الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - بَابُ الأَمْرِ بِالإِيمَانِ ثُمَّ بِالاسْتِقَامَةِ
67 -
(37) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ، ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
ــ
18 -
بَابُ الأَمْرِ بِالإِيمَانِ ثُمَّ بِالاسْتِقَامَةِ
أي باب معقود في بيان أمره صلى الله عليه وسلم للسائل بالإيمان أولًا، ثم بالاستقامة والدوام والثبات عليه بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات، وترجم لهذا الحديث النواوي وكذا أكثر المتون بقوله:(باب جامع أوصاف الإسلام) أي باب معقود لبيان لفظ جامع لأوصاف الإسلام وخصاله وأموره، لأن الاستقامة المذكورة في الحديث جامعة لأوصاف الإسلام وأحكامه، لأن أحكام الإسلام إما فعل وإما ترك، فالاستقامة والاعتدال في الدين إنما يحصل بفعل المأمورات وترك المنهيات، وكذا ترجم له القاضي عياض، وترجم له الأبي بقوله (باب قوله قل لي في الإسلام قولًا) وترجم له السنوسي بقوله (باب الإيمان بالله تعالى والاستقامة) وترجم له القرطبي بقوله (باب الاستقامة في الإسلام وأي خصاله خير) وترجمتنا أوضح وأوفق ثم استدلوا على الترجمة بقول المؤلف رحمه الله تعالى:
(67)
- س (37)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، ثقة ثبت حافظ من العاشرة مات سنة (235) خمس وثلاثين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة عشر بابًا تقريبًا.
(و) حدثنا أيضًا (أبو كريب) محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي، أحد الأثبات المكثرين، ثقة حافظ من العاشرة، مات سنة (248) ثمان وأربعين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في عشرة أبواب تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه، وإلا فالراويان ثقتان (قالا) أي قال أبو بكر وأبو كريب (حدثنا) عبد الله (ابن نمير) مصغرًا الهمداني الخارفي، أبو هشام الكوفي، ثقة صاحب حديث، من كبار التاسعة، مات سنة (199) تسع وتسعين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في سبعة عشر بابًا تقريبًا.
(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل بن طريف الثقفي مولاهم، أبو رجاء البغلاني نسبة إلى بغلان بلدة بنواحي بلخ، ثقة ثبت من
وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
ــ
العاشرة، مات سنة (240) أربعين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في سبعة أبواب تقريبًا.
(و) حدثنا أيضًا (إسحاق بن إبراهيم) بن مخلد الحنظلي أبو يعقوب المروزي ثقة حافظ من العاشرة، مات سنة (238) ثمان وثلاثين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أحدٍ وعشرين بابا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه، وأكد بقوله (جميعًا) دون كلاهما لشكه في انحصار من روى له عن جرير في هذين الشيخين أي حال كونهما مجتمعين في الرواية له (عن جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي أبي عبد الله الكوفي ثم الرازي، ثقة ثبت من الثامنة، مات سنة (188) ثمان وثمانين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة عشر بابًا تقريبًا.
(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني أيضًا قال (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة القرشي الهاشمي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت من كبار التاسعة مات سنة (201) إحدى ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في تسعة عشر بابًا تقريبًا، وأتى بحاء التحويلات في موضعين لاختلاف مشايخ مشايخه وصيغة روايتهم، وإن كان شيخ الكل واحدًا حيث قال (كلهم) أي كل من ابن نمير في السند الأول، وجرير في السند الثاني، وأبي أسامة في السند الثالث رووا (عن هشام بن عروة) بن الزبير بن العوام الأسدي أبي المنذر المدني، روى عن أبيه عروة وزوجته فاطمة بنت المنذر وعباد بن حمزة وعبد الرحمن بن القاسم وأخيه عثمان بن عروة وأبي سلمة بن عبد الرحمن وخلق، ويروى عنه (ع) وأيوب وابن جريج وشعبة ومعمر ويونس وابن نمير وجرير بن عبد الحميد وأبو أسامة وأبو معاوية وسفيان بن عيينة ويحيى القطان وعدة، وقال في التقريب: ثقة ثبت فقيه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة (145) خمس وأربعين ومائة، وله سبع وثمانون سنة (87) وتكلم فيه مالك وغيره.
روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في ثلاثة مواضع والجنائز والزكاة في أربعة مواضع والصوم في موضعين والحج في موضعين والذبائح واللباس والطب والعتق والنكاح والنذور والأطعمة والفضائل في ثلاثة مواضع والبيوع، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها ستة عشر بابًا تقريبًا (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام بن
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ قُلْ لِي فِي الإِسْلامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ،
ــ
خويلد الأسدي أبي عبد الله المدني أحد الفقهاء السبعة، وأحد علماء التابعين، روى عن سفيان بن عبد الله الثقفي وأبي مراوح الليثي وحكيم بن حزام وعبد الله بن زمعة وأبي هريرة وعائشة خالته وأبيه وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق وخلق، ويروي عنه (ع) وابنه هشام والزهري ومحمد بن عبد الرحمن بن نوفل وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعمر بن عبد العزيز وأبوالزناد وخلائق، وقال في التقريب: ثقة مشهور فقيه من الثانية، مات سنة (94) أربع وتسعين على الصحيح، ومولده في أوائل خلافة عمر الفاروق.
روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء في موضعين والصلاة في أربعة مواضع والزكاة والصوم في موضعين والحج في أربعة مواضع والنكاح والطلاق والبيوع والهبة والجهاد في موضعين والأدب والأمانة وفي ذكر النار والفتن وفي آخر الكتاب والفضائل وفي انْتَدَبَ الناسُ والزهدِ وفي العِلْم فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها عشرون بابًا تقريبًا (عن سفيان بن عبد الله) بن ربيعة بن الحارث (الثقفي) أبي عمرو أو أبي عمر الطائفي عامل عمر على الطائف صحابي له حديثان انفرد له (م) بحديث، ويروي عنه (م ت س ق) وعروة بن الزبير حديثًا في الإيمان، قال النواوي: ولم يرو مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه لسفيان بن عبد الله الثقفي راوي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا وروى الترمذي هذا الحديث وزاد فيه: "قلت يا رسول الله ما أخوف ما أخاف على فأخذ بلسان نفسه ثم قال هذا" والله أعلم.
وهذا السند من خماسياته، ورجاله في السند الأول كوفيان ومدنيان وطائفي، وفي السند الثاني بغلاني كوفي مدنيان طائفي، وفي السند الثالث مروزي كوفي مدنيان طائفي وفي السند الرابع كوفيان مدنيان طائفي (قال) سفيان بن عبد الله رضي الله عنه (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله قل لي في الإسلام) أي في أحكامه وخصاله وأموره (قولًا) جامعًا لها واضحًا في نفسه (لا أسال عنه) أي عن تفسير ذلك القول (أحدًا) من الناس (بعدك) أي بعد قولك لي وتعليمك إياي، قال الأبي: ولما كانت أحكام الإسلام من الأفعال والتروك وشرائط ذلك لا تنحصر، سأل بحسن نظره بيان جميع ذلك بقول جامع جلي يستغني بجمعه ووضوحه عن سؤال غيره صلى الله عليه وسلم، وعبارة القرطبي: أي علمني قولًا جامعًا لمعاني الإسلام وأحكامه واضحًا في
وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ: غَيرَكَ، قَال:"قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، فَاسْتَقِمْ"
ــ
نفسه بحيث لا يحتاج إلى تفسير غيرك، أعمل عليه وأكتفي به، وهذا نظير قول الآخر له "علمني شيئًا أعيش به في الناس ولا تكثر عليَّ فأنسى فقال: لا تغضب" رواه أحمد والبخاري والترمذي ومالك في الموطأ من حديث أبي هريرة، وهذا الجواب هنا بقوله "قل آمنت بالله ثم استقم" دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أُوتي جوامع الكلم واختصر له القول اختصارًا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مخبرًا بذلك عن نفسه فيما رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه "أوتيت جوامع الكلم" فإنه صلى الله عليه وسلم جمع لهذا السائل في قوله "قل آمنت بالله ثم استقم" معاني الإسلام والإيمان كلها فإنه أمره أن يجدد إيمانه متذكرًا بقلبه وذاكرًا بلسانه، ويقتضي هذا استحضار تفصيل معاني الإيمان الشرعي بقلبه التي تقدم ذكرها في حديث جبريل، وأمره بالاستقامة على أعمال الطاعات والانتهاء عن جميع المخالفات إذ لا تتأتى الاستقامة مع شيء من الاعوجاج فإنها ضده اهـ منه.
(وفي حديث أبي أسامة) وروايته لاأسال عنه أحدًا (غيرك) يا رسول الله لوضوحه، وهي أوضح من الرواية الأولى (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤال سفيان بن عبد الله (قل) يا سفيان مجددًا لإيمانك بقلبك ولسانك (آمنت بالله) أي صدقت بوحدانيته تعالى، وبجميع ما أتى به رسوله صلى الله عليه وسلم (فاستقم) على الشريعة ولا تعوج عنها بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات وفي بعض الروايات (ثم استقم) بثم التي للتراخي، قال الأبي: وكان هذا الجواب من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم لأنه أجمل فيه ما فصله في ثلاث وعشرين سنة أو عشرين على الخلاف كم بقي بعد البعثة، والمعنى اعتدل على طاعة الله تعالى عقدأ وقولًا وفعلًا وداوم على ذلك ولا يحصل منك اعوجاج منه.
وقال القاضي عياض وجوابه هذا مطابق لقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} الآية ومعناها عند الأكثر وحدوا الله تعالى وآمنوا به ثم استقاموا على التكاليف فلم يحيدوا عن توحيدهم ولا أشركوا به غيره، والتزموا طاعته حتى لقوا الله تعالى على ذلك، وهذا نفس معنى هذا الحديث.
وعطف الاستقامة بثم لبعد رتبتها عن رتبة الإقرار فهي للبعد في الرتبة لا في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزمان، وكانت رتبة الاستقامة أعلى لأن الاستقامة هي الدوام على الطاعة والوقوف على قدم الصدق.
وعن ابن عباس رضي الله عنه لم يكن أشد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أشق عليه من قوله تعالى {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} ولذا قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين قالوا له: "أسرع عليك الشيب يا رسول الله قال شيبتني هود وأخواتها" وقال صلى الله عليه وسلم: "استقيموا ولن تحصوا" وجعلها بعضهم للبعد في الزمان وانتزع من الحديث أن الكفار غير مخاطبين بالفروع، قال: لأنه لم يأمره بالاستقامة إلا بعد الإيمان، وزاد الترمذي في الحديث "قال الرجل يا رسول الله ما أخوف ما تخاف عليَّ فأخذ بلسان نفسه وقال هذا".
قال أبو القاسم القشيري في رسالته: الاستقامة درجة بها كمال الأمور وتمامها، وبوجودها حصول الخيرات ونظامها ومن لم يكن مستقيمًا في حالته ضاع سعيه وخاب جهده قال: وقيل الاستقامة لا يطيقها إلا الأكابر لأنها الخروج عن المعهود ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "استقيموا ولن تحصوا" وقال الواسطي: الاستقامة الخصلة التي بها كملت المحاسن، وبفقدها قبحت المحاسن والله أعلم اهـ نووي.
وهذا الحديث انفرد به مسلم بهذا اللفظ عن أصحاب الأمهات، ورواه أحمد (3/ 413) و (4/ 385) وروى الترمذي بنحوه في الزهد وقال: حسن صحيح، ورواه النسائي أيضًا في السنن الكبرى بغير هذا اللفظ.
* * *