الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
33 - بَابُ بَيَان حُكْمِ إِيمَانِ مَنْ قَال لأخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ
122 -
(59) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، قَال حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بِشرٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عُبَيدُ الله بْنُ عُمَرَ
ــ
33 -
بَابُ بَيَان حُكْمِ إِيمَانِ مَنْ قَال لأخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ
أي هذا باب معقود لبيان حكم إيمان من قال لأخيه المسلم بصيغة الخبر كقوله فلان كافر أو بصيغة النداء كقوله يَا كافر أو اعتقد كفره هل يكفر بذلك القول أو الاعتقاد أم لا وترجم النووي والقاضي وأكثر المتون للحديث الآتي كترجمتنا وترجم له الأبي بقوله (باب تكفير الرَّجل أخاه) وترجم له السنوسي بقوله (باب من قال لأخيه كافر) وترجم القرطبي لهذا الحديث والأحاديث المذكورة بعده بقوله (باب إثم من كفر مسلمًا أو كَفَر حقه) والترجمة الأولى أعني ترجمة النووي ومن شاركه أوفق لترجمة كتاب الإيمان والله سبحانه وتعالى أعلم.
(122)
- (59)(حَدَّثَنَا أبو بكر) عبد الله بن محمَّد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكُوفيّ من العاشرة مات سنة (235) روى عنه في (16) بابا (قال) أبو بكر (حَدَّثَنَا محمَّد بن بشر) العبدي أبو عبد الله الكُوفيّ ثِقَة حافظ من (9) مات سنة (203) روى عنه في (10) أبواب (و) حدثنا أَيضًا (عبد الله بن نمير) الهمداني أبو هشام الكُوفيّ ثِقَة ثبت من كبار (9) مات سنة (199) روى عنه في (17) بابا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (قالا) أي محمَّد بن بشر وعبد الله بن نمير (حَدَّثَنَا عبيد الله) مصغرًا (بن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب القُرشيّ العدوي العمري أبو عمر المدنِيُّ ويقال أبو عثمان أحد الفقهاء السبعة والعلماء الأثبات روى عن نافع في الإيمان وحبيب بن عبد الرَّحْمَن ومحمَّد بن يحيى بن حبان والقاسم بن محمَّد وأبي حازم والزهري ووهيب بن كيسان وثابت البناني وخلق، ويروي عنه (ع) ومحمَّد بن بشر وعبد الله بن نمير ويحيى القطَّان وأبو أسامة وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الله بن إدريس والمعتمر بن سليمان وأبو خالد الأحمر ومعمر بن راشد وعبد الوهَّاب الثَّقَفيّ وابن جريج وخلق قال النَّسائيّ ثِقَة ثبت وقدمه أَحْمد بن صالح على مالك في نافع وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة على الزُّهْرِيّ عن عروة عنها، وقال في التقريب: ثِقَة ثبت من الخامسة مات سنة (147) سبع وأربعين ومائة، روى عنه المؤلف في الإيمان
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ .. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا"
ــ
والوضوء والصلاة في خمسة مواضع والزكاة والصوم في ثلاثة مواضع والحج في أربعة مواضع والنكاح في موضعين والعتق والفتن والذبائح واللباس والفضائل فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها اثنا عشر بابًا تقريبًا.
(عن نافع) مولى عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب القُرشيّ العدوي مولاهم أبي عبد الله المدنِيُّ يقال إنه كان من أبرشهر ويقال إنه كان من أهل المغرب أصابه ابن عمر في بعض غزواته، روى عن مولاه ابن عمر وأبي هريرة وأبي لبابة بن عبد المنذر وأبي سعيد الخُدرِيّ ورافع بن خديج وعائشة وزيد بن عبد الله بن عمر والقاسم بن محمَّد وخلق ويروي عنه (ع) وعبيد الله بن عمر ومالك وموسى بن عقبة والليث وأبو بكر بن نافع وأيوب والحكم بن عتيبة وزيد بن محمَّد وجرير بن حازم ويحيى بن سعيد الأَنْصَارِيّ وخلائق، قال البُخَارِيّ: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر وثقه العجلي والنَّسائيّ وابن خراش، وقال في التقريب: ثِقَة ثبت فقيه مشهور من الثالثة مات سنة (117) سبع عشرة ومائة.
روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في أربعة مواضع والجنائز في خمسة مواضع والزكاة والصوم في ثلاثة مواضع والحج في ثلاثة مواضع والنكاح والطلاق والبيوع في أربعة مواضع والأطعمة واللباس وفي ذكر الجن فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها اثنا عشر بابًا تقريبًا (عن) عبد الله (بن عمر) بن الخَطَّاب القُرشيّ العدوي أبي عبد الرَّحْمَن المكيّ وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أربعة عشر بابًا تقريبًا (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا كفر الرَّجل) منكم ونسب (أخاه) المسلم إلى الكفر بصيغة الخبر كقوله له أَنْتَ كافر أو بصيغة النداء كقوله له يَا كافر أو اعتقد الكفر فيه كاعتقاد الخوارج تكفير المُؤْمنين بالذنوب وليس من ذلك تكفيرنا أهل الأهواء والبدع على أحد قولين (فقد باء) أي رجع واتصف (بها) أي بخصلة الكفر ومعصيته (أحدهما) أي أحد القائل والمقول له إن كان المقول له كافرًا فذاك وإن كان مؤمنًا فقد رجعت خصلة الكفر على القائل كما تبينه الرواية الآتية والمراد بتكفيره نسبته إلى الكفر قولًا أو اعتقادًا كما في الأبي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال الأبي (فإن قلت) إذا لم يكن المقول له كذلك فغاية القائل أنَّه ساب أو كاذب أو شاتم ولا شيء من ذلك بكفرٍ عندكم فالحديث حجة للمكفر بالذنوب (قلت) أولها الإِمام بحمله على مستحل قول ذلك أو يجعل الضمير في (بها) عائدًا على السيئة المفهومة من السياق أي فقد باء بالسيئة أحدهما قال القاضي أو يجعل عائدًا على تنقيصه لأخيه أي فقد رجع بالنقيصة أحدهما وقيل رجع عليه تكفيره لأخيه لا الكفر حقيقة لأنه لما كفر مسلمًا فكأنه كفر نفسه أو كفر نعمة أخوة أخيه المسلم، قال النووي: فليس الراجع حقيقة الكفر بل التكفير لكونه جعل أخاه المؤمن كافرًا فكأنه كفر نفسه إما لأنه كفر من هو مثله وإما لأنه كفر ما لا يكفره إلَّا كافر يعتقد بطلان دين الإِسلام والله أعلم.
قال السنوسي: والحديث ظاهر في تحريم تكفير الرَّجل أخاه فإن وقع فهو سباب وإذاية، وقال مالك: من آذى مسلمًا أُدِّب.
(والتكفير) نسبة الغير إلى الكفر، والكفر لغة: الستر والتغطية ومنه سمي الزارع كافرًا لستره البذر في الأرض ومنه قوله تعالى: {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} ، أي الزراع ومنه قول الشَّاعر:
يعلو طريقة متنها متواتر
…
في ليلة كَفَرَ النجوم غمامها
أي ستر وغطى، والغمام السحاب، وشرعًا: جحد ما علم من الدين بالضرورة وهذا هو الذي جرى به العرف الشرعي وقد جاء فيه الكفر بمعنى جحد المنعم وترك الشكر على النعم وترك القيام بالحقوق ومنه قوله صلى الله عليه وسلم للنساء (يكفرن الإحسان ويكفرن العشير) رواه الشيخان وأبو داود ومالك في الموطأ أي يجحدن حقوق الأزواج وإحسانهم ومن ها هنا صح أن يقال كفر دون كفر وظلم دون ظلم.
قوله (فقد باء بها أحدهما) أي رجع بإثمها ولازم ذلك، قال الهروي: وأصل البوء اللزوم ومنه "وأبوء بنعمتك عليَّ" رواه أَحْمد والبخاري والتِّرمذيّ والنَّسائيّ وابن ماجه، أي أُقِرُّ بها وأُلزِمُها نفسي، وقال غيره من أهل اللغة: رجع بشرِّ، والهاء في (بها) عائدة إلى التكفيرة الواحدة التي هي أقل ما يدل عليها لفظ كافر ويحتمل أن يعود الضمير إلى الكلمة اهـ قرطبي.
وعبارة القاضي عياض هنا قال الإِمام يحتمل أن يكون قال ذلك في المسلم مستحلًا فيكفر باستحلاله وإذا احتمل ذلك لم يكن فيه حجة لمن كفر بالذنوب ويحتمل
123 -
(00) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَيَحْيَى بنُ أيوبَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سعيد وَعَلِي بْنُ حُجْرٍ جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَال يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ دِينَارٍ: أَنهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ
ــ
أَيضًا أن يكون مراده بقوله (باء بها) أي بمعصية الكذب في حق القائل إن كذب اهـ.
وهذا الحديث أعني حديث ابن عمر انفرد به مسلم عن أصحاب الأمهات وشاركه أَحْمد (2/ 60) وسنده من خماسياته، رجاله اثنان منهم كوفيان واثنان مدنيان وواحد مكّيّ ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
(123)
- متا (00)(وحدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن حماد (التَّمِيمِيّ) الحنظلي مولاهم أبو زكريا النَّيسَابُورِيّ الحافظ أحد الأئمة الأعلام ثِقَة ثبت إمام من العاشرة مات سنة (226) ست وعشرين ومائتين وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في تسعة عشر بابا (و) حدثنا أَيضًا (يحيى بن أَيُّوب) المقابري أبو زكريا البغدادي العابد كان ثِقَة ورعًا من العاشرة مات سنة (234) أربع وثلاثين ومائتين وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثمانية أبواب تقريبًا (و) حدثنا أَيضًا (قتيبة بن سعيد) بن جميل الثَّقَفيّ أبو رجاء البغلاني ثِقَة ثبت من العاشرة مات سنة (245) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في سبعة أبواب تقريبًا (و) حدثنا أَيضًا (علي بن حجر) بضم المهملة وسكون الجيم ابن إياس السعدي أبو الحسن المروزي ثِقَة حافظ من صغار التاسعة مات سنة (244) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أحد عشر بابًا تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه، وقوله (جميعًا) حال من الأربعة أي حالة كونهم مجتمعين في الرواية (عن إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الأَنْصَارِيّ الزُّرَقيّ مولاهم أبي إسحاق المدنِيُّ ثِقَة ثبت من الثامنة مات سنة (185) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في اثني عشر بابًا تقريبًا (قال يحيى بن يحيى أخبرنا إسماعيل بن جعفر) بصيغة السماع لا بالعنعنة (عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم -مولى عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب- أبي عبد الرَّحْمَن المدنِيّ ثِقَة من الرابعة مات سنة (127) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في تسعة أبواب (أنَّه سمع) عبد الله (بن عمر) بن الخَطَّاب أَبا عبد الرَّحْمَن العدوي المكيّ وهذا السند من رباعياته واحد منهم نيسابوري أو بغدادي أو بغلاني أو مروزي واثنان منهم
يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أيُّما امْرِيءٍ قَال لأخَيهِ: يَا كَافِرُ .. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَال، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيهِ"
ــ
مدنيان وواحد مكّيّ وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عبد الله بن دينار لنافع في رواية هذا الحديث عن عبد الله بن عمر وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى فلا اعتراض متنًا وسندًا، حالة كون ابن عمر (يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما) أي اسم شرط جازم مبتدأ مرفوع بالابتداء وما زائدة (امرئ) مضاف إليه لأي والخبر جملة الشرط أو الجواب أو هما معًا على الخلاف المقرر في محله (قال لأخيه) فعل شرط لأي (يَا كافر) مقول لقال (فقد باء بها) أي بكلمة الكفر (أحدهما) أي أحد القائل والمقول له جواب الشرط لأي دخلت عليه الفاء لاقترانه بقد.
قوله (يَا كافر) وفي بعض النسخ (كافر) منونًا على أن يكون خبرًا لمبتدإ محذوف أي هو كافر، قال القرطبي: ضبطه بعضهم بغير تنوين على أنَّه منادى حذف منه حرف النداء أي يَا كافر وهو خطأ لأن حذف حرف النداء من النكرة قليل لا ينقاس والصواب تنوينه على الخبر أي هو كافر اهـ.
وقوله (باء بها) أي بكلمة الكفر وكذا حار عليه وهو بمعنى رجعت عليه أي رجع عليه الكفر فباء وحار ورجع بمعنى واحد اهـ نووي، وقال القاضي (باء بها) أي بمعصية الكذب في حق القائل إن كذب.
(إن كان) المقول له (كما قال) أي على ما قال به القائل ووصفه به من الكفر الحقيقي وجواب الشرط محذوف لعلمه من السياق تقديره فقد صدق القائل فيما وصفه به فيكون الكفر على المقول له، وقوله (وإلا) فيه إدغام إن الشرطية في لا النافية أي وإن لم يكن المقول له كما قال القائل بأن كان مسلمًا صحيح الإيمان (رجعت) أي رجعت كلمة الكفر ومعصية نسبته إلى الكفر (عليه) فيكون عاصيًا بنسبته إلى الكفر كذبًا إن استحل ذلك وإلا كان القائل كافرًا باستحلال نسبته إلى الكفر وقال القاضي رجعت عليه نقيصته لأخيه كما قال إذا لم يكن لذلك أهلًا بكذبه عليه وقيل إذا قاله لمؤمن صحيح الإيمان مثله ورماه بالكفر فقد كفر نفسه لأنه مثله وعلى دينه انتهى.
وعبارة القرطبي هنا ومعنى هذا الكلام أن المقول له يَا كافر إن كان كافرًا كفرًا شرعيًّا فقد صدق القائل له ذلك وذهب بها المقول له وإن لم يكن كذلك رجعت للقائل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
معرة ذلك القول وإثمه وذنبه وقوله (أحدهما) يعني به المقول له على كل وجه لقوله (إن كان كما قال) وأما القائل فهو المعني بقوله (وإلا رجعت عليه) وبيانه بما في حديث أبي ذر الذي قال فيه: "من دعا رجلًا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلَّا حار عليه" أي على القائل وحار رجع ويعني بذلك وزر ذلك وإثمه.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلَّا حديثًا واحدًا وهو حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وذكر فيه متابعة واحدة.