الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ إِيمَانَ الْعَبْدِ لَا يَكْمُلُ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ، أَوْ جَارِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيرِ
78 -
(44) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال (1): "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ -أَوْ قَال: لِجَارِهِ
ــ
22 -
بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ إِيمَانَ الْعَبْدِ لَا يَكْمُلُ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ، أَوْ جَارِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيرِ
أي باب معقود في بيان الدليل على أن إيمان الشخص رجلًا كان أو امرأة لا يكمل أي لا يصل إلى درجة الكمال حتى يحب ويرضى لأخيه المسلم، أي أن يكون لأخيه المسلم ما يحبه، أي ما يحب كونه وحصوله لنفسه من جنس الخير دينيًّا كان أو دنيويًّا، وترجم لهذا الحديث الآتي النووي والقاضي وأكثر المتون بقولهم:(باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير) وترجم له الأبي والسنوسي بقولهما (باب لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه أو جاره) ولم يترجم له القرطبي رحمهم الله تعالى.
(77)
- س (44)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي أبو موسى البصري من العاشرة (و) محمد (ابن بشار) بن عثمان العبدي أبو بكر البصري من العاشرة (قالا) أي قال كل من المحمدين (حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي مولاهم أبو عبد الله البصري من التاسعة (حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم أبو بسطام البصري من السابعة (قال) شعبة (سمعت قتادة) بن دعامة السدوسي أبا الخطاب البصري من الرابعة حالة كون قتادة (يحدث عن أنس بن مالك) الأنصاري الخزرجي النجاري، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من خماسياته، ورجاله كلهم بصريون، حالة كون أنس يحدث (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (قال: لا يؤمن أحدكم) أي لا يتم إيمان أحدكم أيها المؤمنون ولا يكمل (حتى يحب) ويرضى (لأخيه) المسلم أر الإنسان فيدخل الكافر (أو قال) لي أنس، فالشك من قتادة، أو قال لي قتادة فالشك من شعبة (لجاره) بدل قوله
(1) ليست في نسخة.
- مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"
ــ
لأخيه (ما يحبـ) ـه (لنفسه) من الخيرات الدنيوية دينًا أو دُنيا، قال النواوي: وفي البخاري لأخيه دون شك، قال القاضي: والنفي هنا نفي كمال، أي لا يتم إيمان أحدكم حتى يكون للمؤمنين بهذه الصفة من كفه الأذى عنهم، وبذله المعروف لهم، ومودته الخير لجميعهم، وصرف الضر عنهم، والحديث -والله أعلم- إنما هو في أمور الدنيا، وأما في الآخرة فقد قال تعالى {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} قيل ظاهر الحديث على التسوية والمعنى حينئذ ما قلنا، وقيل على التفضيل، والمعنى عليه أي حتى يحب لأخيه أن يكون أحسن حالًا منه لأنه الذي يحب لنفسه، لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل، فإذا أحب لغيره ما يحب لنفسه كان هو من المفضولين، وقد روي هذا المعنى عن الفضيل بن عياض أنه قال لسفيان بن عيينة رحمهما الله تعالى: إن كنت تريد أن يكون الناس كلهم مثلك فما أديت لله نصحية، فكيف تود أنهم دونك.
قال ابن الصلاح: وهذا المعنى قد يعد من الصعب الممتنع، وليس معنى الحديث كذلك، بل معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحبه لنفسه، والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهةٍ لا يزاحمه فيها، بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئًا من النعمة عليه، وذلك سهل على القلب السليم، وإنما يعسر على القلب الدغل عافانا الله سبحانه من ذلك، قال الأبي: ويترجح هذا المعنى بأن التكليف به أيسر وبالأول كالمتعذر، قال السنوسي: في كثير من الروايات أعني في غير مسلم (لا يؤمن) بحذف الفاعل، وفي رواية (أحدكم) وهو المراد في الأخرى، وحذفه أدخل في العموم لصحة إسناده إلى كل ما يصحّ الإسناد إليه لبطلان الترجيح بلا مرجح، أي لا يؤمن أحد أو عبد أو الرجل، وقد رُويت كلها أو مكلف أو من يصح منه الإيمان، وحذف الفاعل للعلم به ولدلالة السياق عليه وارد في كلامهم وإن قل ومنه قوله تعالى {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أي الكائن في تلك الظلمة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر
…
" أي الشارب.
وأما رواية (أحدكم) فلكونها ظاهرة في خطاب الصحابة فتحتمل أن غيرهم مثلهم في ذلك ويحتمل أن يقال إنهم لشرفهم يطالبون بالأكمل وغيرهم لكونه أدنى منزلة منهم يكتفي منهم بأدنى من ذلك ويحتمل أن يكون من الخطاب العام، ومعنى الحديث عند
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أهل السنة لا يؤمن أحدكم إيمانًا أكمل أو أفضل أو نحو ذلك، والحديث لا بد فيه من تقديرات وإلا فُهم منه غير المراد (الأول) في قوله لأخيه لأنه لما تعذر قصره على أخ النسب تعيَّن تقدير صفة تعممه وغيره، تقديرها أي لأخيه المؤمن إن فُسِّر الخير المذكور في رواية النسائي بما زاد على الإيمان من الصفات الدين ية والدنيوية وهذا التفسير أولى، قال الشيخ محمد بن مرزوق: وإن فُسِّر الخير بالأعم حتى يشمل الإيمان الذي هو أصل كل الخير وغيره يكون تقديرها أي لأخيه الإنسان فيتناول الكافر والمؤمن، قال ابن مرزوق: وهذا التقدير أولى لأنه أعم وأشمل من تقدير المؤمن ولأن من الواجبات محبة الإيمان لكل أحد، كما وجب محبة ما يستتبعه الإيمان من الطاعات أيضًا، إذ لا فرق، وإنما محبة ذلك للمؤمن على سبيل التأكيد والترجيح لتحصيله الإيمان، وأما الوجوب ففي حق الجميع انتهى.
قال السنوسي بل التقدير الأول أولى لأوجه:
(منها) ما قدمناه من زيادة وصف الأخ المسلم في بعض الروايات.
(ومنها) أن الأخ إذا أطلق في الشرع في مثل هذا المقام لا يتبادر إلى الذهن منه إلا أخ الإيمان، كيف والله سبحانه إنما أثبت الأخوة بين المؤمنين فقال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} ومفهوم الوصف أن غير المؤمنين ليس بأخ، وأما مفهوم الحصر هنا فلا ينفعنا لأنه إنما يقتضي قصر المؤمنين على الأخوة على سبيل المبالغة حتى كأنهم لا وصف لهم سواها.
(ومنها) أن الحديث إنما سيق لتأكيد الشفقة والرحمة والتواضع والنصرة وكمال المؤازرة والمناصرة على كل خير، ولهذا ذكر لفظ الأخ الموجب لذلك كله.
وهذه الأوصاف كلّها إنما تطلب في حق المؤمنين، إذ هم الذين كالبنيان يشد بعضهم بعضًا، وأما الكافرون فالمطلوب في حقهم ضد ذلك، والتسمية لهم شرعًا إنما هو بلفظ العداوة ونحوها مما هو مناف للمقصود بلفظ الأخ المذكور في الحديث، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا} الآية، فذكر ما يُحرك القلوب ويهيج غضبها، ويحمي حمية ذوي التهمة للمبالغة في عداوة الكافرين والسعي في إهلاكهم وإذلالهم بقدر الإمكان، وقال تعالى في الثناء على قوم: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} والقرآن والسنة مملوآن بمثل هذا مما هو كالمنافي لمعنى الأخوة حتى إن الشرع قطع بين المؤمن وذي نسبه من الكفار، وإن كان أقرب الناس إليه كولده وأبيه بعض أحكام النسب من الميراث ونحوه، وأما بغضنا للكفر وشدة حبنا للإيمان فمن أجل ذلك انقطعت الأخوة بيننا وبين الكفار وكيف تثبت الأخوة والمواصلة بيننا وبين من اتخذ مع مولانا شريكًا وخرق حجاب الهيبة بعبادة مخلوق دونه لا يملك نفعًا ولا ضرًّا، وكذب خواصه جل وعلا من خلقه الذين بعثهم رحمة ونعمة لا يقدر على شكرها وأفاض بهم أنوار المعارف وأنواع الخيرات دنيا وأخرى صلوات الله وسلامه على جميعهم، وبهذا يظهر أنه لا يحتاج إلى تقدير وصف المؤمن أو المسلم في الحديث لأن لفظ أخ غلب عُرفًا عليهما.
(الثاني) في قوله (ما يحب) أي مثل ما يحب لنفسه، على حذف مضاف، ولو لم يقدر ذلك لأدى إلى معنى أن المرء لا يحب لنفسه شيئًا إذ الذي يحب لنفسه هو بعينه الذي يحب لغيره، وذلك لا يصح أن يكون لهما لاستحالة كون الشيء الواحد في الوقت الواحد في محلين فتعين صرفه لأخيه، ونقل ابن بطال: أن ظاهر يُحب لأخيه المساواة، ومعناه محبة التفضيل له على نفسه، لأن المرء يُحب أن يكون أفضل من غيره، فيصرف ذلك لأخيه فيبقى أن يُحب لنفسه أن يكون مفضولًا، قال بعضهم: يعني لاستحالة أن يكون كل منهما أفضل من جهة واحدة، فتعين أن يحب لنفسه المفضولية، وما ذكره إنما يلزم إذا كان يحب لنفسه الأفضلية دائمًا وذلك غير لازم، إذ قد يحب المساواة كثيرًا، وأن كان حبه الأفضلية أكثر.
(الثالث) في قوله (لنفسه) عبر بالنفس لأنها أعز شيء على الإنسان، ولا بد من تقييده بما يليق بأخيه شرعًا من مصلحة دنيوية مباحة، أو أخروية، وإلا فقد يحب الإنسان لنفسه شهوة لا تحل فلا ينبغي أن يحب مثلها لأخيه.
(الرابع) قال الشيخ محمد بن مرزوق: يزاد في الحديث، وذلك مع عدم تضايق الحقوق مثل أن يكون مع المكلف ما يحيي به نفسه فقط أو يستر به عورته فقط، فإنه يجب عليه أن يبدأ بنفسه قبل ابنه وأبيه وأخيه فضلًا عن الأجانب، لأن ذلك مقتضى أصول الشريعة كقوله صلى الله عليه وسلم "ابدأ بنفسك" وقوله للذي قال له عندي دينار
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
"تصدق به على نفسك" الحديث، وقوله (كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت".
وحتى في قوله (حتى يحب) غابة لنفي الإيمان، وهي جارة، والفعل بعدها منصوب بأن واجبة الإضمار، ويمتنع رفع الفعل بعدها لاقتضاء ذلك كون يحب منفيًّا كيؤمن أي لا يكون إيمان ومحبة وهو باطل وضد المقصود، وقال بعضهم لا يصح العطف بحتى لأن عدم الإيمان ليس سببًا للمحبة انتهى.
تنبيه: إنما قال في الحديث حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ولم يقل (حتى يفعل بأخيه ما يفعل بنفسه) لوجوه: (منها) أن المحبة هي السبب الأقوى في الحمل على الفعل لأن من أحب شيئًا حبًّا صادقًا لا يصده شيء عن فعله، لقوله تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} وقوله:
لو كان حبك صادقًا لأطعته
…
إن المحب لمن يحب مطيع
فكأنه صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ضابط الفعل والحامل عليه على وجه العموم إلا لعارض.
(ومنها) أن ذكر الفعل لا يغني عن المحبة، لأنه قد يفعل تكرهًا ولامتثال الأمر خاصة، وهو على الوجه الأول قد يوجب أشد البغض، أو يزيد فيه فيؤدي إلى خلاف المقصود بخلاف المحبة فإنها تغني عن الفعل لحصوله معها مع حصول المقصود من الألفة والتواد بين المؤمنين على أكمل وجه.
(ومنها) أن الفعل أشق على النفس من المحبة، فكان التصريح باشتراطه في الإيمان يوجب النفرة عنه، فنبه طبيب الأطباء وحكيم الحكماء صلى الله عليه وسلم على ما يُحصِّل المقصود وتقبله النفوس.
(ومنها) أن الفعل لا يَحْسن أن يُعد ضابطًا، لأنه كثيرًا ما يفعل الإنسان بنفسه أمورًا يكرهها لاسترقاق نفسه له، وأسر شهوته إياه، أو لغير ذلك من الإكراه ونحوه بخلاف المحبة فإنها مطردة منضبطة.
(ومنها) غير ذلك مما لا ينحصر والله سبحانه وتعالى أعلم بأسرار كلامه صلى الله عليه وسلم.
وقد اشتمل الحديث على الإيجاز للتقديرات المذكورة ولاسلتزامه الوفاء بجميع
79 -
(00) حَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ
ــ
الحقوق، سواء كانت في معاملة الخلق، أو في معاملة الخالق، لما أن القيام بحقوق الخلق لأجل الله تعالى يستلزم القيام بحقه جل وعلا، إذ هو المنعم تعالى بجميع النعم جملة وتفصيلًا وتفضل سبحانه بسبب التواد والوصلة، وهو الإيمان والإسلام، ومَن بمنِّه انتظم به شمل المؤمنين، وحصلت به المكارم وأنواع الخيرات كلها سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ولقد أجاد من قال في مدحه صلى الله عليه وسلم:
أحل أمته في حرز ملته
…
كالليث حلَّ مع الأشبال في أجم
وقد عُدَّ هذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وكله جوامع اهـ من السنوسي.
وقال القرطبي: قوله "لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه" معناه لا يكمل إيمانه كما تقدم إذ من يَغش المسلم ولا ينصحه مرتكب كبيرة، ولا يكون كافرًا بذلك كما بيناه غير مرة، وعلى هذا فمعنى الحديث أن الموصوف بالإيمان الكامل من كان في معاملته للناس ناصحًا لهم مريدًا لهم ما يريده لنفسه، وكارهًا لهم ما يكرهه لنفسه، وتضمن أن يفضلهم على نفسه، لأن كل أحد يُحب أن يكون أفضل من غيره، فإذا أحب لغيره ما يُحب لنفسه فقد أحب أن يكون غيره أفضل منه وإلى هذا المعنى أشار الفضيل بن عياض حين قال لسفيان بن عيينة: إن كنت تريد أن يكون الناس مثلك فما أديت لله الكريم النصيحة فكيف وأنت تود أنهم دونك كما مر انتهى.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد (3/ 176، 272، 278) والبخاري (13) والنسائي (8/ 115) والترمذي (2517) وابن ماجه (66).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
(79)
- متا (00)(حدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي مولاهم أبو خيثمة النسائي، ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة (234) أربع وثلاثين ومائتين، وتقدم وأن المؤلف روى عنه في عشرين بابًا تقريبًا.
قال زهير (حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي أبو سعيد القطان البصري الأحول، ثقة متقن إمام حافظ قدوة من كبار التاسعة، مات سنة (198) ثمان وتسعين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا (عن
حُسَينٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ -أَوْ قَال: لأخِيهِ- مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"
ــ
حسين) بن ذكوان (المعلّم) المُكْتِب الأزدي العوذي البصري، روى عن قتادة وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن بريدة، ويحيى بن أبي كثير وبُديل بن ميسرة وغيرهم، ويروي عنه (ع) ويحيى القطان وعبد الوارث بن سعيد وأبو خالد الأحمر وعيسى بن يونس ويزيد بن هارون وعبد الله بن المبارك وروح بن عبادة وخلائق، وقال في التقريب: ثقة ربما وهم من السادسة، مات سنة (145) خمس وأربعين ومائة، روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة والجنائز والصوم وبيع المدبر والدعاء والفتن والجهاد، فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها تسعة أبواب تقريبًا (عن قتادة) بن دعامة السدوسي أبي الخطاب البصري (عن أنس) بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته ورجاله كلهم بصريون إلا زهير بن حرب فإنه نسائي، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة حسين المعلم لشعبة في رواية هذا الحديث عن قتادة، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من زيادة القسم وتغيير بعض الكلمات، أنه صلى الله عليه وسلم (قال: والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد) أي: أقسمت بالله الذي رُوحي بيده لا يكمل إيمان عبد من عباد الله تعالى (حتى يحب) ويرضى أن يحصل (لجاره) وهو من بيته ملاصق لبيتك، أو قريب منه إلى أربعين دارًا على الخلاف المقرر في الفروع في باب الوصية للجار (أو قال) أنس أو قتادة (لأخيه) بدل جاره، والشك على ما مر بيانه آنفًا (ما يحب) حصوله (لنفسه) ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب إلا حديثًا واحدًا حديث أنس، وذكر فيه متابعة واحدة والله أعلم.
***