الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - بَابُ الأمْرِ بِلزومِ الإيمَانِ وَالتَّمَسُّكِ بِشَرَائِع الإِسْلامِ، والنَّهْيِ عَنِ الارْتدَادِ عَنِ الإِسْلامِ، وَالتَّشَبُّهِ بِالْكفَّارِ
130 -
(64) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ
ــ
36 -
بَابُ الأمْرِ بِلزومِ الإيمَانِ وَالتَّمَسُّكِ بِشَرَائِع الإِسْلامِ، والنَّهْيِ عَنِ الارْتدَادِ عَنِ الإِسْلامِ، وَالتَّشَبُّهِ بِالْكفَّارِ
أي هذا باب معقود في بيان الأمر بلزوم الإيمان والمواظبة عليه والتمسك بشرائع الإِسلام والعمل بها وهذا الجزء من الترجمة دل عليه الحديث الآتي بمفهومه وباب معقود في بيان النهي عن الارتداد والرجوع عن الإِسلام إلى الضلالة وعن التشبه بالكفار في أعمالهم بالمسلمين بمقاتلة بعضهم بعضًا وهذا الجزء دل عليه الحديث الآتي بمنطوقه.
وترجم للحديث الآتي النووي والقاضي وأكثر المتون وهذا الأبي والسنوسي بقولهم (باب بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض).
ولم يترجم له القرطبي بل أدخله في الترجمة السابقة واعترض على ترجمتهم هذه بأنه لم يبين في داخلها معنى الحديث المذكور بل إنما ذكر فيه لفظه وأيضًا بأن الترجمة عين الحديث المترجم له مع أن القاعدة عندهم أن الترجمة هي المعنى المستنبط من منطوق الحديث أو مفهومه واعترض أَيضًا بأنها لا تدخل تحت ترجمة كتاب الإيمان مع أن القاعدة عندهم دخول تراجم الأبواب تحت ترجمة الكتاب لأن الكتاب اسم لجنس من العلم مشتمل على أنواع داخلة تحته.
(130)
- س (64)(حَدَّثَنَا أبو بكر) عبد الله بن محمَّد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكُوفيّ ثِقَة ثبت من (10) مات سنة (235)(و) حدثنا أَيضًا (محمَّد بن المثنَّى) العنزي أبو موسى البَصْرِيّ ثِقَة ثبت من (10) مات سنة (252)(و) حدثنا أَيضًا محمَّد (بن بشار) بن عثمان بن داود بن كيسان العبدي أبو إسحاق البَصْرِيّ المعروف ببندار لكونه بندار الحديث أي أوعيته ثِقَة من (10) مات سنة (252) وله (80) ثمانون سنة روى عنه المؤلف في اثني عشر بابًا تقريبًا وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه،
جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّد بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، ح وَحَدْثَنَا (1) عُبَيدُ الله بن مُعَاذِ -وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدرِكٍ: سَمِعَ أَبَا زُرْعَةَ يُحَدِّثُ عَنْ جدهِ جَرِيرٍ
ــ
حدثوا لنا حالة كونهم (جميعًا) أي حالة كونهم مجتمعين متفقين في تحديثهم لنا (عن محمَّد بن جعفر) الهذلي مولاهم الحافظ أبي عبد الله البَصْرِيّ من (9) مات سنة (193)(عن شعبة) بن الحجاج العتكي مولاهم أبي بسطام البَصْرِيّ من (7) مات سنة (160).
(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حَدَّثَنَا عبيد الله بن معاذ) بن معاذ بن نصر بن حسان التَّمِيمِيّ العنبري أبو عمرو البَصْرِيّ ثِقَة حافظ من العاشرة مات سنة (237) سبع وثلاثين ومائتين روى عنه المؤلف في الإيمان وغيره وأتى بقوله (واللفظ له) اي لفظ الحديث الآتي لعبيد الله بن معاذ تورعًا من الكذب على أبي بكر وابن المثنَّى وابن بشار لأنهم إنما رووا معنى الحديث الآتي لا لفظه قال عبيد الله بن معاذ (حَدَّثَنَا أبي) معاذ بن معاذ العنبري أبو المثنَّى البَصْرِيّ قاضي البصرة ثِقَة متقن من كبار التاسعة مات سنة (196) ست وتسعين ومائة، روى عنه المؤلف في عشرة (10) أبواب تقريبًا وأتى بحاء التحويل لاختلاف شيخي مشايخه الراويين عن شعبة مع اختلاف صيغتهما، لأنه في السند الأول محمَّد بن جعفر وفي الثاني معاذ بن معاذ العنبري قال معاذ بن معاذ (حَدَّثَنَا شعبة) بن الحجاج البَصْرِيّ أبو بسطام العتكي روى عنه المؤلف في ثلاثين (30) بابا تقريبًا (عن علي بن مدرك) النَّخَعيّ أبي مدرك الكُوفيّ روى عن أبي زرعة هرم بن عمرو بن جرير في الإيمان وهلال بن يساف وإبراهيم النَّخَعيّ ويروي عنه (ع) وشعبة والأعمش والمسعودي وقال في التقريب: ثِقَة من الرابعة مات سنة (120) عشرين ومائة (سمع) علي بن مدرك (أَبا زرعة) هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَليّ الكُوفيّ روى عن جده جرير وأبي هريرة ومعاوية وغيرهم ويروي عنه (ع) وعلي بن مدرك وعمارة بن القعقاع وغيرهم ثِقَة من الثالثة روى عنه المؤلف في الإيمان والفتن وغيرهما كما مر. حالة كون أبي زرعة (يحدث عن جده جرير) بن عبد الله بن جابر البَجَليّ الأحمسي أبي عمرو الكُوفيّ له صحبة من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عداده في الكوفيين سكنها زمانًا وتحول إلى قرقيسياء ومات بها سنة (51) إحدى وخمسين وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة أبواب تقريبًا في الإيمان والصلاة والزكاة وهذان السندان
(1) في نسخة: (حَدَّثَنَا) بلا واو.
قَال: قَال لِي النَّبِيُّ (1) صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "اسْتَنْصِتِ النَّاسَ، ثُمَّ قَال: لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْض"
ــ
من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وثلاثة كوفيون إلَّا في رواية أبي بكر بن أبي شيبة فعلى روايته أربعة منهم كوفيون واثنان بصريان.
(قال) جرير بن عبد الله (قال لي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع) يوم النحر بمنى، قال النووي والمعروف في الرواية حجة الوداع بفتح الحاء والمسموع من العرب فيها الكسر قال الهروي والقياس الفتح لأنها اسم المرة الواحدة لا الهيئة قالوا فيجوز الكسر فيها بالسماع والفتح بالقياس وسميت حجة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم ودع النَّاس فيها وعلمهم في خطبته فيها أمر دينهم وأوصاهم أن يبلغ الشاهد فيها الغائب (استنصت النَّاس) أي اطلب منهم الإنصات وأمرهم به ليسمعوا مني هذه الأمور المهمة والقواعد التي سأقررها لهم وأحَمّلهم إيَّاها والاستنصات طلب الإنصات منهم والإنصات السكوت مع الإصغاء ومعنى استنصت أسكت النَّاس ليستمعوا مني قواعد دينهم ووصيتي إليهم بمصالح دينهم (ثم) بعد ما أسكتهم وأمرتهم بالاستماع فسكتوا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا ترجعوا) ولا تنقلبوا (بعدي) أي بعد فراقي من موقفي هذا ويكون معنى بعدي خلافي أي لا تخلفوني في أنفسكم بعد الذي أمرتكم به أو بعد وفاتي أي لا ترتدوا ولا تصيروا بعد وفاتي (كفارًا) مستحلين حالة كونكم (يضرب بعضكم رقاب بعض) آخر مستحلين المقاتلة والمقاطعة بينكم فتكونون كافرين كفرًا حقيقيًّا ومفهوم هذا النهي الأمر بملازمة الإيمان والاعتصام بشرائع الإِسلام والمباعدة عن صنوف الشِّرك والضلال والمعنى لازموا عقيدة أهل الإيمان واعملوا بشرائع الإِسلام ولا ترجعوا بعد وفاتي على أعقابكم وتصيروا كفارًا مستحلين ضرب بعضكم رقاب بعض فتنقلبوا خاسرين مرتدين عن الإِسلام، وقال القرطبي: معنى لا ترجعوا كفارًا بعدي لا تشبهوا بالكفار في المقاتلة والمقاطعة وفيه ما يدل على أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يعلم ما سيقع بعده في أمته من الفتن والتقاتل ويدل أَيضًا على قرب وقوع ذلك من زمانه فإنَّه خاطب بذلك أصحابه وظاهره أنَّه أرادهم لأنه بهم أعْنَى وعليهم أحْنَى ويحتمل غير ذلك اه.
وقال الخطابي: معناه لا يكفر بعضكم بعضًا فتستحلوا قتال بعضكم بعضًا اه،
(1) في نسخة: (قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقيل: المراد بالحديث أهل الردة وهذا القول إنما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة النحر إثر قوله "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام" الحديث متفق عليه ثم قال ليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفارًا الحديث فهو شرح لما تقدم منه صلى الله عليه وسلم في تحريم بعضهم على بعض ما أقاموا على الإِسلام، قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم "لا ترجعوا بعدي كفارًا" إلخ قيل في معناه سبعة أقوال، الأول: أن ذلك كفر شرعي في حق مستحل الضرب بغير حق لأنه استحل ما هو معلوم حرمته ضرورة أي لا تصيروا كفارًا باستحلال ضرب بعضكم بعضًا فتخرجوا عن الملة والإيمان" والثاني: كفر النعمة وحق الإِسلام والمعنى لا تصيروا جاحدين لنعمة الإِسلام وأخوته فيضرب بعضكم رقاب بعض، والثالث: أنَّه ما يقرب إلى الكفر ويؤدي إليه أي لا تفعلوا ما يؤول بكم إلى أن تصيروا كفارًا بضرب بعضكم رقاب بعض، والرابع: أنَّه فعلٌ كفعل الكفار أي لا تصيروا أشباه الكفار بضرب بعضكم رقاب بعض نظير قوله تعالى {كَيفَ تَكْفُرُونَ باللهِ} الآية أي كيف تتشبهون بالكفار نزلت في لبس الْأَنصار السلاح بعضهم لبعض لإفساد يهود بينهم وتذكيرهم إياهم أيامهم في الجاهلية حتَّى ثار بعضهم إلى بعض في السلاح وهذا أظهر الأقوال وهو اختيار القاضي عياض والقرطبي، والخامس: المراد حقيقة الكفر ومعناه لا تكفروا بل دوموا مسلمين مؤمنين، والسادس: أن المراد بالكفار المتكفرون بالسلاح يقال: تكفر الرَّجل بسلاحه إذا لبسه أي لا تصيروا متسلحين يضرب بعضكم رقاب بعض، والسابع: لا يكفر بعضكم بعضًا فتستحلوا قتال بعضكم بعضًا فتخرجوا عن الملة. انتهى بتصرف.
وهذا كله على رواية الرفع في يضرب وهو في موضع الحال وأما على رواية الجزم فلا يستقيم المعنى عليه لأن الجزم في جواب النهي بتقدير شرط فينقلب النهي معه نفيًا، فإذا قلت لا تضرب زيدًا يكرمك فالتقدير إن لا تضربه يكرمك فإن لم يحسن النفي معه وجب الرفع فتقول لا تدن من الأسد يأكلك بالرفع إذ لا يصح إن لا تدن من الأسد يأكلك فلا يصح الجزم والحديث نظير هذا المثال فلا يصح الجزم فيه لأن المعنى حينئذ إن لا ترجعوا كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض فلا يصح ذلك.
وقال المازري: تمسك بهذا الحديث الخوارج في التكفير بالذنوب لأن المعنى لا تكفروا بعدي بضرب بعضكم رقاب بعض والمبتدعة في أن الإجماع ليس بحجة قالوا
131 -
(65) وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِي، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّد بْنِ زَيدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ
ــ
لأن نهي الأمة عن الكفر يدل على جوازه منهم لأنه لو كان ممتنعًا لم ينه عنه وإذا جاز أن يجتمعوا على الكفر فعلى الخطإ في الاجتهاد أولى، والجواب عن الأول أن كفارًا معناه مكفرين أي متسترين بالسلاح يضرب بعضكم رقاب بعض وأصل الكفر الستر وعن الثاني بأن كفارًا بمعنى جاحدين نعمة الله تعالى عليكم بأن أَلْف بين قلوبكم.
وهذا الحديث أعني حديث جرير شارك المؤلف في روايته أَحْمد (4/ 358 و 363 و 366) والبخاري (121) والنَّسائيّ (7/ 127 و 128) وابن ماجه (3942).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جرير بحديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
(131)
- ش (65)(وحدثني أبو بكر) عبد الله بن محمَّد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكُوفيّ ثِقَة حافظ من العاشرة مات سنة (235) خمس وثلاثين ومائتين روى عنه المؤلف في ستة عشر بابا (و) حدثني أَيضًا (أبو بكر) محمَّد (بن خلاد) بن كثير (الباهليّ) البَصْرِيّ روى عن محمَّد بن جعفر ويحيى بن سعيد القطَّان وعبد الأعلى بن عبد الأعلى والوليد بن مسلم وعبد الرَّحْمَن بن مهدي وابن فضيل وغيرهم ويروي عنه (م د س ق) وأبو حاتم الرَّازيّ وعبد الله بن أَحْمد وبقي بن مخلد وغيرهم وقال في التقريب: ثِقَة من العاشرة مات سنة (240) أربعين ومائتين على الصحيح روى عنه المؤلف في الإيمان والصوم والجهاد والأطعمة والرؤيا واللباس في ستة أبواب تقريبًا وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (قالا) أي قال ابن أبي شيبة وابن خلاد (حَدَّثَنَا محمَّد بن جعفر) الهذلي مولاهم أبو عبد الله البَصْرِيّ المعروف بغندر ثِقَة صحيح الكتاب إلَّا أن فيه غفلة من التاسعة مات سنة (193) ثلاث وتسعين ومائة، روى عنه المؤلف في ستة أبواب تقريبًا قال محمَّد بن جعفر (حَدَّثَنَا شعبة) بن الحجاج العتكي أبو بسطام البَصْرِيّ ثِقَة متقن حافظ من السابعة مات سنة (160) ستين ومائة روى عنه المؤلف في (30) ثلاثين بابا (عن واقد بن محمَّد بن زيد) بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب العدوي المدنِيُّ ثِقَة من السادسة وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة أبواب (أنَّه) أي أن واقد بن محمَّد (سمع أباه) محمَّد بن زيد بن عبد الله بن
يحدِّث عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنهُ قَال في حَجَّةِ الْوَدَاعِ:"وَيحَكُمْ -أَوْ قَال: وَيلَكُمْ- لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ"
ــ
عمر بن الخَطَّاب رضي الله تعالى عنهما العمري المدنِيُّ ثِقَة من الثالثة وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في خمسة أبواب حالة كون محمَّد بن زيد (يحدث عن) جده (عبد الله بن عمر) بن الخَطَّاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل المكيّ أحد المكثرين من الصَّحَابَة مات سنة أربع وسبعين (74) بمكة ودفن بفخ وهو ابن أربع وثمانين سنة والفخ بفتح الفاء وتشديد الخاء المعجمة موضع بمكة دفن فيه ابن عمر ذكره في القاموس وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا.
وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان مدنيان وواحد مكّيّ إلَّا على طريقة ابن أبي شيبة فإنَّه كُوفِيّ والبصري اثنان فقط.
(عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه) صلى الله عليه وسلم (قال في حجة الوداع) في خطبة يوم النحر بمنى سنة عشر (ويحكم) أي أشرفتم على الهلاك واستحق لكم الترحم (أو قال) صلى الله عليه وسلم (ويلكم) وأو هنا للشك من الراوي، أي هلكتم هلاككم أو ألزمكم الله الهلاك فهما مفعولان به لفعل محذوف تقديره اسوجبتم الويح والترحم لكم أو ألزم الله الويل والهلاك لكم إلَّا ترجعوا) ولا ترتدوا (بعدي) أي بعد وفاتي فتصيروا (كفارًا) أي أشباه كفار غيركم حالة كونكم (يضرب) ويقطع (بعضكم رقاب بعض) آخر وأعناقه مستحلين المقاتلة بينكم.
(فائدة) في الويح والويل والويس والويب وهما بمعنى الويل والويح في الأصل دعاء بالرحمة والويل دعاء بالهلاك أريد بهما هنا الحث والتحريض على ملازمة الإيمان والتمسك بشرائع الإِسلام والتحذير عن الرجوع إلى الكفر والارتداد على الأعقاب لا حقيقة الرحمة والهلاك وانتصابهما إما على المصدر بفعل ملاق لهما في المعنى دون اللفظ لأنهما من المصادر التي لم تستعمل أفعالها والتقدير استوجبتم ويحكم وهلكتم هلاككم وإما على المفعول والتقدير أوجب الله ويحكم وألزم ويلكم وعلى كلا التقديرين فالجملة في محل النصب مقول لقال كذا أفادته الجمل على الجلالين، وقد بسطنا الكلام على الويل في حدائق الروح والريحان فراجعه.
132 -
(00) وَحَدْثَنَا عُبَيدُ اللهِ بن مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
133 -
(00) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بن يَحيَى، أخبَرَنَا عَبدُ الله بْنُ وَهبٍ،
ــ
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أعني حديث ابن عمر البُخَارِيّ وأبو داود والنَّسائيّ وابن ماجه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
(132)
- متا (00)(وحدثنا عبيد الله بن معاذ) بن معاذ بن نصر العنبري أبو عمرو البَصْرِيّ ثِقَة حافظ من (10) مات سنة (237) قال عبيد الله بن معاذ (حَدَّثَنَا أبي) معاذ بن معاذ العنبري أبو المثنَّى البَصْرِيّ ثِقَة متقن من (9) مات سنة (196) قال معاذ بن معاذ (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي أبو بسطام البَصْرِيّ من (7)(عن واقد بن محمَّد) بن زيد العدوي المدنِيُّ من (6)(عن أَبيه) محمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر العدوي المدنِيُّ من (3)(عن) عبد الله (بن عمر) بن الخَطَّاب (عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم) والجار والمجرور في قوله (بمثله) أي بمثل حديث محمَّد بن جعفر متعلق بقوله حَدَّثَنَا أبي أي حَدَّثَنَا أبي معاذ بن معاذ عن شعبة بن الحجاج بمثل ما حدث محمَّد بن جعفر عن شعبة وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة معاذ بن معاذ لمحمد بن جعفر في رواية هذا الحديث عن شعبة وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان منهم مدنيان وواحد منهم مكّيّ وتقديم هذا السند أعني سند عبيد الله بن معاذ على السند الذي قبله أعني سند أبي بكر بن أبي شيبة من تصحيف النساخ وتحريفهم ولا تغتر بما في الشروح والمتون من تقديمه عليه والصواب ما شرحنا عليه كما في النسخ القديمة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
(133)
- متا (00)(حدثني حرملة بن يحيى) بن عبد الله بن حرملة التجيبي أبو حفص المصري صدوق من الحادية عشرة مات سنة (244) أربع وأربعين ومائتين روى عن عبد الله بن وهب في مواضع قال حرملة (أخبرنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القُرشيّ
قَال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّد: أنَّ أبَاهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ وَاقِدٍ
ــ
مولاهم أبو محمَّد المصري ثِقَة حافظ من التاسعة مات سنة (197) سبع وتسعين ومائة روى عنه المؤلف في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا (قال) عبد الله بن وهب (حَدَّثني عمر بن محمَّد) بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب العمري المدنِيُّ ثم العسقلاني نزل عسقلان روى عن أَبيه ونافع وحفص بن عاصم وسالم والقاسم بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر وجده زيد ويروي عنه (خ م د ص ق) وابن وهب ويزيد بن زريع وشعبة وغيرهم وثِقَة أَحْمد وأبو حاتم، وقال في التقريب ثِقَة من السادسة مات قبل الخمسين ومائة روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة والجنائز في موضعين والصوم والبيوع في موضعين والنكاح واللباس في ثلاثة مواضع والأطعمة في موضعين والحوض، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها عشرة (أن أباه) محمَّد بن زيد العمري المدنِيُّ (حدثه) أي حدث لعمر بن محمَّد (عن) جده عبد الله (بن عمر) بن الخَطَّاب المكيّ [(عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم] والجار والمجرور في قوله (بمثل حديث شعبة عن واقد) متعلق بقوله أخبرنا عبد الله بن وهب أي أخبرنا عبد الله بن وهب عن عمر بن محمَّد عن أَبيه محمَّد بن زيد بمثل ما حدث شعبة عن واقد وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عبد الله بن وهب لشعبة في رواية هذا الحديث عن محمَّد بن زيد ولكنها متابعة ناقصة لأن عبد الله بن وهب روى عن محمَّد بن زيد بواسطة عمر بن محمَّد وشعبة روى عن محمَّد بن زيد بواسطة واقد بن محمَّد وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه وهذا السند من خماسياته اثنان منهم مصريان واثنان مدنيان وواحد مكّيّ والله سبحانه وتعالى أعلم.