} ، {وَكُنَّا بِكُل شَيْء عَالمين} : أَي لم نزل كَذَلِك، وعَلى هَذَا الْمَعْنى يتَخَرَّج جَمِيع الصِّفَات الذاتية المقترنة بكان

وَبِمَعْنى يَنْبَغِي: نَحْو {مَا كَانَ لكم أَن تنبتوا شَجَرهَا}

وَبِمَعْنى صَحَّ وَثَبت [كَقَوْلِه: صَحَّ عِنْد النَّاس أَنِّي عاشق] ثمَّ إِنَّهُم لما أَرَادوا نفي الْأَمر بأبلغ الْوُجُوه قَالُوا: مَا كَانَ لَك أَن تفعل كَذَا حَتَّى اسْتعْمل فِيمَا هُوَ محَال أَو قريب مِنْهُ، فَمن الأول قَوْله تَعَالَى:{مَا كَانَ لله أَن يتَّخذ من ولد}

وَمن الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} أَي: مَا صَحَّ لَهُ وَمَا استقام

وَتَكون للتَّأْكِيد وَهِي الزَّائِدَة، وَجعل مِنْهُ: (وَمَا

ص: 748

علمي بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} ذكر الْمُحَقق فِي " شرح الْمِفْتَاح " أَن لفظ (يكون) فِيهِ إِشْعَار بِأَنَّهُ لَيْسَ بدائم، وَهَذَا يُخَالف مَا إِذا قيل: الْفَاعِل يكون مَرْفُوعا

الْكَوْن: يَسْتَعْمِلهُ بعض النَّاس فِي اسْتِحَالَة جَوْهَر إِلَى مَا هُوَ دونه، وَكثير من الْمُتَكَلِّمين يستعملونه فِي معنى الإبداع

وَكَانَ يكين: بِمَعْنى خضع

(والكين: لحم بَاطِن الْفرج أَو غدده) والكون عِنْد الفلاسفة: حُلُول صُورَة جَدِيدَة فِي الهيولى

وَعند الْمُتَكَلِّمين: هوالحصول فِي الحيز

(والكون وَالْفساد يُطلق بالاشتراك على مَعْنيين على صُورَة وَزَوَال الْأُخْرَى، وعَلى وجود بعد عدم وَعدم بعد وجود)

كَاد: هُوَ من أَفعَال المقاربة وضع لدنو الْخَبَر حصولا، وَالْفِعْل المقرون بِهِ مُقَيّد، وَالنَّفْي الدَّاخِل عَلَيْهِ قد يعْتَبر سَابِقًا على الْقَيْد فَيُفِيد معنى الْإِثْبَات بالتكليف وَقد يعْتَبر مَسْبُوقا بِهِ فَيُفِيد الْبعد عَن الْإِثْبَات والوقوع كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: لَا يكادون يفقهُونَ قولا} وَكَاد: تشارك سَائِر الْأَفْعَال من حَيْثُ أَن نَفيهَا لَا يُوجب الْإِثْبَات وَإِن إِثْبَاتهَا لَا يُوجب النَّفْي، بل نَفيهَا نفي وإثباتها إِثْبَات، فَمَعْنَى (كَاد يفعل) : قَارب الْفِعْل وَلم يفعل و (مَا كَاد يفعل) : مَا قَارب الْفِعْل فضلا عَن أَن يفعل، (وَلَا فرق بَين أَن يكون حرف النَّفْي مُتَقَدما عَلَيْهِ أَو مُتَأَخِّرًا عَنهُ نَحْو:{وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} مَعْنَاهُ: كَادُوا لَا يَفْعَلُونَ)

وَلَيْسَ نَفيهَا نفيا الْبَتَّةَ، بل قد يكون نَفيهَا استبطاء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} أخبر سبحانه وتعالى بِأَنَّهُم كَانُوا فِي أول الْأَمر بعداء من ذَبحهَا وَإِثْبَات الْفِعْل وَإِنَّمَا فهم من دَلِيل آخر وَهُوَ {فذبحوها} بِخِلَاف نفي الْفِعْل فِي (مَا كَاد يفعل) فَإِنَّهُ لَازم من نفي المقاربة عقلا

وَقيل: كَاد وضع لمقاربة الشَّيْء فعل أم لَا فمثبته لنفي الْفِعْل ومنفيه لثُبُوته ف {يكَاد الْبَرْق يخطف} لم يخطف {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} فعلوا لأَنهم ذَبَحُوا، (وَالْأول هُوَ الصَّحِيح) فِي " الْقَامُوس "؛ (كَاد يفعل) : قَارب وَلم يفعل مُجَرّدَة تنبئ عَن نفي الْفِعْل، ومقرونة بالجحد تنبئ عَن وُقُوعه

وَخبر (كَاد) لَا يكون إِلَّا جملَة وَخبر (عَسى) مُفْرد، وَالْغَالِب فِي خبر (عَسى) الاقتران بِأَن لِأَنَّهَا من أَفعَال الترجي، وَالْغَالِب فِي خبر (كَاد) التَّجْرِيد من (أَن) لِأَنَّهَا تدل على شدَّة مقاربة الْفِعْل، فَلم يُنَاسب خَبَرهَا أَن يقْتَرن بِأَن فَلَا يُقَال: كَاد أَن يفعل، وَإِنَّمَا يقْتَرن قَلِيلا نظرا إِلَى أَصْلهَا قَالَ بَعضهم:(كَاد) وضعت لمقاربة الْفِعْل وَلِهَذَا قَالُوا: (كَاد النعام يطير) لوُجُود جُزْء من الطيران فِيهِ، وَإِن وضعت لتدل على تراخي الْفِعْل ووقوعه فِي الزَّمَان الْمُسْتَقْبل وَلَيْسَ كَذَلِك (عَسى) لِأَنَّهَا وضعت للتوقع الَّذِي يدل وضع (أَن) على مثله،

ص: 749

فوقوع (أَن) بعْدهَا يُفِيد تَأْكِيد الْمَعْنى ويزيده فضل تَحْقِيق وَقُوَّة

قَالَ الْفراء: (لَا يكَاد) يسْتَعْمل فِيمَا يَقع وَفِيمَا لَا يَقع، وَمَا يَقع مثل قَوْله تَعَالَى:{وَلَا يكَاد يسيغه} وَمَا لَا يَقع مثل قَوْله تَعَالَى: {لم يكد يَرَاهَا}

وَقد يكون للاستبطاء وإفادة أَن الْخَبَر لم يَقع إِلَّا بعد الْجهد وَبعد أَن كَانَ بَعيدا فِي الظَّن أَن يَقع كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يكَاد يبين} أَي يبطئ فِي التَّكَلُّم وَلَا يتَكَلَّم إِلَّا بعد الْجهد وَالْمَشَقَّة لما بِهِ من المذمة

وَقد يَجِيء كَاد بِمَعْنى الْإِرَادَة وَفِي التَّنْزِيل نَحْو: {كدنا ليوسف} ، و {أكاد أخفيها}

وَقد يَجِيء مُتَعَدِّيا لغير الْإِرَادَة وَفِي التَّنْزِيل: {أم يُرِيدُونَ كيدا} أَي: مكرا

وَقد تكون صلَة للْكَلَام وَمِنْه: {لم يكد يَرَاهَا} أَي: لم يرهَا

و (كرب) أبلغ من قرب حِين وضع مَوضِع (كَاد) تَقول: (كربت الشَّمْس أَن تغرب) كَمَا تَقول: (كَادَت الشَّمْس أَن تغرب)

كأين: هِيَ مركبة من كَاف التَّشْبِيه وَأي الَّتِي اسْتعْملت اسْتِعْمَال (من) و (مَا) ركبتا فَصَارَت بِمَعْنى كم وَلِهَذَا يجوز إِدْخَال من بعْدهَا، وتكتب بالنُّون، والفصل بَين المركبة وَغير المركبة مثل:(رَأَيْت رجلا لَا كأي رجل) يكون كَمَا يكْتب معد يكرب وبعلبك مَوْصُولا للْفرق، وكما يكْتب ثمَّة بِالْهَاءِ تمييزا بَينهَا وَبَين ثمَّ، وَهِي تشارك كم فِي الِاسْتِفْهَام والافتقار إِلَى التَّمْيِيز وَالْبناء وَلُزُوم التصدير، وإفادة التنكير تَارَة والاستفهام أُخْرَى، وَهُوَ نَادِر وتخالفها فِي أُمُور هِيَ مركبة

وَكم بسيطة على الصَّحِيح، ومميزها مجرور بِمن غَالِبا، وَلَا تقع استفهامية عِنْد الْجُمْهُور، وَلَا تقع مجرورة، وخبرها لَا يَقع مُفردا

كم: اسْم مُفْرد مَوْضُوع للكثرة يعبر بِهِ عَن كل مَعْدُود كثيرا كَانَ أَو قَلِيلا وَسَوَاء فِي ذَلِك الْمُذكر والمؤنث، فقد صَار لَهَا معنى وَلَفظ وَجَرت مجْرى (كل) و (أَي) و (من) و (مَا) فِي أَن لكل وَاحِد مِنْهَا لفظا وَمعنى، فلفظه مُذَكّر مُفْرد، وَفِي الْمَعْنى يَقع على الْمُؤَنَّث والتثنية وَالْجمع

واستعمالها فِي الْمَقَادِير إِمَّا لاستفهامها فَتكون استفهامية، وَهِي حِينَئِذٍ مثل (كَيفَ) لاستبانة الْأَحْوَال، و (أَي) لاستبانة الْأَفْرَاد، و (مَا) لاستبانة الْحَقَائِق، وَإِمَّا لبيانها إِجْمَالا فَتكون خبرية

وَإِن كَانَت اسْم اسْتِفْهَام كَانَ بناؤها لتضمنها معنى حرف الِاسْتِفْهَام

وَإِن كَانَت خبرية كَانَ بناؤها حملا على (رب)

وَذَلِكَ لِأَنَّهَا إِذْ ذَاك للمباهاة والافتخار، كَمَا أَن (رب) كَذَلِك، والخبرية نقيضة (رب) لِأَنَّهَا للتكثير، و (رب) للتقليل والنقيض يجْرِي مجْرى مَا يناقضه كَمَا أَن النظير يجْرِي مجْرى مَا يجانسه

ص: 750

وَلَا يعْمل فِي (كم) مَا قبلهَا خبرية كَانَت أَو استفهامية لحفظ صدارتها، إِذْ الِاسْتِفْهَام (يَقْتَضِي صدر الْكَلَام ليعلم من أول الْأَمر أَنه من أَي نوع من أَنْوَاع الْكَلَام، وَكَذَا الخبرية لِأَنَّهَا لإنشاء للتكثير وَلها أَيْضا صدر الْكَلَام

وَكم الاسفهامية) بِمَنْزِلَة عدد منون، وَكم الخبرية بِمَنْزِلَة عدد حذف عَنهُ التَّنْوِين

ومميز الاستفهامية مَنْصُوب، ومميز الخبرية مجرور، وَيحسن حذف مُمَيّز الاستفهامية وَلَا يحسن حذف مُمَيّز الخبرية وَإِذا فصل بَين كم الخبرية ومميزها نصب مميزها نَحْو:(كم فِي الدَّار رجلا) فَإِذا فصل بالمتعدي وَجب زِيَادَة (من) للفصل من الْمَفْعُول نَحْو: {وَكم أهلكنا من قَرْيَة} وَقد كثر زِيَادَته بِلَا فصل نَحْو: {وَكم من قَرْيَة} ، (وَكم من ملك) وَجَاز أَن يَقع بعد الخبرية الْوَاحِد وَالْجمع كَمَا يُقَال: ثَلَاثَة عبيد، وَألف عبد وَبعد الاستفهامية لزم أَن يَقع الْوَاحِد كَمَا يَقع بعد أحد عشر إِلَى تِسْعَة وَتِسْعين، وَامْتنع أَن يَقع بعْدهَا الْجمع لِأَن الْعدَد مَنْصُوب على التَّمْيِيز، والمميز بعد الْمَقَادِير لَا يكون جمعا

كَيفَ: هُوَ اسْم مَبْنِيّ على الْفَتْح، وَالدَّلِيل على كَونه اسْما دُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهِ يُقَال:(على كَيفَ تبيع) ، وَإِنَّمَا بني لِأَنَّهُ شابه الْحَرْف شبها معنويا لِأَن مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَام وأصل الِاسْتِفْهَام الْهمزَة وَهِي حرف، وَإِنَّمَا بني على الْفَتْح طلبا للخفة، وَكَذَا (أَيْن) وَالْغَالِب فِيهِ أَن يكون استفهاما إِمَّا حَقِيقِيًّا نَحْو:(كَيفَ زيد) أَو غَيره نَحْو: {كَيفَ تكفرون بِاللَّه} فَإِنَّهُ أخرج مخرج التَّعَجُّب

و (كَيفَ) لَهَا صدر الْكَلَام وَمَا لَهُ صدر الْكَلَام لَا يعْمل فِيهِ إِلَّا حرف الْجَرّ أَو الْمُضَاف، وَهُوَ سُؤال تَفْوِيض لإطلاقه مثل:{كَيفَ تكفرون بِاللَّه} وَلَا كَذَلِك الْهمزَة فَإِنَّهَا سُؤال حصر وتوقيت نقُول: (أجاءك رَاكِبًا أم مَاشِيا) وَإِن كَانَ بعد كَيفَ اسْم فَهُوَ فِي مَحل الرّفْع على الخبرية عَنهُ مثل: (كَيفَ زيد) وَإِن كَانَ بعده فعل فَهُوَ فِي مَحل النصب على الحالية نَحْو: (كَيفَ جَاءَ زيد)، وَيَقَع مَفْعُولا مُطلقًا نَحْو:{كَيفَ فعل رَبك}

وَقد يكون فِي حكم الظّرْف بِمَعْنى فِي أَي حَال كَقَوْلِك: (كَيفَ جِئْت)

وَترد للشّرط فتقتضي فعلين متفقي اللَّفْظ وَالْمعْنَى غير مجزومين نَحْو: (كَيفَ تصنع أصنع) [وكل مَا أخبر الله بِلَفْظَة (كَيفَ) عَن نَفسه فَهُوَ استخبار على طَرِيق التَّنْبِيه للمخاطب أَو التوبيخ نَحْو: {كَيفَ تكفرون بِاللَّه} {كَيفَ ضربوا لَك الْأَمْثَال}

والكيف: عرض لَا يقبل الْقِسْمَة لذاته وَلَا اللاقسمة أَيْضا، وَلَا يتَوَقَّف تصَوره على تصور غير ذِي الألوان

والكيفية: قد يُرَاد بهَا مَا يُقَابل الْكمّ وَالنّسب وَهُوَ

ص: 751

الْمَعْنى الْمَشْهُور

وَقد يُرَاد بهَا معنى الصّفة إِذْ يُقَال: الصّفة والهيئة وَالْعرض والكيفية على معنى وَاحِد

والكيفية: اسْم لما يُجَاب بِهِ عَن السُّؤَال بكيف أَخذ من كَيفَ بإلحاق يَاء النِّسْبَة وتاء النَّقْل من الوصفية إِلَى الاسمية بهَا كَمَا أَن الكمية اسْم لما يُجَاب بِهِ عَن السُّؤَال بكم بإلحاق ذَلِك أَيْضا، وَتَشْديد الْمِيم لإِرَادَة لَفظهَا على مَا هُوَ قانون إِرَادَة نفس اللَّفْظ الثنائي الآخر، وَكَذَا الْمَاهِيّة منسوبة إِلَى لفظ (مَا) بإلحاق يَاء النِّسْبَة بِلَفْظ (مَا) وَمثل (مَا) إِذا أُرِيد بِهِ لَفظه تلْحقهُ الْهمزَة، فأصلها مائية أَي: لفظ يُجَاب بِهِ عَن السُّؤَال بِمَا قلبت همزته هَاء لما بَينهمَا من قرب المخارج، أَو الأَصْل مَا هُوَ أَي: الْحَقِيقَة المنسوبة إِلَى مَا هُوَ، فَحذف الْوَاو للخفة الْمَطْلُوبَة وأبدلت الضمة بالكسرة للياء ثمَّ عوض عَن الْوَاو التَّاء

وَفِي " التَّبْصِرَة " الْكَيْفِيَّة: عبارَة عَن الهيئات والصور وَالْأَحْوَال

والماهية: مقول فِي جَوَاب (مَا هُوَ) بِمَعْنى أَي جنس فالماهية: مقول فِي جَوَاب (من هُوَ) وَأَنَّهَا توجب الْمُمَاثلَة وَلِهَذَا لما قَالَ فِرْعَوْن: {وَمَا رب الْعَالمين} أجَاب مُوسَى بِكُل مرّة بِصِيغَة أبين من أُخْرَى حَتَّى بَهته

والكيفية: إِن اخْتصّت بذوات الْأَنْفس تسمى كَيْفيَّة نفسانية كَالْعلمِ والحياة وَالصِّحَّة وَالْمَرَض

وَإِن كَانَت راسخة فِي موضعهَا تسمى ملكة، وَإِلَّا تسمى حَالا بِالتَّخْفِيفِ كالكتابة فَإِنَّهَا فِي ابتدائها تكون حَالا فَإِذا استحكمت صَارَت ملكة

كي: الْأَصَح أَنَّهَا حرف مُشْتَرك تَارَة تكون حرف جر بِمَعْنى اللَّام وَتارَة تكون حرفا مَوْصُولا تنصب الْمُضَارع لِأَنَّهَا حرف وَاحِد يجر وَينصب

وَأما (حَتَّى) فَالْأَصَحّ أَنَّهَا حرف جر فَقَط، وَإِن نصبت الْمُضَارع بعْدهَا فَإِنَّمَا هُوَ بِأَن مضمرة لَا بحتى

وَترد للمصدرية فعلامة ذَلِك تقدم اللَّام عَلَيْهَا نَحْو: {لكيلا تأسوا} إِذْ لَا يجوز حِينَئِذٍ كَونهَا جَارة لِأَن حرف الْجَرّ لَا يُبَاشر مثله

وعلامة (كي) التعليلية الجارة ظُهُور أَن الْمَفْتُوحَة بعْدهَا نَحْو: (جئْتُك كي أَن تكرمني) أَو اللَّام نَحْو: (جئْتُك كي لتكرمني)، وَإِن لم تظهر اللَّام قبلهَا وَلَا أَن بعْدهَا نَحْو:{كي لَا يكون دولة} أَو ظهرتا مَعًا كَقَوْلِه:

ص: 752

أردْت لكيما أَن تطير بقربتي جَازَ الْأَمْرَانِ، أَي كَونهَا مَصْدَرِيَّة وجارة أَيْضا

وَقد تكون مختصرة من (كَيفَ) كَمَا فِي قَوْله: كي تجنحون إِلَى سلم أَي: كَيفَ تجنحون

كَأَن: هِيَ مُشَدّدَة لَهَا أَرْبَعَة معَان: التَّشْبِيه: وَهُوَ الْغَالِب الْمُتَّفق عَلَيْهِ

وَالشَّكّ وَالظَّن: إِذا لم يكن الْخَبَر جَامِدا وَالتَّحْقِيق كَقَوْلِه:

(فَأصْبح بطن مَكَّة مقشعرا

كَأَن الأَرْض لَيْسَ بهَا هِشَام)

والتقريب نَحْو: (كَأَنَّك بالشتاء مقبل) و (كَأَنَّك بالفرج آتٍ)

و (كَأَنِّي بك) مَعْنَاهُ: كَأَنِّي أبصرك إِلَّا أَنه ترك الْفِعْل لدلَالَة الْحَال وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَمَعْنَاهُ: أعرف لما أشاهد من حالك الْيَوْم كَيفَ يكون حالك غَدا كَأَنِّي أنظر إِلَيْك وَأَنت على تِلْكَ الْحَال وَمثله (من لي بِكَذَا) أَي من يتكفل لي بِهِ، أومن يضمن لي بِهِ، وَله نَظَائِر وَفِي كَلَام بعض النُّحَاة مَا يَقْتَضِي منع اسْتِعْمَال (كَأَنِّي بك) إِلَّا أَن فِي الحَدِيث " كَأَنِّي بِهِ " فَإِن صَحَّ فَهُوَ دَلِيل الْجَوَاز

وَقَوْلهمْ: (كَأَنَّك بالدنيا لم تكن) الْكَاف فِيهِ للخطاب وَالْبَاء زَائِدَة وَالْمعْنَى كَأَن الدُّنْيَا لم تكن

وَكَأن: مُخَفّفَة ملغاة عَن الْعَمَل على الِاسْتِعْمَال الْأَفْصَح كَقَوْل الشَّاعِر:

(وَنحر مشرق اللَّوْن

كَأَن ثدياه حقان)

و (كَأَن ثدييه) على الِاسْتِعْمَال غير الْأَفْصَح كلا، بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيف: فِي التَّثْنِيَة ككل فِي الْجمع، وَهُوَ مُفْرد اللَّفْظ مثنى الْمَعْنى يعبر عَنهُ بِلَفْظ الْوَاحِد مرّة اعْتِبَارا بِلَفْظِهِ، وبلفظ الِاثْنَيْنِ مرّة أُخْرَى اعْتِبَارا بِمَعْنَاهُ

قَالَ أَبُو عَليّ الْجِرْجَانِيّ وَغَيره: وزن كلا (فعل) ولامه معتل بِمَنْزِلَة لَام (حجى ورضى) وَهِي كلمة وضعت على هَذِه الْخلقَة كَمَا ذكرنَا فِي (الرضى)

وكلا: اسْم مُفْرد معرفَة يُؤَكد بِهِ مذكران معرفتان وكلتا: اسْم مُفْرد معرفَة يُؤَكد بِهِ مؤنثان معرفتان

وَمَتى أضيفا إِلَى اسْم ظَاهر بَقِي ألفهما على حَاله فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة، وَإِذا أضيفا إِلَى مُضْمر تقلب فِي النصب والجرياء

وَوضع كلا وكلتا أَن يُؤَكد الْمثنى فِي الْموضع الَّذِي يجوز فِيهِ انْفِرَاد أَحدهمَا بِالْفِعْلِ ليتَحَقَّق معنى الْمُشَاركَة، وَذَلِكَ مثل قَوْلك:(جَاءَ الرّجلَانِ كِلَاهُمَا) لجَوَاز أَن يُقَال: (جَاءَ الرجل) وَأما فِيمَا لَا يكون فِيهِ الْفِعْل لوَاحِد فتوكيد الْمثنى بهما لَغْو

كلا: ك (هلا) مركبة عِنْد ثَعْلَب من كَاف التَّشْبِيه وَلَا النافية، وَإِنَّمَا شددت لامها لتقوية الْمَعْنى ولدفع توهم بَقَاء معنى الْكَلِمَتَيْنِ وَعند غَيره بسيطة، وَأكْثر الْبَصرِيين على أَنَّهَا حرف مَعْنَاهَا الردع والزجر تَقول لشخص: فلَان يبغضك

فَيَقُول: كلا، أَي لَيْسَ الْأَمر كَمَا تَقول، وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنى مستمرا فِيهَا إِذْ قد تَجِيء بعد الطّلب لنفي إِجَابَة الطَّالِب كَقَوْلِك لمن قَالَ لَك افْعَل كَذَا: كلا، أَي لَا يُجَاب إِلَى ذَلِك

وَقد جَاءَ بِمَعْنى حَقًا كَقَوْلِه تَعَالَى: (كلا إِن

ص: 753

الْإِنْسَان ليطْغى} فَجَاز أَن يُقَال: إِنَّه اسْم حِينَئِذٍ، لَكِن النُّحَاة حكمُوا بحرفيتها إِذا كَانَت بِمَعْنى حَقًا أَيْضا قَالَ الديربي:

(وَمَا نزلت كلا بِيَثْرِب فاعلمن

وَلم تأت فِي الْقُرْآن فِي نصفه الْأَعْلَى)

وَحِكْمَة ذَلِك أَن النّصْف الْأَخير نزل أَكْثَره بِمَكَّة وَأكْثر قَومهَا جبابرة فتكررت فِيهِ على وَجه التهديد والتعنيف لَهُم وَالْإِنْكَار عَلَيْهِم

[وَفِي " الإتقان] : كلا فِي الْقُرْآن فِي ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ موضعا مِنْهَا سبع للردع اتِّفَاقًا، وَالْبَاقِي مِنْهَا مَا هُوَ بِمَعْنى حَقًا قطعا، وَمِنْهَا مَا احْتمل الْأَمريْنِ، وتفصيله هُنَاكَ]

كَذَا: هِيَ إِذا كَانَت كِنَايَة عَن غير عدد كَانَت مُفْردَة ومعطوفة خَاصَّة وَلَا يحفظ تركيبها وَإِذا كَانَت كِنَايَة عَن عدد فَلَا يحفظ إِلَّا كَونهَا معطوفة وَلَا يحفظ كَونهَا مُفْردَة وَلَا مركبة

وَالْأَصْل فِي هَذِه اللَّفْظَة (ذَا) فَأدْخل عَلَيْهَا كَاف التَّشْبِيه إِلَّا أَنه قد انخلع من (ذَا) معنى الْإِشَارَة وَمن الْكَاف معنى التَّشْبِيه، إِذْ لَا إِشَارَة وَلَا تَشْبِيه، فَنزلت الْكَاف منزلَة الزَّائِدَة اللَّازِمَة، و (ذَا) مجرورة بهَا، إِلَّا أَن الْكَاف لما امتزجت ب (ذَا) وَصَارَت مَعَه كالجزء الْوَاحِد ناسبت لفظتهما لَفْظَة (حبذا) فِي أَن لَا تلحقها عَلامَة التَّأْنِيث

ثمَّ إِن (كَذَا) لما كَانَت كِنَايَة عَن الْعدَد فَإِذا قَالَ: (لَهُ عَليّ كَذَا درهما) فنصب (درهما) يلْزمه عشرُون لِأَن أقل عدد يُمَيّز بالمفرد الْمَنْصُوب وَهُوَ غير مركب عشرُون، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة، وَلَو جَرّه فَالْمَشْهُور من مَذْهَب أبي حنيفَة أَنه لَا يلْزمه إِلَّا دِرْهَم وَاحِد، وعَلى قَضِيَّة الْعَرَبيَّة يلْزمه حِينَئِذٍ مائَة لِأَنَّهُ أقل عدد (يُمَيّز بالمفرد الْمَجْرُور، وَهُوَ رِوَايَة عَن بعض أَصْحَاب أبي حنيفَة وَلَو رَفعه يلْزمه دِرْهَم وَاحِد بِلَا خلاف، لِأَن الغدد) لَا يُفَسر بالمرفوع وَقد لَفظه بدرهم، وَلَو قَالَ:(كَذَا كَذَا درهما) يلْزمه فِي حكم الْإِعْرَاب أحد عشر درهما، لِأَنَّهُ أول عدد مركب يُفَسر بمفرد مَنْصُوب وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة، وَلَو قَالَ:(كَذَا وَكَذَا درهما) بالْعَطْف يلْزمه فِي حكم الْإِعْرَاب أحد وَعِشْرُونَ، لِأَنَّهَا أول عدد مَعْطُوف يُمَيّز بمفرد مَنْصُوب، وَإِنَّمَا أُجِيز إِضَافَة اسْم الْإِشَارَة فِي صُورَة جر دِرْهَم لكَونهَا كِنَايَة عَن الْعدَد فِي صُورَة انتصابه بِمَا فِي الْكَاف أَو فِي (ذَا) من الْإِبْهَام

(وَلم ترد كَذَا فِي الْقُرْآن إِلَّا للْإِشَارَة نَحْو: {أهكذا عرشك}

وَلَفْظَة (كَذَا فِي كَذَا) تسْتَعْمل فِي معَان مُخْتَلفَة بالاشتراك أَو الْمجَاز، ككون الشَّيْء فِي الزَّمَان، وَكَونه فِي الْمَكَان، وَالْعرض فِي الْمحل، والجزء فِي الْكل

الْكَاف: الْكَاف الَّتِي هِيَ من الْحُرُوف الجارة تحْتَاج فِي الدّلَالَة على الْمَعْنى إِلَى الْمُتَعَلّق، وَالَّتِي بِمَعْنى الْمثل لَا تحْتَاج إِلَيْهِ

وللكاف الجارة الحرفية خَمْسَة معَان: التَّشْبِيه وَهُوَ الْغَالِب

وَالتَّعْلِيل كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ وَمِنْه: (كَمَا أرسلنَا

ص: 754

فِيكُم رَسُولا} أَي لأجل إرْسَاله {واذكروه كَمَا هدَاكُمْ} أَي لأجل هدايتكم

والاستعلاء نَحْو: (كن كَمَا أَنْت عَلَيْهِ) و (كخير فِي جَوَاب من قَالَ: كَيفَ أَصبَحت

والمبادرة: وَتسَمى كَاف المفاجأة وَالْقرَان إِذا اتَّصَلت ب (مَا) نَحْو: (سلم كَمَا تدخل) والتوكيد: إِذا كَانَت مزيدة نَحْو: {لَيْسَ كمثله شَيْء} وَترد الْكَاف اسْما بِمَعْنى (مثل) فَيكون لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب، وَيعود عَلَيْهَا الضَّمِير كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{كَهَيئَةِ الطير فأنفخ فِيهِ} أَي فأنفخ فِي ذَلِك الشَّيْء المماثل فَيصير كَسَائِر الطُّيُور

وَتَكون اسْما جارا مرادفا لمثل وَلَا تكون إِلَّا ضَرُورَة كَقَوْلِه: يضحكن عَن كَالْبردِ الْمُتَّهم

وَتَكون ضميرا مَنْصُوبًا ومجرورا نَحْو: {مَا وَدعك رَبك}

وحرف معنى لاحقه لاسم الْإِشَارَة ك (ذَلِك وَتلك)

وَلَا حَقه للضمير الْمُنْفَصِل الْمَنْصُوب ك (إياك وإياكما)

ولبعض أَسمَاء الْأَفْعَال (كحيهلك ورويدك)

وَلَا حَقه ل (رَأَيْت) بِمَعْنى أَخْبرنِي نَحْو: (أرأيتك هَذَا)

قيل: كَاف التَّشْبِيه لَا عُمُوم لَهَا كلفظة (نَحْو) بِخِلَاف لَفْظَة (مثل) فَإِنَّهَا توجبه قلت: نعم لَكِن تَوْجِيه فِي مَحل يقبله كَقَوْلِه عَليّ رضي الله عنه فِي حق أهل الذِّمَّة: دماؤكم كدمائنا

وكاف التَّشْبِيه إِذا دخلت على الْمُشبه بِهِ فَلَا تفِيد من التَّأْكِيد مَا تفيده الْكَاف الدَّاخِلَة على الْمُشبه، فَإِذا قلت:(إِن زيدا كالأسد) ، عملت الْكَاف فِي الْأسد عملا لفظيا، وَالْعَمَل اللَّفْظِيّ يمْنَع الْعَمَل الْمَعْنَوِيّ، فكاف الْأسد عمل بِهِ حَتَّى صَار زيدا

وَإِذا قلت: (كَأَن زيدا الْأسد) ، تركت الْأسد على إعرابه، فَإِذن هُوَ مَتْرُوك على حَاله وَحَقِيقَته وَزيد مشبه بِهِ فِي تِلْكَ الْحَال وَقد نظمت فِيهِ:

(وَمن حمى أجمأ وشبله البسل

كَأَنَّهُ أَسد وَلَيْسَ كالأسد)

[قَالَ الزّجاج: الْكَاف للتشبيه إِذا كَانَ الْخَبَر جَامِدا نَحْو (كَأَن زيدا أَسد) ، وللشك إِذا كَانَ مشتقا نَحْو (كَأَنَّك قَائِم) وَفِيه أَقْوَال كَثِيرَة، وَالْحق أَنه قد يسْتَعْمل عِنْد الظَّن بِثُبُوت الْخَبَر من غير قصد إِلَى التَّشْبِيه سَوَاء كَانَ ذَلِك الْخَبَر جَامِدا أَو مشتقا نَحْو (كَأَن زيدا أَخُوك) و (كَأَنَّهُ فعل كَذَا) وَهَذَا كثير فِي كَلَام المولدين]

وَالْكَاف فِي مثل قَوْله: هُوَ كالعسل والدبس وَنَحْو ذَلِك استقصائية

وَدخُول الْكَاف على مَا لَيْسَ بمثال حَقِيقَة شَائِع كدخوله على مَا لَيْسَ بمشبه بِهِ حَقِيقَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {كَمَاء أَنزَلْنَاهُ من السَّمَاء}

الْكَلِمَة: هِيَ تقع على وَاحِد من الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة، أَعنِي الِاسْم وَالْفِعْل والحرف، وَتَقَع على الْأَلْفَاظ

ص: 755

الْمَنْظُومَة والمعاني الْمَجْمُوعَة وَلِهَذَا اسْتعْملت فِي الْقَضِيَّة وَالْحكم وَالْحجّة، وبجميعها ورد التَّنْزِيل

{وَكلمَة الله هِيَ الْعليا} أَي: كَلَامه

والكلمة الطّيبَة: صدق الحَدِيث أَي: الْكَلَام

وَعِيسَى النَّبِي كلمة الله لِأَنَّهُ وجد بأَمْره تَعَالَى دون أَب فشابه البدعيات الَّتِي هِيَ من عَالم الْأَمر

والكلم الطّيب: الذّكر وَالدُّعَاء وَقِرَاءَة الْقُرْآن، وَعنهُ عليه الصلاة والسلام هُوَ:" سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر "

وَقد تسمى الْكَلِمَات كلمة لانتظامها فِي معنى وَاحِد

والكلمة: لفظ بِالْقُوَّةِ أَو بِالْفِعْلِ مُسْتَقل دَال بجملته على معنى بِالْوَضْعِ

والكلمة الْبَاقِيَة: كلمة التَّوْحِيد

وَكلمَة التَّقْوَى: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

وَالْكَلَام فِي اللُّغَة: يُطلق على قسم الدوال الْأَرْبَع، وعَلى مَا يفهم من حَال الشَّيْء مجَازًا، وعَلى التَّكَلُّم والتكليم، وعَلى الْخطاب، وعَلى جنس مَا يتَكَلَّم بِهِ من كلمة، وعَلى كل حرف وَاحِد كواو الْعَطف وَأكْثر من كلمة مهملا كَانَ أَو لَا، وعَلى مَا فِي النَّفس من الْمعَانِي الَّتِي يعبر عَنْهَا، وعَلى اللَّفْظ الْمركب أَفَادَ أَو لم يفد

وَمن الْمعَانِي اللُّغَوِيَّة للْكَلَام مَا يكون مكتفيا بِهِ فِي أَدَاء المرام وَهُوَ حَقِيقَة فِي اللساني عِنْد الْمُعْتَزلَة

وَقَالَ الْأَشْعَرِيّ: مرّة حَقِيقَة فِي النفساني، وَمرَّة مُشْتَرك بَينه وَبَين اللَّفْظِيّ وَالتَّحْقِيق فِي هَذَا الْبَاب أَن الْكَلَام عبارَة عَن فعل مَخْصُوص بِفعل الْحَيّ الْقَادِر لأجل أَن يعرف غَيره مَا فِي ضَمِيره من الاعتقادات والإرادات

وَأما الْكَلَام الَّذِي هُوَ صفة قَائِمَة بِالنَّفسِ فَهِيَ صفة حَقِيقِيَّة كَالْعلمِ وَالْقُدْرَة والإرادة

وَالْكَلَام فِي الأَصْل على الصَّحِيح: هُوَ اللَّفْظ، وَهُوَ شَامِل لحرف من حُرُوف المباني أَو الْمعَانِي ولأكثر مِنْهُمَا

وَفِي عرف الْفُقَهَاء: هُوَ الْمركب من حرفين فَصَاعِدا، فالحرف الْوَاحِد لَيْسَ بِكَلَام، فَلَا يفْسد الصَّلَاة، والحرفان يفسدان وَإِن كَانَ أَحدهمَا زَائِدا

نَحْو (أَخ) و (أُفٍّ) و (تف)، وَقَالَ أَبُو يُوسُف: إِنَّه غير مُفسد لِأَنَّهُ وَاحِد بِاعْتِبَار الأَصْل وَلَيْسَ ثَلَاثَة أحرف كَمَا فِي " التُّمُرْتَاشِيّ " وَهَذَا لَيْسَ بِقَوي كَمَا فِي " الْكَافِي "

وَالْكَلَام أحد من الْكَلم، فَإِن الْكَلم يدْرك تَأْثِيره بحاسة الْبَصَر، وَالْكَلَام يدْرك تَأْثِيره بحاسة السّمع

وَالْكَلَام: اسْم للمصدر وَلَيْسَ بمصدر حَقِيقَة، لِأَن المصادر جَارِيَة على أفعالها، فمصدر (تَكَلَّمت) التَّكَلُّم، ومصدر [كلمت: التكليم، ومصدر] كالمته: المكالمة وَالْكَلَام لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهَا فَثَبت أَنه لَيْسَ بمصدر، بل هُوَ اسْم للمصدر يعْمل عمله، وَلِهَذَا يُقَال: كلامك زيدا أحسن، كَمَا يُقَال: تكليمك زيدا أحسن

والتكلم: اسْتِخْرَاج اللَّفْظ من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود، ويعدي بِالْبَاء وبنفسه، وَيشْتَرط الْقَصْد فِي الْكَلَام عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور، فَلَا يُسمى مَا نطق بِهِ النَّائِم والساهي وَمَا تحكيه الْحَيَوَانَات المعلمة كلَاما،

ص: 756

وَلم يَشْتَرِطه بَعضهم، وَسمي ذَلِك كلَاما، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان، وَاخْتِيَار محققي أهل السّنة: هُوَ أَن الْكَلَام فِي الْحَقِيقَة مَفْهُوم يُنَافِي الخرس وَالسُّكُوت [وَهُوَ نفسية، وَأما الحسية فَإِن مَا سمي كلَاما مجَازًا تَسْمِيَة للدال باسم الْمَدْلُول:

(إِن الْكَلَام لفي الْفُؤَاد وَإِنَّمَا

جعل اللِّسَان على الْفُؤَاد دَلِيلا)

أَلا يرى أَن وَاحِدًا منا بملأ الألواح والصحف من أَحَادِيث نَفسه من غير تلفظ بِكَلِمَة وَبِه يمتاز عَن الْحَيَوَانَات الْعَجم وَالْكَلَام النَّفْسِيّ لَا بُد وَأَن يكون مَعَ قصد الْخطاب إِمَّا مَعَ النَّفس أَو مَعَ الْغَيْر، وَالْعلم لَا يكون فِيهِ قصد الْخطاب وَلَو كَانَ لصار كلَاما، وَذهب كثير من أهل السّنة إِلَى أَن من تكلم بِكَلَام فَمَعْنَاه قَائِم بِنَفسِهِ وموجود فِيهَا وجودا أصيليا وسموه كلَاما نفسيا وحكموا بمغايرته للْعلم خلافًا للمعتزلة]

وَالْكَلَام فِي الْعرف: هُوَ صَوت مقتطع مَفْهُوم يخرج من الْفَم لَا تدخل فِيهِ الْقِرَاءَة وَالتَّسْبِيح فِي صَلَاة أَو خَارِجهَا لِأَنَّهُ يُسمى قَارِئًا وَلَا يُسمى متكلما كَمَا فِي " شرح الطَّحَاوِيّ " وَكَذَا قِرَاءَة الْكتب ظَاهرا وَبَاطنا كَمَا فِي " الْخُلَاصَة " وَمن نظر فِي الْكتاب وفهمه وَلم يُحَرك بِهِ لِسَانه فمحمد يعده قِرَاءَة، وَأَبُو يُوسُف لَا يعد الْفَهم قِرَاءَة

وللكلمة حَقِيقَة ومجاز، فحقيقتها اللَّفْظَة الدَّالَّة على معنى مُفْرد بِالْوَضْعِ، ومجازها الْكَلَام

بَقِي أَن بَعْضًا من الْأَصْوَات المركبة والحروف الْمُؤَلّفَة الَّتِي تدل على مدلولاتها بالطبع لَا بِالْوَضْعِ مثل (أَخ) عِنْد الوجع، و (أح، أح) عِنْد السعال، فَهَل أَمْثَال هَذِه الْأَصْوَات تسمى كلمة؟ فِيهِ اخْتِلَاف، وكل كلمة تسمى لَفْظَة، وكل لَفْظَة لَا تسمى كلمة

فِي " التسهيل ": الْكَلَام مَا تضمن من الْكَلم إِسْنَادًا مُفِيدا مَقْصُودا لذاته، فَقَوله مَا تضمن كالجنس

وَمن الْكَلم فصل خرج بِهِ الدوال الْأَرْبَع وإسنادا خرج بِهِ الْمُفْردَات والمركبات الإضافية والمزجية، ومفيدا خرج بِهِ مَا لَا فَائِدَة فِيهِ من الإسنادات ك (برق نَحره) ، والمعلوم عِنْد السَّامع ك (السَّمَاء فَوْقنَا) ، والمتوقف على غَيره ك (إِن قَامَ زيد)

ومقصودا لذاته خرج بِهِ مَا كَانَ مَقْصُودا لغيره كصلة الْمَوْصُول نَحْو: (قَامَ أَبوهُ) ، من قَوْلنَا (جَاءَ الَّذِي قَامَ أَبوهُ) ، فَإِنَّهَا مفيدة بانضمامها إِلَى الْمَوْصُول مَقْصُودَة بغَيْرهَا، وَهُوَ إِيضَاح الْوُصُول

وَالْكَلَام: يُطلق على الْمُفِيد وعَلى غير الْمُفِيد

وَالْجُمْلَة الشّرطِيَّة بِمَجْمُوع الشَّرْط وَالْجَزَاء كَلَام وَاحِد من حَيْثُ الإفادة كَمَا فِي كلمة (الْإِخْلَاص) ، وَالْكَلَام المعقب بِالِاسْتِثْنَاءِ

والكلم: يُطلق على الْمُفِيد وَغَيره

وَالْكَلَام: الْجُمْلَة المفيدة

والكلمة: هِيَ اللَّفْظَة المفردة، هَذَا عِنْد أَكثر النَّحْوِيين، وَلَا فرق بَينهمَا عِنْد أَكثر الْأُصُولِيِّينَ، فَكل وَاحِد مِنْهُمَا يتَنَاوَل الْمُفْرد والمركب

وَلَو قُلْنَا: اسْم الْكَلَام لَا يتَنَاوَل إِلَّا الْجُمْلَة فَهَذَا قَول أبي حنيفَة وصاحبيه، وَلَو قُلْنَا: إِنَّه يتَنَاوَل الْكَلِمَة الْوَاحِدَة فَهَذَا القَوْل قَول زفر

[وَشرط الْحِنْث هُوَ الْكَلَام الْمَعْهُود وَهُوَ الْمُفْهم الْمُفِيد المحصل للمقصود]

ص: 757

وَالْكَلَام: مَا تضمن الْإِسْنَاد الْأَصْلِيّ وَكَانَ مَقْصُودا لذاته، وَالْجُمْلَة مَا تضمن الْإِسْنَاد الْأَصْلِيّ سَوَاء كَانَ مَقْصُودا لذاته أَو لَا

وَالْكَلَام: يَقع على الْقَلِيل وَالْكثير، وَالْجُمْلَة لَا تقع إِلَّا على الْوَاحِد، وَلذَا يَصح أَن يُقَال: جَمِيع الْقُرْآن كَلَام الله، وَلَا يَصح جملَة الْقُرْآن كَلَام الله

وَتقول: هَذَا كَلَام الله لِأَن الْكَلَام عَام، وَلَا تَقول: قُرْآن الله لِأَنَّهُ خَاص بِكَلَام الله

[وَكَلَام الله هُوَ الْكَلَام النَّفْسِيّ، وَالْقُرْآن هُوَ الْكَلَام الْمعبر بِهَذِهِ الْعبارَات، وَالْكَلَام] لَا يثنى وَلَا يجمع بِخِلَاف الْجُمْلَة، وَادّعى الْبَعْض الترادف، فَالْمَسْأَلَة ذَات قَوْلَيْنِ

والكلم: جنس الْكَلِمَة وَحقه أَن يَقع على الْقَلِيل وَالْكثير كَالْمَاءِ، وَلَكِن غلب على الْكثير وَلم يَقع إِلَّا على مَا فَوق الِاثْنَيْنِ لَا جمع كلمة

وَالْكَلَام عِنْد أهل الْكَلَام: مَا يضاد السُّكُوت سَوَاء كَانَ مركبا أَو لَا، مُفِيدا فَائِدَة تَامَّة أَو لَا

وَعند أهل الْعرُوض: مَا تضمن كَلِمَتَيْنِ أَو أَكثر سَوَاء حسن السُّكُوت عَلَيْهِ أَو لَا، مَعَ الدّلَالَة على معنى صَحِيح

(وَالْكَلَام على قَول بعض أهل النَّحْو: اسْم وَفعل وحرف)

وَقَالَ بَعضهم: حُرُوف منظومة تدل على معنى، وَهَذَا الْحَد لَا يَسْتَقِيم فِي كَلَام الله تَعَالَى، لِأَن كَلَام الله صفة أزلية قَائِمَة بِذَاتِهِ لَيْسَ من جنس الْحُرُوف والأصوات

[فَمَعْنَى كَونه تَعَالَى متكلما على طَريقَة أهل اللُّغَة أَنه مَحل للْكَلَام لَا أَنه يوجده كَمَا يزعمه الْمُعْتَزلَة، فالمتكلم على قَاعِدَة اللُّغَة فِي المشتقات كالمتحرك وَمن هَاهُنَا يَنْتَظِم برهَان على إِثْبَات الْكَلَام النَّفْسِيّ وَفِي اخْتِيَار أبي مَنْصُور الماتريدي رحمه الله أَن الْكَلَام هُوَ الْمَعْنى الْقَائِم بِذَات الْمُتَكَلّم لَا يتَفَاوَت بَين الشَّاهِد وَالْغَائِب، فَالْكَلَام فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ من جنس الْحُرُوف والأصوات، فَحِينَئِذٍ لم يبْق دَعْوَى الْخُصُوم بل كَانَ مردودا عَلَيْهِم كَذَا فِي " التسديد "

وَلَا اخْتِلَاف بَين الأشعرية والماتريدية رحمهم الله فِي أَنه تَعَالَى مُتَكَلم بِكَلَام نَفسِي هُوَ صفة لَهُ تبارك وتعالى قَائِمَة بِهِ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أَنه تَعَالَى مُتَكَلم لم يزل مكلما فَعِنْدَ أَكثر متكلمي الْحَنَفِيَّة معنى المكلمية إسماع لِمَعْنى {اخلع نعليك} مثلا، وَلَا شكّ فِي انْقِضَاء هَذِه الْإِضَافَة الَّتِي عرضت خَاصَّة للْكَلَام الْقَدِيم بإسماعه لمخصوص بِانْقِضَاء الإسماع وَعند الأشعرية أَن المتكلمية والمكلمية مأخوذان من الْكَلَام لَكِن باعتبارين مُخْتَلفين، فالمتكلمية بِاعْتِبَار قِيَامهَا بِذَات الْبَارِي وَكَونهَا صفة لَهُ، وَهَذَا مَحل وفَاق، والمكلمية بِاعْتِبَار تعلقهَا أزلا بالمكلف بِنَاء على مَا ذهب إِلَيْهِ هُوَ وَأَتْبَاعه من تعلق الْخطاب أزلا بالمعدوم]

وَإنَّهُ وَاحِد غيرمتجزىء، وَلَيْسَ بعربي وَلَا عبراني وَلَا سرياني، وَإِنَّمَا الْعَرَبيَّة والعبرانية والسريانية عِبَارَات عَنهُ، وَهَذِه الْعبارَات حُرُوف وأصوات وَهِي محدثة فِي محلهَا، وَهِي الْأَلْسِنَة واللهوات وَعَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَنه قَالَ: لم ينزل وَحي إِلَّا

ص: 758

بِالْعَرَبِيَّةِ، ثمَّ ترْجم كل نَبِي لِقَوْمِهِ بلغتهم (وَإِنَّمَا سمي قُرْآنًا لِمَعْنى الْجمع، وَكَلَام الله لِأَنَّهُ يتَأَدَّى بهَا، وَالْكِتَابَة الدَّالَّة عَلَيْهِ مَكْتُوب فِي مَصَاحِفنَا، وَالْقُرْآن الدَّال عَلَيْهِ مقروء بألسنتنا، والألفاظ الدَّالَّة عَلَيْهِ مَحْفُوظَة فِي صدورنا لَا ذَاته كَمَا يُقَال: الله مَكْتُوب على هَذَا الكاغد لَا يُرَاد بِهِ حُلُول ذَاته فِيهِ وَإِنَّمَا يُرَاد بِهِ مَا يدل على ذَاته، ومحصله أَن مَا قَامَ بِذَاتِهِ تَعَالَى قديم وَهُوَ مُتَكَلم فِي الْأَزَل بِهِ حَيْثُ لَا سامع وَلَا خَاطب، وَهَذَا لَا يُوصف بالنزول والحدوث، وَهُوَ الَّذِي يُتْلَى فِي الصَّلَاة)

من قَالَ: فالمتأخرون مِنْهُم من قَالَ بحدوث اللَّفْظ، وَمِنْهُم من قَالَ: اللَّفْظ قديم، وَهُوَ المتلو، والتلاوة حَادِثَة، وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن السّلف بِأَن الْقُرْآن كَلَام الله الْقَدِيم الْمَحْفُوظ فِي صدورنا المتلو بألسنتنا

فعلى هَذَا الْوَصْف بالحدوث بِالنّظرِ إِلَى التعلقات وحدوث الْأَزْمِنَة فَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآن بِلَفْظ الْمَاضِي مُقْتَضى التَّعَلُّق وحدوثه لَا يسْتَلْزم حُدُوث الْكَلَام كَمَا فِي الْعلم قَالَ الشَّيْخ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي " شرح الْمَقَاصِد ": وَتَحْقِيق هَذَا مَعَ القَوْل بِأَن الأزلي مَدْلُول اللَّفْظ عسير جدا، وَكَذَا القَوْل بِأَن المتصف بالمضي وَغَيره إِنَّمَا هُوَ اللَّفْظ الْحَادِث دون الْمَعْنى الْقَدِيم، وَيُمكن أَن يُجَاب عَنهُ بِأَن الْمُقْتَضى للحدوث إِنَّمَا هُوَ الْكَلَام اللَّفْظِيّ وَلَا نزاع فِيهِ، واقتضاء الْكَلَام النَّفْسِيّ مَمْنُوع، هَكَذَا أَجَابَهُ الْعَلامَة الأسفراييني [وَمَا يسْتَدلّ بِهِ على حُدُوث اللَّفْظ من كَونه مترتب الْأَجْزَاء مُتَقَدما بَعْضهَا على بعض فمدفوع بِجَوَاز أَن يكون الْمُتَأَخر مَسْبُوقا بالمتقدم لَا سَابِقًا زمانيا كالكتابة الَّتِي يحصل مجموعها مَعًا فِي مَحل من طائع يكون فِيهِ تِلْكَ الْكِتَابَة واستبعاد ترَتّب الْحُرُوف والكلمات على الشَّاهِد فَإِن فِي الشَّاهِد لَا يتَصَوَّر ذَلِك لعدم مساعدة الْآلَة، وَأما فِي الْغَائِب فَيجوز ذَلِك وَإِن كَانَت الْعُقُول البشرية قَاصِرَة عَن إِدْرَاك كنه هَذَا الْأَمر وَلَيْسَ ذَلِك مثل تصور حَرَكَة لَا تقدم لبَعض أَجْزَائِهَا على الْبَعْض وَهُوَ محَال لِأَن عدم إِمْكَان ذَلِك التَّصَوُّر فِي الْحَرَكَة الَّتِي هِيَ اسْم للحالة الْمَخْصُوصَة من حَيْثُ ترَتّب أَجْزَائِهَا وَأما ذَات تِلْكَ الْحَالة الْمُسَمَّاة بالحركة ففد الْمُتَكَلِّمين مركبة مِمَّا لَا يتَجَزَّأ فَيجوز أَن يَقع جَمِيع أَجْزَائِهَا فِي آن وَاحِد وَإِن لم يسمهَا أهل الْعرف من تِلْكَ الْحَيْثِيَّة حَرَكَة]

وَاعْلَم أَنهم لما رأو أَن هَهُنَا قياسين متعارضين أَحدهمَا: أَن كَلَام الله صفة لَهُ، وكل مَا هُوَ صفة لَهُ فَهُوَ قديم، فَكَلَامه تَعَالَى قديم

وَثَانِيهمَا: أَن كَلَامه تَعَالَى مؤلف من أَجزَاء مترتبة فِي الْوُجُود، وكل مَا هُوَ كَذَلِك فَهُوَ حَادث، فَكَلَامه حَادث، فافترق الْمُسلمُونَ أَربع فرق بِعَدَد مُقَدمَات القياسين: فرقتان مِنْهُم وهم الْمُعْتَزلَة والكرامية ذَهَبُوا إِلَى حَقِيقَة الْقيَاس (الثَّانِي، إِلَّا أَن الْمُعْتَزلَة قَدَحُوا فِي صغرى الْقيَاس الأول، والكرامية فِي كبراه

وفرقتان مِنْهُم وهم الأشاعرة والحنابلة ذَهَبُوا إِلَى حَقِيقَة الْقيَاس الأول) إِلَّا أَن الْحَنَابِلَة قَدَحُوا فِي

ص: 759

كبرى الْقيَاس الثَّانِي، والأشاعرة فِي صغراه إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول إِن مَا أَدَّاهُ الْأَنْبِيَاء إِلَى أممهم مِمَّا أخبر الله عَنهُ أَو أَمر بِهِ أَو نهى عَنهُ إِلَى غير ذَلِك هُوَ أُمُور ثَلَاثَة: معَان مَعْلُومَة، وعبارات دَالَّة عَلَيْهَا مَعْلُومَة أَيْضا، وَصفَة يتَمَكَّن بهَا من التَّعْبِير عَن تِلْكَ الْمعَانِي بِهَذِهِ العبارت لإفهام المخاطبين وَلَا شكّ فِي قدم هَذِه الصّفة وَكَذَا فِي قدم صُورَة معلومية تِلْكَ الْمعَانِي والعبارات بِالنِّسْبَةِ إِلَى الله تَعَالَى، فَإِن كَلَامه عبارَة عَن تِلْكَ الصّفة فَلَا شكّ فِي قدمه، وَإِن كَانَ عبارَة عَن تِلْكَ الْمعَانِي والعبارات فَلَا شكّ أَنَّهَا بِاعْتِبَار معلوميته تَعَالَى أَيْضا قديمَة، لَكِن لَا يخْتَص هَذَا الْقدَم بهَا بل يعمها وَسَائِر عِبَارَات المخلوقين ومدلولاتها، لِأَنَّهَا كلهَا مَعْلُومَة لله تَعَالَى أزلا وأبدا، وَمَا أثْبته المتكلمون من الْكَلَام النَّفْسِيّ فَإِن كَانَ عبارَة عَن تِلْكَ الصّفة فَحكمه ظَاهر، وَإِن كَانَ عبارَة عَن تِلْكَ الْمعَانِي والعبارات الْمَعْلُومَة فَلَا شكّ أَن قِيَامهَا بِهِ لَيْسَ إِلَّا بِاعْتِبَار صور معلوميتها، وَلَيْسَ صفة بِرَأْسِهِ، بل هُوَ من جزئيات الْعلم، وَأما الْمَعْلُوم فَسَوَاء كَانَ عِبَارَات أَو مدلولاتها لَيْسَ قَائِما بِهِ سُبْحَانَهُ فَإِن الْعبارَات بوجودها الْأَصْلِيّ من مقولات الْأَعْرَاض غير القارة، وَأما مدلولاتها فبعضها من قبيل الذوات، وَبَعضهَا من قبيل الْأَعْرَاض، فَكيف يقوم بِهِ سُبْحَانَهُ؟ وَالْحَاصِل أَن كنه هَذِه الصّفة وَكَذَا سَائِر صِفَاته مَحْجُوب عَن الْعقل كذاته تَعَالَى، فَلَيْسَ لأحد أَن يَخُوض فِي الكنه بعد معرفَة مَا يجب لذاته وَصِفَاته

وَمَا يُوجد فِي كتب عُلَمَاء الْكَلَام من التَّمْثِيل بالْكلَام النَّفْسِيّ فِي الشَّاهِد فَإِنَّمَا هُوَ للرَّدّ على الْمُعْتَزلَة والحنابلة فِي حصرهم الْكَلَام فِي الْحُرُوف والأصوات (مَعَ أَن فِيهِ نفي مَا أثبتوه من الْكَلَام لظُهُور أَن لَا إِمْكَان لقِيَام الْحُرُوف والأصوات بِذَاتِهِ تَعَالَى) حَتَّى قيل لَهُم: ينْتَقض حصركم ذَلِك بكلامنا النَّفْسِيّ، فَإِنَّهُ كَلَام حَقِيقَة وَلَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت، وَإِذا صَحَّ ذَلِك فَكَلَامه لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت، فَلم يَقع الِاشْتِرَاك بَينهمَا إِلَّا فِي هَذِه الصّفة، وَهِي أَن كَلَامه لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت كَمَا أَن كلامنا النَّفْسِيّ لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت وَأما الْحَقِيقَة فمباينة للْحَقِيقَة كل المباينة) وَاخْتلف أهل السّنة فِي كَون الْكَلَام النَّفْسِيّ مسموعا [واستحاله الماتريدية] فالأشعري قاسه على رُؤْيَة مَا لَيْسَ بلون وَلَا جسم

فَكَمَا عقل رُؤْيَة مَا لَيْسَ بلون وَلَا جسم فليعقل سَماع مَا لَيْسَ بِصَوْت وَلَا حرف (وَهُوَ لَا يكون إِلَّا بطرِيق خرق الْعَادة وَجوز الماتريدي أَيْضا سَماع مَا لَيْسَ بِصَوْت، وَالْخلاف إِنَّمَا هُوَ فِي الْوَاقِع لمُوسَى عليه السلام، فَعِنْدَ الماتريدية سمع مُوسَى صَوتا دَالا على كَلَام الله وَعند الْأَشْعَرِيّ أَنه سمع الْكَلَام النَّفْسِيّ

وَقد اسْتدلَّ جمَاعَة على أَن الْقُرْآن غير مَخْلُوق بقوله

ص: 760

تَعَالَى: {الرَّحْمَن علم الْقُرْآن خلق الْإِنْسَان} حَيْثُ جمع بَينهمَا وغاير وَقد ذكر الْإِنْسَان فِي ثَمَانِيَة عشر موضعا من الْقُرْآن فَقَالَ إِنَّه مَخْلُوق وَذكر الْقُرْآن فِي أَرْبَعَة وَخمسين موضعا وَلم يقل إِنَّه مَخْلُوق، وَإِن قيل: كَيفَ لَا يُقَال إِنَّه غير مَخْلُوق وَقد نقل فِيهِ من كَلَام المخلوقين كموسى وَفرْعَوْن وإبليس وَغَيرهم؟ قُلْنَا) : نقل الْكَلَام من أحد إِمَّا بِعَين الْعبارَة وَإِمَّا بِالْمَعْنَى، فَفِي الصُّورَة الأولى كَون ذَلِك النَّقْل كَلَام النَّاقِل ظَاهر، وَفِي الصُّورَة الثَّانِيَة كَون عبارَة الْمَنْقُول عَنهُ كَلَام النَّاقِل لَا يَخْلُو عَن نوع خَفَاء فالعبارة الَّتِي صدرت عَن الْمَنْقُول عَنهُ إِذا نقلهَا، النَّاقِل بِعَينهَا يكون فِي تِلْكَ الْعبارَة حيثيتان: فَمن حَيْثُ صدورها (عَن الْمَنْقُول عَنهُ كَلَام لَهُ ومحكي

وَمن حَيْثُ صدورها) عَن النَّاقِل كَلَام لَهُ، وحكاية لكَلَام النَّاقِل وإخبار عَنهُ؛ فَمَا نقل فِيهِ من كَلَام المخلوقين مَخْلُوق بِاعْتِبَار الْحَيْثِيَّة الأولى، وقديم غير مَخْلُوق بِاعْتِبَار الْحَيْثِيَّة الثَّانِيَة وَكَونه من عِنْد الله غير مَوْقُوف على النُّبُوَّة فِي نفس الْأَمر، بل هُوَ ثَابت بإعجازه على الِاخْتِلَاف فِي وَجه الإعجاز [نعم إِثْبَات الْقُرْآن بِمَعْنى الْكَلَام النَّفْسِيّ عِنْد الْقَائِل إِنَّمَا هُوَ بِالشَّرْعِ

الْكِنَايَة: هِيَ لُغَة مصدر كنى بِهِ عَن كَذَا يكني أَو يكنو إِذا تكلم بِشَيْء يسْتَدلّ بِهِ على غَيره، أَو يُرَاد بِهِ غَيره

وَشَرِيعَة: مَا استتر فِي نَفسه مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ أَو الْمجَازِي، فَإِن الْحَقِيقَة المهجورة كِنَايَة كالمجاز غير غَالب الِاسْتِعْمَال، وَمَا يقْصد إِلَيْهِ فِي الْكَلَام إِمَّا مَنْسُوب إِلَيْهِ بِأَيّ نِسْبَة كَانَت فالكناية حِينَئِذٍ يقْصد بهَا الْمَوْصُوف، كَمَا يقْصد بعريض الوسادة الْكِنَايَة عَن كثير النّوم، أَو بعريض الْقَفَا عَن الأبله

وَإِمَّا مَنْسُوب: فالكناية حِينَئِذٍ يقْصد بهَا الصّفة كطويل النجاد الْكِنَايَة عَن طول الْقَامَة

وَإِمَّا نِسْبَة: فالكناية حِينَئِذٍ يقْصد بهَا النِّسْبَة كَقَوْلِه:

(إِن السماحة والمروءة والندى

فِي قبَّة ضربت على ابْن الحشرج)

وَالْكِنَايَة والحقيقة تشتركان فِي كَونهمَا حقيقتين، وتفترقان بالتصريح فِي الْحَقِيقَة، وَعدم التَّصْرِيح فِي الْكِنَايَة

وَالْكِنَايَة عِنْد عُلَمَاء الْبَيَان: هِيَ أَن يعبر عَن شَيْء بِلَفْظ غير صَرِيح فِي الدّلَالَة عَلَيْهِ لغَرَض من الْأَغْرَاض كالإبهام على السَّامع أَو لنَوْع فصاحة

وَعند أهل الْأُصُول: مَا يدل على المُرَاد بِغَيْرِهِ لَا بِنَفسِهِ [وَهِي فِي اصطلاحهم أَعم من الْمجَاز من

ص: 761

وَجه لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْمجَاز غير الْمُتَعَارف، وَقد تُوجد الْكِنَايَة فِي مَحل بِدُونِ الْمجَاز كَمَا فِي الضمائر وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي الْمجَاز الْمُتَعَارف] وَالْكِنَايَة لَيست بمجاز هُوَ الصَّحِيح وَقد قَالُوا برمتهم: فرق بَين الْكِنَايَة وَالْمجَاز بِصِحَّة إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ مِنْهَا دون الْمجَاز قلت: صِحَة إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ فِيهَا لَا لذاته بل ليتوصل بِهِ إِلَى الِانْتِقَال إِلَى المُرَاد بِقَرِينَة معية لإِرَادَة الْمَعْنى غير الْمَوْضُوع لَهُ فِيهَا، وَكَذَا الْمجَاز كُله حَيْثُ لَا تمنع فِيهِ الْقَرِينَة إِلَّا إِرَادَة الْمَوْضُوع لَهُ لذاته، وَهُوَ السَّبع الْمَخْصُوص مثلا فِي (لقِيت أسدا يَرْمِي) وَلَا يمْتَنع أَن يقْصد الِانْتِقَال إِلَى الرجل الشجاع

وَالْمعْنَى الْحَقِيقِيّ فِي الْمجَاز الْمُرْسل ملحوظ للانتقال مِنْهُ إِلَى الْمَعْنى الْمجَازِي لكنه غير مَقْصُود بالإفادة وَالْمعْنَى الْحَقِيقِيّ فِي الْكِنَايَة مَقْصُود بالإفادة لَكِن لَا لذاته بل لتقدير المكنى عَنهُ، وَبِه تفارق الْكِنَايَة التَّضْمِين وَقد صرح فِي بعض الْمُعْتَبرَات أَن كِنَايَة أَئِمَّة الْعَرَبيَّة مجَاز إِذْ لَا وَاسِطَة بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز عِنْد الْمُتَكَلِّمين والأصوليين

وَالْكِنَايَة [فِي اصْطِلَاح أَئِمَّة الْبَيَان] : انْتِقَال من لَازم إِلَى ملزوم [وَأما على قَول الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء فَلَا احْتِيَاج إِلَى الِانْتِقَال فضلا من اللَّازِم إِلَى الْمَلْزُوم بل قد يكون اللَّفْظ كِنَايَة فِي مَحل حَقِيقَة]

والإرداف: انْتِقَال من مَذْكُور إِلَى مَتْرُوك، فَإِن الإرداف: هُوَ أَن يُرِيد الْمُتَكَلّم معنى وَلَا يعبر عَنهُ بِلَفْظِهِ الْمَوْضُوع لَهُ وَلَا بِدلَالَة الْإِشَارَة، بل يعبر عَنهُ لفظ يرادفه كَقَوْلِه تَعَالَى:{واستوت على الجودي} إِذْ حَقِيقَة ذَلِك الْجُلُوس فَعدل عَن اللَّفْظ الْخَاص بِالْمَعْنَى وَهُوَ (جَلَست) إِلَى مرادفه لما فِي الاسْتوَاء من الْإِشْعَار بجلوس مُتَمَكن لَا زيغ فِيهِ وَلَا ميل، وَهَذَا لَا يحصل من لفظ (جَلَست) وَدلَالَة قَوْله تَعَالَى:{وَمَا علمناه الشّعْر} على أَن الْقُرْآن لَيْسَ بِشعر، وَدلَالَة ذَلِك على نفي الشاعرية عَنهُ عليه الصلاة والسلام لَيْسَ من قبيل الْمَفْهُوم الْحَقِيقِيّ وَهُوَ نفي تَعْلِيم الشّعْر مِنْهُ وَلَا من قبيل الْمجَاز الْمُفْرد وَلَا الْمركب، أَعنِي الِاسْتِعَارَة التمثيلية، وَلَا من قبيل الْإِسْنَاد الْمجَازِي بل من قبيل الْكِنَايَة التلويحية، أَعنِي تعدد الِانْتِقَال بِقَرِينَة الْمقَام، فَإِن الِانْتِقَال من قَوْله:{وَمَا علمناه الشّعْر} إِلَى أَن الْقُرْآن لَيْسَ بِشعر، وَمن ذَلِك إِلَى أَنه عليه الصلاة والسلام لَيْسَ بشاعر انْتِقَال من اللَّازِم إِلَى الْمَلْزُوم بمرتبتين

وَالْكِنَايَة: هِيَ أَن تذكر الشَّيْء بلوازمه

والتعريض ة هُوَ أَن تذكر كلَاما يحْتَمل مقصودك وَغير مقصودك إِلَّا أَن قَرَائِن أحوالك تؤكد حمله على مقصودك

ونكت الْكِنَايَة كَثِيرَة كالإيضاح أَو بَيَان حَال الْمَوْصُوف، أَو مِقْدَار حَاله أَو الْقَصْد إِلَى الْمَدْح أَو الذَّم، أَو الِاخْتِصَار أَو استزادة الصيانة، أَو التعمية والإلغاز، أَو التَّعْبِير عَن الصعب بالسهل، أَو عَن الْقَبِيح بِاللَّفْظِ الْحسن، كَمَا يكنى عَن الْجِمَاع بالملامسة والمباشرة والرفث والإفضاء وَالدُّخُول

ص: 762

والسر وَتلك فِي الْحَلَال، كَمَا أَن خبث وفجر فِي الزِّنَا، وَعَن الْبَوْل وَنَحْوه بالغائط وَقَضَاء الْحَاجة وَالْمرَاد بقوله تَعَالَى:{وَالَّتِي أحصنت فرجهَا} : فرج الْقَمِيص وَهَذَا من ألطف الْكِنَايَات، كَمَا يُقَال: فلَان عفيف الذيل، وَمن هَذَا ترى أَرْبَاب الصّلاح يَقُولُونَ للأعمى: مَحْجُوب، وللأعور: مُمْتَنع، وللكوسج: خَفِيف العارضين وللسؤآل: زوار، وللرشوة: مصانعة، وللمصادرة: مُوَافقَة، وللعزل: صرف، وللفقر: خفَّة الْحَال، وللكذب: نزيل، وللسكر: نشاط، وللحيض: ترك الصَّلَاة، وللحاجة: تَجْدِيد الطَّهَارَة، وللنكاح: خلْوَة وَبِنَاء، وللمرض: عَارض وفتور، وللموت: انْتِقَال، وللهزيمة: انحياز وَيَقُولُونَ: قيل فِي الْحُجْرَة أَو من وَرَاء السّتْر وَأَشْبَاه ذَلِك

قَالَ ابْن الْأَثِير فِي " الْمثل السائر ":

الْكِنَايَة: مَا دلّ على معنى النِّسْبَة يجوز حمله على جَانِبي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز بِوَصْف جَامع بَينهمَا، وَيكون فِي الْمُفْرد والمركب

والتعريض: هُوَ اللَّفْظ الدَّال على معنى لَا من جِهَة الْوَضع الْحَقِيقِيّ أَو الْمجَازِي بل من جِهَة التَّلْوِيح وَالْإِشَارَة، فَيخْتَص بِاللَّفْظِ الْمركب، كَقَوْل من يتَوَقَّع صلَة:(وَالله إِنِّي مُحْتَاج) ، فَإِنَّهُ تَعْرِيض بِالطَّلَبِ مَعَ أَنه لم يوضع لَهُ حَقِيقَة وَلَا مجَازًا، وَإِنَّمَا فهم مِنْهُ الْمَعْنى من عرض اللَّفْظ أَي: من جَانِبه وَالْكِنَايَة والتعريض: لَا يعملان فِي القَوْل عمل الْإِيضَاح والكشف، وَلذَلِك كَانَ لإعادة اللَّفْظ فِي قَوْله تَعَالَى:{وبالحق أَنزَلْنَاهُ وبالحق نزل} مَا لم يكن فِي تَركهَا والاكتفاء بِالْكِنَايَةِ والتعريض بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْنى الْأَصْلِيّ قد يكون حَقِيقَة، وَقد يكون مجَازًا، وَقد يكون كِنَايَة

الْكفْر، بِالضَّمِّ وَالْقِيَاس الْفَتْح: لُغَة: السّتْر، وَشَرِيعَة: عدم الْإِيمَان عَمَّا من شَأْنه

وَالْكفْر ضد الْإِيمَان يتَعَدَّى بِالْبَاء نَحْو: {فَمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بِاللَّه}

وضد الشُّكْر يتَعَدَّى بِنَفسِهِ يُقَال: كفره كفورا أَي: كفرانا وَيُقَال: كفر الْمُنعم وَالنعْمَة وَلَا يُقَال: كفر بالمنعم وَالنعْمَة

وَالْكَافِر: اللَّيْل، وَالْبَحْر، والوادي الْعَظِيم، وَالنّهر الْكَبِير، والسحاب المظلم، والزراع، وَالزَّرْع، وَمن الأَرْض مَا بعد من النَّاس

وَالْكفْر: تَغْطِيَة نعم الله بالجحود، وَهُوَ فِي الدّين أَكثر

والكفران: أَكثر اسْتِعْمَالا فِي جحود النِّعْمَة، والكفور فيهمَا جَمِيعًا

وَالْكفَّار: فِي جمع الْكَافِر المضاد للْإيمَان أَكثر اسْتِعْمَالا والكفرة فِي جمع كَافِر النِّعْمَة أَكثر اسْتِعْمَالا

وَالْكفْر: مِلَّة وَاحِدَة لِأَن شَرِيعَة مُحَمَّد هِيَ الْحق بِلَا شكّ وَالنَّاس بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا فرقتان: فرقة تقر بهَا وهم الْمُؤْمِنُونَ قاطبة، وَفرْقَة تنكر بأجمعهم وهم الْكفَّار كَافَّة فَبِهَذَا الِاعْتِبَار كالملة الْوَاحِدَة وَإِن اخْتلفُوا فِيمَا بَينهم فصاروا كَأَهل الْأَهْوَاء من

ص: 763

الْمُسلمين

وَالْكفْر: قد يحصل بالْقَوْل تَارَة وبالفعل أُخْرَى

وَالْقَوْل الْمُوجب للكفر: إِنْكَار مجمع عَلَيْهِ فِيهِ نَص، وَلَا فرق بَين أَن يصدر عَن اعْتِقَاد أَو عناد أَو استهزاء

وَالْفِعْل الْمُوجب للكفر هُوَ الَّذِي يصدر عَن تعمد وَيكون الِاسْتِهْزَاء صَرِيحًا بِالدّينِ كالسجود للصنم، وإلقاء الْمُصحف فِي القاذورات

وَالْكفْر بتكذيب سيدنَا ومولانا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فِي شَيْء مِمَّا جَاءَ بِهِ من الدّين ضَرُورَة كَمَا أَن الْإِيمَان هُوَ تَصْدِيق سيدنَا ومولانا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فِي جَمِيع مَا جَاءَ بِهِ من الدّين ضَرُورَة [وَالْكفْر إِنَّمَا يكون بإنكار مَا علم بِالضَّرُورَةِ عِنْد من يَجْعَل الْإِيمَان التَّصْدِيق بِهِ، وَأما من يَجْعَل الْإِيمَان مَجْمُوع الْأُمُور الثَّلَاثَة فالكفر عِنْدهم أَعم من هَذَا إِلَّا أَن يكون من مثبتي الْوَاسِطَة

وَاخْتلف المتكلمون فِي الْكفْر على حسب اخْتلَافهمْ فِي الْإِيمَان فَمن قَالَ: الْإِيمَان بِاللَّه هُوَ مَعْرفَته قَالَ: الْكفْر هُوَ الْجَهْل بِاللَّه، وَهُوَ غير منعكس على الْمَحْدُود فَإِن جحد الرسَالَة وَسَب الرَّسُول وَالسُّجُود للصنم وإلقاء الْمُصحف فِي القاذورات كفر بِالْإِجْمَاع وَلَيْسَ هَذَا جهلا بِاللَّه إِذْ قد يصدر ذَلِك من الْعَارِف بِاللَّه الْجَاهِل بِالدّلَالَةِ على الْعلم بامتناع هَذِه الْأُمُور أَو بالمعرفة بهَا

وَمن قَالَ: الْإِيمَان هُوَ الطَّاعَات كالمعتزلة وَبَعض الْخَوَارِج قَالَ: الْكفْر هُوَ الْمعْصِيَة لَكِن قَالَت الْخَوَارِج: كل مَعْصِيّة كفر والمعتزلة قسموا الْمعاصِي إِلَى مَعْصِيّة هِيَ كفر وَهِي كل مَعْصِيّة تدل على الْجَهْل بِاللَّه كسب الرَّسُول وإلقاء الْمُصحف فِي القاذورات، وَإِلَى مَعْصِيّة لَا توجب اتصاف فاعلها بالْكفْر وَلَا بالفسوق وَلَا يمْتَنع مَعهَا الاتصاف بِالْإِيمَان كالسفه وكشف الْعَوْرَة إِلَى غير ذَلِك، وَإِلَى مَعْصِيّة توجب الْخُرُوج من الْإِيمَان وَلَا توجب الاتصاف بالْكفْر بل بالفسوق والفجور كَالْقَتْلِ الْعمد والعدوان وَالزِّنَا وَشرب الْخمر وَنَحْوه وَطَرِيق الرَّد على هَؤُلَاءِ إِنَّمَا هُوَ بَيَان أَن كل مَعْصِيّة لَا تدل على تَكْذِيب الرَّسُول فِيمَا جَاءَ بِهِ فَإِنَّهَا لَا تكون كفرا، وَمن قَالَ: الْإِيمَان هُوَ الْمعرفَة بالجنان وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ وَالْعَمَل بالأركان قَالَ: الْكفْر هُوَ الْإِخْلَال بِأحد هَذِه الْأُمُور وَمن قَالَ: الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ بِاللَّه وَبِمَا جَاءَ بِهِ رسله قَالَ: الْكفْر هُوَ التَّكْذِيب بِشَيْء مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُول وَهَذَا هُوَ اخْتِيَار الإِمَام الْغَزالِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة، وَهُوَ بَاطِل بِمن لَيْسَ بمصدق وَلَا بمكذب بِشَيْء مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُول فَإِنَّهُ كَافِر بِالْإِجْمَاع وَلَيْسَ بمكذب، وَيبْطل أَيْضا بأطفال الْكفَّار ومجانينهم فَإِنَّهُم كفار وَلَيْسوا بمصدقين وَلَا بمكذبين، وَالْأَقْرَب أَن يُقَال: الْكفْر عبارَة عَمَّا يمْنَع المتصف بِهِ من الْآدَمِيّين عَن مساهمة الْمُسلمين فِي شَيْء من جَمِيع الْأَحْكَام الْمُخْتَلفَة بهم، وَهُوَ مطرد ومنعكس لَا غُبَار عَلَيْهِ]

وَالْكفْر إِمَّا كفر إِنْكَار وَهُوَ أَن يكفر بِقَلْبِه وَلسَانه، وَأَن لَا يعرف بِمَا يذكر لَهُ من التَّوْحِيد

أَو كفر جحود: وَهُوَ أَن يعرف بِقَلْبِه وَلَا يقر بِلِسَانِهِ ككفر إِبْلِيس

ص: 764

أَو كفر عناد: وَهُوَ أَن يعرف بِقَلْبِه ويقر بِلِسَانِهِ وَلَا يدين بِهِ ككفر أبي طَالب

أَو كفر نفاق: وَهُوَ أَن يقر بِلِسَانِهِ وَلَا يعْتَقد بِقَلْبِه

وَالْجمع سَوَاء فِي أَن من لَقِي الله تَعَالَى بِوَاحِد مِنْهُم لَا يغْفر لَهُ

ومأخذ التَّكْفِير: تَكْذِيب الشَّارِع لَا مُخَالفَته مُطلقًا، وَمن يُنكر رِسَالَة النَّبِي مثلا فَهُوَ كَافِر لَا مُشْرك، وَمن أخل بالاعتقاد وَحده فَهُوَ مُنَافِق، وبالإقرار بِالْحَقِّ فَهُوَ كَافِر، وبالعمل بِمُقْتَضَاهُ فَهُوَ فَاسق وفَاقا وَكَافِر عِنْد الْخَوَارِج، وخارج عَن الْإِيمَان غير دَاخل فِي الْكفْر عِنْد الْمُعْتَزلَة

وَالْكَافِر: اسْم لمن لَا إِيمَان لَهُ، فَإِن أظهر الْإِيمَان فَهُوَ الْمُنَافِق، وَإِن طَرَأَ كفره بعد الْإِيمَان فَهُوَ الْمُرْتَد، وَإِن قَالَ بإلهين أَو أَكثر فَهُوَ الْمُشرك، وَإِن كَانَ متدينا بِبَعْض الْأَدْيَان والكتب المنسوخة فَهُوَ الْكِتَابِيّ، وَإِن قَالَ بقدم الدَّهْر وَإسْنَاد الْحَوَادِث إِلَيْهِ فَهُوَ الدهري، وَإِن كَانَ لَا يثبت الْبَارِي فَهُوَ الْمُعَطل، وَإِن كَانَ مَعَ اعترافه بنبوة النَّبِي يبطن عقائد هِيَ كفر بالِاتِّفَاقِ فَهُوَ الزنديق [وَأَصْحَاب الْهوى مِنْهُم من يكفر كغلاة المجسمة وَالرَّوَافِض وَغَيرهم وَيُسمى الْكَافِر المتأول، وَمِنْهُم من لَا يكفر وَيُسمى الْفَاسِق المتأول فَذهب جمَاعَة من الْأُصُولِيِّينَ إِلَى أَن الْقسم الأول تقبل شَهَادَته وَرِوَايَته، وَذهب الْعَامَّة إِلَى رد الشَّهَادَة للقسمين، وَفِي " الْمُحِيط " عَن أبي يُوسُف رحمه الله قَالَ: من أكفرته لم أقبل شَهَادَته وَمن أضللته قبلت شَهَادَته

وَعدم إكفار أهل الْقبْلَة لاعتقادهم أَن مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ هُوَ الدّين الْحق وتمسكهم فِي ذَلِك بِنَوْع دَلِيل من الْكتاب وَالسّنة وتأويله على وفْق هواهم وَهَذَا] مُوَافق لكَلَام الْأَشْعَرِيّ وَالْفُقَهَاء، لَكِن إِذا فتشنا عقائد فرقهم الإسلاميين وجدنَا فِيهَا مَا يُوجب الْكفْر قطعا، فَلَا نكفر أهل الْقبْلَة مَا لم يَأْتِ بِمَا يُوجب الْكفْر، وَهَذَا من قبيل قَوْله تَعَالَى:{إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} مَعَ أَن الْكفْر غير مغْفُور، ومختار جُمْهُور أهل السّنة من الْفُقَهَاء والمتكلمين عدم إكفار أهل الْقبْلَة من المبتدعة المؤؤلة فِي غير الضرورية لكَون التَّأْوِيل شُبْهَة كَمَا هُوَ المسطور فِي أَكثر الْمُعْتَبرَات

[وَأما مُنكر شَيْء من ضروريات الدّين فَلَا نزاع فِي إكفاره وَإِنَّمَا النزاع فِي إكفار مُنكر الْقطعِي بالتأويل، وَقد عرفت مَا هُوَ الْمُخْتَار وصرحوا بِعَدَمِ الإكفار فِي غير الضروريات بالتردد وَالْإِنْكَار] وأصل كفر الفلاسفة الْإِيجَاب الذاتي على مَا هُوَ الْمَشْهُور

وأصل كفر البراهمة من الفلاسفة التحسين الْعقلِيّ حَتَّى نفوا النُّبُوَّة

وَكَذَا أصل ضَلَالَة الْمُعْتَزلَة حَيْثُ أوجبوا على الله الْأَصْلَح لخلقه، إِلَى غير ذَلِك من الضلالات

وأصل كفر عَبدة الْأَوْثَان وَغَيرهم: التَّقْلِيد الرَّدِيء حَتَّى قَالُوا: {إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مقتدرون} وَلِهَذَا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَا يَكْفِي التَّقْلِيد فِي عقائد الْإِيمَان

وأصل كفر الطبائعيين وَمن تَبِعَهُمْ من الجهلة الرَّبْط العادي حَتَّى رَأَوْا ارتباط الشِّبَع بِالْأَكْلِ، والري

ص: 765

بِالْمَاءِ وَنَحْو ذَلِك

وأصل ضَلَالَة الحشوية التَّمَسُّك فِي أصُول العقائد بِمُجَرَّد ظواهر الْكتاب وَالسّنة من غير بَصِيرَة فِي الْعقل، حَيْثُ قَالُوا بالتشبيه والتجسيم والجهة عملا بظواهر النُّصُوص

وَجَمِيع مَا نقل عَن الفلاسفة قد نطق بِهِ فريق من فرق الْإِسْلَام، فمذهبهم فِي الصِّفَات الإلهية واعتقادهم التَّوْحِيد فِيهَا من مَذَاهِب الْمُعْتَزلَة كَمَا أَن مَذْهَبهم فِي تلازم الْأَسْبَاب الطبيعية هُوَ الَّذِي صرح بِهِ الْمُعْتَزلَة فِي التوليد، إِلَّا الْأُصُول الثَّلَاثَة الَّتِي يكفر بهَا، وَهِي القَوْل بقدم الْعَالم والجواهر كلهَا، وبعدم إحاطة علم الْبَارِي بالجزئيات الْحَادِثَة من الْأَشْخَاص، وبعدم القَوْل ببعث الأجساد وحشرها، فَإِن هَذَا هُوَ الْكفْر الصراح الَّذِي لم يَعْتَقِدهُ أحد من فرق الْمُسلمين

وَأما الْأُمُور الَّتِي قَالَ بهَا الْحُكَمَاء خَاصَّة وَلم يوافقهم طَائِفَة من الْمُسلمين، فَمِنْهَا جعل الْمَلَائِكَة عبارَة عَن الْعُقُول الْمُجَرَّدَة والنفوس الفلكية، وَمِنْهَا جعل الْجِنّ جَوَاهِر مُجَرّدَة لَهَا تصرف وتأثير فِي الْأَجْسَام العنصرية من غير تعلق بهَا تعلق النُّفُوس البشرية بأبدانها، وَمِنْهَا جعل الشَّيَاطِين القوى المتخيلة فِي الْإِنْسَان من حَيْثُ استيلاؤها على الْقُوَّة الْعَاقِلَة وصرفها عَن جَانب الْقُدس إِلَى الشَّهَوَات وَاللَّذَّات الحسية الوهمية

وَقد انْعَقَد إِجْمَاع الآراء على وجود الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ وَالشَّيَاطِين، ونطق بهَا كَلَام الله وَكَلَام الْأَنْبِيَاء

[وَالرِّضَا المقرون باستحسان الْكفْر هُوَ كفر، وَقد دَعَا سيدنَا مُوسَى عليه الصلاة والسلام بقوله: {وَاشْدُدْ على قُلُوبهم} ]

وَصَاحب الْكَبِيرَة معتزليا كَانَ أَو خارجيا يكفر لما ارتكبها مَعَ اعْتِقَاد أَنه يكفر بهَا فيكفر وَلُزُوم الْكفْر الْمَعْلُوم كفر، لِأَن اللُّزُوم إِذا كَانَ بَينا فَهُوَ فِي الِالْتِزَام لَا اللُّزُوم مَعَ عدم الْعلم بِهِ [وَمَا لَا يكون شرطا فِي الْإِيمَان وَلَا الْإِيمَان متوقفا عَلَيْهِ فالجهل بِهِ لَا يكون كفرا]

وخرق الْإِجْمَاع الْقطعِي الَّذِي صَار من ضروريات الدّين كفر، وَلَا نزاع فِي إكفار مُنكر شَيْء من ضروريات الدّين، وَإِنَّمَا النزاع فِي إكفار مُنكر الْقطعِي بالتأويل، فقد ذهب إِلَيْهِ كثير من أهل السّنة من الْفُقَهَاء والمتكلمين، ومختار جُمْهُور أهل السّنة مِنْهُمَا عدم إكفار أهل السّنة من المبتدعة المؤولة فِي غير الضرورية لكَون التَّأْوِيل شُبْهَة، كَمَا فِي " خزانَة " الْجِرْجَانِيّ، و " الْمُحِيط " البرهاني، و " أَحْكَام " الرَّازِيّ، وَرَوَاهُ الْكَرْخِي وَالْحَاكِم الشَّهِيد عَن الإِمَام أبي حنيفَة والجرجاني عَن الْحسن بن زِيَاد وشارح " المواقف والمقاصد " والآمدي عَن الشَّافِعِي والأشعري لَا مُطلقًا

الْكتاب: فِي الأَصْل مصدر سمي بِهِ الْمَكْتُوب تَسْمِيَة للْمَفْعُول باسم الْمصدر على التَّوَسُّع الشَّائِع، ويعبر عَن الْإِثْبَات وَالتَّقْدِير والإيجاب وَالْفَرْض وَالْقَضَاء بِالْكِتَابَةِ

وَقَوله تَعَالَى: {قل لن يصيبنا إِلَّا مَا كتب الله لنا} أَي: مَا قدره وقضاه، وَفِي (لنا) تَنْبِيه على

ص: 766

أَن كل مَا يصيبنا نعده نعْمَة لنا وَلَا نعده نقمة علينا {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} أَي: أَوجَبْنَا وفرضنا، وَوجه ذَلِك أَن الشَّيْء يُرَاد ثمَّ يُقَال ثمَّ يكْتب، فالإرادة مبدأ وَالْكِتَابَة مُنْتَهى، ثمَّ يعبر عَن المُرَاد الَّذِي هُوَ المبدأ إِذا أُرِيد بِهِ توكيد بِالْكِتَابَةِ الَّتِي هِيَ الْمُنْتَهى

ويعبر بِالْكتاب عَن الْحجَّة الثَّابِتَة من جِهَة الله تَعَالَى

[ {وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كتاب مُبين} أَي فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ الْقُرْآن]

وَفِي " الْقَامُوس " الْكتاب: مَا يكْتب فِيهِ، والدواة، والتوراة، والصحيفة، وَالْفَرْض، وَالْحكم، وَالْقدر

وَالْكتاب: قد غلب فِي الْعرف الْعَام على جمع من الْكَلِمَات المنفردة بالتدوين

وَفِي عرف النَّحْوِيين غلب على كتاب سِيبَوَيْهٍ

وَفِي عرف الْأُصُولِيِّينَ غلب على أحد أَرْكَان الدّين

وَفِي عرف المصنفين على طَائِفَة من الْمسَائِل اعْتبرت مُنْفَرِدَة عَمَّا عَداهَا

وَالْكتاب فِي عرف الْفُقَهَاء: مَا يتَضَمَّن الشَّرَائِع وَالْأَحْكَام، وَلذَلِك جَاءَ الْكتاب وَالْحكم متعاطفين فِي عَامَّة الْقُرْآن

وَالْكتاب: علم جنس لطائفة من أَلْفَاظ دَالَّة على مسَائِل مَخْصُوصَة من جنس وَاحِد تَحْتَهُ فِي الْغَالِب إِمَّا أَبْوَاب دَالَّة على الْأَنْوَاع مِنْهَا، وفصول دَالَّة على الْأَصْنَاف وَإِمَّا غَيرهَا وَقد يسْتَعْمل كل من الْأَبْوَاب والفصول مَكَان الآخر، وَالْكل علم جنس وَلَو كَانَ المُرَاد بَيَان الْأَنْوَاع يخْتَار الْكتاب على الْبَاب، وَلَو كَانَ المُرَاد بَيَان النَّوْع الْوَاحِد يخْتَار الْبَاب على الْكتاب وَالْكتاب شَائِع فِي وحدان الْجِنْس وَالْجمع والكتب يتَنَاوَل وحدان الْجمع، وَلذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس: الْكتاب أَكثر من الْكتب

وَفِي " الْكَشَّاف ": الْملك أَكثر من الْمَلَائِكَة، وَبَيَانه أَن الْوَاحِد إِذا أُرِيد بِهِ الْجِنْس والجنسية قَائِمَة وحدان الْجِنْس كلهَا لم يخرج مِنْهُ شَيْء، وَأما الْجمع فَلَا يدْخل تَحْتَهُ إِلَّا مَا فِيهِ الجنسية من الجموع

(وَالْكِتَابَة: جمع الْحُرُوف الْمَنْظُومَة وتأليفها بالقلم وَمِنْه الْكتاب لجمعه أبوابه وفصوله ومسائله)

والكتيبة للقطعة من الْجَيْش لِاجْتِمَاعِهِمْ وانضمام بَعضهم إِلَى بعض

وَالْكِتَابَة لانضمام العَبْد إِلَى الْمولى فِي الِاخْتِصَاص بالاكتساب

فِي " الراموز ": كتب كنصر كتابا وَكِتَابَة وكتبة أَي: خطّ (وكنصر وَضرب: جمع، والقربة: خرزها

وَفِي " الْقَامُوس ": كتبه كتبا وكتابا: خطه، ككتبه، واكتتبه، أَو كتبه: خطه

واكتتبه: استملاه، كاستكتبه

والإكتاب: تَعْلِيم الْكِتَابَة، كالتكتيب والإملاء

وَالْكِتَابَة قد تطلق على الْإِمْلَاء، وَقد تطلق على الْإِنْشَاء)

ص: 767

وشاع اسْتِعْمَال الْكتاب فِي الْحُرُوف والكلمات الْمَجْمُوعَة إِمَّا فِي اللَّفْظ وَإِمَّا فِي الْخط بِجعْل الْمصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول وشاع اسْتِعْمَال الْكِتَابَة بِمَعْنى تَصْوِير اللَّفْظ بحروف هجائية لِأَن فِيهِ جمع صور الْحُرُوف وأشكالها

وَفِي " الرَّاغِب ": الْكتب، كَالْقَتْلِ: ضم أَدِيم بالخياطة

وَفِي الْمُتَعَارف: ضم الْحُرُوف بَعْضهَا إِلَى بعض فِي الْخط، وَلِهَذَا سمي كتاب الله، وَأَن تكْتب كتابا قَالَ ابْن كَمَال: وَمن قَالَ أطلق على المنظوم كتاب قبل أَن يكْتب لِأَنَّهُ مِمَّا يكْتب، فَكَأَنَّهُ لم يفرق بَين اللَّفْظ وَالْكِتَابَة

فِي " الْقَامُوس " الْخط: الْكتب بالقلم وَغَيره

الْكَذِب: الْإِخْبَار عَن الشَّيْء بِخِلَاف مَا هُوَ مَعَ الْعلم بِهِ وَقصد الْحَقِيقَة، فَخرج بِالْأولِ الْجَهْل، وَبِالثَّانِي الْمجَاز

وَهُوَ يعم مَا يعلم الْمخبر عدم مطابقته، وَمَا لَا يعلم بِدَلِيل تَقْيِيد {وَيَقُولُونَ على الله الْكَذِب} بقوله:{وهم يعلمُونَ} وَيسْتَعْمل غَالِبا فِي الْأَقْوَال وَالْحق فِي المعتقدات

وَالْكذب قَبِيح بالقبح الشَّرْعِيّ وَلَا دَلِيل على قبحه الْعقلِيّ، وَلَا يلْزم من تَعْلِيل اسْتِحْقَاق الْعَذَاب بِالْكَذِبِ الْمُفِيد حُرْمَة مُطلق الْكَذِب (وَكَلَام إِبْرَاهِيم النَّبِي عليه السلام فِي سِتَّة:{إِنِّي سقيم} ، {بل فعله كَبِيرهمْ} وَهَذِه أُخْتِي "، {هَذَا رَبِّي} ثَلَاث مَرَّات لَيْسَ بكذب غَايَته أَنه من بَاب المعاريض، وَإنَّهُ لمندوحة عَن الْكَذِب)

وَكذب بِكَذَا تَكْذِيبًا: أنكرهُ وجحده

وَكذبه: جعله كَاذِبًا فِي كَلَامه، هَذَا هُوَ الْفرق بَين الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ وبالباء

وَكذب بِالتَّشْدِيدِ يقْتَصر على مفعول وَاحِد، وبالتخفيف يتَعَدَّى إِلَى مفعولين يُقَال: كَذبَنِي الحَدِيث إِذا نقل الْكَذِب وَقَالَ خلاف الْوَاقِع وَكَذَا صدق نَحْو: {لقد صدق الله رَسُول الرُّؤْيَا} وهما من غرائب الْأَلْفَاظ

وَقد جَاءَ الْكَذِب بِمَعْنى الْخَطَأ فِي الْكَلَام كَقَوْل ذِي الرمة: مَا فِي سَمعه كذب

أَي: مَا أَخطَأ سَمعه

وَفِي " الراموز ": كذب: وَجب، وَمِنْه " كذب عليلكم الْحَج " و " كذب الْقِتَال " مشددا إِذا لم يُبَالغ فِيهِ، (وكذبت فلَانا نَفسه فِي الْخطب الْعَظِيم ": إِذا شجعته عَلَيْهِ وسولت لَهُ أَن يطيقه، [وَفِي " مُقَدّمَة ابْن الْحَاجِب " رحمه الله: الْكذَّاب بِالتَّخْفِيفِ كالمشددة مصدر التفعيل وَمعنى كليهمَا الْإِنْكَار]

الكره، بِالْفَتْح: الْمَشَقَّة الَّتِي تنَال الْإِنْسَان من

ص: 768

خَارج مِمَّا يحمل عَلَيْهِ بإكراه، وَمِنْه: الْقَيْد كره

وبالضم: مَا يَنَالهُ من ذَاته وَهُوَ الْكَرَاهَة

والكراهية فِي الأَصْل مَنْسُوب إِلَى الكره بِالضَّمِّ عوض الْألف من إِحْدَى الياءين وَهُوَ مصدر كره الشَّيْء بِالْكَسْرِ إِذا لم يردهُ فَهُوَ كَارِه

وشي كره كنصر وخجل وكريه أَي: مَكْرُوه

وَكره يتَعَدَّى بِنَفسِهِ إِلَى مفعول وَاحِد، فَإِذا شدد زَاد لَهُ آخر وَأما {كره إِلَيْكُم الْكفْر} فلتضمين معنى التبغيض

وَفِي " الْقَامُوس " الكرة وبضم: الإباء وَالْمَشَقَّة، أَو بِالضَّمِّ: مَا أكرهت نَفسك عَلَيْهِ، وبالفتح مَا أكرهت غَيْرك عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ كريها فكره ككرم

والكراهية بِالتَّخْفِيفِ، وَالْكَرَاهَة أفحش من الْإِسَاءَة قَالَه الْحلْوانِي

وَكَرَاهَة التَّحْرِيم كالواجب حكما، والتنزيه كالندب، وَمَا كَانَ الأَصْل فِيهِ حُرْمَة أسقطت لعُمُوم الْبلوى فتنزيه، وَإِلَّا فتحريم وَمَا كَانَ الأَصْل فِيهِ إِبَاحَة لَكِن غلب على الظَّن وجود الْمحرم فتحريم وَإِلَّا فتنزيه، هَذَا عِنْد مُحَمَّد، وَعِنْدَهُمَا إِن منع عَنهُ فَحَرَام وَإِن لم يمْنَع فَإِن كَانَ إِلَى الْحَرَام أقرب فتحريم، وَإِن كَانَ إِلَى الْحل أقرب فتنزيه وَمن عَادَة مُحَمَّد فِي كل مَوضِع وجد نصا بِقطع القَوْل بِالْحرِّ وَالْحُرْمَة وَفِي كل مَوضِع لم يجد فِيهِ نصا فَفِي مَوضِع الْحُرْمَة يَقُول: يكره، أَو لم يُؤْكَل، وَمَوْضِع الْحل مرّة يَقُول: أكل، وَمرَّة يَقُول: لَا بَأْس بِأَكْلِهِ، فَكل كَرَاهَة تَحْرِيم هَكَذَا رُوِيَ عَن مُحَمَّد رحمه الله [وَرُبمَا يجمع بَين الْحَرَام وَالْمَكْرُوه فَيَقُول: حرَام مَكْرُوه، إشعارا مِنْهُ إِلَى أَن حرمته تثبت بِدَلِيل ظَاهر لَا بِدَلِيل قَاطع]

الْكَلَالَة: لأهل اللُّغَة فِيهَا قَولَانِ من حَيْثُ الِاشْتِقَاق، أَحدهمَا من قَوْلهم: تكلل النّسَب بِهِ: إِذا أحَاط بِهِ وَمِنْه يُقَال: كلل الْغَمَام السَّمَاء، إِذا أحَاط بهَا من كل جَانب وَمِنْه الإكليل فَإِنَّهُ يُحِيط بجوانب الرَّأْس، وَمِنْه (الْكل) فَالْمُرَاد بِهِ الْجمع والإحاطة

وَإِذا مَاتَ رجل وَلم يخلف ولدا وَلَا والدا لقد مَاتَ عَن ذهَاب طَرفَيْهِ، فَسُمي ذهَاب الطَّرفَيْنِ كَلَالَة، فَكَأَنَّهَا اسْم للمصيبة فِي تكلل النّسَب مَأْخُوذ مِنْهُ

وَالْآخر من قَوْلهم: حمل فلَان على فلَان ثمَّ كل عَنهُ أَي: بعد وَمِنْه (الكلة) : وَهُوَ اسْم لما تبَاعد عَن الْمَقْصُود قَالُوا فِي تَوْجِيه نصبها فِي الْقُرْآن: إِنَّه يتَوَقَّف على المُرَاد بهَا، فَإِنَّهُ إِمَّا اسْم للْمَيت أَو للْوَرَثَة أَو لِلْقَرَابَةِ، فعلى الأول حَال و (يُورث) خبر كَانَ أَو صفة، و (كَانَ) تَامَّة أَو نَاقِصَة وكلالة خبر وعَلى الثَّانِي: هُوَ على تَقْدِير مُضَاف أَي: ذَا كَلَالَة وَهُوَ أَيْضا حَال أَو خبر وعَلى الثَّالِث مفعول لأَجله

كللت: من الإعياء أكل كلالا وكلالة

وكل بَصرِي: كلولا وكلة، وَكَذَا السَّيْف

الْكسْب: الْجمع والتحصيل، وَيَتَعَدَّى إِلَى مفعولين فِي " الْجَوْهَرِي " كسبت أَهلِي خيرا، وكسبت الرجل مَالا فكسبه وَهَذَا مِمَّا جَاءَ على (فعلته فَفعل)

ص: 769

وفى " التَّيْسِير " الْكسْب: اجتلاب الْخطاب بِمَا هِيَ لَهُ من الْأَسْبَاب فِي " الكواشي ": هُوَ الْفِعْل بجر نفع، أَو رفع ضرّ، وَلِهَذَا لَا يُوصف بِهِ الله تَعَالَى

الْكُرْسِيّ: هُوَ مَا يجلس عَلَيْهِ وَلَا ينْفَصل عَن مقْعد الْقَاعِد

قيل: أَصله الْعلم، وَمِنْه قيل للصحيفة الَّتِي يكون فِيهَا علم كراسة وَقيل: الكراسة مَعْنَاهَا الْكتب المضموم بَعْضهَا إِلَى بعض، وَالْوَرق الَّذِي ألصق بعضه إِلَى بعض، اشتق من قَوْلهم:(رسم مكرس) إِذا ألصقت الرّيح التُّرَاب بِهِ

ثمَّ الْكُرْسِيّ الَّذِي قد بَين الله تَعَالَى بِأَنَّهُ وسع السَّمَوَات وَالْأَرْض هُوَ فلك البروج المماس محدبه لمقعر الْفلك الأطلس أَعنِي الْعَرْش كَانَت السَّمَوَات السَّبع وَمَا فِيهِنَّ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كحلقة فِي فلاة على مَا ورد عَن صَاحب الشَّرِيعَة الحقة صلى الله عليه وسلم، ومجموع ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَرْش أَيْضا كحلقة فِي فلاة، فَكيف يتَوَهَّم فِي قَوْله تَعَالَى:{وَكَانَ عَرْشه على المَاء} كَون مقعر الْعَرْش مماسا لمحدب كرة المَاء الَّذِي هُوَ دون ربع مَا دون فلك الْقَمَر، فَلَو كَانَ مماسا لمقعر الْعَرْش قبل خلق مَا بَين السَّمَوَات وَالْأَرْض لم يماس إِلَّا جُزْءا يَسِيرا من أَجْزَائِهِ، وَهُوَ كري لَيْسَ بعض أَجْزَائِهِ أولى بالفوقية من بعض، ومماسته بِجَمِيعِ أَجزَاء مقعرة مستبعدة جدا، بل لَو طلي مقعر الْعَرْش بِالْمَاءِ بريشة مثلا لما استوعبه، فَتعين أَن يكون المَاء محيطا بالمركز مباينا للعرش، ويتحقق حِينَئِذٍ كَون الْعَرْش فَوق المَاء من كل وَجه، وَيتَعَيَّن أَن يكون بَينهمَا فرَاغ قَابل لِأَن يشْغلهُ الجرم لَا يعد حَائِلا وَذَلِكَ فِي غَايَة الظُّهُور (وَفِي قَوْله تَعَالَى:{وَكَانَ عَرْشه على المَاء} تَنْبِيه على أَن عَرْشه لم يزل مُنْذُ أوجد مستعليا على المَاء) وَلَا يعلم عرش الله على الْحَقِيقَة إِلَّا بِالِاسْمِ

الكابر: هُوَ بِمَعْنى الْكَبِير كالصاغر بِمَعْنى الصَّغِير وَقَوْلهمْ: (توارثوه كَابِرًا عَن كَابر) أَي: كَبِيرا عَن كَبِير

فِي " الأساس ": هُوَ من كابرته وكبرته أَي: غلبته فِي الْكبر قيل: هُوَ جملَة وَقعت حَالا فنصب صدرها كَمَا فِي قَوْلهم: (بايعته يدا بيد، وكلمته فَاه إِلَى فِي)

وَقيل: مفعول ثَان أَي: (ورثوه من كَابر بعد كَابر،

كَقَوْلِه تَعَالَى: {طبقًا على طبق} أَي بعد طبق

وَهَذِه الْعبارَة كَمَا لَا تخْتَلف جمعا وإفرادا كَذَلِك لَا تخْتَلف تأنيثا وتثنية (وَالْكَبِير يرجع إِلَى الذَّات) وكبارا مخففا أكبر من الْكَبِير، ثقلا أكبر من المخفف، وَمثله طوال طوال، وَأما الْكبر فِي الْكُبْرَى تَنْزِيل الْكُبْرَى منزلَة كبرة (كركبة ركب) بتنزيل ألف (فعلى) منزلَة تَاء الْعلَّة) ، كَمَا جمع (قاصعاء) على (قواصع) تَنْزِيلا لَهَا منزلَة قاصعة

وأكبر الصَّبِي: تغوط وَالْمَرْأَة: حَاضَت وأكبره: رَآهُ كَبِيرا وَعظم عِنْده. وَكبر فِي الْقدر من بَاب (قرب) مصدره كبرا بِالْكَسْرِ

ص: 770

وَفِي السن من بَاب (لبس) ومصدره كبرا بِالضَّمِّ، [كَمَا أَن الصاغر بِمَعْنى الذَّلِيل من (صغر) بِالْكَسْرِ

ونقيض كَبِير من (صغر) بِالضَّمِّ]

وَالْكبر بِالضَّمِّ وَالْكَسْر لُغَتَانِ فِي لم الشَّيْء، أَو بِالضَّمِّ فِي النّسَب وَلَاء، وبالكسر: مُعظم الشَّيْء

وَالْكَبِير وَالصَّغِير من الْأَسْمَاء المتضايفة الَّتِي تقال عِنْد اخْتِيَار بَعْضهَا بِبَعْض كالقليل وَالْكثير، وَرُبمَا يتعاقب الْكَبِير وَالْكثير على شَيْء وَاحِد بنظرين مُخْتَلفين (كثير) قرئَ نَحْو قَوْله:{قل فيهمَا إِثْم كَبِير} ، أَو (كثير) قرئَ بهما، وأصل ذَلِك أَن يسْتَعْمل فِي الْأَعْيَان، ثمَّ استعير للمعاني نَحْو:{لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أحصاها}

الكسفة، بِالْكَسْرِ: الْقطعَة من الشَّيْء

والكسوف: جمع (كسف) جمع (كسفة) وَهُوَ للشمس وَالْقَمَر جَمِيعًا كَذَا فِي " الْمغرب " وَقد عَابَ أهل الْأَدَب مُحَمَّد بن الْحسن فِي لفظ كسوف الْقَمَر وَقَالُوا: إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الْقَمَر لفظ الخسوف قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِذا برق الْبَصَر وَخسف الْقَمَر} وَفِي " الْقَامُوس ": وَالْقَمَر كسف، أَو كسف للشمس، وَخسف للقمر أَو الخسوف إِذا ذهب بَعْضهَا، والكسوف كلهَا، وَالْأَحْسَن فِي الْقَمَر خسف، وَفِي الشَّمْس كسفت

[قَالَ ابْن همام رحمه الله يُقَال: كسف الله الشَّمْس يتَعَدَّى، وكسفت الشَّمْس لَا يتَعَدَّى] والخسوف قد يكون بِمَعْنى غيبَة الشَّيْء وذهابه بِنَفسِهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْض}

والكسوف والخسوف كل من أثر الْإِرَادَة الْقَدِيمَة وَفعل الْفَاعِل الْمُخْتَار، وَمَا قَالَه الفلاسفة من أَنه أَمر عادي لَا يتَقَدَّم وَلَا يتَأَخَّر، سَببه حيلولة الْقَمَر أَو الأَرْض فمخالف لظَاهِر الشَّرْع

[قَالَ الإِمَام الكردري] فِي " الْبَزَّازِيَّة ": وَلَا يبعد اجْتِمَاع الْكُسُوف والعيد لِأَن سيره بِتَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم (لَا يُقَال: لَا يَقع ذَلِك إِلَّا فِي آخر الشَّهْر، لأَنا نقُول: هُوَ مَمْنُوع نقلا، فقد خرج فِي الصَّحِيح أَنه انكسف يَوْم مَاتَ ابْن رَسُول الله وَهُوَ إِبْرَاهِيم

قَالَ الْوَاقِدِيّ وَالزُّبَيْر بن بكار: كَانَ مَوته فِي الْعَاشِر من شهر ربيع الآخر إِلَى آخر مَا قَالَ)

الكيد: هُوَ أقوى من الْمَكْر، وَالشَّاهِد أَنه يتَعَدَّى بِنَفسِهِ وَالْمَكْر بِحرف وَالَّذِي يتَعَدَّى بِنَفسِهِ أقوى

[وَقَوله تَعَالَى: {فيكيدوا لَك كيدا} فلتضمنه معنى فعل يتَعَدَّى بِهِ تَأْكِيدًا وَهُوَ (يحتال) أَي فيحتال لإهلاكك حِيلَة]

ومكر الله: إمهال العَبْد وتمكينه من أَعْرَاض الدُّنْيَا، وَلذَلِك قَالَ عَليّ رضي الله عنه:" من وسع دُنْيَاهُ وَلم يعلم أَنه مكر بِهِ فَهُوَ مخدوع عَن عقله "

الْكَوْن: الْحَدث كالكينونة

والكائنة: الْحَادِثَة وَكَونه: أحدثه، و [كَون] الله الْأَشْيَاء: أوجدها

ص: 771

والكونان: [الوجودان] الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

[وَاسم الْكَوْن مُخْتَصّ بِمَا أوجب اخْتِصَاص الْجَوْهَر بمَكَان أَو تَقْدِير مَكَان، كَمَا أَن اسْم الكائنة مُخْتَصّ بِنَفس اخْتِصَاص الْجَوْهَر بالحيز وَهُوَ الْمَكَان أَو تَقْدِير الْمَكَان، وَهُوَ جَار على وفْق الْوَضع اللّغَوِيّ وَمِنْه قَول الْعَرَب: كَانَ زيد فِي الدَّار، وَهُوَ كَائِن فِيهَا وَالْمرَاد بِهِ اخْتِصَاصه بهَا وحصوله فِيهَا]

الْكُرْبَة: هِيَ أَشد من الْحزن وَالْغَم وَيُقَال: هُوَ الْحزن الَّذِي يذيب الْقلب أَي: يحيره ويخرجه عَن أَعمال الْأَعْضَاء، وَرُبمَا أهلك النَّفس

الْكَرِيم: هُوَ قد يُطلق على الْجواد الْكثير النَّفْع بِحَيْثُ لَا يطْلب مِنْهُ شَيْء إِلَّا أعطَاهُ كالقرآن وَقد يُطلق من كل شَيْء على أحْسنه كَمَا قيل: الْكَرِيم صفة مَا يُرْضِي ويحمد فِي بَابه، يُقَال: رزق كريم أَي: كثير

وَقَول كريم أَي: سهل لين

وَوجه كريم: أَي مرضِي فِي حسنه وجماله

وَكتاب كريم: أَي مرضِي فِي مَعَانِيه وجزالة أَلْفَاظه وفوائده

ونبات كريم: أَي مرضِي فِيمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْمَنَافِع

والكريم من كل قوم: مَا يجمع فضائله

والكريمان: الْحَج وَالْجهَاد

وَأَبَوَاهُ كريمان أَي: مُؤْمِنَانِ

وكريمتك: أَنْفك وكل جارحة شريفة كالأذن وَالْيَد

والكريمتان: العينان

وَأكْرم فلَان: أَي أَتَى بأولاد كرام

الْكَمَال: هُوَ مَا يكون عَدمه نُقْصَانا يسْتَعْمل فِي الذَّات وَالصِّفَات وَالْأَفْعَال وَهُوَ الْأَمر اللَّائِق للشَّيْء الْحَاصِل لَهُ بِالْفِعْلِ سَوَاء كَانَ مَسْبُوقا بِالْقُوَّةِ أم لَا [كَمَا فِي حركات الْحَيَوَانَات، أَو غير مَسْبُوق كَمَا فِي الكمالات الدائمة الْحُصُول والحركات الأزلية على رَأْي الْحُكَمَاء

والكمال] يَنْقَسِم إِلَى منوع وَهُوَ مَا يحصل النَّوْع ويقومه كالإنسانية وَهُوَ أول شَيْء يحل فِي الْمَادَّة

وَغير منوع وَهُوَ مَا يعرض للنوع بعد الْكَمَال الأول كالضحك وَيُسمى كمالا ثَانِيًا وَهُوَ أَيْضا قِسْمَانِ: أَحدهمَا: صِفَات مُخْتَصَّة قَائِمَة بِهِ غير صادرة عَنهُ كَالْعلمِ للْإنْسَان مثلا

وَالثَّانِي آثَار صادرة عَنهُ كالكتابة مثلا

[وَاعْلَم أَن الْإِنْسَان على ثَلَاثَة أَصْنَاف: نَاقص، وَهُوَ أدنى الدَّرَجَات، وهم الْعَوام وكامل، وَهُوَ قِسْمَانِ: كَامِل غير مكتمل، وهم الْأَوْلِيَاء وَلَو وجد التَّكْمِيل للْبَعْض فَإِنَّمَا يكون ذَلِك بالنيابة لَا على الِاسْتِقْلَال وكامل فِي ذَاته مكتمل لغيره وهم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام

ثمَّ الْكَمَال والتكميل إِمَّا أَن يَكُونَا فِي الْقُوَّة النظرية أَو فِي الْقُوَّة العملية، وَأفضل الكمالات النظرية معرفَة الله تَعَالَى وأشرف الكمالات العملية طَاعَة الله تَعَالَى وكل من كَانَت درجاته فِي هَاتين المرتبتين أَعلَى كَانَت دَرَجَات ولَايَته أكمل، وكل

ص: 772

من كَانَت درجاتة وتكميله بِالْغَيْر فِي هَاتين المرتبتين أَعلَى وأكمل كَانَت دَرَجَات نبوته أكمل

الكفت فِي اللُّغَة: الضَّم وَالْجمع، وَمِنْه قَوْله: تَعَالَى: {ألم نجْعَل الأَرْض كفاتا} أَي: ألم نصيرها كافتة تضم الْأَحْيَاء إِلَى ظهرهَا والأموات إِلَى بَطنهَا

والكفات إِذن: اسْم لما يكفت كالضمام وَالْجِمَاع لما يضم وَيجمع أَو مصدر كالكتاب والحساب

أَو جمع (كافت) كصيام جمع صَائِم، أَو جمع اسْم غير مُشْتَقّ، وَهُوَ كفت بِمَعْنى الْوِعَاء، فالكفات بِمَعْنى الأوعية

الكدح: الْعَمَل وَالسَّعْي والكد وَالْكَسْب، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك} أَي: ساع إِلَى لِقَاء جَزَائِهِ. وَيُقَال: هُوَ يكدح ويكتدح أَي: يكْتَسب

الكفاء: هُوَ مصدر كافاه أَي: قابله وَصَارَ نظيرا لَهُ

وَقَوْلهمْ: الْحَمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، بِهَمْزَة فِي يُكَافِئ أَي: يلاقي نعمه ويساوي مزِيد نعمه، وَهُوَ أجل التحاميد، [وَقد يسْتَعْمل بِمَعْنى الْكَافِي وَهُوَ الَّذِي يُسَاوِي الشَّيْء حَتَّى يكون مثلا لَهُ]

الكرع: هُوَ أَن يَخُوض فِي المَاء ويتناوله بِفِيهِ من مَوْضِعه وَلَا يكون الكرع إِلَّا بعد الْخَوْض فِي المَاء لِأَنَّهُ من الكراع وَهُوَ من الْإِنْسَان مَا دون الرّكْبَة، وَمن الدَّوَابّ مَا دون الكعب

الكبوة: السُّقُوط على الْوَجْه، أَو ميل الدَّوَابّ والسقوط على وَجههَا وَمِنْه:(الْجواد قد يكبو)

الكري: هُوَ مُخْتَصّ بالنهر بِخِلَاف الْحفر على مَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ وَكَلَام المطرزي يدل على الترادف

الكور: الْوُصُول إِلَى الزِّيَادَة

والحور: هُوَ الرُّجُوع إِلَى النُّقْصَان وَقيل: نَعُوذ بِاللَّه من الْحور بعد الكور، أَي من التَّرَدُّد فِي الْأَمر بعد الْمُضِيّ فِيهِ، أَو من نُقْصَان وَتردد فِي الْحَال بعد الزِّيَادَة فِيهَا

والكور، بِالضَّمِّ: كور الحدادين الْمَبْنِيّ من طين

والكير: زق الْحداد

الكاهن: هُوَ من يخبر بالأحوال الْمَاضِيَة

والعراف: من يخبر بالأحوال الْمُسْتَقْبلَة:

الكياسة: هِيَ تَمْكِين النُّفُوس من استنباط مَا هُوَ أَنْفَع

الْكِرَاء: هُوَ أُجْرَة الْإِبِل وَنَحْوهَا، وَإِن كَانَ فِي الأَصْل مصدر كارى

الكآبة: هِيَ سوء الْحَال والانكسار من الْحزن

والكمد: هُوَ الْحزن المكتوم

والضجر: القلق وَالِاضْطِرَاب من الْغم

كفى: هِيَ قَاصِرَة بِمَعْنى حسب، وَالْغَالِب على فاعلها أَن يقْتَرن بِالْبَاء لتأكيد الِاتِّصَال الإسنادي بالاتصال الإضافي نَحْو:{كفى بِاللَّه نَصِيرًا}

ص: 773

أَو متعدية لاثْنَيْنِ بِمَعْنى (وقى) نَحْو: {فَسَيَكْفِيكَهُم الله} ، {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال} وَهَاتَانِ لَا تدخل الْبَاء على فاعلهما

ولواحد بِمَعْنى قنع كَقَوْلِه تَعَالَى: {ألن يكفيكم أَن يمدكم ربكُم بِثَلَاثَة آلَاف} قَول الشَّاعِر:

(قَلِيل مِنْك يَكْفِينِي وَلَكِن

قَلِيل لَا يُقَال لَهُ قَلِيل)

وكيفته شَرّ عدوه: منعته عَنهُ

كَمَا تدين تدان: الْكَاف فِي مَحل النصب نعتا للمصدر أَي: تدان دينا مثل دينك

كثيرا مَا: هُوَ مَنْصُوب على أَنه مفعول مُطلق على اخْتِلَاف الرِّوَايَتَيْنِ، و (مَا) مزيدة للْمُبَالَغَة فِي الْكَثْرَة، أَو عوض عَن الْمَحْذُوف، وَفَائِدَته التَّأْكِيد وَالْعَامِل فِيهِ الْفِعْل الَّذِي يذكر بعده

كثيرين: جمع كثير يُقَال على مَا يُقَابل الْقَلِيل، وعَلى مَا يُقَابل الْوَاحِد، وَيصِح إِرَادَة كل وَاحِد مِنْهُمَا بل إرادتهما مَعًا وَهُوَ الْجمع الْمُذكر السَّالِم الَّذِي يخْتَص بالعقلاء

وَالْأَكْثَر: عبارَة عَمَّا فَوق النّصْف، وَالْحكم بالأكثرية أَو الْجَمِيع لَا يتَوَقَّف على الْإِحَاطَة التفصيلية بل يَكْفِيهِ الْإِحَاطَة الإجمالية وأصل الْكَثْرَة هُوَ الْجمع الصَّحِيح إِذْ لَا غَايَة للكثير [وَمَا هُوَ الْمُجْتَمع من الْآحَاد مَأْخُوذَة من حَيْثُ أَنه آحَاد هُوَ الْكَثْرَة، وَأما الْكثير فَهُوَ الْمُجْتَمع من الوحدات، وَفِي " شرح المواقف " الْكَثْرَة المجتمعة من الْأُمُور الْمُخْتَلفَة الْحَقَائِق دَاخِلَة فِي الْوحدَة وخارجة عَن حد الْكَثْرَة]

كَمَا ترى: الْكَاف بِمَعْنى على كَمَا فِي (كن كَمَا أَنْت

كَائِنا من كَانَ: هِيَ كلمة تَعْمِيم، وَهُوَ حَال، وَالْحَال قد يكون فِيهَا معنى الشَّرْط كالعكس

فَالْأول كَقَوْلِك: (لأقتلنه كَائِنا من كَانَ) على معنى إِن كَانَ هَذَا وَإِن كَانَ ذَاك

كَمَا مر: (مَا) كَافَّة أَو مَوْصُولَة صلتها مَا بعْدهَا، وَالْكَاف فِيهَا إِمَّا بِمَعْنى الْمثل وَهُوَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، أَو بِمَعْنى على، أَو بِمَعْنى اللَّام الجارة

كَمَا قيل: الْكَاف فِيهِ للتشبيه، و (مَا) قيل: كَافَّة لَهَا من الدُّخُول فِي الْمُفْرد، وَقيل: مَصْدَرِيَّة عِنْد أَكثر النُّحَاة

كَمَا ذكر فلَان: الْكَاف فِي مَوضِع النصب على الْمصدر أَي: أذكر لَك ذكرا مثل ذكر فلَان

كَمَا قُلْنَا: هُوَ إِشَارَة إِلَى مَا سبق من الْكَلَام بِغَيْر عِلّة وَلما قُلْنَا: إِشَارَة إِلَى كَلَام يذكر سَابِقًا بعلة وَهَكَذَا (كَمَا مر) و (لما مر)

كَمَا سَيَجِيءُ: الْكَاف فِي مثله لَيْسَ للتشبيه، بل صَرَّحُوا أَنه بِمَعْنى على، وَذكر بعض النُّحَاة أَن مثل هَذِه الْكَاف للتَّعْلِيل كَقَوْلِه تَعَالَى:{واذكروه كَمَا هدَاكُمْ}

كَذَلِك: الْكَاف فِيهِ مقحم للْمُبَالَغَة، وَهَذَا الإقحام

ص: 774

مطرد فِي عرف الْعَرَب والعجم

كنحو: فِي الْجمع بَين أداتي التَّمْثِيل إِشَارَة إِلَى كَثْرَة الْأَمْثِلَة، بل لتَعَدد أَنْوَاع الْمِثَال، وَمن هَذَا الْقَبِيل قَوْله:(كَالدَّارِ مثلا) وَفِي مثل قَوْله: (كالخل وَنَحْوه) الْكَاف للتمثيل والنحو للتشبيه فَالْمَعْنى مِثَاله الْخلّ وَمَا يُشبههُ

وَيُقَال: (سمع الْكَلَام كَمَا يجب سَمعه) فالكاف فِيهِ بِمَعْنى الْمثل، و (مَا) بِمَعْنى شَيْء، وَهُوَ فِي مَحل النصب على أَنه مفعول مُطلق، وَالتَّقْدِير: سمع الْكَلَام سمعا مثل سمع شَيْء يجب سَمعه

كَافَّة: اسْم للجملة من الْكَفّ، كَأَنَّهُمْ كفوا باجتماعهم عَن أَن يخرج مِنْهُم أحد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} فَإِن الرسَالَة إِذا عَمت النَّاس فقد كفتهم أَن يخرج مِنْهَا أحد مِنْهُم، وَلَا يتَصَرَّف فِيهَا بِغَيْر النصب على الحالية من الْعُقَلَاء دَائِما، وَلَا تدْخلهَا الْألف وَاللَّام لِأَنَّهَا فِي مَذْهَب قَوْلك: قَامُوا جَمِيعًا، وَقَامُوا مَعًا، وَإِنَّهَا لَا تثني وَلَا تجمع وَكَذَا (قاطبة وطرا) ، وتاؤها بعد النَّقْل لم تبْق للتأنيث

قَالَ ابْن حجر: إِن من التورية فِي الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} فَإِن كَافَّة بِمَعْنى مَانِعَة أَي: تكفهم عَن الْكفْر وَالْمَعْصِيَة، وَالْهَاء للْمُبَالَغَة وَهَذَا معنى بعيد وَالْمعْنَى الْقَرِيب الْمُتَبَادر (جَامِعَة) بِمَعْنى جَمِيعًا، لَكِن منع من الْحمل على ذَلِك، لِأَن التَّأْكِيد يتراخى عَن الْمُؤَكّد، فَكَمَا لَا تَقول: رَأَيْت جَمِيع النَّاس، لَا تَقول أَيْضا: رَأَيْت كَافَّة النَّاس

كَيْت وَكَيْت: حِكَايَة عَن الْأَحْوَال وَالْأَفْعَال كَمَا أَن ذيت وذيت حِكَايَة عَن الْأَقْوَال [نوع]

{كسفا} : قطعا، [وبالتسكين يجوز أَن يكون وَاحِدًا

{كَالِحُونَ} : عابسون فَإِنَّهُم من شدَّة الاحتراق تتقلص شفاههم عَن الْأَسْنَان

{من كل كرب} : غم

{تمت كلمة رَبك} : بلغت الْغَايَة أخباره وَأَحْكَامه ومواعيده

{وَهُوَ كظيم} : مَمْلُوء قلبه من الكرب

{كراما} : أعزاء على الله

{الكنس} : السيارات الَّتِي تَحت ضوء الشَّمْس

{كثيبا} : رملا مجتمعا

{كفلها زَكَرِيَّا} : ضمهَا إِلَيْهِ وحضنها

{كل على مَوْلَاهُ} : عِيَال وَثقل على وليه وقرابته

{فكبكبوا} أَي: ألقوا على رؤوسهم فِي

ص: 775

جَهَنَّم

{تولى كبره} : معظمه

{كبتوا} : أخذُوا وأهلكوا

{رددنا لكم الكرة} : الدولة وَالْغَلَبَة

{كَبرت كلمة} : عظمت مقالتهم

{فَلَا كفران لسعيه} : فَلَا تَضْييع لسعيه

{إِنَّهَا كلمة هُوَ قَائِلهَا} : وَحده وَلَا يُجَاب إِلَيْهَا وَلَا يسمع مِنْهُ

{الْكَلم الطّيب} : ذكر الله، وَالْعَمَل الصَّالح أَدَاء الْفَرْض

{لكنود} : كنُود للنعم وَهُوَ الَّذِي يَأْكُل وَحده، وَيمْنَع رفده، وبلغة كنَانَة كفور للنعم

{كاظيمن} : حابسين أَو مكروبين

{كافورا} : ذكر الجواليقي وَغَيره أَنه فَارسي [لبرده وعذوبته وَطيب عرفه]

{كفر عَنَّا} : قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: امح عَنَّا بالنبطية

{كِفْلَيْنِ} : عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: ضعفين بالحبشية

{كورت} لفت إِذا أظلمت عَن سعيد بن جُبَير: غورت وَقَالَ الْكَلْبِيّ: لَا أعلمها إِلَّا بِلِسَان يهود يثرب

{الْكَوْثَر} : الْخَيْر المفرط الْكثير من الْعلم وَالْعَمَل وَشرف الدَّاريْنِ [أَو النَّهر الْمَعْرُوف فِي الْجنَّة]

{ملكا كَبِيرا} : وَاسِعًا

{كواعب} : نسَاء فلكت ثديهن

{فِي كبد} : فِي تَعب ومشقة، أَو فِي اعْتِدَال واستقامة

{السَّمَاء كشطت} : قلعت أَو أزيلت

[ {كأسا} أَي خمرًا و] لَا يُقَال كأس إِلَّا إِذا كَانَ فِيهَا شراب وَإِلَّا فَهِيَ زجاجة وإناء وقدح، وَتسَمى الْخمر نَفسهَا كأسا، وَلَا يُقَال كوز إِلَّا إِذا كَانَ لَهُ عُرْوَة، وَإِلَّا فَهُوَ كوب وَلَا يُقَال كمي إِلَّا إِذا كَانَ شاكي السِّلَاح، وَإِلَّا فَهُوَ بَطل

{إِلَّا كفورا} : إِلَّا جحُودًا

{قولا كَرِيمًا} : جميلا.

{إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك} : ساع إِلَى لِقَاء جَزَائِهِ

ص: 776