الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
256 - (67) باب جواز لعن الشيطان والتعوذ منه أثناء الصلاة وجواز العمل القليل فيها
1103 -
(501)(161) حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. قَالا: أخْبَرَنَا النضْرُ بْنُ شُمَيلٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنَا مُحَمدٌ -وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ- قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِن عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ. لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصلاةَ
ــ
256 (67) باب جواز لعن الشيطان والتعوذ منه أثناء الصلاة وجواز العمل القليل فيها
1103 -
(501)(161)(حدثنا إسحاق بن إبراهبم) بن راهويه الحنظلي المروزي، من (10) روى عنه في (21) بابا (وإسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي أبو يعقوب النيسابوري، ثقة، من (11) روى عنه في (17) بابا (قالا أخبرنا النضر بن شميل) المازني أبو الحسن البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (أخبرنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي أبو بسطام البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (30) بابا (حدثنا محمد؛ وهو ابن زياد) الجمحي مولاهم أبو الحارث المدني ثم البصري، ثقة ثبت، من (3) روى عنه في (5) أبواب (قال) محمد (سمعت أبا هريرة) الدوسي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مدني وواحد إما مروزي أو نيسابوري، حالة كونه (يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عفريتًا) أي إن العاتيَ الماردَ (من الجن جعل) أي شرع (يَفْتِك) أي أَنْ يَهْجُم (عليَّ) بَغْتَةً ويأخُذَني في غفلةٍ وغِيْلةٍ وخَديعةٍ (البارحةَ) أي في الليلة الماضية والبارحة الليلة التي كانت قبل يومك الذي أنت فيه أي تَعرَّض لي بغتةً في سُرعة في أدنى ليلة مضَتْ، ونصبُ البارحة على الظرفية، والعفريتُ المارد من الجن الشديد، ومنه رجل عفريت أي شديد الدَّهَاءِ والمَكْرِ والحِيلةِ هكذا في صحيح مسلم (يفتك) من باب ضرب؛ ومعناه يُغْفِلُه عن الصلاة ويُشغله، وأصل الفتك القتل على غفلة وغِرة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "الإيمانُ قَيدُ الفَتْكِ" رواه أحمد من حديث الزبير، ومن حديث معاوية وأبو داود من حديث أبي هريرة وهكذا مجيء الشيطان للمصلي على غفلة وغرة، وفي رواية البخاري "تفلَّت عليَّ البارحة" أي جاءني على غفلة وفَلْتَة وغِرَّة وفجأة (ليقطع) بفعله (عليَّ الصلاة
وَإن اللَّه أَمْكَنَنِي مِنْهُ فَذَعَتُّهُ، فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَن أربِطَهُ إِلَى جَنْبِ سَارِيةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ. حَتى تُصْبِحُوا تَنْظُرُونَ إِلَيهِ اجْمعُونَ (أوْ كُلكُمْ) ثُم ذَكَرتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيمَانَ:{قَال رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]. فَرَدَّهُ اللهُ خَاسِئًا".
وَقَال ابْنُ مَنْصُورٍ: شُعْبَةُ عَنْ مُحَمدِ بنِ زِيادٍ.
1104 -
(00)(00) حَدَّثنَا مُحَمّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثنَا مُحَمَدٌ، (هُوَ ابْنُ
ــ
وإن الله) سبحانه وتعالى (أمكنني منه) أي من إمساكه (فذعَتُّه) بالذال المعجمة أي خنقته، قال ابن دريد: ذَعَتَهُ يَذْعِته من بابِ ضرب ذَعْتًا غَمَزَه غَمْزًا شديدًا والتاء لام الكلمة أدغمت في تاء المتكلم، وفي رواية (دَعَتُّهُ) بالدال المهملة ومعناه دَفَعْتُه دفعا شديدًا، وأنكره الخطابي وقال لأن أصلَه يكونُ دَعَتَهُ ولا يصح إدغامُ العين في التاءِ (فلقد هممت) وقصدت (أن أربطه) بكسر الموحدة من باب ضرب أي أن أوثقه (إلى جنب سارية من سواري المسجد) أي أسطوانة من أساطينه (حتى تصبحوا) أي تدخلوا في الصباح، حالة كونكم (تنظرون إليه أجمعون) بالرفع توكيد للضمير المرفوع والفعل تام لا يحتاج إلى خبر وهل كانت إرادته لربطه بعد تمام الصلاة أو فيها لأنه يسير احتمالان ذكرهما ابن الملقن فِيما نَقَلَه عنه في المصابيح (أو) قال (كلكم) بدل أجمعون بالشك من الراوي (ثم ذكرت) أي تذكرت (قول أخي سليمان) بن داود عليهما السلام أي دَعْوَته بقوله {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي} أي لا يحصل {لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]) من البشر مِثْلَهُ فتركَه صلى الله عليه وسلم مع القدرة عليه حرصًا على إجابة الله عز وجل دعوةَ سليمان (فرده) أي فرد (الله) سبحانه وتعالى ذلك العفريت عني حالة كونه (خاسئًا) أي مطرودًا ذليلًا حقيرًا، من خسأت الكلب إذا زجرته وطردته (وقال) إسحاق (بن منصور) في روايته (شعبة عن محمد بن زياد) بالعنعنة مع ذكر زياد، ولم يقل (حدثنا محمد) بصيغة السماع. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 298] والبخاري [461]. واستدل المؤلف بهذا الحديث على الجزء الأخير من الترجمة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1104 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري (حدثنا محمد هو ابن
جَعْفَرٍ). ح قَال: وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، فِي هذَا الإِسْنَادِ وَلَيسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ قَوْلُهُ: فَذَعَتُّهُ. وَأَما ابْنُ أبِي شَيبَة فَقَال فِي رِوَايَتِهِ: فَدَعَتُّهُ.
1105 -
(502)(162) حدثنا مُحَمّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مُعَاويةَ بْنِ صَالِحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيس الْخَوْلانِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ؛
ــ
جعفر) الهذلي البصري (ح قال وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا شبابة) بن سوار الفزاري مولاهم أبو عمرو المدائني، ثقة، من (9) روى عنه في (10) أبواب كلاهما) أي كل من محمد بن جعفر وشبابة رويا (عن شعبة) بن الحجاج البصري (في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد يعني عن محمد بن زياد عن أبي هريرة، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة محمد بن جعفر وشبابة بن سوار للنضر بن شميل في رواية هذا الحديث عن شعبة (و) لكن اليس في حديث ابن جعفر قوله فذعته) بالذال المعجمة (وأما ابن أبي شيبة فقال في روايته فدعته) بالدال المهملة أي دفعته دفعًا شديدًا، والدَّعْتُ والدَّعُّ الدفع الشديد.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأول من الترجمة بحديث أبي الدرداء رضي الله عنه فقال:
1105 -
(502)(162)(حدثنا محمد بن سلمة) بن عبد الله بن أبي فاطمة (المرادي) الجملي مولاهم أبو الحارث المصري الفقيه، ثقة ثبت، من (11) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم الفهمي المصري (عن معاوية بن صالح) بن حدير مصغرًا الحضرمي أبي عبد الرحمن الحمصي، وثقه أحمد وابن معين والنسائي والعجلي وأبو زرعة، وقال في التقريب: صدوق له أوهام، من (7) روى عنه في (8) أبواب، حالة كون معاوية (يقول حدثني ربيعة بن يزيد) الدمشقي أبو شعيب الإيادي القصير، ثقة، من (4) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي إدريس) الشامي عائذ الله بن عبد الله بن عمرو (الخولاني) العَوَذِي بفتح المهملة آخره معجمة، ثقة، من (3)(عن أبي الدرداء) عويمر بن زيد بن عبد الله الأنصاري الخزرجي الدمشقي الصحابي المشهور، له
قَال: قَامَ رَسُولُ اللِه صلى الله عليه وسلم. فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: "أعُوذُ بِاللِه مِنْكَ" ثُم قَال: "أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللِه" ثَلاثا. وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيئًا. فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصلاةِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللِه، قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصلاةِ شَيئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَرَأَينَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ
ــ
(179)
مائة وتسعة وسبعون حديثًا اتفقا على حديثين وانفرد (خ) بـ (3) و (م) بـ (8) انتقل إلى الشام، ومات بها سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان وقبره بدمشق، يروي عنه (ع) ومعدان بن أبي طلحة في الصلاة، وأبو إدريس الخولاني وأبو مرة مولى أم هانئ وعلقمة بن قيس وأم الدرداء وجبير بن نفير وصفوان بن عبد الله بن صفوان وغيره. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم شاميون واثنان مصريان (قال) أبو الدرداء (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة (فسمعناه) صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقول أعوذ بالله) أي أستتر وألتجئ في كفايته إياي (منك) أي من شرك ووسوستك، ومنه سمي العود الذي يلجأ إليه الغثاء في السيل عوذا لأن الغثاء يلجأ إليه (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألعنك بلعنة الله ثلاثًا) أي ثم قال ثلاث مرات ألعنك بلعنة الله، أصل اللعن الطرد والإبعاد ومعناه أسأل الله سبحانه أن يلعنه بلعنته ولم يقصد مخاطبة الشيطان لأنه حينئذ يكون متكلما في الصلاة د انما قصد أن يكون متعوذا بالله منه كما إذا قال أعوذ بالله منك، قال النواوي: قال القاضي: وقوله صلى الله عليه وسلم ألعنك بلعنة الله وأعوذ بالله منك دليل على جواز الدعاء لغيره وعلى غيره بصيغة الخطاب خلافًا لابن شعبان من المالكية في قوله إن الصلاة تبطل بذلك قلت وكذا قال أصحابنا تبطل الصلاة بالدعاء لغيره بصيغة الخطاب كقوله للعاطس: رحمك الله أو يرحمك الله، ولمن سلم عليه: وعليك السلام وأشباهه، والأحاديث السابقة في الباب الذي قبله في السلام على المصلي تؤيد ما قاله أصحابنا فيتأول هذا الحديث أو يحمل على أنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة أو غير ذلك اهـ قال الأبي: وظاهر قوله (فسمعناه يقول) أنهم كانوا معه، وظاهر حديث أبي هريرة المذكور قبله أنه كان وحده فيحتمل أنه قضيتان أو يقال ذلك في الحديث الأول إنما هو إخبار لمن لم يحضرها معه اهـ.
(وبسط يده) أي مدها حين قال ذلك اللعن (كأنه) صلى الله عليه وسلم يريد أن (يتناول) ويأخذ (شيئًا) من قدامه (فلما فرغ من الصلاة قلنا يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئًا لم نسمعك تقوله قبل ذلك) القول (ورأيناك بسطت يدك) أي مددتها
قَال: "إِن عَدُوَّ اللِه، إِبْلِيسَ، جَاءَ بِشِهَابٍ مِن نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي. فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِاللِه مِنْكَ. ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُم قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ الله التَّامَّةِ. فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ. ثَلاثَ مَرّاتٍ. ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ. وَالله! لَوْلا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيمَانَ لأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ ولْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ"
ــ
أمامك (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن عدو الله (بليس) اللعين (جاء) في (بشهاب) أي بشعلة (من نار ليجعله) أي ليجعل ذلك الشهاب ويرميه (في وجهي) أي على وجهي (فقلت أعوذ بالله) أي أتحصن وأعتصم بالله (منك) أي من شرك وضررك (ثلاث مرات ثم قلت) له (ألعنك بلعنة الله التامة) قال القرطبي: والتامة تحتمل معنيين أحدهما أنها الكاملة التي لا ينقص منها شيء، والثاني الواجبة المتحققة عليه أو الموجبة عليه العذاب سرمدًا كما قال تعالى:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115] أي حقت ووجبت ولم يقصد مخاطبة الشيطان (فلم يستأخر) أي فلم يأخر ويرجع عني، وقوله (ثلاث مرات) منصوب بقلت (ثم أردت أخذه) وإمساكه (والله) أي أقسمت بالإله الذي لا إله غيره (لولا دعوة أخينا سليمان) بن داود عليهما السلام موجودة يعني قوله "وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي" أي لولا حرصي على إجابة دعوته موجود (لأ) مسكته وأوثقته بسواري المسجد حتى (أصبح موثقًا) أي مربوطًا بالسواري (يلعب به ولدان أهل المدينة) والجملة الفعلية صفة لموثقًا (وقوله ولولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقًا يلعب به ولدان المدينة) يدل على أن مُلْك الجن والتصرف فيهم بالقهر مما خص به سليمان، وسببُ خصوصيَّتهِ دعوتُه التي استجيبت حيث قال:{وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: 35] ولما تحقق النبي صلى الله عليه وسلم الخصوصية امتنع من تعاطي ما هَمَّ به من أخذ الجني وربطه (فإن قيل) كيف يَتَأتَّى ربطه وأخذه واللعب به مع كون الجن أجسامًا لطيفة روحانية؟ (قلْنا) كما تَأتَّى ذلك لسليمان عليه السلام حيث جَعَلَ الله له منهم (كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد) ولا شك أن الله تعالى أوجدهم على صور تخصهم ثم مكنهم من التشكل في صور مختلفة فيتمثلون في أي صورة شاءوا أو شاء الله تعالى وكذلك فعل الله بالملائكة كما قال تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَويًّا} وقال صلى الله عليه وسلم: "وأحيانًا يتمثل لي الملك فيكلمني" رواه البخاري من حديث عائشة فيجوز أن يمكن الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم من هذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجني مع بقاء الجني على صورته التي خلق فيها فيوثقه كما كان سليمان يوثقهم، ويرفع الموانع عن أبصار الناس فيرونه موثقًا حتى يلعب به الغلمان، ويجوز أن يشكله الله تعالى في صورة جسمية محسوسة فيربطه ويلعب به ثم يمنعه من الزوال عن تلك الصورة التي تشكل فيها حتى يفعل الله ما هَمَّ به النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دليل على رؤية بني آدم الجن، وقوله تعالى:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} إخبار عن غالب أحوال بني آدم معهم والله تعالى أعلم (فإن قلت) إنه يشبه الحسد والحرص على الاستبداد بالنعمة أن يستعطي الله مالًا غيره (قلت) كان سليمان عليه السلام ناشئًا في بيت الملك والنبوة ووارثًا لهما فأراد أن يطلب من ربه معجزة فطلب على حَسَبِ ما ورثه مُلْكًا زائدًا على المَمالكِ زيادة خارقة للعادة بالغة حد الإعجاز ليكون ذلك دليلًا على نبوته قاهرا للمبعوث إليهم وأن يكون معجزة حتى يخرق العادات فذلك معنى قوله "لا ينبغي لأحد من بعدي" اهـ كشاف، فأعطاه الله سبحانه وتعالى ما حكاه لخاتم رسله في قوله: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ
…
} الآيات. وفي هامش المشكاة ونبينا صلى الله عليه وسلم كان له القدرة على ذلك على الوجه الأتم والأكمل ولكن التصرف في الجن في الظاهر كان مخصوصًا بسليمان فلم يظهره لأجل ذلك اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي [2/ 13]. وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة وحدة، والثاني حديث أبي الدرداء ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * *