المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌41 - باب إيمان من ترك الصلاة جحدا أو تهاونا - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بَابُ بَيَان الإِيمَان وَالإِسْلامِ وَالإِحْسَان، وَوُجُوبِ الإِيمَان بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالى، وَبَيَان الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ التَّبَرِّي مِمَّنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ، وَإِغْلاظِ الْقَوْلِ فِي حَقِّهِ

- ‌(فصل) في بيان دقائق هذا السند ولطائفه

- ‌ترجمة عمر بن الخطاب وولده عبد الله رضي الله عنهما

- ‌2 - بَابُ عَدَمِ وُجُوبِ مَا عَدَا الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ وَمَا عَدَا صِيَامَ رَمَضَانَ، وَمَا عَدَا الزَّكَوَاتِ المَفْرُوضَةَ

- ‌3 - بَابُ عَرْضِ الرَّجُلِ مَا عِنْدَهُ عَلَى المُحَدِّثِ؛ ليسْتَثْبِتَ فِيهِ، وَاكْتِفَاءِ الحَاضِرِينَ بِسُؤالِ البَادِي الوَافِدِ الإِمَامَ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ إِذَا هَابُوهُ

- ‌4 - بَابُ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى فِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ، وانْتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌5 - بَابُ مَنْ حَرَّمَ الحَرَامَ، وَأَحَلَّ الحَلَالَ، وَفَعَلَ مَا تَمَكَّنَ مِنَ الوَاجِبَاتِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌6 - بَابُ بَيَانِ مَبَانِي الإِسْلَامِ

- ‌7 - بَابُ وُفُودِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمْرِهِمْ بِمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِ، وَنَهْيِهِمْ عَنْ مُنْكَرَاتِهِ، وَأَمْرِهِمْ بِحِفْظِهَا وَتَبْلِيغِهَا إِلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَجَوازِ مَدْحِ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ

- ‌ فائدة في المختلِطين

- ‌8 - بَابُ بَيَانِ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ، وَأَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الإِسْلامِ عَلَى التَّدْرِيجِ، وَأَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ

- ‌(فصل في جمع ما يستفاد من هذا الحديث)

- ‌9 - بَابُ الأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالى، وَيُقِرُّوا بِرِسَالةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيَلْتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. . فَقَدْ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالهُ إِلَّا بِحَقِّهِمَا

- ‌10 - بَابُ صِحَّةِ إيمَانِ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ مِنَ الْكُفَّارِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَالنَّهْي عَنِ الاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَكَوْنِ الْهِدَايَةِ بِيَدِ اللهِ تَعَالى لَا بِيَدِ أَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَلَو نَبِيًّا مُرْسَلًا أَوْ مَلَكًا مُقَرَّبًا

- ‌11 - بَابُ مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى عَالِمًا بِهِ غَيرَ شَاكٍّ فِيهِ .. دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوَّلًا: إِنْ كَانَ بَرِيئًا مِنَ الكَبَائِرِ، أَوْ عَمِلَهَا وَتَابَ عَنْهَا، أَوْ أَدْرَكَهُ الْعَفْوُ، أَوْ بَعْدَ عُقُوبَتِهِ عَلَيهَا إِنْ لَمْ يَتُبْ عَنْهَا وَلَمْ يُدْرِكْهُ الْعَفْوُ مِنَ اللهِ تَعَالى وَحَرَّمَهُ اللهُ تَعَالى عَلَى النَّارِ

- ‌12 - بَابُ بَيَان حَقِّ اللهِ سبحانه وتعالى عَلَى الْعِبَادِ، وَحَقِّهِمْ عَلَى اللهِ تَعَالى، وَتَبْشير مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى بالتَّوحِيدِ بِالْجَنَّةِ، وَتَرْكِهِ خَوْفًا مِنِ اتِّكالِهِمْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّوحِيدِ

- ‌13 - بَابُ الدَّليلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتينِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ اسْتيقَان الْقَلْبِ

- ‌14 - بَابُ الْحُكْمِ عَلَى الظَّاهِرِ فِي إِسْلَامِ الشَّخْصِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَمَالِ إيمَانِهِ، وَصِحَّةِ إِسْلَامِهِ

- ‌15 - بَابُ بَيَانِ صِفَةِ مَنْ ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَان وَحَلاوَتَهُ

- ‌16 - بَابُ بَيَان عَدَدِ شُعَبِ الإِيمَان، وَأَفْضَلِهَا، وَأَدْنَاهَا، وَأنَّ الحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنْهَا وبيان فضيلته

- ‌17 - بَابُ فِي مَدْحِ الْحَيَاءِ، وَامْتِنَاعِ مُقَاوَمَةِ النَّصِّ بِكَلامِ الحُكَمَاءِ

- ‌18 - بَابُ الأَمْرِ بِالإِيمَانِ ثُمَّ بِالاسْتِقَامَةِ

- ‌19 - بَابٌ أَيُّ خِصَالِ الإِسْلامِ خَيرٌ؟ وَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ

- ‌20 - بَابُ بَيَان الخِصَالِ الَّتِي يَجِدُ بِهِنَّ المَرْءُ حَلاوَةَ الإِيمَانِ

- ‌21 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ لَمْ يُحِبَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَحَبَّةً أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ لأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

- ‌22 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ إِيمَانَ الْعَبْدِ لَا يَكْمُلُ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ، أَوْ جَارِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيرِ

- ‌23 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ يَخَافُ جَارُهُ ضَرَرَهُ

- ‌24 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ إِلَّا عَنِ الْخَيرِ، وَإِكْرَامَ الْجَارِ وَالضَّيفِ .. مِنَ الإِيمَانِ

- ‌25 - بَابُ وُجُوب إِزالةِ الْمُنْكَرِ بِالْقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ وَأنَّ إِزَالتَهُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بَابُ مُجَاهَدَةِ خُلُوفِ السَّوءِ، وَكَوْنِ مُجَاهَدَتِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بَابُ نِسْبَةِ الإِيمانِ وَالْحِكْمَةِ إِلَى الْيَمَنِ وَجَعْلِ الْقَسْوَةِ وَغِلَظِ الْقُلُوبِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ

- ‌28 - بَابُ كَوْنِ التَّحابِّ فِي اللَّهِ تَعَالى مِنَ الإيمَانِ، وَبَيَانِ سَبَبِهِ

- ‌29 - بَابُ النُّصحِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌30 - بَابُ مُبَايَعَةِ الإِمَامِ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَونهَا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - بَابُ بَيَانِ نُقْصَانِ الإِيمَان بِارْتْكَابِ الْمَعَاصِي، وَنَفْيِهِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا حَال تَلَبُّسِهِ بِهَا عَلَى مَعْنَي نَفْيِ كَمَالِهِ

- ‌32 - بَابُ بَيَانِ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الَّتِي هِيَ ضِدُّ عَلامَاتِ الإِيمَانِ

- ‌33 - بَابُ بَيَان حُكْمِ إِيمَانِ مَنْ قَال لأخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ

- ‌34 - بَابُ حُكْمِ إِيمَانِ مَنِ انْتَسَبَ لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ، وَإِيمَانِ مَنِ ادَّعَى لِنَفْسِهِ مَا لَيسَ لَهُ

- ‌35 - بَابُ حُكْمِ سِبَابِ الْمُسْلِمِ وَقِتَالِهِ

- ‌36 - بَابُ الأمْرِ بِلزومِ الإيمَانِ وَالتَّمَسُّكِ بِشَرَائِع الإِسْلامِ، والنَّهْيِ عَنِ الارْتدَادِ عَنِ الإِسْلامِ، وَالتَّشَبُّهِ بِالْكفَّارِ

- ‌34 (*) - بَابُ حُكْمِ إيمَانٍ مَنْ طَعَنَ في النَّسَبِ وَنَاحَ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌37 - بَابُ حُكْمِ إيمَانِ الْعَبْدِ الآبِقِ

- ‌38 - بَابُ حُكْمِ إيمانِ مَنْ قَال مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا

- ‌39 - بَابُ بَيَانِ أَنَّ عَلامَةَ الإِيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ، وَأَنَّ عَلامَةَ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنْصَارِ

- ‌40 - بَابٌ في بَيَانِ أَنَّ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ آيَةُ الإِيمَانِ، وَبُغْضَهُ آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌39 (*) - بَابُ مَا فِي النِّسَاءِ مِنْ نُقْصَانِ الإِيمَانِ وَالْعَقْلِ بِنَقْصِ الطَّاعَاتِ، وإِطْلاقِ لَفْظِ الْكفْرِ عَلَى غَيرِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالى، وَسُؤَالِ الْعَالِمِ عَمَّا أَشْكَلَ مِنْ فَتْوَاهُ

- ‌فصل في الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث

- ‌40 - بَابُ كَوْنِ الطَّاعَةِ لِأَمْرِ اللهِ وَالْخُضُوع لَهُ مِنَ الإِيمَانِ الَّذِي يُوجِبُ الْجَنَّةَ، وَكَوْنِ الْعِصْيَانِ لِأَمْرِهِ وَالتَّكَبُّرِ عَنِ السُّجُودِ لَهُ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي يُوجِبُ النَّارَ

- ‌41 - بَابُ إِيمَانِ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ جَحْدًا أَوْ تهَاوُنًا

الفصل: ‌41 - باب إيمان من ترك الصلاة جحدا أو تهاونا

‌41 - بَابُ إِيمَانِ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ جَحْدًا أَوْ تهَاوُنًا

150 -

(77) حَدَّثَنَا يحيى بْنُ يحيى التَّمِيمِيُّ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ كِلاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ،

ــ

41 -

بَابُ إِيمَانِ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ جَحْدًا أَوْ تهَاوُنًا

أي هذا باب معقود في بيان حكم إيمان من ترك الصلاة ولو واحدة من الصلوات الخمس جحدًا وإنكارًا لوجوبها أو تهاونًا واستخفافًا لأمر الله تعالى بها وعدم مبالاة به مع إقرار وجوبها، فالجاحد لوجوبها أو وجوب واحد من أركان الإسلام أو وجوب غيرها مما هو معلوم من الدين بالضرورة فهو كافر بالإجماع يقتل كفرًا ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يصلى عليه والتارك استخفافًا لها وتهاونًا بأمر الله تعالى مع إقرار وجوبها فالجمهور على أنه لا يكفر بل يستتاب فإن تاب وإلا يقتل حدًّا ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين فالحديث الآتي محمول على هذا التفصيل والله أعلم.

وترجم لحديث جابر الآتي القاضي والنواوي وأكثر المتون بقوله (باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة) وترجم له الأبي والسنوسي بقولهما (باب التكفير بترك الصلاة) وترجم له القرطبي بقوله (باب ترك الصلاة جحدًا أو تسفيهًا للأمر كفر) وترجمتي أوفق لترجمة كتاب الإيمان والله أعلم وبالسندين قال المؤلف:

(150)

- س (77)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير بن عبد الرحمن بن يحيى بن حماد (التميمي) الحنظلي مولاهم أبو زكريا النيسابوري ثقة ثبت إمام من العاشرة مات سنة (226) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في تسعة عشر بابًا تقريبًا (و) حدثنا أيضًا (عثمان) بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم أبو الحسن الكوفي ثقة حافظ له أوهام من العاشرة مات سنة (239) تسع وثلاثين ومائتين وله (83) وهو أكبر من أبي بكر بن أبي شيبة بثلاث سنين وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في اثني عشر بابًا تقريبًا وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (كلاهما) أي كل من يحيى وعثمان رويا (عن جرير) بن عبد الحميد بن جرير بن قرط بن هلال بن قيس الضبي أبي عبد الله الكوفي القاضي ثقة صحيح الكتاب من السابعة مات سنة (188) ثمان وثمانين ومائة وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة عشر بابا تقريبًا.

ص: 587

قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِن بَينَ الرَّجُلِ وَبَينَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ"

ــ

وأتى بقوله (قال يحيى أخبرنا جرير) تورعًا من الكذب على يحيى لأنه صرح بالسماع ولم يقل عن جرير كما قاله عثمان (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم أبي محمد الكوفي ثقة حافظ من الخامسة مات سنة (148) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا (عن أبي سفيان) طلحة بن نافع القرشي مولاهم الإسكاف المكي نزيل واسط صدوق من الرابعة روى عن جابر في الإيمان والصلاة وغيرهما وتقدم البسط في ترجمته (قال) أبو سفيان (سمعت جابرًا) بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي أبا عبد الله المدني الصحابي بن الصحابي روى عنه المؤلف في ستة عشر بابًا تقريبًا وهذا السند من خماسياته رجال اثنان منهم أو ثلاثة كوفيون أو كوفيان ونيسابوري وواحد مكي وواحد مدني.

حالة كون جابر (يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن بين الرجل) المسلم وكذا المرأة (وبين) الاتصاف بـ (الشرك والكفر) وعطف الكفر على الشرك من عطف العام على الخاص لأن الكفر يكون بجحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة مثلًا (ترك الصلاة) المكتوبة أي فعل الصلاة المكتوبة، قال السنوسي إن ترك الصلاة معبر به عن ضده الذي هو فعلها لأن فعل الصلاة هو الحاجز بين الإيمان والكفر فإذا ارتفع رفع المانع اهـ.

قال القرطبي: يعني أنه من ترك الصلاة لم يبق بينه وبين الكفر حاجز يحجزه عنه ولا مانع يمنعه منه أي قد صار كافرًا وهذا إنما يكون بالإجماع فيمن كان جاحدًا لوجوبها فأما من كان معترفًا بوجوبها متهاونًا بفعلها وتاركًا لها فالجمهور على أنه يقتل إذا أخرجها عن آخر وقتها أو عن وقتها الضروري ثم هل يقتل كفرًا أو حدًّا فيه خلاف فممن ذهب إلى الأول أحمد بن حنبل وابن المبارك وإسحاق وابن حبيب من أصحابنا وروي ذلك عن علي بن أبي طالب وممن ذهب إلى الثاني مالك والشافعي وكثير من أهل العلم قالوا يقتل حدًّا إذا عرضت عليه فلم يفعلها ثم هل يستتاب أم لا قولان لأصحابنا، وقال الكوفيون لا يقتل ويؤمر بفعلها ويعزر حتى يفعلها.

ص: 588

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والصحيح أنه ليس بكافر لأن الكفر الجحد كما تقدم وليس بجاحد ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال (خمس صلوات افترضهن الله على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئًا كان له عند الله عهد أن يغفر له ومن لم يأت بهن فليس له على الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه) رواه أحمد (5/ 317 و 322) وأبو داود (425) والنسائي (1/ 230) ومالك في الموطأ (1/ 23).

فهذا الحديث ينص على أن ترك الصلاة ليس بكفر وأنه مما دون الشرك الذي قال الله تعالى فيه {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] واختلف العلماء في أخوات الصلاة من الفرائض كالزكاة والصيام والحج والوضوء والغسل من الجنابة هل يقتل الآبي من فعلها وإن اعترف بوجوبها أم يعاقب حتى يفعل وهل هو كافر أم عاص، مذهب مالك في أن من قال لا أتوضأ ولا أصوم أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل وإن قال لا أزكي أخذت منه كرهًا فإن امتنع قوتل فإن قال لا أحج لم يجبر لكون فرضه على التراخي.

وقال القرطبي: أيضًا هكذا أطلق أئمتنا وينبغي أن يقال إذا انتهى الممتنع إلى حالة يخاف معها الفوت كالهرم والمرض حمل على الفعل لئلا يُخَلِّيَ زمانه عن الحج مع استطاعته وأما من يقول إن الحج على الفور إذا حصلت الاستطاعة فقياس مذهبه يقتضي أن يحمل على الفعل في تلك الحال لكن أصحابنا لم يقولوا به ولا كفروه بترك الحج كما فعلوا في الصلاة لأن كون وجوبه على الفور ليس بمعلوم التحديد والتوقيف من الشرع كما هو في الصلاة وإنما قيل ذلك بالاجتهاد والظن والله أعلم.

وقال ابن حبيب: من قال عند الإمام لا أصلي وهي عليّ قتل ولا يستتاب وكذلك من قال لا أتوضأ ولا أغتسل من الجنابة ولا أصوم وقال أيضًا من ترك الصلاة متعمدًا أو مفرطًا كافر ومن ترك أخواتها متعمدًا من زكاة وحج وصوم كافر وقاله الحكم بن عتيبة وجماعة من السلف اهـ من المفهم، وقال غيرهم لا يكفر إلا بجحد الوجوب واحتجوا بإجماع الصدر الأول على موارثته ودفنه في مقابر المسلمين وهكذا في الزكاة إذا امتنع منها ولم يصرح اهـ من الأبي.

وهذا الحديث أعني حديث جابر شارك المؤلف في روايته أحمد (3/ 289) وأبو داود (4678) والترمذي (2622) وابن ماجه (1078).

ص: 589

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال القاضي عياض: قوله (بين الرجل والكفر ترك الصلاة) أي بين المسلم وبين أن يتسم بسمة الكفر ترك الصلاة وقد يكون معنى الحديث أن بالصلاة يتميز المسلم من الكافر فإذا تركها دخل في أهل الكفر اهـ، قال الأبي: معنى الأول ترك الصلاة صفة أهل الكفر فإذا تركها اتصف بصفتهم ولا فرق بين الوجهين في المعنى لأن كلًّا منهما يرجع إلى كون الترك سببًا في الكفر، ويتضح ذلك بأن تعرف أن الكائن بين أمرين في هذا التركيب تارة يكون سببًا في حصول ما بعده لما قبله نحو بيني وبين رؤية الهلال أن انظر إليه وتارة يكون مانعًا من حصوله له نحو بيني وبين رؤيته هذا الجبل والحديث من القسم الأول ويشكل جعله من الثاني لأن الأصل في المانع أنه إذا أزيل حصل الممنوع وترك الصلاة إنما يزول بفعلها، وفعلها لا يكون موجبًا للكفر، وجعله النواوي من الثاني، وأخذ يتكلف بالجواب عنه، فقال: يتخرج على حذف فقال: والتقدير بين الرجل وبين الكفر عدم ترك الصلاة، وعدم تركها إنما يرتفع بالترك، وترك الصلاة كفر، وأنت تعرف أن ما ذكرناه أبين وأقرب اهـ أبي.

فصل

قال النواوي: وأما تارك الصلاة فإن كان منكرًا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، خارج عن ملة الإسلام، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه، وإن كان تركه تكاسلًا مع اعتقاد وجوبها، كما هو حال كثير من الناس، فقد اختلف العلماء فيه، فذهب مالك والشافعي رحمهما الله تعالى والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر، بل يفسق، ويستتاب فإن تاب وإلا قتلناه حدًّا كالزاني المحصن لكنه يقتل بالسيف، وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر، وهو مروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو أحد الروايتين عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه، وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى، وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي رحمهم الله جميعًا أنه لا يكفر، ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يُصلي، واحتج من قال بكفره بظاهر هذا الحديث وبالقياس على كلمة التوحيد، واحتج من قال لا يقتل بحديث "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث"

ص: 590

151 -

(00) حَدَّثَنَا أبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخلَدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ،

ــ

وليس فيه الصلاة، واحتج الجمهور على أنه لا يكفر بقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وبقوله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة""من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة""ولا يلقى الله تعالى عبد بهما غير شاك فيحجب عن الجنة""حرم الله على النار من قال لا إله إلا الله" وغير ذلك واحتجوا على قتله بقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} وقوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم" وتأولوا قوله صلى الله عليه وسلم: "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة" على معنى أنه يستحق بترك الصلاة عقوبة الكافر وهي القتل، أو أنه محمول على المستحل، أو على أنه قد يؤول به إلى الكفر، أو أن فعله فعل الكفار والله أعلم.

وقوله (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) هكذا هو في جميع الأصول من صحيح مسلم (الشرك والكفر) بالواو، وفي مستخرج أبي عوانة وأبي نعيم (أو الكفر) بأو، ولكل واحد منهما وجه، ومعنى بينه وبين الشرك ترك الصلاة، أن الذي يمنع من كفره كونه لم يترك الصلاة، فإذا تركها لم يبق بينه وبين الشرك حائل، بل دخل فيه، ثم إن الشرك والكفر قد يُطلقان بمعنى واحد، وهو الكفر بالله تعالى، وقد يُفرق بينهما فيخص الشرك بعبدة الأوثان وغيرها من المخلوقات، مع اعترافهم بالله تعالى، ككفار قريش، فيكون الكفر أعم من الشرك كما مر، والله أعلم. انتهى من النواوي، ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

(151)

- متا (00)(حدثنا أبو غسان) بالصرف وعدمه، مالك بن عبد الواحد (المسمعي) بكسر الميم الأولى وفتح الثانية بينهما مهملة ساكنة نسبة إلى مسمع بن ربيعة البصري ثقة من العاشرة مات سنة (230) ثلاثين ومائتين وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في تسعة أبواب تقريبًا قال أبو غسان (حدثنا الضحاك بن مخلد) بن مسلم الشيباني أبو عاصم النبيل البصري ثقة ثبت من التاسعة مات سنة (212) اثنتي عشرة ومائتين وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في اثني عشر بابًا تقريبًا.

(عن) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي مولاهم المكي ثقة فقيه مدلس

ص: 591

قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ: أنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "بَينَ الرَّجُلِ وَبَينَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ"

ــ

مرسل من السادسة مات سنة (150) خمسين ومائة وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة عشر بابًا تقريبًا (قال) ابن جريج (أخبرني أبو الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم المكي ثقة مدلس من الرابعة مات سنة (126) ست وعشرين ومائة وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في تسعة أبواب تقريبًا (أنه) أي أن أبا الزبير (سمع جابر بن عبد الله) حالة كونه (يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) بحذف إنّ ورفع ترك على أنه مبتدأ مؤخر والظرف خبر مقدم معناه بين المسلم وبين اتسامه باسم الكفار واستحقاقه من القتل ما استحقوه ترك الصلاة وقد يكون معنى الحديث إن بالصلاة والمواظبة عليها وتكرار ذلك في يومه وليلته يفترق المسلم من الكافر ومن ترك ذلك ولم يهتبل به ولا تميز بسيماء المؤمنين دخل في سواد أضدادهم من الكفرة والمنافقين اهـ من إكمال المعلم وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم بصريان واثنان مدنيان وواحد مكي وغرضه بسوقه بيان متابعة أبي الزبير لأبي سفيان في رواية هذا الحديث عن جابر وفائدة هذه المتابعة تقوية السند الأول لأن أبا سفيان صدوق وإنما كرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى بنقص إن الناصبة والله أعلم ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب إلا حديث جابر وذكر فيه متابعة واحدة.

ص: 592

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجملة ما شرحناه في هذا المجلد من الأحاديث الغير المكررة (77) سبعة وسبعون حديثًا ومع المكررة مائة وأحد خمسون حديثًا (151) وجملة ما فيه من الأبواب (41) أحد وأربعون بابا وهذا آخر ما أكرمني الله سبحانه وتعالى من هذا المجلد بإتمامه بعد ما وفقني بابتدائه في تاريخ 17/ 11 / 1419 هـ ـ تسع عشرة سنة من بعد ألف وأربعمائة قبيل المغرب في اليوم السابع عشر من شهر ذي القعدة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التحيات وعلى آله السادات وأصحابه القادات وتابعيهم إلى يوم القيامات والحمد لله رب العالمين.

***

ص: 593