الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - بَابُ مُبَايَعَةِ الإِمَامِ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَونهَا مِنَ الإِيمَانِ
108 -
(55) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيسٍ،
ــ
30 -
بَابُ مُبَايَعَةِ الإِمَامِ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَونهَا مِنَ الإِيمَانِ
أي باب معقودٌ في بيان مشروعية مبايعة الإمام على هذه الأمور وغيرها كإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وكون تلك المبايعة من شعب الإيمان، لأن المبايعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكون إلا على أمور الدين والإيمان، فكانت من شعب الإيمان، ولم يترجم لهذا الحديث أحد من الشراح ولا أصحاب المتون إلا الأبي فقال فيه:(باب حديث جرير) والمبايعة مفاعلة من البيع، وكانوا إذا بايعوا الإمام قبضوا على يديه توكيدًا للأمر فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، فجاءت المفاعلة في بايعت من ذلك، فالمبايعة وكذا البيعة لغةً: المعاهدة، واصطلاحًا معاهدة الإمام على تسليم النظر في كل الأمور إليه على وجه لا ينازع اهـ الأبي.
(108)
- (55)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكوفي، من العاشرة، مات سنة (235) خمس وثلاثين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة عشر بابًا تقريبًا، قال أبو بكر (حدثنا عبد الله بن نمير) بالنون مصغرًا، الهمداني الخارفي بمعجمة ثم ألف ثم مهملة من خارف همدان أبو هشام الكوفي، ثقة ثبت من كبار التاسعة، مات سنة (199) وله (84) سنة، روى عنه المؤلف في سبعة عشر بابًا تقريبًا (و) حدثنا أيضًا (أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت ربما دلس، من كبار التاسعة، مات سنة (201) إحدى ومائتين وله (80) سنة، روى عنه المؤلف في سبعة عشر بابا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه، كلاهما (عن إسماعيل بن أبي خالد) سعد البجلي الأحمسي، أحمس بجيلة مولاهم، أبي عبد الله الكوفي، ثقة ثبت من الرابعة، مات سنة (146) ست وأربعين ومائة، روى عنه المؤلف في ثمانية أبواب تقريبًا (عن قيس) بن أبي حازم عوف بن عبد الحارث بن عوف البجلي الأحمسي أبي عبد الله الكوفي، أحد كبار
عَنْ جَرِيرٍ قَال: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَي إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ
ــ
التابعين، ثقة من الثانية، مات سنة (98) ثمان وتسعين، روى عنه المؤلف في عشرة أبواب تقريبًا (عن جرير) بن عبد الله بن جابر البجلي الأحمسي اليماني الأصل أبي عمرو، ويقال أبي عبد الله الصحابي الجليل، أسلم سنة عشر في رمضان، وبسط له النبي صلى الله عليه وسلم رداءه وأكرمه ووجهه إلى ذي الخلصة وهدمها، وعمل على اليمن في زمنه صلى الله عليه وسلم وكان سيدًا مطاعًا بديع الجمال، له مائة حديث، اتفقا على ثمانية، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بستة، عِداده في الكوفيين، سكنها زمانًا وتحول إلى قرقيسيا ومات بها سنة إحدى وخمسين (51)، ويروي عنه (ع) وابناه إبراهيم وعبد الله وحفيده أبو زرعة وقيس بن أبي حازم وزياد بن علاقة والشعبي والمنذر بن جرير وعامر بن سعد البجلي وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن هلال وغيرهم، وروى هو عن النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع، وروى عن معاوية في سِنِّ النبي صلى الله عليه وسلم وقال جرير: ما رآني النبي صلى الله عليه وسلم إلا تبسم، ولا حجبني منذ أسلمت، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة والزكاة وسن النبي صلى الله عليه وسلم في أربعة أبواب تقريبًا، وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون. (قال) جرير (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاهدته (على إقام الصلاة) المكتوبة وأدائها في أوقاتها المحددة (و) على (إيتاء الزكاة) المفروضة وصرفها إلى مصارفها الثمانية (و) على (النصح) وإرادة الخير (لكل مسلم) ومسلمة، والمبايعة مع الرسول صلى الله عليه وسلم لا تكون إلا على أمور الدين، فكانت المبايعة من شعب الإيمان، فدل الحديث على صدر الترجمة بمنطوقه، وعلى عجزها بمفهومه، قال القرطبي: كانت مبايعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه مرات متعددة في أوقات مختلفة بحسب ما كان يُحتاج إليه من تجديد عهد أو توكيد أمر فلذلك اختلفت ألفاظها، فذكر في هذه الرواية أنها كانت على الثلاث، ولم يذكر الصوم وغيره من الشرائع لدخوله في مسمى الطاعة اهـ.
وفي الرواية الآتية لجرير "على السمع والطاعة فَلقَّنِّي فيما استطعت والنصح لكل مسلم" ومثلها في حديث ابن عمر في صحيح البخاري، وفي حديث سلمة "أنهم بايعوه يوم الحديبية على الموت" وفي حديث عُبادة "بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم بيعة
109 -
(00) حَدَّثَنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيادِ بْنِ عِلَاقَةَ، سَمِعَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ
ــ
الحرب على السمع والطاعة في المنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقول -أو نقوم- بالحق" وهذه قصص بحسب اختلاف الأحوال، فأما حديث عبادة "في المنشط والمكره" فهي كانت بيعة الأنصار في العقبة الثانية على بذل الأنفس والأموال دونه، وكذلك بيعة الشجرة، وأما ذكر جرير الصلاة والزكاة من بين سائر دعائم الإسلام فلكونهما قرينتين، وأهم أمور الإسلام وأظهرها، ولم يذكر الصوم وغيره من الشرائع لأنه داخل في السمع والطاعة اهـ، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث جرير فقال:
(109)
- متا (00)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة (235) خمس وثلاثين ومائتين (و) حدثنا أيضًا (زهير بن حرب) بن شداد الحرشي مولاهم أبو خيثمة النسائي، ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة (234) أربع وثلاثين ومائتين (و) حدثنا أيضًا محمد بن عبد الله (بن نمير) أبو عبد الرحمن الكوفي، ثقة مأمون حافظ من العاشرة، مات سنة (234) أربع وثلاثين ومائتين، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه، ولم يأتِ بحاء التحويل لاتحاد شيخهم واتحاد صيغة روايتهم عن شيخهم (قالوا) أي قال كل من الثلاثة (حدثنا سفيان) بن عيينة الهلالي مولاهم، أبو محمد الأعور الكوفي ثم المكي، ثقة إمام حجة من رؤوس الطبقة الثامنة، مات في رجب سنة (198) ثمان وتسعين ومائة، روى عن زياد بن علاقة، ويروي عنه (ع) وابن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في خمسة وعشرين بابًا تقريبًا (عن زياد بن علاقة) بكسر المهملة وبالقاف الثعلبي بالمثلثة أبي مالك الكوفي، ابن أخي قطبة بن مالك، روى عن جرير بن عبد الله وعمرو بن ميمون وعرفجة وعمه قطبة بن مالك والمغيرة بن شعبة وغيرهم، ويروي عنه (ع) والسفيانان والأعمش ومِسْعَر وشعبة وخلق، وثقه ابن معين والنسائي، وقال في التقريب: ثقة من الثالثة مات سنة (135) خمس وثلاثين ومائة، وقد جاوز المائة، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في موضعين والصوم والجهاد واجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم.
حالة كون زياد (سمع جرير بن عبد الله) بن جابر البجلي الأحمسي الكوفي
يَقُولُ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى النُّصْحِ لِكُل مُسْلِمٍ.
110 -
(00) حَدَّثَنَا سُرَيجُ بْنُ يُونُسَ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ،
ــ
رضي الله عنه، وهذا السند من رباعياته، رجاله كلهم كوفيون إلا على رواية زهير بن حرب فإنه نسائي، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة زياد بن علاقة لقيس بن أبي حازم في رواية هذا الحديث عن جرير بن عبد الله، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، وفيها أيضًا تصريح سماع زياد بن علاقة لجرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنه.
حالة كون جرير (يقول: بايعت) وعاهدت (النبي صلى الله عليه وسلم على النصح) وإرادة الخير الكل مسلم) ومسلمة وفي هذه الرواية اقتصار على النصح لكل مسلم، قال النواوي: وذكر الحافظ أبو القاسم الطبراني بإسناده ما فيه منقبة ومكرمة لجرير بن عبد الله، وذلك أن جريرًا أمر مولاه أن يشتري له فرسًا، فاشترى له فرسًا بثلاثمائة درهم، وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس: فرسك خير من ثلاثمائة درهم، أتبيعه باربعمائة درهم؟ قال: ذلك إليك يا أبا عبد الله، فقال: فرسك خير من ذلك، أتبيعه بخمسمائة درهم؟ ثم لم يزل يزيده مائةً فمائةً وصاحبه يرضى، وجرير يقول: فرسك خير من هذا، إلى أن بلغ ثمانمائة درهم فاشتراه بها، فقيل له في ذلك، فقال: إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم، ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث جرير رضي الله تعالى عنه فقال:
(110)
- متا (00)(حدثنا سريج) بسين مهملة وجيم آخره مصغرًا (بن يونس) بن إبراهيم بن الحارث المروزي الأصل، أبو الحارث البغدادي، روى عن هشيم وإسماعيل بن جعفر ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة وعبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر وعبد الله بن رجاء وعبَّاد بن عبَّاد وغيرهم، ويروي عنه (ع) ومحمد بن عبد الرحيم وأحمد بن علي المروزي والبغوي، قال أبو حاتم: صدوق، ووثقه ابن معين، وقال في التقريب: ثقة عابد من العاشرة، مات لثمان بقين من ربيع الأول سنة (235) خمس وثلاثين ومائتين له في (خ) فرد حديث وأكثر عنه (م) وليس في مسلم من اسمه سُريج إلا هذا، روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة والحج والجهاد والطلاق والطب والضحايا والفضائل وخلق الأشياء وصفة النار، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها أحد عشر بابًا تقريبًا. (و) حدثنا أيضًا (يعقوب) بن إبراهيم بن كثير العبدي (الدورقي)
قَالًا: حَدَّثَنَا هُشَيمٌ عَنْ سَيَّارٍ،
ــ
أبو يوسف البغدادي أخو أحمد القيسي مولى عبد القيس، وإنما سموا دوارقة لأنهم كانوا يلبسون القلانس الطوال، قال أبو العباس السراج: ولد يعقوب سنة (166) ست وستين ومائة، وكان بينه وبين أخيه أحمد سنتان، روى عن هشيم بن بشير وابن علية وابن أبي حازم ويحيى بن أبي كثير ومروان بن معاوية ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، ويروي عنه (ع) وأبو زرعة وأبو حاتم والبغوي وابن خزيمة والسراج وجماعة، وثقه الخطيب وقال في التقريب: ثقة من العاشرة، مات سنة (252) اثنتين وخمسين ومائتين، وله ست وتسعون (96) سنة، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في ثلاثة مواضع والحج والطلاق والذبائح والفتن في ستة أبواب تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (قالا) أي قال كل من سريج ويعقوب (حدثنا هشيم) مصغرًا بن بشير بوزن عظيم بن القاسم بن دينار السلمي، أبو معاوية الواسطي ثم البغدادي، روى عن سيار وخالد الحذاء وحصين وداود بن أبي هند والأعمش وعبد العزيز بن صهيب ومغيرة ومنصور بن زاذان وإسماعيل بن أبي خالد وهشام بن حسان وأبي إسحاق الشيباني وحُميد الطويل وخلق، ويروي عنه (ع) وسُريج بن يونس ويعقوب الدورقي وعمرو الناقد وعبد الله بن مطيع ويحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل ومنصور بن أبي مزاحم وابن أبي شيبة وزهير بن حرب وخلق، قال يعقوب الدورقي: كان عند هُشيم عشرون ألف حديث، وقال العجلي: ثقة يُدلس، وقال في التقريب: ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، من السابعة، مات سنة (183) ثلاث وثمانين ومائة، وقد قارب الثمانين (80) وليس عندهم هُشيم إلا هذا.
روى عنه المؤلف في الإيمان في ثلاثة مواضع وفي الوضوء في موضعين والصلاة في موضعين والجنائز والزكاة والصوم في موضعين والحج في ثلاثة مواضع والإيمان في ثلاثة مواضع والحدود في موضعين والنكاح والطلاق والبيوع في ثلاثة مواضع والقسامة والأدب في موضعين والأطعمة والطب والدعاء والتفسير آخر الكتاب، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها ثمانية عشر بابًا تقريبًا.
(عن سيار) بتقديم السين على الياء المشددة بن وردان العنزي بفتح النون من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار، أبي الحكم الواسطي، روى عن الشعبي ويزيد الفقير وأبي وائل وزر بن حبيش، ويروي عنه (ع) وهشيم وقُرة بن خالد وشعبة، وثقه أحمد
عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيرٍ قَال: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَلَقَّنَنِي "فِيمَا اسْتَطَعْتَ"
ــ
وابن معين، وقال في التقريب: ثقة من السادسة، مات سنة (122) اثنتين وعشرين ومائة، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة والنكاح والطلاق والجهاد في خمسة أبواب.
(عن الشعبي) عامر بن شراحيل الحميري الشعبي، شعب همدان، أبي عمرو الكوفي، الإمام العلم، ولد لست سنين خلت من خلافة عمر، روى عن جرير بن عبد الله البجلي وأبي بُردة بن أبي موسى ومسروق والمغيرة بن شعبة وبُريدة وعروة بن المغيرة وعلقمة وابن عباس وعدي بن حاتم والنعمان بن بشير وخلائق، ويروي عنه (ع) وسيار بن وردان ومنصور بن عبد الرحمن وداود بن أبي هند وإسماعيل بن خالد ومنصور بن المعتمر وعِدة من الناس، قال أبو مجلز: ما رأيت فيهم أفقه من الشعبي، وقال في التقريب: ثقة مشهور فقيه فاضل من الثالثة، مات سنة (103) ثلاث ومائة وله نحو (80) سنة.
روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في موضعين والجنائز والبيوع في ثلاثة مواضع والذبائح في ثلاثة مواضع والصوم والصيد والطلاق والفتن في أربعة مواضع والهبة والتوبة والجهاد في خمسة مواضع والأحكام والفضائل في موضعين والضحايا والتفسير واللباس والدعاء في ثلاثة مواضع، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها تسعة عشر بابًا تقريبًا.
(عن جرير) بن عبد الله البجلي الأحمسي الكوفي الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه، وهذا السند من خماسياته، رجاله اثنان منهم بغداديان واثنان كوفيان وواحد واسطي، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة الشعبي لقيس بن أبي حازم وزياد بن علاقة في رواية هذا الحديث عن جرير بن عبد الله، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه.
(قال) جرير (بايعت) وعاهدت (النبي صلى الله عليه وسلم على السمع) له فيما يقول ولأئمة المسلمين (و) على (الطاعة) والإجابة له ولأئمة المسلمين فيما يأمر وينهى (فلقَّنني) من التلقين: وهو حكاية القول لمن يقوله، ويقابله الإملاء: وهو حكاية القول لمن يكتبه، وقوله (فيما استطعت) قال القرطبي: رويناه بفتح التاء على مخاطبته صلى الله
وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، قَال يَعْقُوبُ فِي رِوَايَتِهِ، قَال: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ
ــ
عليه وسلم إياه، وعلى هذا فيكون قوله (فيما استطعت) من قول النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبًا له به فلا يحتاج جرير إلى التلفظ بهذا القول وعليه فمعنى قوله (فلقنني النبي صلى الله عليه وسلم فيما استطعت) أي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم فقد بايعتك على السمع والطاعة فيما استطعتَ وقدرتَ عليه، ولم يشق عليك، وعلى هذا فالتلقين ليس على معناه الأصلي، ورويناه بضم التاء للمتكلم، وعلى هذا فيكون النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينطق بهذا اللفظ فكأنه قال له: قل فيما استطعتُ، وعليه فيحتاج جرير إلى النطق بذلك امتثالًا للأمر، وعليه فمعنى قوله (فلقنني النبي صلى الله عليه وسلم فيما استطعت) أي أمرني أن أقول بايعتك على السمع والطاعة فيما استطعت، وعلى هذا فالتلقين على معناه الأصلي، وهذا التلقين من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، إذ لو لم يقيده بذلك عَئَم في كل الأحوال، وقد يعجز في بعضها، وعلى الوجهين فمقصود هذا القول التنبيه على أن اللازم من الأمور المبايع عليها هو ما يطاق ويستطاع، كما هو المشترط في أصل التكليف، كما قال تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا} ويُشِعر الأمر بقول ذلك اللفظ في حال المبايعة بالعفو عن الهفوة والسقطة، وما وقع عن خطأ، أو تفريط اهـ من المفهم بزيادة والله أعلم.
وقوله (والنصح لكل مسلم) بالجر معطوف على السمع والطاعة، وأما قول الإمام مسلم (قال) شيخي (يعقوب في روايته) لي هذا الحديث (قال) هشيم (حدثنا سيار) ففيه تنبيه على لطيفة وهو أن هشيمًا مُدلس، وقد قال عن سيار، والمُدلس إذا قال عن لا يحتج بحديثه إلا إذا ثبت سماعه من جهة أخرى، فروى مسلم رحمه الله تعالى حديثه هذا عن شيخين وهما سريج ويعقوب، فأما سريج فقال في روايته (حدثنا هشيم عن سيار) بالعنعنة، وأما يعقوب فقال في روايته (حدثنا هشيم قال حدثنا سيار) فبين مسلم رحمه الله تعالى اختلاف عبارة الراويين في نقلهما عبارة هشيم، وحصل منهما اتصال حديثه، ولم يقتصر مسلم رحمه الله تعالى على إحدى الروايتين، وهذا من دقيق إتقانه وتدقيق نظره، وحسن احتياطه رحمه الله تعالى والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
وهذا الحديث أعني حديث جرير شارك المؤلف في روايته أحمد (4/ 358، 361، 364، 365) والبخاري (57) وأبو داود (4945) والنسائي (7/ 153).
***