الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
274 - (94) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده
1228 -
(553)(211) حدَّثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيدٍ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ، (اسْمُهُ شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ)، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ؛ قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاتِهِ، اسْتَغْفَرَ ثَلاثًا. وَقَال: "اللَّهمَّ أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ. تبَارَكْتَ
ــ
274 -
(94) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده
1228 -
(553)(211)(حدثنا داود بن رشيد) مصغرًا الهاشمي مولاهم أبو الفضل البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا الوليد) بن مسلم القرشي الأموي مولاهم الدمشقي، ثقة، من (8)(عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو الشامي، ثقة، من (7)(عن أبي عمار) الدمشقي (اسمه شداد بن عبد الله) القرشي الأموي مولاهم مولى معاوية بن أبي سفيان، روى عن أبي أسماء عمرو بن مرثد في الصلاة، وأبي أمامة الباهلي في الصلاة والزكاة واللباس والكفارة، وواثلة بن الأسقع في شرف النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن فروخ في شرف النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي عنه (م عم) والأوزاعي وعكرمة بن عمار وغيرهم، وثقه العجلي وأبو حاتم والدارقطني ويعقوب بن سفيان، وقال في التقريب: ثقة يرسل، من (4) الرابعة (عن أبي أسماء) عمرو بن مرثد الرحبي الدمشقي، ثقة، من (3)(عن ثوبان) بن بجدد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي عبد الله الشامي. وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم شاميون إلَّا داود بن رشيد فإنه بغدادي (قال) ثوبان (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف) أي فرغ وسلم (من صلاته استغفر ثلاثًا) أي قال ثلاث مرات أستغفر الله، وقد استشكل استغفاره صلى الله عليه وسلم مع أنه مغفور له، قال ابن سيد الناس: هو وفاء بحق العبودية وقيام بوظيفة الشكر كما قال "أفلا أكون عبدًا شكورًا" وليبين للمؤمنين سنته فعلًا كما بينها قولًا في الدعاء والضراعة ليقتدي به في ذلك انتهى اهـ تحفة الأحوذي (وقال) أي ثم قال كما هو في رواية أبي داود (اللهم أنت السلام) أي ذو السلامة من المعائب والحوادث والنقائص والتغير والآفات، أو أنت المالك المُسلِّم للعباد من المهالك (ومنك) لا من غيرك يُرجى (السلام) أي السلامة من الآفات ويستوهب ويُستفاد منك (تباركت) أي تعاليت عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا أو تعالت صفاتك عن صفات المخلوقين
يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ".
قَال الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِلأَوْزَاعِيِّ: كَيفَ الاسْتِغْفَارُ؟ قَال: تَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ الله، أَسْتَغْفِرُ الله.
1229 -
(554)(212) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَابْنُ نُمَيرٍ
ــ
(يا ذا الجلال) أي يا مستحق الجلال وهو العظمة وقيل الجلال التنزه عما لا يليق به، وقيل الجلال لا يُستعمل إلَّا لله سبحانه (و) ياذا (الإكرام) أي الإحسان إلى العباد، وقيل المُكْرِمُ لأوليائه بالإنعام عليهم والإحسان إليهم اهـ عون.
وفي المفهم: (تباركت) تفاعلت من البركة وهي الكثرة والنماء ومعناه تعاظمت إذ كثرت صفات جلالك وكمالك و (ذا الجلال) ذا العظمة والسلطان وهو على حذف حرف النداء تقديره ياذا الجلال و (الإكرام) أي الإحسان وإفاضة النعم اهـ. وفي المرقاة قوله (تباركت ياذا الجلال والإكرام) أي تعاليت ياذا العظمة والمكرمة اهـ، وقال الأبي: قيل لما كان السلام معناه السالم من المعايب وسمات الحدوث جاء بقوله ومنك السلام وإليك السلام بيانًا واحتراسًا لأن الوصف بالسلامة إنما يكون فيمن هو بعرضة أن يلحقه ضرر فبيّن أن وصفه تبارك وتعالى بالسلام ليس على حد وصف المخلوقين المفتقرين لأنه تعالى الغني المتعالي الذي يعطي السلامة ومنه تستوهب وإليه ترجع اهـ.
(قال الوليد) بن مسلم الدمشقي (فقلت لـ) شيخي عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) الدمشقي كيف) صفة (الاستغفار) الذي أمر به بعد الصلاة (قال) الأوزاعي في بيان كيفيته لي (تقول) يا وليد إذا أردت الاستغفار بعد الصلاة (أستغفر الله أستغفر الله) ثلاث مرات، لأنه الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما ما يزاد بعد هذا الذكر من قوله (وإليك يرجع السلام، فحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا دارك دار السلام) فلا أصل له بل هو مختلق من بعض القُصَّاص اهـ من المرقاة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 275، 279]، وأبو داود [1513]، والترمذي [200]، والنسائي [3/ 68]، وابن ماجه [928].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ثوبان بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:
1229 -
(554)(212)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و) محمد بن عبد الله (بن نمير
قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالت: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إِذَا سَلَّمَ، لَمْ يَقعُدْ. إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ "اللَّهمَّ أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ. تَبَارَكتَ ذَا الْجَلالِ وَالإِكرَامِ".
وفي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيرٍ "يَا ذَا الجَلالِ والإِكْرَامِ"
ــ
قالا حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير الكوفي (عن عاصم) بن سليمان الأحول أبي عبد الرحمن البصري التميمي، ثقة، من (4) روى عنه في (17) بابا (عن عبد الله بن الحارث) الأنصاري أبي الوليد البصري نسيب محمد بن سيرين روى عن عائشة في الصلاة، وابن عباس في الصلاة، وأبي هريرة في البيوع، وأفلح مولى أبي أيوب في الأطعمة، وعبد الله بن عمر في الدعاء، وزيد بن أرقم في الدعاء، ويروي عنه (ع) وعاصم الأحول وخالد الحذاء وأيوب وابنه يوسف بن عبد الله، وثقه أبو زرعة والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة (عن عائشة) رضي الله عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم بصريان واثنان كوفيان وواحد مدني (قالت) عائشة (كان النبي صلى إله عليه وسلم إذا سلم) من الصلاة المكتوبة التي بعدها سنة (لم يقعد) أي بين الفريضة والسنة (إلا مقدار ما يقول) لأنه صح أنه كان يقعد بعد أداء الصبح على مصلاه حتى تطلع الشمس اهـ من المرقاة، أي لا يقعد إلَّا قدر زمن يقول فيه (اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام، وفي رواية ابن نمير ياذا الجلال والإكرام) بزيادة حرف النداء، قال القرطبي: السلام الأول اسم من أسمائه تعالى كما قال تعالى: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيمِنُ} [الحشر: 23] والسلام الثاني السلامة كما قال تعالى: {فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91)} [الواقعة: 91] ومعنى ذلك أن السلامة من المعاطب والمهالك إنما تحصل لمن سلمه الله تعالى كما قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس: 107] اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 62، 184، 235]، والترمذي [298]، والنسائي [3/ 69]، وابن ماجه [924].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
1230 -
(00)(00) وحدّثناه ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، يَعْنِي الأَحْمَرَ، عَنْ عَاصِمٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَال:"يَاذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ".
1231 -
(00)(00) وحدَّثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ. وَخَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ. كِلاهُمَا عَنْ عَائِشَةَ؛ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال بِمِثْلِهِ. غَيرَ أَنَّهُ
ــ
1230 -
(00)(00)(وحدثناه ابن نمير حدثنا أبو خالد يعني الأحمر) سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق، من (8)(عن عاصم) بن سليمان الأحول البصري، وقوله (بهذا الإسناد) يعني عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة متعلق بحدثنا أبو خالد، غرضه بيان متابعة أبي خالد لأبي معاوية في رواية هذا الحديث عن عاصم (وقال) أبو خالد في روايته عن عاصم (ياذا الجلال والإكرام) بزيادة حرف النداء لا كما قال أبو معاوية في رواية ابن أبي شيبة بلا حرف النداء.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
1231 -
(00)(00)(وحدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد) بن عبد الوارث العنبري البصري، صدوق، من (11)(حدثني أبي) عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري، صدوق، من (9)(حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (عن عاصم) بن سليمان الأحول البصري (عن عبد الله بن الحارث) الأنصاري البصري، وقوله (وخالد) بن مهران الحذاء البصري أبي المنازل المجاشعي، بالجر معطوف على عاصم أي روى شعبة عن عاصم وخالد الحذاء (عن عبد الله بن الحارث كلاهما) أي كل من عاصم وخالد رويا (عن عائشة) بواسطة عبد الله بن الحارث (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال) الذكر المذكور، وساق شعبة (بمثله) أي بمثل ما حدث أبو معاوية عن عاصم، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة شعبة لأبي معاوية في رواية هذا الحديث عن عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث عن عائشة ولكن زاد شعبة على أبي معاوية روايته عن خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة فلأبي معاوية شيخ واحد عاصم، عن عبد الله بن الحارث، ولشعبة شيخان عاصم عن عبد الله، وخالد عن عبد الله (غير أنه) أي لكن أن
كَانَ يَقُولُ: "يَاذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ"
ــ
شعبة (كان يقول) في روايته عن شيخيه (يا ذا الجلال والإكرام) بإثبات حرف النداء وأبو معاوية في رواية ابن أبي شيبة "ذا الجلال والإكرام" بإسقاطه، وفي كلام المؤلف هنا تقديم وتأخير وتحريف، وصواب العبارة أن يقال (حدثنا شعبة، عن عاصم وخالد كليهما عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة) إلخ، هكذا ظهر لفهمي السقيم، والله أعلم. وفي المفهم (قول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلَّا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام) الحديث دليل لمالك على كراهيته للإمام المقام في موضعه الذي صلى فيه بعد سلامه خلافًا لمن أجاز ذلك، والصحيح الكراهة لهذا الحديث ولما رواه البخاري من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم يمكث في مكانه يسيرًا، قال ابن شهاب: فنرى والله أعلم لكي ينفذ من ينصرف من النساء، ووجه التمسك بذلك أنهم اعتذروا عن المقام اليسير الذي صدر عنه عليه الصلاة والسلام وبينوا وجهه فدل ذلك على أن الإسراع بالقيام هو الأصل والمشروع، وأما القعود فإنما كان منه ليستوفي من الذكر ما يليق بالسلام الذي انفصل به من الصلاة ولينصرف النساء، وقد روى البخاري أيضًا عن سمرة بن جندب "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى أقبل بوجهه" رواه في [1386] وهذا يدل على أن إقباله على الناس كان متصلًا بفراغه ولم يكن يقعد، وقد روى أبو أحمد بن عدي في الكامل ما هو أنص من هذا كله عن أنس قال:"صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ساعةَ يُسلِّم يقومُ"، ثم صليت مع أبي بكر فكان إذا سلم وَثَب كأنَّه يَقُومُ عَنْ رَضْفَةٍ" الحجَرِ المُحمى على النارِ رواه في الكامل [4/ 1516] وهذا الحديث وإن لم يكن في الصحة مثل ما تقدم فهو عاضد للصحيح ومبين لمضمونه وإذا كره له القعود في موضع صلاته فأحرى وأولى أن تكره له الصلاة فيه، وقد روى أبو داود عن المغيرة بن شعبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يصلي الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول" رواه في [616] ويعتضد هذا من جهة المعنى بأن ذلك الموضع إنما استحقه الإمام للصلاة التي يقتدى به فيها فإذا فُرِغَتْ ساوى الناس وزال حُكْمُ الاختصاصِ والله أعلم اهـ منه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ثوبان بحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنهما فقال:
1229 -
(555)(213) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَزَادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ؛ قَال: كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إِلَى مُعَاويةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ وَسَلَّمَ، قَال:"لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُل شَيءٍ قَدِيرٌ. اللَّهمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيتَ. وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ. وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ"
ــ
1229 -
(555)(213)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) بن مخلد الحنظلي المروزي (أخبرنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة، من (8)(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي، ثقة، من (5)(عن المسيب بن رافع) الأسدي أبي العلاء الكوفي الأعمى، ثقة، من (4)(عن وراد مولى المغيرة بن شعبة) وكاتبه أبي سعيد الثقفي الكوفي، روى عن المغيرة في الصلاة واللعان والأحكام، ويروي عنه (ع) والمسيب بن رافع وعبدة بن أبي لبابة وعبد الملك بن عمير وأبو سعيد والشعبي وغيرهم، وثقه ابن حبان، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة (قال) وراد (كتب المغيرة بن شعبة) الثقفي الكوفي، الصحابي المشهور رضي الله عنه (إلى معاوية) بن أبي سفيان الخليفة الأموي الشامي الصحابي الجليل رضي الله عنه يعني بعدما كتب إليه معاوية سأله أي شيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سلم كما هو مصرح في أبي داود. وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم كوفيون إلَّا إسحاق بن إبراهيم فإنه مروزي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة) المكتوبة (وسلَّم) عطفُ تفسيرٍ لفرَغَ، أو سبب على مسبب، ورواية أبي داود (إذا سلم من الصلاة) فحسب (قال) أي يقول خبر كان، وإذا ظرف مجرد عن معنى الشرط متعلق به أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول وقت فراغه من الصلاة وتسليمه منها (لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) قال الحافظ في الفتح: زاد الطبراني من طريق أخرى عن المغيرة "يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير .. إلى قدير" ورواته موثقون، وثبت مثله عند البزار من حديث عبد الرحمن بن عوف بسند صحيح لكن في القول إذا أصبح وإذا أمسى اهـ (اللهم لا مانع لما أعطيت) أي الذي أعطيته (ولا معطي لما منعت) أي الذي منعته (ولا ينفع ذا الجد) بفتح الجيم فيهما أي لا ينفع صاحب الغنى والحظ من الدنيا (منك) أي عندك (الجد) أي غناؤه وإنما ينفعه الإيمان والطاعة
1233 -
(00)(00) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ،
ــ
والتقوى، وضبطه جماعة بكسر الجيم فيهما، قال في النهاية: أي لا ينفع ذا الغناء منك غناؤه وإنما ينفعه الإيمان والطاعة اهـ قال الجوهري: ومنك بمعنى عندك؛ ومعناه ولا ينفع صاحب الغنى عندك غناؤه وإنما ينفعه العمل بطاعتك ولا يحول بينه وبين ما يريده الله تعالى إذ لا حول ولا قوة إلَّا بالله، قال ابن الملك: ومنك معناه بَدَلَك ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ} أي بدلكم، والمعنى عليه ولا ينفع ذا الغنى غناه بدل طاعتك اهـ. والحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [245 و 247] والبخاري [844] وأبو داود [1505] والنسائي [3/ 70].
وهذا الحديث يدل على مشروعية هذا الذكر بعد الصلاة، وظاهره أنه يقول ذلك مرة، ووقع عند أحمد والنسائي وابن خزيمة أنه كان يقول الذكر المذكور ثلاث مرات، قال الحافظ في الفتح: وقد اشتهر على الألسنة في الذكر المذكور زيادة "ولا راد لما قضيت" وهو في مسند عبد بن حميد من رواية معمر بن عبد الملك بهذا الإسناد لكن حذف قوله "ولا معطي لما منعت" ووقع عند الطبراني تامًّا من وجه آخر انتهى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال:
1233 -
(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب) الكوفيان (وأحمد بن سنان) بنونين بن أسد بن حبان بكسر الموحدة المهملة القطان أبو جعفر الواسطي، روى عن أبي معاوية في الصلاة، وعبد العزيز بن مهدي في المناقب، ويحيى بن سعيد القطان ووكيع وابن مهدي وغيرهم، ويروي عنه (خ م د ق) وابن خزيمة وعدة، وقال أبو حاتم: ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من (11) الحادية عشرة، مات سنة [259] تسع وخمسين ومائتين (قالوا حدثنا أبو معاوية) الكوفي (عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكوفي (عن المسيب بن رافع) الكوفي (عن وراد مولى المغيرة بن شعبة) الكوفي (عن المغيرة) بن شعبة رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة الأعمش لمنصور بن المعتمر في رواية
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. قَال أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو كُرَيبٍ فِي رِوَايَتِهِمَا: قَال: فَأَمْلاهَا عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ. وَكَتَبْتُ بِهَا إِلَى مُعَاوَيةَ.
1234 -
(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ؛ أَنَّ وَرَّادًا مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَال: كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إِلَى مُعَاوَيةَ - كَتَبَ ذلِكَ الْكِتَابَ لَهُ وَرَّادٌ - إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، حِينَ سَلَّمَ،
ــ
هذا الحديث عن المسيب بن رافع، وفائدتها بيان كثرة طرقه مع بيان محل المخالفة (عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله (مثله) مفعول ثان لما عمل في المتابع وهو الأعمش أي حدثنا الأعمش عن المسيب بن رافع مثل ما حدث منصور عن المسيب ولكن (قال أبو بكر وأبو كريب في روايتهما) عن أبي معاوية (قال) وراد (فأملاها) أي أملى هذه الأذكار (عَلَيَّ المغيرةُ) بن شعبة، والإملاء حكاية القول لمن يكتبه كما مر في أوائل الكتاب (وكتبت بها) أي بهذه الأذكار مرسلة (إلى معاوية) بن أبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث المغيرة رضي الله عنه فقال:
1234 -
(00)(00)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي صدوق من (10)(حدثنا محمد بن بكر) الأزدي البرساني البصري، صدوق، من (9)(أخبرنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من (6)(أخبرني عبدة بن أبي لبابة) الأسدي الكوفي، ثقة، من (4)(أن ورادًا مولى المغيرة بن شعبة قال) وراد (كتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية) قال عبدة بن أبي لبابة (كتب ذلك الكتاب له) أي للمغيرة (وراد) مولاه وهذا مدرج من كلام الراوي لبيان الكاتب، ويحتمل كونه من كلام وراد على سبيل التجريد البياني (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين سلم) من صلاته الأذكار السابقة، وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مكي وواحد بصري وواحد بغدادي، غرضه بسوقه بيان متابعة ابن جريج لمنصور والأعمش في رواية هذا الحديث عن وراد ولكنها متابعة ناقصة لأن منصورًا والأعمش رويا عن وراد بواسطة المسيب بن رافع، وأما ابن جريج فروى عنه بواسطة عبدة بن أبي
بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا. إِلَّا قَوْلَهُ: "وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ" فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُر.
1235 -
(00)(00) وحدَّثنا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاويُّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، (يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ). ح قَال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي أَزْهَرُ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ؛ قَال: كَتَبَ مُعَاويةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ
ــ
لبابة، وقوله (بمثل حديثهما) متعلق بما عمل في المتابع وهو ابن جريج أي أخبرنا ابن جريج عن وراد بواسطة عبدة بمثل ما حدّث منصور والأعمش عن وراد بواسطة المسيب بن رافع (إلا قوله) صلى الله عليه وسلم (وهو على كل شيء قدير فإنه) أي فإن ابن جريج (لم يذكر) هـ أي لم يذكر في حديثه لفظ وهو على كل شيء قدير وهذا بيان لمحل المخالفة بين الروايتين.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث المغيرة رضي الله عنه فقال:
1235 -
(00)(00)(وحدثنا حامدبن عمر) بن حفص بن عمر بن عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي (البكراوي) نسبة إلى جده الأعلى أبي بكرة الصحابي رضي الله عنه أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، من (10) مات سنة (233)(حدثنا بشر يعني ابن المفضل) بن لاحق الرقاشي مولاهم أبو إسماعيل البصري، ثقة، من (8)(ح قال وحدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثني أزهر) بن سعد السمان الباهلي مولاهم أبو بكر البصري، روى عن ابن عون في الصلاة والهبة والوصايا والحدود والفضائل، وسليمان التيمي ويونس وآخرين، ويروي عنه (خ م د ت س) وابن المثنى وأحمد بن عثمان النوفلي وإسحاق الحنظلي والحسن الحلواني وغيرهم، وثقه ابن سعد وابن قانع، وأثنى عليه ابن معين وابن عون، وقال في التقريب: ثقة، من التاسعة، مات سنة (203) ثلاث ومائتين، حالة كون ابن المفضل وأزهر (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن) عبد الله (بن عون) بن أرطبان المزني مولاهم أبي عون البصري، ثقة ثبت، من (6)(عن أبي سعيد) عبد ربه بن سعيد الشامي، روى عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة في الصلاة، ويروي عنه (م) وابن عون، ثقة، من (4)(عن وراد كانب المغيرة بن شعبة) الكوفي (قال) وراد كتب معاوية) بن أبي سفيان (إلى المغيرة) بن شعبة يسأله عما يقوله النبي صلى الله عليه
بِمِثلِ حَدِيثِ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ.
1236 -
(00)(00) وحدَّثنا بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ. حَدَّثنَا سُفْيَانُ. حَدَّثنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيرٍ. سَمِعَا وَرَّادًا كَاتِبَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يَقُولُ: كَتَبَ مُعَاويَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ: اكْتُبْ إِلّيَّ بِشَيءِ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: فَكَتَبَ إِلَيهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، إِذَا قَضَى الصَّلاةَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ. اللَّهمَّ لَا
ــ
وسلم بعد الصلاة، وساق ابن عون (بمثل حديث منصور والأعمش) وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان وواحد شامي، غرضه بسوقه بيان متابعة ابن عون لمنصور والأعمش في رواية هذا الحديث عن وراد ولكنها متابعة ناقصة لأن ابن عون روى عن وراد بواسطة أبي سعيد، وأما منصور والأعمش فرويا عنه بواسطة المسيب بن رافع نظير متابعة ابن جريج لمنصور والأعمش كما مر آنفًا، والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال:
1236 -
(00)(00)(وحدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر المكي) أبو عبد الله العدني، صدوق، من (10)(حدثنا سفيان) بن عيينة الهلالي الكوفي ثم المكي، ثقة، من (8)(حدثنا عبدة بن أبي لبابة) الكوفي (وعبد الملك بن عمير) بن سويد اللخمي الكوفي، ثقة، من (3) كلاهما (سمعا ورادًا كلاتب المغيرة بن شعبة) ومولاه الكوفي، حالة كون وراد (يقول كتب معاوية) بن أبي سفيان (إلى المغيرة) بن شعبة أن (اكتب إليّ بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعد الصلاة (قال) وراد (فكتب) المغيرة (إليه) أي إلى معاوية إني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقول إذا قضى الصلاة) المكتوبة وأتمها وفرغ منها، وإذا ظرف مجرد عن معنى الشرط متعلق بيقول، وقوله (لا إله إلَّا الله) إلى آخره مقول ليقول؛ أي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وقت قضائه وإتمامه الصلاة لا إله إلَّا الله (وحده) في ذاته وصفاته (لا شريك له) في أفعاله (له الملك) بضم الميم أي أصناف المخلوقات كلها (وله الحمد) على كل نعمه (وهو على كل شيء) من الممكنات (قدير) أي قادر (اللهم لا
مَانِعَ لِمَا أَعْطَيتَ. وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ. وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ".
1237 -
(556)(214) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ؛ قَال: كَانَ ابْنُ الزُّبَيرِ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ، حِينَ يُسَلِّمُ: "لا إِلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُل شَيءٍ قَدِيرٌ. لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللهِ. لَا إِلَهَ
ــ
مانع) بترك التنوين في مانع على أنه اسم مفرد مبني على الفتح لتضمنه معنى من الاستغراقية، والخبر محذوف جوازًا أي لا مانع مانع (لما أعطيت) واللام متعلق بالخبر المحذوف، فائدتها تقوية العامل، وجوّز حذف الخبر ذكر مثل المحذوف وحسنه دفع التكرار، وكذا يقال في قوله (ولا معطي لما منعت) أي ولا معطي معط لما منعته (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم كوفيون إلَّا ابن أبي عمر فإنه مكي عدني، وغرضه بسوقه بيان متابعة سفيان بن عيينة لمنصور والأعمش وابن جريج في رواية هذا الحديث عن وراد ولكنها متابعة ناقصة بالنسبة إلى منصور والأعمش وتامة بالنسبة إلى ابن جريج.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث ثوبان بحديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهم فقال:
1237 -
(556)(214)(وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي (حدثنا هشام) بن عروة الأسدي المدني، ثقة فقيه ربما دلس، من (5)(عن أبي الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم المكي، صدوق، من (4)(قال) أبو الزبير (كان) عبد الله (بن الزبير) بن العوام الأسدي أبو خبيب المدني. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان كوفيان وواحد مكي أي كان عبد الله بن الزبير (يقول في دبر كل صلاة) مكتوبة أي عقبها (حين يسلم) منها، قال الداودي عن ابن الأعرابي: دُبُر الشيء بالضم والفتح آخر أوقاته والصحيح الضم كما قال النواوي، ولم يذكر الجوهري وآخرون غيره، وفي القاموس: الدُّبُر بضمتين نقيض القُبُل ومن كل شيء عقبه، وبفتحتين الصلاة في آخر وقتها اهـ عون؛ أي كان ابن الزبير يقول عقب كل صلاة مفروضة ولو بعد سنة (لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلَّا بالله لا إله
إِلَّا اللهُ. وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ. وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ. لا إِلَهَ إِلا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ". وَقَال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ.
1238 -
(00)(00) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، مَوْلًى لَهُمْ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيرِ كَانَ يُهَلِّلُ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ، بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيرٍ. وَقَال فِي آخِرِهِ: ثُمَّ
ــ
إلَّا الله ولا نعبد إلَّا إياه له النعمة وله الفضل) أي التفضل على عباده والإحسان إليهم (وله الثناء الحسن) أي الجميل اللائق بجلاله وكماله (لا إله إلَّا الله) أي نُقِر له الوحدانية، حالة كوننا (مخلصين له الدين) أي العمل عن ملاحظة المخلوق (ولو كره الكافرون) أي وإن كره المشركون إخلاصنا العمل له تعالى (وقال) ابن الزبير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل) أي يرفع صوته (بهن) أي بتلك الكلمات (دُبُر كل صلاة) أي عقب كل صلاة مفروضة، والحديث يدل على مشروعية هذا الذكر بعد الصلاة مرة واحدة لعدم ما يدل على التكرار قاله الشوكاني. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 4]، وأبو داود [506 و 507]، والنسائي [3/ 75].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما فقال:
1238 -
(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي أبو محمد الكوفي، اسمه عبد الرحمن، ثقة، من (8)(عن هشام بن عروة) بن الزبير الأسدي المدني (عن أبي الزبير) محمد بن مسلم الأسدي المكي، وقوله (مولى لهم) أي لبني أسد بدل من أبي الزبير (أن عبد الله بن الزبير) بن العوام رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة عبدة بن سليمان لعبد الله بن الزبير في رواية الحديث عن هشام بن عروة (كان) أي عبد الله (يهلل) أي يرفع صوته بهذه الكلمات (دبر كل صلاة) مكتوبة، وقوله (بمثل حديث) عبد الله (بن نمير) متعلق بحدثنا عبدة لأنه العامل في المتابع أي حدثنا عبدة بن سليمان بمثل حديث ابن نمير في اللفظ والمعنى (و) لكن (قال) عبدة (في آخره) أي في آخر ذلك المثل (ثم) بعد هذه
يَقُولُ ابْنُ الزُّبَيرِ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ.
1239 -
(00)(00) وحدّثني يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ. حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيرِ قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيرِ يَخْطُبُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ. وَهُوَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، إِذَا سَلَّمَ، فِي دُبُرِ الصَّلاةِ أَو الصَّلَوَاتِ فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
1240 -
(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ
ــ
الكلمات (يقول ابن الزبير) بدل قول عبد الله بن نمير "وقال"(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن) أي يرفع بهذه الكلمات صوته (دبر كل صلاة) مكتوبة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما فقال:
1239 -
(00)(00)(وحدثني يعقوب بن إبراهيم) بن كثير العبدي (الدورقي) أبو يوسف البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا) إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم القرشي الأسدي مولاهم أبو بشر البصري المعروف بـ (ابن علية) اسم أمه، ثقة، من (8)(حدثنا الحجاج بن أبي عثمان) ميسرة الكندي مولاهم أبولصلت البصري، ثقة، من (6)(حدثني أبو الزبير) المكي (قال) أبو الزبير (سمعت عبد الله بن الزبير يخطب على هذا المنبر) النبوي أو المكي لم أر من عيّن أحدهما؛ يعني في زمن إمارته. وهذا السند أيضًا من خماسياته رجاله اثنان منهم بصريان وواحد مدني وواحد مكي وواحد بغدادي، غرضه بسوقه بيان متابعة حجاج بن أبي عثمان لهشام بن عروة في رواية هذا الحديث عن أبي الزبير (و) سمعته أيضًا و (هو يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سلم في دبر الصلاة) أي عقب الصلاة المكتوبة، والجار والمجرور بدل من الظرف المذكور قبله أي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وقت تسليمه من الصلاة عقب الصلاة (أو) قال أبو الزبير في دبر (الصلوات) بلفظ الجمع، والشك من حجاج بن أبي عثمان (فذكر) حجاج (بمثل حديث هشام بن عروة) سواءً بسواء.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما فقال:
1240 -
(00)(00)(وحدثني محمد بن سلمة) بن عبد الله بن أبي فاطمة
الْمُرَادِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الله بْنِ سالِمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ؛ أَنَّ أَبَا الزُّبَيرِ الْمَكِّيَّ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيرِ وَهُوَ يَقُولُ، فِي إِثْرِ الصَّلاةِ إِذَا سَلَّمَ، بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا. وَقَال فِي آخِرِهِ: وَكَانَ يَذْكُرُ ذلِكَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم.
1241 -
(557)(215) حدَّثنا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيمِيُّ. حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ. حَدَّثنَا عُبَيدُ اللهِ
ــ
(المرادي) الجملي أبو الحارث المصري الفقيه، ثقة، من (11)(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم المصري، ثقة، من (9)(عن يحيى بن عبد الله بن سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي العمري المدني، صدوق، من (8)(عن موسى بن عقبة) بن أبي عياش بتحتانية ومعجمة الأسدي مولاهم المدني، ثقة، من (5)(أن أبا الزبير المكي حدثه) أي حدث موسى بن عقبة (أنه) أي أن أبا الزبير (سمع عبد الله بن الزبير وهو) أي والحال أن عبد الله (يقول) الذكر المذكور (في إثر الصلاة) أي عقب الصلاة المفروضة (إذا سلم) وفرغ منها. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان مدنيان واثنان مصريان، غرضه بسوقه بيان متابعة موسى بن عقبة لهشام بن عروة وحجاج بن أبي عثمان في رواية هذا الحديث عن أبي الزبير، وساق موسى بن عقبة (بمثل حديثهما) أي بمثل حديث هشام وحجاج (و) لكن (قال) موسى بن عقبة (في آخره) أي في آخر ذلك المثل الذي ساقه لفظة (وكان) ابن الزبير (يذكر ذلك) الذكر ويرويه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عن رأيه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ثوبان بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال:
1241 -
(557)(215)(حدثنا عاصم بن النضر) بن المنتشر الأحول (التيمي) أبو عمرو البصري، روى عن المعتمر بن سليمان في الصلاة وغيرها، وخلف بن الحارث في مواضع، وخالد بن الحارث، ويروي عنه (م د س) وأبو يعلى، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من العاشرة (حدثنا المعتمر) بن سليمان التيمي أبو محمد البصري، من (9)(حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن
ح قَال: وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ كِلاهُمَا عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ - وَهَذا حَدِيثُ قُتَيبَةَ - أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. فَقَال: "وَمَا ذاكَ؟ " قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي
ــ
الخطاب القرشي العدوي العمري أبو عثمان المدني أحد الفقهاء السبعة، ثقة، من (5)(ح قال وحدثنا قتببة بن سعيد) بن طريف الثقفي البلخي (حدثنا ليث) بن سعد الفهمي المصري (عن) محمد (بن عجلان) القرشي مولاهم أبي عبد الله المدني صدوق، من (5)(كلاهما) أي كل من عبيد الله بن عمر ومحمد بن عجلان رويا (عن سُميٍّ) مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أبي عبد الله المدني، ثقة، من (6)(عن أبي صالح) ذكوان السمان المدني القيسي مولاهم مولى جويرية بنت قيس القيسية، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) الدوسي المدني. وهذان السندان من سداسياته رجال الأول منهما أربعة منهم مدنيون واثنان بصريان، ورجال الثاني أيضًا أربعة منهم مدنيون وواحد مصري وواحد بلخي، ومن لطائفه أن فيه رواية الأكابر من الأصاغر (وهذا) الآتي لفظ (حديث قتيبة) بن سعيد (أن فقراء المهاجرين) ومساكينهم، خص المهاجرين بالذكر لأن الفقر فيهم كان أكثر منه في الأنصار لانتقال المهاجرين رضي الله عنهم عن أموالهم التي بمكة اهـ أبي (أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءوه يشكون إليه فقرهم بسبب فقد ما يتصدقون به (فقالوا) وفيهم أبو ذر كما في رواية أبي داود (ذهب أهل الدثور) بضم الدال جمع دثر -بفتح الدال وسكون الثاء المثلثة- وهو المال الكثير، قال الهروي: يقال مال دثر ومالان دثر وأموال دثر، وحكى أبو عمر المطرز: إن الدثر بالثاء يثنى ويجمع، ومنه هذا الحديث أي استبد أهل الأموال الكثيرة (بالدرجات العلى) في الجنة أو المراد علو القدر عند الله تعالى جمع العليا تأنيث الأعلى ككبرى وكبر، والبَاءُ للتعدية أي أذهبوها وأزالوها وذكر ملا علي عن الطِّيبِيِّ كونها للمصاحبة فيكون المعنى استصحبوها معهم ولم يتركوا لنا شيئًا (و) بـ (النعيم المقيم) أي الدائم المستحق بالصدقة وهو نعيم الآخرة وعيش الجنة بخلاف النعيم العاجل فإنه على وَشَكِ الزوالِ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما ذاك) أي وما سبب ذاك الشكوى (قالوا يصلون كما نصلي) ما كافة تُصحح دخول الجار على الفعل، وتفيد تشبيه الجملة بالجملة كقولك يكتب زيد كما يكتب عمرو، أو مصدرية كما في قوله تعالى:{بِمَا رَحُبَتْ} أي
وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ. وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ. ويعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ؟ وَلَا يَكُونَ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ" قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَال: "تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ، دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ، ثَلاثًا وَثَلاثِينَ مَرَّةً"
ــ
صلاتهم مثل صلاتنا، وكذا يقال في (ويصومون كما نصوم) أي وصومهم مثل صومنا. زاد في حديث أبي الدرداء عند النسائي في اليوم والليلة "ويذكرون كما نذكر" وللبزار من حديث ابن عمر "وصدّقوا تصديقنا وآمنوا إيماننا"(ويتصدقون) من فضول أموالهم (ولا نتصدق ويعتقون) الرقاب (ولا نعتق فقال) لهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا أعلمكم) والفاء زائدة كما تدل عليه رواية البخاري "ألا أحدثكم بشيء" أي ألا أعلمكم (شيئًا) إن أخذتم به (تدركون به) أي بذلك الشيء (من سبقكم) من أهل الأموال في الدرجات العلا والنعيم المقيم (وتسبقون به من بعدكم) أي تسبقون به أمثالكم الذين لا يقولون هذه الأذكار فتكون البعدية بحسب الرتبة اهـ مبارق، ويحتمل أن يكون إدراكهم من سبَقَهُم، وسَبْقُهم من بعدهم يكون ببركة وجوده صلى الله عليه وسلم وكونهم من قرنه الذي هو خير القرون اهـ مرقاة، قال القسطلاني: والسبقية المذكورة رجح ابن دقيق العيد أن تكون معنوية، وجوّز غيره أن تكون حسية، قال الحافظ: والأول أولى اهـ (ولا يكون أحد) لا من أصحاب الأموال ولا من غيرهم (أفضل منكم إلَّا من صنع) من الأغنياء (مثل ما صنعتم) من الأذكار فلستم خيرًا منه.
(فإن قلت) ما معنى هذا الكلام لأن الاستثناء يقتضي ثبوت الأفضلية للمستثنى وهو مماثل للمستثنى منه لقوله صلى الله عليه وسلم "مثل ما صنعتم"(قلت) معناه لا يكون أحد من الأغنياء يزيد عليكم بصدقته في الثواب بل أنتم أفضل بهذه الأذكار إلَّا من يقول منهم هذه الأذكار فيزيد عليكم بصدقته اهـ ابن الملك.
(قالوا) أي قال فقراء المهاجرين (بلى يا رسول الله) عفمنا ذلك الشيءَ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (تسبحون) دبر كل صلاة مكتوبة ثلاثًا وثلاثين مرة (وتكبرون) دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة (وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة) قال ابن الملك: معناه يكون جميعها ثلاثًا وثلاثين مرة لكن الأظهر أن كل واحد من
قَال أَبُو صَالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالُوا: لسَمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا. فَفَعَلُوا مِثْلَهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ".
وَزَادَ غَيرُ قُتَيبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ اللَّيثِ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ: قَال سُمَيٌّ: فَحَدَّثْتُ بَعْضَ أَهْلِي هَذَا الْحَدِيثَ. فَقَال:
ــ
الأذكار يكون ثلاثًا وثلاثين مرة اهـ وقال القسطلاني: فالمجموع لكل فرد فرد والأفعال الثلاثة تنازعت في الظرف - وهو دبر بمعنى خلف كما في رواية البخاري - وفي ثلاثًا وثلاثين وهو مفعول مطلق، وقيل المراد المجموع للجميع فإذا وزع كان لكل واحد من الثلاثة أحد عشر وبدأ بالتسبيح لأنه يتضمن نفي النقائص عنه تعالى، ثم ثنى بالتحميد لأنه يتضمن إثبات الكمال له تعالى إذ لا يلزم من نفي النقائص إثبات الكمال، ثم ثلث بالتكبير إذ لا يلزم من نفي النقائص وإثبات الكمال نفي أن يكون هناك كبير آخر، وقد وقع في رواية ابن عجلان تقديم التكبير على التحميد ومثله لأبي داود من حديث أم حكيم وله في حديث أبي هريرة يكبر ويحمد ويسبح، وهذا الاختلاف يدل على أَنْ لا ترتيب. فيه ويستأنس له بقوله في حديث الباقيات الصالحات لا يضرك بأيهن بدأت لكن ترتيب حديث الباب الموافق لأكثر الأحاديث أولى لما مر، اهـ منه.
(قال أبو صالح) بالسند السابق (فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا) له (سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا) أي بما قلنا (ففعلوا) أي قالوا (مثله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك) المال الذي سبقوكم به بعد فعلهم ما فعلتم (فضل الله) سبحانه وعطاؤُه (يؤتيه من يشاء) من عباده فلا تنافسوا فيه. (وزاد غير قتيبة) بن سعيد، قال الحافظ ابن حجر: والغير المذكور يحتمل أن يكون شعيب بن الليث أو سعيد بن أبي مريم فقد أخرجه أبو عوانة في مستخرجه عن الربيع بن سليمان عن شعيب، وأخرجه الجوزقي والبيهقي من طريق سعيد، وتبين بهذا أن في رواية عبيد الله بن عمر عن سُمَي في حديث الباب إدراجًا، وقد روى ابن حبان هذا الحديث من طريق المعتمر بن سليمان بالإسناد المذكور ولم يذكر قوله فاختلفنا، اهـ منه (في هذا الحديث) المذكور، حال كون ذلك الغير راويًا (عن الليث عن ابن عجلان) قال (قال سُمَيّ: فحدثت بعض أهلي) وأقاربي (هذا الحديث فقال) ذلك البعض لي
وَهِمْتَ. إِنَّمَا قَال: "تُسَبِّحُ الله ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَتَحْمَدُ الله ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَتُكَبِّرُ الله ثَلاثًا وَثَلاثِينَ" فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي صَالِحِ فَقُلْتُ لَهُ ذلِكَ. فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَال: اللهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ الله وَالْحَمْدُ للهِ. اللهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ الله وَالْحَمْدُ لِلهِ. حَتَّى تَبْلُغَ مِنْ جَمِيعِهِنَّ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ.
قَال ابْنُ عَجْلانَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ رَجَاءَ بْنَ حَيوَةَ فَحَدَّثَنِي بِمِثْلِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
(وهمت) وأخطأت يا سُميّ في قولك إن المجموع ثلاث وثلاثون كما هو المفهوم من الرواية السابقة (إنما قال) أبو صالح في الحديث (تسبح الله ثلاثًا وثلاثين، وتحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وتكبر الله ثلاثًا وثلاثين) قال سُميّ (فرجعت إلى أبي صالح فقلت له) أي لأبي صالح (ذلك) الكلام الذي قاله بعض أهلي (فأخد) أبو صالح (بيدي فقال) لي تقول (الله أكبر وسبحان الله والحمد لله، الله أكبر وسبحان الله والحمد لله، حتى تبلغ) وتكمل (من جميعهن) أي من كل فرد فرد من هذه الكلمات الثلاث (ثلاثًا وثلاثين) مرة (قال) محمد (بن عجلان) بالسند السابق (فحدثت بهذا الحديث) الذي سمعته من سُميّ (رجاء بن حيوة) الكندي الفلسطيني، ثقة، من الثالثة، مات سنة (112) اثنتي عشرة ومائة (فحدثني) رجاء (بمثله) أي بمثل ما حدثني سُميّ (عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القسطلاني: وهل العدد المذكور للجميع أو المجموع، ورواية ابن عجلان ظاهرها أن العدد للجميع لأنه قال "حتى تبلغ من جميعهن ثلاثًا وثلاثين" ورجحه بعضهم للإتيان فيه بواو العطف حين قال "الله أكبر وسبحان الله والحمد لله" والمختار أن الإفراد أولى لتميزه باحتياجه إلى العدد، وله على كل حركة لذلك سواء كان بأصابعه أَوْ بغيرها ثواب لا يحصل لصاحب الجمع منه إلَّا الثلث، ثم إن الأفضل الإتيان بهذا الذكر متتابعًا في الوقت الذي عين فيه. وهل إذا زيد على العدد المنصوص عليه من الشارع يحصل ذلك الثواب المترتب عليه أم لا؟ قال بعضهم: لا يحصل لأن لتلك الأعداد حكمة وخاصية، وإن خفيت علينا لأن كلام الشارع لا يخلو عن حكم فربما تفوت بمجاوزة ذلك العدد، والمعتمد الحصول لأنه قد أتى بالمقدار الذي رتب على الإتيان به ذلك الثواب فلا تكون الزيادة مزيلة له بعد حصوله بذلك العدد، أشار إليه الحافظ زين الدين العراقي اهـ منه. وشارك المؤلف في رواية هذا
1242 -
(00)(00) وحدَّثني أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيشِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعٍ. حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ بِمِثْلِ حَدِيثِ قُتَيبَةَ عَنِ اللَّيثِ. إِلَّا أَنَّهُ أَدْرَجَ، فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ، قَوْلَ أَبِي صَالِحٍ: ثُمَّ رَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ. إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ. وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: يَقُولُ سُهَيلٌ: إِحْدَى
ــ
الحديث البخاري [843]، وأبو داود [1504].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1242 -
(00)(00)(وحدثني أمية بن بسطام) بمنع الصرف للعلمية والعجمة و (العيشي) نسبة إلى بني عائش بن مالك بن تيم الله سكنوا البصرة كذا في اللباب، أبو بكر البصري، صدوق، من (10)(حدثنا يزيد بن زريع) بزاي ثم راء مهملة مصغرًا التيمي العيشي أبو معاوية البصري، ثقة، من (8)(حدثنا روح) بن القاسم التميمي العنبري أبو غياث بكسر المعجمة البصري، ثقة، من (6)(عن سهيل) بن أبي صالح السمان أبي يزيد المدني، صدوق، من (6)(عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان المدني، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) الدوسي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة بصريون، غرضه بسوقه بيان متابعة سهيل لسُميّ في رواية هذا الحديث عن أبي صالح (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم) أي أن فقراء المهاجرين والمراد فقراء الصحابة، وأضافهم إلى المهاجرين لأن أكثرهم كان منهم لخروجهم عن أموالهم التي بمكة طلبًا لرضا الله تعالى ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم (قالوا يا رسول الله ذهب) أي أخذ وفاز (أهل الدثور) والأموال الكثيرة (بالدرجات العلى) والمقام السامي عند الله تعالى (والنعيم المقيم) أي الدائم الذي لا يزول الذي هو نعيم الجنة وعيش الاخرة بسبب تصدقهم فضولَ أموالهم، وقوله (بمثل حديث قتيبة عن الليث) متعلق بحدثني أمية لأنه المتابع (إلا أنه) أي إلَّا أن أمية بن بسطام (أدرج في حديث أبي هريرة قول أبي صالح) السمان يعني قوله (ثم رجع فقراء المهاجرين) من أوله (إلى آخر الحديث وزاد) أمية على قتيبة (في) آخر (الحديث) بعد قوله "حتى تبلغ من جميعهن ثلاثة وثلاثين" ذِكْرًا، أي زاد لفظة (يقول سهيل) حتى تقول من جميعهن (إحدى
عَشْرَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ فَجَمِيعُ ذلِكَ كُلُّهُ ثَلاثَةٌ وَثَلاثونَ.
1243 -
(558)(216) وحدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى
ــ
عشرة) مرة (إحدى عشرة) مرة يعني تقول من كل من الأذكار الثلاثة إحدى عشرة مرة (فجميع ذلك) العدد (كله) من الأذكار الثلاثة الذي هو إحدى عشرة أي فمجموع ذلك العدد من الأذكار الثلاثة (ثلاثة وثلاثون) ذِكْرًا، قال الحافظ ابن حجر: يعني سهيل أن يكون المجموع للجميع فإذا وُزع على الثلاثة كان لكل واحد إحدى عشرة مرة لكن لم يتابع سهيل على ذلك بل لم أر في شيء من طرق الحديث كلها التصريح بإحدى عشرة إلَّا في حديث ابن عمر عند البزار وإسناده ضعيف، والأظهر أن المراد أن المجموع لكل فرد فرد فعلى هذا ففيه تنازع ثلاثة أفعال في ظرف ومصدر، والتقدير: تسبحون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمدون كذلك وتكبرون كذلك اهـ بتصرف، قال النواوي في كيفية عدد التسبيحات والتحميدات والتكبيرات: أن أبا صالح قال يقال: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ثلاثًا وثلاثين مرة، وذكر بعد هذه الطريق طرقًا غير طريق أبي صالح، وظاهرها أنه يسبح ثلاثًا وثلاثين مستقلة، ويكبر ثلاثًا وثلاثين مستقلة، ويحمد كذلك وهذا ظاهر الأحاديث، قال القاضي عياض: وهو أولى من تأويل أبي صالح، وأما قول سهيل إحدى عشرة إحدى عشرة فلا ينافي رواية الأكثرين ثلاثًا وثلاثين بل معهم زيادة يجب قبولها، وفي رواية تمام المائة "لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له" إلخ، وفي رواية أن التكبيرات أربع وثلاثون، وكلها زيادات من الثقات يجب قبولها فينبغي أن يحتاط الإنسان فيأتي بثلاث وثلاثين تسبيحة ومثلها تحميدات وأربع وثلاثين تكبيرة ويقول معها لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له إلى آخرها ليجمع بين الروايات اهـ منه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ثوبان خامسًا بحديث كعب بن عجرة رضي الله عنهما فقال:
1243 -
(558)(216)(وحدثنا الحسن بن عيسى) بن ماسرجس بفتح المهملة، وسكون الراء وكسر الجيم بعدها مهملة الحنظلي أبو علي النيسابوري مولى ابن مبارك أسلم على يديه، روى عن عبد الله بن المبارك في الصلاة والجنائز وأبي الأحوص ويروي عنه (م د) وأحمد بن حنبل والبغوي وابن صاعد وخلف وثقه الدارقطني والخطيب وقال في التقريب: ثقة، من العاشرة، مات بالثعلبية سن (240) أربعين ومائتين منصرفًا
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ. أَخبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ. قَال: سَمِعْتُ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَال:"مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ، (أَوْ فَاعِلُهُنَّ)، دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ. ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً. وَثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً. وَأرْبَعٌ وَثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً".
1244 -
(00)(00) حدَّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ
ــ
من الحج (أخبرنا) عبد الله (بن المبارك) بن واضح الحنظلي مولاهم أبو عبد الرحمن المروزي أحد الأئمة الأعلام وأحد شيوخ الإسلام، ثقة، من (8)(أخبرنا مالك بن مغول) بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح الواو البجلي أبو عبد الله الكوفي أحد علماء الكوفة، ثقة ثبت، من كبار (7)(قال) مالك (سمعت الحكم بن عتيبة) الكندي أبا عبد الله الكوفي، ثقة، من (5) حالة كونه (يُحدِّث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) يسار الأنصاري الأوسي أبي عيسى الكوفي، ثقة، من (2) قال عبد الله بن الحارث: ما ظننت أن النساء ولدن مثله (عن كعب بن عجرة) بن أمية الأنصاري أبي محمد المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مروزي وواحد نيسابوري (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال معقبات) جمع معقبة بصيغة اسم الفاعل، والمعقب ما جاء عقب ما قبله وهي مبتدأ سوغ الابتداء بالنكرة وصفه بما بعده أي كلمات تقال عقب الصلاة، وجملة (لا يخيب قائلهن) أي لا يخسر ولا يحرم عن الثواب الآتي بهن صفة له (أو فاعلهن) شك من الراوي، وقوله (دبر كل صلاة مكتوبة) ظرف للقول، وقوله (ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة) خبره اهـ من المبارق. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي [3409] والنسائي [3/ 75].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه فقال:
1244 -
(00)(00)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان البصري (الجهضمي) أبو عمر الأزدي، ثقة ثبت، من (10)(حدثنا أبو أحمد) محمد بن عبد الله بن
حَدَّثَنَا حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ قَال:"مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ، (أَوْ فَاعِلُهُنَ)، ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً. وَثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً. وَأرْبَعٌ وَثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً. فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ".
1245 -
(00)(00) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ
ــ
الزبير بن عمرو بن درهم الزبيري مولاهم الكوفي ثقة ثبت إلَّا أنه قد يخطئ في حديث الثوري من (9)(حدثنا حمزة) بن حبيب بن عمارة (الزيات) التيمي مولى تيم الله من ربيعة أبو عمارة الكوفي أحد القراء السبعة كان من علماء أهل زمانه بالقراءات وكان من خيار عباد الله عبادة وفضلًا وورعًا ونسكًا، وكان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان ويجلب من حلوان الجوز والجبن إلى الكوفة، قال ابن معين: ثقة، وقال الساجي: صدوق سيء الحفظ ليس بمتقن في الحديث، وقال في التقريب: صدوق زاهد ربما وهم، من السابعة، مات سنة (157) سبع أو ثمان وخمسين ومائة بحلوان (عن الحكم) بن عتيبة الكندي الكوفي (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) يسار الأنصاري الكوفي (عن كعب بن عجرة) الأنصاري المدني رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد بصري، غرضه بسوقه بيان متابعة الزيات لمالك بن مغول في رواية هذا الحديث عن الحكم بن عتيبة، وفائدتها بيان كثرة طرقه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) كلمات (معقبات) أي مقولات عقب الصلاة المكتوبة (لا يخيب) أي لا يحرم (قائلهن أو فاعلهن) أي الآتي بهن أجرها بل يثاب عليها (ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة) وقوله (في دبر كل صلاة) مكتوبة ظرف للقول أي كلمات لا يُحرم قائلهن خَلْف كل صلاة ثلاثٌ وثلاثون تسبيحة إلخ، وكرر متن الحديث لاختلاف الروايتين بتقديم الظرف وتأخيرها وبزيادة لفظة في الرواية الأخيرة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه فقال:
1245 -
(00)(00)(حدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10)(حدثنا أسباط بن محمد) بن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة القرشي
حَدَّثنَا عَمْرُو بْنُ قَيسٍ الْمُلائِيُّ عَنِ الْحَكَمِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ
ــ
مولاهم أبو محمد الكوفي، روى عن عمرو بن قيس الملائي في الصلاة، وهشام بن حسان في الجنائز، والأعمش في الجهاد، وزكرياء بن أبي زائدة في الفضائل، وعدة، وبروي عنه (ع) ومحمد بن حاتم وإسحاق الحنظلي ومحمد بن عبد الله بن نمير وغيرهم، وثقه ابن معين، وقال في موضع: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: صالح، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال في التقريب: ثقة ضعيف في الثوري، من (9) التاسعة، مات سنة (200) مائتين (حدثنا عمرو بن قيس الملائي) بضم الميم وتخفيف اللام والمد أبو عبد الله الكوفي، ثقة متقن عابد، من (6)(عن الحكم) بن عتيبة الكندي الكوفي، وقوله (بهذا الإسناد) متعلق بقوله حدثنا عمرو لأنه العامل في المتابع، والضمير في قوله (مثله) عائد إلى المتابع المذكور في السند السابق وهو حمزة الزيات وهو مفعول ثان لحدثنا عمرو، والتقدير حدثنا الملائي عن الحكم مثل ما حدث الزيات عن الحكم، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عمرو لحمزة.
قال الهروي: قال سمرة: معنى هذا الحديث تسبيحات تفعل أعقاب الصلاة، وقال أبو الهيثم: سميت معقبات لأنها تفعل مرة بعد أخرى، وقوله تعالى:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ} أي ملائكة يعقب بعضهم بعضًا، واعلم أن حديث كعب بن عجرة هذا ذكره الدارقطني في استدراكاته على مسلم، وقال: الصواب أنه موقوف على كعب لأن من رفعه لا يقاومون من وقفه في الحفظ، وهذا الذي قاله الدارقطني مردود لأن مُسْلِمًا رَواهُ من طرق كلها مرفوعة، وذكره الدارقطني أيضًا من طرق أخرى مرفوعةٍ، وإنما رُوي موقوفًا من جهة منصور وشعبة، وقد اختلفوا عليهما أيضًا في رفعه ووقفه وبَيَّن الدارقطني ذلك، وقد قدَّمْنَا في الفُصول السابقة في أول هذا الشرح أن الحديث الذي رُوي موقوفًا ومرفوعًا يحكم بأنه مرفوع على المذهب الصحيح الذي عليه الأصوليون والفقهاء والمحققون من المحدثين منهم البخاري وآخرون حتى لو كان الواقفون أكثر من الرافعين حُكم بالرفع، كيف والأمر هنا بالعكس ودليله ما سبق أن هذه زِيادة ثقةٍ فوَجَبَ قبولها ولا ترد لنسيان أو تقصير حصل بمَنْ وَقَفه والله أعلم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث ثوبان بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنهما فقال:
1246 -
(559)(217) حدّثني عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيدِ الْمَذْحِجِيِّ - قَال مُسْلِمٌ: أبُو عُبَيدِ مَوْلَى سُلَيمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ - عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم "مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ. وَحَمِدَ اللهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ. وَكَبَّرَ اللهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ. فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ. وَقَال: تَمَامَ الْمِائَةِ:
ــ
1246 -
(559)(217)(حدثني عبد الحميد بن بيان) بن زكريا اليشكري أبو الحسن (الواسطي) صدوق، من (10)(أخبرنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن بن يزيد المزني مولاهم أبو الهيثم الواسطي الطحان، ثقة، من (8)(عن سهيل) بن أبي صالح ذكوان السمان أبي يزيد المدني، صدوق، من (6)(عن أبي عبيد) المدني اسمه حَي، وقيل حُيَيٌّ بتحتانيتين، وقيل حُوَيُّ بن أبي عَمرو، وقيل عبدُ الملك (المَذْحِجيُّ) -بفتح الميم وسكون الذال المعجمة ثم حاء مهملة مكسورة ثم جيم- منسوب إلى مذحج بوزن مسجد قبيلة معروفة، روى عن عطاء بن يزيد الليثي في الصلاة، وأنس وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، ويروي عنه (م د س) وسهيل بن أبي صالح والأوزاعي ومالك وميسرة بن معبد وآخرون، ثقة، من الخامسة، مات بعد المائة، قال أبو إسحاق إبراهيم بن محمد راوي المؤلف (قال) لنا الإمام (مسلم) بن الحجاج رحمه الله تعالى (أبو عبيد) الذي روى عنه سهيل بن أبي صالح هو (مولى سليمان بن عبد الملك) وحاجبه (عن عطاء بن يزيد الليثي) الجندعي أبي يزيد المدني نزيل الشام (عن أبي هريرة) الدوسي المدني. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان واسطيان (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من سبح الله في دبر كل صلاة) أي خلف كل صلاة مكتوبة (ثلاثًا وثلاثين) تسبيحة (وحمد الله ثلاثًا وثلاثين) تحميدة (وكبر الله ثلاثًا وثلاثين) تكبيرة (فتلك) الأعداد المذكورة في الأذكار الثلاثة (تسعة وتسعون) لفظًا (وقال تمام المائة) معطوف على سبح، وفي بعض النسخ "قال" بغير عاطف ولكنه مقدر وهو كذلك في نسخة المشارق فجعله ابن الملك بدلًا من سبح وهو لفظ الرسول وضميره إلى المصلِّي وتمامَ المائة بالنصب ظرف أي في وقت تمام المائة، والعامل فيه قال أو مفعول به لقال والمراد من تمام المائة ما يتم به المائة، وهو في المعنى جملة لأن ما بعده عطف
"لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ".
1248 -
(00)(00) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ
ــ
بيان له أو بدل فصحّ كونه مقول القول، وقيل يجوز رفع تمام على أن يكون مبتدأ وما بعده خبر وهو لا إله إلَّا الله إلخ فيكون تمام مع خبره حالًا من ضمير يسبح، فلفظة قال على هذا تكون للراوي، وضميره عائد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن الوجه الأول أولى وعلى كلا التوجيهين الجزاء إنما يترتب على الشرط إذا وقع تمام المائة التهليل المذكور (لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غُفِرت خطاياه) هذا جواب الشرط وهو من سبح الله وما عطف عليه، والمراد بالخطايا الصغائر ويحتمل كونها الكبائر لسعة فضل الله تعالى (وإن كانت) تلك الخطايا في الكثرة أو العظمة (مثل زبد البحر) وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه وتموجه اهـ من المرقاة، وهذا الحديث من أفراد المؤلف رحمه الله تعالى ولكن رواه أحمد [2/ 371] وقد اتفق مساق هذه الأحاديث والتي قبلها على أن أدبار الصلوات أوقات فاضلة للدعاء والأذكار فيرتجى فيها القبول ويبلغ ببركة التفرغ لذلك إلى كل مأمول، وتسمى هذه الأذكار معقبات لأنها تقال عقيب الصلوات كما قال في حديث أبي هريرة دبر كل صلاة أي آخرها اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1248 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن الصباح) الدولابي مولدًا أبو جعفر الرازي ثم البغدادي البزاز، ثقة حافظ، من (10)(حدثنا إسماعيل بن زكرياء) بن مرة الأسدي أبو زياد الكوفي، صدوق، من (8)(عن سهيل) بن أبي صالح المدني (عن أبي عبيد) المدني (عن عطاء) بن يزيد المدني (عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله (بمثله) متعلق بقوله حدثنا إسماعيل لأنه العامل في المتابع، والضمير عائد إلى المتابع المذكور في السند السابق وهو خالد بن عبد الله والمعنى حدثنا إسماعيل بن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زكريا عن سهيل بمثل ما حدّث خالد بن عبد الله عن سهيل.
(واعلم) أنه قد اخْتَلَفَتِ الرواياتُ في عددِ الأذكارِ الثلاثةِ ففي حديث أبي هريرة ثلاثًا وثلاثين كما مر، وعند النسائي من حديث زيد بن ثابت خمسًا وعشرين ويزيدون فيها لا إله إلَّا الله خمسًا وعشرين، وعند البزار من حديث ابن عمر إحدى عشرة، وعند الترمذي والنسائي من حديث أنس عشرًا، وفي حديث أنس في بعض طرقه ستًّا، وفي بعض طرقه أيضًا مرة واحدة، وعند الطبراني في الكبير من حديث زُمَيل الجهني قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال وهو ثانٍ رجليه: "سبحان الله وبحمده وأستغفر الله إنه كان توابًا" سبعين مرة ثم يقول "سبعين بسبعمائة" الحديث، وعند النسائي في اليوم والليلة من حديث أبي هريرة مرفوعًا "من سبح دبر كل صلاة مكتوبة مائة، وكبر مائة، وحمد مائة، غُفرت له ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر" وهذا الاختلاف يحتمل أن يكون صَدَر في أوقات متعددة أو هو وارد على سبيل التخيير أو يختلف باختلاف الأحوال اهـ من القسطلاني.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث سبعة الأول حديث ثوبان ذكره للاستدلال، والثاني حديث عائشة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث المغيرة بن شعبة ذكره للاستشهاد وذكر فيه أربع متابعات، والرابع حديث ابن الزبير ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات، والخامس حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس حديث كعب بن عجرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والسابع حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والله سبحانه وتعالى أعلم.