الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
34 - بَابُ حُكْمِ إِيمَانِ مَنِ انْتَسَبَ لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ، وَإِيمَانِ مَنِ ادَّعَى لِنَفْسِهِ مَا لَيسَ لَهُ
124 -
(60) وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَربِ، حَدَّثَنَا عَبْد الصَمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبِي،
ــ
34 -
بَابُ حُكْمِ إِيمَانِ مَنِ انْتَسَبَ لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ، وَإِيمَانِ مَنِ ادَّعَى لِنَفْسِهِ مَا لَيسَ لَهُ
أي هذا باب معقود في بيان حكم إيمان من انتسب نفسه لغير أَبيه وهو يعلم أن ذلك الغير ليس أباه هل يكفر بذلك أم لا إن استحل ذلك يكفر وإلا فلا وبيان حكم إيمان من ادعى لنفسه ما ليس له كذبًا علمًا كان أو مالًا أو جاهًا.
وترجم النواوي والقاضي وأكثر المتون للأحاديث الآتية بقولهم (باب بيان حال إيمان من رغب عن أَبيه وهو يعلم) ولم يترجم الأبي ولا السنوسي للأحاديث الآتية إلى حديث (سباب المسلم فسوق) بل أدخلا الأحاديث الآتية كلها في الترجمة السابقة وكذلك فعل القرطبي وترجمتنا أعم وأوفق لمنطوق الحديث.
(124)
- (60)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي مولاهم أبو خيثمة النَّسائيّ ثِقَة ثبت من العاشرة مات سنة (234) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في عشرين بابًا تقريبًا، قال زهير (حَدَّثَنَا عبد الصمد بن عبد الوارث) بن سعيد بن ذكران العنبري مولاهم أبو سهل البَصْرِيّ روى عن أَبيه وشعبة وحاجب بن عمر بن أبي خشينة وهمام وعبد العزيز بن مسلم وسليم بن حيان وحرب بن شداد وإبراهيم بن سعد والمثنَّى بن سعيد وغيرهم ويروي عنه (ع) وابنه عبد الوارث بن عبد الصمد وأبو خيثمة وأَحمد بن خراش وحجاج بن الشَّاعر والحسن بن عليّ الحلواني وإسحاق الحنظلي وإسحاق بن منصور وخلق وقال في التقريب: صدوق ثبت في شعبة من التاسعة مات سنة (207) سبع ومائتين، روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة والجنائز والزكاة والحج في أربعة مواضع والبيوع والهبة والنكاح والأدب والجهاد في موضعين والحوض ودلائل النبوة وصفة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والقدر وصفة النَّار فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها ستة عشر بابا قال عبد الصمد (حَدَّثَنَا أبي) عبد الوارث بن سعيد بن ذكران التَّمِيمِيّ العنبري مولاهم أبو عبيدة البَصْرِيّ أحد الأئمة الأعلام روى عن حسين
حَدَّثَنَا حُسَينٌ المُعَلِّمُ عَنِ ابْنِ بُرَيدَةَ،
ــ
المعلم وعبد العزيز بن صهيب وداود بن أبي هند والقاسم بن مهران وسعيد الجريري ويزيد الرشك وغيرهم ويروي عنه (ع) وابنه عبد الصمد وشيبان بن فروخ وعبيد الله القواريري ويحيى بن يحيى ومعلّى بن منصور وأبو الرَّبيع الزهراني وغيرهم، وقال في التقريب ثِقَة ثبت من الثامنة مات سنة (180) ثمانين ومائة روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في موضعين والصوم والحج في موضعين والبيوع والأطعمة واللباس والفتن فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها ثمانية أبواب، قال عبد الوارث (حَدَّثَنَا حسين) بن ذكران (المعلم) بضم الميم وتشديد اللام المكسورة المكتب بضم الميم وسكون الكاف وتخفيف التاء المكسورة بصيغة اسم الفاعل فيهما يقال لمن يعلم الصبيان العوذي بفتح العين وسكون الواو بعدها ذال معجمة نسبة إلى عوذة بطن من الأزد البَصْرِيّ روى عن عبد الله بن بريدة وقتادة في الإيمان والتفسير وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن أبي كثير وجماعة، ويروي عنه (ع) وعبد الوارث بن سعيد ويحيى القطَّان وأبو خالد الأحمر وعيسى بن يونس ويزيد بن هارون وعبد الله بن المبارك والفضل بن موسى وروح بن عبادة وخلق قال في التقريب ثِقَة ربما وهم من السادسة مات سنة (145) خمس وأربعين ومائة.
روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة والجنائز والصوم والجهاد والدعاء وبيع المدبر والفتن والتفسير فجملة الأبواب التي روى عنه فيها عشرة.
(عن) عبد الله (بن بريدة) بضم الباء مصغرًا بن الحصيب أيضًا الأسلمي قاضي مرو، أخي سليمان بن بريدة، وكانا توأمين، ولد عبد الله قبل سليمان، أبي سهل المروزي، وهو وأخوه سيدان ثقتان تابعيان جليلان ولدا في بطن واحدة في عهد عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه. روى عن يحيى بن يعمر وعبد الله بن مغفل وسمرة بن جندب وعن أَبيه وابن عباس وابن مسعود وابن عمر ويروي عنه (ع) وحسين المعلم وكهمس ومطر الوراق وعثمان بن غياث ومالك بن مغول وخلق، وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم وقال في التقريب ثِقَة من الثالثة مات سنة (115) خمس عشرة ومائة وهو ابن مائة سنة (100) وله في (خ) من روايته عن أَبيه فرد حديث روى عنه المؤلف في الإيمان في موضعين والصلاة في موضعين والجنائز في موضعين والجهاد والدعاء والحدود والذبائح
عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ: أَن أَبا الأَسْوَدِ حدَّثهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيسَ مِنْ رَجُلٍ
ــ
والفتن فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها ثمانية (عن يحيى بن يعمر) بفتح التحتانية والميم بينهما مهملة ساكنة وبضم الميم أَيضًا من بني عوف بن بكر بن يشكر بن عدوان أبي سعيد البَصْرِيّ التابعي الجليل ويقال له أبو سليمان القيسي الجدلي قاضي مرو روى عن أبي الأسود الديلي وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وعثمان وعلي وأبي ذر وغيرهم ويروي عنه (ع) وعبد الله بن بريدة ويحيى بن عقيل وسليمان التَّيميّ وغيرهم، وثقه أبو حاتم والنَّسائيّ وقال في التقريب: ثِقَة فصيح وكان يرسل من الثالثة مات قبل المائة بخراسان وقيل بعدها روى عنه المؤلف في أربعة أبواب في الإيمان والصلاة والقدر والدعاء (أن أَبا إلَّاسود) الديلي ظالم بن عمرو بن سفيان البَصْرِيّ التابعي الجليل، ويقال: عمرو بن ظالم، وقيل: ظالم بن عمرو بن جندل بن سفيان، ويقال: اسمه عمرو بن عثمان، شهد مع علي صفين، وولي البصرة لابن عباس ومات بها، روى عن أبي ذر في الإيمان والصلاة والزكاة، وأبي موسى الأَشْعريّ في الزكاة، وعمران بن حصين في القدر، وعمر وعثمان وعلي ومعاذ وابن مسعود وجماعة، ويروي عنه (ع) ويحيى بن يعمر وابنه حرب وعبد الله بن بريدة وجماعة، فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها أربعة، وقال في التقريب: ثِقَة فاضل مخضرم، مات سنة (69) تسع وستين، وهو أول من تكلم في النحو (حدثه) أي حدث ليحيى بن يعمر (عن أبي ذر) الغفاري المدنِيُّ، جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار الصحابي المشهور، تقدم إسلامه وتأخرت هجرته، فلم يشهد بدرًا، وهو أول من حيا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بتحية الإِسلام، روى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ويروي عنه (ع) وأبو الأسود الدؤلي وأنس بن مالك وابن عباس وأبو مراوح الليثيّ والمعرور بن سويد وخرشة بن الحسن ويزيد الرشك التَّيميّ وعبد الله بن شَقِيق وأبو نضرة وعبد الرَّحْمَن بن شماسة وخلق له مائتا حديث وأحد وثمانون حديثًا مات بالربذة وقُبِر هناك في خلافة عثمان سنة (32) اثنتين وثلاثين روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة والزكاة وفي إسلامه في أربعة أبواب تقريبًا وهذا السند من ثمانياته رجاله خمسة منهم بصريون وواحد نسائي وواحد مروزي وواحد مدني ومن لطائفه أنَّه اجتمع فيه ثلاثة تابعيون جلة روى بعضهم عن بعض ابن بريدة ويحيى وأبو الأسود (أنَّه) أتي أن أَبا ذر (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقول ليس من رجل) من زائدة لوقوعها بعد النفي والتعبير بالرجل جرى على الغالب وإلا
ادَّعَى لِغَيرِ أبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ،
ــ
فالمرأة كذلك أي ليس رجل ولا امرأة (ادعى) وانتسب (لغير أَبيه) ووالده أي انتسب إليه واتخذه أبًا أنفة عن أَبيه (وهو) أي والحال أن ذلك الرَّجل المنتسب لغير أَبيه (يعلمه) أي يعلم أن ذلك الغير ليس أباه ووالده (إلا كفر) ذلك المنتسب كفرًا حقيقيًّا يخرجه عن الملة إن استحل ذلك الانتساب لأنه استحل ما هو معلوم حرمته من الدين ضرورة وإلا كفر كفرًا بمعنى كفران نعمة الأبوة أي جحد حق أَبيه لأن انتسابه لغير أَبيه إما قذف أو كذب أو عقوق ولا شيء من ذلك بكفر، قال القرطبي أو أنَّه أطلق الكفر مجازًا لشبهه بفعل أهل الكفر لأنهم كانوا يفعلونه بالجاهلية، وعبارته هنا (قوله ليس من رجل) إلخ، أي انتسب لغير أَبيه رغبة عنه مع علمه به وهذا إنما يفعله أهل الجفاء والجهل والكبر لخسة منصب الأب ودناءته فيرى الانتساب إليه عارًا ونقصًا في حقه ولا شك في أن هذا محرم معلوم التحريم فمن فعل ذلك مستحلًا فهو كافر حقيقة، فيبقى الحديث على ظاهره، وأما إن كان غير مستحل فيكون الكفر الذي في الحديث محمولًا على كفران النعم والحقوق، فإنَّه قابل الإحسان بالإساءة، ومن كان كذلك صدق عليه اسم الكافر، وعلى فعله أنَّه كفر لغة، وشرعًا على ما قررناه، ويحتمل أن يقال أطلق عليه ذلك لأنه تشبه بالكفار أهل الجاهلية أهل الكبر والأنفة فإنهم كانوا يفعلون ذلك والله تعالى أعلم اهـ منه.
قال النواوي: (وأما قوله صلى الله عليه وسلم فيمن ادعى لغير أَبيه وهو يعلم أنَّه غير أَبيه كفر) فقيل: فيه تأويلان أحدهما: أنَّه في حق المستحل، والثاني: أنَّه كفر النعمة والإحسان وحق الله تعالى، وحق أَبيه وليس المراد الكفر الذي يخرجه عن ملة الإِسلام، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم "يكفرن" ثم فسره بكفرانهن الإحسان وكفران العشير، ومعنى قوله:(ادعى لغير أَبيه) أي انتسب إليه واتخذه أبًا، وقوله صلى الله عليه وسلم "وهو يعلم" تقييد لا بد منه، فإن الإثم إنما يكون في حق العالم بالشيء.
قال الأبي: انظر لو انتسب لغير أَبيه لضرورة كالمسافر ينزل الخوف به فيقول: أنا ابن فلان لرجل محترم لصلاح أو غيره، والظاهر أنَّه لا يتناوله الوعيد بخلاف ما لو انتسب لغير أَبيه ليُكرم أو يُعطى، الأظهر أن هذا يتناوله الوعيد لعدم الضرورة إليه.
وانظر ما لو انتسب لأبيه من زنًا وكان الشيخ يقول: إنه أخف لأنه أبوه لغة لا شرعًا، ويدل على أنَّه أبوه لغة حديث جريج حيث قال الولد: أبي الراعي فلان، وأما
وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيسَ لَهُ فَلَيسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالكُفْرِ، أَوْ قَال:
ــ
عكس ما في الحديث وهو أن ينسب الرَّجل إلى نفسه غير ولده، فيحتمل أنَّه من الباب ويحتمل أن لا.
لأن ما في الحديث عقوق والعقوق كبيرة، وكان لبعض ذوي الخطط ربيب فكان يُناديه يا ولدي، فكان معاصروه يعدونها من مُجَرِّحاته.
(ومن ادعى) وجعل لنفسه (ما ليس) حقًّا وثابتًا (له) في الحقيقة، ونسبه إلى نفسه من كل شيء سواء تعلق به حق لغيره أم لا، فيشمل من ادعى علمًا لا يحسنه أو يرغب في خطة ومرتبة لا يستحقها وكل ذلك يعده العلماء مما يجرح في الرواية (فليس منا) أي فليس ذلك المدعي من أهل هدينا وملتنا وشريعتنا فقد كفر وخرج بذلك عن ملتنا وديننا إن استحل ذلك أو ليس عمله من عمل أهل ديننا، فهو كاذب يُعاقب إن لم يستحل ذلك، فيكون كقول الرَّجل لولده إذا أساء لست ابني (وليتبوأ) أي وليتخذ (مقعده) أي مقره ومنزله (من النَّار) الأخروية، وهذا دعاء عليه أو خبر بلفظ الأمر، وهو أظهر القولين فيه، أي يكون مقعده ومنزله من النَّار مخلدًا فيها إن استحل ذلك أو هذا جزاؤه إن جُوزي على ذلك إن لم يستحل لأنه يجازى عليه إن لم يُغفر له، وقد يُعفى عنه، وقد يُوفق للتوبة فيسقط عنه ذلك.
وفي هذا الحديث تحريم دعوى ما ليس له مالًا كان أو علمًا أو جاهًا أو منقبة أو صلاحًا، وفيه أنَّه لا يحل له أن يأخذ ما حكم له الحاكم بدعواه الكاذبة.
وعبارة القرطبي هنا قوله: "من ادعى ما ليس له فليس منا" ظاهره التبري المطلق، فيبقى على ظاهره في حق المستحل لذلك على ما تقدم، ويُتأول في حق غير المستحل بأنه ليس على طريقة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعلى طريقة أهل دينه، فإن ذلك ظلم، وطريقة أهل الدين العدل وترك الظلم، ويكون هذا كقوله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب" رواه البُخَارِيّ ومسلم والتِّرمذيّ والنَّسائيّ، ويقرب منه قوله صلى الله عليه وسلم "من لم يأخذ من شاربه فليس منا" رواه التِّرْمِذِيّ والنَّسائيّ، وقوله (ومن دعا رجلًا بالكفر) على تقدير النفي ومن الزائدة ليصح الاستثناء الآتي، والتقدير أي وما من أحد دعا ونادى رجلًا بالكفر بأن قال له: يَا كافر (أو قال) له يَا
عَدُوَّ الله وَلَيسَ كَذَلِكَ، إلَّا حَارَ عَلَيهِ".
125 -
(61) حَدثني هَارُونُ بْنُ سعيدٍ الأَيلِي، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب،
ــ
(عدو الله و) الحال أن ذلك الرَّجل (ليس كذلك) أي كافرًا أو عدوًا لله (إلَّا حار) ورجع نداؤه وقوله (عليه) أي على الداعي والقائل بالكفر الحقيقي إن استحل ذلك، وإلا فبكفران نعمة أخوة الإِسلام، فهو جاحد لنعمة الإِسلام ونعمة الله التي جعل بينهما فهو عاصٍ، وقوله (إلَّا حار عليه) قال النووي: هذا الاستثناء قيل إنه واقع على المعنى أي لا يدعوه أحد بالكفر إلَّا حار عليه، ويحتمل أنَّه معطوف على قوله (ليس من رجل) فيكون جاريًا على اللفظ، قال الأبي: إنما حُمل على الوجه الأول على المعنى الذي هو النفي؛ لأن المقصود إثبات أن يرجع بها، ولا يثبت ذلك إلَّا بالنفي، ليكون الاستثناء من النفي إثباتًا، ولو لم يُقدَّر النفي لم يثبت ذلك؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي عكس المطلوب.
وقوله (عدو الله) قال النووي ضبطناه بالنصب على أنَّه منادى مضاف، وبالرفع على أنَّه خبر لمحذوف أي هو عدو الله.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أعني حديث أبي ذر من أصحاب الأمهات البُخَارِيّ فقط (3508) وشاركه أَحْمد أَيضًا (5/ 166).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي ذر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:
(125)
- ش (61)(حَدَّثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التَّمِيمِيّ السعدي مولاهم أبو جعفر (الأيلي) بفتح الهمزة وسكون التحتانية، نزيل مصر، روى عن ابن وهب في الإيمان وغيره، وابن عيينة وأبي ضمرة أنس بن عياض وطائفة، ويروي عنه (م د س ق) وأبو حاتم ومحمَّد بن وضاح وبقي بن مخلد وعاصم بن رازح والطحاوي وجماعة، قال أبو حاتم: شيخ، وقال النَّسائيّ: لا بأس به، وقال في موضع آخر: ثِقَة، وقال ابن يونس: ثِقَة، وضَعُفَ ولزم بيته وقال أبو عمر الكندي: كان فقيهًا من أصحاب ابن وهب، وقال في التقريب: ثِقَة فاضل من العاشرة، مات سنة (253) ثلاث وخمسين ومائتين وله (83) سنة، قال هارون (حَدَّثَنَا) عبد الله (ابن وهب) بن مسلم القُرشيّ مولاهم أبو محمَّد المصري الفقيه أحد الأئمة ثِقَة حافظ عابد من التاسعة، مات سنة
قَال: أَخْبَرَنِي عَمْروٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: إِن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "لا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أبِيهِ
ــ
(197)
وله (72) سنة، وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا، (قال) ابن وهب (أخبرني عمرو) بن الحارث بن يعقوب الأَنْصَارِيّ مولاهم أبو أمية المصري ثِقَة فقيه حافظ من السابعة، مات سنة (148) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا.
(عن جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل بضم فسكون غير منصرف بن حسنة بفتحات كما في المغني الكندي الحسني نسبة إلى جده حسنة بن شرحبيل المصري، روى عن عراك بن مالك والأعرج وأبي الخير اليزني وأبي سلمة، ويروي عنه (ع) وعمرو بن الحارث ويزيد بن أبي حبيب وبكر بن مضر ويحيى بن أَيُّوب والليث بن سعد، وثقه أَحْمد وأبو زرعة، وقال في التقريب: ثِقَة من الخامسة، مات سنة (136) ست وثلاثين ومائة، روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء في موضعين والدعاء في موضعين والصلاة (عن عراك بن مالك) بكسر العين المهملة وتخفيف الراء، الغفاري الكناني المدنِيُّ، فقيه أهل دهلك، ودهلك جزيرة قريبة من أرض الحبشة من ناحية اليمن، نفاه إلى دهلك يزيد بن عبد الملك لكلمة قالها في أيام عمر بن عبد العزيز، روى عن أبي هريرة في الإيمان والزكاة والفضائل وغيرها، وحفصة بنت عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر في الوضوء وعروة بن الزُّبير في النكاح وعائشة في المعروف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة في انشقاق القمر، ويروي عنه (ع) وجعفر بن ربيعة ويزيد بن أبي حبيب وسليمان بن يسار في الزكاة وخثيم بن عراك ابنه في الزكاة وبكير بن الأَشَج والحكم بن عتيبة وزياد بن أبي زياد، وقال في التقريب: ثِقَة فاضل من الثالثة، مات في خلافة يزيد بن عبد الملك بعد المائة (100)، روي عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والزكاة والنكاح والفضائل والمعروف وانشقاق القمر في سبعة أبواب (أنه) أي أن عراك بن مالك (سمع أَبا هريرة) عبد الرَّحْمَن بن صخر الدوسي المدنِيُّ، أحد المكثرين من الصَّحَابَة، وهذا السند من سداسياته رجاله، ثلاثة منهم مصريون وواحد أيلي واثنان مدنيان، حالة كون أبي هريرة (يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ترغبوا) ولا تأنفوا (عن) الانتساب إلى (آبائكم) الذين ولدوكم (فمن رغب) وأعرض وأنف (عن) الانتساب إلى (أبيه) الذي
فَهُوَ كُفْرٌ".
126 -
(62) حَدَّثَنِي عَمْرٌو الناقِدُ، حَدَّثَنَا هُشَيمُ بْنُ بَشِيرٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
ــ
أولده، أي ترك الانتساب إليه أنفةً عنه وانتسب إلى غيره، يقال رغب عنه: إذا تركه وكرهه، ورغب فيه: إذا أحبه (فهو) أي رغبته وأنفته وإعراضه عن الانتساب إلى أَبيه (كفر) حقيقةً أي خروج عن الملة إن استحل ذلك أو مجازًا أي جحدٌ لنعمة أبوة أَبيه إن لم يستحل فهو عاصٍ يُعاقب عليه، سماه كفرًا لأنه من عمل الكفار.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ فقط في كتاب الفرائض عن أصبغ بن الفرج ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي ذر بحديث سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنهما فقال:
(126)
- ش (62)(حَدَّثني عمرو) بن محمَّد بن بكير بن شابور بمعجمة (النَّاقد) أبو عثمان البغدادي ثِقَة حافظ، وهم في حديث، من العاشرة مات سنة (232) اثنتين وثلاثين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في عشرة أبواب تقريبًا.
قال عمرو (حَدَّثَنَا هُشيم) مصغرًا (ابن بشير) بوزن عظيم بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية الواسطيّ ثِقَة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي من السابعة، مات سنة (183) وله (85) سنة، وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثمانية عشر بابًا تقريبًا، قال هشيم (أخبرنا خالد) بن مهران بكسر الميم القُرشيّ الخُزَاعِيّ مولاهم أبو المنازل البَصْرِيّ المعروف بالحذاء، قيل: ما حذا نعلًا قط ولا باعها، لكنه تزوج امرأة فنزل عليها وهي بين الحذائين فنُسب إليهم، ثِقَة ولكنه يُرسل من الخامسة، مات سنة (142) مات في أولها، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أربعة عشر بابًا تقريبًا (عن أبي عثمان) عبد الرَّحْمَن بن مِلُّ بتثليث الميم ولام مشددة بن عمرو بن عدي بن وهب بن سعد بن خزيمة بن كعب بن رفاعة بن مالك بن بهز بن زيد النهدي بفتح النُّون وسكون الهاء نسبة إلى نهد بن زيد من قضاعة البَصْرِيّ أسلم في عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأدى إليه صدقاته وغزا في عهد عمر غزوات وكان مقيمًا بالكوفة فلما قتل الحسين بن عليّ رضي الله عنهما انتقل منها إلى البصرة وقال لا أسكن بلدًا قتل فيها ابن بنت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم روى عن سعد بن أبي وقَّاص وأبي بكرة
قَال: لَما ادُّعِيَ زَيادٌ لَقِيتُ أَبَا بَكْرَةَ فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا الذِي صَنَعْتُمْ؟
ــ
وعمر وعلي وأبي ذر وعبد الله بن عباس وأبي بن كعب وسلمان وأبي سعيد الخُدرِيّ وعمرو بن العاص رضي الله عنهم وخلقٍ ويروي عنه خالد الحذَّاء وعاصم الأحول وسليمان التَّيميّ وثابت البناني وأبو التَّيَّاح وداود بن أبي هند والجريري وقتادة وأيوب السختياني وخلائق ثِقَة ثبت عابد من كبار الثَّانية مات سنة (95) خمسٍ وتسعين وله أكثر من مائة وثلاثين سنة (130)، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في موضعين والجنائز والفضائل في خمسة مواضع والجهاد في موضعين وفي الرحمة والدعاء في أربعة مواضع والتوبة والأطعمة واللباس واللعان فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها أحد عشر بابًا تقريبًا (قال) أبو عثمان النهدي (لما ادعي) قال النووي ضبطناه بضم الدال وكسر العين مبنيًّا للمفعول أي لما نسب (زياد) بن عبيد الثَّقَفيّ إلى أبي سفيان ووجدتها بخط العبدري مفتوحة ووجهه أن زيادًا لما وافق معاوية في استلحاقه بأبيه أبي سفيان وصدقه فيه كأنه هو ادعى أنَّه ابن أبي سفيان أي لما وافق زياد معاوية في استلحاقه وجواب لما قوله (لقيت أَبا بكرة) مع ما عطف عليه وذلك أن زيادًا المذكور هو المعروف بزياد بن أبي سفيان ويقال فيه زياد ابن أَبيه ويقال له أَيضًا زياد بن سمية وهو أخو أبي بكرة لأمه وكان يعرف أولًا بزياد بن أبي عبيد الثَّقَفيّ ثم ادعاه معاوية بن أبي سفيان وألحقه بأبيه أبي سفيان بن حرب وصار من جملة أصحابه بعد أن كان من أصحاب علي رضي الله عنهم أي قال أبو عثمان لمّا نسب زياد بن عبيد الثَّقَفيّ أخو أبي بكرة لأمه إلى أبي سفيان واستلحق به أنكرت ذلك في نفسي وحسبت أن أَبا بكرة رضي الله عنه راض بذلك الاستلحاق فذهبت إليه فلقيته (فقك له) أي لأبي بكرة (ما هذا) الاستلحاق (الذي صنعتم) بأخيك زياد بن عبيد الثَّقَفيّ فهذا منكر في الشرع فكيف ترضى ذلك لأخيك وتركته عليه.
وقال النووي: المعنى أي ما هذا الذي جرى لأخيك لأنه أخو أبي بكرة لأمه وقد أنكر النَّاس استلحاق معاوية له وكان أبو بكرة أحد من أنكر ذلك وحلف أن لا يكلم زيادًا أبدًا فلعل أَبا عثمان لم يبلغه إنكار أبي بكرة أو بلغه وعنى بقوله ما هذا الذي صنعتم بمعنى ما هذا الذي صنع أخوك (وأما أبو بكرة) فاسمه نُفَيع مصغرًا بن الحارث بن بمدة بفتحتين بن عمرو الثَّقَفيّ الصحابي الجليل عداده في البصريين سمي بأبي بكرة لأنه نزل عليها من حصن الطائف إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكناه النَّبِيّ صلى الله عليه
إِنِّي سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقاصٍ يَقُولُ: سَمِعَ أُذُنَايَ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: "مَنِ ادَّعَى أَبًا في الإِسلامِ غَيرَ أَبِيهِ يَعلَمُ أَنَّهُ غَيرُ أَبِيهِ .. فَالْجَنَّةُ عَلَيهِ حَرَامٌ"، فَقَال أَبُو بَكْرَةَ: وَأنا (1) سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم
ــ
وسلم بها له مائة واثنان وثلاثون حديثًا، روى عنه أبو عثمان النهدي في الإيمان وأبناؤه عبد الرَّحْمَن وعبيد الله ومسلم وعبد العزيز وكبشة وربعي بن حراش والحسن وابن سيرين وغيرهم، وقال في التقريب: أسلم بالطائف وهو ابن ثماني عشرة سنة ومات سنة (59) تسع وخمسين وقيل ثلاث وقيل اثنتين وكان له يوم مات (63) ثلاث وستون سنة وكان له أربعون ولدًا أعقب منهم الأربعة المذكورين آنفًا قال أبو عثمان وقلت لأبي بكرة استدلالًا على إنكاري ذلك (إني سمعت سعد بن أبي وقَّاص) حالة كون سعد (يقول سمع أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو) صلى الله عليه وسلم (يقول من ادعى) وأثبت لنفسه (أبًا) ينتسب إليه بعد أن دخل (في) دين (الإِسلام) وأنقذه الله تعالى من الشِّرك والجهالة وعلم حرمة ذلك الانتساب وقوله (غير أبيه) بدل من أبًا أو عطف بيان له أو صفة أي جعل لنفسه (أبًا) مغايرًا لأبيه الذي أولده بعد أن دخل في الإِسلام وعلم حرمته حالة كونه (يعلم أنَّه) أي أن ذلك الشخص الذي انتسب إليه (غير أَبيه) الذي أولده (فالجنة) أي فدخول الجنة (عليه) أي على ذلك المنتسب لغير أَبيه (حرام) أي ممنوع فهو مخلد في النَّار إن استحل ذلك الانتساب أو دخوله مع الفائزين وأهل السلامة حرام حتَّى يعاقب على ذلك الانتساب إن لم يستحل ذلك إلَّا إن تفضل الله عليه بالعفو والغفران (فقال أبو بكرة) لأبي عثمان النهدي (وأنا سمعته) أي سمعت هذا الحديث أَيضًا (من رسول الله صلى الله عليه وسلم فحصل لأبي عثمان النهدي سماع هذا الحديث من صحابيين سعد بن أبي وقَّاص وأبي بكرة كما سيصرحه في الرواية الآتية إن شاء الله تعالى (وأما سعد بن أبي وقَّاص) قاسم أَبيه مالك بن وهيب ويقال أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب أبو إسحاق القُرشيّ الزُّهْرِيّ المدنِيُّ شهد بدرًا والمشاهد كلها وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وآخرهم موتًا، وأحد ستة الشورى، وأول من رمى في سبيل الله تعالى وفارس الإِسلام، ومناقبه كثيرة من أن تحصر له مائتا حديث وخمسة عشر حديثًا روى عنه أبو عثمان النهدي وبنوه إبراهيم وعامر وعمر
(1) في نسخة: (أنا) بلا واو.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومحمَّد وجابر بن سمرة وسعيد بن المسيّب و (ع) وخلائق وكان سابع سبعة في الإِسلام مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة وحمل إلى البقيع وصلى عليه مروان سنة تسع أو ثمان أو سبع أو ست وخمسين وهو ابن (74) أربع وسبعين سنة.
روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة والنكاح والفضائل والدعاء والجهاد في ستة أبواب وسند هذا الحديث من خماسياته رجاله واحد منهم بغدادي وواحد واسطيّ وثلاثة بصريون في رواية أبي بكرة أو اثنان بصريان وواحد مدني في رواية سعد بن أبي وقَّاص وقوله (سمع أذناي) كذا بلفظ الماضي وتثنية الفاعل وضبط (سمع أذني) بلفظ المصدر وإفراد الأذن أعني بسكون الميم وفتح العين على المصدر وبضمها قال سيبويه: تقول العرب سمع أذني لكذا وما تقدم هو الصواب انظر النواوي.
(فصل) قال الأبي: وسبب استلحاق معاوية زيادًا لأبيه أبي سفيان أن عليًّا كان ولى زيادًا فارس فضبط أمرها بعد أن كان بين كورها اختلاف ثم ولاه اصطخر فلما قتل علي وبويع الحسن بعث معاوية إلى زياد يهدده فقام زياد خطيبًا وقال إن ابن آكلة الأكباد وذكر ألفاظًا أخر بعث يهددني وبيني وبينه ابنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين ألفًا واضعين قبائع سيوفهم تحت أذقانهم لا يرون شيئًا دون الموت أما والله إن خلص إلى ليجدني أَحْمد ضراب بالسيف فلما بايع الحسن معاوية وسلم إليه الخلافة دخل المغيرة بن شعبة على معاوية فأنشده معاوية:
وإذا بحت بسر فإلى
…
ناصح يستره أو لا تبح
فقال: يَا أمير المُؤْمنين إن استودعتني تستودع ناصحًا شفيقًا ووعاء وثيقًا، قال: وما ذلك، قال: فكرت في أمر زياد واعتصامه بقلاع فارس فلم أنم الليلة، فقال المغيرة: ليس زياد هنالك يَا أمير المُؤْمنين، فقال معاوية: بئس الوطاء العجز، داهية العرب معه الأموال متحصن بقلاع فارس يدبر الرأي ويربط الخيل وما يؤمنني أن يبايع لرجل من أهل هذا البيت فإذا هو قد أعاد خدعة، فقال المغيرة: ائذن لي في إتيانه، قال: نعم وتلطف فأتاه فادار المغيرة من الكلام ما قال زياد في جوابه أشر علي الآن وارم الغرض ودع الفضول، فقال المغيرة: في محض الرأي بشاعة ولا خير في التصديق إنه لن يمد أحد يده إلى هذا الأمر غير الحسن وقد بايع لمعاوية فخذ لنفسك قبل التوطين ويستغنى عنك وهو يريد أن يلحقك بأبيه فأرى أن تشخص إليه وتلحق أهلك بأهله وتعير
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّاس أذنًا صماء فقال لا أغرس عودًا في غير منبته وكتب معاوية إلى زياد علام تهلك نفسك اقدم إلى وأعلمني بما جبيت وما خرج عنك وما بقي وأنت آمن ثم إن شئت المقام عندي وإلا رجعت إلى مأمنك فلم يزل به المغيرة حتَّى أقدمه فسأله معاوية عما صار إليه من أموال فارس فأخبره بما بعث به إلى علي وبما أنفق في وجوه النفقة فصدقه وعرض عليه أن يلحقه بأبيه أبي سفيان فأبى فأرسلت إليه جويرية بنت أبي سفيان فأتاها فأذنت له ونشرت شعرها بين يديه وقالت له: أَنْتَ أخي أخبرني بذلك أبي فاعتزم على قبول الدعوة فأخرجه معاوية إلى الجامع وأحضر النَّاس وأحضر زيادًا وأربعة شهود أحدهم المنذر بن الزُّبير فشهد أنَّه سمع عليًّا يقول كنت عند عمر بن الخَطَّاب فقدم زياد بكتاب أبي موسى الأَشْعريّ فتكلم زياد بكلام أعجب عمر فقال أكنت قائلًا هذا للنَّاس على المنبر فقال هم أهون علي منك يَا أمير المُؤْمنين فقال أبو سفيان- وكان حاضرًا.: هو ابني فقلت وما يمنعك فقال هذا العير الناهق ثم شهد آخر بذاك فقام أبو مريم السلولي فقال ما أدري ما شهادة على ولكني كنت خمارًا بالطائف فمر بي أبو سفيان في سفر فطعم وشرب ثم سألني بغيًا فأتيته بسمية جارية بني عجلان وهي من أصحاب الرايات بالطائف فوقع بها ثم قال ما أصبت مثلها لقد سلت ماء ظهري استلالًا تبينت أثر العمل في عينها فقال له زياد مهلًا يَا أَبا مريم إنما بعثت شاهدًا ولم تبعث شاتمًا فقال قلت الحق على ما كان ولو أعفيتموني لكان أحب إلى فقام زياد وقال أيها النَّاس هذا الشاهد قد ذكر ما سمعتم ولست أدري حق ذلك من باطلة وإنما كان أبو عبيد أبًا مبرورًا ووليًا مشكورًا والشهود أعلم بما قالوا فقام يونس بن أبي عبيد الثَّقَفيّ فقال يَا معاوية قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الولد للفراش وللعاهر الحجر فعكست أَنْتَ وخالفت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت الولد للعاهر وللفراش الحجر فخالفت كتاب الله وسنة رسوله بشهادة أبي مريم على زنى أبي سفيان فقال معاوية يَا يونس والله لتنتهين أو لأطيرن بك طيرًا بطيئًا وقوعها فانفذ معاوية هذه الشهادة وأثبت زيادًا لأبي سفيان وولاه البصرة وللمؤرخين في ذلك حكايات وأشعار انتهى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه فقال:
127 -
(00) حَدَّثَنَا أَبُو بَكرِ بن أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَأَبُو مُعَاويةَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَعْدٍ وَأَبِي بَكْرَةَ كِلاهُمَا
ــ
(127)
- متا (00)(حَدَّثَنَا أبو بكر) عبد الله بن محمَّد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكُوفيّ من العاشرة، مات سنة (235) روى عنه في (16) بابا، قال أبو بكر (حَدَّثَنَا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني الوادعي مولاهم، أبو سعيد الكُوفيّ ثِقَة متقن من كبار التاسعة مات سنة (184) وله (93) سنة، روى عنه في (12) بابًا تقريبًا.
(و) حدثنا أَيضًا (أبو معاوية) محمَّد بن خازم بمعجمتين التَّمِيمِيّ السعدي مولاهم الضَّرير، عَمِّي في صغره، الحافظ الكُوفيّ ثِقَة، أحفظ النَّاس لحديث الأَعمش، من كبار التاسعة، مات سنة (195) وله (82) سنة روى عنه في (14) بابًا تقريبًا، كلاهما (عن عاصم) بن سليمان الأحول أبي عبد الرَّحْمَن البَصْرِيّ الحافظ التَّمِيمِيّ مولاهم، روى عن أبي عثمان النهدي وصفوان بن محرز وأبي المتوكل وحميد الطَّويل وأنس بن مالك وعبد الله بن سرجس والشعبي ومحمَّد بن سيرين، ويروي عنه (ع) ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة وأبو معاوية وداود بن أبي هند وحفص بن غياث ومروان بن معاوية وزهير بن معاوية ومعمر بن راشد وأبو خالد الأحمر وشعبة وسفيان بن عيينة وحماد بن زيد وخلائق، وثقه ابن معين وأبو زرعة وقال أَحْمد: ثِقَة من الحفاظ، وقال في التقريب: ثِقَة من الرابعة، وقال ابن سعد: مات سنة (141) إحدى وأربعين ومائة، لم يتكلم فيه إلَّا القطَّان، وكأنه بسبب دخوله في الولاية، وكان قاضيًا في المدائن (عن أبي عثمان) عبد الرَّحْمَن بن مُل البَصْرِيّ، ثِقَة ثبت عابد من كبار الثَّانية، مات سنة (95) وله (135) سنة (عن سعد) بن أبي وقَّاص مالك بن وهيب أبي إسحاق القُرشيّ الزُّهْرِيّ المدنِيُّ الصحابي الجليل (وأبي بكرة) نفيع بن الحارث بن بمدة الثَّقَفيّ البَصْرِيّ الصحابي الجليل، تقدمت ترجمتهما آنفًا، وهذا السند من خماسياته، رجاله اثنان منهم كوفيان وثلاثة منهم بصريون، على رواية أبي بكرة، واثنان بصريان وواحد مدني على رواية سعد، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عاصم الأحول لخالد الحذَّاء في رواية هذا الحديث عن أبي عثمان النهدي، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث معها لما في الرواية الآتية من المخالفة للرواية الأولى في بعض الكلمات (كلاهما) أي
يَقُولُ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مُحَمدًا صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنِ ادَّعَى إلى غَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيرُ أَبِيهِ .. فَالْجَنةُ عَلَيهِ حَرَام"
ــ
كل من سعد وأبي بكرة (يقول سمعته) أي سمعت لفظ الحديث الآتي (أذناي) بصيغة التثنية على أنَّه فاعل سمع (ووعاه) معطوف على سمع أي ووعى وحفظ معنى الحديث الآتي (قلبي) أي فؤادي وعقلي وقوله (محمد صلى الله عليه وسلم بالنصب بدل من ضمير سمعته أي سمعت أذناي محمدًا صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقول من ادعى) وانتسب (إلى غير أَبيه) أي غير والده وإن علا (وهو) أي والحال أن ذلك المنتسب (يعلم أنَّه) أي أن ذلك الغير (غير أَبيه) أي غير والده وإن علا سواء كان من أقاربه أو من الأجانب (فالجنة) أي فدخولها (عليه) أي على ذلك المنتسب (حرام) أي ممنوع أبدًا إن استحل ذلك الانتساب أو أولًا مع الفائزين حتَّى يعاقب ويجازى على ذلك الانتساب إن لم يستحل ولم يدركه العفو.
قال القرطبي: والضمير في (سمعته أذناي) ضمير المصدر الذي دل عليه سمعته أي سمعت سمعًا أذناي كما تقول العرب ظننته زيدًا قائمًا أي ظننت ظنًّا زيدًا قائمًا وهذا الوجه أحسن ما يقال فيه إن شاء الله تعالى ويجوز أن يكون الضمير عائدًا على معهودِ مقصورٍ في نفوسهم، ومحمدًا بدل منه، والله أعلم، انتهى. وهذا الحديث أعني حديث سعد بن أبي وقَّاص وأبي بكرة رواه أَحْمد (1/ 174) و (5/ 46) وشاركه من أصحاب الأمهات البُخَارِيّ (6766) وأبو داود (5113) وابن ماجه (2610).