الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
261 - (72) باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيره وحكه عنه وعن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه
1117 -
(507)(166) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ نَافِع، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ. فَحَكَّهُ. ثُم أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَال:"إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى"
ــ
261 -
(72) باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيره وحكه عنه وعن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه
1117 -
(507)(166)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير (التميمي) النيسابوري (قال قرأت على مالك) بن أنس الأصبحي المدني (عن نافع) الفقيه العدوي مولاهم أبي عبد الله المدني (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب العدوي المكي. وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد مكي وواحد نيسابوري وهو من أصح الأسانيد عندهم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بصاقًا) وهو ما يسيل من الفم (في جدار) المسجد من جهة (القبلة) وفي رواية البخاري في جدار المسجد (فحكه) أي حك البصاق وأزال أثره من الجدار (ثم أقبل على الناس فقال إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق) بالجزم على النهي أي لا يبزق (قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي قدام (وجهه فإن الله) سبحانه وتعالى (قبل وجهه) أي قدام وجهه، وإذا في قوله (إذا صلى) ظرف مجرد عن معنى الشرط متعلق بما تعلق به الظرف قبله وهذا من أحاديث الصفات نُمرُّه على ظاهره نثبته ونعتقده لا نمثله ولا نكيفه وهذا مذهب السلف الذي هو الأسلم من تأويلات الخلف، حيث يؤولونه بأن في الكلام مجاز الحذف، والتقدير فإن قبلة الله التي شرفها قدام وجهه وقت صلاته فلا يقابل هذه الجهة المشرفة بالبزاق لأن في إلقائه في جهتها استخفافًا بها عادة، قال القسطلاني: وهذا التعليل يرشد إلى أن البصاق في القبلة حرام سواء كان في المسجد أم لا، ولا يتوهم منه جواز أن يبصق عن يمينه أو يساره أو تحت قدمه لأن النهي عنه ورد في حديث آخر وإنما يبصق في ثوبه قاله ابن الملك في المبارق شرح المشارق. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري رواه في كتاب الصلاة والنسائي رواه أيضًا في كتاب الصلاة.
1118 -
(00)(00) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ نُمَير وَأَبُو أُسَامَةَ. ح وَحَدثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. جَمِيعا عَنْ عُبَيدِ الله. ح وَحَدثَنَا قُتَيبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ عَنِ الليثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدثَنِي زُهَيرُ بن حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ)، عَنْ أَيوبَ. ح وَحَدثَنَا ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيكٍ. أَخْبَرَنَا الضحَّاكُ، (يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ)، ح وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الله. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَال: قَال ابْنُ جُرَيجٍ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. كُلُهُم
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال:
1118 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (وأبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير، حالة كون كل من عبد الله بن نمير وأبي أسامة (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم العدوي المدني (ح وحدثنا قتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (ومحمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري (عن الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري (ح وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم (يعني ابن علية) القرشي الأسدي مولاهم أبو بشر البصري (عن أيوب) بن أبي تميمة السختياني العَنزي البصري (ح وحدثنا) محمد (بن رافع) القشيري مولاهم النيسابوري (حدثنا) محمد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) مصغرًا، يسارٍ الديلي مولاهم أبو إسماعيل المدني (أخبرنا الضحاك يعني ابن عثمان) بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي الحزامي أبو عثمان المدني (ح وحدثني هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي أبو موسى البزاز (حدثنا حجاج بن محمد) الأعور البغدادي ثم المصيصي (قال) الحجاج (قال) لنا عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي مولاهم المكي (أخبرني موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي مولاهم المدني، والضمير في قوله (كلهم) عائد إلى ما قبل حاء التحويل وإلى الشيخ الأخير من السند الأخير وهو موسى بن عقبة وهذه هي القاعدة المطردة في اصطلاحات الإمام مسلم في جامعه رحمه الله تعالى أي كل من عبيد الله بن عمر في السند الأول والليث بن سعد في
عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ رَأَى نُخَامَة فِي قِبلَةِ الْمَسْجِدِ. إِلا الضَّحَّاكَ فَإِن فِي حَدِيثِهِ: نُخَامَةَ فِي الْقِبْلَةِ. بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِك.
1119 -
(508)(167) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرو النَّاقِدُ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ عَنِ الزهْرِي، عَنْ حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي؛ أَنَّ النَّبى صلى الله عليه وسلم رَأى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ
ــ
السند الثاني وأيوب السختياني في السند الثالث والضحاك بن عثمان في السند الرابع وموسى بن عقبة في السند الخامس أي كل هؤلاء الخمسة رووا (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه) صلى الله عليه وسلم (رأى نخامة) أي نخاعة وهي ما يسيل من الصدر، وقيل النخاعة بالعين من الصدر وبالميم من الرأس (في) الجدار الذي في جهة (قبلة المسجد) النبوي (إلا الضحاك) بن عثمان (فإن في حديثه) وروايته (نخامة في القبلة) بلا ذكر المسجد وساقوا (بمعنى حديث مالك) بن أنس عن نافع، وغرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الخمسة المذكورين لمالك بن أنس في رواية هذا الحديث عن نافع، وفائدتها بيان كثرة طرقه.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه فقال:
1119 -
(508)(167)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي النيسابوري (وأبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (وعمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (جميعًا) أي كل من الثلاثة رووا (عن سفيان) بن عيينة الهلالي الكوفي (قال يحيى) بن يحيى في روايته (أخبرنا سفيان بن عيينة) بصيغة السماع وبتصريح اسمه (عن) محمد بن مسلم (الزهري) أبي بكر المدني (عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (عن أبي سعيد) سعد بن مالك الأنصاري (الخدري) المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو كوفي وبغدادي أو كوفي ونيسابوري (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة) وفي القسطلاني: النخامة هي ما يخرج من الصدر أو من الرأس اهـ (في قبلة المسجد) أي في جدار
فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ. ثُم نَهَى أنْ يَبزُقَ الرجُلُ عَن يَمِينِهِ أَو أَمَامَهُ. وَلَكِنْ يَبْزُقُ عَن يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليسْرَى.
1120 -
(00)(00) حدثني أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ. قَالا: حَدَّثنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ. ح قَال: وَحَدَّثَني زُهَيرُ بْنُ
ــ
المسجد الذي في جهة القبلة (فحكها) أي فحك تلك النخامة وأزالها عن الجدار (بحصاة) أي بحجر صغير (ثم) بعدما حكها (نهى أن يبزق الرجل) ويبصق، قال الفيومي: يقال بزق يبزق من باب قتل بزاقا بمعنى يبصق وهو إبدال منه قال المجد: البصاق كغراب والبساق والبزاق ماء الفم إذا خرج منه وما دام فيه فهو ريق اهـ (عن يمينه) فإن عن يمينه ملكًا، وعند ابن أبي شيبة بسند صحيح فعن يمينه كاتب الحسنات (أو) أن يبزق (أمامه) أي قدامه لأنه قبلته (ولكن يبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى) وهذا الحكم مختص بغير المسجد لأن المصلي في المسجد لا يبزق إلا في ثوبه لقوله صلى الله عليه وسلم:"البزاق في المسجد خطيئة فكفارتها دفنها" كما سيأتي اهـ من المبارق.
قال القرطبي: قوله (أو تحت قدمه) بإثبات أو، وفي الآخر عن شماله تحت قدمه بغير أو هكذا الرواية وظاهرُ أو الإباحة والتخيير ففي أيهما بصق لم يكن به باس وإليه يرجع معنى قوله عن شماله تحت قدمه، فقد سمعنا من بعض مشايخنا أن ذلك إنما يجوز إذا لم يكن في المسجد إلا التراب أو الرمل كما كانت مساجدهم في الصدر الأول فأما إذا كان في المسجد بسط وما لَهُ بَالٌ؛ من الحُصُر مما يفسده البصاق، ويقذره فلا يجوز احترامًا للمالية والله تعالى أعلم اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 58 و 93] والبخاري [409] وأبو داود [480] والنسائي [2/ 51 - 52].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
1120 -
(00)(00)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن السرح الأموي المصري (وحرملة) بن يحيى التجيبي المصري (قالا حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (عن يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (ح وقال وحدثني زهير بن
حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبِي. كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمنِ؛ أَن أَبَا هُرَيرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَاهُ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُيَينَةَ
ــ
حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد الزهري أبو يوسف المدني (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني (كلاهما) أي كل من يونس بن يزيد وإبراهيم بن سعد (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري المدني (عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (أن أبا هريرة) الدوسي المدني (وأبا سعيد) سعد بن مالك الأنصاري الخدري (أخبراه) أي أخبرا لحميد بن عبد الرحمن بن عوف. وهذان السندان من سداسياته رجال الأول منهما ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي ورجال الثاني منهما خمسة منهم مدنيون وواحد نسائي، وغرضه بسوقهما بيان متابعة يونس بن يزيد وإبراهيم بن سعد لابن عيينة في رواية هذا الحديث عن الزهري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة) وساقا (بمثل حديث ابن عيينة) المذكور عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال القرطبي: وقوله في حديث أبي سعيد الخدري (فحكها بحصاة) زاد أبو داود فيه: ثم أقبل على الناس مغضبًا، وهذا يدل على تحريم البصاق في جدار القبلة وعلى أنه لا يكفر بدفنه ولا بحكه كما قال في حُلَّةِ المسجدِ "البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها" فلو لم يكفر البزاق في القبلة بالحك لما غضب إذ قد كان تكفي الكفارة في ذلك وهي الحك كما اكتفى بها في حديث الأعرابي الذي وطئ في نهار رمضان ولم يذمه ولا غضب عليه، وقد ظهرت خصوصية القبلة حيث نزلها منزلة الرب تعالى كما تقرر، وظهر أيضًا التخفيف في ساحة المسجد كما قد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه خيمة لسعد بن معاذ بعدما رمي في أكحله فكان الدم يسيل من خيمته إلى جهة الغفاريين هذا مع ما قيل إن هذا كان لضرورة داعية إلى ذلك وقد ذكر مسلم في حديث جابر الطويل أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل مكان النخامة عنبرًا، وروى النسائي الحديث الأول من طريق أنس فقال: غضب حتى احمر وجهه، فقامت امرأة من الأنصار فحكتها وجعلت مكانها خلوقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أحسن هذا" ويصح الجمع بين هذه الأحاديث بأن يقال كان ذلك في أوقات مختلفة ففي وقت حكها صلى الله عليه وسلم وطيبها بيده، ومرة أخرى فعلت هذه المرأة ما ذكر، ويمكن أن يقال نسب الحك والطيب للنبي
1121 -
(509)(168) وحدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَس، فِيمَا قُرِئَ عَلَيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ أَوْ مُخَاطًا أَوْ نُخَامَة. فَحَكَّهُ
ــ
صلى الله عليه وسلم من حيث الأمر به والمرأة من حيث المباشرة.
وفي هذا الحديث استحباب أو جواز تطييب المساجد بالطيب وتنظيفها كما نص عليه أبو داود من حديث عائشة "أمر ببناء المساجد في الدور وأن تطيب وتنظف" رواه أبو داود [455] والترمذي [594] وابن ماجه [758] ومن حديث سمرة "وتصلح صنعتها" رواه أبو داود [465] ونهيه عن البصاق عن يمينه دليل على احترام تلك الجهة، وقد ظهر منه تأثير ذلك حيث كان يحب التيمن في شأنه كله، وحيث كان يبدأ بالميامن في الوضوء والأعمال الدينية، وحيث كان يعد يمينه لحوائجه وشماله لما كان من أذى، وقد علل ذلك في حديث أبي داود حيث قال "والملك عن يمينه" بل وفي البخاري قال عن يمينه ملكًا" ويقال على هذا إن صح هذا التعليل لزم عليه أن لا يبصق عن يساره فإن عليه أيضًا ملكًا بدليل قوله تعالى:{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ} والجواب بعد تسليم أن على شماله ملكًا أن ملك اليمين أعلى وأفضل فاحترم بما لم يحترم به غيره من نوعه والله تعالى أعلم، وهذا النهي مع التمكن من البصاق في غير جهة اليمين فلو اضطر إلى ذلك جاز اهـ منه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث عائشة رضي الله عنهم فقال:
1121 -
(509)(168)(وحدثنا قتيبة بن سعيد) بن طريف الثقفي البلخي (عن مالك بن أنس) الأصبحي المدني (فيما قرئ عليه عن هشام بن عروة) بن الزبير الأسدي المدني (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام الأسدي المدني (عن عائشة) الصديقة التَّيميَّةِ المدنية رضي الله عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة فإنه بلخي (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى بصاقًا) من الفم (في جدار) المسجد الذي من جهة (القبلة أو مخاطًا) من الأنف (أو نخامة) من الحلق أو من الخيشوم، ويقال لها النخاعة بزنتها كما جاء فعله في حديث "ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع" إلخ وتنخع بمعنى تنخم كما في القاموس وغيره، وأو هنا للشك من الراوي (فحكه) أي حك ذلك البصاق أو غيره مما ذكر بحصاة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في كتاب الصلاة.
1122 -
(510)(169) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ. قَال زُهَيرٌ: حَدَّثنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأى نُخَامَةَ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ. فَأقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَال: "مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبهِ فَيَتَنَخَّعُ أمَامَهُ؟ أَيُحِبُّ أَنْ يُسْتَقْبَلَ
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1122 -
(510)(169)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعًا عن) إسماعيل بن إبراهيم (بن علية) الأسدي أبي بشر البصري (قال زهير حدثنا ابن علية) بصيغة السماع (عن القاسم بن مهران) القيسي مولاهم مولى قيس بن ثعلبة خال هشيم الواسطي، روى عن أبي رافع الصائغ في الصلاة، ويروي عنه (م س ق) وإسماعيل بن علية وشعبة وعبد الوارث وهشيم، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: صدوق، من السادسة، وقال أبو حاتم: له في الكتب حديث أبي هريرة في النهي عن التنخم في المسجد (عن أبي رافع) نفيع مصغرًا ابن رافع الصائغ المدني مولى ابنة عمر بن الخطاب نزيل البصرة، ثقة ثبت مشهور بكنيته، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي هريرة) المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد واسطي وواحد بصري وواحد كوفي أو نسائي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة) ما يسيل من الرأس أو من الصدر (في) جدار (قبلة المسجد فاقبل على الناس) الحاضرين للصلاة (فقال ما بال أحدكم) أي ما حاله وشأنه (يقوم مستقبل) قبلة (ربه) سبحانه، ففي الكلام مجاز الحذف، قال القرطبي: وهذا محمول على تعظيم حرمة هذه الجهة وتشريفها كما قال الحجر الأسود يمين الله في الأرض" رواه الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا وكذا الخطيب في تاريخه؛ أي بمنزلة يمين الله، ولما كان المصلي يتوجه بوجهه وقصده وكليته إلى هذه الجهة نزلها في حقه منزلة وجود الله تعالى فيكون هذا من باب الاستعارة، وقد يجوز أن يكون من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فكأنه قال مستقبل قبلة ربه، وهذا هو الحق الصواب كما قررناه أولًا أو رحمة ربه كما قال في الحديث الآخر "فلا يبصق قبل القبلة فإن الرحمة تواجهه" (فيتنخع) أي يخرج النخاعة من رأسه أو صدره ويرميها (أمامه) أي قدامه (أيحب) بهمزة الاستفهام الإنكاري (أن يستقبل)
فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُم فَليَتَنَخَّع عَن يَسَارِهِ. تَحْتَ قَدَمِهِ. فَإِنْ لَمْ يَجِد فَلْيَقُل هَكذَا" وَوَصَفَ القَاسِمُ، فَتَفَلَ فِي ثَوبِهِ، ثم مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعضٍ.
1123 -
(00)(00) وحدثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. ح قَال: وَحَدثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ. ح قَال: وَحَدَّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ
ــ
بالبناء للمجهول أي يتوجه إليه (فيتنخع) بالبناء للمفعول أيضًا أي فتخرج النخاعة (في وجهه) أي قدامه فهذا لا يحبه لنفسه فكيف يحبه لربه (فإذا تنخع) أي أراد (أحدكم) أن يخرج النخاعة (فليتنخع) أي فليخرجها ويرمها (عن يساره تحت قدمه) إذا لم يكن في المسجد (فإن لم يجد) مكانًا يتنخع فيه كان كان في المسجد (فليقل) أي فليفعل بنخاعته (هكذا) أي مثل الذي بينته لكم (ووَصَف القاسمُ) بن مهران أي بين القاسم ذلك الفعلَ الذي فَعلَه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا السندِ. وقولُه (فتَفَلَ) أي بصق القاسمُ (في ثوبِه ثُم مسح) أي رَد (بعضه على بعض) ومَرّخه، تَفْسيرٌ لقولهِ وَصَف.
قوله (فليقل هكذا) أي فليفعل هكذا أي مثل ما أنا بينته لكم، وإطلاق القول على الفعل مر غير مرة وهو مجاز مرسل علاقته السببية فإنَّ القول يصير سببًا للفعل، قوله (فتفل) أي بصق القاسم في ثوبه، وبابه ضرب وقتل كما في المصباح ومثله نفث ينفث قال ابن مكي في تثقيف اللسان: التَّفَلُ بفتح الفاء نَفْخ لا بُصاقَ معه والنَّفْث لا بد أن يكون معه شيءٌ من الريق قاله أبو عبيد، وقال الثعالبي: المَجُّ الرمي بالريقِ والتفل أقل منه اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 250] والبخاري [416] وأبو داود [477] والنسائي [1/ 163] وابن ماجه [1022].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعةَ في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1123 -
(00)(00)(وحدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي مولاهم أبو محمد الأبليُّ، وفروخ يكنى بأبي شيبة، صدوق، من (9)(حدثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التميمي البصري، ثقة، من (8)(ح قال وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري، ثقة، من (10)(أخبرنا هشيم) بن بشير السلمي الواسطي، ثقة، من (7)(ح قال وحدثنا محمد بن المثنى) العَنَزي البصري (حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري المعروف
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. كُلُّهُمْ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيةَ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ هُشَيمٍ: قَال أَبُو هُرَيرَةَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ ثَوبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ.
1124 -
(511)(170) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّار. قَال ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَة قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك؛ قَال:
ــ
بغندر (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (كلهم) أي كل من عبد الوارث وهشيم وشعبة رووا (عن القاسم بن مهران عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث) إسماعيل (بن علية) وغرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لإسماعيل بن إبراهيم في رواية هذا الحديث عن القاسم بن مهران (و) لكن (زاد) يحيى بن يحيى (في حديث هشيم) وروايته عنه لفظة (قال أبو هريرة كأني أنظر) الآن (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يرد ثوبه) أي يجمع (بعضه على بعض) بعد ما تفل فيه لإزالة النخاعة وتيبيسها عن الثوب وفي الحديث إزالة البزاق وغيره من الأقذار ونحوها من المسجد، وفيه جواز الفعل في الصلاة، وفيه أن البزاق والمخاط والنخاعة طاهرات وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين إلا ما حكاه الخطابي عن إبراهيم النخعي أنه قال: البزاق نجس. ولا أظنه يصح عنه، وفيه أن البصاق لا يبطل الصلاة وكذا التنخع إن لم يتبين منه حرفان أو كان مغلوبًا عليه، والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ نواوي.
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما بحديث أنس رضي الله عنه فقال:
1124 -
(511)(170)(حدثنا محمد بن المثنى و) محمد (بن بشار) البصريان (قال ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري المعروف بغندر (حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي أبو بسطام البصري (قال) شعبة (سمعت قتادة) بن دعامة السدوسي البصري حالة كونه (يحدث عن أنس بن مالك) الأنصاري أبي حمزة البصري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون (قال)
قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ أَحَدُكُم فِي الصلاةِ فَإِنهُ يُنَاجِي رَبهُ. فَلَا يَبْزُقَنَّ بَينَ يَدَيهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ. وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ"
ــ
أنس بن مالك (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه) أي فإن أحدكم (يناجي) أي يحادث ويخاطب (ربه) بالدعاء والأذكار والقراءة (فلا يبزقن) أي لا يرمين البصاق (بين يديه) أي قدامه لأنه قبلته (ولا عن يمينه) لشرفها ولأن كاتب الحسنات فيها كما ورد (ولكن) ليبزقن (عن شماله) لعدم شرفها ولأن كاتب السيئات يفارقه في الصلاة لأنه في فعل الحسنات وليست له كتابة على ما قالوا (تحت قدمه) اليسرى كما قيد به في بعض الروايات هذا إذا لم يكن في المسجد فإن كان فيه فليبزق في ثوبه وتقدم بسط الكلام فيه في حديث أبي سعيد الخدري. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [405 و 417] والنسائي [1/ 63 و 2/ 52 - 53] وابن ماجه [1024].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب خمسة أحاديث الأول حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة، والثالث حديث عائشة ذكره استشهادًا لحديث ابن عمر، والرابع حديث أبي هريرة ذكره أيضًا استشهادًا لحديث ابن عمر وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس حديث أنس ذكره استشهادًا لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم أجمعين.
***