الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 - بَابُ النُّصحِ مِنَ الإِيمَانِ
105 -
(54) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ الْمَكِّيُّ،
ــ
29 -
بَابُ النُّصحِ مِنَ الإِيمَانِ
أي هذا باب معقود في بيان أن النصح لمن سيأتي من شُعب الإيمان والدين المذكور في الحديث بمعنى الإيمان، وفي تركيب الحديث تقديم وتأخير كما سنبينه، وإنما عدلنا إلى هذه الترجمة لتوافق ترجمة كتاب الإيمان، وترجم للحديث الآتي النووي والقاضي وأكثر المتون بقولهم (بابُ بيانِ أن الدين النصيحة) وهكذا ترجم له الأبي والسنوسي، وفي بعض المتون إسقاط هذه الترجمة وهو خطأ من النساخ، لأن هذا الحديث لا يدخل في الترجمة السابقة، وأدخل القرطبي هذا الحديث في الترجمة السابقة حيث قال:(بابٌ المحبة في الله تعالى والنصح من الإيمان) وهي أولى وأدق، وترجمتي أخصر وأوفق للمقام أيضًا.
والنصح والنصيحة كلاهما مصدرٌ سماعي لنصح، من باب فتح، يقال: نصح ينْصحُ نصيحةً ونُصحًا بضم النون، فأما نصحْتُ الثوب فمصدره نَصحًا بفتح النون قاله الجوهري، قال الخطابي: النصيحة كلمة يُعبر بها عن جملةٍ هي إرادة الخير للمنصوح له، وهي في اللغة الإخلاص من قولهم: نصحت العسل إذا صفيته من الشمع، شبهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط، قال نفطويه: يقال نصح له الشيء إذا خلص، ونصح له القول إذا أخلصه له من الغش، واصطلاحًا: إرادة الخير للغير، وقيل: هي مأخوذة من النصح بالفتح وهي الخياطة، والإبرة المِنصحة، والنصاح الخيط الذي يُخاط به، والناصح الخياط، فكان الناصح لأخيه يلمُّ شَعثه ويضمه كما تضم الإبرة خرق الثوب، فشبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوح له بما يسده من خلل الثوب، فالنصيحة كلمة وجيزة تجمع معاني كثيرة، كما قالوا في الفلاح: ليس في كلام العرب كلمة أجمع لخير الدنيا والآخرة منه.
(105)
- س (54)(حدثنا محمد بن عباد) بن الزِّبِرْقَان (المكي) نزيل بغداد أبو عبد الله، روى عن سفيان بن عيينة ومروان بن معاوية وحاتم بن إسماعيل وأنس بن عياض والدراوردي وأبي صفوان الأموي وغيرهم، ويروي عنه (خ م ت س ق) له في (ح) فرد حديث، وأحمد بن سعيد الدارمي وأحمد بن علي المروزي وغيرهم، وقال في
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: قُلْتُ لِسُهَيلٍ: إِنَّ عَمْرًا حَدَّثَنَا عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِيكَ قَال: وَرَجَوْتُ أَنْ يُسْقِطَ عَنِّي رَجُلًا، قَال: فَقَال: سَمِعْتُهُ مِنَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِي- كَانَ
ــ
التقريب: صدوق يهم من العاشرة مات ببغداد في آخر ذي الحجة سنة (234) أربع وثلاثين ومائتين، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في موضعين والبيوع في موضعين والأشربة في أربعة أبواب. قال محمد بن عباد (حدثنا سفيان) بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي مولاهم، أبو محمد الأعور الكوفي ثم المكي، وقال في التقريب: ثقة فقيه إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه في آخره، وكان ربما يدلس، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار، من رؤوس الطبقة الثامنة، مات سنة (198) ثمانٍ وتسعين ومائة، وله إحدى وتسعون سنة (91) روى عنه المؤلف في أربعة وعشرين بابًا تقريبًا.
(قال) سفيان (قلت لسهيل) بن أبي صالح السمان ذكوان الزيات أبي يزيد المدني صدوق من السادسة، مات في خلافة المنصور، روى عنه المؤلف في ثلاثة عشر بابا تقريبًا (إن عَمْرًا) ابن دينار القرشي مولاهم، أبا محمد المكي ثقة ثبت من الرابعة، مات سنة (126) ست وعشرين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في اثنين وعشرين بابًا تقريبًا (حدثنا عن القعقاع) بن حكيم الكناني المدني، روى عن أبي صالح وأبي يونس مولى عائشة وجابر بن عبد الله وابن عمر وعائشة وعلي بن الحسين وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وعمرو بن دينار، ذكره ابن عيينة في قصةٍ، ثم حدثه سفيان عن عطاء بن يزيد نفسه، ويروي عنه سهيل وزيد بن أسلم وجعفر بن عبد الله بن الحكم ويعقوب بن عبد الله بن الأشج وابن عجلان، وثقه أحمد وابن معين، وقال في التقريب: ثقة من الرابعة، روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء في موضعين والصلاة في موضعين والدعاء في موضعين وفي الأشربة في خمسة أبواب تقريبًا (عن أبيك) أبي صالح ذكوان مولى جُويرية بنت الحارث القيسية السمان المدني، ثقة ثبت، مات سنة (101) إحدى ومائة، روى عنه المؤلف في ثمانية أبواب تقريبًا.
(قال) سفيان بن عيينة (ورجوت) أي ظننت أنا (أن يُسقط) سهيل (عني رجلًا) واحدًا من السند بينه وبين أبيه الذي هو القعقاع بن حكيم (قال) سفيان (فقال) لي سهيل حين رجوت منه بيان ذلك الرجل الذي أسقط، وجملة قوله (سمعته) مقول لقال الثانية، أي فقال لي سهيل: سمعت هذا الحديث (من) الشيخ (الذي سمعه) أي سمع هذا الحديث (منه) أي من ذلك الشيخ (أبي) أبو صالح حين حدثه لأبي (كان) ذلك الشيخ
صَدِيقًا لَهُ بِالشَّامِ- ثُمَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيلٍ، عَن عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ:
ــ
(صديقًا له) أي لأبي نزيلًا (بالشام) قال محمد بن عباد (ثم) بعدما أخبرنا سفيان هذه القصة التي جرت بينه وبين سهيل بن أبي صالح (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن سُهيل) بن أبي صالح (عن عطاء بن يزيد) الليثي من أنفسهم أبي يزيد المدني، وقيل الشامي، فرجا سفيان أولًا أن يسقط عنه سهيل رجلًا واحدًا من السند الذي هو القعقاع فحدث له سهيل عن عطاء بن يزيد فأسقط عنه رجلين القعقاع وأبا صالح، لأنه ظن أن سهيلًا سمعه من أبيه، فإذا هو سمعه من شيخ أبيه عطاء بن يزيد، قال القاضي عياض: وفيه دليل على حرص الأئمة على علو الإسناد واختصار الطريق، واتفق لسفيان في هذا السند سُقوط رجلين أكثر ممن ظنه أولًا، لأنه ظن أن لسُهيلًا سمعه من أبيه، فإذا هو سمعه من شيخ أبيه اهـ.
وترتيب هذا السند قال مسلم: حدثنا محمد بن عباد المكي حدثنا سفيان عن سهيل (عن عطاء بن يزيد) الليثي الجندعي بضم الجيم، أبي يزيد المدني نزيل الشام، روى عن تميم الداري وعبيد الله بن عدي بن الخيار وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وأبي أيوب الأنصاري، ويروي عنه (ع) وسهيل بن أبي صالح وأبوه أبو صالح في قصةٍ ذكره ابن عيينة عن عمرو عن القعقاع عن أبي صالح عن عطاء الليثي، والزهري وأبو عبيد المذحجي، وثقه النسائي، وقال في التقريب: ثقة من الثالثة، مات سنة خمس أو سبع ومائة (107) وهو ابن (82) اثنتين وثمانين سنة.
روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء في موضعين والصلاة في موضعين والزكاة والصلة في خمسة أبواب تقريبًا (عن تميم) بن أوس بن خارجة بن مسدَّد بن جذيمة بن ذراع بن عدي بن الدار بن هانئ بن نمارة بن لخم، أبو رُقَيَّة الشامي بقاف وتحتانية مصغرًا (الداري) نسبة إلى الدار بن هانئ أحدِ أجداده، كان راهب عصره وعابد أهل فلسطين الصحابي المشهور، أسلم سنة تسع، وسكن بيت المقدس بعدما قتل عثمان، له ثمانية عشر حديثًا، انفرد له (م) بحديث، روى عنه سيد البشر صلى الله عليه وسلم خبر الجساسة، وذلك في (خ م) وناهيك بهذه المنقبة الشريفة، وتدخل في رواية الأكابر عن الأصاغر، كان صاحب ليل وتلاوة، وكان يختم القرآن في ركعة، قال مسروق: صلى ليلة حتى أصبح يقرأ آية يرددها {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} الآية، وقال أبو نعيم:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "الدِّينُ النصِيحَةُ" قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَال: "للهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأئَمَّةِ الْمُسْلِمِينَ
ــ
أول من سرج في المساجد تميم الداري، وقال السائب بن يزيد: وهو أول من قص القصص بإذن عمر بن الخطاب، مات بالشام سنة (40) أربعين، وقبره ببيت جبرين من بلاد فلسطين، روى عنه عطاء بن يزيد الليثي في الإيمان وأنس وشهرٌ وقبيصة بن ذؤيب وعِدة، وهذا السند من خماسياته، رجاله اثنان منهم مكيان واثنان مدنيان وواحد شامي (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين) أي عماد الدين وقوامه (النصيحة) أي إرادة الخير لمن سيأتي في الحديث، والدين هنا بمعنى الإيمان ليُطابق الحديث ترجمة كتاب الإيمان، وفي العبارة تقديم وتأخير وحذف، والتقدير والنصيحة للغير من الدين والإيمان، أي إرادة الخير للغير من شعب الإيمان فلا يكمل إيمان المرء إلا بها (قلنا) معاشر الحاضرين النصيحة (لمن) يا رسول الله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مُجيبًا لنا النصيحة (لله) سبحانه وتعالى، قال القاضي: النصيحة لله تعالى صحة الاعتقاد له بالوحدانية، ووصفه بصفات الإلهية وتنزيهه عن النقائص والرغبة في محابه والبعد عن مساخطه والإخلاص في عبادته، قال الخطابي: والنصيحة لله تعالى إنما ترجع إلى العبد لأن الله سبحانه غني عن نصح الناصحين (و) النصيحة (لكتابه) العزيز والقرآن الكريم، ومعنى النصيحة لكتابه الإيمان به، والعمل بما فيه، والتخلق بآدابه، وتحسين تلاوته والخشوع عند ذلك وتوقيره وتعظيمه، وتفهم معانيه وتدبر آياته، والتفقه في علومه، والدعاء إليه، والذب عنه من تأويل الغالين وتحريف المبطلين وطعن الملحدين (و) النصيحة (لرسوله) صلى الله عليه وسلم، ومعنى النصيحة له التصديق بنبوته، وطاعته فيما أمر به، ونهى عنه ونصرته حيًّا وميتًا، ومعاداة من عاداه ومحاربة من حاربه، وبذل النفوس والأموال دونه في حياته، وإحياء سنته بعد موته بالبحث عنها، والتفقه فيها، والذب عنها ونشرها، والدعاء إليها، والتخلق بأخلاقه الكريمة، والتأدب بآدابه الجميلة، وتوقيره وتعظيمه، ومحبة آل بيته وأصحابه، ومجانبة من ابتدع في سنته، (و) النصيحة (لأئمة المسلمين) وخلفائهم وأمرائهم وولاتهم، ومعنى النصيحة لهم طاعتهم في الحق، ومعاونتهم عليه وأمرهم به، وتذكيرهم إياه على أحسن الوجوه، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من أمور المسلمين، وترك الخروج عليهم، وتأليف قلوب الناس لطاعتهم، هذا إن أريد بالأئمة الخلفاء والولاة وهو المشهور، وإن أريد بهم العلماء فالنصح لهم
وَعَامَّتِهِمْ".
106 -
(00) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ،
ــ
قبول روايتهم وتقليدهم في الأحكام وحسن الظن بهم، قال الخطابي: ومن النصيحة لولاة الأمور الصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج بالسيف عليهم إذا ظهر منهم حيف، أو ظهر عثرة، وأن لا يُغرّوا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يُدعى لهم بالصلاح (و) النصيحة لي (عامتهم) وهم من عدا ولاة الأمور، ومعنى النصح لعامتهم إرشادهم لمصالحهم، ومعونتهم في أمر دينهم ودنياهم بالقول والعمل، وتنبيه غافلهم، وتعليم جاهلهم، ورِفد محتاجهم، وستر عوراتهم، ودفع المضار عنهم، وجلب المنافع في الدين والدنيا إليهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وسد خللهم، وترك حسدهم وغشهم، وبالجملة بأن يكون معهم كما قال صلى الله عليه وسلم أن تؤتيهم ما تحب أن يُؤتى إليك وتكره لهم ما تكره لنفسك، وإذا كان هذا في حق المسلمين فالأمراء والأئمة بذلك أولى.
قال ابن بطال: والنصيحة فرض كفاية، وشَرْط لزومها أمن الناصح على نفسه وعلمه أنه يُقبل منه، فإن خشيَ الأذى فهو في سعة، قال الأبي: وتقدم عدم اشتراط ذلك في تغيير المنكر، فانظر الفرق، قال السنوسي:(قلت) أما الأمن على النفس فشَرطٌ فيهما، وأما القبول فلعل الفرق بين اشتراطه في النصيحة دون تغيير المنكر تحقُّق التلبس بالمفسدة في المنكر، فلا يسع السكوت عن تغييره باحتمال عدم القبول المحتمل للصدق والكذب بخلاف النصيحة فإن المفسدة لم يُقطع فيها بالوقوع فكانت أخف والله سبحانه وتعالى أعلم.
وهذا الحديث أعني حديث تميم الداري قد شارك المؤلف في روايته أحمد (4/ 102) وأبو داود (4944) والنسائي (7/ 156) ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث تميم الداري فقال:
(106)
- متا (00)(حدثني محمد بن حاتم) بن ميمون البغدادي، أبو عبد الله السَّمين، روى عن عبد الرحمن بن مهدي وغيره، ويروي عنه (م د) وأحمد بن الحسن الصوفي وجماعة، وثقه الدارقطني وابن عدي وأفرط ابن معين فكذبه، وقال في التقريب: صدوق ربما وهم، من العاشرة، مات سنة (235) خمس وثلاثين ومائتين،
حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيثِيِّ، عَنْ تَمِيمِ الدَّارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
…
" بِمِثلِهِ.
107 -
(00) وَحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ،
ــ
وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أحد عشر بابًا تقريبًا، قال محمد بن حاتم (حدثنا) عبد الرحمن (بن مهدي) بن حسان الأزدي مولاهم، أبو سعيد البصري اللؤلؤي، الإمام العلم، روى عن الثوري وشعبة ومالك وخلق، ويروي عنه (ع) ومحمد بن حاتم ومحمد بن المثنى وغيرهم، وقال في التقريب: ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، من التاسعة، مات سنة (198) ثمان وتسعين ومائة بالبصرة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أربعة عشر بابا، قال ابن مهدي (حدثنا سفيان) بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري، أبو عبد الله الكوفي، أحد الأئمة الأعلام ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، من رؤوس الطبقة السابعة، وكان ربما دلس، مات سنة (161) إحدى وستين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أربعة وعشرين بابًا تقريبًا.
(عن سهيل بن أبي صالح) السمان أبي يزيد المدني صدوق من السادسة (عن عطاء بن يزيد الليثي) أبي يزيد المدني، ثقة من الثالثة (عن تميم) بن أوس بن خارجة (الداري) الصحابي المشهور (عن النبي صلى الله عليه وسلم والجار والمجرور في قوله (بمثله) متعلق بقوله حدثنا سفيان الثوري، والضمير فيه يعود إلى سفيان بن عيينة المذكور في السند السابق، والتقدير حدثنا سفيان الثوري عن سهيل بن أبي صالح بمثل ما حدث سفيان بن عيينة عن سُهيل، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة سفيان الثوري لسفيان بن عيينة، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، وهذا السند من سداسياته، ورجاله اثنان منهم مدنيان وواحد بغدادي وواحد بصري وواحد كوفي وواحد شامي، وهذا من ألطف الأسانيد، ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث تميم فقال:
(107)
- (00)(وحدثني أمية بن بِسْطام) بكسر الباء وسكون السين، وحُكي فتح الباء والصرف وعدمه، بن المنتشر العيشي بتحتانية ثم معجمة، نسبة إلى بني عائش بن مالك بن تيم الله، سكنوا البصرة، أبو بكر البصري، روى عن يزيد بن زُريع في الإيمان وغيره، والمعتمر بن سليمان في الوضوء، ويروي عنه (خ م س) وأبو زرعة، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق من العاشرة، مات سنة (231) إحدى
عَنْ يَزِيدَ (1) - يَعْنِي ابْنَ زُرَيعٍ- حَدَّثَنَا رَوْحٌ -وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ- حَدَّثَنَا سُهَيلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ -سَمِعَهُ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَبَا صَالِحٍ- عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
…
" بِمِثْلِهِ
ــ
وثلاثين ومائتين (عن يزيد) بن زُريع بزايٍ مُصغرًا التيمي العيشي، أبي معاوية البصري، ثقة ثبت من الثامنة مات سنة (182) اثنتين وثمانين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في اثني عشر بابًا تقريبًا، وأتى بالعناية في قوله (يعني ابن زريع) إشارة إلى أن هذه النسبة لم يسمعها من شيخه بل مما زادها من عند نفسه إيضاحًا للراوي، كما مر مرارًا، قال يزيد بن زريع (حدثنا روح) بن القاسم التميمي العنبري، أبو غياث البصري، يروي عن سهيل بن أبي صالح، ويروي عنه (خ م د س ق) ويزيد بن زُريع ثقة حافظ من السادسة، مات سنة (141) إحدى وأربعين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أحد عشر بابًا تقريبًا.
وأتى بجملة قوله (وهو ابن القاسم) إشارة إلى أن هذه النسبة ليست مما سمعها من شيخه بل زادها من عند نفسه، قال روح (حدثنا سهيل) بن أبي صالح أبو يزيد المدني (عن عطاء بن يزيد) الليثي المدني، وجملة قوله (سمعه) حال من سهيل، والضمير عائد على عطاء والتقدير حدثنا سهيل حالة كون سهيل سمع عطاء، وجملة قوله (وهو يُحدث أبا صالح) حال من عطاء، أي سمع سهيل عطاء يُحدث أباه أبا صالح (عن تميم) بن أوس (الداري) أي المنسوب إلى دار بن هانئ أحد أجداده (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والجار والمجرور في قوله (بمثله) متعلق بقوله حدثنا روح، والضمير عائد إلى سفيان بن عيينة، والتقدير حدثنا روح بن القاسم عن سهيل بمثل ما حدث سفيان بن عيينة عن سهيل، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة روح بن القاسم لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن سهيل بن أبي صالح، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، مع بيان كيفية سماع سهيل عن عطاء، وهذا السند من سداسياته، ثلاثة منهم بصريون واثنان مدنيان وواحد شامي والله أعلم.
ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب إلا حديث تميم الداري، وذكر فيه متابعتين.
(1) في نسخة: (حدثنا يزيد).