المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌247 - (58) باب أول مسجد وضع في الأرض وما جاء أن الأرض كلها مسجد - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌242 - (54) باب: سترة المصلي

- ‌243 - (55) باب منع المصلي من يمر بين يديه والتغليظ في المرور بين يديه

- ‌244 - (56) باب دنو المصلي إلى السترة وبيان قدرها وما يقطع الصلاة

- ‌245 - (57) بَابُ اعْترِاضِ المَرْأَةِ بَينَ يَدَي المُصَلِّي لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌246 - (58) باب الصلاة في الثوب الواحد وكيفية لبسه وعلى الحصير

- ‌أبواب المساجد

- ‌247 - (58) باب أول مسجد وضع في الأرض وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌248 - (60) باب ابتناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌249 - (61) باب تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة زادها الله شرفًا

- ‌250 - (62) باب النهي عن بناء المسجد على القبور واتخاذها مساجد ولعن فاعله وعن التصاوير فيها

- ‌251 - (62) باب ثواب من بنى لله مسجدًا

- ‌252 - (63) باب وضع الأيدي على الركب في الركوع ونسخ التطبيق

- ‌253 - (64) باب جواز الإقعاء أي الجلوس على العقبين في الصلاة

- ‌254 - (65) باب: تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إِباحته

- ‌255 - (66) باب جواز رد المصلي السلام عليه بالإشارة

- ‌256 - (67) باب جواز لعن الشيطان والتعوذ منه أثناء الصلاة وجواز العمل القليل فيها

- ‌257 - (68) باب: جواز حمل الصبيان في الصلاة

- ‌258 - (69) باب اتخاذ المنبر ومن صلى على موضع أرفع ليعلم المأمومين الصلاة

- ‌259 - (70) باب: كراهية الاختصار في الصلاة

- ‌260 - (71) باب كراهة مسح الحصى وتسوية التراب في موضع السجود في الصلاة

- ‌261 - (72) باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيره وحكه عنه وعن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه

- ‌262 - (73) باب كفارة البزاق في المسجد

- ‌263 - (73) باب جواز الصلاة في النعلين وكراهية الصلاة في الثوب المعلم

- ‌264 - (74) باب كراهية الصلاة بحضرة الطعام الذي يتوق إليه ومع مدافعة الأخبثين

- ‌265 - (75) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل أو نحوهما وإخراج من وجد منه ريحها من المسجد

- ‌266 - (76) باب النهي عن إنشاد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد

- ‌267 - (77) باب: السهو في الصلاة والسجود له

- ‌268 - (88) باب مشروعية سجود التلاوة وجواز تركه

- ‌269 - (89) باب كيفية الجلوس للتشهد وكيفية وضع اليدين على الفخذين

- ‌270 - (90) باب السلام من الصلاة وكم يسلم

- ‌271 - (91) باب الذكر بعد الصلاة أي بعد الفراغ من الصلاة المكتوبة

- ‌272 - (92) باب: استحباب التعوذ من عذاب القبر في الصلاة

- ‌273 - (93) باب: ما يستعاذ منه في الصلاة

- ‌274 - (94) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌275 - (95) باب السكوت بين تكبيرة الإحرام والقراءة وما يقال فيه وعدمه عند النهوض من الثانية

- ‌276 - (96) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌277 - (97) باب الأمر بإتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيًا

- ‌278 - (98) باب متى يقوم الناس للصلاة

- ‌279 - (99) باب إذا ذكر الإمام أنه محدث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌280 - (100) باب: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة

- ‌281 - (101) باب من أدرك من الفجر والعصر ركعة قبل طلوع الشمس وغروبها فقد أدركهما

- ‌282 - (102) باب: أوقات الصلوات الخمس

- ‌283 - (103) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌284 - (104) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد، وفي زمن البرد

- ‌285 - (105) باب تعجيل صلاة العصر

الفصل: ‌247 - (58) باب أول مسجد وضع في الأرض وما جاء أن الأرض كلها مسجد

‌أبواب المساجد

‌247 - (58) باب أول مسجد وضع في الأرض وما جاء أن الأرض كلها مسجد

1055 -

(480)(140) حدّثني أَبُو كَامِلٍ الْجحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ. ح قَال: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ؟

ــ

أبواب المساجد

وذكر هذه الأبواب هنا استطرادي.

247 -

(58) باب أول مسجد وضع في الأرض وما جاء أن الأرض كلها مسجد

1055 -

(480)(140)(حدثني أبو كامل) فضيل بن حسين بن طلحة (الجحدري) نسبة إلى أحد أجداده البصري (حدثنا عبد الواحد) بن زياد العبدي مولاهم البصري، ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال، من (8) روى عنه في (16) بابا (حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي (ح قال وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم) بن يزيد بن شريك (التيمي) تيم الرباب أبي أسماء الكوفي، ثقة، إلا أنه يرسل ويدلس، من (5)(عن أبيه) يزيد بن شريك بن طارق التيمي الكوفي، ثقة، من (2) يقال إنه أدرك الجاهلية مات في خلافة عبد الملك، روى عنه في (6) أبواب (عن أبي ذر) الغفاري المدني جندب بن جنادة رضي الله عنه. وهذان السندان من سداسياته رجال الأول منهما ثلاثة منهم كوفيون واثنان بصريان وواحد مدني، ورجال الثاني منهما كلهم كوفيون إلا أبا ذر فإنه مدني، وفيهما التحديث والعنعنة والمقارنة في الثاني منهما، وفيهما رواية تابعي عن تابعي (قال) أبو ذر (قلت: يا رسول الله أي مسجد) من مساجد الأرض (وضع) أي جعل (في الأرض أول) بضم اللام بالبناء على الضم لقطعه عن الإضافة وافتقاره إلى المضاف إليه المحذوف أي وضع أول كل شيء من المساجد، قال الأبي: سؤاله عن ذلك يحتمل أنه

ص: 63

قَال: "الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ" قُلْتُ: ثُم أَيٌّ؟ قَال: "الْمَسْجِدُ الأقصَى" قلت: كم بَينَهُمَا؟ قَال: "أَرْبَعُونَ سَنَةً،

ــ

لحفظ تاريخ أيهما أقدم، والأظهر أنه لبيان فضيلته على المسجد الأقصى لأن التقدم في البناء لا أثر به إلا أن يقال والتقدم بالزمان أيضًا أحد موجبات الشرف، والحديث على الأول موافق لقوله تعالى:{إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} الآية، لأنهم ذكروا في التفسير أن البيت خلق قبل السموات والأرض وأنها كانت زبدًا في الماء ثم دحيت الأرض من تحتها، ولذا سميت مكة أم القرى، وكون مسجد الأقصى بعدها بأربعين يحتمل أنه كان كذلك في علم الله تعالى ولا يستشكل كون ما بينهما أربعين بأن البيت بناه إبراهيم عليه السلام، وسليمان عليه السلام بنى المسجد الأقصى وبينهما من مِئي السنين ما عُلم لأن بناءهما إنما كان تجديدًا لما تقدم لا ابتكارًا للبناء، ولا يستشكل الثاني بأن يقال التفضيل راجع لحكم الله تعالى وحكمه تعالى لا يتقيد بالزمان لأنا نقول التقييد بالزمن إنما هو لظهور متعلق الحكم لا للحكم، والمسجد الحرام هو ما دار بالبيت وليست الكعبة منه لأنها ليست محل الصلاة اهـ منه.

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مسجد وضع في الأرض (المسجد الحرام) وهو مسجد مكة، قال أبو ذر (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم) بعد المسجد الحرام (أي) أي أيُّ المساجد وضع أول (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مسجد وضع بعد المسجد الحرام (المسجد الأقصى) وهو مسجد بيت المقدس، وسمي بالأقصى لبعده عن الحجاز أو لبعده عن الأقذار والخبائث والأوثان فإنه مقدس عن عبادة الأوثان حوله كالمسجد الحرام والمقدس المطهر، ومنه القَدْسُ وهو السطل الذي يستقى به الماء، قال أبو ذر (قلت) يا رسول الله (كم) المدة التي (بينهما) أي بين وضعهما (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة ما بينهما (أربعون سنة) وفي هذا الجواب إشكال وذلك أن مسجد مكة بناه إبراهيم عليه السلام بنص القرآن إذ قال:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيتِ وَإِسْمَاعِيلُ} والمسجد الأقصى بناه سليمان عليه السلام كما أخرجه النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله تعالى خلالًا ثلاثة سأل الله تعالى حُكْمًا يصادف حُكْمه فأوتيه، وسأل الله تعالى مُلْكًا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسأل الله تعالى حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن

ص: 64

وَأَينَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ".

وَفِي حَدِيثِ أَبِي كَامِلٍ: "ثُمَّ حَيثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاةُ فَصَلِّهْ. فَإنَّهُ مَسْجِدٌ"

ــ

يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه" رواه النسائي، وبين إبراهيم وسليمان آماد طويلة، قال أهل التاريخ: أكثر من ألف سنة (قلت) يرتفع الإشكال بأن يقال الآية والحديث لا يدلان على أن بناء إبراهيم وسليمان حين بنياهما ابتداء وضعهما لهما بل ذلك تجديد لما كان أسسه غيرِهما وبدأه، روي أن أول من بنى البيت آدم عليه السلام فعلى هذا فيجوز أن يكون غيره وضع بيت المقدس بعده بأربعين عامًا والله تعالى أعلم اهـ قرطبي، وأجاب عنه الطحاوي في شرح معاني الآثار بأن الوضع غير البناء والسؤال عن مدة ما بين وضعهما لا عن مدة ما بين بنائيهما فيحتمل أن يكون واضع الأقصى بعض الأنبياء قبل سليمان ثم بناه بعد ذلك قال ولا بد من تأويله بهذا ذكره العلامة الخفاجي في حاشية تفسير البيضاوي.

(وأينما) أي وأي موضع من الأرض (أدركتك الصلاة) فيه ودخل عليك وقتها (فصلِّ) في ذلك الموضع يعني بلا حائل، قال القاضي: وهذا العموم مخصوص بالأماكن التي جاء النهي عن الصلاة فيها كالمجزرة وأخواتها اهـ أبي (فهو) أي فذلك الموضع (مسجد) لك أي موضع سجود وصلاة لك ولا تطلب موضعًا معينًا للصلاة فيه من المساجد فإن الصلاة لا تختص بموضع منها دون آخر (وفي حديث أبي كامل) وروايته (ثم حيثما) بدل أينما، والمعنى واحد (أدركتك الصلاة) فيه (فصله) بزيادة هاء السكت (فإنه) أي فإن ذلك الموضع (مسجد) أي موضع صلاة لا تختص بموضع دون آخر، وفي هامش بعض نسخ المتن، قوله (فصله) كذا بهاء السكت في الموضع الثاني، وفي بعض النسخ في الذي قبله أيضًا، وأما في الذي بعده وهو الموضع الثالث فبدونها باتفاق النسخ، والمعنى كما في المرقاة يا أبا ذر سألت عن أماكن بنيت مساجد واختصت العبادة بها وأيها أقدم زمانًا فأخبرتك بوضع المسجدين وتقدمهما على سائر المساجد ثم أخبرك بما أنعم الله تعالى علي وعلى أمتي من رفع الجناح وتسوية الأرض في أداء العبادة فيها اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 105 و 156] والبخاري [3166] والنسائي [2/ 32] وابن ماجه [753].

ص: 65

1056 -

(00)(00) حدّثني عَلِي بْنُ حُجْرٍ السعدِيُّ. أخْبَرَنَا عَلِي بْنُ مُسْهِرٍ. حَدَّثَنَا الأعمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيمِي. قَال: كُنْتُ أَقْرَأُ، عَلَى أَبِي، الْقُرآنَ فِي السُّدَّةِ. فَإِذَا قَرَأتُ السجْدَةَ سَجَدَ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتِ، أَتَسْجُدُ فِي الطرِيقِ؟ قَال:

ــ

قوله (فهو مسجد) قال ابن بطال: فدخل في العموم المقابر والمرابض والكنائس ونحوها اهـ. نعم تكره الصلاة فيها للتنزيه، قال النواوي: وفيه جواز الصلاة في موضع النجاسة كالمزبلة والمجزرة وكذا ما نهي عنه لمعنى آخر فمن ذلك أعطان الإبل وسيأتي بيانها قريبًا إن شاء الله تعالى ومنه قارعة الطريق والحمام وغيرهما لحديث ورد فيها اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي ذر رضي الله عنه فقال:

1056 -

(00)(00)(00)(حدثني علي بن حجر) بن إياس (السعدي) أبو الحسن المروزي، ثقة، من صغار (9)(أخبرنا علي بن مسهر) القرشي أبو الحسن الكوفي، ثقة، من (8)(حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن إبراهيم بن يزيد) بن شريك (التيمي) الكوفي، من (5)(قال) إبراهيم (كنت أقرأ على أبي) يزيد بن شريك (القرآن في السُّدَّة) أي في سدة جامع الكوفة وفنائها، قال القاضي: والسدة بضم السين وتشديد الدال هي فناء جامع الكوفة وإليها ينسب إسماعيل بن عبد الرحمن السدي لأنه كان يبيع الخُمُرَ جمع خمار وهي هكذا في صحيح مسلم ووقع في سنن النسائي "في السكة" وفي رواية غيره "في بعض السكك" وهذا مطابق لقوله: "يا أبت أتسجد في الطريق" وهو مقارب لرواية مسلم لأن السدة واحدة السدد وهي المواضع التي تظلَّل حول المسجد وليست منه، وليس للسدة حكم المسجد إذا كانت خارجة منه، وأما سجوده في السدة وقوله أتسجد في الطريق فمحمول على طاهر، وكان التيمي يجلس فيها ويقرأ القرآن فإذا جاءت السجدة سجد، قال القاضي: واختلف العلماء في المعلم والمتعلم إذا قرآ السجدة فقيل عليهما السجود لأول مرة، وقيل لا سجود اهـ.

(فإذا قرأت السجدة) أي آيتها على أبي وهو يستمع في (سجد) لتلاوتي (فقلت له) أي لأبي (يا أبت) أي يا أبي لأن التاء عوض عن ياء المتكلم كما بسطنا الكلام عليها في رسالتنا (هدية أولي العلم والإنصاف في إعراب المنادى المضاف) وهِيَ مطبوعةٌ مع (باكورةِ الأجرومية) فراجعها فهي مفيدة جدًّا (أتسجد في الطريق) لأن الصلاة وكذا السجود مكروهة في قارعة الطريق، وما في حكمها والهمزة فيه للاستفهام الإنكاري (قال) أي في

ص: 66

إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أولِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرضِ؟ قَال: "الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ" قُلْتُ: ثُم أَي؟ قَال: "الْمَسْجِدُ الأقصَى" قُلْتُ: كَم بَينَهُمَا؟ قَال: "أربَعُونَ عَامًا. ثُمَّ الأَرضُ لَكَ مَسْجِدٌ. فَحَيثُمَا أَدرَكَتْكَ الصَّلاةُ فَصَلِّ".

1057 -

(481)(141) حدثنا يَحيَى بْنُ يَحيى. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ عَنْ سَيَّارٍ،

ــ

جواب إنكاري عليه يا بني لا تنكر على سجودي في الطريق (إني سمعت) أي لأني سمعت (أبا ذر) الغفاري (يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض قال) في رسول الله صلى الله عليه وسلم أولها (المسجد الحرام) أي المحرم المعظم بتحريم الله وتعظيمه تعالى، قال أبو ذر (قلت) يا رسول الله (ثم) بعد المسجد الحرام (أيّ) أي أيُّ المساجد وضع أول (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أولها وضعًا (المسجد الأقصى) أي مسجد بيت المقدس، قال أبو ذر (قلت) له صلى الله عليه وسلم (كم) قدر المدة التي كانت (بينهما) أي بين وضعيهما (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر المدة التي كانت بين وضعيهما (أربعون عامًا) أي سنة (ثم) بعد المسجدين إِنْ لم يمكن لك الصلاة فيهما (الأرض) كلها (لك مسجد) أي موضع صلاة (فحيثما) أي فأي مكان (أدركتك الصلاة) فيه ودخل وقتها عليك (فصل) فيه لأن الأرض كلها جعلت لنا مسجدًا فلا تختص صلاتنا بالمساجد كما اختصت صلاة الأمم السابقة بالكنائس والبيع والصوامع.

وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مروزي، غرضه بسوقه بيان متابعة علي بن مسهر لعبد الواحد في رواية هذا الحديث عن الأعمش، وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي ذر بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:

1057 -

(481)(141)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا هشيم) بن بشير السلمي الواسطي، ثقة، من (7)(عن سيار) بن وردان الواسطي أبي الحكم العَنزي من عَنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار أخي مساور الورَّاق لأمه، ثقة، من (6)

ص: 67

عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الأَنْصَارِيِّ؛ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُعطِيتُ خَمسًا لَمْ يُعطَهُنَّ أَحد قَبْلِي. كَانَ كُل نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ. وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَم تُحَلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي. وَجُعِلَتْ لِيَ الأرضُ طَيِّبَةً طَهُورًا

ــ

مات سنة (122) روى عنه في (5) أبواب (عن يزيد) بن صهيب الكوفي أبي عثمان المعروف بـ (الفقير) بفتح الفاء بعدها قاف قيل له ذلك لأنه كان يشكو فقار ظهره، ثقة، من (4) روى عنه في (2) بابين الإيمان والصلاة (عن جابر بن عبد الله الأنصاري) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم واسطيان وواحد مدني وواحد كوفي وواحد مروزي (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسًا) بضم الهمزة بالبناء للمفعول؛ أي أعطاني الله سبحانه خمس خصال (لم يعطهن) بضم الياء مبنيًّا للمفعول أي لم يعط تلك الخمس، وهذا من باب الكلية لا من باب الكل أي لم يعط كل واحدة منهن (أحد) من الأنبياء (قبلي) قال الداودي: أي لم تجتمع لأحد من قبلي (كان كل نبي) قبلي (ببعث إلى قومه) وقبيلته بعثة (خاصة) بهم لا تتعدى إلى غيرهم (وبعثت) أنا (إلى) الناس كافة (كل أحمر وأسود) أي إلى كل أبيض وأسود كما قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا كَافَّةً لِلنَّاسِ} والحُمرَانُ عنى بهم البِيضَ وهم العجمُ، والسُّودان عنى بهم العَربَ لغلبةِ الأُدمة عليهم وغَيرَهم من الإفريقيا لسوادهم اهـ قرطبي، قال القاضي: فالحمر البيض، والسود العربُ والسودانُ لأن في العرب أدمة، وقيل الحمر العرب والبيض، والسود السودان، وقيل الحمر الإنس والسود الجن، قال الأبي: وما قيل من أن رسالة نوح عامة إن صح فإنما ذلك للإنس اهـ.

(وأحلت لي الغنائم) أي الأموال المأخوذة من أهل الحرب (ولم تحل) يجوز بناؤه للفاعل وللمفعول قاله المناوي في التيسير (لأحد) من الأنبياء (قبلي) قال القاضي: لأنها كانت قبله تجمع ثم تأتي نار من السماء فتأكلها كما جاء مبينًا في الصحيحين من حديث أبي هريرة في قصة النبي صلى الله عليه وسلم الذي غزا وحبس الله تعالى له الشمس على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام (وجعلت لي الأرض طيبة) أي طاهرة في نفسها وكذلك قوله: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} أي طاهرًا (طهورًا) أي مطهرًا لغيرها يعني في التيمم كما قد بينه في الحديث الآخر، وعلى هذا فلا يفهم من قوله:"طهورًا" غير

ص: 68

وَمَسْجِدًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدرَكَتْهُ الصَّلاةُ صَلَّى حَيثُ كَانَ. وَنُصِرتُ بِالرعبِ بَينَ يَدَي مَسِيرَةِ شَهْرٍ. وَأُعطِيتُ الشَّفَاعَةَ"

ــ

التطهير لغيرها إذ قد وصفها الله تعالى بالطهارة في نفسها ثم جعلها مطهرة لغيرها وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم وقد قيل له: "أتتوضأ بماء البحر" فقال: "هو الطهور ماؤه" أي الذي يطهركم من الحدث (ومسجدًا) أي موضع صلاة؛ معناه أن من كان قبلنا إنما أبيح لهم الصلوات في مواضع مخصوصة كالبِيَعِ والكنائس، قال القاضي: وقيل إن من كان قبلنا كانوا لا يصلون إلا فيما تيقنوا طهارته من الأرض، وخصصنا نحن بجواز الصلاة في جميع الأرض إلا ما تيقنا نجاسته (فأيما رجل) من أمتي وكذا المرأة (أدركته الصلاة) أي دخل عليه وقتها (صلى حيث كان) أي في أي محل كان (ونصرت بالرعب) والخوف يقذف في قلوب أعدائي (بين يدي مشرة شهر) أي بين قدام مسافة شهر (وأعطيت الشفاعة) العظمى العامة لأهل المحشر التي لتعجيل الحساب التي يلجأ إليه فيها كل الخلائق لأن الشفاعة في الخاصة جعلت لغيره صلى الله عليه وسلم وقيل المراد شفاعة لا ترد في أحد، وقد تكون شفاعته صلى الله عليه وسلم بخروج من في قلبه مثقال ذرة من إيمان لأن شفاعة غيره قبل هذه، وهذه الشفاعة كالتي لتعجيل الحساب اهـ أبي، وقد سبق في كتاب الإيمان بيان أنواع شفاعته صلى الله عليه وسلم.

قال القرطبي: (وقوله في حديث جابر أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي) وفي حديث أبي هريرة (ستًّا) وفي حديث حذيفة (ثلاثًا) لا يظن الباحث أن فيه تعارضًا، وإنما يَظن هذا مَن توهَّم أن ذكر الأعداد يدل على الحصر وأنها لها دليل خطاب وكل ذلك باطل، فإن القائل: عندي خمسة دنانير مثلًا لا يدل هذا اللفظ على أنه ليس عنده غيرها، ويجوز له أن يقول تارة أخرى عندي عشرون، وتارة أخرى عندي ثلاثون، فإن من عنده ثلاثون صدق عليه أن عنده عشرين وعشرة فلا تناقض ولا تعارض، ويجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعلِم في وقت بالثلاث وفي وقت بالخمس وفي وقت بالست والله سبحانه وتعالى أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 304] والبخاري [335]، والنسائي [1/ 210 - 211].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

ص: 69

1058 -

(00)(00) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَثَنَا هُشَيمٌ. أَخْبَرَنَا سَيارٌ. حَدَثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ، أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

1059 -

(482)(142) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ. حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيلٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأشْجَعي، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيفَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلائِكَةِ

ــ

1058 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا هشيم) بن بشير الواسطي (أخبرنا سيار) بن وردان الواسطي (حدثنا يزيد) بن صهيب (الفقير) الكوفي (أخبرنا جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) هذا الحديث المذكور (فذكر) أبو بكر بن أبي شيبة (نحوه) أي نحو حديث يحيى بن يحيى، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة أبي بكر بن أبي سْيبة ليحيى بن يحيى في رواية هذا الحديث عن هشيم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي ذر بحديث حذيفة رضي الله عنهما قال:

1059 -

(482)(142)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (حدثنا محمد بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي، صدوق، من (9)(عن أبي مالك) سعد بن طارق بن أَشْيَم (الأشجعي) الكوفي، ثقة، من (4)(عن ربعي) بن حراش العبسي أبي مريم الكوفي، مخضرم ثقة، من (2)(عن حذيفة) بن اليمان العبسي حليف الأنصار الكوفي. وهذا السند من خماسياته، من لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون (قال) حذيفة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فُضِّلْنَا) أي فضلنا الله سبحانه وتعالى (على الناس) أي على سائر الأمم السابقة (بثلاث) أي بثلاث خصال، قال القاضي: ليس بمعارض لحديث الخمس والست لأن الأحكام كانت تتجدد؛ أخبر بما علمه أولًا ثم زيد فزاد على أنه ليس فيه ما يقتضي أنه لم يعط إلا الثلاث كما عن القرطبي إحدى الثلاث ما ذكره بقوله (جعلت صفوفنا) في الصلاة (كصفوف الملائكة) وتقدم بيان اصطفافهم في حديث: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها" وكانت الأمم السابقة يصلون منفردين وجوه بعضهم

ص: 70

وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرضُ كُلُّها مَسْجِدًا. وَجُعِلَتْ تُربَتُها لَنَا طَهُورًا، إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ". وَذَكَرَ خصلَةً أُخْرَى

ــ

لبعض اهـ مناوي، وثانيتها ما ذكره بقوله (وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا) أي موضع صلاة، قال القرطبي: هذا العموم وإن كان مؤكدًا فهو مخصص بنهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مواطن الإبل "أي مباركها حول الماء" كما جاء في الصحيح وبما جاء في كتاب الترمذي من حديث ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة (الموضع الذي ينحر فيه الإبل ويذبح فيه البقر والشاء) وقارعة الطريق والمقبرة وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله تعالى" رواه الترمذي [346] وابن ماجه [746] من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد كره مالك الصلاة في هذه المواضع وأباحها فيها غيره ولم يصح هذا الحديث عنده واعتضد قائل الإباحة بأن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم لا ينقص منها شيء ذلك أن من فضائله وخصائصه أن جعل الأرض كلها مسجدًا فلو خصص منها شيء لكان نقصًا في فضيلته وما خصص به قاله أبو عمر بن عبد البر، والصحيح ما صار إليه مالك من كراهة الصلاة في تلك المواضع لا تمسكًا بالحديث فإنه ضعيف لكن تمسكًا بالمعنى وقد ذكرت علل الكراهة في كتب أصحابه فلتنظر هناك.

ويحتج على أبي عمر بالنهي عن الصلاة في معاطن الإبل وفي القبور فإن الحديث في ذلك صحيح، وتمنع الصلاة في المواضع النجسة فإن قال ذلك للنجاسة العارضة قلنا وكذلك كراهة الصلاة في تلك المواضع لعللٍ عارضة والله تعالى أعلم اهـ.

(وجعلت تربتها لنا طهورًا) في التيمم (إذا لم نجد الماء) قال القاضي: ذكر التراب دون غيره من أجزاء الأرض بعد ذكر الأرض مسجدًا يتمسك به المخالف في قصر التيمم على التراب دون غيره من أجزاء الأرض فإن لم نقل بدليل الخطاب فلا حجة فيه، وإن قلنا به فلشيوخنا عن ذلك أجوبة؛ منها: أنها زيادة تفرد بها أبو مالك الراوي، ومنها أن من تراب الأرض الزرنيخ والشب والسبخة كل ذلك يسمى ترابًا لأنه ترابها، ومنها أنه خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، ومنها أن ذكر الاسم لا يدل على نفي الحكم عن غيره اهـ قال محمد بن فضيل (وذكر) أبو مالك (خصلة أخرى) غير هاتين المذكورتين مكملة للثلاث نسيتها ظاهره أنه ذكر ثلاث خصال وليس كذلك وإنما المذكور هنا خصلتان فقط قالوا: المذكور هنا خصلتان لأن قضية الأرض في كونها مسجدًا وطهورًا خصلة واحدة وأما الثالثة

ص: 71

1060 -

(00)(00) حدثنا أَبُو كُرَيبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ. حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيفَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بِمِثْلِهِ.

1061 -

(483)(143) وحدّثنا يَحيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلي بْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حدَثَنَا إِسْمَاعِيلُ (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ)، عَنِ الْعَلاءِ،

ــ

فمحذوفة هنا ذكرها النسائي في الكبرى من رواية أبي مالك الراوي هنا في مسلم قال: "وأوتيت هذه الآيات من خواتم البقرة من كنز تحت العرش لم يعطهن أحد قبلي ولا يعطاهن أحد بعدي" رواه النسائي في السنن الكبرى [8022] من حديث حذيفة رضي الله عنه اهـ نواوي، وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه فقال:

1060 -

(00)(00)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء) بن كريب الهمداني الكوفي (أخبرنا) يحيى بن زكرياء (بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني الوادعي أبو سعيد الكوفي، ثقة متقن، من كبار (9)(عن سعد بن طارق) بن أشيم أبي مالك الأشجعي الكوفي، من (4)(حدثني ربعي بن حراش) العبسي الكوفي، ثقة من (2)(عن حذيفة) بن اليمان الأنصاري الكوفي رضي الله عنه (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلنا على الناس

الحديث، وقوله (بمثله) أي بمثل حديث ابن فضيل متعلق بقوله أخبرنا ابن أبي زائدة لأنه المتابع. وهذا السند من خماسياته أيضًا، ومن لطائفه أيضًا أن رجاله كلهم كوفيون، غرضه بسوقه بيان متابعة ابن أبي زائدة لمحمد بن فضيل.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي ذر بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

1061 -

(483)(143)(وحدثنا يحيى بن أيوب) المقابري أبو زكرياء البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (8) أبواب (وقتيبة بن سعيد) بن جميل الثقفي البغلاني (وعلي بن حجر) بن إياس السعدي أبو الحسن المروزي، ثقة، من صغار (9) روى عنه في (11)(قالوا حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي مولاهم أبو إسحاق المدني، ثقة ثبت، من (8)(عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني الحرقي أبي

ص: 72

عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:"فُضِّلْتُ عَلَى الأنبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ. وَنُصرتُ بِالرعبِ. وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ. وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا. وَأرسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافةَ. وَخُتِمَ بِيَ النبِيونَ"

ــ

شبل المدني، صدوق، من (5) روى عنه في (4) أبواب (عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني، ثقة، من (3) (عن أبي هريرة) الدوسي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد إما بغدادي أو بغلاني أو مروزي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فضلت) أي فضلني الله سبحانه وتعالى (على) سائر (الأنبياء بست) خصال، قال ابن الملك في شرح الحديث المتقدم وهو قوله صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمسًا

الخ ما نصه: يحتمل أن يفصّل نبينا صلى الله عليه وسلم بالخمس المذكورة أولًا ثم زاد عليها تكريمًا له، فإن قلت: هذا إنما يتم لو ثبت تأخر الدال على الزيادة، قلت: إن ثبت فلا إشكال وإلا يحمل على أنه إخبار عن زيادتها في الاستقبال، عبر عنه بالماضي تحقيقًا لوقوعه، اهـ إحداها أني (أعطيت) أي أعطاني الله سبحانه وتعالى (جوامع الكلم) أي الكلم القليلة اللفظ الجامعة للمعاني الكثيرة، وفي رواية "بعثت بجوامع الكلم" قال الهروي: يعني به القرآن، جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ كثير المعاني، وفي صفته أوتي جوامع الكلم أي قليل الألفاظ كثير المعاني.

قال ابن الملك: جوامع الكلم هي ما يكون ألفاظه قليلة، ومعانيه جزيلة، ولهذا قال علي رضي الله عنه: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف باب يفتح كل باب ألف باب، وفي أحاديث الجامع الصغير "أعطيت جوامع الكلم، واختصر في الكلام اختصارًا، أعطيت فواتح الكلام، وجوامعه، وخواتمه" وثانيها ما ذكره بقوله (ونصرت بالرعب) يقذف في قلوب أعدائي (و) ثالثها ما ذكره بقوله (أحلت لي) ولأمتي (الغنائم) أي الأموال المأخوذة من أهل الحرب (و) رابعتها ما ذكره بقوله (جعلت في الأرض طهورًا) عند فقد الماء (ومسجدًا) أي موضع صلاة (و) خامستها ما ذكره بقوله (أرسلت إلى الخلق كافة) أي جميعًا عربًا وعجما إنسًا وجنًا (و) سادستها ما ذكره بقوله (ختم بي النبيون) فلا نبي بعدي ولا معي، ونزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان لتجديد شريعته لا رسولًا

ص: 73

1062 -

(484)(144) حدّثني أَبُو الطاهِرِ وَحرمَلَةُ. قَالا: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ. وَنُصرتُ بِالرُّعبِ. وَبَيْنَا أنا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأرضِ فَوُضعَتْ بين يَدَي". قَال أَبُو هُرَيرَةَ: فَذَهبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَأَنْتم تَنْتَثِلُونَها

ــ

مستقلًا لأن رسالته انتهت برفعه إلى السماء، وقد تقدم ما يتعلق بذلك في كتاب الإيمان. وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:

1062 -

(484)(144)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن سرح المصري (وحرملة) بن يحيى التجيبي المصري (قال أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (حدثني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (عن) محمد بن مسلم (ابن شهاب) الزهريّ المدني (عن سعيد بن المسيب) بن حزن القرشي المخزومي المدني (عن أبي هريرة) الدوسي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت بجوامع الكلم) أي بالكلم الجامعة للمعاني الكثيرة (ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم) أي وبينا أوقات نومي (أتيت بمفاتيح خزائن الأرض) أراد بها ما فتح على أمته من خزائن كسرى وقيصر، وهو من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم لأنه وقع كما أخبر (فوضعت) أي المفاتيح (في يدي) بالإفراد، وفي رواية بالتثنية كذا في التيسير، وفي بعض النسخ (بين يدي) بالتثنية فقط، قال القرطبي: هذه الرؤيا أوحى الله تعالى فيها لنبيه صلى الله عليه وسلم أن أمته ستملك الأرض ويتسع سلطانها ويظهر دينها ثم إنه وقع ذلك كذلك فملكت أمته من الأرض ما لم تملكه أمة من الأمم فيما علمناه فكان هذا الحديث من أدلة نبوته صلى الله عليه وسلم ووجه مناسبة هذه الرؤيا أن من ملك مفتاح المغلق فقد تمكن من فتحه، ومن الاستيلاء على ما فيه (قال أبو هريرة فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا (وأنتم) أيتها الأمة المحمدية؛ والمراد أمة الدعوة لا خصوص أمة الإجابة (تنتثلونها) أي تستخرجون ما فيها من الكنوز والمنافع، من قولهم نثل كنانته إذا استخرج ما فيها من السهام اهـ.

ص: 74

1063 -

(00)(00) وحدّثنا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَربٍ عَنِ الزُّبَيدِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسيبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرحمنِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 264 و 455] والبخاري [6998] والترمذي [1553] والنسائي [6/ 3 - 4]:

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

1063 -

(00)(00)(وحدثنا حاجب بن الوليد) بن ميمون الأعور المعلم الشامي أبو محمد البغدادي، روى عن محمد بن حرب في الصلاة وغيرها وحفص بن ميسرة وبقيَّةَ، ويروي عنه (م) والذهلي والبغوي، وثقه الخطيب، وذكره ابن حبان في الثقات، صدوق، من العاشرة، مات سنة (228)(حدثنا محمد بن حرب) الخولاني أبو عبد الله الأبْرَشُ الحمصي كاتبُ محمد بن الوليد الزبيدي روى عن الزبيدي في الصلاة والحج والطلاق والصلة، ويروي عنه (ع) وحاجب بن الوليد، وعيسى بن المنذر الحمصي، ويزيد بن عبد ربه، وأبو الربيع سليمان بن داود، قال ابن معين: ثقة ثقة، وقال عثمان الدارمي: ثقة، وقال العجلي ومحمد بن عوف والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال في التقريب: ثقة، من التاسعة، مات سنة (194) أربع وتسعين ومائة (عن) محمد بن الوليد بن عامر الشامي الحمصي أبي الهذيل مصغرًا (الزبيدي) بضم الزاي مصغرًا نسبة إلى بني زبيد، روى عن الزهريّ في الصلاة والحج والجهاد والصلة والقدر، ونافع في الرؤيا والنكاح، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير في الضحايا، وثقه العجلي وأبو زرعة والنسائي وغيرهم، وقال ابن المديني: ثقة ثبت، وقال في التقريب: ثقة ثبت من كبار أصحاب الزهريّ، من السابعة، مات سنة (148) ثمان وأربعين ومائة (عن الزهريّ) المدني (أخبرني سعيد بن المسيب) المخزومي المدني (وأبو سلمة بن عبد الرحمن) الزهريّ المدني (أن أبا هريرة) الدوسي المدني (قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) الحديث المذكور وساق الزبيدي (مثل حديث يونس) بن يزيد الأيلي عن الزهريّ. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة شاميون، غرضه بسوقه بيان متابعة الزبيدي ليونس بن يزيد في رواية هذا الحديث عن الزهريّ.

ص: 75

1064 -

(00)(00) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُهْرِي، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.

1065 -

(00)(00) وحدّثني أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَال: "نُصرتُ بِالرُّعبِ عَلَى الْعَدُوِّ. وَأُوتيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا فقال:

1064 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري مولاهم أبو عبد الله النيسابوري، ثقة، من (11)(وعبد بن حميد) الكسي، ثقة، من (11)(قالا حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني، ثقة، من (9)(أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (7)(عن الزهريّ عن ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق عبد الرزاق (بمثله) أي بمثل حديث يونس بن يزيد الأيلي، غرضه بيان متابعة عبد الرزاق ليونس بن يزيد في رواية هذا الحديث عن الزهريّ.

ثم ذكر المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة هذا رضي الله عنه فقال:

1065 -

(00)(00)(وحدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن السرح المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) القرشي المصري (عن عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري أبي أمية المصري الفقيه المقرئ، ثقة، من (7)(عن أبي يونس) سليم بن جبير (مولى أبي هريرة) رضي الله عنه الدوسي المصري، ثقة، من (3) روى عن أبي هريرة (أنه) أي أن أبا يونس (حدثه) أي حدث لعمرو بن الحارث (عن أبي هريرة) وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مصريون إلا أبا هريرة فإنه مدني، وغرضه بسوقه بيان متابعة أبي يونس لسعيد بن المسيب في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال نصرت بالرعب) يقذف (على العدو، وأوتيت) أي أعطيت، من آتى الرباعي بمعنى أعطى (جوامع الكلم) أي الكلم القليلة

ص: 76

وَبَينَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدَيَّ".

1066 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعمَرٌ عَنْ همَّامٍ بنِ مُنَبِّهِ. قَال: هذَا مَا حدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَذكَرَ أَحَادِيثَ مِنْها: وَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نُصِرتُ بِالرُّعبِ وَأوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ"

ــ

المختصرة الجامعة للمعاني الكثيرة من الكتاب والسنة (وبينما أنا نائم) تقدم البحث عن بينا وبينما في أول كتاب الإيمان فراجعه أي بينما أوقات نومي (أُتيت) أي أتاني آت من ربي من أتى الثلاثي بمعنى جاء (بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي) بتشديد الياء مثنى اليد.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في هذا الحديث فقال:

1066 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (حدثنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن همام بن منبه) بن كامل الصنعاني (قال) همام (هذا) الحديث الذي أذكره لكم (ما حدثنا) به (أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر) أبو هريرة (أحاديث) كثيرة (منها) أي من تلك الأحاديث فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت بالرعب وأوتيت) أي أعطيت (جوامع الكلم) يعني الكتاب والسنة، وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم صنعانيان وواحد مدني وواحد بصري وواحد نيسابوري، غرضه بسوقه بيان متابعة همام لسعيد بن المسيب في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب خمسة أحاديث: الأول حديث أبي ذر ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث حذيفة بن اليمان ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث أبي هريرة الأولُ ذكره للاستشهاد أيضًا، والخامس حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه أربع متابعات، والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 77