المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌267 - (77) باب: السهو في الصلاة والسجود له - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌242 - (54) باب: سترة المصلي

- ‌243 - (55) باب منع المصلي من يمر بين يديه والتغليظ في المرور بين يديه

- ‌244 - (56) باب دنو المصلي إلى السترة وبيان قدرها وما يقطع الصلاة

- ‌245 - (57) بَابُ اعْترِاضِ المَرْأَةِ بَينَ يَدَي المُصَلِّي لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌246 - (58) باب الصلاة في الثوب الواحد وكيفية لبسه وعلى الحصير

- ‌أبواب المساجد

- ‌247 - (58) باب أول مسجد وضع في الأرض وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌248 - (60) باب ابتناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌249 - (61) باب تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة زادها الله شرفًا

- ‌250 - (62) باب النهي عن بناء المسجد على القبور واتخاذها مساجد ولعن فاعله وعن التصاوير فيها

- ‌251 - (62) باب ثواب من بنى لله مسجدًا

- ‌252 - (63) باب وضع الأيدي على الركب في الركوع ونسخ التطبيق

- ‌253 - (64) باب جواز الإقعاء أي الجلوس على العقبين في الصلاة

- ‌254 - (65) باب: تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إِباحته

- ‌255 - (66) باب جواز رد المصلي السلام عليه بالإشارة

- ‌256 - (67) باب جواز لعن الشيطان والتعوذ منه أثناء الصلاة وجواز العمل القليل فيها

- ‌257 - (68) باب: جواز حمل الصبيان في الصلاة

- ‌258 - (69) باب اتخاذ المنبر ومن صلى على موضع أرفع ليعلم المأمومين الصلاة

- ‌259 - (70) باب: كراهية الاختصار في الصلاة

- ‌260 - (71) باب كراهة مسح الحصى وتسوية التراب في موضع السجود في الصلاة

- ‌261 - (72) باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيره وحكه عنه وعن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه

- ‌262 - (73) باب كفارة البزاق في المسجد

- ‌263 - (73) باب جواز الصلاة في النعلين وكراهية الصلاة في الثوب المعلم

- ‌264 - (74) باب كراهية الصلاة بحضرة الطعام الذي يتوق إليه ومع مدافعة الأخبثين

- ‌265 - (75) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل أو نحوهما وإخراج من وجد منه ريحها من المسجد

- ‌266 - (76) باب النهي عن إنشاد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد

- ‌267 - (77) باب: السهو في الصلاة والسجود له

- ‌268 - (88) باب مشروعية سجود التلاوة وجواز تركه

- ‌269 - (89) باب كيفية الجلوس للتشهد وكيفية وضع اليدين على الفخذين

- ‌270 - (90) باب السلام من الصلاة وكم يسلم

- ‌271 - (91) باب الذكر بعد الصلاة أي بعد الفراغ من الصلاة المكتوبة

- ‌272 - (92) باب: استحباب التعوذ من عذاب القبر في الصلاة

- ‌273 - (93) باب: ما يستعاذ منه في الصلاة

- ‌274 - (94) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌275 - (95) باب السكوت بين تكبيرة الإحرام والقراءة وما يقال فيه وعدمه عند النهوض من الثانية

- ‌276 - (96) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌277 - (97) باب الأمر بإتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيًا

- ‌278 - (98) باب متى يقوم الناس للصلاة

- ‌279 - (99) باب إذا ذكر الإمام أنه محدث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌280 - (100) باب: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة

- ‌281 - (101) باب من أدرك من الفجر والعصر ركعة قبل طلوع الشمس وغروبها فقد أدركهما

- ‌282 - (102) باب: أوقات الصلوات الخمس

- ‌283 - (103) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌284 - (104) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد، وفي زمن البرد

- ‌285 - (105) باب تعجيل صلاة العصر

الفصل: ‌267 - (77) باب: السهو في الصلاة والسجود له

‌267 - (77) باب: السهو في الصلاة والسجود له

1159 -

(530)(189) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيطَانُ فَلَبَسَ عَلَيهِ. حَتَّى لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى. فَإِذَا وَجَدَ ذلِكَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَينِ وَهُوَ جَالِسٌ"

ــ

267 -

(77) باب السهو في الصلاة والسجود له

1159 -

(530)(189)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي النيسابوري (قال قرأت على مالك) بن أنس الأصبحي أبي عبد الله المدني (عن ابن شهاب) الزهري المدني (عن أبي سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (عن أبي هريرة) الدوسي المدني. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أحدكم إذا قام) حالة كونه (يصلي جاءه الشيطان فلبس) بتخفيف الباء الموحدة المفتوحة من باب ضرب وبتشديدها، وعلى كل حال معناه خلط، ومنه قوله تعالى:{وَلَلَبَسْنَا عَلَيهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} وأما لبس الثوب فهو من باب علم، ومنه قوله تعالى:{وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} أي فخلط (عليه) صلاته وهَوَّشَهَا عليه وشَكَّكَهُ فيها (حتى لا يدري) ولا يعلم (كلم) أي أيَّ عدد (صلى) من ركعات صلاته أصلى ثلاثًا أم أربعًا مثلًا، وكم هنا استفهامية بمعنى أي عدد أي حتى لا يدري جواب كم صلى من ركعاته (فإذا وجد ذلك) الشك (أحدكم) من نفسه ولم يدر هل صلى ثلاثًا أم أربعًا (فلـ) يبن علي يقينه الذي هو الثلاث وليأت برابعة و (يسجد سجدتين) في آخر صلاته (وهو جالس) جبرًا للشك وبهذا البناء قال مالك والشافعي وأحمد والجمهور قالوا متى شك في صلاته هل صلى ثلاثًا أم أربعًا مثلًا لزمه البناء على اليقين فيجب أن يأتي برابعة ويسجد للسهو عملًا بحديث أبي سعيد الخدري الآتي وهو قوله صلى الله عليه وسلم "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثًا أم أربعا فليطرح الشك وليبن علي ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إِتمامًا لأربع كانتا ترغيمًا للشيطان" قالوا فهذا الحديث صريح في وجوب البناء على اليقين وهو مفسر لحديث أبي هريرة المذكور فيحمل حديث أبي هريرة عليه وهذا متعين فوجب المصير إليه مع ما في

ص: 219

1160 -

(00)(00) حدّثني عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، (وَهُوَ ابْنُ عُيَينَةَ). ح قَال: وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيثِ بْنِ سَعْدٍ. كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ

ــ

حديث أبي سعيد من الموافقة لقواعد الشرع في الشك في الأحداث والميراث من المفقود وغير ذلك والله أعلم اهـ نواوي. لا سيما وقد زاد أبو داود في حديث أبي هريرة من طريق صحيحة وهو جالس قبل أن يسلم فيكون مساويًا لحديث أبي سعيد فهو هو، وقد ذهب الحسن في طائفة من السلف إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث فقالوا ليس على من لم يدرِ كم صلى ولا يدري هل زاد أو نقص غير سجدتين وهو جالس اهـ مفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 230] والبخاري [1232] وأبو داود [1030] والترمذي [397] والنسائي [3/ 31] وابن ماجه [1216].

ثم هذا الأمر بالسجود لمن سها على جهة الوجوب أوفيه تفصيل، فيه خلاف فمن أصحابنا من قال هو محمول على الندب، أما في الزيادة فواضح لأنه ترغيم للشيطان، وأما في النقصان فهو جبير للنقص، وأرفع درجات الجبر أن يتنَزل منزلة الأصل والأصل مندوب إليه فيكون الجبر مندوبًا إليه لأن سجود السهو إنما يكون في إسقاط السنن على ما يأتي، وعلى هذا لا يعيد من ترك سجود السهو، وقال بعض أصحابنا: السجود للنقص واجب وللزيادة فضيلة، ثم اختلفوا هل ذلك في كل نقص أو يختص بالوجوب إذا كان المُسْقَطُ فعلًا ولم يكن قولًا روايتان اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

1160 -

(00)(00)(حدثني عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) أبو عثمان البغدادي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (قالا حدثنا سفيان وهو ابن عيينة) الهلالي الكوفي (ح قال وحدثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (ومحمد بن رمح) بن المهاجر المصري (عن الليث بن سعد) المصري (كلاهما) أي كل من سفيان وليث (عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن أبي سلمة عن أبي هريرة (نحوه) أي نحو ما حدث مالك عن الزهري، وغرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة سفيان والليث لمالك بن أنس في رواية هذا الحديث عن الزهري.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 220

1161 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ حَدَّثَهُمْ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا نُودِيَ بِالأَذَانِ أَدْبَرَ الشَّيطَانُ. لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الأَذَانَ. فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ. فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ. فَإِذَا قُضِيَ التَّثْويبُ أَقْبَلَ يَخْطُرُ بَينَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ. يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا. لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ

ــ

1161 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا معاذ بن هشام) بن أبي عبد الله الدستوائي البصري نزيل اليمن، صدوق، من (9)(حدثني أبي) هشام بن سنبر الدستوائي أبو بكر البصري، ثقة، من (7)(عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبي نصر اليمامي، ثقة، من (5)(حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة حدثهم) أي حدث أبا سلمة ومن معه، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة يحيى بن أبي كثير لابن شهاب في رواية هذا الحديث عن أبي سلمة، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من الزيادة الكثيرة التي لا تقبل الفصل (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا نودي بالأذان أدبر الشيطان) أي شرد، والحال أنه (له) أي للشيطان (ضراط) أي صوت رفيع يخرج عند خروج ريح الحدث، وهو محمول على الحقيقة لأن الشيطان يأكل (حتى لا يسمع الأذان) أي لئلا يسمع الأذان لثقل الأذان عليه كما يضرط الحمار من ثقل الحمل قاله ابن الملك، وفي مرقاة المفاتيح: شبه شغل الشيطان نفسه وإغفاله عن سماع الأذان بالصوت الذي يملأ السمع ويمنعه عن سماع غيره، ثم سماه ضراطًا تقبيحًا له اهـ.

(فإذا قضي الأذان) وفرغ منه، وفي المشكاة فإذا قضي النداء أي فرغ المؤذن منه (أقبل) الشيطن وجاء (فإذا ثُوِّبَ) وأقيم (بها) أي بالصلاة، من التثويب وهو الإعلام مرة بعد أخرى؛ والمراد به الإقامة اهـ من المرقاة (أدبر) أي شرد وهرب لثقل الإقامة عليه (فإذا قضي التثويب) أي فرغ المقيم من الإقامة (أقبل) الشيطان أي حضر وجاء، حالة كونه (يخطر) ويوسوس ويحدث (بين المرء ونفسه) أي يحول بين المرء وقلبه بالوسوسة فلا يتمكن من الحضور في الصلاة، قال ملا علي (يخطر) بكسر الطاء وتضم، حالة كونه (يقول) له (اذكر كذا) أي تذكر أمر كذا وكذا كناية عن أشياء غير متعلقة بالصلاة، وقوله (اذكر كذا) ثانيًا تأكيد للأول أي حالة كونه ذاكرًا له (لما لم يكن يذكر) قبل الصلاة أي

ص: 221

حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى. فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَينِ. وَهُوَ جَالِسٌ".

1162 -

(00)(00) حدَّثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ الشَّيطَانَ إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاةِ وَلَّى وَلَهُ ضُرَاطٌ"

ــ

لشيء لم يكن المصلي يذكره قبل شروعه في الصلاة من المشاكل الدنيوية أو المسائل العلمية (حتى يظل الرجل) أو المرأة أي حتى يصير الرجل (إن يدري) أي ما يدري وما يعلم، فإن نافية بمعنى ما، جواب (كم صلى) من عدد ركعات صلاته (فإذا لم يدر أحدكم) ولم يعلم (كم صلى) أي أيَّ عدد صلى من ركعات صلاته أي لم يعلم هل صلى ثلاثًا أم أربعًا (فـ) ليبن علي يقينه الذي هو الثلاث وليتم عليه صلاته، و (ليسجد سجدتين) في آخر صلاته (وهو جالس) قبل أن يسلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

1162 -

(00)(00)(حدثنا حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (حدثنا) عبد الله (بن وهب) المصري (أخبرني عمرو) بن الحارث المصري (عن عبد ربه بن سعيد) بن قيس بن عمرو الأنصاري النجاري أخي يحيى بن سعيد المدني، روى عن الأعرج في الصلاة، ومخرمة بن سليمان وعبد الله بن كعب الحميري في الصوم، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في الصوم، وعمرة بنت عبد الرحمن في الطب، وأبي الزبير في الطب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن في الرؤيا، ويروي عنه (ع) وعمرو بن الحارث ومالك بن أنس والسفيانان وشعبة، قال ابن معين: ثقة مأمون، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من (5) الخامسة، مات سنة (139)(عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) الهاشمي مولاهم أبي داود المدني القارئ، ثقة ثبت، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي هريرة) الدوسي المدني. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مصريون وثلاثة مدنيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة الأعرج لأبي سلمة بن عبد الرحمن (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان إذا ثوب بالصلاة) أي أقيم بها (ولى) أي ذهب وأدبر (وله ضراط) أي صوت

ص: 222

فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَزَادَ "فَهَنَّاهُ وَمَنَّاهُ، وَذَكَّرَهُ مِنْ حَاجَاتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُه".

1163 -

(531)(190) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ الله ابْنِ بُحَينَةَ؛ قَال: صَلَّى لَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَينِ مِنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ. ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ. فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ. فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ وَنَظَرْنَا

ــ

حدث لثقل الإقامة عليه (فذكر) الأعرج (نحوه) أي نحو حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن (وزاد) الأعرج على أبي سلمة لفظة (فهنَّاه ومَنَّاه) بتشديد النون فيهما الأول من هنأه تهنئة، والثاني من التمنية لأنهما من باب فعَّل المضعف أي ذكر الشيطان المصلي المهانئ والمفارح العاطلة وذكره الأماني الباطلة التي ليس لها أثر ولا أساس ولا وجود لها في الخارج، قال ابن الأثير: المراد بها ما يعرض للإنسان في صلاته من أحاديث النفس وتسويل الشيطان (وذكَّرَه) بتشديد الكاف من التذكير أي وذكره الشيطان (من حاجاته) وشواغله (ما لم يكن) المصلي (يَذْكُرُهُ) ويتحدَّثُه قبل الصلاة من الأماني الباطلة والوساوس العاطلة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث عبد الله ابن بحينة رضي الله تعالى عنهما فقال:

1163 -

(531)(190)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال قرأت على مالك) بن أنس الأصبحي المدني (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري المدني (عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) الهاشمي المدني (عن عبد الله) بن مالك بن القِشْبِ بكسر القاف وسكون المعجمة بعدها موحدة اسمه جندب بن فضلة الأزدي الأسدي حليف بني المطلب أبي محمد المدني المعروف بـ (ابن بحينة) مصغرًا اسمِ أمه بنتِ الأرثِّ الحارثِ بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي الصحابي المشهور، له (27) حديثًا، اتفقا على أربعة، مات بعد الخمسين ببطن ريم على ثلاثين ميلًا من المدينة، روى عنه في (2) بابين. وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد نيسابوري (قال) عبد الله ابن بحينة (صلى لنا) أي إمامًا لنا (رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات) الخمس (ثم) بعد ركعتين (قام) إلى الثالثة (فلم يجلس) بعدهما (فقام الناس معه) إلى الثالثة (فلما قضى صلاته) وفرغ منها (ونظرنا) أي

ص: 223

تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ. فَسَجَدَ سَجْدَتَينِ وَهُوَ جَالِسٌ. قَبْلَ التَّسْلِيمِ. ثُمَّ سَلَّمَ.

1164 -

(00)(00) وحدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح قَال: وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ بُحَينَةَ الأَسْدِيِّ، حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِي صَلاةِ الظُّهْرِ

ــ

انتظرنا، ومنه قوله تعالى في سورة [الحديد / 13]{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} أي انتظرونا (تسليمه كبر) للسجود لا للإحرام، قال القرطبي: وهذا التكبير المُعقَّبُ بالسجود لسجود السهو قولًا واحدًا لأنه لم ينفصل عن حكم الإحرام الأول، واختلف في التكبير بعد السلام هل هو للإحرام أو للسجود روايتان عن مالك، والأولى أنه للإحرام ولا بد من نيته لأنه انفصل عن حكم الصلاة، ولأنه لا بد لهما من سلام ينفصل به كما يحرم به قياسًا على سائر الصلوات، وإلى هذا أشار في حديث ذي اليدين حيث قال: فصلى ركعتين ثم كبر ثم سجد ثم كبر اهـ مفهم.

(فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم) جبرًا لنقصان التشهد الأول (ثم سلم) من صلاته.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [1230] وأبو داود [1034 و 1035]، والترمذي [391] والنسائي [3/ 19 - 20] وابن ماجه [1206 و 1207].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه فقال:

1164 -

(00)(00)(وحدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل الثقفي البلخي (حدثنا ليث) بن سعد المصري (ح قال وحدثنا) محمد (بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري (أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الليث لمالك بن أنس، وكرر متن الحديث لما بين الروايتين من المخالفة (الأسدي) بإسكان السين، ويقال فيه الأزدي بسكون الزاي، كما في الرواية الآتية وهما اسمان مترادفان لقبيلة واحدة وهم أزد شنوءة (حليف بني عبد المطلب) هكذا هو في جميع نسخ البخاري ومسلم، والذي ذكره ابن سعد وغيره من أهل السير والتواريخ أنه حليف بني المطلب بحذف لفظة عبد، وكان جده حالف المطلب بن عبد مناف (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في صلاة الظهر) إلى

ص: 224

وَعَلَيهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا أَتَمَّ صَلاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَينِ، يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ. قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ. وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ. مَكَانَ مَا نَسِيَ مِنَ الْجُلُوسِ.

1165 -

(00)(00) وحدّثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَينَةَ الأَزْدِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِي الشَّفْعِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَجْلِسَ فِي صَلاتِهِ

ــ

الركعة الثالثة (وعليه جلوس) أي قام والحال أن عليه قعدة سها عنها (فلما أتم) ركعات (صلاته) الأربع (سجد سجدتين) حالة كونه (يكبر في) هوي (كل سجدة) منهما والرفعِ منهما، وجملة قوله (وهو جالس) حال من فاعل سجد أي سجد، والحال أنه جالس، وقوله (قبل أن يسلم) من صلاته متعلق بسجد أيضًا (وسجدهما) أي وسجد هاتين السجدتين (الناس) المصلون (معه) صلى الله عليه وسلم، وقوله (مكان ما نسي من الجلوس) للتشهد الأول منصوب بسجد أيضًا.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه فقال:

1165 -

(00)(00)(وحدثنا أبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود العتكي البصري (حدثنا حماد) بن زيد الأزدي البصري (حدثنا يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني (عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) أبي داود المدني (عن عبد الله بن مالك) بن جندب بن فضلة الأزدي الأسدي أبي محمد المدني. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة يحيى بن سعيد الأنصاري لابن شهاب في رواية هذا الحديث عن الأعرج، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للسابقة، وقوله (ابن بحينة) بالجر صفة ثانية لعبد الله لا صفة لمالك لأن بحينة اسم أم عبد الله ومالك اسم أبيه فيجب كتابة همزة الوصل في ابن لوجود الفاصل بينه وبين موصوفه وهو عبد الله لأن عبد الله هو ابن لمالك وابن لبحينة فمالك أبوه وبحينة أمه وهي زوجة مالك كما مر آنفًا (الأزدي) بالجر صفة لعبد الله (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام) أي نهض (في الشفع الذي يريد) ويقصد (أن يجلس) للتشهد الأول بعده، وقوله (في صلاته) متعلق بقام أي قام في صلاته الرباعية بعد الشفع الذي يريد أن يجلس بعده للتشهد الأول، قوله

ص: 225

فَمَضَى فِي صَلاتِهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ الصَّلاةِ سَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ.

1166 -

(532)(191) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ

ــ

(فمضى في صلاته) معطوف على قام أي قام بعد الشفع من صلاته ناسيًا الجلوس بعده فمضى في قيامه أي استمر في قيامه ولم يرجع إلى التشهد الأول (فلما كان في آخر الصلاة) بإتمام الركعة الرابعة (سجد) سجدتين (قبل أن يسلم) من الصلاة (ثم) بعد سجدتي السهو (سلم) من صلاته جبرًا لما تركه من التشهد الأول.

قال النواوي: وفي هذا الحديث دليل لمسائل فقهية كثيرة: (الأولى) أن سجود السهو قبل السلام إما مطلقًا كما يقول الشافعي، وإما في النقص كما يقوله مالك (الثانية) أن التشهد الأول والجلوس له ليسا بركنين في الصلاة ولا واجبين إذ لو كانا واجبين لما جبرهما السجود كالركوع والسجود وغيرهما وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والشافعي رحمهم الله تعالى، وقال أحمد في طائفة قليلة: هما واجبان، وإذا سها جبرهما السجود على مقتضى الحديث (الثالثة) فيه أنه يشرع التكبير لسجود السهو وهذا مجمع عليه، واختلفوا فيما إذا فعلهما بعد السلام هل يَتَحرَّمُ ويتَشهَّدُ ويُسلِّم أم لا؟ والصحيح في مذهبنا أنه يسلم ولا يتشهد وهكذا الصحيح عندنا في سجود التلاوة أنه يسلم ولا يتشهد كصلاة الجنازة، وقال مالك: يتشهد ويسلم في سجود السهو بعد السلام، واختلف قوله هل يجهر بسلامهما كسائر الصلوات أم لا؟ وهل يحرم لهما أم لا؟ وقد ثبت السلام لهما إذا فعلتا بعد السلام في حديث ابن مسعود، وحديث ذي اليدين ولم يثبت في التشهد حديث. "واعلم" أن جمهور العلماء على أنه يسجد للسهو في صلاة التطوع كالفرض، وقال ابن سيرين وقتادة: لا سجود للتطوع، وهو قول ضعيف غريب عن الشافعي رحمه الله تعالى اهـ.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما فقال:

1166 -

(532)(191)(وحدثني محمد بن أحمد بن أبي خلف) اسم أبي خلف محمد السلمي مولاهم مولى بني سليم أبو عبد الله البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب تقريبًا، مات سنة (237)(حدثنا موسى بن داود) الضبي أبو عبد الله

ص: 226

حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ زَيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى؟ ثَلاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيقَنَ. ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَينِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ. فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا، شَفَعْنَ لَهُ صَلاتَهُ. وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأَربَعٍ، كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيطَانِ"

ــ

البغدادي الطرسوسي قاضيها، وكان كوفي الأصل، وثقه ابن نمير وابن سعد، وقال العجلي: كوفي ثقة، وقال في التقريب: صدوق فقيه زاهد له أوهام، من صغار التاسعة، مات سنة (217) سبع عشرة ومائتين، روى عن سليمان بن بلال في الصلاة، ومالك والثوري وشعبة وغيرهم، ويروي عنه (م د س ق) ومحمد بن أحمد بن أبي خلف وأحمد وحجاج بن الشاعر وآخرون (حدثنا سليمان بن بلال) التيمي مولاهم أبو محمد المدني، ثقة من (8) روى عنه في (13) بابا (عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم أبي عبد الله المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (12) بابا (عن عطاء بن يسار) الهلالي مولاهم أبي محمد المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي سعيد) سعد بن مالك الأنصاري (الخدري) المدني رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان بغداديان، ومن لطائفه أن فيه رواية تابعي عن تابعي (قال) أبو سعيد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شك أحدكم في) عدد ركعات (صلاته فلم يدر) أي لم يعلم (كم صلى) أي جواب أيِّ عدد صلى من ركعات صلاته أي لم يعلم أصلى (ثلاثًا أم) صلى (أربعًا) أي لم يعلم تعيين أحدهما (فليطرح الشك) أي فليُلْغِ العدد الذي شك في فعله وهو الأربع هنا وليأخذ العدد الذي تيقن في ضمن الشك وهو الثلاث هنا (وليبن) أي وليكمل ما بقي من صلاته وليرتبه وهو الركعة (على ما استيقن) في ضمن الشك من عدد ركعاته وهو الثلاث (ثم) بعد بنائه على ما استيقن (يسجد) بالرفع على الاستئناف، وبالجزم عطفًا على يَبْنِ أي وليبن علي ما استيقن ثم ليسجد (سجدتين قبل أن يسلم فإن كان) في حقيقة الأمر (صلى خمسًا شفعْن) أي صيَّرن السجدتان وما اشتملتا عليه من الأذكار (له) أي لذلك المصلي أي صيَّرْنَ وجعَلْنَ له (صلاتَه) شفعًا أي زوجًا أربعًا أي رَدَدْنَ إلى الأربع (وإن كان) ذلك المصلِّي بعد الشك (صلى) ما صلى (إتمامًا لأربع) بلا زيادة (كانتا) أي كانت السجدتان (ترغيمًا) وإهانة وإغاظة وإذلالًا (للشيطان) بحرمان مقصوده من التلبيس

ص: 227

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عليه مأخوذ من الرَّغَام وهو التراب، ومنه أرغم الله أنفه، والمعنى أن الشيطان لبَّس عليه صلاته وتعرض لإفسادِها ونقصِها فجعل الله تعالى للمصلي طريقًا إلى جبير صلاته وتدارك ما لبَّسَه عليه، وإلى إرغام الشيطان وردِّه خاسئًا مُبْعَدًا عن مراده، وكملت صلاة ابن آدم وامتثل أمر الله تعالى الذي عصى به إبليس من امتناعه من السجود اهـ نووي. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 87] وأبو داود [1024 و 1026 و 1027 و 1029]، والترمذي [396] والنسائي [3/ 27] وابن ماجه [1210].

وقوله في هذا الحديث (فليطرح الشك وليبن علي ما استيقن) تمسك بظاهره جمهور أهل العلم في إلغاء المشكوك فيه والعمل على المتيقن وأَلْحَقُوا المظنونَ بالمشكوك في الإلغاء وردوا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود "فليتحر الصواب من ذلك، إلى حديث أبي سعيد هذا ورأوا أن هذا التحري هو القصد إلى طرح الشك والعمل على المتيقن، وقال أهل الرأي من أهل الكوفة وغيرهم: إن التحري هنا هو البناء على غلبة الظن، وأما أبو حنيفة فقال: ذلك لمن اعتراه ذلك مرة بعد مرة فأما لأول ما ينوبه فليبن علي اليقين، وكأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ جَمَعَ بين الحديثَين باعتبار حَالينِ للشاك اهـ مفهم، قوله (ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم) احتج بظاهره الشافعي لأصل مذهبه على أن سجود السهو كله قبل السلام، وقال الداودي: اختلف قول مالك في الذي لا يدري ثلاثًا صلى أم أربعًا؟ فقال: يسجد قبل السلام، وقال: بعد السلام، والصحيح من مذهبه في هذه الصورة السجود بعد السلام، وقد اعتل أصحابنا لهذا الحديث بأوجه أحدها: أنه يعارضه حديث ذي اليدين حيث زاد النبي صلى الله عليه وسلم ثم سجد بعد السلام وهو حديث لا علة له، وحديث أبي سعيد أرسله مالك عن عطاء وأسنده غيره فكان هذا اضطرابًا فيه والسليم عن ذلك أرجح، وثانيها أن قوله قبل أن يسلم يحتمل أن يريد السلام على النبي صلى الله عليه وسلم الذي في التشهد وهو قوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فإنه سجد ولم يستوف التشهد، وثالثها أنه يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم سها عن إيقاعه بعد السلام فأوقعه قبله واكتفى به إذ قد فعله ولا يتكرر سجود السهو ولا يعاد، ورابعها يحتمل أن يكون شك في قراءة السورة في إحدى الأوليين فيكون معه زيادة الركعة ونقصان قراءة السورة فغلَّب النقصان إلى غير ذلك اهـ قرطبي.

ص: 228

1167 -

(00)(00) وحدّثني أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ اللهِ. حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ قَيسٍ، عَنْ زَيدِ بْنِ أَسْلَمَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَفِي مَعْنَاهُ قَال:"يَسْجُدُ سَجْدَتَينِ قَبْلَ السَّلامِ" كَمَا قَال سُلَيمَانُ بْنُ بِلالٍ

ــ

قال النواوي: هذا الحديث ظاهر الدلالة لمذهب الشافعي في أنه يسجد للسهو للزيادة والنقص قبل السلام، واعترض عليه بعض أصحاب مالك بأن مالكًا رواه مرسلًا وهذا اعتراض باطل لوجهين: أحدهما أن الثقات الحفاظ الأكثرين رووه متصلًا فلا يضر مخالفة واحد لهم في إرساله لأنهم حفظوا ما لم يحفظه وهم ثقات ضابطون حفاظ متقنون، الثاني أن المرسل عند مالك حجة فهو وارد عليه على كل تقدير اهـ. ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

1167 -

(00)(00)(وحدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب) بن مسلم القرشي أبو عبيد الله المصري، روى عن عمه عبد الله بن وهب في الصلاة والجهاد وغيرها، ويروي عنه (م) وابن خزيمة وابن جرير وجماعة، وثقه ابن أبي حاتم، وقال ابن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه، وقال في التقريب: صدوق، من الحادية عشرة تغير بآخره، وقال ابن يونس: لا تقوم به حجة، مات سنة (245) خمس وأربعين ومائتين (حدثني عمي عبد الله) بن وهب المصري (حدثني داود بن قيس) الدباغ القرشي المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (4) أبواب (عن زيد بن أسلم) العدوي المدني (بهذا الإسناد) يعني عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، ولفظة في في قوله (وفي معناه) بمعنى الباء أتى بها فرارًا من ثقل تكرار حرفي جر متحدي المعنى واللفظ والعامل وهما متعلقان بقوله حدثني داود بن قيس أي حدثني داود بن قيس بهذا الإسناد عن زيد بن أسلم بمعنى حديث سليمان بن بلال، غرضه بيان متابعة داود بن قيس لسليمان بن بلال في رواية هذا الحديث عن زيد بن أسلم، ولكن (قال) داود بن قيس (يسجد سجدتين قبل السلام كما قال) كذلك (سليمان بن بلال) وهذا استثناء من المتابعة في المعنى لأنه في هذه الجملة تابعه في اللفظ والمعنى لا في المعنى فقط.

قال القرطبي: وقوله في هذا الحديث (فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته) يعني أنه لما شك هل صلى ثلاثًا أم أربعًا؟ وبنى على الثلاث فقد اطَّرح الرابعة مع إمكان أن

ص: 229

1168 -

(533)(192) وحدثنا عُثْمَانُ وَأَبُو بَكْرِ ابْنَا أَبِي شَيبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ، قَال عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، قَال: قَال عَبْدُ اللهِ: صَلى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال إِبْرَاهِيمُ: زَادَ، أَوْ نَقَصَ- فَلَمَّا سَلّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَدَثَ في الصَّلاةِ شَيءٌ؟

ــ

يكون فعلها فإن كان قد فعلها فهي خمس وموضوع تلك الصلاة شفع فلو لم يسجد لكانت الخامسة لا تناسب أصل المشروعية فلما سجد سجدتي السهو ارتفعت الوترية وجاءت الشفعية المناسبة للأصل والله أعلم، والنون في (شفعن) نون الإناث، وعادت على معنى فعلات السجدتين مشيرًا إلى ما فيها من الأحكام المتعددة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما فقال:

1168 -

(533)(92 1)(وحدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة) العبسيان الكوفيان (وإسحاق بن إبراهيم) بن مخلد الحنظلي المروزي (جميعًا) أي كل من الثلاثة (عن جرير) بن عبد الحميد الضَّبِّيّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (8) (قال عثمان: حَدَّثَنَا جرير، عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة السلمي أبو عتاب الكُوفيّ (عن إبراهيم) بن سويد النَّخَعيّ الكُوفيّ الأعور كَمَا سيأتي التصريحُ به، روى عن علقمة في الصلاة، وعبد الرَّحْمَن بن يزيد في الأدب والدعاء، وليس هذا بإبراهيم النَّخَعيّ الفقيه، وثقه النَّسائيّ وابن حبان، وقال في التقريب: ثِقَة، من السادسة، (عن علقمة) بن قيس النَّخَعيّ الكُوفيّ (قال) علقمة (قال عبد الله) بن مسعود الهذلي الكُوفيّ رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلَّا إسحاق بن إبراهيم فإنَّه مروزي.

(صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا بعض الصلوات، قال منصور (قال) لنا (إبراهيم) بن سويد عن علقمة إما قال عبد الله (زاد) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في صلاته (أو) قال (نقص) عن صلاته، والوهم من إبراهيم قاله القرطبي (فلما سلم) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (قيل له) صلى الله عليه وسلم (يَا رسول الله أحدث) بهمزة الاستفهام الاستخباري أي هل حدث ووجد (في الصلاة شيء) من النسخ بالزيادة لأنك صليت الظهر خمسًا، وهذا سؤال عن جواز النسخ على ما ثبت من العبادة ويدل هذا على أنَّهم

ص: 230

قَال: "وَمَا ذَاكَ" قَالُوا: صَليتَ كَذَا وَكَذَا. قَال: فَثَنَى رِجلَيهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبلَةَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَينِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَينَا بِوَجْهِهِ فَقَال: إِنهُ لَو حَدَثَ في الصلاةِ شَيءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنما أَنَا بَشَر أَنْسَى كَمَا تَنْسَونَ. فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُوني

ــ

كانوا يتوقعونه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما ذاك) أي وما سبب سؤالكم عن ذلك، وهذا السؤال مِمَنْ لم يشعر بما وقع منه ولا يقين عنده ولا غلبة ظن (قالوا) أي قال الحاضرون (صليت) يَا رسول الله (كذا وكذا) أي صليت الظهر خمسًا وهذا إخبارُ مَنْ حَقَّق ما وقع، وقبول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قول المخبر عما وقع له دليل على قبول الإِمام قول من خلفه في إصلاح الصلاة إذا كان الإِمام على شك بلا خلاف، وهل يشترط في المخبر عدد لأنه من باب الشهادة أو لا يشترط ذلك لأنه من باب قبول الخبر قولان الأول لأشهب وابن حبيب، وأما إن كان الإِمام جازمًا في اعتقاده بحيث يصمم عليه فلا يرجع إليهم إلَّا أن يفيد خبرهم العلم فيرجع إليهم وإن لم يفد خبرهم العلم فذكر ابن القصار في ذلك عن مالك قولين الرجوع إلى قولهم وعدمه، وبالأول قال ابن حبيب ونصه إذا صلى الإِمام برجلين فصاعدًا فإنَّه يعمل على يقين من وراءه ويدع يقين نفسه، قال المشايخ: يريد الاعتقاد، وبالثاني قال ابن مسلمة ونص ما حكي عنه يرجع إلى قولهم إن كثروا ولا يرجع إذا قَلُّوا وينصرف ويتمون لأنفسهم اهـ من المفهم.

(قال) عبد الله (فثنى) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي عطف (رجليه) وتورك ليسجد قبل أن ينهض (واستقبل القبلة نسجد سجدتين) للسهو ليشفعن له صلاته (ثم سلم ثم أقبل علينا بوجهه) الشريف (فقال إنه) أي إن الشأن والحال (لو حدث) ووجد (في الصلاة شيء) من النسخ بالزيادة أو بالنقص (أنبأتكم) أي أخبرتكم أولًا (به) أي بالشيءِ الحادثِ؛ يفهم منه أن الأصل في الأحكام بقاؤها على ما قررت وإن جوز غير ذلك، وأن تأخير البيان لا يجوز عن وقت الحاجة (ولكن إنما أنا بشر) مثلكم (أنسى) من باب رضي أي أسهو (كما تنسون) أي كما تسهون (فإذا نسيت فذكروني) بالإشارة أو نحوها فكان حقهم أن يذكروه عند إرادة قيامه إلى الخامسة.

قال القرطبي: وهذا دليل على جواز النسيان على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيما طريقه البلاغ من الأفعال وأحكام الشرع، قال القاضي عياض: وهو مذهب عامة العلماء والأئمة النظار وظاهر القرآن والحديث، لكن شرط الأئمة أن الله تعالى ينبهه على ذلك

ص: 231

وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ في صَلاتِهِ فَليَتَحَرَّ الصوَابَ، فَليُتِم عَلَيهِ، ثُمَّ يسْجُدْ سَجْدَتَينِ"

ــ

ولا يقره عليه، ثم اختلفوا هل من شرط التنبيه اتصاله بالحادثة على الفور وهذا مذهب القاضي أبي بكر، والأكثر من العلماء قالوا بل يجوز في ذلك التراخي ما لم ينخرم عمره وينقطع تبليغه وإليه نحا أبو المعالي، ومنعت طائفة من العلماء السهو عليه في الأفعال البلاغية والعبادات الشرعية كما منعوه اتفاقًا في الأقوال البلاغية واعتذروا عن الظواهر الواردة في ذلك وإليه مال الأستاذ أبو إسحاق، وشذت الباطنية وطائفة من أرباب علم القلوب فقالوا: لا يجوز النسيان عليه، وإنما ينسى قصدًا ويتعمد صورة النسيان لِيَسُنَّ ونحا إلى قولهم عظيم من أئمة التحقيق وهو أبو المظفر الإسفراييني في كتابه "الأوسط" وهذا منحى غير سديدٍ، وجمع الضد مع الضد مستحيل بعيد (قلت) والصحيح أن السهو عليه جائز مطلقًا إذ هو واحد من نوع البشر فيجوز عليه ما يجوز عليهم إذا لم يقدح في حاله، وعليه نبه حيث قال:"إنما أنا بشر أنسى كما تنسون" غير أن ما كان منه فيما طريقه بلاغ الأحكام قولًا أو فعلًا لا يقر على نسيانه بل ينبه عليه إذا تعينت الحاجة إلى ذلك المبلغ فإن أقر على نسيانه ذلك فإنما ذلك من باب النسخ كما قال تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إلا مَا شَاءَ اللَّهُ} اهـ من المفهم.

(وإذا شك أحدكم في صلاته) أصلي زائدًا أم ناقصًا (فليتحر الصواب) أي فليجتهد ويعزم في طلب الصواب واليقين بغلبة ظنه واجتهاده، والتَّحَرِّي طلَبُ الحرِيِّ وهو اللائق والحقيق والجدير أي فليطلبه بغلبة ظنه واجتهاده، قال الطيبي: التحري القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تحصيل الشيء بالفعل، وعبارة النواوي: التحري هو القصد ومنه قوله تعالى: {تَحَرَّوْا رَشَدًا} ومعنى الحديث فليقصد الصواب فليعمل به، وقصد الصواب هو ما بينه في حديث أبي سعيد الخُدرِيّ وغيره، والضمير البارز في قوله (فليتم عليه) عائد إلى ما دل عليه فليتحر، والمعنى فليتم على ذلك ما بقي من صلاته بأن يضم إليه ركعة أو ركعتين أو ثلاثًا وليقعد في موضع يحتمل القعدة الأولى وجوبًا، وفي موضع يحتمل القعدة الأخيرة فرضًا وبقي حكم آخر وهو أنَّه إذا لم يحصل اجتهاد وغلبة ظن فليبن على الأقل المستيقن كما سبق في حديث أبي سعيد كذا في المرقاة (ثم ليسجد سجدتين) وثم هنا لمجرد التعقيب، وفيه إشارة إلى أنَّه يسجد ولو وقع تراخ ما لم يقع منه مناف كذا في المرقاة.

ص: 232

1169 -

(00)(00) حدثناه أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ. ح قَال: وَحَدثَنِي محمدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، كِلاهُمَا عَنْ مِسْعَرٍ، عَن مَنْصُورٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ.

وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ بِشْر: "فَليَنْظُر أَحْرَى ذلِكَ للصَّواب". وَفِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ: "فَليَتَحَرَّ الصَّوَابَ".

1170 -

(00)(00) وحدَّثناه عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدارِمِيّ. أخْبَرَنَا يَحْيى بْنُ حَسان. حَدَّثنَا

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [6/ 28] والبخاري [1226] وأبو داود [1019 - 1022] والتِّرمذيّ [392 أو 393] والنَّسائيّ [3/ 31 - 33] وابن ماجه [1211].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

1169 -

(00)(00)(حدثناه أبو كُريب) محمَّد بن العلاء الهمداني الكُوفيّ (حدثنا) محمَّد (بن بشر) العبدي الكُوفيّ ثِقَة من (9)(ح قال وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10)(حَدَّثَنَا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكُوفيّ، ثِقَة، من (9)(كلاهما) أي كل من محمَّد بن بشر ووكيع رويا (عن مسعر) بن كدام الهلالي أبي سلمة الكُوفيّ، ثِقَة، من (7)(عن منصور) بن المعتمر السلمي الكُوفيّ، ثِقَة، من (5) وقوله (بهذا الإسناد) متعلق بما عمل في المتابع وهو مسعر أي حَدَّثَنَا مسعر عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بمثل ما روى جرير عن منصور، غرضه بسوقه بيان متابعة مسعر لجرير، وفائدتها بيان كثرة طرقه مع بيان محل المخالفة (و) لكن (في رواية ابن بشر) بدل قوله في السابقة فليتحر الصواب (فلينظر أحرى ذلك للصواب) أي فليفكر المصلي وليعمل أحرى ذلك الذي شك فيه أي أحق وأجدر وأقرب ذلك إلى الصواب (وفي رواية وكيع فليتحر الصواب) مثل رواية جرير.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا فقال:

1170 -

(00)(50)(وحدثناه عبد الله بن عبد الرَّحْمَن) بن الفضل بن مهران أو بهرام (الدارمي) نسبة إلى أحد أجداده دارم أبو محمَّد السمرقندي، ثِقَة متقن، من (11) روى عنه في (15) بابًا (أخبرنا يحيى بن حسان) بن حيان التِّنِّيسيّ البكري أبو زكريا البَصْرِيّ من أهل البصرة سكن تَنِّيس، ثِقَة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حَدَّثَنَا

ص: 233

وُهَيبُ بْنُ خَالِد. حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَال مَنْصُورٌ:"فَليَنْظُرْ أَحرَى ذلِكَ لِلصَّوَابِ".

1171 -

(00)(00) حدثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عُبَيدُ بْنُ سَعِيدٍ الأمَويُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَال:"فَليَتَحَرَّ الصَّوَابَ".

1172 -

(00)(00) حدثناه محمدُ بن المُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَال:"فَليَتَحَر أَقْرَبَ ذلِكَ إِلَى الصوَابِ"

ــ

وهيب بن خالد) بن عجلان الباهليّ مولاهم أبو بكر البَصْرِيّ، ثِقَة، من السابعة، روى عنه في (12) بابا، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة وهيب بن خالد لجرير بن عبد الحميد في رواية هذا الحديث عن منصور بن المعتمر (حَدَّثَنَا منصور بهذا الإسناد) المذكور أولًا، وقوله (وقال منصور) تحريف من النساخ والصواب (وقال وهيب)(فلينظر) المصلي (أحرى ذلك) الذي شك فيه وأجدره وأحقه (للصواب) وليفعله.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

1171 -

(00)(00)(حدثناه إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا عبيد بن سعيد) بن أَبان بن سعيد بن العاص القُرشيّ (الأُموي) أبو محمَّد الكُوفيّ، روى عن سفيان الثَّوريّ في الصلاة، وشعبة في الجهاد واللباس، وعن الأَعمش، ويروي عنه (م س ق) وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي شيبة، وثقه ابن معين وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثِّقات، وقال في التقريب: ثِقَة، من (9) التاسعة، مات سنة (200) مائتين، روى عنه في (3) أبواب (حَدَّثَنَا سفيان) بن سعيد الثَّوريّ الكُوفيّ (عن منصور بهذا الإسناد، وقال) سفيان (فليتحر الصواب).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

1172 -

(00)(00)(حدثناه محمَّد بن المثنَّى) العنزي البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا محمَّد بن جعفر) الهذلي البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا شعبة) بن الحجاج البَصْرِيّ (عن منصور بهذا الإسناد وقال) شعبة في روايته (فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب) وغرضه بسوقه بيان متابعة شعبة لجرير في رواية هذا الحديث عن منصور.

ص: 234

1173 -

(00)(00) وحدَّثناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. اخْبَرَنَا فُضَيلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَال:"فَليَتَحَرَّ الّذِي يُرَى أنَّهُ الصوَابُ".

1174 -

(00)(00) وحدَّثناه ابْنُ أبي عُمَرَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِإسْنَادِ هَؤُلاءِ. وَقَال:"فَليَتَحَر الصَّوَابَ".

1175 -

(00)(00) حدثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذِ العَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الحَكَمِ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ،

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

1173 -

(00)(00)(وحدثناه يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ النَّيسَابُورِيّ (أخبرنا فضيل بن عياض) بن مسعود التَّمِيمِيّ اليربوعي أبو علي الكُوفيّ، سكن مكة أصله من خراسان، ثِقَة، من (5) روى عنه في (5) أبواب (عن منصور بهذا الإسناد وقال) فضيل في روايته (فليتحر) أي فليقصد المصلي ويعمل الأمر (الذي يرى) بضم الياء أي يظن ويعتقد (أنَّه الصواب) غرضه بيان متابعة فضيل لمن روى عن منصور.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

1174 -

(00)(00)(وحدثناه) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني أبو عبد الله المكيّ، صدوق، من (10)(حَدَّثَنَا عبد العزيز بن عبد الصمد) العمي أبو عبد الله البَصْرِيّ، ثِقَة حافظ، من (9) روى عنه في (3) أبواب (عن منصور) وقوله (بإسناد هؤلاء) متعلق بحدثنا عبد العزيز لأنه المتابع، واسم الإشارة راجع إلى جرير ومن بعده؛ أي حَدَّثَنَا عبد العزيز بإسناد جرير ووهيب وسفيان وشعبة وفضيل هذا الحديث (و) لكن (قال) عبد العزيز في روايته (فليتحر الصواب).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

1175 -

(00)(00)(حدثنا عبيد الله بن معاذ) بن معاذ التَّمِيمِيّ (العنبري) أبو عمرو البَصْرِيّ، ثِقَة، من (10)(حَدَّثَنَا أبي) معاذ بن معاذ التَّمِيمِيّ العنبري أبو المثنَّى البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9)(حَدَّثَنَا شعبة) بن الحجاج العتكي البَصْرِيّ (عن الحكم) بن عُتيبة الكندي أبِي محمَّد الكُوفيّ، ثِقَة، من (5)(عن إبراهيم) بن سويد النَّخَعيّ الكُوفيّ، ثِقَة،

ص: 235

عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله؛ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صَلى الظُّهْرَ خَمسًا. فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: أَزِيدَ في الصَّلاةِ؟ قَال: "وَمَا ذَاك؟ " قَالُوا: صَليتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَينِ.

1176 -

(00)(00) وحدثنا ابْنُ نُمَير. حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الحسَنِ بْنِ عُبَيدِ الله، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ؛ أَنهُ صَلى بِهِمْ خَمْسًا.

1177 -

(00)(00) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ،

ــ

من (6)(عن علقمة) بن قيس النَّخَعيّ الكُوفيّ (عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكُوفيّ.

وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم كوفيون وثلاثة بصريون، غرضه بسوقه بيان متابعة الحكم بن عتيبة لمنصور بن المعتمر في رواية هذا الحديث عن إبراهيم بن سويد، وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسًا فلما سلم قيل له) يَا رسول الله (أزيد في الصلاة) والهمزة فيه للاستفهام الاستخباري (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما ذاك) أي وما سبب سؤالكم عنها (قالوا صليت) بنا اليوم (خمسًا) من الركعات، قال عبد الله: فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة (فسجد سجدتين) للسهو ثم سلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

1176 -

(00)(00)(وحدثنا) محمَّد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني الكُوفيّ (حدثنا) عبد الله (بن إدريس) بن يزيد الأودي أبو محمَّد الكُوفيّ، ثِقَة، من (8) روى عنه في (17) بابا (عن الحسن بن عبيد الله) بن عروة النَّخَعيّ أَبِي عروة الكُوفيّ، ثِقَة فاضل، من (6) روى عنه في (7) أبواب (عن إبراهيم) بن سويد النَّخَعيّ الكُوفيّ (عن علقمة) بن قيس الكُوفيّ، عن عبد الله (أنَّه) صلى الله عليه وسلم (صلى بهم خمسًا) غرضه بيان متابعة الحسن للحكم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة تاسعًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

1177 -

(00)(00)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) العبسي الكُوفيّ، وهذا محل

ص: 236

(وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الحسَنِ بْنِ عُبَيدِ الله، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيدٍ؛ قَال: صلى بِنَا عَلقَمَةً الظهْرَ خَمْسًا. فَلَمَّا سَلَّمَ قَال القَوْمُ: يَا أَبَا شِبْلٍ، قَدْ صَليتَ خَمْسًا. قَال: كَلا. مَا فَعَلتُ. قَالُوا: بَلَى. قَال: وَكُنْتُ في نَاحِيَةِ القَوْمِ. وَأنا غُلامٌ. فَقُلتُ: بَلَى. قَدْ صَليتَ خَمْسًا. قَال لِي: وَأَنْتَ أَيضًا، يَا أَعْوَرُ، تَقُولُ ذَاكَ؟ قَال: قُلتُ: نَعَمْ. قَال: فَانْفَتَلَ فَسَجَدَ سَجْدَتَينِ ثُمّ سَلَّمَ. ثُمَّ قَال: قَال عَبْدُ الله: صلى بِنَا

ــ

التحويل ولو أتى بحاء التحويل لكان أوضح (واللفظ) الآتي (له) لعثمان بن أبي شيبة لا لابن نمير كما سيأتي التصريح في آخر الحديث (حَدَّثَنَا جرير) بن عبد الحميد الضَّبِّيّ الكُوفيّ (عن الحسن بن عبيد الله) الكُوفيّ (عن إبراهيم بن سويد) الكُوفيّ (قال) إبراهيم (صلي بنا علقمة) بن قيس (الظهر خمسًا) غرضه بسوق هذا بيان متابعة جرير لابن إدريس في رواية هذا الحديث عن الحسن (فلما سلم) علقمة (قال القوم) الذين صلوا معه (يَا أَبا شبل) كنية علقمة (قد صليت) بنا (خمسًا قال) علقمة (كلا) حرف ردع وزجر أي ارتدعوا أو انزجروا عما قلتم من أني صليت خمسًا أنا (ما فعلت) أي ما صليت خمسًا (قالوا) أي قال القوم (بلى) حرف جواب لنفي النفي فيكون إثباتًا، بمعنى نعم؛ أي نعم صليت بنا خمسًا (قال) إبراهيم (وكنت) أنا (في ناحية القوم) وطرفهم (وأنا) أي والحال أني (غلام) أي أصغرهم (فقلت) لعلقمة (بلى) أي نعم (قد صليت) بنا (خمسًا قال لي) علقمة (وأنت أَيضًا يَا أعور تقول) لي (ذاك) أي صليت خمسًا سماه أعور لكونه كذلك كما مر، قال القاضي: فيه أن قول مثل هذا لمن عرف به ولا يتأذى به لا حرج فيه، إنما الحرج إذا قاله على وجه العيب والمخاطب يكرهه، وهم ثلاثة: إبراهيم بن سويد النَّخَعيّ، وإبراهيم بن يزيد النَّخَعيّ أَيضًا الفقيه المشهور، وإبراهيم بن يزيد التَّيميّ، الثلاثة كوفيون والأعور منهم المذكور في الحديث ابن سويد وسمع علقمة اهـ من الأبي في ترجمته (قال) إبراهيم (قلت) لعلقمة (نعم) أقول ذلك (قال) إبراهيم (فانفتل) علقمة عنا وانصرف وتوجه إلى القبلة (فسجد سجدتين) للسهو (ثم سلم) ثانيًا لوقوع الأول في غير موضعه، قال في الصحاح: فتله عن وجهه فانفتل أي صرفه فانصرف وهو مقلوب لفت اهـ ولعل المراد هنا الانقلاب نحو القبلة كما ينبيء عنه لفظ التحول في الرواية الآتية (ثم قال) علقمة (قال عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه استدلالًا على فعله ذلك (صلى بنا

ص: 237

رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خَمْسًا. فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ القَومُ بَينَهُمْ. فَقَال: "مَا شَأْنُكُمْ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، هَل زِيدَ في الصلاةِ؟ قَال:"لا" قَالُوا: فَإِنَّكَ قَدْ صَليتَ خَمْسًا. فَانْفَتَل ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَينِ. ثُمَّ سَلَّمَ. ثُمَّ قَال: "إِنما أَنَا بَشَر مِثْلُكُمْ. أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ" وَزَادَ ابنُ نُمَيرٍ في حَدِيثِهِ: "فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَليَسْجُدْ سَجْدَتَينِ".

1178 -

(00)(00) وحدَّثناه عَوْنُ بْنُ سَلامٍ الكُوفِيّ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهشَلِيّ،

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا فلما انفتل) أي انصرف وفرغ من الصلاة (توشوش القوم) الذين صلوا معه أي تحدثوا فيما (بينهم) محادثة خفية، وهمس بعضهم بعضًا، قال ابن الأثير: الوشوشة كلام مختلط خفي لا يكاد يُفهم، ورواه بعضهم بالسين المهملة ويريد به الكلام الخفي، وقال القاضي: روي بالمعجمة وبالمهملة وكلاهما صحيح ومعناه تحركوا، ومنه وَسْوَاس الحُلِيّ بالمهملة وهو تحركه ووسوسة الشيطان، قال أهل اللغة: الوشوشة بالمعجمة صوت في اختلاط، قال الأصمعي: ويقال رجل وشواش أي خفيف (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما شأنكم) وحالكم توشوشون فيما بينكم (قالوا يَا رسول الله هل زيد في الصلاة) أم لا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا) أي ما زيد فيها (قالوا) أي قال القوم (فإنك) يَا رسول الله (قد صليت خمسًا فانفتل) أي فانصرف عن النَّاس واستقبل القبلة (ثم سجد سجدتين ثم سلم ثم قال: إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، وزاد) محمَّد (بن نمير في حديثه) أي في روايته عن عثمان بن أبي شيبة لفظة (فهذا نسي أحدكم) في صلاته (فليسجد سجدتين) جبرًا لسهوه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة عاشرًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

1178 -

(00)(00)(وحدثناه عون بن سلام) بتشديد اللام الهاشمي مولاهم أبو جعفر (الكُوفيّ) ثِقَة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (أخبرنا أبو بكر) عبد الله بن قطاف (النهشلي) الكُوفيّ، روى عن عبد الرَّحْمَن بن الأسود في الصلاة، وزياد بن علاقة في الصوم، ومحمَّد بن الزُّبير وغيرهم، ويروي عنه (م ت س ق) وعون بن سلام وبهز بن أسد، وثقه أَحْمد وابن معين والعجلي وابن مهدي، وقال أبو داود: ثِقَة كُوفِيّ مرجئ،

ص: 238

عَنْ عَبْدِ الرحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الله؛ قَال: صلى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا. فَقُلنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَزِيدَ في الصَّلاةِ؛ قَال:"وَمَا ذَاكَ؟ " قَالُوا: صَليتَ خَمْسًا. قَال: "إِنما أنا بَشَرٌ مِثلُكُمْ. أَذكُرُ كَمَا تَذْكُرُونَ، وَأَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ". ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السهو.

1179 -

(00)(00) وحدثنا مِنْجَابُ بن الحَارِثِ التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأعْمَشِ،

ــ

وقال في التقريب: صدوق، من السابعة (7)(عن عبد الرَّحْمَن بن الأسود) بن يزيد النَّخَعيّ أبي حفص الكُوفيّ الفقيه حج ثمانين حجة، واعتمر ثمانين عمرة، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: ثِقَة، من (3) مات سنة (99) روى عنه في (3) أبواب (عن أَبيه) الأسود بن يزيد بن قيس النَّخَعيّ أبي عبد الرَّحْمَن الكُوفيّ، ثِقَة مخضرم فقيه، من (2) روى عنه في (5) أبواب (عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكُوفيّ رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة الأسود بن يزيد لعلقمة بن قيس في رواية هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود، وكرر متن الحديث لما فيه من المخالفة لرواية علقمة في بعض الكلمات ولو أخر هذه المتابعة إلى آخر المتابعات الجارية في حديث عبد الله لكان أولى لأن الرواة عن عبد الله اثنان علقمة والأسود وجميع المتابعات السابقة واللاحقة كلها في رواية علقمة (قال) عبد الله (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر (خمسًا) من الركعات (فقلنا: يَا رسول الله أزيد في الصلاة) أم لا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما ذاك) أي وما سبب سؤالكم عن ذلك (قالوا: صليت) بنا الظهر (خمسًا قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (انما أنا بشر مثلكم أذكر) أي أتذكر الشيء (كما تذكرون) أي كما تتذكرون (وأنسى كما تنسون) فهلا ذكرتموني (ثم) استقبل القبلة فـ (سجد سجدتي السهو) كسجود الصلاة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعةَ حادِيَ عَشْرِها في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال:

1179 -

(00)(00)(وحدثنا منجاب بن الحارث) بن عبد الرَّحْمَن (التَّمِيمِيّ) أبو محمَّد الكُوفيّ، ثِقَة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (أخبرنا) علي (بن مسهر) القُرشيّ أبو الحسن الكُوفيّ، ثِقَة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن الأَعمش)

ص: 239

عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله؛ قَال: صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَزَادَ، أَوْ نَقَصَ -قَال إِبْرَاهِيمُ: وَالوَهمُ مِني- فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله، أَزِيدَ في الصلاةِ شَيءٌ؟ فَقَال:"إِنما أَنَا بَشَرْ مِثلُكُم. أَنسَى كَمَا تَنسَونَ. فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُم فَليَسجُد سَجدَتَينِ. وَهُوَ جَالِس" ثُمَّ تَحَولَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَسَجَدَ سَجدَتَينِ.

1180 -

(00)(00) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيب. قَالا: حَدَّثَنَا أبُو مُعَاويةَ. ح قَال: وَحَدثنَا

ــ

سليمان بن مهران الكُوفيّ (عن إبراهيم) بن سويد الكُوفيّ (عن علقمة) بن قيس الكُوفيّ (عن عبد الله) بن مسعود الكُوفيّ. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، غرضه بسوقه بيان متابعة الأَعمش للحسن بن عبيد الله في رواية هذا الحديث عن إبراهيم بن سويد (قال) عبد الله (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنَّاس الظهر خمسًا (فزاد) رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدد ركعات الصلاة (أو) قال علقمة لي (نقص) رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدد ركعات الصلاة (قال إبراهيم) بن سويد (والوهم) أي الشك فيما قال علقمة من الزيادة أو النقص وقع (مني) لا من علقمة فيما قال عبد الله، فالشك هنا وفيما سبق وقع من إبراهيم، وزاد في هذه الرواية اعترافه بالوهم وكذلك فيما بعد هذا، وفيه زيادة القسم، وأما فيما قبل هذا فنَجزم بأن الذي صلَّى كان خمسًا (فقيل) له صلى الله عليه وسلم (يَا رسول الله أزيد) اليومَ (في الصلاة شيء فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (انما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فهذا نسي أحدكم) في عدد ركعات صلاته بالزيادة (فليسجد سجدتين) للسهو (وهو جالس) مستقبل القبلة (ثم تحول رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف عن جهته التي كان عليها أولًا واستقبل القبلة (فسجد سجدتين) جبرًا لسهوه، وكرر متن الحديث لما بين الروايات من بعض المخالفة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله ثَانِيَ عَشْرِها فقال:

1180 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكُوفيّ (وأبو كُريب) محمَّد بن العلاء الكُوفيّ (قالا حَدَّثَنَا أبو معاوية) محمَّد بن خازم الضَّرير الكُوفيّ (ح قال وحدثنا)

ص: 240

ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا حَفصٌ وَأَبُو مُعَاوَيةَ، عَنِ الأَعمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله؛ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْو، بَعْدَ الكلامِ وَالكَلامِ.

1181 -

(00)(00) وحدثني القَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ. حَدَّثَنَا حُسَينُ بْنُ عَلِيُّ الجُعْفِيّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سُلَيمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ قَال: صَلَّينَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَإِمَّا زَادَ، أَوْ نَقَصَ.- قَال إِبْرَاهِيمُ: وَايمُ اللهِ،

ــ

محمَّد (بن نمير) الكُوفيّ (حَدَّثَنَا حفص) بن غياث بن طلق النَّخَعيّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (8)(وأبو معاوية) كلاهما (عن الأَعمش) غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة حفص وأبي معاوية لعلي بن مسهر في رواية هذا الحديث عن الأَعمش (عن إبراهيم) بن سويد (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) بن مسعود (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام) أولًا (والكلام) مع النَّاس في المحاورة السابقة، وكان الكلام في أثناء الصلاة جائزًا في صدر الإِسلام كما مر فكان بعد السلام غير مانع للبناء وقتئذ، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من الزيادة التي لا تقبل الفصل وهو الكلام.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله رضي الله عنه ثَالِثَ عَشْرِها فقال:

1181 -

(00)(00)(وحدثني القاسم بن زكرياء) بن دينار القُرشيّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (11) روى عنه في (3) أبواب (حَدَّثَنَا حسين بن عليّ) بن الوليد (الجعفي) مولاهم أبو محمَّد الكُوفيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (3) أبواب (عن زائدة) بن قدامة الثَّقَفيّ أبي الصلت الكُوفيّ، ثِقَة، من (7) روى عنه في (10) أبواب (عن سليمان) بن مهران الأَعمش الكاهلي مولاهم أبي محمَّد الكُوفيّ (عن إبراهيم) بن سويد إلأعور النَّخَعيّ الكُوفيّ (عن علقمة) بن قيس النَّخَعيّ الكُوفيّ (عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكُوفيّ. وهذا السند من سباعياته، من لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون وغرضه بيان متابعة زائدة لمن روى عن الأَعمش (قال) عبد الله (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يومًا، قال عبد الله (فإما زاد) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الصلاة (أو) قال عبد الله (نقص) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الصلاة (قال إبراهيم) بن سويد (وايم الله) أي

ص: 241

مَا جَاءَ ذَاكَ إلا مِنْ قِبَلِي- قَال: فَقُلنَا: يَا رَسُولَ الله، أَحَدَثَ في الصلاةِ شَيءٌ؟ فَقَال:"لا" قَال: فَقُلنَا لَهُ الذِي صَنَعَ. فَقَال: "إِذَا زَادَ الرجُلُ، أَو نَقَصَ، فَليَسْجُدْ سَجْدَتَينِ" قَال: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَينِ.

1182 -

(534)(193) حدثني عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ. قَال عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ. قَال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: صَلى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى صَلاتَيِ العَشِيِّ، إِما الظهْرَ وَإِما العَصْرَ

ــ

اسم الله قسمي (ما جاء ذاك) الوهم ولا حصل (إلا من قبلي) وجهتي لا من علقمة، وأتى بالقسم تأكيدًا للكلام (قال) عبد الله (فقلنا يَا رسول الله أحدث في الصلاة شيء) من التغيير، والهمزة فيه للاستفهام الاستخباري (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا) أي لم يحدث فيها شيء من التغيير (قال) عبد الله (فقلنا له) صلى الله عليه وسلم أي أخبرناه (الذي صنع) من الزيادة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا زاد الرَّجل) في الصلاة بأن صلى الظهر خمسًا (أو نقص) الرَّجل عن صلاته بأن صلاها ثلاثًا (فليسجد) بعد أن أتم النقص (سجدتين) جبرًا لسهوه (قال) عبد الله (ثم) استقبل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فـ (سجد سجدتين) لسهوه، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث أبي هريرة الثاني رضي الله تعالى عنه فقال:

1182 -

(534)(193)(حَدَّثني عمرو) بن محمَّد بن بكير (النَّاقد) أبو عثمان البغدادي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النَّسائيّ (جميعًا عن ابن عيينة قال عمرو) بن محمَّد في روايته (حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة) بصيغة السماع (حَدَّثَنَا أَيُّوب) بن أبي تميمة السختياني البَصْرِيّ (قال) أَيُّوب (سمعت محمَّد بن سيرين) البَصْرِيّ (يقول سمعت أَبا هريرة) الدوسي المدنِيُّ. وهذا السند من خماسياته اثنان منهم بصريان وواحد مدني وواحد كُوفِيّ وواحد إما بغدادي أو نسائي، حالة كون أبي هريرة (يقول صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر واما العصر) والشك من

ص: 242

فسلَّمَ في رَكْعَتَينِ. ثُمَّ أَتَى جِذْعًا في قِبْلَةِ المَسْجِدِ فَاسْتَنَدَ إِلَيهَا مُغْضَبًا. وَفِي القَوْمِ أَبُو بَكرٍ وَعُمَرُ. فَهَابَا أَنْ يَتَكَلمَا. وَخَرَجَ سَرَعَانُ الناسِ، قُصِرَتِ الصلاة. فَقَامَ ذُو اليَدَينِ

ــ

أبي هريرة، قال الأزهري: العشي بفتح العين وكسر الشين وتشديد الياء عند العرب ما بين زوال الشَّمس وغروبها اهـ وأول العشي إذا فاء الفيء وتمكن، ومنه قول القاسم بن محمَّد: ما أدركت النَّاس إلَّا وهم يصلون الظهر بعشي وآخره غروب الشَّمس، وأصله الظلمة ومنه عشا البصر وعشوت النَّار نظرت إليها من ظلمة (فسلم) صلى الله عليه وسلم (في ركعتين ثم أتى جذعًا في) جهة (قبلة المسجد) أي معروضًا في مقدم المسجد، والجذع واحد الجذوع وهو خشبة النخل وهو مذكر، ولكنه أعاد عليه الضمير المؤنث في قوله (فاستند إليها) أي إلى الجذع على إرادة الخشبة كما هي رواية البُخَارِيّ وغيره كما قالوا "بَلَغَنِي كتابُه فمَزقْتها" لأن الكتاب صحيفة، حالة كونه (مغضبًا) بفتح الضاد أي غضبان (وفي القوم) الذين صلوا معه (أبو بكر وعمر) بن الخَطَّاب (فهابا) أي خاف الشيخان (أن يتكلما) معه يعني أنهما بما غلبهما من احترام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وتوقير مقامه الشريف امتنعا من تكليمه مع علمهما بأنه سيبين أمر ما وقع، ولعله بعد النهي عن سؤاله كما سبق في كتاب الإيمان، وإقدام ذي اليدين على السؤال دليل على حرصه على تعلم العلم وعلى اعتنائه بأمر الصلاة، وفي بعض النسخ (فهاباه) بزيادة الهاء ولفظ البُخَارِيّ (فهابا أن يكلماه) وهو أوضح (وخرج سرعان النَّاس) بالمهملات المفتوحة وهو المحفوظ عن متقني أهل العلم وهو قول الكسائي وغيرهم يسكن الراء وهم المسرعون والأوائل المستعجلون أخفاؤهم، ورواية الأصيلي في البُخَارِيّ سرعان بضم السين وإسكان الراء وكأنه جمع سريع كقفيز وقفزان وقضيب وقضبان وليس هو جمع سريع فإنَّه يكون على زنة صبيان، وقال الخطابي: كسر السين خطأ؛ أي خرج الذين يسارعون إلى الشيء ويقدمون عليه بسرعة، وفي القاموس وسرعان النَّاس محركة أوائلهم المستبقون إلى الأمر ويسكن، حالة كونهم يقولون (قصرت الصلاة) بضم القاف وكسر الصاد، وروي بفتح القاف وضم الصاد وكلاهما صحيح ولكن الأول أشهر وأصح اهـ نواوي؛ أي يقولون ذلك على اعتقاد وقوع ما يجوز من النسخ (فقام) رجل (ذو اليدين) أي يسميه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذا اليدين لطول كان في يديه وهو معنى

ص: 243

فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، أَقُصِرَتِ الصلاة أَمْ نَسِيتَ؟ فَنَظَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَمِينًا وَشِمَالًا. فَقَال:"مَا يَقُولُ ذُو اليَدَينِ؟ " قَالُوا: صَدَقَ. لَمْ تُصَل إلا رَكْعَتَينِ. فَصَلى رَكْعَتَينِ وَسَلمَ. ثُمَّ كبرَ ثُمَّ سَجَدَ. ثُمَّ كبرَ فَرَفَعَ. ثُمَّ كبرَ وَسَجَدَ. ثُمَّ كبرَ وَرَفَعَ.

قَال: وَأُخْبِرْتُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ، أَنهُ قَال: وَسلمَ.

1183 -

(00)(00) حَدَّثَنَا أَبُو الربِيعِ الزهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَماد. حَدَّثَنَا أَيوبُ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ

ــ

قوله بسيط اليدين وهو الخرباق السلمي كما سماه في حديث عمران بن حصين، ويحتمل أنَّه كان طويل اليدين بالفضل والبذل (فقال) للنبي صلى الله عليه وسلم لما غلب عليه من الحرص على تعلم العلم كما مر (يَا رسول الله أقصرت الصلاة) بضم القاف وكسر الصاد وبهمزة الاستفهامَ الاستخباري أي أجعلت الصلاة اليوم مقصورة بالنسخ (أم نسيت) إتمامها (فنظر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يمينًا وشمالًا فقال) للنَّاس المصلين معه أحق (ما يقول ذو اليدين قالوا صدق) ذو اليدين فيما يقول لأنك (لم تصل) يَا رسول الله (إلا ركعتين) فقام واعتدل لأنه كان مستندًا إلى الخشبة (فصلى ركعتين) إتمامًا لصلاته (وسلم ثم كبر) لهوي سجود السهو (ثم سجد ثم كبر) للرفع من السجدة الأولى من سجدتي السهو (فرفع) رأسه من الأولى منهما (ثم كبر) لهوي الثَّانية (وسجد) ها (ثم كبر) للرفع منها (ورفع) رأسه منها ولم يتشهد (قال) محمَّد بن سيرين (وأخبرت عن عمران بن حصين أنَّه) أي أن عمران (قال) أي زاد على أبي هريرة لفظة (وسلم) صلى الله عليه وسلم بعد سجدتي السهو مرة ثانية، قال القسطلاني: وهذا يهدم قاعدة المالكية ومن وافقهم أنَّه إذا كان السهو بالنقصان يسجد قبل السلام اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ [1228] وأبو داود [1008 - 1012] والتِّرمذيّ [394] والنَّسائيّ [3/ 30 - 36] وابن ماجه [1214].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

1183 -

(00)(00)(حدثنا أبو الربيع) سليمان بن داود العتكي (الزهراني) البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا حماد) بن زيد بن درهم الأَزدِيّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (8) روى عنه في (14) بابا (حَدَّثَنَا أَيُّوب) السختياني العنزي البَصْرِيّ (عن محمَّد) بن سيرين البَصْرِيّ (عن

ص: 244

أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: صَلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِحْدَى صَلاتَيِ العَشِيِّ بِمَعنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ.

1184 -

(00)(00) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الحُصَينِ،

ــ

أبي هريرة) الدوسي المدنِيُّ. وهذا السند من خماسياته، من لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلَّا أَبا هريرة، غرضه بسوقه بيان متابعة حماد بن زيد لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن أَيُّوب (قال) أبو هريرة (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أمَّنَا، وفي الآخر صلَّى لنا، وفي الآخر بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال القاضي: كل ذلك يدل على أنَّه حضر الصلاة. واستشكل بأن القضية كانت قبل بدر وإسلامُ أبي هريرة كان عامَ خيبر سنةَ سبع، وأجيب: بأنه سَمِعَه مِنْ غيره فأرْسلَه مع أَنَّ قوله بنا ولنا يحتملُ أنهما من تغيير الراوي لما سَمِعَ الحديثَ منه ولم يَذْكُرْ مَنْ يرويه ظَنَّ أنَّه كان من الحاضِرينَ فنقَلَه بالمعنى أو أن أَبا هريرة أراد بالضمير الصحابةَ الحاضرين وإن لم يكن حاضرًا معهم لأنه مِنْ بَلدتِهم صحابى مثلُهم، وضُعفَ الجوابُ بالإرسال بأنَّ الحديث بلغَ الغاية في الصحةِ فكيف يُظَنُّ به الإرسالُ بل الجواب منْعُ أن تكون القضيةُ قبل بدر وذو اليدين لم يَمُت ببدر بَل عاش حتَّى روى عنه آخر التابعين، وإنما الذي مات ببدر ذو الشمالين وهو غير ذي اليدين، وذو اليدينِ من بني سليم، وذو الشمالين خزاعي، فقد خالفه في الاسم والنسب وإنما جاء الوهم مِنْ قِبلِ الزُّهْرِيّ حيث جعَلَ المُنْبَه يومئذ ذا الشمالينِ، قال أبو عمر: ولا أعلم أحدًا عَول على حديث الزُّهْرِيّ في قصة ذي اليدين لاضطرابه فيه اهـ أبي (إحدى صلاتي العشي) وفي الآخر صلاةُ الظهر، وفي الآخر صلاة العصر، قال النواوي: قال المحققون فهما قضيتان فلا معارضة، وساق حماد (بمعنى حديث سفيان) السابق وهو متعلق بقوله حَدَّثَنَا حماد لأنه العامل في المتابع.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

1184 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد) الثَّقَفيّ البلخي (عن مالك بن أنس) الأصبحي المدنِيُّ (عن داود بن الحصين) القُرشيّ الأموي مولاهم أبي سليمان المدنِيُّ،

ص: 245

عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ؛ أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: صلى لَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ العَصْرِ. فَسَلّمَ في رَكْعَتَينِ. فَقَامَ ذُو اليَدَينِ فَقَال: أَقُصِرَتِ الصلاة يَا رَسُولَ الله، أَمْ نَسِيتَ؛ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"كُلُّ ذلِكَ لَمْ يَكُنْ"

ــ

روى عَنْ أبي سفيان في الصلاة والبيوع، وعكرمةَ والأعرج، ويروي عنه (ع) ومالك ومحمَّد بن جعفر بن أبي كثير، وَثقه ابن معين والنَّسائيّ، وقال في التقريب: ثِقَة إلَّا في عكرمة، من السادسة، مات سنة (135) خمس وثلاثين ومائة، له في (خ) فرد حديث (عن أبي سفيان) الأسدي (مولى) عبد الله (بن أبي أَحْمد) بن جحش المدنِيُّ، قال الدارقطني: اسمه وهب، وقال غيره: اسمه قزمان بضم القاف وسكون الزاي، روى عن أبي هريرة في الصلاة والبيوع، وأبي سعيد الخُدرِيّ في البيوع، ويروي عنه (ع) وداود بن الحصين وابنه عبد الله وخالد بن رباح الهذلي (أنَّه) أي أن أَبا سفيان (قال سمعتُ أَبا هريرة) المدنِيُّ. وهذا السند من خماسياته رجالُه كلهم مدنيون إلَّا قتيبة فإنَّه بلخي، غرضه بيانُ متابعة أبي سفيان لمحمد بن سيرين، حالة كونه (يقول صلى) إمامًا (لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدم ما فيه (صلاة العصر) تقدم ما فيه من الجمع بين الروايتين (فسلم) رسول الله صلى الله عليه وسلم (في ركعتين) أي عقبهما، وفي حديث عمران بن حصين سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له الخرباق، فقال: يَا رسول الله، فذكر له صَنِيعَه، وخرَجَ غضبان يجر رداءه، وفي رواية له: سلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام رجل بسيط اليدين، فقال: أقصرت الصلاة، وحديث عمران هذا قضية ثالثة في يوم آخر والله أعلم. اهـ نواوي (فقام) إليه رجل لقبه (ذو اليدين) لما في يديه من الطول الظاهري أو المعنوي، وفي رواية رجل من بني سليم، وفي أخرى رجل يقال له الخرباق وكان في يديه طول، وفي أخرى رجل بسيط اليدين، قال النواوي: هي كلها رجل واحد اسمه الخرباق بكسر الخاء المعجمة وبالباء الموحدة وبالقاف في آخره السلمي لقبه ذو اليدين (فقال) الرَّجل (أقصرت الصلاة) اليوم (يا رسول الله أم نسيت) إتمامها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك) المذكور من القصر والنسيان أي جميعه (لم يكن) أي لم يوجد، ولكن بعضه وجد وهو النسيان لأن الكل هنا جميعي لا مجموعي فالقضية هنا من باب الكلية لا من باب الكل كما قال الأخضري في سلمة:

ص: 246

فَقَال: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذلِكَ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ فَقَال: "أَصَدَقَ

ــ

الكل حكمنا على المجموع ككل

ذاك ليس ذا وقوع

وحيثما لكل فرد حكما

فإنَّه كلية قد علما

مثل الكل كقولهم: كل رجل من بني تميم يحمل الصخرة العظيمة، ومثال الكلية كقوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} والتمثيل للكل بالحديث على القول المرجوح كما ذكره الملَّوي وكذا الأبي. قال النواوي: (قوله كل ذلك لم يكن) فيه تأويلان أحدهما ما قاله جماعة من أصحابنا في كتب المذهب أن معناه لم يكن المجموع فلا ينفي وجود أحدهما، والثاني وهو الصواب معناه لم يكن ذاك ولا ذا في ظني، بل ظني أني أكملت الصلاة أربعًا، ويدل على صحة هذا التأويل وأنه لا يجوز غيره، أنَّه جاء في روايات البُخَارِيّ في هذا الحديث أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: لم تقصر ولم أنس. فنفى الأمرين اهـ.

قال القرطبي: (قوله كل ذلك لم يكن) هذا مشكل بما ثبت من حالة صلى الله عليه وسلم فإنَّه يستحيل عليه الخُلفُ والكذبُ، والاعتذارُ عنه من وجهين أحدهما: أنَّه إنما نفى الكلية وهو صادق فيها إذ لم يجتمع وقوع الأمرين وإنما وقع أحدهما، ولا يلزم من نفي الكلية نفي كل جزء من أجزائها فإذا قال لم ألق كُلّ العلماء لا يُفهم أنَّه لم يَلق واحدًا منهم ولا يلزم ذلك منه إلَّا أن هذا الاعتذار يُبطله قولُه في الرواية الأخرى (لم أنس ولم تقصر) بدلَ قوله (كل ذلك لم يكن) فقد نفى الأمرين نصًّا، والثاني: أنَّه إنما أخبر عن الذي كان في اعتقاده وظنهِ؛ وهو أنَّه لم يفعل شيئًا من ذلك فأخبر بحق إذ خبره موافق لما في نفسه فليس فيه خُلف ولا كذب، ومن هذا ما قد صار إليه أكثر الفقهاء من أن الحالف بالله على شيء يعتقده فيظهر أنَّه بخلاف ما حلف عليه أن تلك اليمين لاغية لا حِنْثَ فيها وهي التي لم يُضِفها الله تعالى إلى كسب القلب حيث قال:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} وقد روى أبو داود حديث أبي هريرة هذا وقال مكان (كل ذلك لم يكن)(لم أنس ولم تقصر) ومحمله على ما ذكرناه من إخباره عن اعتقاده، وللأصحاب فيه تأويلات أُخر لا طائل تحتها اهـ من المفهم.

(فقال) ذو اليدين (قد كان بعض ذلك) المذكور إما النسيان وإما القصر (يَا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على النَّاس) المصلين معه (فقال أصدق

ص: 247

ذُو اليَدَينِ؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ. يَا رَسُولَ الله، فَأَتَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا بَقِيَ مِنَ الصلاةِ. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَينِ. وَهُوَ جَالِسْ. بَعْدَ التسْلِيمِ.

1185 -

(00)(00) وحدثني حجاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الخَزَّازُ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ (وَهُوَ ابْنُ المُبَارَكِ)، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ؛

ــ

ذو اليدين) فيما يقول (فقالوا نعم) صدق (يَا رسول الله) وقوله (أصدق ذو اليدين) يحتج به من يقول لا بد من اشتراط العدد في المُخبر عن السهو، ولا حجة فيه لأنه صلى الله عليه وسلم إنما استكشف لما وقع له من التوقف في خبره حيث انفرد بالخبر عن ذلك مع أن الجمع كثير ودواعيهم متوافرة وحاجتهم داعية إلى الاستكشاف عما وقع فوقعت الريبة في خبر المخبر لهذا، وجوز عليه أن يكون الغلط والسهومنه لا أنها شهادة اهـ مفهم (فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

1185 -

(00)(00)(وحدثني حجاج) بن يوسف بن حجاج الثَّقَفيّ أبو محمَّد المعروف بـ (ابن الشَّاعر) البغدادي (حَدَّثَنَا هارون بن إسماعيل الخزاز) بمعجمات أبو الحسن البَصْرِيّ، روى عن علي بن المبارك في الصلاة، وهمام بن يحيى، وقرة بن خالد وطائفة، ويروي عنه (خ م ت س ق) وحجاج بن الشَّاعر ومحمَّد بن المثنَّى وغيرهم، قال أبو داود: لا بأس به سمعت الحسن بن عليّ يقول: الخزاز شيخ ثِقَة، وقال في التقريب: ثِقَة، من التاسعة، مات سنة (206) ست ومائتين (حَدَّثَنَا علي وهو ابن المبارك) الهُنائي -بضم الهاء وتخفيف النُّون ممدودًا- البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا يحيى) بن أبي كثير صالح بن المتوكل الطَّائيّ أبي نصر اليماميّ، ثِقَة، من (5) روى عنه في (16) بابا (حَدَّثَنَا أبو سلمة) عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيّ المدنِيُّ، ثِقَة، فقيه، من (3) قال (حَدَّثَنَا أبو هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان وواحد يمامي وواحد بغدادي، غرضه بسوقه بيان متابعة أبي سلمة لمن روى عن أبي هريرة، وكرر متن الحديث لما في هذه

ص: 248

أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلى رَكْعَتَينِ في صَلاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَأتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيمِ. فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، اقُصِرَتِ الصلاة أَمْ نَسِيتَ؟ وَسَاقَ الحَدِيثَ.

1186 -

(00)(00) وحدثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيبَانَ، عَنْ يَحْيى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: بَينَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الظُّهْرِ، سَلّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الركْعَتَينِ. فَقَامَ رَجُل مِنْ بَنِي سُلَيمٍ وَاقْتَص الحَدِيثَ

ــ

الرواية من المخالفة للرواية السابقة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين في صلاة الظهر ثم سلم فأتاه رجل من بني سليم) يُسمى الخرباق ويُلقب بذي اليدين (فقال: يَا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت .. وساق) أبو سلمة بن عبد الرَّحْمَن بن عوف (الحديث) السابق بنحوه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

1186 -

(00)(00)(وحدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التَّمِيمِيّ أبو يعقوب المروزي، ثِقَة ثبت، من (11) روى عنه في (17) بابا (أخبرنا عبيد الله بن موسى) العبسي مولاهم أبو محمَّد الكُوفيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (7) أبواب (عن شيبان) بن عبد الرَّحْمَن التميمي مولاهم أبي معاوية البَصْرِيّ ثم الكُوفيّ ثم البغدادي (عن يحيى) بن أبي كثير اليماميّ (عن أبي سلمة) بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ (عن أبي هريرة) المدنِيُّ. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان كوفيان وواحد يمامي وواحد مروزي، غرضه بسوقه بيان متابعة شيبان التَّمِيمِيّ لعلي بن المبارك في رواية هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير (قال) أبو هريرة (بينا أنا أصلي مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الركعتين فقام رجل من بني سليم واقتص) شيبان التَّمِيمِيّ (الحديث) السابق الذي رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير أي رواه على وجهه ونحوه.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة هذا الأخير بحديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما فقال:

ص: 249

187 1 - (535)(194) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ. قَال زُهَيرٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَّب، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلى العَصْرَ فَسَلّمَ في ثَلاثِ رَكَعَاتٍ. ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ. فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الخِرْبَاقُ. وَكَانَ في يَدَيهِ طُولٌ. فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ. وَخَرَجَ غَضْبَانَ

ــ

1187 -

(535)(194)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكُوفيّ (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النَّسائيّ، حالة كونهما (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن) إسماعيل (بن عليّة) ابن إبراهيم بن مقسم القُرشيّ الأسدي أبي بشر البَصْرِيّ، ثِقَة، من (8) قال زهير: حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم عن خالد) بن مهران الحذَّاء المجاشعي أبي المنازل البَصْرِيّ، ثِقَة، من (5)(عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (3)(عن أبي المهلب) عبد الرَّحْمَن بن عمرو، ويقال معاوية بن عمرو، ويقال عمرو بن معاوية، ويقال النضر بن عمرو، ويقال عبد الرَّحْمَن بن معاوية عم أبي قلابة الأَزدِيّ الجرمي البَصْرِيّ، روى عن عمران بن حصين في الصلاة والجنائز والنذور وغيرها، وعمر وعثمان وأبي بن كعب وأبي مسعود الأَنْصَارِيّ وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وابن أخيه أبو قلابة الجرمي، ومحمَّد بن سيرين، قال العجلي: بصري تابعي ثِقَة، وذكره ابن حبان في الثِّقات، وقال ابن سعد: كان ثِقَة قليل الحديث (عن عمران بن حصين) بن عبيد بن خلف الخُزَاعِيّ أبي نجيد مصغرًا البَصْرِيّ الصحابي الجليل رضي الله عنه، أسلم عام خيبر، له (130) حديثًا. وهذا السند من سداسياته رجاله خمسة منهم بصريون وواحد إما كُوفِيّ أو نسائي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات) أي عقبها (ثم دخل منزله) أي حجرته (فقام إليه) صلى الله عليه وسلم (رجل يقال له الخرباق) أي يسمى بهذا الاسم (و) يلقب بذي اليدين لأنه (كان في يديه طول) حسي أو معنوي كما مر (فقال) ذلك الرَّجل (يَا رسول الله) أقصرت الصلاة أم نسيت (فذكر) ذلك الرَّجل (له) صلى الله عليه وسلم (صنيعه) صلى الله عليه وسلم يعني سلامه في ثالثة (وخرج) رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزله حالة كونه (غضبان) وغضبه صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون إنكارًا على المتكلم إذ قد نسبه إلى ما كان

ص: 250

يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتى انْتَهَى إِلَى النَّاسِ. فَقَال: "أَصَدَقَ هَذا؟ " قَالُوا: نَعَمْ. فصلى رَكْعَةً. ثُمَّ سَلَّمَ. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَينِ، ثُمَّ سَلَّمَ.

1188 -

(00)(00) وحدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهابِ الثَّقَفِيّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، وَهُوَ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ

ــ

يعتقد خلافه، ولذلك أقبل على النَّاس متكشفًا عن ذلك، وعلى هذا يدل ما في الرواية الأخرى، إذ قال فيها "فقال رجل بسيط اليدين، فقال: قصرت الصلاة يَا رسول الله فخرج مغضبًا" ويحتمل أن يكون لأمر آخر لم يذكره الراوي وكأن الأول أظهر، حالة كونه (يجر رداءه) على الأرض يعني لكثرة اشتغاله بشأن الصلاة خرج يجر رداءه ولم يتمهل ليلبسه (حتَّى انتهى إلى النَّاس) المصلين معه أولًا غَايَةٌ لِلجَر (فقال) للنَّاس (أصدق هذا) الرَّجل فيما يقول (قالوا نعم) صدق يَا رسول الله (فصلى ركعة) باقية إتمامًا لصلاته (ثم سلم) أي سلم سلام التشهد (ثم سجد سجدتين ثم سلم) من صلاته. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أبو داود [1039] والتِّرمذيّ [395] وابن ماجه [1215]. قال القرطبي: وحديث عمران بن حصين هذا واقعة أخرى غير واقعة حديث أبي هريرة، وقد توارد الحديثان على أن السجود للزيادة بعد السلام كما هو مشهور مذهب مالك فانتهضت حجته والحمد لله، وفي حديث ذي اليدين حجة لمالك على قوله إن الحاكم إذا نسي حكمه فشهد عنده عدلان بحكم أمضاه خلافًا لأبي حنيفة والشافعي في قولهما إنه لا يمضيه حتَّى يذكره، وأنه لا يقبل الشهادة على نفسه بل على غيره، وهذا إنما يتم لمالك إذا سلم له أن رجوعه إلى الصلاة إنما كان لأجل الشهادة لا لأجل تيقنه ما كان قد نسيه اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما فقال:

1188 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا عبد الوهَّاب) بن عبد المجيد (الثَّقَفيّ) أبو محمَّد البَصْرِيّ، ثِقَة، من (8)(حَدَّثَنَا خالد) بن مهران (وهو الحذَّاء) أبو المنازل البَصْرِيّ (عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد الجرمي البَصْرِيّ (عن أبي المهلب) عبد الرَّحْمَن بن عمر الجرمي البَصْرِيّ (عن عمران بن

ص: 251

الحُصَينِ؛ قَال: سَلّمَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في ثَلاثِ رَكَعَاتٍ، مِنَ العَصْرِ. ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الحجْرَةَ. فَقَامَ رَجُل بَسِيطُ اليَدَينِ. فَقَال: أَقُصِرَتِ الصلاة يَا رَسُولَ الله؟ فَخَرَجَ مُغْضَبًا. فَصَلى الركْعَةَ التِي كَانَ تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السهْو، ثُمَّ سَلَّمَ

ــ

الحصين) بن عبيد الخُزَاعِيّ البَصْرِيّ. وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم بصريون إلَّا إسحاق بن إبراهيم فإنَّه مروزي، وغرضه بسوقه بيان متابعة عبد الوهَّاب الثَّقَفيّ لإسماعيل بن عليّة في رواية هذا الحديث عن خالد الحذَّاء (قال) عمران بن الحصين (سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة) أي منزله (فقام رجل بسيط اليدين) أي طويل اليدين (فقال: أقصرت الصلاة يَا رسول الله فخرج) من حجرته، حالة كونه (مغضبًا فصلى الركعة التي كان ترك) ها (ثم سلم) سلام التشهد بمعنى تشهد (ثم) بعد تشهده (سجد سجدتي السهو ثم سلم) من الصلاة سلام الفراغ.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث الأول حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الترجمة، وذكر فيه ثلاث متابعات، والثاني حديث عبد الله بن بحينة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث أبي سعيد الخُدرِيّ ذكره للاستشهاد أَيضًا وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث عبد الله بن مسعود ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث عشرة متابعة، والخامس حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد وذكرَ فيه أَرْبَعَ متابعاتٍ، والسادس حديث عمران بن حصين ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 252