الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ الالْتِفَات إِلَى مِثْلِهِ، وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَسَارُهُ، وَهُوَ يُحَدِّثُهُ إِذْ سَأَلَهُ عَن الْفَرْقِ بَيَنَ الفَيء وَالغَنِيْمَةِ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَمْرو: هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ شَيخِنَا أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن إِسْحَاق، فَاسْتَيْقَظَ الْأَمِيْرُ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَأَمَرَ الْحَاجِبَ أَنْ يُقَدِّمَهُ إِلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَهُ، وَعَانَقَهُ، وَاعْتَذَر إِلَيْهِ مِنَ التَّقْصِيْر فِي أَوَّلِ اللِّقَاءِ ثُمَّ سَأَلَهُ مَا الفَرْقُ بَيَنَ الفَيءِ وَالغَنِيْمَة؟ فَقَالَ: قَالَ الله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} ثمَّ جَعَل يَقُولُ: حَدَّثَنَا وَأخْبَرَنَا ثُمَّ قَالَ: قَالَ الله عز وجل: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} وَأَخَذَ يَقُولُ: حَدَّثنَا وَأخْبرنَا، قَالَ عَمِّي: وَعَدَدْنَا مَائَةً وَنَيِّفًا وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثًا سَرَدَهَا مِنْ حِفْظِهِ فِي الفَىءِ وَالغَنِيْمَةِ" (1).
المَبْحَثُ السَّابِعُ: تَوَلِّيه الانْتِخَاب عَلَى الشُّيُوْخ:
قَالَ أَبُو عَبْد الله الحَاكِم فِي "تَارِيْخِهِ": "سَمِعْتُ أَبَا عَبْد الله مُحَمَّد بن يَعْقُوب يَقُول: قَدِمَ عَلَيْنَا الفَضْل بن مُحَمَّد الشَّعْرَانِي سَنَة اثْنَتَيْن وَسَبْعِيْن، فَنَزَلَ بِجنجروذ، فَكَانَ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة يَتَوَلَّى الانْتِخَاب عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ"(2).
وَقَالَ فِي "المُسْتَدْرَك"(3): "حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن صَالِح بن هَانِئ، حَدَّثَنَا الفَضْل بن مُحَمَّد بن المُسَيَّب إِمْلاءً بانْتِقَاء أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة".
المَبْحَثُ الثَّامِنُ: طَرِيْقَتُهُ فِي التَّحْدِيثِ:
سَلَكَ الإِمَام ابنُ خُزَيْمَة أَرْوَع الطُّرُقِ فِي أَدَاءِ مَا تحَمَّلَهُ، فَكَانَ أَكْثَرُ أَدَائِهِ
(1) طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الكُبْرَى (3/ 117).
(2)
تَارِيْخِ دِمَشْق (48/ 366).
(3)
(2/ 732).
إِمَلاءً مِنْ أُصُوْلِهِ، وَقَدْ امْتَدَحَ عُلَمَاؤُنَا الأَوَائِلُ التَّحْدِيْثَ مِنَ الأُصُول.
قَالَ ابنُ المَدِيْنِي: "لَيْسَ فِي أَصْحَابِنَا أَحْفَظ مِنْ أَبِي عَبْد الله أَحْمَد بن حَنْبَل، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لا يُحَدِّثُ إِلَّا مِنْ كِتَابٍ، وَلَنَا فِيهِ أُسْوَةٌ"(1).
كَمَا أَنَّ التَّحْدِيْثَ إِمْلاءً مِنْ أَعْلَى صُوَرِ الأَدَاءِ عِنْدَ أَهْلِ الاصْطِلاحِ.
قَالَ السَّخَاوِي: "الإِمْلاءُ أَعْلَى؛ لِما يَلْزَمُ مِنْهُ مِنْ تَحَرُّزِ الشَّيْخِ وَالطَّالِبِ، إِذْ الشَّيْخُ مُشْتَغِلٌ بِالتَّحْدِيْث، وَالطَّالِبُ بِالكِتَابَةِ عَنْهُ، فَهُمَا لِذَلِكَ أَبْعَد عَنِ الغَفْلَةِ، وَأَقْرَبُ إِلَى التَّحْقِيق، وَتَبْيِيْن الأَلفَاظ"(2).
وَقَالَ السُّيُوْطِي: "إِمْلاءُ الحَدِيث أَعْلَى مَرَاتِب الرِّوَايَةِ وَالسَّمَاعِ، وَفِيْهِ أَحْسَن وَجُوْه التَّحَمْل وَأَقْوَاها"(3).
قَالَ حَمْزَة السَّهْمِي: "دَخَلَ - يَعْنِي: ابنَ خُزَيْمَة - جُرْجَان، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى رِبَاطِ دِهِسْتَان الزِّيَارَة، وَحَدَّثَ بِهَا، وَأَمْلَى فِي مَسْجِدِهِ العَتِيْق"(4).
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّي: "حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة إِمْلاءً"(5).
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد أَحْمَد بن عَبْد الله المُزَنِي: ثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة إِمْلاءً مِنْ كِتَابِهِ سَنَة سَتٍّ وَتِسْعِيْن وَمَائَتَيْن (6).
(1) الجامِع لأَخْلاق الرَّاوِي (2/ 12).
(2)
فَتْح المُغِيْث (2/ 325).
(3)
تَدْرِيْب الرَّاوِي (2/ 696/ السِّرْسَاوِي).
(4)
تَارِيخ جُرْجَان (ص: ).
(5)
المُزَكِّيَات (17).
(6)
المُسْتَدْرَك (برقم: 569).