المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الإيمان - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بَابُ بَيَان الإِيمَان وَالإِسْلامِ وَالإِحْسَان، وَوُجُوبِ الإِيمَان بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالى، وَبَيَان الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ التَّبَرِّي مِمَّنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ، وَإِغْلاظِ الْقَوْلِ فِي حَقِّهِ

- ‌(فصل) في بيان دقائق هذا السند ولطائفه

- ‌ترجمة عمر بن الخطاب وولده عبد الله رضي الله عنهما

- ‌2 - بَابُ عَدَمِ وُجُوبِ مَا عَدَا الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ وَمَا عَدَا صِيَامَ رَمَضَانَ، وَمَا عَدَا الزَّكَوَاتِ المَفْرُوضَةَ

- ‌3 - بَابُ عَرْضِ الرَّجُلِ مَا عِنْدَهُ عَلَى المُحَدِّثِ؛ ليسْتَثْبِتَ فِيهِ، وَاكْتِفَاءِ الحَاضِرِينَ بِسُؤالِ البَادِي الوَافِدِ الإِمَامَ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ إِذَا هَابُوهُ

- ‌4 - بَابُ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى فِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ، وانْتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌5 - بَابُ مَنْ حَرَّمَ الحَرَامَ، وَأَحَلَّ الحَلَالَ، وَفَعَلَ مَا تَمَكَّنَ مِنَ الوَاجِبَاتِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌6 - بَابُ بَيَانِ مَبَانِي الإِسْلَامِ

- ‌7 - بَابُ وُفُودِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمْرِهِمْ بِمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِ، وَنَهْيِهِمْ عَنْ مُنْكَرَاتِهِ، وَأَمْرِهِمْ بِحِفْظِهَا وَتَبْلِيغِهَا إِلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَجَوازِ مَدْحِ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ

- ‌ فائدة في المختلِطين

- ‌8 - بَابُ بَيَانِ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ، وَأَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الإِسْلامِ عَلَى التَّدْرِيجِ، وَأَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ

- ‌(فصل في جمع ما يستفاد من هذا الحديث)

- ‌9 - بَابُ الأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالى، وَيُقِرُّوا بِرِسَالةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيَلْتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. . فَقَدْ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالهُ إِلَّا بِحَقِّهِمَا

- ‌10 - بَابُ صِحَّةِ إيمَانِ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ مِنَ الْكُفَّارِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَالنَّهْي عَنِ الاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَكَوْنِ الْهِدَايَةِ بِيَدِ اللهِ تَعَالى لَا بِيَدِ أَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَلَو نَبِيًّا مُرْسَلًا أَوْ مَلَكًا مُقَرَّبًا

- ‌11 - بَابُ مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى عَالِمًا بِهِ غَيرَ شَاكٍّ فِيهِ .. دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوَّلًا: إِنْ كَانَ بَرِيئًا مِنَ الكَبَائِرِ، أَوْ عَمِلَهَا وَتَابَ عَنْهَا، أَوْ أَدْرَكَهُ الْعَفْوُ، أَوْ بَعْدَ عُقُوبَتِهِ عَلَيهَا إِنْ لَمْ يَتُبْ عَنْهَا وَلَمْ يُدْرِكْهُ الْعَفْوُ مِنَ اللهِ تَعَالى وَحَرَّمَهُ اللهُ تَعَالى عَلَى النَّارِ

- ‌12 - بَابُ بَيَان حَقِّ اللهِ سبحانه وتعالى عَلَى الْعِبَادِ، وَحَقِّهِمْ عَلَى اللهِ تَعَالى، وَتَبْشير مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى بالتَّوحِيدِ بِالْجَنَّةِ، وَتَرْكِهِ خَوْفًا مِنِ اتِّكالِهِمْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّوحِيدِ

- ‌13 - بَابُ الدَّليلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتينِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ اسْتيقَان الْقَلْبِ

- ‌14 - بَابُ الْحُكْمِ عَلَى الظَّاهِرِ فِي إِسْلَامِ الشَّخْصِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَمَالِ إيمَانِهِ، وَصِحَّةِ إِسْلَامِهِ

- ‌15 - بَابُ بَيَانِ صِفَةِ مَنْ ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَان وَحَلاوَتَهُ

- ‌16 - بَابُ بَيَان عَدَدِ شُعَبِ الإِيمَان، وَأَفْضَلِهَا، وَأَدْنَاهَا، وَأنَّ الحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنْهَا وبيان فضيلته

- ‌17 - بَابُ فِي مَدْحِ الْحَيَاءِ، وَامْتِنَاعِ مُقَاوَمَةِ النَّصِّ بِكَلامِ الحُكَمَاءِ

- ‌18 - بَابُ الأَمْرِ بِالإِيمَانِ ثُمَّ بِالاسْتِقَامَةِ

- ‌19 - بَابٌ أَيُّ خِصَالِ الإِسْلامِ خَيرٌ؟ وَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ

- ‌20 - بَابُ بَيَان الخِصَالِ الَّتِي يَجِدُ بِهِنَّ المَرْءُ حَلاوَةَ الإِيمَانِ

- ‌21 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ لَمْ يُحِبَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَحَبَّةً أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ لأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

- ‌22 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ إِيمَانَ الْعَبْدِ لَا يَكْمُلُ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ، أَوْ جَارِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيرِ

- ‌23 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ يَخَافُ جَارُهُ ضَرَرَهُ

- ‌24 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ إِلَّا عَنِ الْخَيرِ، وَإِكْرَامَ الْجَارِ وَالضَّيفِ .. مِنَ الإِيمَانِ

- ‌25 - بَابُ وُجُوب إِزالةِ الْمُنْكَرِ بِالْقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ وَأنَّ إِزَالتَهُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بَابُ مُجَاهَدَةِ خُلُوفِ السَّوءِ، وَكَوْنِ مُجَاهَدَتِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بَابُ نِسْبَةِ الإِيمانِ وَالْحِكْمَةِ إِلَى الْيَمَنِ وَجَعْلِ الْقَسْوَةِ وَغِلَظِ الْقُلُوبِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ

- ‌28 - بَابُ كَوْنِ التَّحابِّ فِي اللَّهِ تَعَالى مِنَ الإيمَانِ، وَبَيَانِ سَبَبِهِ

- ‌29 - بَابُ النُّصحِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌30 - بَابُ مُبَايَعَةِ الإِمَامِ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَونهَا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - بَابُ بَيَانِ نُقْصَانِ الإِيمَان بِارْتْكَابِ الْمَعَاصِي، وَنَفْيِهِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا حَال تَلَبُّسِهِ بِهَا عَلَى مَعْنَي نَفْيِ كَمَالِهِ

- ‌32 - بَابُ بَيَانِ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الَّتِي هِيَ ضِدُّ عَلامَاتِ الإِيمَانِ

- ‌33 - بَابُ بَيَان حُكْمِ إِيمَانِ مَنْ قَال لأخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ

- ‌34 - بَابُ حُكْمِ إِيمَانِ مَنِ انْتَسَبَ لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ، وَإِيمَانِ مَنِ ادَّعَى لِنَفْسِهِ مَا لَيسَ لَهُ

- ‌35 - بَابُ حُكْمِ سِبَابِ الْمُسْلِمِ وَقِتَالِهِ

- ‌36 - بَابُ الأمْرِ بِلزومِ الإيمَانِ وَالتَّمَسُّكِ بِشَرَائِع الإِسْلامِ، والنَّهْيِ عَنِ الارْتدَادِ عَنِ الإِسْلامِ، وَالتَّشَبُّهِ بِالْكفَّارِ

- ‌34 (*) - بَابُ حُكْمِ إيمَانٍ مَنْ طَعَنَ في النَّسَبِ وَنَاحَ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌37 - بَابُ حُكْمِ إيمَانِ الْعَبْدِ الآبِقِ

- ‌38 - بَابُ حُكْمِ إيمانِ مَنْ قَال مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا

- ‌39 - بَابُ بَيَانِ أَنَّ عَلامَةَ الإِيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ، وَأَنَّ عَلامَةَ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنْصَارِ

- ‌40 - بَابٌ في بَيَانِ أَنَّ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ آيَةُ الإِيمَانِ، وَبُغْضَهُ آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌39 (*) - بَابُ مَا فِي النِّسَاءِ مِنْ نُقْصَانِ الإِيمَانِ وَالْعَقْلِ بِنَقْصِ الطَّاعَاتِ، وإِطْلاقِ لَفْظِ الْكفْرِ عَلَى غَيرِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالى، وَسُؤَالِ الْعَالِمِ عَمَّا أَشْكَلَ مِنْ فَتْوَاهُ

- ‌فصل في الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث

- ‌40 - بَابُ كَوْنِ الطَّاعَةِ لِأَمْرِ اللهِ وَالْخُضُوع لَهُ مِنَ الإِيمَانِ الَّذِي يُوجِبُ الْجَنَّةَ، وَكَوْنِ الْعِصْيَانِ لِأَمْرِهِ وَالتَّكَبُّرِ عَنِ السُّجُودِ لَهُ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي يُوجِبُ النَّارَ

- ‌41 - بَابُ إِيمَانِ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ جَحْدًا أَوْ تهَاوُنًا

الفصل: ‌ كتاب الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

(1)

‌ كِتَابُ الإِيمَانِ

ــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله العظيم سلطانه، العميم فضله وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صاحب السنة المطهرة والحكمة المنورة، الماحي بهداه ظلم الضلالة، الخاتم بعلاه شرف النبوة والرسالة صلى الله سبحانه وتعالى عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأنصار والمهاجرين وعلى أتباعهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فلما فرغت من شرح مقدمة هذا الجامع بما عندي من رشحات العلم تفرغت لشرح الكتاب بما عندي من قطرات العلم نقليًا وعقليًا فقلت وقولي هذا:

(كتاب الإيمان)

وجملة أبوابه خمسة وتسعون (95) إلَّا ما سنزيد عليها.

أي هذا كتاب معقود في ذكر الأحايث الواردة في بيان حقيقة الإيمان والإسلام والإحسان وبيان شعبه والحكمة في فصلهم بين أنواع المسائل بالتراجم - إما بالكتاب أو بالباب أو بالفصل مثلًا - التسهيل على الناظر في الكتاب وتنشيط الطالب وفي معناه الشارح والحافظ والمطالع والراوي والمروي عنه والمتبرك بقراءة الحديث اهـ سنوسي. أما التسهيل فلأن من أراد مسئلة قصدها في ترجمتها وأما التنشيط فلأن المتعلم إذا ختم ترجمة ربما اعتقد أنه كاف في ذلك النوع فينشط في قراءة غيره بخلاف ما إذا كان التصنيف كله جملة واحدة كهذا الجامع فإن مؤلفه اقتصر على ما التزمه في المقدمة من

ص: 7

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جمع أحاديث مرفوعة بلا زيادة شيء عليها ولكن شراحه وضعوا له التراجم كل بحسب ما ظهر له من معاني الأحاديث ولذلك اختلفت تراجمه وبقيت عنهم أحاديث كثيرة لا تدخل في تراجمهم فتحتاج إلى وضع ترجمة لها كما سنبينها في مواضعها إنَّ شاء الله تعالى.

(واعلم) أن للمصنفين فيما وقعت بدايتهم به اختيارات ولكل واحد منهم في ذلك اختيار وأنسب ما توجه به بداية مسلم بكتاب الإيمان أن يقال إنه رأى الإيمان شرطًا في التكليف والأصل تقديم الشرط على المشروط له وأما بداية البخاري بكتاب بدء الوحي فلأن الوحي أصل الإيمان ومأخذه فهو مأخذ كل التكاليف وأصله فلذلك اختار البداية به، وأما أصحاب السنن فاختاروا البداية بكتاب الطهارة لأن الطهارة شرط في الصلاة التي هي أصل أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقال بعضهم: بدءوا بالطهارة لأنها مفتاح الصلاة التي هي أهم العبادات ولذلك ورد "مفتاح الجنة الصلاة ومفتاح الصلاة الطهور" انتهى.

(ثم اعلم) أن (1) الأولى للقارئ أن يصرح بقراءة الترجمة فيقول كتاب الإيمان كتاب الطهارة كتاب الصلاة مثلًا، أما أولًا فلأنها جزء من ذلك التصنيف ويتأكد ذلك من مريد الرواية، وأما ثانيًا فلأنها تفتقر إلى البيان كغيرها.

(قلت)(2) هذا صحيح في التراجم التي وضعها مؤلف الكتاب كتراجم البخاري وأبي داود أما مثل تراجم كتاب مسلم هذا فقد لا يسلم فيها ما ذكره الأبي لأنها ليست من وضع مسلم حتى يصدق عليها أنها جزء من الكتاب ويطالب القارئ بقراءتها وإنما هي من وضع المشايخ ولهذا نجد الاختلاف فيها كثيرًا بحسب اختلاف اختياراتهم فلا ينهض فيها ذِكْرُه والله أعلم.

ثم قال الأبي: ولم أر من تعرض لبيان كل الترجمة وإنما نجدهم يتكلمون على الجزء الثاني فقط فيقولون: في كتاب الطهارة مثلًا، الطهارة لغة كذا واشتقاقها من كذا وهي في العرف كذا وكذا قال: وقد رأيت أن أتكلم على كلها تكميلًا للفائدة، فكتاب الإيمان مثلًا مركب إضافي والمركب الإضافي قيل إنَّ حده لقبًا يتوقف على معرفة جزئيه لأن العلم بالمركب بعد العلم بجزئيه وقيل لا يتوقف لأن التسمية سلبت كلًّا من جزئيه عن معناه الإفرادي وصيرت الجميع اسمًا لشيء آخر ورُجِّح الأول بأنه أتم فائدة وعليه اختلف

(1) الأبي.

(2)

السنوسي.

ص: 8

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقيل الأولى البداية ببيان المضاف لأنه الأسبق في الذكر وقيل بل بالمضاف إليه لأنه أسبق في المعنى إذ لا يعلم المضاف إليه من حيث هو مضاف حتى يعلم ما أضيف إليه وهو أحسن لأن المعاني أقدم من الألفاظ وعليه فالإيمان لغة التصديق بأي شيء كان لأنه مصدر آمن الرباعي يقال آمن بالله وبرسوله يؤمن إيمانًا إذا صدقهما، وشرعًا التصديق بأشياء مخصوصة ستعرفها إنَّ شاء الله تعالى.

وأما الكتاب فمن جملة التراجم التي يترجمون بها والتراجم بفتح الجيم جمع ترجمة والترجمة لغةً: تفسيرُ لغةٍ لمن لا يعرفها بلغة يعرفها، يقال: ترجم كلامه إذا فسره بلسان آخر ومنه الترجمان يجمع على تراجم كزعفران وزعافر بكسر الجيم وضمها لغة، واصطلاحًا إسم لألفاظ مخصوصة دالة على معان مخصوصة لها مبتدأ ومختتم وجملة التراجم التي يترجمون بها تسعة، الأول منها الكتاب هو لغة مصدر لكتب من باب نصر يقال كتب يكتب كتبًا وكتابًا وكتابة فلكتب ثلاثة مصادر الأول مجرد من الزيادة، والثاني مزيد بحرف، والثالث مزيد بحرفين وقالوا إنَّ الكتاب مشتق من الكتب واعترضهم أبو حيان بأن المصدر لا يشتق من المصدر وأجيب بأن المصدر المزيد يشتق من المجرد ومحل قولهم المصدر لا يشتق من المصدر إذا كانا مجردين أو مزيدين فلا ينافي أن المزيد يشتق من المجرد أي فالكتاب لغة مصدر بمعنى الضم والجمع يقال تكتبت بنو فلان إذا اجتمعت وانضم بعضهم إلى بعض ويقال كتب إذا خط بالقلم لما فيه من اجتماع الكلمات والحروف وانضمام بعضها إلى بعض وعطف الجمع على الضم من عطف الأعم على الأخص لأن الضم جمع مع تلاصق ولا يشترط في الجمع التلاصق فبينهما العموم والخصوص المطلق فكل ضم جمع ولا عكس، وقيل من عطف المرادف بناء على أنه لا يشترط في كل منهما التلاصق فبينهما الترادف، واصطلاحًا اسم لألفاظ مخصوصة دالة على جنس من الأحكام مشتملة على أبواب وفصول وفروع ومسائل غالبًا وقد لا يشتمل على ذلك.

والثاني الباب وهو لغة فرجة في ساتر يتوصل بها من داخل إلى خارج ومن خارج إلى داخل واصطلاحًا اسم لألفاظ مخصوصة دالة على نوع من الأحكام مما دخل تحت الكتاب مشتملة على فصول وفروع ومسائل غالبًا، والثالث الفصل وهو لغة الحاجز بين الشيئين، واصطلاحًا اسم لألفاظ مخصوصة دالة على معان مخصوصة مما دخل تحت الباب مشتملة على فروع ومسائل، والرابع الفرع وهو لغة ما انبنى على غيره ويقابله

ص: 9

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصل، واصطلاحًا اسم لألفاظ مخصوصة دالة على معان مخصوصة مشتملة على مسائل مما دخل تحت الفصل، والخامس المسألة وهي لغة السؤال واصطلاحًا مطلوب خبري يبرهن عليه، أي يقام عليه البرهان في العلم كما في قولنا الوتر مندوب فثبوت الندب للوتر مطلوب خبري يقام عليه البرهان في العلم، والسادس التنبيه وهو لغة الإيقاظ واصطلاحًا اسم لكلام مفصل لاحق معلوم من كلام مجمل سابق أي اسم للفظ عُبر به عن البحث اللاحق المعلوم من البحث السابق إجمالًا، والسابع المقدمة وهي لغة ما تقدم أمام الشيء كمقدمة الجيش، واصطلاحًا اسم لألفاظ مخصوصة دالة على معان مخصوصة قُدمت أمام المقصود سواء كانت مقدمة كتاب كمقدمة هذا الجامع، أو مقدمة علم كمقدمة المبادئ العشرة، والثامن منها الخاتمة وهي لغة آخر الشيء واصطلاحًا اسم لألفاظ مخصوصة دالة على معانٍ مخصوصة جُعلت آخر كتاب أو باب، والتاسع منها التتمة وهي لغة كل ما يتم به الغير واصطلاحًا اسم لألفاظ مخصوصة دالة على معان مخصوصة جُعلت متممة لما قبلها من الكتاب أو الباب أو الفصل وهو قريب من معنى الخاتمة، والعاشر: الفائدة: وهي لغةً: كل ما استفيد من علم أر مال أو جاه، واصطلاحًا: اسم لجملة من العلم مشتملة على مسألة أو مسائل، فالكتاب كالجنس الحقيقي مثل الحيوان والباب مثل النوع كالإنسان والفرس، والفصل كالصنف مثل العرب والعجم، والمسائل مثل الأفراد كزيد وعمرو انتهى من حاشية البيجوري على شرح الغزي بتصرف وزيادة.

وبالجملة فالكتاب أعم من الباب وهو أعم من الفصل وهو أعم من الفرع وهو أعم من المسألة اهـ منه أيضًا.

وأما هذه الترجمة من جهة الإعراب فكتاب إما خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا الآتي كتاب الإيمان، أو مبتدأ خبره محذوف تقديره كتاب الإيمان هذا محله، والأول هو المشهور أو مفعول لفعل محذوف تقديره خذ كتاب الإيمان أو إقرأه، وأما كونه مجرورًا بحرف جر محذوف تقديره انظر في كتاب الإيمان فهو شاذ لأنه يلزم عليه حذف حرف الجر وإبقاء عمله أو مفعول لاسم فعل محذوف تقديره هاك كتاب الإيمان، وقد بسطنا الكلام في الأوجه الجارية في إعراب التراجم في شرحنا مناهل الرجال على لامية الأفعال فراجعه إنَّ شئت فقد ذكرنا فيه سبعة أوجه من إعراب التراجم فكتاب الإيمان هنا اسم لألفاظ مذكورة في هذا الجامع من هنا إلى كتاب الطهارة فمن كتاب الإيمان.

ص: 10