المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌21 - باب عدم إيمان من لم يحب الرسول صلى الله عليه وسلم محبة أكثر من محبته لأهله وولده ووالده والناس أجمعين - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بَابُ بَيَان الإِيمَان وَالإِسْلامِ وَالإِحْسَان، وَوُجُوبِ الإِيمَان بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالى، وَبَيَان الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ التَّبَرِّي مِمَّنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ، وَإِغْلاظِ الْقَوْلِ فِي حَقِّهِ

- ‌(فصل) في بيان دقائق هذا السند ولطائفه

- ‌ترجمة عمر بن الخطاب وولده عبد الله رضي الله عنهما

- ‌2 - بَابُ عَدَمِ وُجُوبِ مَا عَدَا الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ وَمَا عَدَا صِيَامَ رَمَضَانَ، وَمَا عَدَا الزَّكَوَاتِ المَفْرُوضَةَ

- ‌3 - بَابُ عَرْضِ الرَّجُلِ مَا عِنْدَهُ عَلَى المُحَدِّثِ؛ ليسْتَثْبِتَ فِيهِ، وَاكْتِفَاءِ الحَاضِرِينَ بِسُؤالِ البَادِي الوَافِدِ الإِمَامَ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ إِذَا هَابُوهُ

- ‌4 - بَابُ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى فِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ، وانْتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌5 - بَابُ مَنْ حَرَّمَ الحَرَامَ، وَأَحَلَّ الحَلَالَ، وَفَعَلَ مَا تَمَكَّنَ مِنَ الوَاجِبَاتِ .. دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌6 - بَابُ بَيَانِ مَبَانِي الإِسْلَامِ

- ‌7 - بَابُ وُفُودِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمْرِهِمْ بِمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِ، وَنَهْيِهِمْ عَنْ مُنْكَرَاتِهِ، وَأَمْرِهِمْ بِحِفْظِهَا وَتَبْلِيغِهَا إِلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَجَوازِ مَدْحِ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ

- ‌ فائدة في المختلِطين

- ‌8 - بَابُ بَيَانِ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ، وَأَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الإِسْلامِ عَلَى التَّدْرِيجِ، وَأَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ

- ‌(فصل في جمع ما يستفاد من هذا الحديث)

- ‌9 - بَابُ الأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالى، وَيُقِرُّوا بِرِسَالةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيَلْتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. . فَقَدْ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالهُ إِلَّا بِحَقِّهِمَا

- ‌10 - بَابُ صِحَّةِ إيمَانِ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ مِنَ الْكُفَّارِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَالنَّهْي عَنِ الاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَكَوْنِ الْهِدَايَةِ بِيَدِ اللهِ تَعَالى لَا بِيَدِ أَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَلَو نَبِيًّا مُرْسَلًا أَوْ مَلَكًا مُقَرَّبًا

- ‌11 - بَابُ مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى عَالِمًا بِهِ غَيرَ شَاكٍّ فِيهِ .. دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوَّلًا: إِنْ كَانَ بَرِيئًا مِنَ الكَبَائِرِ، أَوْ عَمِلَهَا وَتَابَ عَنْهَا، أَوْ أَدْرَكَهُ الْعَفْوُ، أَوْ بَعْدَ عُقُوبَتِهِ عَلَيهَا إِنْ لَمْ يَتُبْ عَنْهَا وَلَمْ يُدْرِكْهُ الْعَفْوُ مِنَ اللهِ تَعَالى وَحَرَّمَهُ اللهُ تَعَالى عَلَى النَّارِ

- ‌12 - بَابُ بَيَان حَقِّ اللهِ سبحانه وتعالى عَلَى الْعِبَادِ، وَحَقِّهِمْ عَلَى اللهِ تَعَالى، وَتَبْشير مَنْ لَقِيَ اللهَ تَعَالى بالتَّوحِيدِ بِالْجَنَّةِ، وَتَرْكِهِ خَوْفًا مِنِ اتِّكالِهِمْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّوحِيدِ

- ‌13 - بَابُ الدَّليلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتينِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ اسْتيقَان الْقَلْبِ

- ‌14 - بَابُ الْحُكْمِ عَلَى الظَّاهِرِ فِي إِسْلَامِ الشَّخْصِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَمَالِ إيمَانِهِ، وَصِحَّةِ إِسْلَامِهِ

- ‌15 - بَابُ بَيَانِ صِفَةِ مَنْ ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَان وَحَلاوَتَهُ

- ‌16 - بَابُ بَيَان عَدَدِ شُعَبِ الإِيمَان، وَأَفْضَلِهَا، وَأَدْنَاهَا، وَأنَّ الحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنْهَا وبيان فضيلته

- ‌17 - بَابُ فِي مَدْحِ الْحَيَاءِ، وَامْتِنَاعِ مُقَاوَمَةِ النَّصِّ بِكَلامِ الحُكَمَاءِ

- ‌18 - بَابُ الأَمْرِ بِالإِيمَانِ ثُمَّ بِالاسْتِقَامَةِ

- ‌19 - بَابٌ أَيُّ خِصَالِ الإِسْلامِ خَيرٌ؟ وَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ

- ‌20 - بَابُ بَيَان الخِصَالِ الَّتِي يَجِدُ بِهِنَّ المَرْءُ حَلاوَةَ الإِيمَانِ

- ‌21 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ لَمْ يُحِبَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَحَبَّةً أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ لأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

- ‌22 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ إِيمَانَ الْعَبْدِ لَا يَكْمُلُ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ، أَوْ جَارِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيرِ

- ‌23 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ يَخَافُ جَارُهُ ضَرَرَهُ

- ‌24 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ إِلَّا عَنِ الْخَيرِ، وَإِكْرَامَ الْجَارِ وَالضَّيفِ .. مِنَ الإِيمَانِ

- ‌25 - بَابُ وُجُوب إِزالةِ الْمُنْكَرِ بِالْقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ وَأنَّ إِزَالتَهُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بَابُ مُجَاهَدَةِ خُلُوفِ السَّوءِ، وَكَوْنِ مُجَاهَدَتِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بَابُ نِسْبَةِ الإِيمانِ وَالْحِكْمَةِ إِلَى الْيَمَنِ وَجَعْلِ الْقَسْوَةِ وَغِلَظِ الْقُلُوبِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ

- ‌28 - بَابُ كَوْنِ التَّحابِّ فِي اللَّهِ تَعَالى مِنَ الإيمَانِ، وَبَيَانِ سَبَبِهِ

- ‌29 - بَابُ النُّصحِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌30 - بَابُ مُبَايَعَةِ الإِمَامِ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَونهَا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - بَابُ بَيَانِ نُقْصَانِ الإِيمَان بِارْتْكَابِ الْمَعَاصِي، وَنَفْيِهِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا حَال تَلَبُّسِهِ بِهَا عَلَى مَعْنَي نَفْيِ كَمَالِهِ

- ‌32 - بَابُ بَيَانِ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الَّتِي هِيَ ضِدُّ عَلامَاتِ الإِيمَانِ

- ‌33 - بَابُ بَيَان حُكْمِ إِيمَانِ مَنْ قَال لأخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ

- ‌34 - بَابُ حُكْمِ إِيمَانِ مَنِ انْتَسَبَ لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ، وَإِيمَانِ مَنِ ادَّعَى لِنَفْسِهِ مَا لَيسَ لَهُ

- ‌35 - بَابُ حُكْمِ سِبَابِ الْمُسْلِمِ وَقِتَالِهِ

- ‌36 - بَابُ الأمْرِ بِلزومِ الإيمَانِ وَالتَّمَسُّكِ بِشَرَائِع الإِسْلامِ، والنَّهْيِ عَنِ الارْتدَادِ عَنِ الإِسْلامِ، وَالتَّشَبُّهِ بِالْكفَّارِ

- ‌34 (*) - بَابُ حُكْمِ إيمَانٍ مَنْ طَعَنَ في النَّسَبِ وَنَاحَ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌37 - بَابُ حُكْمِ إيمَانِ الْعَبْدِ الآبِقِ

- ‌38 - بَابُ حُكْمِ إيمانِ مَنْ قَال مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا

- ‌39 - بَابُ بَيَانِ أَنَّ عَلامَةَ الإِيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ، وَأَنَّ عَلامَةَ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنْصَارِ

- ‌40 - بَابٌ في بَيَانِ أَنَّ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ آيَةُ الإِيمَانِ، وَبُغْضَهُ آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌39 (*) - بَابُ مَا فِي النِّسَاءِ مِنْ نُقْصَانِ الإِيمَانِ وَالْعَقْلِ بِنَقْصِ الطَّاعَاتِ، وإِطْلاقِ لَفْظِ الْكفْرِ عَلَى غَيرِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالى، وَسُؤَالِ الْعَالِمِ عَمَّا أَشْكَلَ مِنْ فَتْوَاهُ

- ‌فصل في الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث

- ‌40 - بَابُ كَوْنِ الطَّاعَةِ لِأَمْرِ اللهِ وَالْخُضُوع لَهُ مِنَ الإِيمَانِ الَّذِي يُوجِبُ الْجَنَّةَ، وَكَوْنِ الْعِصْيَانِ لِأَمْرِهِ وَالتَّكَبُّرِ عَنِ السُّجُودِ لَهُ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي يُوجِبُ النَّارَ

- ‌41 - بَابُ إِيمَانِ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ جَحْدًا أَوْ تهَاوُنًا

الفصل: ‌21 - باب عدم إيمان من لم يحب الرسول صلى الله عليه وسلم محبة أكثر من محبته لأهله وولده ووالده والناس أجمعين

‌21 - بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ لَمْ يُحِبَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَحَبَّةً أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ لأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

ــ

21 -

بَابُ عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ لَمْ يُحِبَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَحَبَّةً أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ لأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

أي باب معقود في الاستدلال على عدم إيمان من لم يُحب رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة أكثر وأشد من محبته لولده ووالده وأهله والناس أجمعين حتى على نفسه لدخولها في عموم الناس.

وترجم القاضي والنواوي وأكثر المتون لهذا الحديث الآتي بقولهم:

(باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين وإطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة).

وترجم له القرطبي بقوله: (باب لا يصح الإيمان حتى تكون محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم راجحة على كل محبوب من الخلق).

ولم يترجم له الأبي والسنوسي، بل جعلا هذا الحديث تبعًا للترجمة السابقة، والأولى إفراده بالترجمة، وترجمتنا أولى وأوفق لمنطوق الحديث، وكذلك ترجمة القرطبي.

قال بعضهم: ليس المراد بالمحبة هنا المحبة الطبيعية التابعة شهوة النفس، فإن محبة النفس والولد والمعشوق طبعًا أشد من غيرها، وليست هذه المحبة اختيارية يؤاخذ بها، إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، بل المراد هنا المحبة العقلية الاختيارية، وهو إيثار ما يقتضي العقل رجحانه، وإن خالف الطبع كالدواء يكره طبعًا، ويميل إليه العقل لصلاحه، والعاقل يعلم أن خير الدنيا والآخرة اتباع الرسول، وأنه أشفق عليه من نفسه والناس كلهم، فيرجح جانبه على كل مخلوق، ولا يتم الإيمان إلا بهذا وكماله أن يتبع طبعه عقله، حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه عقلًا وطبعًا ونحو هذا سلك الخطابي اهـ، قال بعضهم ومما يسهل التكليف بهذا على النفس أن يقدر الإنسان أنه لو رأى ما يؤلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لتلقاه عنه بنفسه، وسهل عليه فعله فإذا فعل ذلك فقد أدى ما عليه منه، وهذا مقام لا بد منه، ووراءه مقامات كثيرة متفاوتة اهـ

قال بعض الشافعية: يجب أن يحزن على فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم من

ص: 369

76 -

(43) وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، ح وَحَدَّثَنَا شَيبَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ،

ــ

الدنيا أكثر من الحزن على فقد الأبوين والولد، كما يجب أن يحب أكثر من النفس وغيرها، وهذا الذي ذكر هو في الحقيقة من لوازم الأحبية المذكورة في الحديث، وقال القاضي عياض: ومن محبته صلى الله عليه وسلم نصر سنته والذب عن شريعته، وتمني أن لو عاصره حتى يبذل النفس والمال دونه اهـ.

(76)

- س (43)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي بفتح المهملتين بعدهما معجمة مولاهم أبو خيثمة النسائي، ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة (234) أربع وثلاثين ومائتين، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في عشرين بابًا تقريبًا، قال زهير (حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي القرشي البصري أبو بشر المعروف بـ (ـابن علية) اسم أمه، ثقة حافظ من الثامنة، مات سنة (193) ثلاث وتسعين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في خمسة عشر بابًا تقريبًا.

(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا شيبان) بن فروخ المعروف بـ (ـابن أبي شيبة) وأبو شيبة كنية فرُّوخ الحبطي مولاهم، أبو محمد الأبلي بضم الهمزة والموحدة وتشديد اللام صدوق يهم، ورُمي بالقدر من صغار التاسعة، مات سنة (236) ست وثلاثين ومائتين وأتى بحاء التحويل لاختلاف شيخ شيخيه مع اتحاد شيخيهما، ولبيان كثرة طرقه، قال شيبان (حدثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري مولاهم أبو عبيدة التنوري بفتح المثناة وتشديد النون البصري، أحد الأئمة الأعلام، روى عن عبد العزيز بن صهيب وحسين المعلم وداود بن أبي هند وأيوب السختياني وأبي التياح وغيرهم، ويروي عنه (ع) وشيبان بن فروخ وابنه عبد الصمد وعبيد الله القواريري ويحيى بن يحيى ومُعلَّى بن منصور وأبو الربيع الزهراني وخلق، ثقة ثبت من الثامنة، مات سنة (180) ثمانين ومائة، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في موضعين والصوم والحج في موضعين والبيوع والأطعمة واللباس والفتن، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها ثمانية تقريبًا (كلاهما) أي كل من إساعيل بن علية وعبد الوارث رويا (عن عبد العزيز) بن صهيب البناني بموحدة مضمومة ونونين نسبة إلى بُنانة بن سعد بن لؤي بن غالب مولاهم البصري الأعمى، روى عن أنس وشهر، ويروي عنه (ع)

ص: 370

عَنْ أَنَسٍ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ -وَفِي حَدِيثٍ عَبْدِ الْوَارِثِ: "الرَّجُلُ"- حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"

ــ

وإسماعيل ابن علية وعبد الوارث وحماد بن زيد وهُشيم وشعبة وأبو عوانة ووهيب، وثقه أحمد، وقال في التقريب: ثقة من الرابعة، مات سنة (130) ثلاثين ومائة، روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة والصوم والنكاح والطب في ستة أبواب تقريبًا.

(عن أنس) بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من رباعياته، وهو الخامس من رباعياته ورجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد نسائي أو أبلي (قال) أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن عبدٌ) وكذا الأمة لأنها شقيقته، أي لا يصح إيمان عبد من عباد الله المكلفين، ولا إيمان أمة من إماء الله تعالى المكلفات، ونكره ليفيد العموم، أي لا يصح إيمان أي عبد كان، عربًا ولا عجمًا، أعرابًا ولا أهل كتاب (وفي حديث عبد الوارث) بن سعيد أي في روايته لا يؤمن (الرجل) بدل قوله عبد (حتى أكون) أنا (أحب إليه) أي أكثر محبوبية لديه (من أهله) وأقاربه (وماله) الذي اقترفه وجمعه (و) من جميع (الناس) من أبنائه وآبائه وأصدقائه وأحبائه كلهم (أجمعين)، وفي الرواية الآتية (من ولده ووالده والناس أجمعين) قال الخطابي: لم يُرد به حب الطبع، بل أراد به حب الاختيار لأن حب الإنسان نفسه طبع ولا سبيل إلى قلبه، قال: فمعناه لا تصدق في حبي حتى تفنى في طاعتي نفسك، وتؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه هلاكك.

وقال القاضي وابن بطال وغيرهما: المحبة ثلاثة أقسام محبة إجلال وإعظام، كمحبة الوالد ومحبة شفقة ورحمة، كمحبة الولد ومحبة مشاكلة واستحسان كمحبة سائر الناس، فجمع صلى الله عليه وسلم أصنات المحبة في محبته، قال ابن بطال: ومعنى الحديث أن من استكمل الإيمان علم أن حق النبي صلى الله عليه وسلم آكد عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين وإذا تبين ما ذكرناه تبين أن حقيقة الإيمان لا يتم إلا بذلك.

قال القرطبي: هذا الحديث على إيجازه يتضمن ذكر أقسام المحبة فإنها ثلاثة: محبة إجلال وإعظام كمحبة الوالد والعلماء والفضلاء، ومحبة رحمة وإشفاق كمحبة الولد، ومحبة مشاكلة واستحسان كمحبة غير من ذكرنا، وإن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بد أن تكون راجحة على ذلك كله، وإنما كان كذلك لأن الله تعالى قد

ص: 371

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كمله على جميع جنسه وفضله على سائر نوعه بما جبله عليه من المحاسن الظاهرة والباطنة، وبما فضله من الأخلاق الحسنة والمناقب الجميلة فهو أكمل من وطئ الثرى، وأفضل من ركب ومشى وأكرم من وافى القيامة، وأعلاهم منزلة في دار الكرامة.

قال القاضي: فلا يصح الإيمان إلا بتحقيق رفعة قدر النبي صلى الله عليه وسلم ومنزلته على كل والد وولد ومحسن ومفضل، ومن لم يعتقد هذا واعتقد سواه فليس بمؤمن اهـ.

قال القرطبي: وظاهر هذا القول أنه صرف محبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى اعتقاد تعظيمه وإجلاله ولا شك في كفر من لم يعتقد ذلك عليه، غير أن تنزيل هذا الحديث على ذلك المعنى غير صحيح لأن اعتقاد الأعظمية ليس بالمحبة، ولا بالأحبية ولا مستلزم لهما، إذ قد يجد الإنسان من نفسه إعظام أمر أو شخص، ولا يجد محبته، ولأن عمر لما سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين" قال عمر: يا رسول الله أنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي قال: ومن نفسك يا عمر قال: ومن نفسي فقال: الآن يا عمر" رواه أحمد (4/ 336) وهذا كله تصريح بأن هذه المحبة ليست باعتقاد تعظيم بل ميل إلى المعتقد وتعظيمه وتعلق القلب به، فتأمل هذا الفرق فإنه صحيح ومع ذلك فقد خفي على كثير من الناس وعلى هذا المعنى الحديث والله أعلم أن من لم يجد من نفسه ذلك الميل وأرجحيته للنبي صلى الله عليه وسلم لم يكمل إيمانه، على أني أقول: إن كل من صدق النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به إيمانًا صحيحًا لم يخل عن وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة للنبي صلى الله عليه وسلم غير أنهم في ذلك متفاوتون فمنهم من أخذ تلك الأرجحية بالحظ الأوفى كما قد اتفق لعمر حتى قال: ومن نفسي، ولهند امرأة أبي سفيان حين قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: لقد كان وجهك أبغض الوجوه كلها إلي فقد أصبح وجهك الآن أحب الوجوه كلها إلي

الحديث، وكما قال عمرو بن العاص: لقد رأيتني وما أحد أحب إلي من رسول الله ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالًا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولا شك في أن حظ أصحابه من هذا المعنى أعظم لأن معرفتهم لقدره أعظم لأن المحبة ثمرة المعرفة فتقوى وتضعف بحسبها.

ص: 372

77 -

(00) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

ــ

ومن المؤمنين من يكون مستغرقًا بالشهوات محجوبًا بالغفلات عن ذلك المعنى في أكثر أوقاته فهذا بأخس الأحوال لكنه إذا ذكر بالنبي صلى الله عليه وسلم وبشيء من فضائله اهتاج لذكره واشتاق لرؤيته بحيث يؤثر رؤيته بل رؤية قبره ومواضع آثاره على أهله وماله وولده ونفسه والناس أجمعين فيخطر له هذا ويجده وجدانًا لا شك فيه غير أنه سريع الزوال والذهاب لغلبة الشهوات وتوالي الغفلات ويخاف على من كان هذا حاله ذهاب أصل تلك المحبة حتى لا يوجد منها حبة فنسأل الله الجواد الكريم أن يمن علينا بدوامها وكمالها ولا يحجبنا عنها. اهـ قرطبي.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد (3/ 177 و 207 و 275) والبخاري (15) والنسائي (8/ 114 - 115) وابن ماجه (167) ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أنس هذا فقال:

(77)

- متا (00)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي أبو موسى البصري، ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة (252) اثنتين وخمسين ومائتين، روى عنه المؤلف في أربعة عشر بابا (و) حدثنا أيضًا محمد (بن بشار) بن عثمان العبدي أبو بكر البصري، ثقة من العاشرة، مات سنة (252) اثنتين وخمسين ومائتين، روى عنه المؤلف في اثني عشر بابا، وفائدة المتابعة بيان كثرة طرقه (قالا) أي قال كل من المحمدين (حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي مولاهم أبو عبد الله البصري المعروف بغندر، ثقة من التاسعة، مات سنة (193) ثلاث وتسعين ومائة، روى عنه المؤلف في اثني عشر بابًا تقريبًا، قال محمد بن جعفر (حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم أبو بسطام البصري حافظ متقن من السابعة، مات سنة (160) ستين ومائة، روى المؤلف عنه في ثلاثين بابًا تقريبًا (قال) شعبة (سمعت قتادة) بن دعامة السدوسي أبا الخطاب البصري، ثقة ثبت حافظ مفسر مدلس من الرابعة، مات كهلًا سنة (117) سبع عشرة ومائة، روى عنه المؤلف في ستة وعشرين بابًا، حالة كون قتادة (يحدث) ويروي (عن أنس بن مالك) بن النضر خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي حمزة البصري، روى عنه المؤلف في اثني عشر بابًا تقريبًا.

ص: 373

قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"

ــ

وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون، وغرض المؤلف بسوقه بيان متابعة قتادة لعبد العزيز بن صهيب في رواية هذا الحديث عن أنس بن مالك، وفائدة هذه المتابعة تقوية السند الأول لأن قتادة أثبت من عبد العزيز، وكرر متن الحديث في هذه الرواية لما فيها من المخالفة للرواية الأولى في بعض الكلمات فلا اعتراض على المؤلف في تكرار الحديث متنًا وسندًا لأنه لغرض (قال) أنس (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم) أي لا يصح إيمان أحدكم أيها المسلمون (حتى أكون) أنا، مضارع كان المسند إلى المتكلم (أحب إليه) أي أكثر محبوبية لديه (من ولده ووالده) بدل قوله في الرواية الأولى "من أهله وماله"(و) من كل (الناس أجمعين) من سائر عشيرته وأقربائه وأصدقائه وأزواجه ومواليه.

ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب إلا حديث أنس، وذكر فيه متابعة واحدة.

***

ص: 374