المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌9 - باب الأمر بقتال الناس حتى يوحدوا الله تعالى، ويقروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ويلتزموا شرائع دينه، وأن من فعل ذلك. . فقد عصم دمه وماله إلا بحقهما - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بَابُ بَيَان الإِيمَان وَالإِسْلامِ وَالإِحْسَان، وَوُجُوبِ الإِيمَان بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالى، وَبَيَان الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ التَّبَرِّي مِمَّنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ، وَإِغْلاظِ الْقَوْلِ فِي حَقِّهِ

- ‌(فصل) في بيان دقائق هذا السند ولطائفه

- ‌ترجمة عمر بن الخطاب وولده عبد الله رضي الله عنهما

- ‌2 - بَابُ عَدَمِ وُجُوبِ مَا عَدَا الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ وَمَا عَدَا صِيَامَ رَمَضَانَ، وَمَا عَدَا الزَّكَوَاتِ المَفْرُوضَةَ

- ‌3 - بَابُ عَرْضِ الرَّجُلِ مَا عِنْدَهُ عَلَى المُحَدِّثِ؛ ليسْتَثْبِتَ فِيهِ، وَاكْتِفَاءِ الحَاضِرِينَ بِسُؤالِ البَادِي الوَافِدِ الإِمَامَ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ إِذَا هَابُوهُ

- ‌4 - بَابُ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى فِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ، وانْتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌5 - بَابُ مَنْ حَرَّمَ الحَرَامَ، وَأَحَلَّ الحَلَالَ، وَفَعَلَ مَا تَمَكَّنَ مِنَ الوَاجِبَاتِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌6 - بَابُ بَيَانِ مَبَانِي الإِسْلَامِ

- ‌7 - بَابُ وُفُودِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمْرِهِمْ بِمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِ، وَنَهْيِهِمْ عَنْ مُنْكَرَاتِهِ، وَأَمْرِهِمْ بِحِفْظِهَا وَتَبْلِيغِهَا إِلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَجَوازِ مَدْحِ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ

- ‌ فائدة في المختلِطين

- ‌8 - بَابُ بَيَانِ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ، وَأَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الإِسْلامِ عَلَى التَّدْرِيجِ، وَأَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ

- ‌(فصل في جمع ما يستفاد من هذا الحديث)

- ‌9 - بَابُ الأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالى، وَيُقِرُّوا بِرِسَالةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيَلْتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. . فَقَدْ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالهُ إِلَّا بِحَقِّهِمَا

- ‌10 - بَابُ صِحَّةِ إيمَانِ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ مِنَ الْكُفَّارِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَالنَّهْي عَنِ الاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَكَوْنِ الْهِدَايَةِ بِيَدِ اللهِ تَعَالى لَا بِيَدِ أَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَلَو نَبِيًّا مُرْسَلًا أَوْ مَلَكًا مُقَرَّبًا

- ‌11 - بَابُ مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى عَالِمًا بِهِ غَيرَ شَاكٍّ فِيهِ .. دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوَّلًا: إِنْ كَانَ بَرِيئًا مِنَ الكَبَائِرِ، أَوْ عَمِلَهَا وَتَابَ عَنْهَا، أَوْ أَدْرَكَهُ الْعَفْوُ، أَوْ بَعْدَ عُقُوبَتِهِ عَلَيهَا إِنْ لَمْ يَتُبْ عَنْهَا وَلَمْ يُدْرِكْهُ الْعَفْوُ مِنَ اللهِ تَعَالى وَحَرَّمَهُ اللهُ تَعَالى عَلَى النَّارِ

- ‌12 - بَابُ بَيَان حَقِّ اللهِ سبحانه وتعالى عَلَى الْعِبَادِ، وَحَقِّهِمْ عَلَى اللهِ تَعَالى، وَتَبْشير مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى بالتَّوحِيدِ بِالْجَنَّةِ، وَتَرْكِهِ خَوْفًا مِنِ اتِّكالِهِمْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّوحِيدِ

- ‌13 - بَابُ الدَّليلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتينِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ اسْتيقَان الْقَلْبِ

- ‌14 - بَابُ الْحُكْمِ عَلَى الظَّاهِرِ فِي إِسْلَامِ الشَّخْصِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَمَالِ إيمَانِهِ، وَصِحَّةِ إِسْلَامِهِ

- ‌15 - بَابُ بَيَانِ صِفَةِ مَنْ ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَان وَحَلاوَتَهُ

- ‌16 - بَابُ بَيَان عَدَدِ شُعَبِ الإِيمَان، وَأَفْضَلِهَا، وَأَدْنَاهَا، وَأنَّ الحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنْهَا وبيان فضيلته

- ‌17 - بَابُ فِي مَدْحِ الْحَيَاءِ، وَامْتِنَاعِ مُقَاوَمَةِ النَّصِّ بِكَلامِ الحُكَمَاءِ

- ‌18 - بَابُ الأَمْرِ بِالإِيمَانِ ثُمَّ بِالاسْتِقَامَةِ

- ‌19 - بَابٌ أَيُّ خِصَالِ الإِسْلامِ خَيرٌ؟ وَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ

- ‌20 - بَابُ بَيَان الخِصَالِ الَّتِي يَجِدُ بِهِنَّ المَرْءُ حَلاوَةَ الإِيمَانِ

- ‌21 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ لَمْ يُحِبَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَحَبَّةً أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ لأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

- ‌22 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ إِيمَانَ الْعَبْدِ لَا يَكْمُلُ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ، أَوْ جَارِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيرِ

- ‌23 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ يَخَافُ جَارُهُ ضَرَرَهُ

- ‌24 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ إِلَّا عَنِ الْخَيرِ، وَإِكْرَامَ الْجَارِ وَالضَّيفِ .. مِنَ الإِيمَانِ

- ‌25 - بَابُ وُجُوب إِزالةِ الْمُنْكَرِ بِالْقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ وَأنَّ إِزَالتَهُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بَابُ مُجَاهَدَةِ خُلُوفِ السَّوءِ، وَكَوْنِ مُجَاهَدَتِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بَابُ نِسْبَةِ الإِيمانِ وَالْحِكْمَةِ إِلَى الْيَمَنِ وَجَعْلِ الْقَسْوَةِ وَغِلَظِ الْقُلُوبِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ

- ‌28 - بَابُ كَوْنِ التَّحابِّ فِي اللَّهِ تَعَالى مِنَ الإيمَانِ، وَبَيَانِ سَبَبِهِ

- ‌29 - بَابُ النُّصحِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌30 - بَابُ مُبَايَعَةِ الإِمَامِ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَونهَا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - بَابُ بَيَانِ نُقْصَانِ الإِيمَان بِارْتْكَابِ الْمَعَاصِي، وَنَفْيِهِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا حَال تَلَبُّسِهِ بِهَا عَلَى مَعْنَي نَفْيِ كَمَالِهِ

- ‌32 - بَابُ بَيَانِ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الَّتِي هِيَ ضِدُّ عَلامَاتِ الإِيمَانِ

- ‌33 - بَابُ بَيَان حُكْمِ إِيمَانِ مَنْ قَال لأخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ

- ‌34 - بَابُ حُكْمِ إِيمَانِ مَنِ انْتَسَبَ لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ، وَإِيمَانِ مَنِ ادَّعَى لِنَفْسِهِ مَا لَيسَ لَهُ

- ‌35 - بَابُ حُكْمِ سِبَابِ الْمُسْلِمِ وَقِتَالِهِ

- ‌36 - بَابُ الأمْرِ بِلزومِ الإيمَانِ وَالتَّمَسُّكِ بِشَرَائِع الإِسْلامِ، والنَّهْيِ عَنِ الارْتدَادِ عَنِ الإِسْلامِ، وَالتَّشَبُّهِ بِالْكفَّارِ

- ‌34 (*) - بَابُ حُكْمِ إيمَانٍ مَنْ طَعَنَ في النَّسَبِ وَنَاحَ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌37 - بَابُ حُكْمِ إيمَانِ الْعَبْدِ الآبِقِ

- ‌38 - بَابُ حُكْمِ إيمانِ مَنْ قَال مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا

- ‌39 - بَابُ بَيَانِ أَنَّ عَلامَةَ الإِيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ، وَأَنَّ عَلامَةَ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنْصَارِ

- ‌40 - بَابٌ في بَيَانِ أَنَّ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ آيَةُ الإِيمَانِ، وَبُغْضَهُ آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌39 (*) - بَابُ مَا فِي النِّسَاءِ مِنْ نُقْصَانِ الإِيمَانِ وَالْعَقْلِ بِنَقْصِ الطَّاعَاتِ، وإِطْلاقِ لَفْظِ الْكفْرِ عَلَى غَيرِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالى، وَسُؤَالِ الْعَالِمِ عَمَّا أَشْكَلَ مِنْ فَتْوَاهُ

- ‌فصل في الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث

- ‌40 - بَابُ كَوْنِ الطَّاعَةِ لِأَمْرِ اللهِ وَالْخُضُوع لَهُ مِنَ الإِيمَانِ الَّذِي يُوجِبُ الْجَنَّةَ، وَكَوْنِ الْعِصْيَانِ لِأَمْرِهِ وَالتَّكَبُّرِ عَنِ السُّجُودِ لَهُ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي يُوجِبُ النَّارَ

- ‌41 - بَابُ إِيمَانِ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ جَحْدًا أَوْ تهَاوُنًا

الفصل: ‌9 - باب الأمر بقتال الناس حتى يوحدوا الله تعالى، ويقروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ويلتزموا شرائع دينه، وأن من فعل ذلك. . فقد عصم دمه وماله إلا بحقهما

‌9 - بَابُ الأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالى، وَيُقِرُّوا بِرِسَالةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيَلْتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. . فَقَدْ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالهُ إِلَّا بِحَقِّهِمَا

32 -

(20) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ،

ــ

9 -

بَابُ الأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالى، وَيُقِرُّوا بِرِسَالةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيَلْتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالهُ إِلَّا بِحَقِّهِمَا

أي هذا باب معقود في بيان أمر الله عز وجل نبيه وخلفائه وولاة دينه بقتال المكلفين من الناس ويجاهدونهم حتى يقروا بوحدانية الله تعالى ويقروا برسالة محمَّد صلى الله عليه وسلم ويلتزموا أحكام دينه بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات وبيان أن من فعل ذلك المذكور وأتى به قوليًّا كان أو فعليًّا فقد عصم وحقن دمه من الإراقة، وماله من الأخذ والسلب إلا بحقهما؛ أي إلا بالحقوق المتعلقة بهما شرعًا كإراقة دمه للقصاص والحدود وأخذ ماله للزكاة والغرامة.

وترجم له النواوي بقوله (باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمَّد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمنوا بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن من فعل ذلك عصم نفسه وماله إلا بحقهما ووُكِلت سريرته إلى الله تعالى، وقتال من منع الزكاة أو غيرها من حقوق الإِسلام واهتمام الإمام بشعائر الإِسلام).

وهكذا الترجمة في أكثر نسخ المتن، وترجم له الأبي بقوله (باب أحاديث أُمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) وترجم له السنوسي بقوله (باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمَّد رسول الله) وترجم له القرطبي بقوله (باب يُقاتَلُ الناس إلى أن يوحدوا الله ويلتزموا شرائع دينه) وسبب اختلاف التراجم في صحيح مسلم عدم وضع المؤلف لها خوفًا من إطالة الكتاب فترك للناس مجالًا فترجم كل بما ظهر له من معاني الحديث منطوقًا أو مفهومًا كما مر بياننا لذلك في أوائل الكتاب وبالسندين المتصلين إلى المؤلف رحمه الله تعالى قال المؤلف:

(32)

- س (20)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل بفتح الجيم بن طريف بن عبد الله الثقفي مولاهم أبو رجاء البغلاني (بغلان بلخ) ثقة ثبت من العاشرة مات سنة (240)

ص: 192

حَدَّثَنَا لَيثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،

ــ

مائتين وأربعين عن تسعين (90) وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة أبواب تقريبًا، قال قتيبة (حدثنا ليث بن سعد) بن عبد الرحمن بن الحارث الفهمي مولاهم أبو الحارث المصري الإمام عالم مصر وفقيهها ورئيسها روى عن عقيل بن خالد ومحمد بن عجلان ونافع والزهري وسعيد المقبري وعطاء وقتادة وخلائق، ويروي عنه (ع) وقتيبة بن سعيد ومحمد بن رُمح وشعيب بن الليث ويحيى بن يحيى وشبابة بن سوار وابن وهب وعدَّة، قال ابن بكير: هو أفقه من مالك، وقال في التقريب: ثقة ثبت فقيه إمام مشهور من السابعة مات في النصف من شعبان سنة (175) خمس وسبعين ومائة، وكان مولده يوم الخميس في شعبان سنة (94) أربع وتسعين، روى عنه المؤلف في الإيمان وفي الصلاة في ستة مواضع وفي الوضوء في موضعين وفي الزكاة في خمسة مواضع والبيوع في خمسة مواضع والجهاد في أربعة مواضع والرؤيا وحق الجار والفضائل والفتن والصوم والحج والنكاح والحدود والأشربة فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها خمسة عشر بابا تقريبًا.

(عن عُقيل) بضم العين مصغرًا بن خالد بن عقيل بفتح أوله مكبرًا القرشي الأموي مولى عثمان بن عفان الأيلي بفتح الهمزة بعدها ياء ساكنة ثمَّ لام المصري سكن المدينة ثمَّ الشام ثمَّ مصر، روى عن الزهري وسلمة بن كهيل وسالم وخلق، ويروي عنه (ع) وليث بن سعد والمفضل بن فضالة ويحيى بن أيوب وغيرهم، وثقه أحمد، قال أبو حاتم: هو أثبت من معمر، وقال في التقريب: ثقة ثبت من السادسة مات سنة (144) أربع وأربعين ومائة على الصحيح، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في ثلاثة مواضع وفي غيرها (عن) محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي (الزهري) أبي بكر المدني أحد الأئمة الأعلام، وعالم الحجاز والشام رأى عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من أحفظ أهل زمانه وأحسنهم سياقًا لمتون الأخبار، وكان فقيهًا فاضلًا رحمه الله تعالى، روى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وأبي سلمة بن عبد الرحمن ونافع مولى أبي قتادة وسهل بن سعد وأنس ومحمود بن الربيع وخلق، ويروي عنه (ع) وعُقيل بن خالد ويونس بن يزيد وصالح بن كيسان وابن عيينة ومعمر بن راشد وشعيب بن أبي حمزة والأوزاعي والليث بن سعد وخلائق

ص: 193

قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودِ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ

ــ

لا يحصون، قال ابن المديني: له نحو ألفي حديث، وقال أيوب: ما رأيت أعلم من ابن شهاب، وقال في التقريب: ثقة حافظ متقن متفق على جلالته وإتقانه، من رؤوس الطبقة الرابعة مات ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان سنة (125) خمس وعشرين ومائة في ناحية الشام.

روى عنه المؤلف في كتاب الإيمان وفي الوضوء وفي الصلاة في ثمانية مواضع وفي الزكاة في ثلاثة مواضع وفي الحج في ثلاثة مواضع، والأشربة وفي الفضائل في ثلاثة مواضع وفي الجنائز في موضعين وفي الصوم وفي النكاح في سبعة مواضع وفي الطلاق واللعان والاستئذان والبيوع في موضعين والجهاد في موضعين والهبة والأطعمة واللباس وفي الطب في موضعين وفي لا هامة في موضعين ودلائل النبوة وفضل عثمان والفتن، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها ثلاثة وعشرون بابا تقريبًا.

(قال) الزهري (أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود) الهذلي الأعمى أبو عبد الله المدني حليف بني زهرة الفقيه أحد الفقهاء السبعة، روى عن أبي هريرة وزيد بن خالد وعبد الله بن عباس وعائشة وأم قيس وعمر وابن مسعود مُرسلًا، ويروي عنه (ع) والزهري وصالح بن كيسان وموسى بن أبي عائشة وطلحة بن يحيى وعِراك بن مالك وعبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن وأبو الزناد وخلق، قال أبو زرعة: ثقة مأمون إمام، وقال العجلي: كان جامعًا للعلم وقال في التقريب: ثقة فقيه ثبت من الثالثة مات سنة (94) أربع وتسعين، روى عنه المؤلف في الإيمان والطب في ثلاثة مواضع والوضوء والصلاة في ثلاثة مواضع والطلاق في موضعين والأطعمة والفتن وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها ثمانية تقريبًا (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه المدني الأزدي الدوسي من دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وألزمه له على شبع بطنه، وكانت يده مع يده يدور حيث ما دار إلى أن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، عِداده في أهل المدينة، وكان ينزل ذا الحليفة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير الطيب وعن أبي بكر وعمر والفضل بن عباس وعائشة، ويروي عنه (ع) وابن عباس وابن عمر وأنس وواثلة

ص: 194

قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتُخْلِفَ ابُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ

ــ

وجابر وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرَقَة وأبو صالح وأبو حازم وأبو سلمة ومحمد بن سيرين والأعرج وهمام بن منبه وخلائق لا يحصون له خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثًا اتفقا على ثلاثمائة وخمسة وعشرين، وانفرد (خ) بتسعة وسبعين و (م) بثلاثة وتسعين، قال ابن سعد: كان يسبح كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة، قال الواقدي: مات أبو هريرة سنة (59) تسع وخمسين عن ثمان وسبعين (78) وجملة ماروى عنه المؤلف أربعمائة حديث وثمانية عشر حديثًا (418) وهذا السند من سداسياته اثنان منهم مصريان وثلاثة مدنيون وواحد بغلاني.

(قال) أبو هريرة (لما توفي) ومات (رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر) أي جعل خليفة عنه صلى الله عليه وسلم (بعده) أي بعد وفاته صلى الله عليه وسلم (وكفر من كفر) أي ارتد من ارتد (من العرب) إلا أهل ثلاثة مساجد، مسجد المدينة ومسجد مكة ومسجد جُوَاثَا، قال ابن إسحاق: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب إلا ثلاثة مساجد مسجد المدينة ومسجد مكة ومسجد جُواثا. قال الخطابي في شرحه لهذا الحديث: لا بد من تقديم ما يتم به معناه وذلك أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب حتى لم يُصلِّ لله إلا بمكة والمدينة ومسجد عبد القيس بقرية تُسمى جُواثا من أرض البحرين، وكان عُمَّاره من الأزد، وبقوا محصورين حتى قتل مسيلمة الكذاب وفُتحت اليمامة، وكان أهل الردة ثلاثة أصناف: صنف ارتد ولم يتمسك من الإسلام بشيء ثم من هؤلاء من عاد إلى جاهليته، ومنهم من ادعى نبوة غيره صلى الله عليه وسلم وصدقه كأتباع مسيلمة باليمامة والأسود العنسي بصنعاء، وصنف تمسك بالإسلام إلا أنه أنكر وجوب الزكاة وقال: إنما كانت واجبة في زمانه صلى الله عليه وسلم وتأول في ذلك قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103]، وصنف تمسك به واعترف بوجوبها إلا أنه امتنع من دفعها لأبي بكر وفرقها بنفسه قال: وإنما كانت تفرقتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذا المصنف من أطاع بدفعها لأبي بكر كبني يربوع جمعوا صدقاتهم وأرادوا دفعها لأبي بكر فمنعهم مالك بن نويرة وفرقها بنفسه عليهم،

ص: 195

قَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأبِي بَكْرٍ: كَيفَ تُقَاتِلُ الناسَ وَقَدْ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَال: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ .. فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ"؟

ــ

فاتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتال الصنفين الأولين وعدم سبيهم، وإنما اختلفوا في سبي ذراريهم، فقوتلوا حتى قُتل الأسود العنسي ومسيلمة الكذاب وتفرقت جموعهما اهـ.

وأما الصنف الثالث أعني بهم الذين اعترفوا بوجوبها ولكن امتنعوا من دفعها إلى أبي بكر فهم الذين أشكل أمرهم على عمر فباحث أبا بكر في ذلك حتى ظهر له الحق الذي كان ظاهرًا لأبي بكر فوافقه على ذلك، فلذلك قال:(فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق) وقوله (قال عمر) مُرتب على محذوف تقديره لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب وأراد أبو بكر قتالهم قال عمر (بن الخطاب لأبي بكر كيف تقاتل) وتجاهد يا أبا بكر هؤلاء (الناس) الذين تمسكوا بالإسلام واعترفوا بوجوب الزكاة ولكن امتنعوا من دفعها إليك متأولين بما ذكر في الآية السابقة (و) الحال أنه (قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمرت) من جهة ربي (أن أقاتل الناس) وأجاهدهم (حتى يقولوا) ويقروا (لا إله إلا الله) مع قرينتها محمد رسول الله (فمن قال) وأقر منهم (لا إله إلا الله) وأني رسول الله (فقد عصم) وحقن وحفظ (مني ماله) من الأخذ والسلب (ونفسه) من القتل والأسر، وعَصَمَ بمعنى منع مأخوذ من العصمة، والعصمة: المنع والامتناع والعصام الخيط الذي يُشد به فم القربة، سُمي بذلك لمنعه الماء من السيلان، والضمير في قوله (إلا بحقه) عائد على الإسلام، أي إلا بحق الإسلام، أي إلا أن نأخذ ماله أو نقتل نفسه بالحق الذي أوجب عليه إسلامه، وقوله لا إله إلا الله، وفي بعض الرواية (إلا بحقها) أي إلا أن يترك حقًّا من حقوق كلمة لا إله إلا الله، أي إلا أن نأخذه أو نقتله بالحق الذي أوجبت عليه تلك الكلمة المشرفة، أي تمسكه وقوله بها من امتثال جميع شرائع الدين، والمعنى إلا أن يمنع حقًّا من حقوق الكلمة، ومن حقوقها أداء الزكاة، قال القرطبي: والحق المستثنى هو ما بينه في الحديث الآخر بقوله: "زِنىً بعد إحصان أو كفرٌ بعد إيمان أو قتل النفس التي حرم الله" رواه الدارمي في مسنده (2/ 171)(وحسابه) أي وحساب سرائره (على الله) سبحانه وتعالى لأنه تعالى هو المطلع عليها فمن أخلص في

ص: 196

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إيمانه وأعماله جازاه الله عليها جزاء المخلصين ومن لم يُخلص في ذلك كان من المنافقين يُحكم له في الدنيا بأحكام المسلمين وهو عند الله تعالى من أسوء الكافرين.

ويستفاد منه أن أحكام الإسلام إنما تُدار على الظواهر الجلية لا على الأسرار الخفية.

(تنبيه) قال الأبي: هذا الحديث نصٌّ في أن رِدتهم كانت بعد موته صلى الله عليه وسلم وللزمخشري خلافه قال: ارتدت مُذحج في حياته صلى الله عليه وسلم ورئيسهم الأسود العنسي فاستولى على اليمن وأخرج عُمال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ وسادات اليمن فأهلكه الله عز وجل على يد فيروز الديلمي فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك فسر المسلمون ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد ثم جاء علمه بعد شهر، وقال في مسيلمة الكذاب ارتدت بنو حنيفة ورئيسهم مسيلمة فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد فإن الأرض نصفها لي ونصفها لك فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب أما بعد فإن الأرض لله يُورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، وتُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاربه أبو بكر وقُتل على يد وحشي قاتل حمزة، وكان وحشي يقول: قتلت خير الناس في الجاهلية وشرها في الإسلام، يريد في جاهليتي، قال أعني الزمخشري: وإنما الذي ارتد في عهد أبي بكر فزارة وغطفان وبنو سُليم وبنو يربوع وبعض تميم قوم سجاح التي تنبأت، وغسان قوم جبلة بن الأيهم، قال الخطابي: وبسبي ذراريهم قال أبو بكر، ومنهم استولد عليٌّ أم ولده محمد ابن الحنفية، وبعدم سبيهم قال عمر؛ ولما وُلِّي رد عليهم ذريتهم وحكم فيهم بحكم المرتدين، قال القاضي عياض: وبرأي أبي بكر قال الأصبغ المالكي، وبرأي عمر قال الأكثر.

ثم اختلف الصحابة في قتال الصنفين الآخرين، فرآه أبو بكر للأول منهما بكُفْرِه والثاني لامتناعه من دفع الزكاة، وأباه عمر وعذرهم بالتأويل والجهل لقرب عهدهم بالإسلام، وسيأتي احتجاج كل منهما، ولم تكن الصحابة تُسمي هذين الصنفين كفارًا لأنهم لم يرتدوا حقيقة وإنما هم بغاة، وكان القياس أن يسموا بغاة لكن لما عاصروا

ص: 197

فَقَال أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ؛ لأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بَينَ الصَّلاةِ وَالزكَاةِ، فَإِن الزكَاةَ حَقُّ المَالِ،

ــ

المصنف الأول ودخلوا في غماره وكان هو الأكثر انسحب عليهم اسم الردة ألا ترى أن مقاتلة علي رضي الله عنه لما انفردوا ولم يدخلوا في غمار المشركين كيف سموا بُغاة اهـ الأبي.

واعلم أن ظاهر قول عمر لأبي بكر (كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) أن من نطق بكلمة التوحيد فقط حُكم له بحكم الإسلام، وهذا الظاهر متروك قطعًا إذ لا بد مع ذلك من النطق بالشهادة بالرسالة أو بما يدل عليها لكنه سكت عن كلمة الرسالة لدلالة كلمة التوحيد عليها لأنهما متلازمان فهي مرادة قطعًا ثم النطق بالشهادتين يدل على الدخول في الدين والتصديق بكل ما تضمنه وعلى هذا فالنطق بالكلمة الأولى يُفيد إرادة الثانية كما يقال قرأت (الحمد لله رب العالمين) والمراد جميع السورة، ويدل على صحة ما قلناه الروايات الأُخر التي فيها "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" وفي لفظ آخر "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به" غير أن أبا بكر وعمر لم يحضر لهما في وقت هذه المناظرة غير ذلك اللفظ الذي ذكره إذ لو حضر لهما قوله صلى الله عليه وسلم:"أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" لارتفع البحث بينهما لأن هذا اللفظ نص في المطلوب، وأوضح في الدلالة مما استدل به أبو بكر من قوله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة انتهى من القرطبي.

(فقال أبو بكر) مجيبًا لعمر (والله) الذي لا إله غيره (لأقاتلن من فرق بين الصلاة) بأدائها (و) بين (الزكاة) بامتناعه من دفعها (فإن الزكاة حق) وجب في (المال) كما أن الصلاة حق على البدن يُريد بذلك لورودهما في القرآن موردًا واحدًا.

وفي القرطبي: يعني أبو بكر بهذا والله أعلم: أن الله تعالى قد سوَّى بين الصلاة والزكاة في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وفي غيرها فقد جمع الله تعالى بينهما في الأمر بهما، والصلاة المأمور بها واجبة قطعًا فالزكاة مثلها فمن فرق بينهما قوتل؛ ويمكن أن نشير بذلك إلى قوله تعالى {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] ودليل خطابها أن من لم يفعل جميع ذلك لم يُخل

ص: 198

وَاللهِ؛ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ،

ــ

سبيله فيُقاتل إلى أن يُقتل أو يتوب، وبهذه الآية وبذلك الحديث استدل الشافعي ومالك ومن وافقهما على قتل تارك الصلاة وإن كان معتقدًا لوجوبها اهـ.

قال النواوي: وفيه العمل بالقياس كما جاء في بعض الطرق: "أرأيت لو لم يصلوا" قال الخطابي: وهذا يدل على أن خطاب قتال الممتنع من الصلاة متفق عليه عندهم، ولذلك رد المختلف فيه إلى المتفق عليه، قال الأبي: وبسْطُ احتجاجهما أن عمر رأى القتال منفيًّا بقول الكلمة فإذا قيلت وجب الكف ورأى أبو بكر: أن الاستثناء صيره موقوفًا عليها وعلى أداء الزكاة، والموقوف على أمرين ينعدم عند انعدام أحدهما، لأن المعنى عصموا إلا أن يمنعوا حقًّا من حقوق الكلمة ومن حقوقها أداء الزكاة ولعل عمر لم يخف عنه ذلك ولكن حمل الحق المستثنى على ما بينه في الحديث الآخر بقوله:"زِنىً بعد إحصان أو كفرٌ بعد إيمان أو قتل النفس التي حرم الله" اهـ.

قال القاضي عياض: واقتصارهما على الاحتجاج على حديث الشهادتين يدل على أنهما لم يسمعا ما في حديث أبي هريرة من زيادة قوله: ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة إذ لو سمعها عمر لم يحتج بالحديث لأنه حجة عليه، ولو سمعها أبو بكر لم يحتج بالعموم في قوله إلا بحقها ولا بالقياس لأنه نص في المطلوب، قال القرطبي: ولعلهما سمعا ونسيا، قال النواوي نقلًا عن الخطابي: أو يكون أبو هريرة هو الذي أسقط ذلك اتكالًا على فهم المخاطبين القضية وأنه لم يقصد إلا ذكر ما اتُّفِقَ عليه بين الشيخين، قال الأبي: العموم الذي في (بحقها) هو أن التقدير إلا أن يتركوا حقًّا أيَّ شيء كان اهـ.

قال أبو بكر (والله) الذي بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم (لو منعوني عقالًا) وحبلًا يعقل به إبل الزكاة المدفوعة كانوا يؤدونه) ويدفعونه (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم) أي لقاتلت الناس (على منعه) أي على منع ذلك العقال أي على امتناعهم من دفعه إليَّ، وهذا غايةٌ في تقليل ما يمنعونه، قال النواوي هكذا في مسلم عقالًا وكذا في بعض روايات البخاري، وفي بعضها عناقًا بفتح العين وبالنون هي الأنثى من ولد المعز وكلاهما صحيح، وهو محمول على أنه كرر الكلام مرتين فقال في مرة

ص: 199

فَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَوَاللهِ؛ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيتُ الله عَز

ــ

عقالًا وفي الأخرى عناقًا فروي عنه اللفظان فأما رواية العناق فهي محمولة على ما إذا كانت الغنم صغارًا كلها بأن ماتت أمهاتها في بعض الحول فإذا حال حول الأمهات زكَّى السخال الصغار بحول الأمهات سواء بقي من الأمهات شيء أم لا، هذا هو الصحيح المشهور، وقال أبو القاسم الأنماطي من أصحابنا: لا يُزكي الأولاد بحول الأمهات إلا أن يبقى من الأمهات نصاب، وقال بعض أصحابنا: إلا أن يبقى من الأمهات شيء، ويتصور ذلك فيما إذا مات معظم الكبار وحدثت صِغار وحال حول الكبار على بقيتها وعلى الصغار والله أعلم.

وأما رواية عقالًا فقد اختلف العلماء فيها على خمسة أقوال أحدها: أنها الفريضة من الإبل رواه ابن وهب عن مالك، وثانيها: أنها صدقة عامٍ قاله الكسائي، وثالثها: أنها كل شيء يؤخذ في الزكاة من أنعام وثمار وحبوب لأنه يُعقل عن مالكه قاله أبو سعيد الضرير، ورابعها: ما يأخذه المصدق من الزكاة من عين المال المُزكى فإن أخذ عِوضها قيل أخذ نقدًا، وخامسها: أنها اسم لما يعقل به البعير ويربط به قوائمه لئلا يشرد قاله أبو عبيد، وقال: قد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة على الصدقة فكان يأخذ مع كل قرينين عقالًا (أي حبلًا يربطهما به) ورِواءً (الحبل الذي تُربط به المزادتان والمزادة الراوية التي ينقل بها الماء) والأشبه بمساق قول أبي بكر أن يراد بالعقال ما يعقل به البعير ويُربط به ظلفه لئلا يشرد وفي هامش متن مسلم وهو ما شد به ظلف البعير بذراعه حال بروكه حتى لا يقوم فيشرد انتهى، لأنه خرج مخرج التقليل والله أعلم.

وهو الصحيح الذي لا ينبغي العدول عنه، وعلى هذا اختلفوا في المراد بمنعوني عقالًا فقيل قدر قيمته وهو ظاهر متصور في زكاة الذهب والفضة والمعشرات والمعادن والركاز وزكاة الفطر وفي المواشي أيضًا في بعض أحوالها كما إذا وجب عليه سن فلم يوجد عنده ونزل إلى سن دونها واختار أن يرد عشرين درهما فمنع من العشرين قيمة عقال، وكما إذا كانت غنمه سِخالًا وفيها سخلة فمنعها وهي تساوي عقالًا ونظائر ما ذكرته كثيرة معروفة في كتب الفقه، وقيل معناه منعوني زكاة لعقال إذا كان من عروض التجارة، وهذا تأويل صحيح أيضًا اهـ نووي.

(فقال عمر بن الخطاب فوالله ما هو) أي ما الشأن والحال (إلا أن رأيت الله عز

ص: 200

وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أبِي بَكرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنهُ الْحَقّ

ــ

وجل قد شرح) وبسط (صدر أبي بكر) وقلبه (للقتال) أي لقتال مانعي الزكاة (فعرفت أنه) أي أن قتالهم هو الأمر (الحق) والرأي الصواب، ومعنى رأيت علمت وأيقنت، ومعنى شرح فتح ووسَّع وليَّن ومعناه علمت بأنه جازمٌ بالقتال لما ألقى الله عز وجل في قلبه من الطمأنينة لذلك واستصوابه ذلك، ومعنى قوله: عرفت أنه الحق أي بما أظهر من الدليل وأقامه من الحجة فعرفت بذلك أن ما ذهب إليه هو الحق لا أن عمر قلد أبا بكر رضي الله عنهما، فإن المجتهد لا يُقلد المجتهد، وقد زعمت الرافضة أن عمر رضي الله عنه إنما وافق أبا بكر تقليدًا، وبنوه على مذهبهم الفاسد في وجوب عصمة الأئمة، وهذه جهالة ظاهرة منهم والله أعلم. اهـ نواوي

قال الأبي: وإنما لم يمكن أنه قلده لأنه لا يحل لمجتهد أن يقلد غيره، لأنه ظنَّ نفسه أقوى لا سيما وقد قال: علمتُ، والمقلِّد غير عالم وإنما اشترط الروافض عصمة الإمام لأن الموجب عندهم لنصبه صون الأمة عن الخطأ، فإن لم يكن معصومًا لم يؤمن عليه الخطأ؛ فيفتقر إلى إمام وتسلسل، وعندهم أن الإجماع إنما كان حجة لاشتماله على قوله: فإذا أجمعت الأمة دل إجماعهم على حصول قوله معهم وإن لم يظهر، وقوله: حجة فيكون الإجماع حجة، وعندهم أن نصب الإمام واجب على الله؛ لأن نصبه لطف؛ ويجب على الله تعالى فعل اللطف، وكان لطفًا لأنه يوضح الدلائل ويدفع الشبهات ويحث على فعل الواجبات ويزجر عن المحرمات، وكل هذا مبني على قاعدة التحسين ووجوب الأصلح ولا يصحان عندنا، قال ابن التلمساني: وأقرب ما يرد به عليهم: أن المصلحة لا تظهر إلا بعصمة نوابه أيضًا وهم لا يشترطونها. اهـ

ويعني بالحق الذي علم: قتال مانعي الزكاة لا ردَّ سبي ذراري المرتدين لأنه لم يوافقه على سبيهم إلا في الظاهر لما يجب عليه من طاعة الإمام ولذا لما وُلِّى ردهم، ولو وافقه في الباطن لم يردهم لأن بموافقته انعقد الإجماع إذ لا مخالف غيره، وإذا انعقد الإجماع لم تجز مخالفته وهذا هو الحكم في أصول الفقه أن المجتهد إذا رأى غير ما أفتى به الإمام العدل المجتهد؛ وسكت اتباعًا له لما يلزمه من طاعته ثم فقد ذلك الإمام تعين على ذلك المجتهد أن يرجع إلى رأي نفسه لكن بعد تجديد النظر لاحتمال أن يتغير اجتهاده.

ص: 201

33 -

(00) وَحَدَّثَنا أَبُو الطاهِرِ

ــ

وفي الحديث فوائد من الفقه منها: أنه حُجة لقتال أهل البغي والتأويل، ومنها الرجوع عن الرأي لظهور الحق، ومنها عدم تخطئة أحد المتناظرين الآخر لأن عمر لم يُخَطِّئ أبا بكرٍ وإنما احتج عليه، ومنها أن فعل الإمام إذا اشتهر ولم يُعْلَم له مخالف إجماعٌ بشرط كون الحاضرين لا يداهنون في حق خلافًا لأكثر الأصوليين، ومنها أن الإجماع لا ينعقد مع مخالفة الواحد؛ خلافًا لبعضهم، ومنها أن اتفاق أهل العصر عقب اختلافهم إجماع اهـ الأبي، ومنها أن الزكاة لا تسقط عن المرتد برِدَّته؛ بل يُؤخذ منه ما وجب عليه منها؛ فإن تاب وإلا قتل وكان ماله فيئًا اهـ قرطبي، ومنها أنه أدل دليل على شجاعة أبي بكر رضي الله عنه وتَقَدُّمه في الشجاعة والعلم على غيره، وشدة حماسته للدين فإنه ثبت للقتال في هذا الموطن العظيم الذي هو أكبر نعمةِ أنعم الله تعالى بها على المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها أنه استنبط رضي الله عنه من العلم بدقيق نظره ورصانة فكره ما لم يشاركه في الابتداء به غيره فلأجل هذا ولغيره مما أكرمه الله تعالى به أجمع أهل الحق على أنه أفضل أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها جواز مُراجعة الأئمة والأكابر ومناظرتهم لإظهار الحق، ومنها أن الإيمان شرطه الإقرار بالشهادتين مع اعتقادهما واعتقاد جميع ما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها وجوب الجهاد، ومنها عصمة مالِ من أتى بهما ونفسه ولو كان عند السيف، ومنها جريان الأحكام الشرعية على الظاهر وتفويض ما في السرائر إلى الله تعالى، ومنها جواز القياس والعمل به، ومنها وجوب قتال مانعي الزكاة أو الصلاة أو غيرهما من واجبات الإسلام قليلًا كان أو كثيرًا لقوله: (لو منعوني عقالًا أو عناقًا

) ومنها جواز التمسك بالعموم لقوله: (فإن الزكاة حق المال) ومنها وجوب الزكاة في السخال تبعًا للأمهات، ومنها اجتهاد الأئمة في النوازل وردِّها إلى الأصول ومناظرة أهل العلم ورجوع من ظهر له الحق إلى قول صاحبه، إلى غير ذلك من الفوائد الفقهية اهـ نووي بتصرف.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(33)

- متا (00)(وحدثنا أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن السرح المصري القرشي الأموي مولى بني أُمية ثقة أو صدوق من العاشرة مات سنة (255) خمس وخمسين

ص: 202

وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَال أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا، وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ،

ــ

ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأنه روى عن عبد الله بن وهب في الإيمان وغيره.

(و) حدثنا أيضًا (حرملة بن يحيى) بن عبد الله التجيبي المصري صاحب الشافعي وتلميذه، روى عن ابن وهب في مواضع، صدوق من الحادية عشرة مات سنة ثلاث أو أربع وأربعين ومائتين (244)(وأحمد بن عيسى) بن حسان المصري المعروف بالتُستَري بضم التاء وسكون السين وفتح التاء الأخيرة نسبة إلى تستر بلدة بالأهواز لكونه يتجر فيها، روى عن عبد الله بن وهب في الإيمان وغيره، والمفضل بن فضالة، وأزهر السمان وضِمام بن إسماعيل وعدة، ويروي عنه (خ م س ق) والفريابي والبغوي، وقال في التقريب: صدوق تُكلِّم في بعض سماعاته، من العاشرة مات سنة (243) ثلاث وأربعين ومائتين.

وفائدة هذه المقارنة تقوية السند لأن كلًّا من الرجال الثلاثة صدوق يُقوي بعضهم بعضًا، ولكن (قال أحمد) بن عيسى (حدثنا) ابن وهب (وقال الآخران) أبو الطاهر وحرملة (أخبرنا) عبد الله (ابن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري، وإنما فرَّق بين صيغ مشايخه تورعًا من الكذب على بعضهم، لأن بين حدثنا وأخبرنا فرقًا في اصطلاح مسلم؛ ولوجمعهم فقال: قالوا حدثنا ابن وهب لكان كاذبًا على أبي طاهر وحرملة، ولو قال: قالوا أخبرنا لكان كاذبًا على أحمد بن عيسى، وهذا من ألطف لطائف السند فافهمه، روى عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث وسليمان بن بلال ومالك وحيوة بن شريح ومخرمة بن بكير وليث بن سعد وجرير بن حازم وخلائق، ويروي عنه (ع) وأبو الطاهر وحرملة وأحمد بن عيسى وهارون بن سعيد الأيلي ومحمد بن سلمة المرادي وهارون بن معروف وعِدَّة، قال ابن معين: ثقة، وقال أحمد بن صالح حدَّث بمائة ألف حديث، وقال أحمد بن حنبل: ما أصحَّ حديثه، وقال في التقريب: ثقة حافظ عابد من التاسعة مات سنة (197) سبعٍ وتسعين ومائة وله اثنان وسبعون (72) سنة، روى عنه المؤلف في كتاب الإيمان وفي الوضوء وفي الصلاة في خمس مواضع والزكاة والحج والبيوع في أربعة مواضع وفي الطب والحدود في ثلاثة مواضع والعتق والأحكام في موضعين والجهاد في ثلاثة مواضع والفتن والصيد فجملة

ص: 203

قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ:

ــ

الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها ثلاثة عشر بابا تقريبًا (قال) ابن وهب (أخبرني يونس) بن يزيد بن مشكان ويقال ابن أبي النجاد الأيلي بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها لام أبو يزيد القرشي الأموي مولى معاوية بن أبي سفيان، روى عن الزهري ونافع وهشام بن عروة وعكرمة والقاسم وعدة، ويروي عنه (ع) وابن وهب وحسان بن إبراهيم وابن المبارك والليث بن سعد وجرير بن حازم وسليمان بن بلال والأوزاعي وجماعة وثقه النسائي وغيره، وقال في التقريب: ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهمًا قليلًا وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة، مات سنة (159) تسع وخمسين ومائة، روى عنه المؤلف في كتاب الإيمان وفي الوضوء وفي الصلاة في موضعين وفي الصوم وفي الحج والبيوع والوصايا فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها سبعة أبواب تقريبًا (عن) محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله (بن شهاب) بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري أبو بكر المدني أحد الأئمة الأعلام، من رؤوس الطبقة الرابعة مات سنة (125) خمس وعشرين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة وعشرين بابا تقريبًا.

(قال) ابن شهاب (حدثني سعيد بن المسيب) بن حَزْن بوزن سهل وبضد معناه بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي أبو محمد المدني، كان ختن أبي هريرة على ابنته وأعلم الناس بحديثه، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب، روى عن عمر وعن أبي هريرة وأبيه المسيب بن حزن وعبد الله بن عمر وأبيّ وأبي ذر وأبي بكرة وغيرهم، ويروي عنه (ع) والزهري وداود بن أبي هند وعمرو بن مُرة وقتادة ويحيى بن سعيد الأنصاري وخلائق، وكان من أجلة فقهاء التابعين ونُسَّاكهم وخيارهم؛ وأعلم من بقي منهم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقال في التقريب؛ كان من كبار الثانية مات سنة (94) ثلاث أو أربع وتسعين، وقيل سنة خمس، وقال عمرو بن علي: مات سنة (94) أربع وتسعين وقد ناهز الثمانين.

روى عنه المؤلف في كتاب الإيمان في ثلاثة مواضع والصلاة في ثلاثة مواضع والجنائز والزكاة والصوم والحج في ثلاثة مواضع والنكاح والبيوع في موضعين والأشربة والإفك والفضائل في خمسة مواضع والهبة والضحايا واللباس وفي الحيوان وخُلُق النبي

ص: 204

أن أَبَا هُرَيرَةَ أَخْبَرَهُ: أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَال: لَا إِلَهَ إِلا اللهُ .. عَصَمَ مِني مَالهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ".

34 -

(00) حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ،

ــ

صلى الله عليه وسلم والجهاد فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها سبعة عشر بابا تقريبًا (أن أبا هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني (أخبره) أي أخبر سعيد بن المسيب (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أُمرت) أي أمرني ربي (أن أقاتل الناس) وأجاهدهم لإعلاء كلمة التوحيد (حتى يقولوا) ويُقروا بألسنتهم أن (لا إله إلا الله) وأني رسول الله ويعتقدوا معناها اعتقادًا جازمًا (فمن قال لا إله إلا الله) وأني رسول الله واعتقدها وعمل بمقتضاها فقد (عصم) وحقن وحفظ ومنع (مني ماله) من أن يؤخذ (ونفسه) من أن تقتل (إلا بحقه) أي إلا بحق الإسلام من غرامة المتلفات والقصاص والحدود (وحسابه) أي مناقشته وجزاؤه على ما في سرائره (على الله) سبحانه وتعالى خيرًا كان أو شرًّا إنما عليَّ البلاغ وعلى الله الحساب، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة سعيد بن المسيب لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة، وإنما كرر متن الحديث ولم يكتف بالرواية الأولى لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى بالاختصار، وفي هذه الرواية روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، وفي الأولى روى عنه بواسطة عمر رضي الله عنه، وهذا السند من سداسياته؛ ورجاله اثنان منهم مصريان وواحد أيلي وثلاثة مدنيون.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(34)

- متا (00)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى (الضبي) نسبة إلى ضَبَّة بفتح الضاد وتشديد الباء المفتوحة بن أَدّ بن طابخة أبو عبد الله البصري بكسر الباء وفتحها نسبة إلى بَصرة بلدة بالعراق، وأما البُصري بضم الباء فنسبة إلى بُصرى بضم الباء مقصورًا بلدة بحوران بالشام روى عن عبد العزيز الدراوردي وحماد بن زيد وسُليم بن أخضر ويحيى القطان وسُفيان بن عيينة ويزيد بن زُريع وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وعبد الله بن محمد البغوي وابن خزيمة وخلق، وثقه أبو حاتم والنسائي، وقال في التقريب: من العاشرة مات سنة (245) خمس وأربعين ومائتين، روى المؤلف عنه في الإيمان في

ص: 205

أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ -يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ- عَنِ الْعَلاءِ، ح وَحَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بن بِسْطَامَ وَاللَّفْظُ لَهُ،

ــ

موضعين وفي الصلاة وفي الزكاة في موضعين وفي الحج والطلاق وفضائل الصحابة في موضعين وفي الجنائز فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها سبعة أبواب، قال أحمد بن عبدة (أخبرنا عبد العزيز) بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي أبو محمد المدني الجُهني مولاهم؛ روى عن العلاء بن عبد الرحمن ويزيد بن الهاد والحارث بن فضيل وصفوان بن سليم وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم، ويروي عنه (ع) وأحمد بن عبدة وابن أبي عمر وبشر بن الحكم وسعيد بن أبي مريم وقتيبة وعلي بن خَشرم وخلائق، قال النسائي ليس بالقوي، وقال ابن معين: ثقة حجة، وقال في التقريب: صدوق من الثامنة؛ كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، مات سنة (189) تسع وثمانين ومائة، قرنه (خ) بآخر وكذا مسلم هنا، وأتى بالعناية في قوله (يعني الدراورديَّ) إشارة إلى أن هذه النسبة لم يسمعها من شيخه بل مما زاده من عند نفسه إيضاحًا للراوي، نسبة إلى دراورد قيل: قرية بخراسان، وقيل: موضع بفارس، كان جده منها، روى عنه المؤلف في الإيمان وفي الوضوء في موضعين وفي الصلاة في موضعين وفي الجنائز في موضعين وفي الحج والنكاح والبيوع والنذور والفضائل فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها تسعة أبواب تقريبًا.

(عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني الحُرقي مولى حُرَقَة، وحرقة بطن من جُهينة أبي شبل المدني أحد الأعلام، روى عن أبيه عبد الرحمن ومعبد بن كعب وأنس بن مالك وعباس بن سهل بن سعد وعِدة، ويروي عنه (م عم) والدراوردي وإسماعيل بن جعفر ومالك بن أنس وشعبة ومحمد بن جعفر وسفيان بن عيينة وابن جريج وخلق، وثقه أحمد، وقال ابن معين: ليس بذاك، وقال في التقريب: صدوق ربما وهم؛ من الخامسة مات سنة بضع وثلاثين ومائة (133) في خلافة المنصور، روى عنه المؤلف في كتاب الإيمان في موضعين والوضوء والصلاة في ثلاثة مواضع والبيوع في أربعة أبواب تقريبًا كذا قال الأصبهاني.

(ح وحدثنا أُمية بن بسطام) أي حوَّل المؤلف السند وقال حدثنا أمية بن بسطام بن المنتشر العيشي أبو بكر البصري، وقال في التقريب: صدوق من العاشرة مات سنة (231) إحدى وثلاثين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في الإيمان والوضوء وغيرهما، وأتى بجملة قوله (واللفظ له) أي ولفظ الحديث الآتي

ص: 206

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ (1) حَتى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ويؤْمِنُوا بِي

ــ

لأمية بن بسطام تورعًا من الكذب على أحمد بن عبدة لأنه إنما روى معنى الحديث لا لفظه، قال أمية (حدثنا يزيد بن زُريع) مصغرًا التميمي العيشي أبو معاوية البصري وثقه ابن معين، وقال في التقريب: ثقة ثبت من الثامنة مات سنة (182) اثنتين وثمانين ومائة؛ وهو ابن إحدى وثمانين سنة (81) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في اثني عشر بابا تقريبًا، قال يزيد بن زريع (حدثنا روح) بن القاسم التميمي العنبري أبو غياث البصري الحافظ ثقة حافظ من السادسة مات سنة (141) إحدى وأربعين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أحد عشر بابا.

وفائدة هذا التحويل بيان اختلاف صيغتي شيخيه لأن أحمد بن عبدة قال: أخبرنا عبد العزيز وأمية بن بسطام قال: حدثنا يزيد بن زُريع، وبيان كثرة طرقه مع ما في السند الثاني من النزول.

(عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني مولى الحرقة بضم الحاء وفتح الراء بعدها قاف بطن من جهينة المدني، روى عن أبي هريرة في الإيمان وغيره ويروي عنه (م عم) وابنه العلاء ومحمد بن إبراهيم النخعي، قال النسائي: لا بأس به، وقال في التقريب: ثقة من الثالثة، والسند الأول من خماسياته ورجاله كلهم مدنيون إلا أحمد بن عبدة فإنه بصري، والسند الثاني من سداسياته ورجاله ثلاثتهم بصريون وثلاثة منهم مدنيون، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عبد الرحمن بن يعقوب لسعيد بن المسيب في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة وإنما كرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى في بعض الكلمات، ولما فيها من الزيادة على الرواية الأولى فلا اعتراض على المؤلف في تكرار الحديث متنًا وسندًا لأنه لغرض (عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه (قال أُمرت) أي أمرني ربي (أن أقاتل الناس) وأجاهدهم كافة (حتى يشهدوا) ويقروا بألسنتهم ويذعنوا بقلوبهم (أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي) أي ويصدقوا برسالتي إلى الخلق كافةً (و) يقبلوا

(1) في نسخة ذهني: (أقاتل الناس) بحذف (أمرت).

ص: 207

وَبِمَا جِئْتُ بِهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ .. عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُم إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ".

35 -

(00) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ

ــ

(بما جئتـ) ـهم (به) من التكاليف الشرعية بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات (فإذا فعلوا ذلك) المذكور وأذعنوا به من الإقرار بالشهادتين وقبول ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى فقد (عصموا) وحقنوا (مني دماءهم) من الإراقة (وأموالهم) من الغنم والسلب (إلا بحقها) أي إلا بحق كلمة الشهادة وموجبها من القصاص والزكاة وغيرهما (وحسابهم) على ما في سرائرهم ومجازاتهم عليه (على الله) سبحانه وتعالى لا عليَّ، فإنما عليَّ البلاغ المبين.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:

35 -

متا (00)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الحافظ الكوفي ثقة ثبت حافظ من العاشرة مات سنة (235) خمس وثلاثين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة عشر بابا تقريبًا.

قال أبو بكر (حدثنا حفص بن غياث) بمعجمة مكسورة وياء ومثلثة بن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي قاضي الكوفة، روى عن الأعمش وداود بن أبي هند وعاصم الأحول وهشام بن حسان وهشام بن عروة وخالد الحذاء وابن جريج وخلق، ويروي عنه (ع) وابن أبي شيبة وابنه عمر بن حفص ومحمد بن نمير وعمرو الناقد وأبو كريب وزهير بن حرب وخلائق، قال في التقريب: ثقة فقيه تغير حفظه قليلًا في الآخر بعد ما استقضِي، من الثامنة مات سنة (195) خمس وتسعين ومائة؛ وقد قارب الثمانين روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في موضعين والحج في موضعين والزكاة والنكاح والبيوع والنذور والأطعمة وفي المعروف وفي من مات له ثلاثة وفي صفة النار وفي الزهد وفي العاطس فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها أربعة عشر بابا تقريبًا.

(عن) سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم أبي محمد الكوفي المعروف

ص: 208

الأعمَشِ، عَن أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَالا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ الناسَ

" بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ (1)

ــ

بـ (ـالأعمش) قال العجلي: ثقة ثبت وعَدَّه في المدلسين، وقال في التقريب: ثقة حافظ لكنه يدلس من الخامسة مات سنة (148) ثمان وأربعين ومائة عن (84) أربع وثمانين سنة وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة عشر بابا تقريبًا.

(عن) طلحة بن نافع القرشي المكي المعروف بـ (ـأبي سفيان) صدوق من الرابعة روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء وفي الصلاة في موضعين وغيرها وتقدم البسط في ترجمته (عن جابر) بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري ثم السلمي بفتحتين أبي عبد الرحمن المدني الصحابي بن الصحابي مات في المدينة بعد السبعين (70) وقال الفلاس مات سنة (78) ثمان وسبعين عن (94) أربع وتسعين وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة عشر بابا تقريبًا وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مكي وواحد مدني.

وقوله (وعن أبي صالح) المدني ذكوان السمان الزيات مولى جُويرية بنت الحارث امرأة من قيس، وقيل: مولى عبد الله بن غطفان، معطوف على قوله عن أبي سفيان ثقة من الثالثة مات ليالي الحرة سنة ثلاث وستين (63) مقتولًا، وذكر العجلي أنه تابعي مدني موثوق به. وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثمانية أبواب تقريبًا.

(عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر المدني فالأعمش له سندان سندٌ عن أبي سفيان عن جابر، وسند عن أبي صالح عن أبي هريرة.

(قالا) أي قال جابر بن عبد الله وأبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمرت أن أقاتل الناس) وساق أبو صالح عن أبي هريرة (بمثل حديث) سعيد (بن المسيب عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه فغرض المؤلف بسوق هذا السند بالنسبة إلى حديث أبي هريرة بيان متابعة أبي صالح لسعيد بن المسيب في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة، وبالنسبة إلى حديث جابر الاستشهاد لحديث أبي هريرة.

وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية حديث أبي هريرة هذا أصحاب الأمهات

(1) وقع هنا في نسخة ذهني: (خ).

ص: 209

36 -

(21) وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ- قَالا

ــ

الخمس وأحمد بن حنبل، رواه أحمد (2/ 377 و 423 و 475 و 502 و 527 و 528) والبخاري (2946) وأبو داود (1556) و (2640) والترمذي (2610) والنسائي (5/ 14) وابن ماجه (3927).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث جابر فقال:

(36)

- ش (21)(وحدثني أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي من العاشرة، مات سنة (235) وفي بعض النسخ هنا زيادة حاء التحويل فالأولى إسقاطها لأن المحل ليس محل تحويل فهي تحريف من النساخ، وفي هامش متن مسلم علامة التحويل هنا ساقطة في بعض النسخ، قال أبو بكر (حدثنا وكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي ثقة حافظ عابد من كبار التاسعة، مات في آخر سنة (196) ست وتسعين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثمانية عشر بابا تقريبًا (ح وحدثني محمد بن المثنى) أي حول المؤلف السند وقال: حدثني محمد بن المثنى بن عبيد بن قيس أبو موسى العنزي البصري ثقة ثبت من العاشرة مات سنة (252) ثنتين وخمسين ومائتين وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أربعة عشر بابا تقريبًا، قال ابن المثنى (حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي مولاهم أبو سعيد البصري، روى عن هَمَّام بن يحيى ومهدي بن ميمون وهشام بن أبي عبد الله وسفيان الثوري وشعبة وحماد بن سلمة وخلق، ويروي عنه (ع) وابن المثنى ومحمد بن حاتم وعبيد الله القواريري وأبو بكر بن نافع العبدي ويحيى بن يحيى وزهير بن حرب وخلائق، وقال في التقريب: ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، من التاسعة مات سنة (198) ثمان وتسعين ومائة بالبصرة عن (63) ثلاث وستين سنة، وكان يحج كل سنة، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في ثلاثة مواضع والزكاة وفي الوضوء في ثلاثة مواضع والصوم والحج والدلاثل والبيوع في موضعين والوصايا والجهاد في ثلاثة مواضع واللباس والشعر والفضائل والصيد وغيرها، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها أربعة عشر بابا تقريبًا، وأتى بالعناية في قوله (يعني ابن مهدي) إشارة إلى أن هذه النسبة لم يسمعها من شيخه محمد بن المثنى بل مما زادها من عند نفسه إيضاحًا للراوي، وفائدة هذا التحويل بيان كثرة طرقه (قالا) أي قال وكيع

ص: 210

جَمِيعًا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ

ــ

وعبد الرحمن وقوله (جميعًا) حال من فاعل قالا أتى به تأكيدًا له، أي حالة كونهما مجتمعين في التحديث عن سفيان (حدثنا سفيان) بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهب أبو عبد الله الكوفي الثوري ثور بن عبد مناة بن أدبن طابخة، ويقال: ثور تميم، كان من سادات أهل زمانه فقهًا وورعًا وحفظًا وإتقانًا، روى عن أبي الزبير وقيس بن مسلم والأعمش وسعد بن إبراهيم وسالم بن أبي النضر ومنصور وعلقمة وأيوب بن موسى وسماك بن حرب وخلائق، ويروي عنه (ع) وابن مهدي ووكيع ومعاوية بن هشام ويحيى بن سعيد وعبد الرزاق وأبو أسامة وعبدة بن سليمان وعِدة، قال العجلي: كان لا يسمع شيئًا إلا حفظه، وقال الخطيب: كان الثوري إمامًا من أئمة المسلمين وعلمًا من أعلام الدين، وقال في التقريب: ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة من رؤوس الطبقة السابعة، وكان ربما دلس، مات سنة (161) إحدى وستين ومائة، وله أربع وستون سنة (64)، وكان موته بالبصرة في دار عبد الرحمن بن مهدي.

روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء في ثلاثة مواضع والصلاة في تسعة مواضع وفي النكاح في ثلاثة مواضع وفي الحدود في خمسة مواضع وفي الجنائز في موضعين وفي الحج في أحد عشر موضعًا وفي الزكاة في موضعين وفي الصوم في ثلاثة مواضع وفي البيوع في أربعة مواضع والطلاق في خمسة مواضع وفي الوصايا وفي الجهاد في موضعين وفي الضحايا وفي الأشربة والأطعمة في موضعين وفي الطب في موضعين وفي ذكر الأنبياء وفي القدر في موضعين وفي الفتن والزهد في ثلاثة مواضع وفي العتق وفي الأدب وفي ملك اليمين، فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها أربعة وعشرون بابا تقريبًا والمواضع قريب إلى مائة موضع (عن أبي الزبير) المكي محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم ثقة يدلس صدوق؛ من الرابعة مات سنة (126) ست وعشرين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في تسعة أبواب (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة عشر بابا تقريبًا.

وهذان السندان من خماسياته، الأول منهما رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مكي وواحد مدني، والثاني منهما اثنان منهم بصريان وواحد كوفي وواحد مكي وواحد مدني.

ص: 211

قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ الناسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلا اللهُ .. عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ إِلا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ"، ثُمَّ قَرَأَ {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيهِمْ بِمُصَيطِرٍ (22)} [الغاشية: 21 - 22].

37 -

(22) حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِي مَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ،

ــ

(قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمرت) أي أمرني ربي (أن أقاتل الناس) وأجاهدهم (حتى يقولوا) ويشهدوا أن (لا اله إلا الله) وأني رسول الله (فإذا قالوا لا إله إلا الله) مع عديلتها (عصموا) وحقنوا (مني دماءهم وأموالهم) من الإراقة والأخذ (إلا بحقها) أي إلا بحق كلمة لا إله إلا الله، وموجب شريعة الإسلام (وحسابهم) أي مناقشتهم ومجازاتهم على ما في سرائرهم (على الله) سبحانه وتعالى وإنما على البلاغ لا المحاسبة (ثم قرأ) رسول الله صلى الله عليه وسلم استدلالًا على ما قاله (إنما أنت) يا محمد (مذكر) أي مخوف لهم من عذاب الله تعالى ومُرغب لهم في ثوابه من التذكير وهو كل ما اشتمل على الترغيب والترهيب (لست) يا محمد (عليهم بمسيطر) أي بمسلط عليهم فتجبرهم على الإيمان والإسلام؛ فإنما الهداية بيدي وعليك البلاغ، وعبارة النواوي هنا: معناه إنما أنت واعظ، ولم يكن صلى الله عليه وسلم أُمر إذ ذاك إلا بالتذكير ثم أُمر بعد بالقتال، والمسيطر المسلط وقيل: الجبار وقيل الرب، وغرض المؤلف بسوق حديث جابر الاستشهاد لحديث أبي هريرة وإنما استدل على الترجمة بحديث أبي هريرة واستشهد بحديث جابر ولم يعكس لأن حديث أبي هريرة أصح من حديث جابر وحديث ابن عمر الآتي لأن حديث جابر شارك المؤلف في روايته الترمذي فقال: هذا حديث حسن صحيح.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث ابن عمر فقال:

(37)

- ش (22)(حدثنا أبو غسان) بالصرف وعدمه وهو أولى (المسمعي) بكسر الميم الأولى وفتح الثانية وإسكان المهملة بينهما، منسوب إلى مسمع بن ربيعة أحد أجداده (مالك بن عبد الواحد) البصري، روى عن عبد الملك بن الصباح وأبي عاصم وعبد العزيز بن عبد الصمد ومعاذ بن هشام وبشر بن المفضل وغيرهم، ويروي عنه (م د

ص: 212

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يَشْهَدُوا: أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَن مُحَمَّدًا

ــ

وموسى بن هارون، وثقه ابن حبان وقال: يُغْرِبُ، وقال في التقريب: ثقة من العاشرة، مات سنة (230) ثلاثين ومائتين، روى عنه المؤلف في الإيمان في ثلاثة مواضع وفي الصلاة في أربعة مواضع وفي التثاؤب والنكاح والطلاق واللعان وفي حق الجار وصفة الجنة وفي الفتن، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها تسعة أبواب، قال المسمعي (حدثنا عبد الملك بن الصباح) المسمعي أبو محمد البصري روى عن شعبة وهشام الدستوائي وعبد الحميد بن جعفر وابن عون وثور، ويروي عنه (خ م س ق) وأبو غسان المسمعي ومحمد بن بشار وإسحاق الحنظلي، وقال في التقريب صدوق من التاسعة، مات سنة (199) تسع وتسعين ومائة له في (خ) فرد حديث (عن شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم أبي بسطام البصري ثقة حافظ متقن من السابعة مات سنة (160) ستين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثين بابا تقريبًا (عن واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر) العدوي المدني روى عن أبيه وسعيد بن مرجانة ونافع وابن أبي مُليكة وصفوان بن سُليم وابن المنكدر، ويروي عنه (خ م د س) وابنه عثمان وأخوه عاصم بن محمد بن زيد وشعبة، وثقه أحمد وأبو داود وابن معين وأبو حاتم، وقال في التقريب: ثقة من السادسة، روى عنه المؤلف في الإيمان وفي العتق وفي الأطعمة في ثلاثة أبواب فقط (عن أبيه) محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر القرشي العُمري المدني، روى عن جده عبد الله بن عمر وابن الزبير وابن عباس وسعيد بن زيد بن عمرو ويروي عنه (ع) وبنوه الخمسة عاصم وواقد وعمر وأبو بكر وزيد والأعمش وغيرهم، قال أبو زرعة: ثقة، وقال في التقريب: ثقة من الثالثة، روى عنه المؤلف في خمسة أبواب في الإيمان والجهاد والطب وحق الجار والبيوع (عن) أبي عبد الرحمن (عبد الله بن عمر) بن الخطاب القرشي العدوي المدني الصحابي الجليل تقدم البسط في ترجمته وهذا السند من سداسياته ثلاثة منهم بصريون وثلاثة مدنيون (قال) ابن عمر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمرت أن أقاتل الناس) أي أمرني ربي بقتالهم (حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله) ففي رواية ابن عمر التصريح بالشهادتين فيدل على أنه لا بد من النطق

ص: 213

رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، ويؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا .. عَصَمُوا مِني دِمَاءَهُم وَأَمْوَالهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ".

38 -

(23) وَحَدَّثَنَا سُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ،

ــ

بالشهادتين، والسكوت عن شهادة الرسالة في حديث أبي هريرة لدلالة كلمة التوحيد عليها لأنهما متلازمتان فهي مُرادة قطعًا؛ كما يدل عليه حديث ابن عمر كما مر (ويقيموا الصلاة) المكتوبة بشرائطها وأركانها (ويؤتوا الزكاة) المفروضة في مصارفها المبينة في الكتاب (فإذا فعلوا) ذلك المذكور من النطق بالشهادتين وأداء الصلاة وإيتاء الزكاة فقد (عصموا) وحفظوا وحصنوا (مني دماءهم) من الإراقة (وأموالهم) من الأخذ (إلا بحقها) أي: إلا بحق ملة الإسلام وموجب الشريعة (وحسابهم) على ما في سرائرهم (على الله) سبحانه وتعالى وغرضه بسوق هذا الحديث الاستشهاد لحديث أبي هريرة، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري (25) فقط.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة ثالثًا بحديث طارق بن أشيم فقال:

(38)

- ش (23)(وحدثنا سُويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الأنباري -نسبة إلى الأنبار بلدة على الفرات- ثم الحدثاني بفتحتات آخره نون -نسبة إلى الحديثة بلد آخر على الفرات- أبو محمد روى عن مروان بن معاوية وعلي بن مسهر وحفص بن ميسرة ومالك ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ومعتمر بن سليمان وغيرهم، ويروي عنه (م ق) والفريابي والبغوي، قال أحمد: أرجو أن يكون صدوقًا، وقال أبو حاتم: صدوق مدلس، وقال في التقريب: صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه وأفحش ابن معين فيه فكذبه، قال البخاري مات سنة (240) أربعين ومائة وله مائة سنة (100) من قدماء العاشرة، روى عنه المؤلف في كتاب الإيمان وفي النكاح في موضعين وفي الأيمان وفي الجامع والجهاد واللباس والفضائل فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها سبعةٌ.

وقوله (وابن أبي عمر) معطوف على سويد أي وحدثنا أيضًا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني أبو عبد الله الحافظ نزيل مكة، روى عن مروان بن معاوية وفُضيل بن عياض وأبي معاوية وخلق، ويروي عنه (م ت س ق) وهلال بن العلاء وابنه عبد الله بن

ص: 214

قَالا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ -يَعْنِيَانِ الْفَزَارِيِّ- عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِن دُونِ اللهِ

ــ

محمد بن أبي عمر صدوق ولكن قال أبو حاتم: كانت فيه غفلة، من العاشرة مات سنة (243) ثلاث وأربعين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أحد عشر موضعًا، وفائدة هذه المقارنة تقوية السند لأن المتقارنين صدوقان (قالا) أي قال سويد ومحمد بن أبي عمر (حدثنا مروان) بن معاوية بن الحارث بن أسماء الفزاري أبو عبد الله الكوفي نزيل مكة الحافظ واسع الرواية جدًّا روى عن أبي مالك الأشجعي ويزيد بن كيسان وعاصم الأحول وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وغيرهم، ويروي عنه (ع) وسويد بن سعيد وابن أبي عمر ومحمد بن عباد وعمرو الناقد وابن نمير وغيرهم، وقال في التقريب: ثقة حافظ وكان يدلس أسماء الشيوخ، من الثامنة مات فجاة قبل يوم التروية بيوم سنة (193) ثلاث وتسعين ومائة، روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والحج والنكاح والبيوع في موضعين والأطعمة في موضعين والنذور والأدب والأحكام والجهاد والضحايا والأشربة والدعاء، فجملة الأبواب التي روى عنه فيها ثلاثة عشر، وأتى بالعناية في قوله (يعنيان الفزاري) أي يعني سويد بن سعيد ومحمد بن أبي عمر بمروان مروان الفزاري إشارة إلى أن هذه النسبة لم يسمعها من شيخه بل مما زادها من عند نفسه إيضاحًا للراوي وتورعًا من الكذب على شيخيه.

تتمة: (الفزاري) بفتح الفاء فزاي خفيفة فألف فراء كما في المغني نسبة إلى فزارة بن ذبيان، وكان ضربه أخ له ففزره فسُمي فزارة اهـ ابن الملقن.

(عن أبي مالك) سعد بن طارق بن أشيم بوزن أكرم الأشجعي الكوفي ثقة من الرابعة، مات في حدود (140) مائة وأربعين سنة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة أبواب (عن أبيه) طارق بن أشيم بن مسعود الكوفي الأشجعي -نسبة إلى قبيلة مشهورة تدعى أشجع بن ريث بن غطفان- صحابي له أربعة عشر حديثًا انفرد له (م) بحديثين وله عند الباقي أيضًا حديثان آخران، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإيمان والدعاء، ويروي عنه (م ت س ق) وابنه أبو مالك، وقال مسلم: لم يرو عنه غير ابنه سعد بن طارق (قال) طارق بن أشيم (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قال) بلسانه (لا إله إلا الله) مع عديلتها محمد رسول الله موقنًا بها بقلبه (وكفر) أي جحد (بـ) ـجميع (ما) كان (يعبد من دون الله) سبحانه وتعالى حيوانًا كان أو جمادًا ميتًا

ص: 215

حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ".

39 -

(00) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأحمَرُ، ح وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ

ــ

كان أو حيًّا مَلَكًا كان أو جنيًّا أو إنسيًّا (حَرُم ماله ودمه) أي مُنع شرعًا أخذ ماله وإراقة دمه بذمة الإيمان والإسلام (وحسابه) على ما في سرائره (على الله) سبحانه وتعالى وإنما عليَّ البلاغ المبين وهذا السند من رباعياته ورجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد هروي أو عدني أو مكي، وغرضه بسوق هذا الحديث الاستشهاد لحديث أبي هريرة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث طارق بن أشيم بن مسعود رضي الله عنه فقال:

(39)

- متا (00)(وحدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي ثقة حافظ من العاشرة، مات سنة (235) خمس وثلاثين ومائتين وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ستة عشر بابا قال أبو بكر (حدثنا أبو خالد الأحمر) سليمان بن حيان بتحتانية الأزدي الكوفي، قال في التقريب: صدوق يخطئ من الثامنة، مات سنة (189) تسع وثمانين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في اثني عشر بابا تقريبًا (خ وحدثنيه زهير بن حرب) أي حول المؤلف السند وقال حدثني أيضًا هذا الحديث -حديث طارق بن أشيم- زهير بن حرب بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة (234) أربع وثلاثين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في سبعة عشر بابا تقريبًا، وفائدة هذا التحويل بيان اختلاف سماعه من شيخيه، لأنه قال في أبي بكر حدثنا وفي زهير حدثني، قال زهير (حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي أحد الأئمة الأعلام، روى عن أبي مالك الأشجعي وحماد بن سلمة وأبان بن يزيد وسليمان التيمي وداود بن أبي هند وحماد بن زيد وخلائق، ويروي عنه (ع) وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب ومحمد بن حاتم وهارون بن عبد الله ويعقوب الدورقي، قال أحمد: كان حافظًا متقنًا، وقال العجلي: ثقة ثبت، وقال أبو حاتم إمام لا يُسأل عن مثله، وقال في التقريب: ثقة متقن عابد، من التاسعة مات سنة (206) ست ومائتين.

روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في موضعين والجنائز والزكاة والصوم والحج في ستة مواضع والزهد والفضائل في موضعين والبيوع في موضعين

ص: 216

كِلاهُمَا عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ النبِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَن وَحَّدَ الله

"، ثُم ذَكَرَا بِمِثْلِهِ (1)

ــ

والأدب في موضعين والحدود في موضعين والضحايا والأيمان واللباس والأشربة والأطعمة والفتن والبر، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها تسعة عشر بابا.

(كلاهما) أي كلٌّ من أبي خالد ويزيد بن هارون (عن أبي مالك) سعد بن طارق الأشجعي الكوفي (عن أبيه) طارق بن أشيم الكوفي الأشجعي (أنه) أي أن طارق بن أشيم (سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من وحدَّ الله) أي أقر بتوحيد الله وكفر بما يُعبد من دونه حرم ماله ودمه وحسابه على الله (ثم ذكرا) أي بعد قولهما (من وحد الله) ذكر أبو خالد الأحمر ويزيد بن هارون (بمثله) أي بمثل حديث مروان الفزاري، وفي أكثر النسخ إسقاط ألف ذكرا والأوضح إثباتها لأن المتابع اثنان، وغرض المؤلف بسوق هذين السندين بيان متابعة أبي خالد ويزيد بن هارون لمروان بن معاوية في رواية هذا الحديث عن أبي مالك الأشجعي، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه لأن المتابع والمتابَع ثقتان فلا يحتاج المُتابَع إلى تأكيده، وبيان اختلافهما في لفظ (من وحد الله) وفي لفظ (من قال لا إله إلا الله).

وهذان السندان من رباعياته فالسند الأول منهما رجاله كلهم كوفيون، والثاني رجاله نَسائي وواسطي وكوفيان، وهذا الحديث مما انفرد به مسلم عن أصحاب الأمهات، وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث أربعةٌ الأول حديث أبي هريرة وذكر فيه ثلاث متابعات وغرضه بذكره الاستدلال على الترجمة واختاره للاستدلال لأنه أصح ما في الباب لأنه اتفق على روايته أحمد وأصحاب الأمهات الست، والثاني حديث جابر، وشارك المؤلف في روايته الترمذي، والثالث حديث عبد الله بن عمر وشارك المؤلف في روايته البخاري، والرابع حديث طارق بن أشيم وأخره لأنه مما انفرد به مسلم رحمه الله تعالى عن غيره، وذكر فيه متابعة واحدة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(1) وقع في نسخة ذهني: (ثم ذكر) بصيغة المفرد.

ص: 217