الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
275 - (95) باب السكوت بين تكبيرة الإحرام والقراءة وما يقال فيه وعدمه عند النهوض من الثانية
1249 -
(560)(218) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاةِ، كسَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَرَأَيتَ سُكُوتَكَ بَينَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَال: "أَقُولُ: اللَّهمّ بَاعِدْ بَينِي وَبَينَ خَطَايَايَ
ــ
275 -
(95) باب السكوت بين تكبيرة الإحرام والقراءة وما يقال فيه وعدمه عند النهوض من الثانية
1249 -
(560)(218)(حدثني زهير بن حرب) الحرشي النسائي (حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن عمارة بن القعقاع) بن شبرمة الضبي الكوفي (عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير البجلي الكوفي (عن أبي هريرة) المدني. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد نسائي (قال) أبو هريرة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر) للإحرام (في الصلاة سكت) بعد التكبير (هُنية) -بضم الهاء وفتح النون وتشديد المثناة التحتية من غير همز- أي قليلًا من الزمان وهو تصغير هَنَةٍ، ويقال هُنَيهَة أيضًا ذكرَهُ في النهاية، وأَصْلُ هَنَهٍ هَنوَةٌ فلمَّا صُغرت صارت هُنَيوةً فاجتمعت الواو والياءُ وسُبقت إحداهما بالسكون فوجَبَ قَلْبُ الواو ياءً فقُلبت الواو ياء ثم أُدغمت فصار هُنَيَّة بوزن بُنيّة فهو منصوب على الظرفية أي سكَتَ زمانًا قليلًا، أو على المفعوليةِ المطلقة أي سكت سَكْتَةً قليلةً (قبل أن يقرأ) أي قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ في قراءةِ الفاتحة، قال أبو هريرة (فقُلتُ) له صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله بأبي أنت وأمي) أي أنت مفديٌّ بأبي وأمي أو أفديك بهما (أرأيتَ) أي أَخْبِرني (سُكوتَك بين التكبير والقراءة ما تقول) فيه.
(فإن قلت) في الحديث تأخير البيان عن وقت الحاجة المتفقُ على منعه لوجوب بيان الشرعيات على الفور واجباتِ كُنَّ أو مندوباتٍ (قلت) أَخَّر بيانها لعلمه أن من الصحابة الفطنَ الذي يبادر بالسؤال عن ذلك فلما سأله بيَّن له فكأنه لم يؤخر اهـ من الأبي.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أقول) فيه (اللهم باعد بيني وبين خطاياي)
كَمَا بَاعَدْتَ بَينَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. اللَّهمَّ، نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ. اللَّهمَّ، اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ"
ــ
وذنوبي (كما باعدت) الكاف صفة لمصدر محذوف تقديره أي باعد بيني وبينها مباعدةً مثلَ مباعدةِ ما (بين المشرق والمغرب) وهذا من المجاز لأن حقيقة المباعدة إنما هي في الزمان والمكان أي امْحُ ما حَصَل من خطاياي وحُلْ بيني وبين ما يُخاف من وقوعه حتى لا يَبْقَى لها مِنِّي اقترابٌ بالكلية، وهذا الدعاء صَدَر منه صلى الله عليه وسلم على سبيل المبالغة في إظهارِ العبودية، وقيل إنه على سبيل التعليم لأمته، وعُورض بكونه لو أراد ذلك لجهر به. وأجيب بورود الأمر بذلك في حديث سمرة عند البزار وأعاد لفظ بين في قوله وبين خطاياي ولم يَقُلْ وبَينَ المغرب لأن العطف على الضمير المخفوض يعاد معه العاملُ بخلاف العطف على الظاهر (اللهم نقني) بتشديد القاف في الموضعين لأنه من باب فَعَّل المضعف المعتل اللام أي صفِّني (من خطاياي كما يُنقى) ويصفى (الثوب الأبيض من الدنس) أي الوسخ، والكاف صفة لمصدر محذوف أي نقِّني من الخطايا تنقية مثل تنقية الثوب الأبيض من الدنس، وهذا مجاز عن إزالة الذنوب ومحو أثرها وشبَّه بالثوب الأبيض لأن الدنس فيه أظهر من غيره من الألوان؛ والمعنى طهرني طهارة كاملة معتنى بها كما يُعتنى بتنقية الثوب الأبيض من الوسخ، وقال ملا علي: وفيه إيماء إلى أن القلب بمقتضى أصل الفطرة سليم ونظيف وأبيض وظريف، وإنما يسود بارتكاب الذنوب وبالتخلق بالعيوب (اللهم اغسلني) أي طهرني (من خطاياي بالثلج والماء والبرد) بفتح الراء، وفي رواية البخاري (بالماء والثلج والبرد) وذكر الأخيرين على هذه الرواية للتأكيد أو لأنهما ماءان لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال قاله الخطابي، قال الأبي: قيل ذكر الأنواعَ المنزَّلَة للتطهير التي لا يمكن حصول الطهارة الكاملة إلَّا بأحدها بيانًا لأنواع المغفرة التي لا يُتخلص من الذنوب إلَّا بها أي طهرني بأنواع مغفرتك التي هي في تمحيص الذنوب بمثابة هذه الأنواع الثلاثة في إزالتها للأوضار اهـ منه، والحديث دليل على مشروعية دعاء الافتتاح بعد التحرم بالفرض أو النفل خلافًا للمشهور عن مالك. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 231 و 494]، والبخاري [747]، وأبو داود [781]، والنسائي [1/ 50 - 51]، وابن ماجه [805].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا فقال:
1250 -
(00)(00) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَابْنُ نُمَيرٍ. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيلٍ. ح وَحَدَّثنَا أبُو كَامِلٍ. حَدَّثنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، (يَعْنِي ابْنَ زِيادٍ)، كِلاهُمَا عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ جَرِيرٍ.
1251 -
(561)(219) قَال مُسْلِمٌ: وَحُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ ويونُسَ الْمُؤَدّبِ
ــ
1250 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (و) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (قالا حدثنا) محمد (بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي (ح وحدثنا أبو كامل) الجحدري فضيل بن حسين بن طلحة البصري (حدثنا عبد الواحد يعني ابن زياد) العبدي مولاهم أبو بشر البصري (كلاهما) أي كل من ابن فضيل وعبد الواحد رويا (عن عمارة بن القعقاع بهذا الإسناد) يعني عن أبي زرعة، عن أبي هريرة (نحو حديث جرير) السابق، غرضه بيان متابعتهما لجرير.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة فقال:
1251 -
(561)(219)(قال) الإمام (مسلم) رحمه الله تعالى على سبيل التجريد أو قال ذلك بعض رواته (وحدثت) قال النواوي: هذا الحديث من الأحاديث المعلقة التي سقط أول إسنادها في صحيح مسلم، وقد سبق بيانها في مقدمة هذا الشرح اهـ، وقال القرطبي: ذكر الإمام مسلم هذا الحديث منقطعأ فقال: وحدثت عن يحيى بن حسان، وهو أحد الأربعة عشر حديثًا المنقطعة الواقعة في كتابه وقد وصله أبو بكر البزار، وانظر مسند أبي عوانة [2/ 99]، والسنن الكبرى للبيهقي [2/ 196] اهـ من المفهم، فالحديث موصول وإن علقة مسلم فيصح الاستدلال به فكان الإمام مسلمًا رحمه الله تعالى قال (حدثنا عبد الله) بن عبد الرحمن بن الفضل بن مهران (الدارمي) أبو محمد السمرقندي، ثقة متقن، من (11) روى عنه في (14) بابا (عن يحيى بن حسان) بن حيان بتحتانية البكري أبي زكرياء البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (8) أبواب، قال الأصبهاني: روى عنه عبد الله الدارمي في الوضوء والصلاة، وقال مسلم في الصلاة: حدثت عن يحيى بن حسان ويونس المؤدب وغيرهما، حدثنا عبد الواحد بن زياد اهـ كلام الأصبهاني، والشيخ الذي أسقطه مسلم هو عبد الله الدارمي فالسند متصل والحديث موصول يصح الاستدلال به (ويونس) بن محمد بن مسلم (المؤدب) أبي محمد
وَغَيرِهِمَا. قَالُوا: حَدَّثَنَا عَندُ الْوَاحِدِ بنُ زَيادٍ. قَال: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بن القَعقَاعِ. حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثانِيَةِ اسْتَفتَحَ الْقِرَاءَةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} وَلَمْ يَسكُتْ
ــ
البغدادي، ثقة، من (9) روى عنه في (5) أبواب (وغيرهما) كالحسن بن الربيع ومحمد بن عبد الله الرقاشي وأبي كامل الجَحْدري (قالوا) أي قال كل من الثلاثة (حدثنا عبد الواحد بن زياد) العبدي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (16) بابا (قال حدثني عمارة بن القعقاع) بن شبرمة الضبي الكوفي (حدثنا أبو زرعة) هرم بن عمرو البجلي الكوفي (قال سمعت أبا هريرة يقول) وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم كوفيان واثنان بصريان وواحد مدني وواحد سمرقندي، وفيه التحديث بالإفراد والجمع والسماع والعنعنة والمقارنة والتعليق كما بيناه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض) وقام (من الركعة الثانية) من الرباعية والثلاثية إلى الثالثة (استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت) بعد نهوضه كما سكت في أول الأولى لدعاء الاستفتاح، وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف من الكتب السبعة ولكن ذكره أبو عوانة في مسنده 21/ 99]، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 196].
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين: الأول حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث أبي هريرة الثاني المعلق ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة.
* * *