المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بَابُ بَيَان الإِيمَان وَالإِسْلامِ وَالإِحْسَان، وَوُجُوبِ الإِيمَان بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالى، وَبَيَان الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ التَّبَرِّي مِمَّنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ، وَإِغْلاظِ الْقَوْلِ فِي حَقِّهِ

- ‌(فصل) في بيان دقائق هذا السند ولطائفه

- ‌ترجمة عمر بن الخطاب وولده عبد الله رضي الله عنهما

- ‌2 - بَابُ عَدَمِ وُجُوبِ مَا عَدَا الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ وَمَا عَدَا صِيَامَ رَمَضَانَ، وَمَا عَدَا الزَّكَوَاتِ المَفْرُوضَةَ

- ‌3 - بَابُ عَرْضِ الرَّجُلِ مَا عِنْدَهُ عَلَى المُحَدِّثِ؛ ليسْتَثْبِتَ فِيهِ، وَاكْتِفَاءِ الحَاضِرِينَ بِسُؤالِ البَادِي الوَافِدِ الإِمَامَ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ إِذَا هَابُوهُ

- ‌4 - بَابُ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى فِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ، وانْتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌5 - بَابُ مَنْ حَرَّمَ الحَرَامَ، وَأَحَلَّ الحَلَالَ، وَفَعَلَ مَا تَمَكَّنَ مِنَ الوَاجِبَاتِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌6 - بَابُ بَيَانِ مَبَانِي الإِسْلَامِ

- ‌7 - بَابُ وُفُودِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمْرِهِمْ بِمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِ، وَنَهْيِهِمْ عَنْ مُنْكَرَاتِهِ، وَأَمْرِهِمْ بِحِفْظِهَا وَتَبْلِيغِهَا إِلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَجَوازِ مَدْحِ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ

- ‌ فائدة في المختلِطين

- ‌8 - بَابُ بَيَانِ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ، وَأَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الإِسْلامِ عَلَى التَّدْرِيجِ، وَأَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ

- ‌(فصل في جمع ما يستفاد من هذا الحديث)

- ‌9 - بَابُ الأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالى، وَيُقِرُّوا بِرِسَالةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيَلْتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. . فَقَدْ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالهُ إِلَّا بِحَقِّهِمَا

- ‌10 - بَابُ صِحَّةِ إيمَانِ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ مِنَ الْكُفَّارِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَالنَّهْي عَنِ الاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَكَوْنِ الْهِدَايَةِ بِيَدِ اللهِ تَعَالى لَا بِيَدِ أَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَلَو نَبِيًّا مُرْسَلًا أَوْ مَلَكًا مُقَرَّبًا

- ‌11 - بَابُ مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى عَالِمًا بِهِ غَيرَ شَاكٍّ فِيهِ .. دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوَّلًا: إِنْ كَانَ بَرِيئًا مِنَ الكَبَائِرِ، أَوْ عَمِلَهَا وَتَابَ عَنْهَا، أَوْ أَدْرَكَهُ الْعَفْوُ، أَوْ بَعْدَ عُقُوبَتِهِ عَلَيهَا إِنْ لَمْ يَتُبْ عَنْهَا وَلَمْ يُدْرِكْهُ الْعَفْوُ مِنَ اللهِ تَعَالى وَحَرَّمَهُ اللهُ تَعَالى عَلَى النَّارِ

- ‌12 - بَابُ بَيَان حَقِّ اللهِ سبحانه وتعالى عَلَى الْعِبَادِ، وَحَقِّهِمْ عَلَى اللهِ تَعَالى، وَتَبْشير مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى بالتَّوحِيدِ بِالْجَنَّةِ، وَتَرْكِهِ خَوْفًا مِنِ اتِّكالِهِمْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّوحِيدِ

- ‌13 - بَابُ الدَّليلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتينِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ اسْتيقَان الْقَلْبِ

- ‌14 - بَابُ الْحُكْمِ عَلَى الظَّاهِرِ فِي إِسْلَامِ الشَّخْصِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَمَالِ إيمَانِهِ، وَصِحَّةِ إِسْلَامِهِ

- ‌15 - بَابُ بَيَانِ صِفَةِ مَنْ ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَان وَحَلاوَتَهُ

- ‌16 - بَابُ بَيَان عَدَدِ شُعَبِ الإِيمَان، وَأَفْضَلِهَا، وَأَدْنَاهَا، وَأنَّ الحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنْهَا وبيان فضيلته

- ‌17 - بَابُ فِي مَدْحِ الْحَيَاءِ، وَامْتِنَاعِ مُقَاوَمَةِ النَّصِّ بِكَلامِ الحُكَمَاءِ

- ‌18 - بَابُ الأَمْرِ بِالإِيمَانِ ثُمَّ بِالاسْتِقَامَةِ

- ‌19 - بَابٌ أَيُّ خِصَالِ الإِسْلامِ خَيرٌ؟ وَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ

- ‌20 - بَابُ بَيَان الخِصَالِ الَّتِي يَجِدُ بِهِنَّ المَرْءُ حَلاوَةَ الإِيمَانِ

- ‌21 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ لَمْ يُحِبَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَحَبَّةً أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ لأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

- ‌22 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ إِيمَانَ الْعَبْدِ لَا يَكْمُلُ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ، أَوْ جَارِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيرِ

- ‌23 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ يَخَافُ جَارُهُ ضَرَرَهُ

- ‌24 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ إِلَّا عَنِ الْخَيرِ، وَإِكْرَامَ الْجَارِ وَالضَّيفِ .. مِنَ الإِيمَانِ

- ‌25 - بَابُ وُجُوب إِزالةِ الْمُنْكَرِ بِالْقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ وَأنَّ إِزَالتَهُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بَابُ مُجَاهَدَةِ خُلُوفِ السَّوءِ، وَكَوْنِ مُجَاهَدَتِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بَابُ نِسْبَةِ الإِيمانِ وَالْحِكْمَةِ إِلَى الْيَمَنِ وَجَعْلِ الْقَسْوَةِ وَغِلَظِ الْقُلُوبِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ

- ‌28 - بَابُ كَوْنِ التَّحابِّ فِي اللَّهِ تَعَالى مِنَ الإيمَانِ، وَبَيَانِ سَبَبِهِ

- ‌29 - بَابُ النُّصحِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌30 - بَابُ مُبَايَعَةِ الإِمَامِ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَونهَا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - بَابُ بَيَانِ نُقْصَانِ الإِيمَان بِارْتْكَابِ الْمَعَاصِي، وَنَفْيِهِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا حَال تَلَبُّسِهِ بِهَا عَلَى مَعْنَي نَفْيِ كَمَالِهِ

- ‌32 - بَابُ بَيَانِ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الَّتِي هِيَ ضِدُّ عَلامَاتِ الإِيمَانِ

- ‌33 - بَابُ بَيَان حُكْمِ إِيمَانِ مَنْ قَال لأخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ

- ‌34 - بَابُ حُكْمِ إِيمَانِ مَنِ انْتَسَبَ لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ، وَإِيمَانِ مَنِ ادَّعَى لِنَفْسِهِ مَا لَيسَ لَهُ

- ‌35 - بَابُ حُكْمِ سِبَابِ الْمُسْلِمِ وَقِتَالِهِ

- ‌36 - بَابُ الأمْرِ بِلزومِ الإيمَانِ وَالتَّمَسُّكِ بِشَرَائِع الإِسْلامِ، والنَّهْيِ عَنِ الارْتدَادِ عَنِ الإِسْلامِ، وَالتَّشَبُّهِ بِالْكفَّارِ

- ‌34 (*) - بَابُ حُكْمِ إيمَانٍ مَنْ طَعَنَ في النَّسَبِ وَنَاحَ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌37 - بَابُ حُكْمِ إيمَانِ الْعَبْدِ الآبِقِ

- ‌38 - بَابُ حُكْمِ إيمانِ مَنْ قَال مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا

- ‌39 - بَابُ بَيَانِ أَنَّ عَلامَةَ الإِيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ، وَأَنَّ عَلامَةَ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنْصَارِ

- ‌40 - بَابٌ في بَيَانِ أَنَّ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ آيَةُ الإِيمَانِ، وَبُغْضَهُ آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌39 (*) - بَابُ مَا فِي النِّسَاءِ مِنْ نُقْصَانِ الإِيمَانِ وَالْعَقْلِ بِنَقْصِ الطَّاعَاتِ، وإِطْلاقِ لَفْظِ الْكفْرِ عَلَى غَيرِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالى، وَسُؤَالِ الْعَالِمِ عَمَّا أَشْكَلَ مِنْ فَتْوَاهُ

- ‌فصل في الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث

- ‌40 - بَابُ كَوْنِ الطَّاعَةِ لِأَمْرِ اللهِ وَالْخُضُوع لَهُ مِنَ الإِيمَانِ الَّذِي يُوجِبُ الْجَنَّةَ، وَكَوْنِ الْعِصْيَانِ لِأَمْرِهِ وَالتَّكَبُّرِ عَنِ السُّجُودِ لَهُ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي يُوجِبُ النَّارَ

- ‌41 - بَابُ إِيمَانِ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ جَحْدًا أَوْ تهَاوُنًا

الفصل: ‌فصل في الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

به في الصحة والحضر، وفُرِّق بأنهما كانت نيتهما الدوام لولا العذر، والحائض لم تكن نيتها الدوام، وإنما نظير الحائض من كان يتنفل مرة ويترك أخرى، فهذا لا يكتب له لأنه لم تكن نيته الدوام اهـ. وهذا الحديث أعني حديث ابن عمر، شارك المؤلف في روايته أحمد (2/ 66) وابن ماجه (4003) والله أعلم.

‌فصل في الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث

قال النووي: ويستفاد من هذا الحديث جُمل من العلوم، منها الحث على الصدقة وأفعال البر، والإكثار من الاستغفار وسائر الطاعات، وفيه أن الحسنات يُذهبن السيئات، كما ذكره تعالى في الكتاب العزيز، وفيه أن كفران العشير والإحسان من الكبائر، فإن التوعيد بالنار من علامة كون المعصية كبيرة، وفيه أن اللعن أيضًا من المعاصي الشديدة القبح، وليس فيه أنه كبيرة، فإنه صلى الله عليه وسلم قال تكثرن اللعن، والصغيرة إذا اكثرت صارت كبيرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"لعن المسلم كقتله" واتفق العلماء على تحريم اللعن، فإنه في اللغة: الإبعاد والطرد، وفي الشرع: الإبعاد من رحمة الله تعالى، فلا يجوز أن يبعد من رحمة الله تعالى من لا يعرف حاله وخاتمة أمره، معرفة قطعية، فلهذا قالوا: لا يجوز لعن أحدٍ بعينه، مسلمًا كان أو كافرًا، أو دابة، إلا من علمنا بنص شرعي أنه مات على الكفر، كأبي لهب، أو يموت عليه كإبليس، وأما اللعن بالوصف فليس بحرام، كلعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله، والمصورين، والظالمين، والفاسقين، والكافرين، ولعن من غير منار الدين، ومن تولى غير مواليه، ومن اتسب إلى غير أبيه، ومن أحدث في الإسلام حدثًا، أو آوى محدثًا، وغير ذلك مما جاءت به النصوص الشرعية بإطلاقه على الأوصاف لا على الأعيان والله أعلم.

وفيه أيضًا إطلاق الكفر على غير الكفر بالله تعالى، ككفر العشير، والإحسان، والنعمة، والحق، ويؤخذ من ذلك صحة تأويل الكفر في الأحاديث على ما أولناها، وفيه بيان زيادة الإيمان ونقصانه، وفيه وعظ الإمام وأصحاب الولايات، وكبراء الناس رعاياهم، وتحذيرهم المخالفات، وتحريضهم على الطاعات، وفيه مراجعة المتعلم العالم، والتابع المتبوع فيما قاله، إذا لم يظهر له معناه، كمراجعة هذه الجزلة رضي الله

ص: 574

145 -

(00) وَحدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ عن بَكْرِ بْنِ مُضَرَ،

ــ

تعالى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه جواز إطلاق رمضان من غير إضافة إلى الشهر، وإن كان الأفصح إضافته إليه.

وأما وصفه صلى الله عليه وسلم النساء بنقصان الدين لتركهن الصلاة والصوم في زمن الحيض فقد يستشكل معناه، وليس بمشكل، بل هو ظاهر، فإن الدين والإيمان والإسلام، كلمات مشتركة في معنى واحد كما قدمناه في مواضع، وتقدم أن الطاعات تُسمى إيمانًا ودينًا، وإذا ثبت هذا علمنا أن من كثرت عبادته زاد إيمانه ودينه، ومن نقصت عبادته نقص دينه، ثم نقص الدين قد يكون على وجه يأثم به، كمن ترك الصلاة أو الصوم أو غيرهما من العبادات الواجبة عليه بلا عذر، وقد يكون على وجه لا إثم فيه، كمن ترك الجمعة أو الغزو أو غير ذلك مما لا يجب عليه لعذر، وقد يكون على وجه هو مكلف به كترك الحائض الصلاة والصوم، فإن قيل إذا كانت معذورة فهل تثاب على الصلاة في زمن الحيض، وإن كانت لا تقضيها، كما يثاب المريض والمسافر، ويكتب له في مرضه وسفره، مثل نوافل الصلوات التي كان يفعلها في صحته وحضره، فالجواب أن ظاهر هذا الحديث أنها لا تثاب والفرق أن المريض والمسافر كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته لها، والحائض ليست كذلك بل نيتها ترك الصلاة في زمن الحيض، بل يحرم عليها نية الصلاة في زمن الحيض، فنظيرها مسافر أو مريض. كان يصلي النافلة في وقت، ويترك في وقت، غير ناوٍ الدوام عليها، فهذا لا يكتب له في سفره ومرضه في الزمن الذي لم يكن يتنفل فيه والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ نووي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

(145)

- (00)(وحدثنيه أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح الأموي، مولاهم الفقيه المصري، ثقة من العاشرة، مات سنة (255) خمس وخمسين ومائتين، وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه عن عبد الله بن وهب في الإيمان وغيره، قال أبو الطاهر (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم، أبو محمد المصري، ثقة حافظ عابد، من التاسعة، مات سنة (197)، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا (عن بكر بن مضر) بن

ص: 575

عَنِ ابْنِ الْهَادِ بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ.

147 -

(75) وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِي وَأَبُو بَكرِ بْنُ إِسْحَاقَ،

ــ

محمد بن حكيم بن سليمان القرشي مولى شرحبيل بن حسنة، أبي عبد الملك أو أبي محمد المصري، روى عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادِ وجعفر بن ربيعة وعمرو بن الحارث ويزيد بن أبي حبيب، ويروي عنه (خ م د ت س) وابن وهب وابن القاسم وقتيبة والوليد بن مسلم، وثقه أحمد وابن معين، وقال في التقريب: ثقة ثبت من الثامنة مات سنة (174) أربع وسبعين ومائة روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في موضعين والصوم والحج والجهاد والمعروف والزهد وانشقاق القمر فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها تسعة تقريبًا (عن) يزيد بن عبد الله بن أسامة (بن الهاد) الليثي أبي عبد الله المدني من الخامسة مات سنة (139) وقد تقدم أن المؤلف روى عنه في اثني عشر بابًا والجار والمجرور في قوله (بهذا الإسناد) متعلق بما عمل في المتابع وهو بكر بن مضر والإشارة راجعة إلى ما بعد شيخ المتابع كما هو اصطلاح المؤلف وقوله (مثله) مفعول ثان لما عمل في المتابع المقدر والضمير فيه عائد إلى المتابع المذكور في السند السابق وهو ليث بن سعد والتقدير حدثنا بكر بن مضر عن يزيد بن الهاد عن عبد الله بن دينار العدوي المدني عن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المكي مثل ما حدث الليث عن يزيد بن الهاد وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مصريون واثنان مدنيان وواحد مكي وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة بكر بن مضر لليث بن سعد في رواية هذا الحديث عن ابن الهاد وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه لأن ليث بن سعد من الثقات الإثبات لا يحتاج إلى تقويته والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم فقال:

(147)

- ش (75)(وحدثني الحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي أبو علي الخلال (الحلواني) الريحاني المكي ثقة حافظ من الحادية عشرة مات سنة (242) اثنتين وأربعين ومائتين وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثمانية أبواب (و) حدثني أيضًا (أبو بكر) محمد (بن إسحاق) الصاغاني أصله من خراسان البغدادي ثقة ثبت من الحادية عشرة وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثمانية

ص: 576

قَالا: حَدَّثَنَا ابنُ أَبِي مرْيَمَ، أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي زَيدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ،

ــ

أبواب وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (قالا) أي قال كل من الحسن وأبي بكر (حدثنا) سعيد بن الحكم بن محمد بن مسلم (بن أبي مريم) الجمحي مولاهم الحافظ الفقيه أبو محمد المصري ثقة ثبت فقيه من كبار العاشرة مات سنة (224) أربع وعشرين ومائتين وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في خمسة أبواب تقريبًا قال ابن أبي مريم (أخبرنا محمد بن جعفر) بن أبي كثير الأنصاري الزرقي مولاهم المدني، روى عن زيد بن أسلم والعلاء بن عبد الرحمن وهشام بن عروة وشريك بن أبي نمر وإبراهيم بن عقبة وأبي حازم بن دينار وغيرهم ويروي عنه (ع) وسعيد بن أبي مريم وخالد بن مخلد وجماعة، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: ثقة من السابعة روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في ثلاثة مواضع والنفاق والزكاة واللباس والحشر فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها سبعة أبواب تقريبًا (قال) محمد بن جعفر (أخبرني زيد بن أسلم) أبو أسامة القرشي العدوي مولى عمر بن الخطاب المدني روى عن عياض بن عبد الله وعطاء بن يسار وحمران مولى عثمان وعبد الرحمن بن أبي سعيد وعبد الرحمن بن أبي وعلة وإبراهيم بن عبد الله بن حنين والأعرج وغيرهم، ويروي عنه (ع) ومحمد بن جعفر وحفص بن ميسرة وسعيد بن أبي هلال وهشام بن سعد والضحاك بن عثمان والسفيانان وسليمان بن بلال ومالك بن أنس وابن جريج وروح بن القاسم وخلق وقال في التقريب ثقة عالم وكان يرسل من الثالثة مات سنة (136) ست وثلاثين ومائة في ذي الحجة روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء في ثلاثة مواضع والصلاة في ثلاثة مواضع والزكاة والحج والبيوع والتوبة والفتن والهبة والجهاد والرحمة واللباس فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها اثنا عشر بابًا تقريبًا (عن عياض بن عبد الله) بكسر أوله وتخفيف التحتانية آخره معجمة بن سعد بن أبي سرح بمهملات مع فتح أوله وسكون ثانيه القرشي العامري المكي روى عن أبي سعيد الخدري في الإيمان والزكاة وغيرهما وأبي هريرة ويروي عنه (ع) وزيد بن أسلم وداود بن قيس وإسماعيل بن أمية والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ومحمد بن عجلان في الزكاة وسعيد المقبري وبكير بن الأشج وغيرهم وثقه ابن معين، وقال في التقريب: ثقة من الثالثة مات على رأس المائة (100)(عن أبي سعيد الخدري) المدني سعد بن مالك بن سنان بنونين،

ص: 577

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ

ــ

له ولأبيه صحبة يروي عنه (ع) وعياض بن عبد الله في الإيمان وخلق لا يحصون وقد تقدم البسط في ترجمته (عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل معنى حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الكلام حذف من الأول لعلمه من الثاني وغرضه الاستشهاد بحديث أبي سعيد لحديث ابن عمر كما مر آنفًا وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مكيان وواحد مصري إلا أبا بكر فإنه بغدادي كما مر.

وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية حديث أبي سعيد الخدري البخاري (370) بطوله في العيدين وفي الطهارة (114) وفي الزكاة (244) وفي غيرها والنسائي في الصلاة (671) وابن ماجه (197) اهـ من تحفة الأشراف وفي النكت الظراف للحافظ ابن حجر، والحاصل أن مسلمًا ما أخرج حديث أبي سعيد فيما يتعلق بالمنبر في كتاب الإيمان أصلًا لا سندًا ولا متنًا ولا حوالة وإنما أخرجه في العيدين (1184) وأخرج حديثه فيما يتعلق بالنساء في الإيمان وأحال به على حديث ابن عمر فعرف أنه أراد بعضه لا جميعه وهو ما يتعلق بنقص عقل النساء ودينهن فلذلك ذكره في كتاب الإيمان اهـ بتصرف واختصار.

والواقع أن مسلمًا لم يسق لفظ حديث أبي سعيد الخدري وإنما أورد حديث ابن عمر بسند آخر إليه في قصة النساء ونقصان عقلهن ودينهن خاصة وأردفه بحديث أبي سعيد المذكور ثم أردفه بحديث أبي هريرة بقوله وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأحاله أيضًا على حديث ابن عمر في قصة النساء ونقصان عقلهن ودينهن فليتأمل.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:

(ح) أي حول المؤلف من الاستشهاد بحديث أبي سعيد إلى الاستشهاد بحديث أبي هريرة (و) قال (حدثنا يحيى بن أيوب) والإتيان بحاء التحويل في الاستشهاد ليس عادة له والأولى إسقاط هذه الحاء أي حدثنا يحيى بن أيوب العابد المقابري بفتح الميم والقاف أبو زكريا البغدادي ثقة من العاشرة مات سنة (234) أربع وثلاثين ومائتين وتقدم

ص: 578

وَقُتَيبَةُ وَعَلِيُّ بن حُجْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -وَهُوَ ابنُ جَعْفَرٍ- عن عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْمقْبُرِيِّ، عن أَبِي هُرَيرَةَ،

ــ

البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثمانية أبواب (و) حدثنا أيضًا (قتيبة) بن سعيد بن جميل الثقفي مولاهم أبو رجاء البغلاني ثقة ثبت من العاشرة مات سنة (240) وتقدم البسط في ترجمته، وأن المؤلف روى عنه في ثمانية أبواب (و) حدثنا أيضًا (علي بن حجر) بن إياس بن مقاتل بن مشمرج السعدي أبو الحسن ثقة حافظ من صغار التاسعة مات سنة (244) أربع وأربعين ومائتين وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أحد عشر بابًا تقريبًا وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (قالوا) أي قال كل من الثلاثة (حدثنا إسماعيل) بن جعفر بن أبي كثير الزرقي مولاهم أبو إسحاق المدني أخو محمد بن جعفر ثقة ثبت من الثامنة مات سنة (180) ثمانين ومائة وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في اثني عشر بابًا تقريبًا وأتى بقوله (وهو ابن جعفر) إشارة إلى أن هذه النسبة لم يسمعها من شيخه بل مما زاده من عند نفسه (عن عمرو بن أبي عمرو) مولى المطلب بن عبد الله القرشي المخزومي أبي عثمان المدني واسم أبي عمرو ميسرة روى عن سعيد المقبري في الإيمان وأنس بن مالك في الحج والأعرج في النذور وعكرمة ويروي عنه (ع) وإسماعيل بن جعفر ويعقوب بن إبراهيم والدراوردي ومالك وسليمان بن بلال وثقه أبو زرعة وقال أبو حاتم: ليس به بأس، وقال ابن معين: ليس بالقوي، وقال في التقريب: ثقة ربما وهم من الخامسة مات بعد الخمسين ومائة (150) روى المؤلف عنه في ثلاثة أبواب الإيمان والحج والنذور (عن) سعيد بن أبي سعيد كيسان (المقبري) الليثي مولى بني ليث أبي سعد المدني روى عن أبي هريرة وعن أبيه أبي سعيد وعطاء بن ميناء وعبد الله بن رافع وعمرو بن سليم الزرقي وأبي سلمة وسعيد بن يسار وأبي شريح العدوي وعبد الله بن أبي قتادة وخلق ويروي عنه (ع) وعمرو بن أبي عمرو وأيوب بن موسى والوليد بن كثير وليث بن سعد ومالك بن أنس وابن أبي ذئب وخلق، وقال في التقريب: ثقة من الثالثة تغير قبل موته بأربع سنين مات سنة (125) خمس وعشرين ومائة روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في ثلاثة مواضع والزكاة في موضعين والحج في ثلاثة مواضع والنكاح والدعاء والجهاد في موضعين والرفق والأحكام فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها عشرة تقريبًا (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني، وهذا السند من خماسياته، رجاله كلهم

ص: 579

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

ــ

مدنيون إلا يحيى بن أيوب فإنه بغدادي، وقتيبة فإنه بغلاني وعلي بن حجر فإنه مروزي (عن النبي صلى الله عليه وسلم أي روى كل من أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (بمثل معنى حديث ابن عمر) السابق (عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي هريرة هذا أعني "يا معشر النساء تصدقن

" الحديث، انفرد بروايته الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات وغيرهم، ولكن ذكره إحالة لا صريحًا، كما علمت وقوله بمثل معنى حديث ابن عمر راجع لكل من أبي سعيد الخدري وأبي هريرة كما أشرنا إليه في الحل، فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب صريحًا وإحالة ثلاثة أحاديث، الأول حديث ابن عمر فذكره صريحًا للاستدلال به وذكر فيه متابعة واحدة والثاني حديث أبي سعيد الخدري والثالث حديث أبي هريرة وذكرهما بطريق الإحالة للاستشهاد لحديث ابن عمر والله أعلم.

(فائدة) قال النواوي: وقد اختلفوا في المراد بالمقبري في قوله (عن عمرو بن أبي عمرو عن المقبري) هو أبو سعيد المقبري أو ابنه سعيد فإن كل واحد منهما يقال له المقبري وإن كان المقبري في الأصل هو أبو سعيد فقال الحافظ أبو علي الغساني عن أبي مسعود الدمشقي هو أبو سعيد، قال أبو علي: وهذا إنما هو في رواية إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو، وقال الدارقطني: خالفه سليمان بن بلال فرواه عن عمرو عن سعيد المقبري، قال الدارقطني: وقول سليمان بن بلال أصح، قال ابن الصلاح: رواه أبو نعيم الأصفهاني في كتابه المخرج على صحيح مسلم عن إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن سعيد بن أبي سعيد المقبري هكذا مبينًا لكن رويناه في مسند أبي عوانة المخرج على صحيح مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سعيد ومن طريق سليمان بن بلال عن سعيد كما سبق عن الدارقطني فالاعتماد عليه إذًا هذا آخر كلام ابن الصلاح، ويقال فيه المقبري بضم الباء وفتحها وجهان مشهوران فيه وهي نسبة إلى المقبرة وفيها ثلاث لغات ضم الباء وفتحها وكسرها والثالثة غريبة، قال إبراهيم الحربي وغيره كان أبو سعيد ينزل المقابر فقيل له المقبري وقيل كان منزله عند المقابر وقيل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعله على حفر القبور فقيل له المقبري -وجعل نعيمًا

ص: 580

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على إجمار المسجد فقيل له نعيم المجمر- واسم أبي سعيد كيسان الليثي المدني، والله أعلم انتهى.

***

ص: 581