الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40 - بَابٌ في بَيَانِ أَنَّ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ آيَةُ الإِيمَانِ، وَبُغْضَهُ آيَةُ النِّفَاقِ
146 -
(74) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاويةَ عَنِ الأعْمَشِ، ح وَحَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ يَحْيَى
ــ
40 -
بَابٌ في بَيَانِ أَنَّ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ آيَةُ الإِيمَانِ، وَبُغْضَهُ آيَةُ النِّفَاقِ
أي هذا باب معقود في بيان أن حب الشخص علي بن أبي طالب رضي الله عنه علامة على إيمانه وصدقه في الإسلام وأن بغضه علامة على نفاقه وكفره فمن أحبه لسابقيته في الإسلام وقدمه في الإيمان وغنائه فيه وذوده عنه وعن النبي صلى الله عليه وسلم ولمكانته من النبي صلى الله عليه وسلم وقرابته ومصاهرته وعلمه وفضائله كان ذلك منه دليلًا قاطعًا على صحة إيمانه ويقينه ومحبته للنبي صلى الله عليه وسلم ومن أبغضه لشيء من ذلك كان على العكس.
ولم يترجم لهذا الحديث أحد من الشراح وأصحاب المتون بل أدخلوه في الترجمة السابقة ووضعت له ترجمة مستقلة لأن حديثه مستقل عن أحاديث الأنصار فالأنسب له إفراده بالترجمة.
(146)
- ش (74)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي ثقة من العاشرة مات سنة (235) قال أبو بكر (حدثنا وكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي ثقة حافظ من كبار التاسعة مات سنة (196) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثمانية عشر بابًا تقريبًا (و) حدثنا (أبو معاوية) أيضًا محمد بن خازم التميمي السعدي مولاهم الضرير الكوفي ثقة حافظ من كبار التاسعة مات سنة (195) خمس وتسعين ومائة وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أربعة عشر بابًا تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (عن) سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم المعروف بـ (الأعمش) أبي محمد الكوفي ثقة ثبت من الخامسة مات سنة (148) روى عنه المؤلف في ثلاثة عشر بابا.
(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير بن
-وَاللَّفْظُ لَهُ- أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوَيةَ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ قَال: قَال عَلِيٌّ:
ــ
عبد الرحمن التميمي الحنظلي مولاهم أبو زكرياء النيسابوري أحد الأئمة الأعلام ثقة ثبت إمام من العاشرة مات سنة (226) ست وعشرين ومائتين وقد تقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في تسعة عشر بابًا تقريبًا وأتى بقوله (واللفظ) أي لفظ الحديث الآتي (له) أي ليحيى تورعًا من الكذب على أبي بكر لأنه إنما روى معناه لا لفظه قال يحيى (أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش) وأتى بحاء التحويل لاختلاف صيغة شيخيه لأن أبا بكر قال حدثنا ويحيى قال أخبرنا ولأن أبا بكر في روايته زيادة وكيع (عن عدي بن ثابت) الأنصاري الكوفي ثقة من الرابعة مات سنة (116) وتقدم البسط في ترجمته قريبًا وأن المؤلف روى عنه في تسعة أبواب (عن زر) بكسر أوله وتشديد الراء بن حبيش مصغرًا بن حباشة بضم المهملة بعدها موحدة ثم معجمة الأسدي أبي مريم الكوفي مخضرم روى عن علي في الإيمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب في الصلاة والصوم وعمر وعثمان والعباس، ويروي عنه (ع) وعدي بن ثابت وأبو إسحاق الشيباني وإبراهيم النخعي والمنهال بن عمرو وعاصم بن بهدلة وعبدة بن أبي لبابة، وقال في التقريب: ثقة جليل مات سنة (83) ثلاث أو اثنتين أو إحدى وثمانين وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة (127) وليس في مسلم زر إلا هذا المخضرم الثقة روى عنه المؤلف في ثلاثة أبواب كما ذكرنا آنفًا (قال) زر بن حبيش (قال علي) بن أبي طالب أبو الحسن الكوفي القرشي الهاشمي وأبو طالب اسمه عبد مناف بن عبد المطلب وعبد المطلب اسمه شيبة بن هاشم وهاشم اسمه عمرو بن عبد مناف وعبد مناف اسمه المغيرة وقيل الحارث بن قصي وقصي اسمه يزيد وإنما سمي قصيا لأنه كان قاصيًا عن قومه في قضاعة ثم قدم وقريش متفرقة في القبائل فجمعهم حول الكعبة وسمي أيضًا مجمّع بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف توفيت مسلمة قبل الهجرة وقد زعم قوم أنها هاجرت وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنها وبكى عليها وكان علي رضي الله عنه أصغر بني أبي طالب كان أصغر من جعفر بعشر سنين وكان جعفر أصغر من عقيل بعشر سنين وكان عقيل أصغر من طالب بعشر سنين كان علي من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ومات وهو عنه راض وقتل في رمضان بالكوفة سنة أربعين قيل ضرب
(وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ؛ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الأمِّيِّ إلَيِّ: أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إلَّا مُنَافِقٌ)
ــ
لتسع عشرة ليلة ومات ليلة إحدى وعشرين قيل توفي وهو ابن ثمان وخمسين وقيل ابن ثلاث وستين ومناقبه كثيرة مشهورة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن المقداد بن الأسود في الوضوء له خمسمائة حديث وستة وثمانون حديثًا (586) اتفقا على عشرين وانفرد البخاري بتسعة و (م) بخمسة عشر يروي عنه (ع) وزر بن حبيش وشريح بن هانئ وعمر وفاطمة وعبد الله بن عباس وأولاده الحسن والحسين ومحمد وخلق لا يحصون.
روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء في موضعين والصلاة في ثلاثة مواضع والجنائز والزكاة في ثلاثة مواضع والحج والنكاح في موضعين والفضائل فجملة الأبواب التي روى عنه فيها ثمانية تقريبًا وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم كوفيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري.
(والذي) أي أقسمت بالإله الذي (فلق) وشق (الحبة) والثمرة بالنبات والحبة بفتح الحاء اسم لما يزرع من الحبوب وبكسرها اسم لما ينبت بنفسه منها وفلقها شقها بالنبات (وبرأ) أي خلق (النسمة) أي النفس وقيل الإنسان وقيل كل ذي روح وقيل كل ذي نفس بفتح الفاء وحكى الأزهري أن النسمة هي النفس وأن كل دابة في جوفها روح فهي نسمة، وعبارة القرطبي قوله (والذي فلق الحبة) أي شقها بما يخرج منها كالنخلة من النواة والسنبلة من حبة الحنطة والحبة بفتح الحاء اسم لما يزرع ويستنبت وبكسرها اسم لبذور يقول الصحراء التي لا تزرع اهـ، أي أقسمت لكم بقدرة الإله الذي أنبت النبات وخلق الأرواح وجواب القسم قوله (إنه) أي إن الشأن والحال (لعهد النبي الأمي) أي لوصيته (إلي) ووعده لي والعهد مبتدأ وإليَّ متعلق به وجملة قوله (أن لا يحبني) وما عطف عليه خبر المبتدأ والجملة الاسمية خبر إن المكسورة وجملة إن المكسورة جواب القسم وجملة القسم مع جوابه مقول لقال أي إنه لعهده إلى ووعده لي أن لا يحبني (إلا مؤمن) كامل الإيمان (ولا يبغضني إلا منافق) كافر أو عاصٍ.
قال القرطبي: وقوله (ألا يحبني) بفتح همزة ألا لأنها همزة أن الناصبة للفعل المضارع ويحتمل أن تكون المخففة من الثقيلة وكذلك روي (يحبني) بضم الباء وفتحها وكذلك (يبغضني) لأنه معطوف عليه والضمير في (إنه) ضمير الأمر والشأن والجملة بعده
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تفسير له وقوله (إنه لعهد النبي الأمي) والعهد الميثاق والأمي هو الذي لا يكتب كما قال (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، والأمي منسوب إلى الأم لأنه باق على أصل ولادتها إذ لم يتعلم كتابة ولا حسابًا وقيل ينسب إلى معظم أمة العرب إذا الكتابة كانت فيهم نادرة وهذا الوصف من الأوصاف التي جعلها الله تعالى من أوصاف كمال النبي صلى الله عليه وسلم ومدحه بها وإنما كان وصف نقص في غيره لأن الكتابة والدراسة والدربة على ذلك هي الطرق الموصلة إلى العلوم التي بها تشرف نفس الإنسان ويعظم قدرها عادة، فلما خص الله تعالى نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم بعلوم الأولين والآخرين من غير كتابة ولا مدارسة كان ذلك خارقًا للعادة في حقه ومن أوصافه الخاصة به الدالة على صدقه التي نعت بها في الكتب القديمة وعرف بها في الأمم السابقة كما قال الله تعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ} [الأعراف: 157] فقد صارت الأمية في حقه من أعظم معجزاته وأجل كراماته وهي في حق غيره نقص ظاهر وعجز حاضر فسبحان الذي صيّر نقصنا في حقه كمالًا وزاده تشريفًا وجلالًا، قال القرطبي: وهذا الحكم الذي جرى في علي رضي الله عنه جارِ في أعيان الصحابة كالخلفاء الراشدين والعشرة والمهاجرين بل وفي كل الصحابة إذ كل واحد منهم له شاهد وغناء في الدين وأثر حسن فيه فحبهم لذلك المعنى محض الإيمان وبغضهم له محض النفاق لكنهم لما كانوا في سوابقهم ومراتبهم متفاوتين فمنهم المتمكن الأمكن والتالي والمقدم خص الأمكن منهم بالذكر في هذا الحديث وإن كان كل منهم له في السوابق أشرف حديث وهذا كما قال العلي الأعلى {لَا يَسْتَوي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} إلى قوله {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10].
(تنبيه) من أبغض بعض من ذكرنا من الصحابة من غير تلك الجهات التي ذكرناها بل لأمر طارئ وحدث واقع من مخالفة غرض أو ضرر أو نحو ذلك لم يكن كافرًا ولا منافقًا بسبب ذلك لأنهم رضي الله تعالى عن جميعهم قد وقعت بينهم مخالفات عظيمة وحروب هائلة ومع ذلك فلم يكفر بعضهم بعضًا، ولا حكم عليه بالنفاق، لما جرى بينهم من ذلك، وإنما كان حالهم في ذلك حال المجتهدين في الأحكام، فإما أن يكون كلهم مصيبًا فيما ظهر له، أو المصيب واحد، والمخطئ معذور، بل مخاطب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالعمل على ما يراه ويظنه، مأجور فمن وقع له بغض واحد منهم لشيء من ذلك فهو عاص، تجب عليه التوبة من ذلك، ومجاهدة نفسه في زوال ما وقع من ذلك بأن يذكر فضائلهم وسوابقهم، ومالهم على كل من بعدهم من الحقوق الدينية والدنيوية، إذ لم يصل أحد ممن بعدهم بشيء من الدنيا ولا الدين إلا بهم، وبسببهم وأدبهم وصلت لنا كل النعم واندفعت عنا الجهالات والنقم، ومن حصلت به مصالح الدنيا والآخرة فبغضه كفرانٌ للنعم، وصفقته خاسرة اهـ.
وهذا الحديث أعني حديث علي كرم الله وجهه شارك المؤلف في روايته الترمذي (3737) والنسائي (8/ 117).
***