المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌26 - باب مجاهدة خلوف السوء، وكون مجاهدتهم من الإيمان - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بَابُ بَيَان الإِيمَان وَالإِسْلامِ وَالإِحْسَان، وَوُجُوبِ الإِيمَان بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالى، وَبَيَان الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ التَّبَرِّي مِمَّنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ، وَإِغْلاظِ الْقَوْلِ فِي حَقِّهِ

- ‌(فصل) في بيان دقائق هذا السند ولطائفه

- ‌ترجمة عمر بن الخطاب وولده عبد الله رضي الله عنهما

- ‌2 - بَابُ عَدَمِ وُجُوبِ مَا عَدَا الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ وَمَا عَدَا صِيَامَ رَمَضَانَ، وَمَا عَدَا الزَّكَوَاتِ المَفْرُوضَةَ

- ‌3 - بَابُ عَرْضِ الرَّجُلِ مَا عِنْدَهُ عَلَى المُحَدِّثِ؛ ليسْتَثْبِتَ فِيهِ، وَاكْتِفَاءِ الحَاضِرِينَ بِسُؤالِ البَادِي الوَافِدِ الإِمَامَ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ إِذَا هَابُوهُ

- ‌4 - بَابُ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى فِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ، وانْتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌5 - بَابُ مَنْ حَرَّمَ الحَرَامَ، وَأَحَلَّ الحَلَالَ، وَفَعَلَ مَا تَمَكَّنَ مِنَ الوَاجِبَاتِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌6 - بَابُ بَيَانِ مَبَانِي الإِسْلَامِ

- ‌7 - بَابُ وُفُودِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمْرِهِمْ بِمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِ، وَنَهْيِهِمْ عَنْ مُنْكَرَاتِهِ، وَأَمْرِهِمْ بِحِفْظِهَا وَتَبْلِيغِهَا إِلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَجَوازِ مَدْحِ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ

- ‌ فائدة في المختلِطين

- ‌8 - بَابُ بَيَانِ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ، وَأَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الإِسْلامِ عَلَى التَّدْرِيجِ، وَأَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ

- ‌(فصل في جمع ما يستفاد من هذا الحديث)

- ‌9 - بَابُ الأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالى، وَيُقِرُّوا بِرِسَالةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيَلْتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. . فَقَدْ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالهُ إِلَّا بِحَقِّهِمَا

- ‌10 - بَابُ صِحَّةِ إيمَانِ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ مِنَ الْكُفَّارِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَالنَّهْي عَنِ الاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَكَوْنِ الْهِدَايَةِ بِيَدِ اللهِ تَعَالى لَا بِيَدِ أَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَلَو نَبِيًّا مُرْسَلًا أَوْ مَلَكًا مُقَرَّبًا

- ‌11 - بَابُ مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى عَالِمًا بِهِ غَيرَ شَاكٍّ فِيهِ .. دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوَّلًا: إِنْ كَانَ بَرِيئًا مِنَ الكَبَائِرِ، أَوْ عَمِلَهَا وَتَابَ عَنْهَا، أَوْ أَدْرَكَهُ الْعَفْوُ، أَوْ بَعْدَ عُقُوبَتِهِ عَلَيهَا إِنْ لَمْ يَتُبْ عَنْهَا وَلَمْ يُدْرِكْهُ الْعَفْوُ مِنَ اللهِ تَعَالى وَحَرَّمَهُ اللهُ تَعَالى عَلَى النَّارِ

- ‌12 - بَابُ بَيَان حَقِّ اللهِ سبحانه وتعالى عَلَى الْعِبَادِ، وَحَقِّهِمْ عَلَى اللهِ تَعَالى، وَتَبْشير مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى بالتَّوحِيدِ بِالْجَنَّةِ، وَتَرْكِهِ خَوْفًا مِنِ اتِّكالِهِمْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّوحِيدِ

- ‌13 - بَابُ الدَّليلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتينِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ اسْتيقَان الْقَلْبِ

- ‌14 - بَابُ الْحُكْمِ عَلَى الظَّاهِرِ فِي إِسْلَامِ الشَّخْصِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَمَالِ إيمَانِهِ، وَصِحَّةِ إِسْلَامِهِ

- ‌15 - بَابُ بَيَانِ صِفَةِ مَنْ ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَان وَحَلاوَتَهُ

- ‌16 - بَابُ بَيَان عَدَدِ شُعَبِ الإِيمَان، وَأَفْضَلِهَا، وَأَدْنَاهَا، وَأنَّ الحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنْهَا وبيان فضيلته

- ‌17 - بَابُ فِي مَدْحِ الْحَيَاءِ، وَامْتِنَاعِ مُقَاوَمَةِ النَّصِّ بِكَلامِ الحُكَمَاءِ

- ‌18 - بَابُ الأَمْرِ بِالإِيمَانِ ثُمَّ بِالاسْتِقَامَةِ

- ‌19 - بَابٌ أَيُّ خِصَالِ الإِسْلامِ خَيرٌ؟ وَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ

- ‌20 - بَابُ بَيَان الخِصَالِ الَّتِي يَجِدُ بِهِنَّ المَرْءُ حَلاوَةَ الإِيمَانِ

- ‌21 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ لَمْ يُحِبَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَحَبَّةً أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ لأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

- ‌22 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ إِيمَانَ الْعَبْدِ لَا يَكْمُلُ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ، أَوْ جَارِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيرِ

- ‌23 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ يَخَافُ جَارُهُ ضَرَرَهُ

- ‌24 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ إِلَّا عَنِ الْخَيرِ، وَإِكْرَامَ الْجَارِ وَالضَّيفِ .. مِنَ الإِيمَانِ

- ‌25 - بَابُ وُجُوب إِزالةِ الْمُنْكَرِ بِالْقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ وَأنَّ إِزَالتَهُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بَابُ مُجَاهَدَةِ خُلُوفِ السَّوءِ، وَكَوْنِ مُجَاهَدَتِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بَابُ نِسْبَةِ الإِيمانِ وَالْحِكْمَةِ إِلَى الْيَمَنِ وَجَعْلِ الْقَسْوَةِ وَغِلَظِ الْقُلُوبِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ

- ‌28 - بَابُ كَوْنِ التَّحابِّ فِي اللَّهِ تَعَالى مِنَ الإيمَانِ، وَبَيَانِ سَبَبِهِ

- ‌29 - بَابُ النُّصحِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌30 - بَابُ مُبَايَعَةِ الإِمَامِ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَونهَا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - بَابُ بَيَانِ نُقْصَانِ الإِيمَان بِارْتْكَابِ الْمَعَاصِي، وَنَفْيِهِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا حَال تَلَبُّسِهِ بِهَا عَلَى مَعْنَي نَفْيِ كَمَالِهِ

- ‌32 - بَابُ بَيَانِ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الَّتِي هِيَ ضِدُّ عَلامَاتِ الإِيمَانِ

- ‌33 - بَابُ بَيَان حُكْمِ إِيمَانِ مَنْ قَال لأخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ

- ‌34 - بَابُ حُكْمِ إِيمَانِ مَنِ انْتَسَبَ لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ، وَإِيمَانِ مَنِ ادَّعَى لِنَفْسِهِ مَا لَيسَ لَهُ

- ‌35 - بَابُ حُكْمِ سِبَابِ الْمُسْلِمِ وَقِتَالِهِ

- ‌36 - بَابُ الأمْرِ بِلزومِ الإيمَانِ وَالتَّمَسُّكِ بِشَرَائِع الإِسْلامِ، والنَّهْيِ عَنِ الارْتدَادِ عَنِ الإِسْلامِ، وَالتَّشَبُّهِ بِالْكفَّارِ

- ‌34 (*) - بَابُ حُكْمِ إيمَانٍ مَنْ طَعَنَ في النَّسَبِ وَنَاحَ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌37 - بَابُ حُكْمِ إيمَانِ الْعَبْدِ الآبِقِ

- ‌38 - بَابُ حُكْمِ إيمانِ مَنْ قَال مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا

- ‌39 - بَابُ بَيَانِ أَنَّ عَلامَةَ الإِيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ، وَأَنَّ عَلامَةَ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنْصَارِ

- ‌40 - بَابٌ في بَيَانِ أَنَّ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ آيَةُ الإِيمَانِ، وَبُغْضَهُ آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌39 (*) - بَابُ مَا فِي النِّسَاءِ مِنْ نُقْصَانِ الإِيمَانِ وَالْعَقْلِ بِنَقْصِ الطَّاعَاتِ، وإِطْلاقِ لَفْظِ الْكفْرِ عَلَى غَيرِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالى، وَسُؤَالِ الْعَالِمِ عَمَّا أَشْكَلَ مِنْ فَتْوَاهُ

- ‌فصل في الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث

- ‌40 - بَابُ كَوْنِ الطَّاعَةِ لِأَمْرِ اللهِ وَالْخُضُوع لَهُ مِنَ الإِيمَانِ الَّذِي يُوجِبُ الْجَنَّةَ، وَكَوْنِ الْعِصْيَانِ لِأَمْرِهِ وَالتَّكَبُّرِ عَنِ السُّجُودِ لَهُ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي يُوجِبُ النَّارَ

- ‌41 - بَابُ إِيمَانِ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ جَحْدًا أَوْ تهَاوُنًا

الفصل: ‌26 - باب مجاهدة خلوف السوء، وكون مجاهدتهم من الإيمان

‌26 - بَابُ مُجَاهَدَةِ خُلُوفِ السَّوءِ، وَكَوْنِ مُجَاهَدَتِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ

87 -

(49) حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ وَاللَّفْظُ لِعَبْدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ،

ــ

26 -

بَابُ مُجَاهَدَةِ خُلُوفِ السَّوءِ، وَكَوْنِ مُجَاهَدَتِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ

أي هذا باب معقود في الاستدلال على مشروعية مجاهدة خُلوف السوء والشر، وعلى كون مجاهدتهم من شعب الإيمان وخصاله، والمجاهدة كالمقاتلة مفاعلة تكون من الجانبين، بخلاف تغيير المنكر فإنه من جانب المغير فقط، والخلوف بضم الخاء واللام جمع خلْف بإسكان اللام وهو الخالف بشر ومنه قوله تعالى {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} وبالفتح الخَالف بخير هذا هو الأكثر في كلامهم، وسيأتي البسط فيه، ولم يُترجم لحديث ابن مسعود الآتي القاضي عياض ولا النواوي ولا أكثر نسخ المتون التي بأيدينا ولا السنوسي ولا القرطبي بل جعلوه تبعًا للترجمة السابقة، وترجم له الأبي بقوله (باب قوله صلى الله عليه وسلم ما من نبي بعثه الله قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب) وهذه الترجمة لا تناسب كتاب الإيمان ولذلك عدلت عنها إلى ما قلت.

(87)

- (49)(حدثني عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور بمعجمة (الناقد) أبو عثمان البغدادي، ثقة حافظ من العاشرة، مات ببغداد سنة (232) اثنتين وثلاثين ومائتين، وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في عشرة أبواب تقريبًا (و) حدثنا أيضًا (أبو بكر) محمد أو أحمد (بن النضر) بن أبي النضر هاشم بن القاسم البغدادي، وأكثر ما ينسب إلى جده، ثقة من الحادية عشرة مات سنة (245) خمس وأربعين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة أبواب تقريبًا (و) حدثنا أيضًا (عبد بن حميد) بن نصر الكسي أبو محمد الحافظ، ثقة حافظ من الحادية عشرة مات سنة (249) تسع وأربعين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في اثني عشر بابًا تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه، وأتى بقوله (واللفظ) الآتي (لعبد) بن حميد تورعًا من الكذب على الشيخين الأولين (قالوا) أي قال كل من الثلاثة مشايخ (حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري أبو يوسف المدني نزيل بغداد ثقة فاضل من صغار التاسعة، مات سنة ثمان ومائتين (208) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه

ص: 409

قَال: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ،

ــ

في أربعة أبواب الإيمان والصلاة والزكاة والبر (قال) يعقوب (حدثني أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق المدني ثقة حجة من الثامنة، مات سنة (183) ثلاث وثمانين ومائة، وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أربعة عشر بابًا تقريبًا (عن صالح بن كيسان) الغفاري مولى بني غفار أبي محمد المدني ثقة ثبت فقيه تابعي، رأى عبد الله بن عمر، من الرابعة، مات بعد الأربعين ومائة (140) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في خمسة أبواب تقريبًا (عن الحارث) بن فضيل الأنصاري الخطمي أبي عبد الله المدني روى عن جعفر بن عبد الله بن الحكم في الإيمان والزهري ومحمود بن لبيد، ويروي عنه (م د س ق) وصالح بن كيسان وفُليح والدراوردي، وثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال في التقريب: ثقة من السادسة، روى عنه المؤلف في كتاب الإيمان (عن جعفر بن عبد الله بن الحكم) بن رافع بن سنان الأنصاري الأوسي المدني روى عن عبد الرحمن بن المسور في الإيمان ومحمود بن لبيد في الصلاة والزهد وأنس بن مالك في الأشربة والقعقاع بن حكيم في الأشربة وعمر بن الحكم في العلم وسليمان بن يسار في الفتن، ويروي عنه (م عم) والحارث بن فُضيل وابنه عبد الحميد بن جعفر ويحيى بن سعيد الأنصاري ويزيد بن أبي حبيب والليث، ثقة من الثامنة، وذكره ابن حبان في الثقات، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في موضعين والزهد والأشربة في موضعين والعلم والفتن فجملة الأبواب التي روى عنه [المؤلف] فيها ستة تقريبًا (عن عبد الرحمن بن المسور) بكسر الميم بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشي الزهري أبي المسور المدني روى عن أبي رافع في الإيمان وأبيه وسعد، ويروي عنه (م) وجعفر بن عبد الله بن الحكم والزهري، وثقه ابن حبان، وقال في التقريب: مقبول، وقال ابن سعد: كان قليل الحديث من الثالثة، مات سنة (90) تسعين، وله عند مسلم حديث واحد، روى عنه المؤلف في الإيمان فقط.

(عن أبي رافع) المدني القبطي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه إبراهيم، وقيل أسلم وقيل ثابت وقيل هرمز، يقال إنه كان للعباس فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم وأعتقه لما بشره بإسلام العباس، وكان إسلامه قبل بدر ولم يشهدها، وشهد

ص: 410

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي .. إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ

ــ

أحدًا وما بعدها، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عبد الله بن مسعود، ويروي عنه عبد الرحمن بن المسور في الإيمان وأبو غطفان في الوضوء و (ع) وأولاده الحسن ورافع وعبد الله، مات في أول خلافة علي على الصحيح (عن عبد الله بن مسعود) بن غافل بن حبيب بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر الهذلي حليف بني زهرة أخي عتبة بن مسعود، أبي عبد الرحمن الكوفي، وأمه أم عبد بنت الحارث بن زهرة وقيل بنت عبد الحارث أحد السابقين الأولين إلى الإسلام، من كبار علماء الصحابة، صاحب النعلين، شهد بدرًا والمشاهد، له ثمانمائة حديث وثمانية وأربعون حديثًا (848) كان عاملًا لعمر على القضاء وبيت المال بالكوفة، وابتنى بها دارًا جانب المسجد، وتوفي بالمدينة سنة (32) ثنتين وثلاثين، وصلى عليه الزبير بن العوام، ودفن بالبقيع، وكان له يوم مات نيف وستون سنة.

يروي عنه (ع) وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإيمان وأنس بن مالك وقيس بن أبي حازم وخلق من الصحابة والتابعين، روى عنه المؤلف في الإيمان وفي الصلاة في موضعين والصوم في ثلاثة أبواب تقريبًا.

وهذا السند من تساعياته رجاله سبعة منهم مدنيون وواحد بغدادي وواحد كوفي، وأنزل ما وقع في مسلم من الأسانيد التساعيات، وهذا أول ما وقع فيه منها، ومن لطائف هذا السند أنه اجتمع فيه أربعة تابعيون يروي بعضهم عن بعض صالح والحارث وجعفر وعبد الرحمن، وأن فيه رواية صحابي عن صحابي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي) من الأنبياء (بعثه الله) سبحانه وتعالى وأرسله (في أمة) وجماعة من الأمم السابقة (قبلي)، أي ليس نبي من الأنبياء بعثهم الله تعالى إلى الأمم السابقة قبلي (إلا كان له) أي لذلك النبي (من أمته) وأتباعه (حواريون) أي أصفياء وخواص وبطائن يطلعهم على أسرار أموره وشؤونه (وأصحاب) أي جماعات صحبوه ولازموه لا يفارقونه.

قال الأبي: قوله "إلا كان له من أمته" من أمة ذلك النبي وأتباعه الذين آمنوا به، ويطلق أيضًا على عموم أهل دعوته فيندرج فيهم أصناف الكفر، وأكثر استعمالها في

ص: 411

يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ،

ــ

الأحاديث بالمعنى الأول أي ما من رسول من الرسل المتقدمة، قال الأبي: قوله "حواريون وأصحاب" عُورض هذا بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر الذي أخبر فيه عن مجيء الأنبياء في أممهم يوم القيامة فإنه قال فيه "يأتي النبي ومعه الرجل والرجلان ويأتي النبي وليس معه أحد" وأجيب بأن هذا العموم وإن كان مؤكدًا من بعد النفي فهو مؤول بأنه باعتبار أكثرهم وأغلبهم لا كلهم، أي ما من نبي باعتبار أكثرهم وأغلبهم لا كلهم، أو بأنه على حذف صفة أي ما من نبي له أتباع، وأجاب الشيخ ابن عرفة بأن ذلك في الأنبياء، وهذا في الرسل، والحواريون جمع حواري قيل: هم خاصة الأنبياء وبطانتهم الذين يطلعونهم على أسرارهم، فعطف الأصحاب عليه من عطف العام على الخاص، وهذا هو الأظهر في معناه، وقيل هم أفضل أصحابهم، وقيل خلطائهم الذين أخلصوا في حب أنبيائهم وخلصوا من كل عيب، ومنه حواري الخبز وهو الخبز الذي خُبز من الدقيق المنخول أي الذي نُخل وصُفي من النخالة، وسُمي الحواري لأنه أشرف الخبز، وقيل هم أنصارهم ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "لكل نبي من أمته حواريون وحواري الزبير" وقيل هم أخلاؤهم، وقيل في حواري عيسى خمسة أقوال، وقيل هم البيض الثياب، وقيل المبيضون لها، وقيل المجاهدون، وقيل الصيادون، وقيل المخلصون، والأصحاب جمع صحب كفرخ وأفراخ قاله الجوهري، وقال غيره أصحاب عند سيبويه جمع صاحب كشاهد وأشهاد، وليس جمع صحب لأن فعلًا لا يجمع على أفعال إلا في ألفاظ معدودة وليس هذا منها، والصحبة الخلطة والملابسة على جهة المحبة، يقال صحبه يصحبه صحبة بالضم وصحابة بالفتح، وقد يُراد به الأصحاب، وجمع الصاحب صحب كراكب وركب، وصُحبة بضم الصاد كفاره وفرهة، وصِحاب بالكسر كجائع وجياع، وصحبان كشاب وشبان.

(يأخذون) ويتمسكون (بسنته) أي بسنة ذلك النبي وشريعته فعلًا وقولًا واعتقادًا (ويقتدون) أي يأتمون (بأمره) ونهيه، أي يتبعون أمره بفعل المأمورات، ونهيه بترك المنهيات، ففي قوله بأمره اكتفاء، وجملة يأخذون ويقتدون صفة لحواريون وأصحاب، ويحتمل أن يكون يأخذون راجعًا للحواريين ويقتدون للأصحاب على سبيل اللف والنشر المرتب، أي حواريون يأخذون ويتخلقون بأخلاق ذلك النبي وصفاته الباطنة وشمائله الظاهرة كالكرم والجود والتواضع والحياء والصبر والحلم مثلًا، وأصحاب يقتدون بأمره

ص: 412

ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ .. فَهُوَ مُؤْمِنٌ،

ــ

ونهيه في الأحكام الظاهرة (ثم) أي بعد أولئك الحواريين والأصحاب بمهلة وتراخ، قال الأبي، في العطف، بثم تنبيه على أن تغيير السنن إنما يقع بعد طول زمن، ويحتمل أنها للبعد في الرتبة وضمير (إنها) للقصة وهو الذي يسميه النحويون ضمير القصة والشأن، ومعنى (تَخْلُف) تحدُث وتوجد (من بعدهم) أي من بعد أولئك الحواريين والأصحاب (خلوف) بضم الخاء واللام جمع خَلْف والخلفُ الآتي بعد غيره، وفي لامه الفتح والسكون فهو بالسكون الخالف بشر ومنه قوله تعالى {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} وبالفتح الخالف بخير ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله" أخرجه الخطيب في شرف أصحاب الحديث، والعقيلي في الضعفاء، وحكى الفراء الضبطين في الذم والفتح في المدح لا غير وحكى أبو زيد الضبطين جميعًا فيهما جميعًا، والمعنى ثم يجيء ويأتي بعد أولئك السلف الصالح أقوام لا خلاق لهم في أمر الديانات، بترك المأمورات وفعل المنكرات، وجملة قوله (يقولون) صفة لخلوف على القاعدة المقررة عندهم، أي خلفاء سوء وشر، يقولون ويخبرون الناس (ما لا يفعلون) بأنفسهم أي يأمرون بالمأمورات ولا يفعلون بأنفسهم (ويفعلون) بأنفسهم (ما لا يؤمرون) أي ما لم يؤمروا به من البدع والخرافات والمنكرات، وعبارة المُفْهم هنا قوله (ثم إنها تخلف من بعدهم خُلوف) الرواية إنها بهاء التأنيث فقط، ويعود على الأمة أو على الطائفة التي هي معنى حواريين وأصحاب ويحتمل أن يكون ضمير القصة والخلوف بضم الخاء جمع خلف بفتح الخاء وسكون اللام وهو القرن بعد القرن واللاحق بعد السابق ومنه قوله تعالى {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [الأعراف: 169] ويقال فيه خلف بفتح اللام ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله" رواه البيهقي كما في مشكاة المصابيح (248) والفاء في قوله (فمن جاهدهم) للإفصاح لأنها أفصحت عن شرط مقدر تقديره إذا عرفت حال أولئك القوم الخُلوف وشرهم وأردت بيان ما هو الواجب على المسلمين في حقهم فأقول لك من جاهدهم، أي من جاهد أولئك الخلوت وقاتلهم (بيده) بإشهار السلاح عليهم وطعنهم وضربهم بها إن احتيج إلى ذلك في إبطال شوكتهم وردهم إلى الحق (فهو) أي فذلك المجاهد بهم بيده (مؤمن) أي كامل الإيمان في باب إظهار الحق وإبطال الباطل، أي ومن جاهدهم

ص: 413

وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ .. فَهُوَ مُؤمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ .. فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ"، قَال أَبُو رَافِعٍ: فَحَدَّثْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ فَأَنْكَرَهُ عَلَيَّ، فَقَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَنَزَلَ بِقَنَاةَ،

ــ

بسلاحه وسنانه فهو مؤمن (ومن جاهدهم بلسانه) بتذكيرهم ووعظهم أو بسبهم وهجوهم (فهو مؤمن) أي كامل الإيمان في باب إبطال الباطل وإظهار الحق (ومن جاهدهم بقلبه) بأن كره ما هم عليه بقلبه ولم يرضه (فهو مؤمن) أي كامل الإيمان.

وإن لم يفعل ذلك ولا أنكره بقلبه فقد رضيه، وليس ذلك من الإيمان في شيء كما قال (وليس وراء ذلك) الجهاد بقلبه، والظرف خبر مقدم لليس وقوله (من الإيمان) بيان مقدم لما بعده، وقوله (حبة خردل) اسمها مؤخر أي وليس وزن حبة خردل من الإيمان باقيًا وراء ذلك الجهاد بالقلب، أي ليست مرتبة من مجاهدة أهل الإيمان بهم باقية بعد ذلك الجهاد بالقلب، أي فالكراهة بالقلب نهاية ما يمكن من أهل الإيمان في جهاد من خالفهم من أهل الباطل والضلال والحبة بفتح الباء الموحدة واحد الحبوب، والحبوب للزرع بمنزلة الثمار للشجر والخردل بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة بينهما راء ساكنة، حب معروف من الأبازير له خواص عند أهل الطب، والحاصل أن المجاهدة لهؤلاء الخلوف بواحد من تلك الأسباب واجبة على من قدر عليها، فإن تركها مع القدرة فهو ناقص الإيمان لأنه ترك خصلة من خصال الإيمان إن لم يستحل تركها فإن استحلَّ فقد خرج من الملة فهو كافر.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (1/ 458) وانفرد به عن أصحاب الأمهات كما ذكره في التحفة.

(قال أبو رافع) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسند السابق (فحدثت) هذا الحديث الذي سمعته من عبد الله بن مسعود (عبد الله بن عمر) بن الخطاب (فأنكره) أي فأنكر ذلك الحديث عبد الله بن عمر ورده (علي فقدم) وجاء (ابن مسعود) من الكوفة إلى المدينة (فنزل) ابن مسعود (بـ) ـوادي (قناة) بالفتح لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث اللفظي وهو واد من أودية المدينة فيه مال من أموالها، كذا رواه السمرقندي بالقاف، ورواه الجمهور بفنائه بالفاء وبالمد، وبالضمير وهو تصحيف وخطأ، قال النواوي: الفناء في اللغة ما بين أيدي المنازل والدور، وفي اصطلاح الفقهاء هو ما فضل عن المارة من

ص: 414

فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَعُودُهُ .. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا جَلَسْنَا .. سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثْتُهُ ابْنَ عُمَرَ، قَال صَالِحٌ: وَقَدْ تُحُدِّثَ بِنَحْو ذَلِكَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ

ــ

الطريق الواسعة النافذة، فالشارع الضيق وغير النافذ لا فناء لهما، ولأرباب الأفنية أن ينتفعوا بما لا يضر بالمارة، واختلف هل لهم أن يكروها أم لا اهـ أبي.

(فاستتبعني) أي فطلب مني المتابعة والذهاب معه (إليه) أي إلى ابن مسعود (عبد الله بن عمر) بن الخطاب بعد ما أنكر عليّ حديثه، وهو فاعل استتبع حالة كون ابن عمر (يعوده) أي يعود ابن مسعود ويزوره لكون ابن مسعود مريضًا هناك، قال أبو رافع (فانطلقت) أي ذهبت (معه) أي مع ابن عمر إلى ابن مسعود حالة كوننا زائرين له فوصلنا إليه في قناة (فلما جلسنا) أي جلست أنا وابن عمر عند ابن مسعود (سألت) أنا (ابن مسعود عن) إعادة رواية (هذا الحديث) الذي أنكره عليَّ ابن عمر (فحدثنيه) أي فحدث هذا الحديث ابن مسعود أي أعاد لي روايته (كما حدثته) أي على الوجه الذي حدثت أنا (ابن عمر) هذا الحديث أولًا فصدقني ابن مسعود في روايتي إياه حرفًا بحرف.

(قال صالح) بن كيسان (وقد تحدث بنحو ذلك) الحديث السابق، أي وقد روي هذا الحديث المروي عن أبي رافع عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ قريب لذلك اللفظ السابق (عن أبي رافع) عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة ابن مسعود، قال القاضي: يريد أن صالح بن كيسان رواي هذا الحديث عن الحارث بن فضيل الخطمي عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن عبد الرحمن بن المسور عن أبي رافع عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال إن هذا الحديث قد تحدث به عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُذكر فيه ابن مسعود، وقد ذكره البخاري في تاريخه كذلك مختصرًا عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه بلفظ "ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض" والحديث هكذا أخرجه الشيخان من رواية أنس بن مالك في أكثر من موضع، وأخرجه البخاري من رواية عبد الله بن زيد بن عاصم في كتاب المغازي، ولا تنافي بين رواية ابن مسعود ورواية أنس وغيره، فإن الأمر بالصبر لا يُفيد النهي عن المجاهدة باليد واللسان والقلب والمجاهدة لهؤلاء الخلوف بواحد من

ص: 415

89 -

(00) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أبْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ الْفُضَيلِ الْخَطْمِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ:

ــ

تلك الوسائل لا ينفك عن قدر من الصبر مناسب اهـ من تقرير إكمال المعلم بتصرف.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال: (89) - متا (00)(وحدثنيه) أي وحدثني هذا الحديث المذكور يعني حديث ابن مسعود (أبو بكر) محمد (بن إسحاق بن محمد) الصاغاني أصله من خراسان نزيل بغداد، ثقة ثبت من الحادية عشرة، مات سنة (270) سبعين ومائتين، وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثمانية أبواب تقريبًا، قال أبو بكر (أخبرنا) سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم (بن أبي مريم) الجُمحي مولاهم، الحافظ الفقيه أبو محمد المصري، روى عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ومحمد بن جعفر بن أبي كثير وأبي غسان محمد بن مُطرِّف ويحيى بن أيوب ونافع بن يزيد وسليمان بن بلال وخلق، ويروي عنه (ع) ومحمد بن إسحاق الصاغاني والحسن بن علي الحلواني وابن معين وأبو حاتم ومحمد بن سهل بن عسكر التميمي وعِدة، وقال الإمام مسلم في القدر: وحدثني عِدة من أصحابنا عن سعيد بن الحكم وثقه العجلي وأبو حاتم وقال أبو داود: حجة، وقال في التقريب: ثقة ثبت فقيه من كبار العاشرة، مات سنة (224) أربع وعشرين ومائتين وله (80) ثمانون سنة، قال ابن أبي مريم (حدثنا عبد العزيز بن محمد) بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي الجُهني مولاهم أبو محمد المدني، أحد الأئمة الأعلام، قال ابن معين: ثقة حجة، وقال في التقريب: صدوق من الثامنة، مات سنة (189) تسع وثمانين ومائة، قرنه (خ) بآخر، وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في تسعة أبواب تقريبًا، (قال) عبد العزيز (أخبرني الحارث بن الفضيل) الأنصاري (الخَطْميُّ) أبو عبد الله المدني، ثقة من السادسة (عن جعفر بن عبد الله بن الحكم) الأنصاري الأوسي المدني، ثقة من الثامنة (عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة) القرشي الزهري المدني مقبول من الثالثة (عن أبي رافع) إبراهيم القبطي (مولى النبي صلى الله عليه وسلم المدني (عن عبد الله بن مسعود) الهذلي الكوفي رضي الله عنه، وهذا السند من ثمانياته، رجاله خمسة

ص: 416

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَا كَانَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ كَانَ لَهُ حَوَارِيُّونَ يَهْتَدُونَ بِهَدْيِهِ، وَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ

"، مِثْلَ حَدِيثِ صَالِحٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ قُدُومَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَاجْتِمَاعَ ابْنِ عُمَرَ مَعَهُ

ــ

منهم مدنيون وواحد بغدادي وواحد مصري وواحد كوفي، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عبد العزيز الدراوردي لصالح بن كيسان في رواية هذا الحديث عن الحارث بن الفضيل، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه لأن المُتابع صدوق فلا يصلح لتقوية المُتابَع لأن المُتابَع ثقة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما كان من نبي) بزيادة كان لوقوعها بين ما النافية ومن الزائدة، وخبر المبتدأ محذوف تقديره ما من نبي موجود ويحتمل كون كان تامة أي (إلا وقد كان له حواريون يهتدون) أي يتمسكون (بهديه) أي بطريقته وشيمته وشمائله الظاهرة والباطنة، قال السنوسي: قوله (بهديه) بفتح الهاء وسكون الدال أي بطريقته وسمته اهـ (ويستنون) أي يقتدون (بسنته) أي بشريعته ويتبِعونها بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات، واقتصر في هذه الرواية في سوق المتن على هذا القدر لأنه محل المخالفة بين الروايتين وباقي حديثها مثل حديث الرواية الأولى كما أشار إليه بقوله (مثل حديث صالح) بن كيسان وهو مفعول به لقوله حدثنا عبد العزيز لأن العامل في المثل والنحو مثلًا هو العامل في المتابع وهنا صرح بالمتابع والمعنى حدثنا عبد العزيز عن الحارث مثل ما حدث صالح بن كيسان عن الحارث (و) لكن (لم يذكر) عبد العزيز في روايته (قدوم ابن مسعود) من الكوفة إلى المدينة (و) لم يذكر أيضًا (اجتماع ابن عمر معه) أي مع ابن مسعود في وادي قناة لعيادته وهذا مما أنكره الحريري في كتابه درة الغوّاص فقال: لا يقال اجتمع فلان مع فلان لأن معنى المصاحبة مستفادة من مادة الاجتماع وإنما يقال اجتمع فلان وفلان، وقد خالفه الجوهري فقال في صحاحه: جامعه على كذا أي اجتمع معه عليه.

ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب إلا حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وذكر له متابعة واحدة والله أعلم.

***

ص: 417