الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
277 - (97) باب الأمر بإتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيًا
1254 -
(564)(222) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو الناقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ عَنِ الزهْرِي، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. ح قَال: وَحَدَّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ. أخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ، (يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ)، عَنِ الزُهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ وَأبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. ح وقَال: وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. قَال:
ــ
277 -
(97) باب الأمر بإتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيًا
1254 -
(564)(222)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) أبو عثمان البغدادي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (قالوا حدثنا سفيان بن عيينة) بن أبي عمران ميمون الهلالي مولاهم أبو محمد الأعور الكوفي ثم المكي، ثقة فقيه إمام حجة وكان ربما دلس على الثقات وتغير حفظه، من (8)(عن) محمد بن مسلم بن شهاب (الزهري) أبي بكر المدني، ثقة مشهور، من (4)(عن سعيد) بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي أحد العلماء الأثبات والفقهاء السبعة في المدينة، أبي محمد المدني الأعور (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان (ح قال وحدثني محمد بن جعفر بن زياد) الوركاني نسبة إلى محلة أو قرية تسمى وركان أبو عمران الخراساني ثم البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (أخبرنا إبراهيم يعني ابن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن الزهري عن سعيد) بن المسيب (وأبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة) رضي الله عنه، غرضه بيان متابعة إبراهيم بن سعد لابن عيينة (عن النبي صلى الله عليه وسلم ح وقال وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (واللفظ) الآتي (له) أي لحرملة (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي، غرضه بيان متابعته لابن عيينة (عن ابن شهاب قال
أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحمَنِ؛ أَن أَبَا هُرَيرَةَ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا أُقِيمَتِ الصلاةُ فَلَا تَأتُوهَا تَسعَونَ. وَأتُوهَا تَمْشُونَ. وَعَلَيكُمُ السَّكِينَةَ. فَمَا أَدْرَكتُمْ فَصَلُّوا. وَمَا فَاتَكُم فَأَتِمُّوا"
ــ
أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أقيمت الصلاة" أي أقام لها المؤذن وأنتم في خارج المسجد، قال السنوسي: يعني إذا نادى المؤذن بالإقامة فأقيم السبب مقام المسبب (فلا تأتوها) أي فلا تحضروها وأنتم (تسعون) أي تهرولون إليها وتعْدُون مسرعين في المشي فوق العادة، فلا يعارض قوله تعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} لأن المراد بالسعي فيه المشي عادة لا الهرولة ولا الإسراع (وأتوها) أي واحضروها والحال أنكم (تمشون) إليها على عادتكم (وعليكم) أي والزموا (السكينة) بالنصب على أن عليكم اسم فعل أمر بمعنى الزموا كقوله تعالى: {عَلَيكُمْ أَنْفُسَكُمْ} ويجوز الرفع على أنه مبتدأ مؤخر، وعليكم خبر مقدم، والسكينة هي التأني في المشي واجتناب العبث بالجوارح، والوقار الخوف القلبي من الله تعالى، وسيأتي الفرق بينهما عن النواوي (فما أدركتم) مع الإمام (فصلوا) معه (وما فاتكم) ولم تدركوه مع الإمام (فأتموه) بعد سلام الإمام، وفي كتاب السنن من حديث أبي هريرة مرفوعًا "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم جاء إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله من الأجر مثل أجر من حضرها وصلاها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا" رواه أبو داود [564] والنسائي [2/ 111] والحكمة في ملازمة الوقار والسكينة التشبه بالمصلي لأن الماشي إلى الصلاة هو في الصلاة ومعناه أنه لما خرج من بيته إلى المسجد يريد الصلاة كان له حكم الداخل في الصلاة من الوقار والسكينة حتى يتم له التشبه به فيحصل له ثوابه اهـ من المفهم.
قال القرطبي: قوله (فلا تأتوها وأنتم تسعون) أصل السعي الجري، ومنه قوله تعالى:{يَأْتِينَكَ سَعْيًا} [البقرة: 260] وقد يكون السعي العمل كقوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا} [البقرة: 205] وعلى هذا الثاني حمل مالك قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وقد اختلف العلماء فيمن سمع الإقامة هل يُسرع أو لا؟ فذهب الأكثر إلى أنه لا يُسرع وإن خاف فوت الركعة تمسكًا بهذا الحديث ونظرًا إلى المعنى وذلك أنه إذا أسرع انبهر (انقطع من الإعياء) فشوش عليه دخوله في الصلاة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقراءتها وخشوعها، وذهب جماعة من السلف منهم ابن عمر وابن مسعود في أحد قوليه إلى أنه إذا خاف فواتها أسرع، وقال إسحاق: يُسرع إذا خاف فوت الركعة، ورُوي عن مالك نحوه وقال: لا بأس لمن كان على فرس أن يُحرك الفرس، وتأوله بعضهم على الفرق بين الراكب والماشي لأن الراكب لا ينبهر كما ينبهر الماشي والقول الأول أظهر اهـ من المفهم.
قال النواوي: وقوله (إذا أقيمت الصلاة) إنما ذكر الإقامة للتنبيه بها على ما سواها لأنه إذا نهي عن إتيانها سعيًا في حال الإقامة مع خوفه فوت بعضها فقبل الإقامة أولى، وأكد ذلك ببيان العلة فقال صلى الله عليه وسلم:"فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة" وهذا يتناول جميع أوقات الإتيان إلى الصلاة، وأكد ذلك تأكيدًا آخر حيث قال "فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" فحصل فيه تنبيه وتأكيد لئلا يتوهم متوهم أن النهي إنما هولمن لم يخف فوت بعض الصلاة فصرح بالنهي وإن فات من الصلاة ما فات وبين ما يفعل فيما فات، وقوله صلى الله عليه وسلم:"وما فاتكم" دليل على جواز قول فاتتنا الصلاة وأنه لا كراهة فيه، وبهذا قال جمهور العلماء، وكرهه ابن سيرين وقال: إنما يقال لم ندركها، وقوله صلى الله عليه وسلم "وما فاتكم فاتموا" هكذا ذكره مسلم في أكثر رواياته، وفي رواية (واقض ما سبقك) واختلف العلماء في المسألة فقال الشافعي وجمهور العلماء من السلف والخلف: ما أدركه المسبوق مع الإمام أول صلاته وما يأتي به بعد سلامه آخرها، وعكسه أبو حنيفة رضي الله عنه وطائفة، وعن مالك وأصحابه روايتان كالمذهبين، وحجة هؤلاء "واقض ما سبقك" وحجة الجمهور أن أكثر الروايات "وما فاتكم فأتموا" وأجابوا عن رواية "واقض ما سبقك" بأن المراد بالقضاء الفعل لا القضاء المصطلح عليه عند الفقهاء وقد كثر استعمال القضاء بمَعْنَى الفِعْلِ فمنه قوله تعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} وقوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} وقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ} ويقال قضيت حق فلان ومعنى الجميع الفعل اهـ منه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 170 و 452] والبخاري [908] وأبو داود [572 أو 573] والترمذي [327] والنسائي 2 [/ 114 و 115].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1255 -
(00)(00) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ. قَال ابْنُ أيوبَ: حَدَّثنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي الْعَلاءُ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلاةِ، فَلَا تَأتُوهَا وَأنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأتُوهَا وَعَلَيكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ
ــ
1255 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري أبو زكرياء البغدادي، ثقة، من (10)(وقتيبة بن سعيد) بن طريف البلخي الثقفي (و) علي (بن حجر) السعدي أبو الحسن البغدادي، ثقة، من (9)(عن إسماعيل بن جعفر) الزرقي المدني، ثقة، من (8)(قال) يحيى (بن أيوب حدثنا إسماعيل) بن جعفر بصيغة السماع (أخبرني العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني أبو شبل المدني، صدوق، من (5)(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني أبي العلاء المدني، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد إما بغدادي أو بلخي، غرضه بسوقه بيان متابعة عبد الرحمن بن يعقوب لسعيد بن المسيب وأبي سلمة في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة، وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ثوب) وأقيم، سميت الإقامة تثويبًا لأنها دعاء إلى الصلاة بعد الدعاء بالأذان من قولهم ثاب إذا رجع اهـ نواوي.
(للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون) أي تجرون وتعدون، والجملة الاسمية حال من ضمير الفاعل وإنما أطنب بهذا التركيب مع إمكان الاختصار بأن يقال إذا أقيمت الصلاة فلا تسعوا لتصوير حال سوء الأدب وأنه مناف لما هو أولى من الوقار والسكينة، ومن ثم عقبه بما ينبه على حسن الأدب من قوله (وأتوها) تمشون كقوله تعالى:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} ثم ذيل المفهومين بقوله (وعليكم السكينة) بنصب السكينة بعليكم على الإغراء أي الزموا السكينة في جميع أموركم خصوصًا في الوفود إلى رب العزة، ففيه الندب الأكيد إلى إتيان الصلاة بسكينة والنهي عن إتيانها سعيًا سواء فيه صلاة الجمعة وغيرها، وأما قوله تعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} فليس المراد به السعي عَلَى الأقْدَام ولكنه على النيات والقلوب كما في الكشاف عن الحسن البصري، ومن كلام الزمخشري في نصائحه الصغار (لتكن مشيتك إلى المسجد أوقر مشية، ولتكن خشيتك في الصلاة أوفر خشية) والفاء في قوله (فما أدركتم) فصيحة داخلة على شرط مقدر تقديره إذا
فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا، فَإِن أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعمِدُ إِلَى الصلاةِ فَهُوَ فِي صَلاةٍ".
1256 -
(00)(00) حدثنا مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّزاقِ. حَدَّثنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا. وَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا نودِيَ بِالصَّلاةِ فَأتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ. وَعَلَيكُمُ السَّكِينَةَ. فَمَا أَدْرَكْتُمْ
ــ
بينت لكم ما هو أولى بكم وأردتم بيان اللازم لكم فأاقول لكم ما أدركتم مع الإمام (فصلوا) معه جماعة (وما فاتكم) أداؤه معه (فأتمو) هـ بعد سلامه، ثم علل ذلك بقوله (فإن أحدكم إذا كان يعمد) ويقصد (إلى) موضع (الصلاة فهو في) ثواب (صلاة) فليلتزم ما يلتزم المصلي من السكينة والوقار، قال النواوي: وفي هذا دليل على أنه يستحب للذاهب إلى الصلاة أن لا يعبث بيده ولا يتكلم بقبيح ولا ينظر نظرًا قبيحًا ويجتنب ما أمكنه مما يجتنبه المصلي فإذا وصل المسجد وقعد ينتظر الصلاة كان الاعتناء بما ذكرناه آكد اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1256 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري مولاهم أبو عبد الله النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري أبو بكر الصنعاني، ثقة، من (9)(حدثنا معمر) بن راشد الأزدي أبو عروة البصري، ثقة، من (7)(عن همام بن منبه) بن كامل اليماني أبي عقبة الصنعاني، ثقة، من (4)(قال) همام (هذا) الحديث الذي أحدثكموه هو (ما حدثنا) به (أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر) همام أو أبو هريرة (أحاديث) كثيرة (منها) أي من تلك الأحاديث قوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا (و) قوله (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نودي بالصلاة) الحديث. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم صنعانيان وواحد مدني وواحد بصري وواحد نيسابوري. وغرضه بسوقه بيان متابعة همام لمن روى عن أبي هريرة، وكرر المتن لما فيها من المخالفة السابقة أي إذا نودي وطلب بالإقبال إلى الصلاة يعني إذا أقيم لها (فأتوها) أي فاحضروها (وأنتم) أي والحال أنكم (تمشون) إليها مشية العادة بلا إسراع ولا هرولة (وعليكم السكينة) والتواضع الظاهري (فما أدركتم) من ركعات
فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا".
1257 -
(00)(00) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْفُضَيلُ، (يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ)، عَنْ هِشَامِ. ح قَال: وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا ثُوِّبَ بِالصَلاةِ فَلَا يَسْمعَ إِلَيهَا أَحَدُكُمْ. وَلكِنْ لِيَمْشِ وَعَلَيهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ
ــ
صلاتكم مع الإمام (فصلو) ها معه (وما فاتكم) إدراكه معه من ركعات صلاتكم (فأتمو) بعد سلامه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1257 -
(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (حدثنا الفضيل يعني ابن عياض) بن مسعود التميمي أبو علي الخراساني المكي، ثقة، من (8) روى عنه في (5) أبواب (عن هشام) بن حسان الأزدي القردوسي أبي عبد الله البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (7) أبواب (ح قال وحدثني زهير بن حرب واللفظ) الآتي (له) أي لزهير (حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم الأسدي البصري، ثقة، من (8)(حدثنا هشام بن حسان) القردوسي (عن محمد بن سيرين) الأنصاري البصري، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه، غرضه بيان متابعة محمد بن سيرين لمن روى عن أبي هريرة (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ثوب بالصلاة) أي نودي وأقيم لها، من التثويب وهو الرجوع إلى الشيء مرة بعد مرة سميت الإقامة تثويبًا لأنها دعاء إلى الصلاة مرة ثانية بعد الدعاء إليها أولًا بالأذان (فلا يسع) بالجزم على النهي أي فلا يجر ولا يعد (إليها أحدكم ولكن ليمش) إليها بالجزم بلام الأمر (وعليه) أي والحال أن عليه (السكينة) أي الخوف الظاهري (والوقار) أي الخوف القلبي، قيل هما بمعنًى، وجمع بينهما تأكيدًا، والظاهر أن بينهما فرقًا وأن السكينة هو التأني في المشي واجتناب العبث في الطريق، والوقار في الهيئة كغض البصر وخفض الصوت والإقبال على طريقه بغير التفات قاله الحافظ في الفتح.
صَلِّ مَا أَدْرَكْتَ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ".
1258 -
(565)(223) حدثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ. حَدَّثنَا مُعَاويَةُ بْنُ سَلامٍ
ــ
(صل) أيها المسبوق مع الإمام (ما أدركتـ) ـه (واقض) أي أدّ وأتمم بعد سلام الإمام (ما سبقك) وفاتك إدراكه مع الإمام؛ والمراد بالقضاء هنا الفعل لا القضاء الذي بمعنى فعل الشيء بعد خروج وقته، وفي الرواية السابقة وما فاتكم فأتموا، وهذه الرواية انفرد بها المؤلف عن أصحاب الأمهات إلا أحمد رواه [2/ 460] واختلف العلماء في الإتمام والقضاء المذكورين في هذا الحديث هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين ويترتب على هذا الخلاف خلاف في ما يدركه الداخل هل هو أول صلاته أو آخرها؟ على ثلاثة أقوال أحدها: أنه أول صلاته وأنه يكون بانيًا عليه في الأفعال والأقوال وإليه ذهب جمهور العلماء والسلف الشافعي وغيره، وعليه فلا يجهر في الأخيرتين في الصلاة الجهرية. وثانيها: أنه آخر صلاته تبعًا لصلاة الإمام وأنه يكون قاضيًا في الأفعال والأقوال وهو مذهب أبي حنيفة، قال أبو محمد عبد الوهاب: وهو مشهور مذهب مالك، وعليه فيجهر في الركعتين فيها لأنهما أول صلاته. وثالثها: أنه أول صلاته بالنسبة إلى الأفعال فيبني عليها وآخرها بالنسبة إلى الأقوال فيقضيها وكان هذا جمع بين الخبرين. وهذه الأقوال الثلاثة مروية عن مالك وأصحابه وسبب الخلاف ما أشرنا إليه فتأمل اهـ من المفهم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث أبي قتادة رضي الله عنهما فقال:
1258 -
(565)(223)(حدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي المروزي، ثقة، من (11)(أخبرنا محمد بن المبارك) بن يعلى القرشي أبو عبد الله (الصوري) ثم الدمشقي القلانسي، روى عن معاوية بن سلام في الصلاة، ويحيى بن حمزة في الضحايا، ومالك وطائفة، ويروي عنه (ع) وإسحاق بن منصور وعبد الله الدارمي وخلق، وثقه العجلي وأبو حاتم والخليل وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من كبار العاشرة، مات سنة (215) خمس عشرة ومائتين (حدثنا معاوية بن سلام) بتشديد اللام بن أبي سلام ممطور الحبشي أبو سلام
عَن يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. أخْبَرَنِي عَبْدُ الله بْنُ أَبِي قَتَادَةَ؛ أَن أَبَاهُ أَخْبَرَهُ؛ قَال: بَينَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَسَمِعَ جَلَبَةَ. فَقَال: "مَا شَأنُكُمْ؟ " قَالُوا: اسْتَعجَلنَا إِلَى الصلاةِ. قَال: "فَلَا تَفْعَلُوا. إِذَا أَتَيتُمُ الصلاة فَعَلَيكُمُ السَّكِينَةَ. فَمَا أَدرَكْتُمْ فَصَلوا، وَمَا سَبَقَكُمْ فَأَتِمُّوا".
1259 -
(00)(00) وَحَدثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاويةُ بْنُ هِشَامٍ،
ــ
الدمشقي وكان يسكن حمص، ثقة، من (8)(عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبي نصر اليمامي، ثقة، من (5)(أخبرني عبد الله بن أبي فتادة) الأنصاري أبو إبراهيم المدني، ثقة، من (2) روى عنه في (4) أبواب (أن أباه) أبا قتادة الأنصاري السلمي بفتحتين المدني، فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن ربعي رضي الله عنه، روى عنه في (7) أبواب. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان شاميان وواحد يمامي وواحد مروزي (أخبره) أي أخبن عبد الله. وجملة (قال) أبو قتادة بدل من جملة أخبره (بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والفاء في قوله (فسمع جلبة) أي أصواتًا مختلطة لحركتهم وكلامهم واستعجالهم، رابطة لجواب بينما نائبة عن إذا الفجائية كما في رواية البخاري "إذا سمع" أي بينما أوقات صلاتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجأه سماع جلبة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما شأنكم) بالهمزة أي ما حالكم حيث وقع منكم الجلبة (قالوا) أي قال الحاضرون عنده (استعجلنا إلى الصلاة قال) عليه الصلاة والسلام (فلا تفعلوا) ذلك الاستعجال المفضي إلى عدم الوقار؛ أي لا تستعجلوا وعبر بلفظ تفعلوا مبالغة في النهي عنه اهـ قسط (إذا أتيتم الصلاة) جمعة أو غيرها (فعليكم السكينة) بالرفع على الابتداء والخبر، ويجوز النصب بعليكم على الإغراء (فما أدركتم) مع الإمام من الصلاة (فصلوا) معه، وقد حصلت فضيلة الجماعة بالجزء المدرك منها (وما سبقكم) منها (فأتموا) أي أكملوا وحدكم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 310] والبخاري [635].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:
1259 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا معاوية بن هشام) القصار الأزدي مولاهم أبو الحسن الكوفي، صدوق، من (9) روى
حَدَّثَنَا شَيبَانُ، بِهذَا الإِسنَادِ
ــ
عنه في (3) أبواب (حدثنا شيبان) بن عبد الرحمن التميمي أبو معاوية البصري ثم الكوفي ثم البغدادي، ثقة، من (7)(بهذا الإسناد) يعني عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه "مثله" أي مثل ما روى معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة شيبان لمعاوية بن سلام في رواية هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير، قال النواوي رحمه الله تعالى: وكان ينبغي لمسلم أن يقول في هذا السند عن يحيى بهذا الإسناد لأن شيبان لم يتقدم له ذكر وعادة مسلم وغيره في مثل هذا أن يذكروا في الطريق الثاني رجلًا ممن سبق في الطريق الأول ويقولوا بهذا الإسناد حتى يعرف وكأن مسلمًا رحمه الله تعالى اقتصر على شيبان للعلم بأنه في درجة معاوية بن سلام السابق، وأنه يروي عن يحيى بن أبي كثير والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال وذكر فيه ثلاث متابعات، والثاني حديث أبي قتادة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.
***