الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَصْل الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ "مُخْتَصَر المُخْتَصَر
":
يَظْهَرُ مِنْ تَسْمِيَةِ الإِمَام ابْنُ خُزَيْمَةَ لَهُ بـ "المُخْتَصَر"، أَنَّهُ اخْتَصَرَهُ مِنْ كِتَابِهِ لَهُ "كَبِير"، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُم إِلَى أَنَّهُ اخْتَصَرَهُ مِنْ كِتَابِهِ "المُسْنَد الكَبِير"، وَقَدْ أَحَالَ إِلَيْهِ فِي أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِيْنَ مَوْضِعًا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ "المُخْتَصَر"، فَقَال:"وَسَأُبَيِّنُ هَذِهِ المَسْأَلةَ فِي تَمَامِهَا فِي كِتَابِ الصَّلاة، "المُسْنَدَ الكَبِير"، لا "المُخْتَصَر".
قَالَ د. الأَعْظَمِي: "وَمِنْ هَذَا يَتَّضِحُ جَلِيًّا أَنَّ هَذَا الكِتَابَ مَا هُوَ إِلا مُخْتَصَر لِكِتَابِهِ "الكَبِير"، وَأَشَارَ ابْنُ خُزَيْمَة إِلَى كِتَابِهِ "الكَبِير" مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، كَمَا أَشَارَ إِلَى "المُخْتَصَر" أَيْضًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا"(1). اهـ.
وَقَالَ - أَيْضًا -: "
…
يُمْكِنُنَا أَنْ نُلَخِّص فَنَقُوْلُ:
إِنَّ هَذَا الكِتَابَ - عَلَى الأَغْلَب - مُخْتَصَرٌ مِن "مُسْنَدِهِ الكَبِير".
إِنَّ "المُسْنَد الكَبِير" لَمْ يَكُنْ قَدْ تَمَّ تَأْلِيْفَهُ، بَلْ كَانَ يُضِيْفُ إِلَيْهِ الأَشْيَاءَ حَسْبمَا يَتَرَاءَى لَهُ، وَرُبَّمَا أَضَافَ أَشْيَاءَ إِلَى "المُخْتَصَر" لَمْ يُضِفْهَا إِلَى "المُسْنَد الكَبِير"(2).
ثَنَاء العُلَمَاء عَلَيْهِ:
قَالَ ابنُ كَثِير فِي "البِدَايَة"(3) فِي تَرْجَمَتِهِ لابْنِ خُزَيْمَة: "كَتَبَ الكَثِيْر، وَصَنَّفَ وَجَمَعَ، وَلَهُ كِتَابُ "الصَّحِيح" مِنْ أَنْفَعِ الكُتُبِ وَأَجَلِّهَا".
وَقَالَ العَلائِي: "هَذَا الكِتَابُ مِنْ أَحْسَنِ الكُتُبِ المُصَنَّفَةِ عَلَى الأَبْوَابِ وَأَنْفَسِهَا، وَفِيهِ مِنَ المُوَافَقَاتِ للأَئِمَّةِ السِّتّةِ شَيءٌ كَثِيْرٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ ابْنَ خُزَيْمَةَ هَذَا
(1) مُقَدِّمَة صَحِيح ابْنِ خُزَيْمَة (ص: 22).
(2)
مُقَدِّمَة صَحِيح ابْنِ خُزَيْمَة (ص: 23).
(3)
(9/ 9).
شَارَكَهُمْ فِي غَالِبِ شُيُوْخِهِمْ" (1).
شَرْطُهُ فِيهِ:
صَرَّحَ - رَحِمَهُ الله تَعَالَى - بِشَرْطِهِ كَامِلًا فيه، فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ:
المَوْضِعُ الأَوَّل: فِي أَوَّلِ كِتَابِ الوَضُوءِ حَيْثُ قَالَ: "مُختصَرُ المُخْتَصَرِ مِنَ المُسْنَدِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِنَقْلِ الْعَدْلِ، عِنِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ فِي أَثْنَاءِ الْإِسْنَادِ وَلَا جَرْحٍ فِي نَاقِلِي الْأَخْبَارِ"(2).
وَالمَوْضِعُ الثَّانِي: فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصِّيَامِ، حَيْثُ قَالَ:"المُخْتَصَرِ مِنَ مِنَ المُخْتَصَرِ مِنَ المُسْنَدِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرْنَا بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ فِي الْإِسْنَادِ، وَلَا جَرْحٍ فِي نَاقِلِي الْأَخْبَارِ إِلَّا مَا نَذْكُرُ أَنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ بَعْضِ الْأَخْبَارِ شَيْءٌ، إِمَّا لِشَكٍّ فِي سَمَاعِ رَاوٍ مِنْ فَوْقِهِ خَبَرًا أَوْ رَاوٍ لَا نَعْرِفُهُ بِعَدَالَةٍ، وَلَا جَرْحٍ فَنُبَيِّن أَنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ ذَلِكَ الْخَبَرِ، فَإِنَّا لَا نَسْتَحِلُّ التَّمْوِيهَ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِذِكْرِ خَبَرٍ غَيْرِ صحِيحٍ لَا نُبَيِّن عِلَّتَهُ فَيَغْتَرَّ بِهِ بَعْضُ مَنْ يَسْمَعُهُ، فَاللَّهُ المُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ"(3).
قَالَ الحَاكِم فِي "المُسْتَدْرَك"(4): "وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الحَدِيث ابْنُ خُزَيْمَة عَلَى شَرْطِ الصَّحِيح، وَهُوَ القُدْوَةُ فِي هَذَا العِلْم".
وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى شَرْطِهِ فِيهِ الخَطِيْبُ البَغْدَادِي حَيْثُ قَالَ: "كِتَابُ مُحَمَّدِ بن
(1) إِثَارَة الفَوَائِد (1/ 321).
(2)
(1/ 117).
(3)
(3/ 331).
(4)
(4/ 626).
إِسْحَاقَ بن خُزَيْمَةَ النَّيْسَابُورِيِّ الَّذِي شَرَطَ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ إِخْرَاجَ مَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" (1).
وَقَالَ فِي "تَارِيخ بَغْدَاد"(2): "مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصَّاغَانِي، حَدَّثَ عَنْهُ مُسْلِم بن الحَجَّاج النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو عَبْد الرَّحْمَن أَحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِي، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة النَّيْسَابُوْرِيّ فِي كُتُبِهِم الصِّحَاح".
وَأَشَارَ إِلَى شَرْطِهِ فِيهِ ابْنُ عَبْد الهَادِي فِي "التَّنْقِيْح"(3) حَيْثُ قَالَ: "وَذَكَرَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "رِوَايَةِ العَدْلِ عَنِ العَدْلِ".
قَالَ العَلائِي: "وَشَرْطُهُ فِيهِ قَرِيْبٌ مِنْ شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ"(4).
وَقَالَ الحَافِظُ فِي "النُّكَت"(5): "وَسَمَّى ابْنُ خُزَيْمَة كِتَابَهُ "المُسْنَدُ الصَّحِيْحُ المُتَّصْلُ بِنَقْلِ العَدْلِ عَنِ العَدْلِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ فِي السَّنَدِ وَلا جَرْحٍ فِي النَّقَلَةِ".
وَلأَجْلِ ما سَبَقَ عُدَّ كِتَابُهُ ضِمْنَ الكُتُبِ الَّتِي اشْتَرَطَ أَصْحَابُهَا فِيَهَا الصِّحَةَ.
قَالَ ابْنُ الصَّلاح: "وَيَكْفِي مُجَرَّدُ كَوْنِهِ مَوْجُودًا فِي كُتُبِ مَنِ اشْتَرَطَ مِنْهُمُ الصَّحِيحَ فِيمَا جَمَعَهُ، كَكِتَابِ ابْنِ خُزَيْمَةَ"(6).
وَقَالَ ابْنُ رَجَب: "مِنْهُم مَنْ أَفْرَادَ الصَّحِيح كَالبُخَارِي، وَمُسْلِم، وَمَنْ
(1) الجَامِع لأَخْلَاقِ الرَّاوِي وَالسَّامِع (2/ 185).
(2)
(2/ 45).
(3)
(4/ 31).
(4)
إِثَارَة الفَوَائِد (1/ 321).
(5)
(1/ 291).
(6)
مُقَدِّمَة ابْنِ الصَّلاح (ص: 21).