الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحرسونهم من احتمال محاولة أعداء الحكومة إيقاع أي أذى بهم، أو الدخول أو الخروج إلى الأماكن الحساسة التي كانوا يلازمونها، ويسترقون أخبارها وأخبار من يدخل ويخرج منها.
وأما الأبنية العامة، مثل المباني الحكومية، فقد كانت الحكومات العربية الجنوبية تقوم مستقلة بإنشائها، وتنفق عليها أموالها ومن مواردها الخاصة. وتقوم بإنشائها بالاتفاق مع السلطات الدينية في أحيان أخرى. بأن تسهم تلك السلطات في تحمل نفقات البناء كلها أو جزء منها وقد يكون ذلك في مقابل نزول الحكومة عن بعض الحقوق إلى المعبد. وقد تقوم الحكومة بإنشائها بالاتفاق مع كبار المتمولين، أصحاب الأرض والثراء.
وتقوم المدن والقبائل والحكومات بالاستدانة من أموال المعبد ومن الضرائب التي تدفع إليها، للإنفاق منها على إقامة الأبنية العامة والمشروعات الأخرى، على أن تعاد تلك الديون إلى المعبد. ولم ترد في الكتابات إشارات إلى موقف المعابد من هذه الديون: أكانت تتقاضى أرباحًا عليها -أي: ربًا- أم كانت تعطيها قرضًا حسنًا من غير فائض. ويعبر عن ضرائب المعبد التي تجبى من الناس بلفظة "كبودت". وأما الدين فيعبر عنه بـ"دينم""دين" كذلك، كما جاء في هذه الجملة:"بكبودت دين عثتر"1، أي:"بالضرائب التي داينها "أقرضها" الإله عثتر".
1 Glaser 1150، Halevy 192، Rhodokanakis، Stud، Lex، II، S. 54
حماية الحدود:
ومن واجبات الدولة تثبيت حدودها والمحافظة عليها من كل اعتداء، وذلك بمراقبة الحدود ووضع حاميات عسكرية عليها، من "مسالح" و"مناظر" وبناء قلاع في الثغور لحمايتها من المغيرين وصدهم. وتبني هذه التحصينات في الخطوط الأمامية وعلى مبعدة من الأماكن الكبيرة المأهولة حتى يكون في وسعها صد المغيرين، أو وقفهم حتى تأتي نجدات كبيرة من الجيوش لمحاربة الغزاة، ويكون في وسع أهل القرى والمدن الهرب بأنفسهم وأموالهم إلى مواضع آمنة.
و"المسالح" مواضع المخافة. والمسلحة كالثغر والمَرْقب يكون في أقوام يرقبون العدو لئلا يطرقهم على غرة، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له.
ومسلحة الجند خطاطيف لهم بين أيديهم ينفضون لهم الطريق، ويتجسسون خبر العدو ويعلمون علمهم، لئلا يهجم عليهم، ولا يدعون واحدًا من العدو يدخل بلادهم. وذكر أنه كان أدنى مسالح فارس إلى العرب "العُذيب"1. فالمسالح إذن، هي الخطوط الأمامية من خطوط الدفاع عند بلد ما، ونقاط الأمان فيها، ومحل جمع المعلومات عن تحركات ونيّات العدو. بها حاميات مقيمة وظيفتها الأولى الاستطلاع وإخبار الجيش بقدوم عدو ما، ومشاغلته إلى وصول القوات المدافعة الكبيرة.
و"المنظرة""موضع الربيئة" وهي المرقبة، وتكون في مواضع مشرفة مثل رأس تل أو جبل يبنى عليه بناء يجعل فيه رقباء ينظرون العدو ويحرسونه، ليتوقوا غدره وشره. فإذا أراد الغارة، أرسلت "النظيرة""النظورة" رسالة تحذير للتهيؤ لصد العدو. والظاهر أن اتخاذ المناظر في المواضع العالية المشرفة، هو الذي جعل علماء اللغة يفسرون المناظر بأنها أشراف الأرض لأنه ينظر منها2.
و"المراقب" و"المرقبة" الموضع المشرف، يرتفع عليه الرقيب، و"الرقيب" الحارس الحافظ، و"رقيب القوم": حارسهم، وهو الذي يشرف على مرقبة ليحرسهم. وذكر علماء اللغة أن المرقبة هي المنظرة في رأس جبل أو حصن3، فهي في المعاني المتقدمة.
و"الثغر" الموضع الذي يكون حدًّا فاصلًا بين الحكومتين. وهو موضع المخافة من أطراف البلاد. و"الثغرة": الثلمة وكل فرجة في جبل أو بطن أو طريق مسلوك4. ويظهر من هذا التعريف أن الثغور هي المواضع الخطيرة من الحدود؛ لأنها تكون بمثابة الفرجة أو الثلمة فيها يتسنى للعدو منها التسلل بسهولة إلى أرض عدوه، ولهذا تجب حراستها والعناية بها، بوضع حاميات بها لتشغل العدو ولتصده من الولوج إليها.
1 اللسان "2/ 487"، "سلح"، تاج العروس "2/ 165"، "سلح"، مقدمة الصحاح "1/ 375"، محيط المحيط "1/ 977 وما بعدها".
2 اللسان "ن/ ظ/ ر"، "5/ 218".
3 اللسان "ر/ ق/ ب"، "1/ 425".
4 اللسان "ت/ غ/ ر"، "4/ 103".